ليس من المنطق الآن أن نبدأ بمسلسل رسم الصور الذهنية الجديدة لواقع وطبيعة العلاقة الاردنية السورية ، بالدفاع عنه، أو بأسلوب التبرير لنزيح من على عاتقنا ما جرى بالأمس ومواقفنا آنذاك دون أن نكون صريحين مع أنفسنا صادقين مع ذاتنا أننا كغيرنا من العرب وغير العرب تعرضنا لمؤامرة دولية وشربنا مقلبها من الفها الى يائها..
ومهما حاول بعض المهرولين للسلطة التبرير أو رسم الصور التوضيحية فإن التعامل مع هذه المواقف لا يمكن أن يتم من خلال محاولة اللعب في الصور الذهنية بسطحيتها وعموميتها ، ولا يمكن أن ينسف ماض استمر ستة سنوات لمجرد كتابة مقال أو تصريح هنا أو هناك ، فهذا طيش سياسي وسطحية دبلوماسية ، وفكر منكفئ لا ينظر للأمام ولا يستوعب واقع العلاقات بين الدول ، ولا يعرف قاعدة المنافع التي تحدد العلاقة بين الدول وطبيعة تصرفاتها ، فالدولة العدوة يمكن أن تكون صديقة والعكس و حسب مستوى وطبيعة هذه المنافع، وهنا تدخل ادوات التنفيذ التي تظهر للعيان شيء وتخفي في البواطن شيئا آخر ..
إن علاقة الاردن بسوريا قائمة بالأساس على أن سوريا جزء من بلاد الشام وهي جارة للأردن ودولة تربطها بالأردن علاقات اجتماعية اقتصادية دينية عربية ، مثلها مثل بقية الدول العربية وغير العربية خاصة دول الجوار ، فبناء علاقة إيجابية قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة جزء أساسي من استقرار أي دولة وخاصة سوريا التي تتطلع ونتطلع معها جميعا الان إلى إعادة بناء الدولة السورية وإيقاف مخطط التقسيم الذي ارادته القوى الدولية لزرع الفتنة الدائمة في هذه البقعة وبالتالي فرض إسرائيل كقوة اعظم للهيمنة والسيطرة على منطقة الشرق الاوسط الجديد، وإجبار ايران وتركيا مد اليد لها للمصافحة والمباركة ، بعد ان تكون قد مهدت المصافحة الإسرائيلية الخليجية بعد مصر والاردن وقطر وغيرها. . مصلحة الاردن يصب اساسا في ثوابت السوريين ؛ في وحدة الاراضي السوري واعادة الشعب المهجر والبدء بالإعمار والانطلاقة الجديدة.
تدويل الازمة السورية وتسابق الغرب وامريكيا في خلق داعش وتنميتها ودعمها بالأموال العربية والتسهيل لها هذا المشهد ومن ثم رفع اليد عنها بعد انتهاء دورها تمثيلية واضحة لا علاقة لنظام الاسد بها ولا لأبناء الشعب السوري الثائرين على اوضاعهم ، فالمسالة اكبر واعظم ، وقد شربنا نحن العرب وكالعادة المقلب بكامل الكأس و حتى الثمالة ، فهل نفيق من سكرتنا ؟؟؟.
ما نحتاجه نحن وما تحتاجه سوريا الان أن نقف جميعا معها ،لإنهاء هذه الحالة التشرذمية، وأن نبدأ بعقارب الساعة من جيد لا ننظر للماضي ولا نحبس أنفاس الحقد والكراهية ، فالمستقبل والامل يحتاج من الجميع سوريين وأردنيين ،عراقيين ولبنانيين اتراك وإيرانيين، شعوبا وانظمة اراء وافكار ان نطفئ نيران التشرد والعنف والمؤامرات وأن نعيد سلسبيل الحياة ولكل شبر من سوريا ،على اعتبار أن أساس المصلحة العظيمة لكل الاطراف بما فيها تركيا وايران والعراق ولبنان والاردن، حتى والخليج العربي هي إعادة الامن والاستقرار للمنطقة المباشرة بحالة الاعمار لعل وعسى تستعاد الحياة او ما تبقى من حياة لهؤلاء البشر ، وايقاف هذا المخطط، فسوريا والسوريون سيختارون نظامهم ولا علاقة لاحد بذلك.
نحن كغيرنا وقعنا في المؤامرات والضغوطات ولكن ما أن تبينت خيوط المؤامرة حتى سارع الاردن في موقفه المشهود بإغلاق حدوده الرسمية وغير الرسمية وطالب بحل الأزمة السورية بالطرق السلمية والحوار على اعتبار أنه لا جدوى من القتال وسفك الدماء ، وما كان الموقف الاردني من الارهاب وتشدده إلا لأنه اكتوى بنارها ، وادرك حجم المؤامرة التي جاءت بداعش وعناصر الارهاب كافة.
النظام السوري الحالي أو أي نظام قادم لا متسع لديه ولا قدرة لترك حالة الدمار والفوضى للبدء بالانتقام أو بالتفكير الفوضوي ، بل سيسارع لبناء منظومة الثقة والامن والاستقرار لسوريا وهي لم ولن تكون دون دعم ومساعدة الاشقاء من حول سوريا. فسوريا والسوريون جميعا هم احوج لقلب الصفحة والبدء بعنوان جديد وعلى صفحة جديدة وفي بداي السطر ..لنعمل جميعا من اجل سوريا.