في كل دول العالم وخاصة الدول المتحضرة والعظمى تخاف الحكومات فيها من الصحافة المحلية هناك لما لها من تأثير قوي وفعلي على شعبيتها في الشارع وبالتالي سيكون رأي الشارع الذي يخلقه الاعلام المحلي له تأثير مباشر على وجودها وبقائها في الحكم اما عندنا في الاردن فان الصورة مقلوبة تماما حيث ان حكومتنا الرشيدة تخاف من الاعلام في الخارج وتحسب له الف حساب وتقوم الدنيا ولا تقعد عندما يتم انتقادها بوسائل الاعلام الخارجية .هذه الثقافة ليست جديدة او خاصة بهذه الحكومة وحدها ولكن من الواضح ان حكومة د. البخيت تعطي الموضوع اكثر بكثير من حجمه الحقيقي حتى وصلت الامور الى ان تقرير صغير في صحيفة القدس العربي اصبح يؤجل ويلغي قرارات كان الرئىس بصدد اتخاذها والسبب ان كاتب التقرير انتقد ذلك القرار .

ان حكومتنا الحالية التي تحكم هي حكومة مرعوبة .. مرعوبة من صحيفة القدس العربي .. مرعوبة من تقرير قد ينتقد ادائها .. مرعوبة من ان تتخذ قرار في اي اتجاه قد يؤدي هذا القرار الى انتقاد او تعليق على قناة الجزيرة .

وهناك عدة اسباب رئيسية تجعل من حكومتنا الرشيدة مرعوبة وهذه الاسباب بالمناسبة ليست مبررات منطقية لكنها اسباب تغلغلت في نفس صانع القرار في هذه الحكومة حتى بدت له انها طبيعية وبالتالي فان عدم قدرته على اتخاذ القرار ومخاوفه من ردة فعل صحيفة القدس العربي ومندوبها في عمان امر واجب ومن اسس الحكم في الرئاسة .

ويبدو ان عدم وجود الثقة الكافية وعدم وجود وسائل اعلام قوية مؤثرة من تلفزيون وصحف حكومية قادرة على خلق شعبية للحكومة بشكل علمي وعملي هو من الاسباب الرئيسية في رعب الحكومة.. فلو كان هناك ثقة كبيرة في النفس وفي الخبرة الكافية لاتخاذ القرار لما كان هناك مشكلة حقيقية او رعب من اتخاذه .. ولو كان موجود تلفزيون وصحف يومية قادرة على اقناع الشارع بشكل عملي وعلمي بوجود وخلق شعبية للحكومة والدفاع عنها عندما تقتقضي الضرورة لما وصلت الحكومة الى حد الرعب من تقرير صحفي يكتب في صحيفة تصدر في لندن ولا توزع في افضل حالتها ال¯ 200 نسخة في الاردن .

انا اعتقد ان خوف الحكومة ورعبها من الاعلام في الخارج جعلها مرتبكة كثيرا حتى بعثت لمجلس النواب قانون للمطبوعات والنشر يقيد الحريات في الاردن ويعيدنا الى الوراء كثيرا معتقدة انها يمكن ان ترعب الاعلام في الخارج او ان تقلل من نقده لها .

انا اعتقد ان الحكومة التي ترتعب عن تقرير يكتب في صحيفة تصدر في لندن .. لم يبقى شيء تفعله الا الرحيل والاستقالة فورا فمن غير المعقول انها ستكون قادرة على ادارة الانتخابات البلدية والنيابية وهي تخاف في كل مرة من انتقاد قد يوجه لها في القدس العربي .