إتفاقية غزة "الأمنية" .. وبوادر الحصار الدولي
نشأت الحلبي
25-01-2009 12:38 AM
في مقال سابق، تحدثت عن واقع ما بعد العدوان على غزة دون الإلتفات الى الحالة العربية التي، رغم سخونة أجوائها، إلا أنها وقعت "بردا وسلاما" على إسرائيل، فحينها إتجهت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني الى واشنطن ووقعت ما يمكن تسميته "إتفاقية أمنية" مع وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس قبل أن تغادر الأخيرة منصبها بثلاثة أيام لأن تل أبيب حينها كانت بحاجة الى أي مخرج لها لوقف العدوان بعد أن فشلت في تحقيق أهدافها التي أعلنت أنها السبب الرئيس وراء الحرب على غزة، وفور أن وقعت ليفني الإتفاقية بلحظات إتخذ قادة الحرب في إسرائيل قرارا بوقف النار من جابب واحد.
الجدل العربي الآن يدور حول ما إذا كانت حماس قد إنتصرت فعلا في هذه الحرب أم لا، وبالطبع فإن مؤيدي التوجه الإسلامي للمقاومة الفلسطينية، يؤكدون بأن الحركة إنتصرت تحت عنوان إنتصار "المقاومة على خلفية أن إسرائيل لم تحقق أهدافها من قبيل إنهاء حكم الحركة في القطاع وتدمير بنيتها التحتية لا سيما المسلحة منها، وكان واضح تماما من هم المؤيدون، إذ أعلنت طهران على الفور أن حماس قد إنتصرت، فيما إستقبل الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق خالد مشعل وباقي أعضاء المكتب السياسي للحركة مهنئا إياهم على "النصر"، وهذه نتيجة طبيعية تعكس صورة "المعسكرات" والمحاور الأساسية التي تشكلت عربيا وإقليميا منذ بدئ العدوان حتى إنتهائه.
أما المناوئين لحركة حماس، فإنهم لا يتحدثون عن هزيمة الحركة من باب عدم الرغبة في التصادم مع الشعوب التي غيرت في بعض من تحركاتها الشديدة ضد الحرب بعضا من التوجهات السياسية ولو على إستحياء من قبل "الساسة"، وهؤلاء، وتحت ضغط الشارع، يؤكدون بأن "غزة الشعب" إنتصرت دون التأشير على نصر لحركة حماس، آخذين في إعتبارهم بطبيعة الحال "الضغط الدولي" الذي يمارس عليهم وعلى رأسه ضغط أميركا وأوروبا، وهو ما جعلهم في وضع لا يحسدون عليه، حيث كان "مخاض" التوازن بين التحالف مع أميركا وباقي الغرب من جهة، وبين مشاعر الشارع التي ما زالت تهوج وتموج ضد إسرائيل من جهة أخرى، صعب للغاية، وهؤلاء يتحدثون عن حجم القتل والدمار الذي خلفته الحرب دون أن يجاهروا بتحميل حماس مسؤولية ما جرى.
الحال العربي إذن بعد الحرب، لم يختلف كثيرا عن الحال إبانها، منقسم أحيانا، وغير قادر على التعبير عن مواقفه أحيانا أخرى، وهو ما اصابه، وما زال، بحالة موت "إكلينيكي" لم ستطع معها تقديم أي شيئ يذكر للقضية الأساسية، أما إسرائيل، فقد بدأت تحصد نتائج إتفاقها الأمني مع واشنطن شيئا فشيئا، ففيما أكد حكام واشنطن الجدد وعلى رأسهم الرئيس باراك أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون على ضمان أمن إسرائيل، توجهت فرقاطة فرنسية الى سواحل غزة لتبدأ بتنفيذ الإتفاقية لمنع تهريب السلاح الى غزة، وفي نفس الوقت، توجه وزير الدفاع الإسرائيلي أيهود باراك الى واشنطن لمتابعة تنفيذ الإتفاقية.
في المحصلة، فإن حال غزة بعد العدوان بات واضحا، فمعبر رفح بات محكوما بإتفاقية غزة الأمنية بين واشنطن وتل أبيب، وباقي معابر غزة على إسرائيل، هي حكما تحت سيطرة الإحتلال، وأما سواحل غزة، فهي تحت رقابة دولية صارمة إذا لم نقل أنها "حصار دولي" عنوانه مكافحة تهريب الأسلحة، لكننا لا نعرف بعد كيف سيكون الحال بعد أن تحضر أكثر من فرقاطة، ولربما سفن أو بوارج حربية لترقد على سواحل غزة بحجة منع تهريب السلاح، ولا نعرف أيضا ماذا سيكون الموقف العربي في حالة تطورت الحالة الى أكثر من هذا، وهل سينهض من موته "الإكلينيكي" أم لأ؟؟!!
Nashat2000@hotmail.com