لم يمض على كلمة سمو الامير الحسين بن عبدالله ساعات أمام قادة العالم التي قال فيها: "كيف لدولة صغيرة مثل الأردن... أن تستمر في معاناتها بحجة أن أصدقاءها يعانون من الإرهاق المالي جراء تقديم الدعم" حتى أعلنت الحكومة عزمها اقتراض مليار دولار من الأسواق العالمية، لتغطية احتياجات تمويلية، تتعلق بالخطة المالية للعام الحالي!
بعد عرضه مجموعة من التناقضات التي يعاني منها المجتمع الدولي في دعم الاردن على سبيل النموذج، يقول سمو الامير الحسين بن عبدالله إن "الرسالة الموجهة إلى شباب الأردن ومنطقتنا واضحة: ليس هناك نقص في الأموال لمحاربة الشر، لكن الرغبة في مكافأة الفضيلة تكاد تكون غائبة. وهكذا، تغرق أصوات الذين يدافعون ويبنون في ضوضاء من يعتدون ويدمرون".
إذا كانت رسالة المجتمع الدولي التي حذّر منها سمو الأمير الشاب هي رسالة خاطئة يرسلها المجتمع الدولي لشباب المنطقة، فما هي الرسالة التي أرادتها الحكومة وهي تعلن عن اقتراضها مليار دولار، "لتغطية احتياجات تمويلية، تتعلق بالخطة المالية للعام الحالي".
ما زالت خطوات العقل الاقتصادي في الاردن تسير في الاتجاه الخطأ. وكما لا يستوي المنطق الذي حذر منه سمو الامير الحسين من أن المجتمع الدولي يبعث برسالة الى شباب المنطقة مفادها ان "هناك نقص في الأموال لمحاربة الشر، لكن الرغبة في مكافأة الفضيلة تكاد تكون غائبة"، أيضا نرى تخبط الحكومة في منطقها الاقتصادي المبني، على صبّ مزيد من الزيت على النار.. فما نراه منذ نحو العقدين آليتين عاجزتين هما: إما عبر جيب المواطن، مما يعني زيادة الاعباء المعيشية عليه، أو عن طريق الاقتراض، وهو الذي يعني كذلك في نهاية المطاف أعباء إضافية على المواطنين الذين سيكون عليهم هم دفع فاتورة الدين وليست الحكومات.
وكما كان على المواطنين تحمل أعباء الاخطاء الاقتصادية للحكومات المتعاقبة، بعد أن بلغت المديونية العامة الى 26.47 مليار دينار، أو 94.4 % من الناتج المحلي الإجمالي المقدر لنهاية النصف الأول، سيكون على الأجيال الشابة مستقبل كذلك تحمّل هذه الاعباء التي وضعتها الحكومة الحالية والتي سبقتها على كاهلهم.
وهنا يطل سؤال عليه أن يرعبنا جميعا ويتعلق بمجموع الدين العام الذي يمكن ان نصل اليه بعد سنوات قليلة في حال استمر الحال على ما هو عليه.
السؤال الذي لا يكاد يفهمه أحد هو لماذا يعجز كل هؤلاء المسؤولين عن فهم الرؤية الملكية لمعالجة عثرات الاقتصاد الوطني؟!