أعرف تماما بأن عصا موسى لم تصل ولن تصل إلى يد اية حكومة أو غيرها من الحكومات السابقة ولا اللاحقة ، ولكن .. لا مفر من الأخذ بكل وسيلة من شأنها تعزيز ثقة المواطنين بقادم أفضل ، فقط كيف يتم اتخاذ قرار تفعيل إرادة الإيمان بإمكانية تنمية حل لكل مشكلة.
إذا كان الله جلت قدرته وتعاظمت مكرماته لا يساعد من لا يساعد نفسه فإن الدول المانحة والمساعدة والبنك الدولي والاخوة الخليجين والاصدقاء الأمريكيين والأوروبيين سواء بالنية الحسنة أو التسويف بحاجة لأن نقنعهم أننا جادون في كسب معركة التطوير وأن شوال المال العام غير مخروم وأن مكافحة الفساد بالنزاهة والشفافية خيار لا تراجع عنه.
وستبقى القابلية محل شك بدون خطاب إعلامي مختلف ليس بالحد من أخبار (طلع ونزل) وليس باستحضار القاعدة الشعبية (من تزوج أمنا صار عمنا) وإنما بعمل حكومي متكامل يثمر أخباراً تزف بشرى القبض على القاتل وقاطع الطريق وقاطع الكهرباء وناهب المال العام وقاطع ارزاق العباد والتوقف الفوري عن تصريحات مسؤولي (عفواً لا تشكي لي و إلا سأضطر أسفا لأن أبكي لك).
وسيبقى المواطن العادي يترقب الأفضل في حياته وإن علاه غبار المعتركات الكلامية للمسؤولين فإنه سينفضه عنه في آخر النهار ليتوجه مع بزوغ أشعة الصباح إلى الكدح اليومي لتوفير متطلباته الحياتية، وربما صار المواطن يدرك أن السياسة هي عمل من لا عمل له، أو أنها مهنة الكلام الكثير والأفعال العديمة.
ما يهم المواطن العادي الآني والملموس في حياته المعيشية استقرار الأسعار وزيادة الدخل وتحسن الخدمات، يهمه أن يذهب طفله إلى مدرسة نظيفة ومعلمين مؤهلين. ، يهمه سعر الدواء والخبز ، واستقرار سعر المشتقات النفطية ، وانتظام مرور موزع جرات الغاز ، والحصول على شقة للإيجار بسعر معقول وماء وكهرباء بأسعار معقولة .
المواطن العادي مشغول بما فيه الكفاية ، يريد الأمان والاستقرار وهدوء البال، يحلم بإجازة للذهاب بأطفاله إلى شواطئ العقبة الجميلة ، وبنعم ببحرها اللطيف ، يحلم بمشروع حيوي في منطقته يخدمه ويخدم جيرانه .
ومن تأكيد المؤكد أن ما يدور في الدهاليز لا يعني المواطن في شيء ، بل أصبحت لديه مناعة مكتسبة ضد الافتراءات والأكاذيب للسياسيين والاقتصاديين والمحزبين التي لا تفتأ الصحافة تتبرج بها مادحة وقادحة، محرضة ومنفرة ، ولتكن هذه دعوة لكل المنافقين والعابثين بأمن المواطن الاجتماعي والوطن ليتركوا المواطن في حاله بعيداً عن المزايدة والمكايدة، بعيداً كل عن الوعود بالجنان الخضراء والفراديس الموعودة .
كل ما نتمناه اليوم الحاجة إلى تأصيل هوية أبناء هذا الوطن في كل شبر من أرجائه ، فنحن في أمسّ الحاجة إلى عجلة تنمية قوية تدفع بالاقتصاد إلى الأمام وهي تحديات قد تبدو صعبة وبعيدة المنال ، لكنها في الحقيقة من الأمور الممكنة إذا استطعنا أن نمتلك الارادة الصلبة والعزيمة الفولاذية التي تتضمن الإبداع والتميز والارتقاء بمهارات التفكير والاحساس بالمسؤولية الوطنية.
واخيرا فإننا سنكون فخوًرين بمن يريدون التطلع الى احلامنا الوطنية النقية وهي تتخذ شكل التفاؤل وبمن ينظرون داخل آمالنا وطموحاتنا .
بعدها .. سأكون بالفعل فخورا بمن يفكرون بالاصطفاف الوطني من اجل حياة حرة كريمة لكل المواطنين ، بعيدا عن أصحاب البطولات الوهمية الذين لا تهمهم رفعة الوطن ولا يؤمنون بأخلاقه الإنسانية بقدر إيمانهم بتنفذهم ووصوليتهم.
ويبقى الأمل بالله المتكفل بحماية الوطن وأهله وقيادته ، ثم في أصحاب المبادئ والقيم .. بإذن الله.