الاستفتاء الكردي خطر جديد
النائب الاسبق خلود الخطاطبة
25-09-2017 01:40 AM
اضافة الى الملفات الساخنة التي لم تنته منها المنطقة بعد عقود من الصراعات على رأسها الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية مرورا بالحرب على العراق والعنف في سوريا وليبيا واليمن، يفتح الباب على مصراعيه لصراع آخر قد يكون بالخطورة نفسها في حال استمر الاكراد على اصرارهم باجراء الاستفتاء المقرر اليوم بالانفصال عن جسد الدولة العراقية.
العالم كله تقريبا يقف ضد الاستفتاء الكردي مع عدا دولة الاحتلال الاسرائيلي، حتى الداخل الكردي يشهد معارضة واضحة وقوية لثني القيادة السياسية في اقليم كردستان عن اجراء الاستفتاء، ذلك انه قد يثير نزاعا يمكن ان يكون عسكريا في منطقة ما زالت تشهد الويلات جراء النزاعات المسلحة المتواصلة وخطر تنظيم داعش الارهابي.
يبدو ان القيادة السياسية في اقليم كردستان، شعرت ان موقفها المتواصل في الحرب على العراق وتصديها بقوة لتنظيم داعش الارهابي على مدى سنوات ماضية الى جانب قوة التحالف الدولي والقوات العراقية، يستحق المكافأة بعد النصر الذي تحقق أخيرا على هذا الخطر وان ما زال قائما، لذلك بدأوا يدفعون باتجاه الانفصال وتحقيق حلمهم التاريخي بقيام الدولة الكردية.
من وجهة نظر شخصية، أرى ان اقليم كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي استطاع رغم الصراعات في المنطقة خلال سنوات خلت، ان يؤسس اقليما مستقرا نوعا ما مترافقا مع انجازات على الارض سواء في الاقتصاد او البنية التحتية بالاعتماد على الثروة النفطية في حقل كركوك من جهة، وبنائه لشبكة علاقات دولية في ظل انشغال الحكومة العراقية بازماتها الداخلية وصراعها مع داعش من جهة اخرى، الا ان هذا الانجاز معرض للخطر في حال الاصرار على اجراء الاستفتاء في هذا التوقيت بالذات.
تركيا تحشد قواتها على الحدود، وايران متأهبة، والولايات المتحدة الاميركية ترفض هذه الخطوة، والدول العربية تدعو دائما للحفاظ على وحدة العراق، أي بمعنى ان القوة الدولية تقف حائط صد امام الطموح الكردي باقامة دولته، دول المنطقة جميعها ترفض قيام هذه الدولة، فكيف يمكن ان تتعايش دولة كردية مع محيط ملتهب وموقف دولي يمكن ان يترجم الى قرارات صعبة خلال الايام المقبلة.
الأخطر في الخطوة الكردية غير محسوبة العواقب، هو شمول الاستفتاء لمناطق متنازع عليها مثل كركوك وسهل نينوى ومخمور وسنجار ومندلي وخانقين وكلار وبلدات أخرى ذات خليط عربي تركماني كردي وآشوري، وقد انتشرت قوات البشمركة الكردية في هذه المناطق للحيلولة دون القيام باي عمل خلال اجراء الاستفتاء، الامر الذي قد يؤدي الى حرب أهلية شعلتها صدامات داخلية في هذه المناطق، وتدخل دول مجاورة لحماية الاقليات التركمانية والعربية.
أعتقد ان الاصرار على اجراء الاستفتاء المدعوم برغبة حقيقية لدى الاكراد بالانفصال عن الدولة العراقية وعن الجسم العربي بشكل عام، سيولد صراعا صعبا في المنطقة قد يكون تأثيره على المنطقة أكبر من اي صراع سابق، ويعيد المنطقة الى الصفر بعد التقدم الذي حصل في مكافحة تنظيم داعش الارهابي، بل انه قد يشكل مساحة جديدة لاعادة تقوية داعش الطامح الى الانتقام من قوات البشمركة الكردية، ناهيك عن التخوف من التحركات العسكرية التركية التي قد تتدخل في لحظة لثني الاكراد عن اقامة دولتهم المجاورة لتركيا.
القرار السياسي يجب ان يكون واعيا وان لا ينقاد الى العواطف، وبالتالي فان القيادة الكردية في اقليم كردستان مطالبة بالحفاظ على انجازاته التي تحققت خلال السنوات الماضية، وعدم هدمها بقرار متسرع ضد ارادة المجتمع الدولي في هذا التوقيت بالذات.
الدستور