عمون - بقلم محمد ماهر مكناس
البدائل عن الحضارة الغربية
مقدمة
الدعوات القومية والوطنية .
الدعوة النازية والفاشية .
الدعوات العنصرية .
الشيوعية .
الدعوات العلمانية .
الدعوة الإنسانية العالمية كبديل عن الدين .
الدعوة الرأسمالية .
الدعوات الديمقراطية .
الحركات السرية .. الماسونية .
العقيدة النصرانية كأساس حضاري .
العقيدة اليهودية كأساس حضاري .
العقيدة البوذية كأساس حضاري .
السيخ
الديانة المجوسية
الشيوعية
الوجودية
الديمقراطية
الفاشية
العقيدة الهندوسية كأساس حضاري .
العقيدة الإسلامية وحتمية الحل الإسلامي .
مقدمة البحث :
لقد وصلنا في الفصول السابقة إلى نتيجة هامة وهي أن الحضارة الغربية المادية التي تمتلك زمام القوة والسلطة المادية على مستوى العالم أجمع قد بدأت مرحلة الهبوط والانحدار لابسبب فقدانها القوة المادية أو القوة الاقتصادية ولكن بسبب إفلاسها في عالم القيم السامية والأخلاق الفاضلة والمبادئ الإنسانية العادلة .. وبسبب فقدانها الهدف والمنهج القويم الذي ترتكز عليه الحضارات وبسبب انحرافها عن الطريق الصحيح .. وبسبب عنصريتها وعدوانيتها التي وصلت إلى حد من البشاعة لم تصل إليه في تاريخ الإنسانية الطويل .. إن الحضارة المادية الغربية تسير نحو الهبوط والانحدار وستصل إلى الانهيار في فترة ليست بعيدة في عمر التاريخ وذلك إذا لم يتدارك الأمر دعاة الإصلاح من العلماء والفلاسفة وعلماء الاجتماع والساسة والمسؤلين ورجال الدين ويقوموا بواجبهم في إصلاح و إنقاذ هذه الحضارة الغربية المادية الآيلة للسقوط .. حيث يجب على هؤلاء القيام بعملية إصلاح جذرية تشمل كل مجالات الحياة الاقتصادية والأخلاقية والاجتماعية والروحية وحتى المادية منها .. إن الحضارة الغربية بحاجة ماسة إلى عملية اصلاح جذري تصلحها من الجذور من الأسس لأنها حضارة بنيت على أسس فاسدة نخرة ستؤدي بها إلى الهبوط والانهيار ولو بعد حين .. وهنا تلح علينا أسئلة كثيرة ونحن نلاحظ بداية الهبوط والانهيار للحضارة المادية الغربية ..
** ماهي البدائل بعد سقوط الحضارة الغربية ؟..
** وما هي الحضارة الجديدة التي ستخلف هذه الحضارة الآيلة للسقوط ؟...
** ومن سيتسلم قيادة البشرية بعد سقوط الحضارة الغربية في المستقبل القريب أو البعيد ؟...
** وهل يمكن إصلاح الحضارة المادية الغربية بعد أن استشرى فيها الفساد من كل جانب ؟...
** وهل يمكننا إهدار هذا الكم الهائل من العلم والمعرفة والإمكانات العلمية والفنية والتكنولوجية من أجل بناء حضارة جديدة ؟...
** وهل يمكن الاستفادة من هذه الإمكانات المادية والعلمية الهائلة وتوجيهها في خدمة الإنسانية بدلا عن الخراب والدمار الذي تسعى إليه الحضارة الغربية الحالية ؟...
** وهل يمكن أن تعيش الحضارة الغربية بدون روح أو بدون عقيدة سماوية إلهية ؟...
أسئلة كثير تمر أمام كل إنسار يفكر في هذه الحياة ويفكر في مصير البشرية جمعاء وفق هذا النهج المادي المنحرف الضال الذي أفرزته الحضارة الغربية المادية عبر تاريخها الطويل ..
أقول وبالله التوفيق : لقد اختلفت القناعات بين المفكرين والباحثين في مصير الحضارة الغربية المادية الحالية .. فمنهم من يرى أن لها مستقبلا زاهرا سيتطور بشكل أكبر بكثير من الواقع الحالي وذلك لما تمتلكه الحضارة المادية الغربية من مقومات وإمكانات مادية وعلمية وتكنولوجية واقتصادية هائلة إذا ما أجري عليها بعض الاصلاحات .. بينما يرى البعض الآخر أن الحضارة الغربية قد بدأت بالهبوط التدريجي في سلم الحضارات على كافة الأصعدة وأنها لا بد أن تصل إلى مصيرها المحتوم بعد فترة زمنية ليست بعيدة وذلك لتكاثر الأمراض الداخلية الفتاكة المتنوعة التي تعصف بالمجتمعات والحضارات .. وهذا ما أجمع عليه معظم الباحثين والمفكرين الغربيين وغير الغربيين المنصفين والذين ينظرون إلىالحضارة الغربية بأنها لا بد أن تصل إلى الانهيار التام مالم يتداركها المصلحون المخلصون لإعادتها إلى الطريق الصحيح في جميع مسارات الحياة .. وهنا يقف الناس ليتساءلوا من جديد في حيرة ودهشة بعد أن شهدوا مظاهر الهبوط والانحدار في هذه الحضارة المادية الغربية .. ترى من سيتسلم قيادة العالم بعد سقوط الحضارة المادية الغربية ؟. وأية حضارة ستقوم كبديل للحضارة الغربية الآيلة للسقوط ؟.. وأي نظام عالمي يستطيع أن يوفق بين كل أقطار العالم بالعدل والإنصاف ؟.. وأي نظام إنساني يستطيع أن يحقق للإنسان ـ أي إنسان على وجه المعمورة ـ العزة والكرامة والتكريم اللائق بهذا الإنسان ؟.. إنني ومن خلال استعراض كافة الأنظمة والشرائع والعقائد والأديان والحكومات والدول أستطيع أن أقرر أن الحضارة الإسلامية العالمية الإنسانية هي الحل الوحيد لأن هذه الحضارة الإسلامية هي وحدها التي تستطيع تحقيق العدل والمساواة والكرامة الإنسانية لكل شعوب العالم وهي وحدها تستطيع أن تحقق إنسانية الإنسان وكرامة الإنسان بعيدا عن الصلف والتكبر والاستعلاء .. بعيدا عن الاستعمار والاستعباد .. بعيدا عن القتل والتشريد والتدمير .. بعيدا عن الحروب التي أنهكت كاهل البشرية خلال فترة تسلط الحضارة المادية الغربية .. بعيدا عن ظلم الإنسان لأخيه الإنسان .. بعيدا عن سرقة خيرات الشعوب .. إن العالم أجمع بأمس الحاجة إلى حضارة جديدة تجمع كل حاجات الإنسان المادية والنفسية والروحية والاجتماعية والاقتصادية وتقود الإنسانية الجمعاء إلى الحق والعدل والخير لكل شعوب العالم .. إن العالم أجمع بأمس الحاجة اليوم إلى حضارة تخلصه من شبح الحروب التي تشتعل كل فترة لتأكل الأخضر واليابس وتسحق شعوبا بأسرها وتدمر بلدانا بأكملها ولن تكون هذه الحضارة القادمة إلا حضارة الإسلام .. ولكي أعطي الدلائل على أن المستقبل لهذا الدين الإسلامي ولهذه الحضارة الإسلامية العالمية الإنسانية لا بد لنا من أن نستعرض كل القوى والشرائع والأديان والنظم والمذاهب والطوائف المتواجدة على أرض الواقع وأن نقوم بدراسة المقومات الحضارية والعالمية والإنسانية ثم نعرض لخصائص الحضارة الإسلامية العالمية الإنسانية ولسوف نجد أن حضارة الإسلام هي الحضارة الوحيدة التي تتميز بالعالمية والإنسانية وتتميز بالمنهج الإلهي القويم العادل وبالتالي يمكننا أن نقرر حتمية الحل الإسلامي في المستقبل القريب إن شاء الله ...
وفيما يلي نستعرض باختصار شديد أهم الأنظمة والأفكار والنظريات والمبادئ التي يمكن من خلالها بناء حضارة ومن ثم نقوم بقياسها على مفهوم العالمية أولا بحيث تكون هذه الحضارة شاملو للعالم أجمع بكل شعوبه وأراضيه وطبيعته ثم قياسها على مفهوم الإنسانية بحيث تتعامل مع الإنسان كل إنسان في هذا العالم بالعدل والمساواة والمعاملة السامية التي تناسب هذا الإنسان الذي جعله الله خليفة في هذه الأرض .. وبالتالي فإننا سنجد وبدون أدنى شك أن حضارة الإسلام هي الحضارة الوحيدة العالمية في شمولها الإنسانية في سموها وتطلعاتها ...
الدعوات القومية :
** الدعوات القومية بشكل عام .
** الدعوة القومية العربية .
** الدعوة القومية التركية الطورانية .
الدعوات القومية والوطنية :
الوطنية : معناها أن يشعر جميع أبناء الوطن الواحد بالولاء لهذا الوطن والتعصب له أياً كانت أصولهم التي ينتمون إليها وأجناسهم التي ينحدرون منها فالولاء هو للأرض في المذاهب والمبادئ الوطنية...
القومية : معناها الولاء للأصل الواحد واللغة الواحدة وإن تعددت مواطنهم وأراضيهم والسعي إلى توحيد الوطن القومي بوطن واحد حيث تجتمع القومية الواحدة في وطن قومي واحد وبالتالي يصبح الولاء في هذه الحالة ولاءً مزدوجاً ولاء للقوم وولاءً للوطن .. وهذا هو الحاصل في أغلب القوميات الحديثة .. وفي هذه الفقرة أريد أن أوضح أن الدعوات القومية بدأت في أوربا كحركات مضادة مناهضةللدين أي أن الدعوات القومية هي دعوات ضد الأديان بشكل عام وضد الدين المسيحي وللكنيسة الكاثوليكية التي كانت ولازالت تتمركز في روما في حاضرة الفاتيكان .. إذا فالدعوات القومية هي دعوات ضد الأديان منذ البداية حيث بدأت ضد الكنيسة والديانة المسيحية ثم انتقلت بعجرهاوبجرها إلى الدول الأخرى وخاصة الإسلامية منها وفق دعوات علمانية إلحادية كافرة مدعومة من المحافل الاستعمارية والصهيونية العالمية يقول" وولز " في كتابه " معالم تاريخ الإنسانية " : ( ولما انفصلت انجلترا واسكوتلندا والسويد والنرويج والدنمارك وبوهيميا وشمال ألمانيا عن الارتباط بروما أظهر الأمراء وغيرهم من الوزراء أقصى بوادر القلق والاهتمام بحفظ زمام القيادة في أيديهم وذلك لأنهم كانوا لا يسمحون من الإصلاح إلا بالقدر الذي يمكنهم من فصم العلاقة مع روما فأما ما تجاوز ذلك فكانوا يصرون على إبقائها وعدم موتها ) .. أي أن الأمراء والوزراء الأوربيين بدؤوا بفكرة الانفصالية القومية عن الكنيسة في روما منذ عهد مبكر بأسلوب دقيق ماكر دون أن يؤدي ذلك إلى التصادم المباشر مع الكنيسة فكانوا يشجعون خفية الحركات الإصلاحية المناهضة للكنيسة من وراء حجاب حتى وصل الأمر إلى إنشاء قوميات مستقلة شكلت فيما بعد الدول الأوربية ولقد انتقلت الفكرة القومية إلى الدول الإسلامية عن طريق أشخاص يمكن أن نصفهم تارة بالسذاجة والبساطة والجهل ببواطن الأمور وتارة بالخيانة والعمالة للدول الغربية التي كان لها أطماع كبيرة في بلاد المسلمين. يقول الأستاذ " أبو الحسن الندوي " رحمه الله في كتابه القيم " ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين " : ( والدين السماوي مهما تحرف وتغير لا يعرف الفروق المصطنعة بين الإنسان والإنسان ولا يفرق بين الأجناس والألوان والأوطان فلقد جمعت الكنيسة النصرانية الأمم الأوربية جميعها تحت لواء الدين حقبة طويلة من التاريخ وجعلت من العالم النصراني عشيرة واحدة وأخضعت الشعوب الكثيرة للكنيسة اللاتينية فقلت العصبية القومية والنعرة الوطنية وشغلت الأمم عنها ولمدة طويلة ولكن لما قام مارتن لوثر بحركته الدينية الإصلاحية 1483 حتى 1546 ميلادي ضد الكنيسة اللاتينية رأى أن من المصلحة الاستعانة بالألمان بني جنسه ونجح في عمله نجاحا لا يستهان به وانهزمت الكنيسة اللاتينية في عاقبة الأمر فانفرط عقدها واستقلت الأمم وأصبحت لا تربطها رابطة ولم تزل كل يوم تزداد استقلالا في شؤونها وتشتتا حتى إذا اضمحلت النصرانية نفسها في أوربا قويت العصبية القومية والوطنية وكان الدين والقومية ككفتي ميزان كلما رجحت واحده طاشت الأخرى ) .. والمعلوم أن كفة الدين لم تزل تخف كل يوم ولم تزل كفة منافستها راجحة وقد أشار إلى هذه الحقيقة التاريخية الفيلسوف الانجليزي المعروف اللورد لوثين السفير البريطاني في اميركا في خطبته التي ألقاها في حفلة بجامعة عليكره في يناير عام 1938 م .. ( والعجيب أن حركة الإصلاح الديني في أوربا كانت نتيجة تأثر الأوربيين بالأفكار الدينية الإسلامية التي كانت تصحح الانحراف الكبير في عقائد النصارى وفي الكتب المقدسة عندهم ثم بالعلاقة السامية الطيبة بين الدين الإسلامي وبين المسلمين فلم يحدث أن كان هناك صراع بين المسلمين وعلماء الدين أو بين المسلمين والمساجد كما هو الحال في أوربا وإنما كان المسجد دائما عنوان الاتحاد والمحبة والأخوة والسمو الروحي لكافة أبناء المسلمين في كافة أصقاع الدنيا في جميع مراحل الدين الإسلامي ) .. لقد رأى النصارى عند احتكاكهم بالمسلمين عالما مختلفا تمام الاختلاف .. عالما لا كنيسة فيه ولا "بابا" ولا رجال دين إنما فيه العلوم الدينية والعلوم الدنيوية كالطب والفلك والرياضيات ..الخ .. بلا تعارض بين هذا وذاك وليس لهم مع تفقههم في الدين كهانة على الناس ولا سلطانا إلا توقير العلماء من أجل علمهم فحسب ولا وساطة لهم بين الناس وبين ربهم الذي يعلمهم أن لا وسطاء ولا شفعاء عنده وأنه ما على العباد إلا أن يدعوه فيستجيب لهم بلا وسيط عندئذ تحركت نفوس الذين يرغبون في الإصلاح لمحاولة إصلاح مفاسد الكنيسة المتراكمة خلال القرون وخلع السلطان الطاغي الذي فرضه الـ " بابا " ورجاله باسم الدين .. هكذا كان مولد القوميات في أوربا حركات موتورة سمت نفسها إصلاحية مناهضة للكنيسة لم تصل إلى مرحلة النضوج استغلها ذووا الأهواء من الحكام والأمراء والوزراء والملوك واستغلها ذوو الأهواء من اليهود الحاقدين على النصرانية فأفسدوها وحولوها إلى حركات ثورية طائشة أكلت فيما بعد أبناءها وزعماءها الإصلاحيين .. لقد أثبتت الحركات القومية عبر تاريخيها الطويل أنها حركات غوغائية استبدادية عنصرية بعيدة كل البعد عن الروح الإنسانية وبالتالي فقد كان لهذه الحركات القومية الأثر الكبير في إثارة الصراعات القومية والعرقية وهذا ما رأيناه واضحا في تاريخ أوربا في القرون السابقة وهذا ما رأيناه لاحقا في تاريخ تركيا والبلاد العربية وغيرها من بلاد العالم وذلك في جميع الأقطار التي تبنت الاتجاه القومي سواء في مصر أو الجزائر أو المغرب أو تونس أو سوريا وما نشهده اليوم في العراق من صراعات قومية عرقية لا يخفى على أحد وكلها كانت نتيجة الدعوات القويمة العنصرية الغوغائية .. إن القومية في ذاتها نزعة غير إنسانية لا يتوقع أن ينشأ منها إلا الشر إنها بادئ ذي بدء تحدد عالم الإنسان فبدلا من أن يكون أفقه العالم كله والإنسانية كلها إذ يتحدد أفقه في قومه والرقعة الضئيلة من هذا العالم التي يسكنها قومه وبدلا من أن تكون قيمه معاني رفيعة من التي تقاس بها رفعة الإنسان ويتميز بها إنسان عن إنسان إذا قيمه هي مصالح قومه ومصالح هذه الرقعة الضئيلة من الأرض التي يسكن فيها قومه وهي مصالح مادية يتعارك عليها مع غيره من الهابطين إلى دركه كالمصالح التي يتعارك عليه الحيوان من أرض أو كلأ إذا كان من الضعاف أكلة العشب أو أرض وصيد إذا كان من الوحوش التي يفترس القوي فيها الضعيف .. وهذا ما نراه فعلا في عالم القوميات المادية العنصرية البعيدة كل البعد عن السمو الإنساني العالمي الرفيع لقد أصبح العالم تحت وطأة الدعوات الوطنية والقومية غابة يأكل القوي فيها الضعيف ويتصارع فيها الأقوياء مع الأقوياء والضعفاء مع الضعفاء من أجل الأرض ومن أجل الموقع الجغرافي الاستراتيجي ومن أجل الخيرات التي تختزنها هذه الأرض صراعات لاتكل ولا تمل ولا تنتهي إلا بفناء البشرية كلها فهل هذه الدعوات هي التي يصبو إليها الإنسان الذي جعله الله خليفة له في الأرض؟... إن الدعوات القومية تقوم على أسس لا إرادة لإنسان فيها ولا خيار فالإنسان الكردي في بلد عربي يولد كرديا دون إرادته ويتكلم الكردية أو العربية دون إرادته ويقطن موقعا معين دون إرادته فلماذا يظلم أو يطرد أو يضيق عليه أو يهجر من أرضه تحت وطأه هذه الدعوات القومية العنصرية .. ما ذنبه..؟ ما الجريمة التي ارتكبها ؟..لاشيْ سوى أن أبواه كرديان وولد في منطقة أو قرية كردية .. لاشك أن الدعوة القومية دعوة عرقية عنصرية بغيضة بعيدة كل البعد عن القيم الإنسانية .. ثم إن الدعوات القومية تنبذ الفكر الإنساني وتنبذ العقل الإنساني وتنبذ الاختيار الإنساني لأنها تلغي اختيار الإنسان لفكره الحر ولعقيدته الحرة وتجبره على تبني الخط القومي العنصري العلماني الذي يفرق ولا يجمع ويشتت الوطن الواحد إلى أوطان متعددة وهذا ما نراه في العراق وفي الجزائر وفي المغرب بل وفي كل دول العالم التي تتبنى الدعوات القومية .. إن الدعوات القومية تقوم على أسس واهية كاذبة لا أصل لها فلو أخذنا القومية العربية وبحثنا عن أصول وجذور الإنسان الذي يقال عنه أن عربي لوجدنا العجب العجاب فهذا ينحدر من أصلا فرعوني وذاك من أصل أشوري أو فينيقي أو ألباني أو كردي أو تركماني أو غير ذلك كثير فمن أين جاءت أسس القومية العربية ومن أين جاءت مقومات القومية العربية ...؟ الحقيقية التي يراد للمسلمين أن يجهلوها أن كل الدول العربية تجمعت تحت أمة واحدة تتكلم اللغة العربية تحت راية الإسلام وتحت راية القران وبدون هذه الراية الإسلامية لم يكن هناك دولا عربية ولا قومية عربية ولولا الإسلام لكانت هذه الدول التي تسمى عربية اليوم خمسون دولة أو قومية لا يربطها أي رباط وكذلك الأمر فإنه لولا المؤامرات الاستعمارية التي تم إحكامها بإسقاط الخلافة العثمانية لأصبحت تركيا كلها تتكلم اللغة العربية اليوم وأصبحت جزءا من الدول العربية .. إذا الأسس التي تقوم عليها الدعوات القومية هي أسس كاذبة واهية سببت لنا الكثير من النعرات والصراعات الداخلية ولا تزال ولذلك يجب علينا تركها ونبذها وإلقائها في مزابل التاريخ , إن المبدأ الإسلامي الأصيل هو ضد الدعوات القومية العنصرية إنه دعوة للتعارف والتكامل بين جميع الشعوب والقبائل والأعراق والأجناس بعيدا عن العنصرية القومية المقيتة بعيدا عن الدعوات المحدودة في قطعة معينة من الأرض أو في دولة معينة إنها دعوة إلى الإنسانية جمعاء للتوحد والتآخي والتكافل والتعارف والتعاون على الخير لدفع الشر يقول ربنا جل شأنه : ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) .. إن الناس في العالم أجمع هم فعلا شعوب وقبائل وهذه إرادة الله ولكن الرابطة بين تلك الشعوب والقبائل هي رابطة عالمية إنسانية سامية وليست رابطة قومية عنصرية قاصرة .. إن من الواجب على شعوب العالم أن تتعارف وتتعاون وتتعاضد في سبيل خير الإنسانية جمعاء بعيدا عن الدعوات القومية والعنصرية المقيتة .. إن الدعوات القومية بشكل كامل لم تهتد إلى تلك المعاني السامية التي جاء بها القران الكريم لم تهتدي لان يكون أفق الإسلام هو الإنسانية كلها وأرضه هو العالم كله واكتفت هذه الدعوات القومية والوطنية بذلك الأفق الضيق المحدود وهذا الوطن الصغير التافه وضمن قوم مهملين على ساحة الأحداث العالمية وإلى أفكار هزيلة ضعيفة على ساحة الواقع الإنساني بأسره .. أما في عالم الحضارة فقد أثبتت الوقائع التاريخية أن الدعوات القومية هي دعوات رجعية قديمة تعتمد على أساليب القرون الوسطى التي عفا عليها الزمن وتجاوزتها أحداث التاريخ خاصة وأن هذه الحركات اعتمدت على أسس حضارية قديمة بعيدة كل البعد عن عن الحضارة والمدنية فالفكرة القومية قديمة في أسسها رجعية في مبادئها متخلفة في توجهها عنصرية في منهجها تابعة ذليلة للغرب في تطبيقاتها .. لا شك أن هذه الدعوات التي يسمونا دعوات وطنية أو قومية هي أقرب ما تكون إلى الدعوات العنصرية البغيضة التي تفضل مصلحة قوم معينين على المصلحة العالمية ومصلحة شعب معين على حساب الشعوب الأخرى إن الروابط الإنسانية لا يمكن أن تهبط إلى مستوى الأرض والكلأ والمتاع الحسي ولا يمكن أن تنحصر في بقعة معينة من الأرض تسمى الوطن ولا يمكن أن تحدد بفصيلة معينة من الناس أو عرق معين وإنما يجب أن تسمو وتعلو فوق كل هذه الروابط لتصل إلى الرابطة العالمية الإنسانية التي يدعو إليها الإسلام وحده دون تحيز أو تميز ودون عنصرية أو قومية ودون طغيان أو استبداد... ومن ناحية أخرى فإن الدعوات القومية كلها علمانية إلحادية لادينية وكلها تنص في قوانينها على إبعاد الدين عن واقع الحياة وخاصة إبعاده عن واقع الحياة السياسة وعن نظام الحكم وعن القوانين والدساتير التي تحكم البلاد والعباد وإن تظاهر بعض دعاة القومية بالصلاة في المساجد في بلاد المسلمين أو الكنائس في البلاد المسحية فإن هذا التظاهر لا يخفي النهج العلماني الإلحادي الذي يعتبر جوهر الدعوات القومية .. ولذلك فإننا نلاحظ أن الدعوات القومية قد قامت أول ما قامت على المارقين من الدين وعلى دعاة الإلحاد والإباحية وعلى المستغربين وخاصة من النصارى وعلى أصحاب المذاهب والديانات المنحرفة ولو أننا تصفحنا سيرة هؤلاء الدعاة لوجدناهم وبدون استثناء ضمن هذه الأصناف وكلهم كانوا حربا على الأديان بشكل عام وعلى الإسلام بشكل خاص منذ قيام أتاتورك إلى جمال عبد الناصر إلى حافظ الأسد إلى بورقيبة إلى صدام حسين إلى السادات إلى برفيس مشرف إلى أخر هذه السلسة الإلحادية اللادينية التي أذاقت المسلمين صنوف العذاب وحكمت البلاد والعباد بالحديد والنار والسجون والمعتقلات وحاولت طمس معالم الدين الإسلامي .. الدعوات القومية أبعد ما تكون عن الأديان وإن لبست مسوح الأديان في وقت من الأوقات إن المفاسد والآثام والشرور التي نتجت عن الدعوات القومية والوطنية لم تكن مرتبطة بأشخاص تنتهي هذه الشرور والآثام بانتهائهم وإنما خلفت واقعا عاما أليما وصراعات عرقية شديدة لا تزال آثارها السيئة تنخر في جسد الأمم التي قامت على أسس قومية أو وطنية .. ذلك لأنه لا توجد دولة من دول العالم تضم عرقا بشريا واحدا صافيا وإنما جميع دول العالم تحتوي على عدد كبير من الأعراق المختلفة وتغليب عرق معين من الأعراق لابد وأن يكون على حساب الأعراق الأخرى ولابد أن يتسبب بالظلم والقهر لطائفة على حساب طائفة ولعرق على حساب عرق آخر وهذا ما يحصل للأقليات العرقية في جميع الدول التي تتبنى النهج العرقي العلماني والتي تحاول إذابة جميع الأعراق والأقليات في وعاء الأكثرية القومية .. إن الدعوات القومية كلها دعوات عدوانية توسعية وذلك إذا امتلكت القوة لمثل هذا العدوان والتوسع .. إن الدعوات القومية أول ما تفكر به عندما تمتلك القوة المادية هو السعي لتوسيع رقعتها على حساب قوميات أخرى أضعف منها تماما كما حصل للقوميات الأوربية التي أصبحت قوميات استعمارية استعبادية عندما امتلكت القوة العسكرية المادية يقول الدكتور عبد العزيز محمد الشناوي في كتابه " أوربا في مطلع العصور الحديثة " : ( الحروب الإيطالية هي حروب متقطعة نشبت بين فرنسا واسبانية خلال فترة خمس وستين عاما 1494 حتى 1559 م وكانت هذه الحروب مظهرا من مظاهر التنافس الدولي بين هاتين الدولتين من أجل السيطرة والنفوذ في أوربا والرغبة في التوسع الإقليمي داخل القارة الأوربية أو خارجها وقد بدأ هذا التنافس بين فرنسا واسبانيا قبل أن يلفظ القرن الخامس عشر الميلادي أنفاسه الأخيرة واقترن بصراع حربي مرير خاضته الدولتان وكانت شبه الجزيرة الايطالية موقع لتصارع الجيوش الفرنسية والاسبانية خلال المراحل الأولى لهذه الحروب والتي تطورت بعد ذلك إلى نضال أوربي اتسع نطاقه وانتقل إلى ميادين متعددة خارج شبه الجزيرة الايطالية حيث كانت فرنسا واسبانيا قد تطلعتا إلى ايطاليا واستهدفتا تحقيق غرضين هما التوسع الإقليمي للاستيلاء على ممتلكات جديدة في شبه الجزيرة الايطالية ثم السيطرة والتفوق السياسي في القارة الأوربية لقد بدد ملوك فرنسا واسبانيا قواهم في الحروب طوال فترة امتدت خمسة وستين عاما استهدف السيطرة على ايطاليا وانزل بهم جميعا أضرارا فادحة ) .. لقد عاشت أوربا كلها في فترة الدعوات القومية في دوامة قاتلة كل قومية تتطلع إلى التوسع على حساب جاراتها وكل سلطة تتطلع إلى السيطرة على دول وشعوب المنطقة لقد كانت أحلام ملك فرنسا ومن بعده تتعدى احتلال ايطاليا وإخضاعها لحكمه ولكنه كان يتطلع إلى إقامة إمبراطورية أوربية كاملة تحت حكمه ولا ننسى في هذا المجال أطماع ملك فرنسا فرانسويل الأول وأطماع نابليون بونابارت وغير ذلك من الأطماع التوسعية .. أما جمهورية ألمانيا النازية والدعوة الى استعلاء العرق الجرماني والقومية الجرماني فكلنا نعرف الكوارث والمصائب التي حققها ادولف هتلر ليس على المستوى الألماني فحسب بل على مستوى العالم اجمع .. وهكذا انهارت القومية الألمانية وخضعت للاحتلال والتقسيم عقودا طويلة نتيجة للنهج القومي التوسعي الذي انتهجته النازية الألمانية وكذلك الأمر بالنسبة لجميع الدعوات القومية .. وأذكر في هذا المجال الخطوة التي قام بها رائد القومية العربية جمال عبد الناصر في سوريا عندما قام بتهجير الأكراد من مناطق شمال سورية وإحلال بعض العرب مكانهم تحت ما يسمى ( الحزام العربي ) .. والذي يهدف إلى تهجير الأكراد والتركمان بعيدا عن الحدود الشمالية وإحلال العرب مكانهم على الحدود الشمالية لسورية والعراق .. وتبعه في هذه الخطوة اللاإنسانية حزب البعث في كل من العراق وسورية علما بأن هذه الأقليات العرقية عاشت في ظل الدولة الإسلامية مئات السنين بل ألوف السنين لا تعرف التمييز بين عربي أو كردي أو تركي أو غير ذلك حتى أن صلاح الدين الأيوبي الكردي والسلاطين العثمانيين كانوا هم الملوك والسلاطين والقادة في فترة طويلة من التاريخ دون أن يشعر العربي أو التركي أو الكردي بالغبن والحرج ودون أن تكون هناك عنصرية قومية تفرق بين الأقوام والأجناس في ظل الدولة الإسلامية .. إذن نخلص هنا إلى أن الدعوات القومية هي دعوات عنصرية عدوانية توسعية لا تحترم غيرها من الأعراق والقوميات .. الدعوات القومية هي دعوات تشتيتية تجزيئية تقسم البلاد والعباد إلى أجزاء وفقاً للأغراض والقوميات الأخرى المتواجدة على ساحة الوطن القومي ذلك لأن أية دعوة قومية لابد وأن تؤدي إلى استثارة الأعراق والقوميات الأخرى للمطالبة بالاستقلال الذاتي أو إنشاء وطن قومي جديد وهذا ما حصل ويحصل في جميع البلاد التي تبنت الدعوة القومية أذكر على سبيل المثال مطالبة الأكراد في تركيا بالحكم الذاتي ومطالبة الأكراد في العراق بالحكم الذاتي والآشوريين بالعراق بالحكم الذاتي وتيمور الشرقيه بالانفصال وجنوب السودان بالانفصال ودارفور بالانفصال وكلها دعوات مغرضة تدعمها القوى الاستعمارية من أجل مصالحها .. إن الدعوات القومية هي التي مزقت أوربا إلى أشتات صغيرة بعد أن كانت موحدة تحت ظل الكنيسة الرومانية في فترة من فترات التاريخ يقول الأستاذ أبو الحسن الندوي في كتابه القيم " ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين" : ( لما قضت حركة مارتن لوثر التي تزعمت حركة الإصلاح الديني على وحدة أوربا الثقافية والدينية انقسمت هذه القارة إلى إمارات شعبية مختلفة وأصبحت منازعاتها ومنافساتها خطرا خالدا على أمن العالم ) .. وهذا ما حدث فعلا في أوربا حيث نشبت الصراعات الشديدة وكلها نتيجة تبني الخط القومي والاستغناء وبشكل كامل عن الخط الديني الإصلاحي الذي تبناه مارتن لوثر .. إن الدعوات القومية تحت شعار ( البقاء للأصلح ) كانت تعني في الحقيقة البقاء للأقوى وليس للأصلح تماما كما يحصل في الغابة ولما كانت كل قومية تزعم لنفسها أنها هي الأصلح والأجدر للبقاء فإن تاريخ القوميات كان تاريخا بشعا عنيفا شرسا استحكمت فيه الصراعات القومية حتى وصلت إلى حد الوحشية والدمار بحيث تموت في دوامة الصراع القومي الوحشي كل المعاني الإنسانية والأخلاقية .. ولعل العجيب الغريب في الدعوات القومية أنها دائما تدعي التقدمية وتتهم غيرها بالتأخر والرجعية والجمود وغير ذلك من الصفات المنكرة وتنسى أنها هي التي أوصلت الدنيا إلى التأخر والتناحر والرجعية والجمود وتنسى أيضا أنها هي التي تتصف بالدكتاتورية والوحشية والقمعية .. إنني لدى مطالعاتي الكثيرة لدعاة القومية والتحرر والتقدمية في الشرق والغرب لم أجد إلا الظلم والقتل والقهر والاستبداد والمعتقلات السياسية وكم الأفواه وتسخير الناس لخدمة الآراء القومية سواء اقتنعوا في ذلك أم لم يقتنعوا .. ولنضرب مثلا من تركيا ذات النظام العلماني نجد أنه وبعد مئات السنين لازال عناصر الجيش التركي المنتشرين في كل أنحاء تركيا تقدم التحية العسكرية وفق مراسم رسمية لأصنام أتاتورك المنتشرة في كل مكان ألم يئن الأوان لتحطيم هذه الأصنام ..؟ أليس من السخف والجريمة أن نخصص مئات الآلاف من أبناء المسلمين لحراسة وتقديس وتبجيل هذه الأصنام ..؟ ترى كم كلفت هذه الأصنام على الدولة التركية ..؟ هل هذا العمل يعتبر تقدما أو تأخرا ورجعية إلى عهود الأوثان والأصنام ..؟؟ مالفرق بين تمثال هبل وبين تمثال أتاتورك أو تمثال جمال عبد الناصر أو تمثال حافظ الأسد أو صدام حسين؟ الحقيقة المرة أن مثل هذه الأعمال هي أحط وأسخف أساليب العبودية التي مورست على الناس منذ قدم التاريخ وحتى يومنا هذا .. أما القوميات الأوربية فلم تكن إلا البذرة الخبيثة للحركات الاستعمارية ثم الحركات التبشيرية والصليبية التي لم تنقطع لحظة من اللحظات فكيف يتمسك القوميون في البلاد الفقيرة الضعيفة بالمبادئ القومية التي وضعها المستعمرون الغربيون .. إن القوميات الغربية كلها وبدون استثناء اتسمت بالروح الصليبية الحاقدة على الإسلام والمسلمين ولقد كان الغربيون يتنافسون على احتلال الأقطار الإسلامية ومحاولة تنصير المسلمين ولقد أرسلوا في سبيل ذلك حملات مركزة سموها تبشيرية ولكنها في الواقع حملات تنصيرية إجرامية مهدت للاستعمار الغربي لمعظم الدول الإسلامية ولعل من العجيب أن نرى أن الدول الاستعمارية التي حاربت الكنيسة وأهملت الدين النصراني هي نفسها التي استغلت الدين المسيحي واستغلت الحملات التبشيرية الصليبية ضد بلاد المسلمين .. يقول الفيلسوف المسلم " ليوبولد فايس " في كتابه " الإسلام على مفترق الطرق " : ( إن الاصطدام العنيف الأول بين أوربا المتحدة من جانب وبين الإسلام من جانب آخر يتفق مع بزوغ فجر المدنية الأوربية ) أي أن الحروب الصليبية الاستعمارية للبلاد الإسلامية توافقت مع عصر النهضة الأوربية فأي نهضة وأي تقدم يبرر استعمار البلاد واستعباد الشعوب .. ويقول أيضا : ( وكانت اوربا في وسط المأزق الحرج قد بدأت حروبها الصليبية العدائية مع العالم الإسلامي .. إن الحروب الصليبية هي التي عينت في المقام الأول والمقام الأهم موقف أوربا من الإسلام لبضعة قرون وهكذا كان شان الحروب الصليبية فإنها أحدثت أثرا من أعمق الآثار وبقيت هذه الآثار في نفسية الشعوب الأوربية وإن الحمية الجاهلية العامة التي أثارتها تلك الحروب في زمنها لا يمكن أن تقارن بشيء خبرته أوربا من قبل ولا اتفق لها من بعد .. لقد استفادت أوربا أكثر مما استفاد العالم الإسلامي ولكن لم تعترف بهذا الجميل وذلك بأن تنقصها من بغضائها للإسلام بل كان الأمر على العكس من ذلك فإن تلك البغضاء قد نمت مع تقدم الزمن ثم استحالت عادة ولقد كانت هذه البغضاء تغمر الشعور الشعبي كلما ذكرت كلمة "مسلم" ثم جاء عهد الإصلاح الديني حينما انقسمت أوربا ووقفت كل شيعة مدججة بسلاحها في وجه كل شيعة أخرى ولكن العداء للإسلام كان عاما فيها كلها بعد أن جاء زمن أخذ الشعور الديني يخبو ولكن العداء للإسلام استمر ) .. ويقول المستشرق الكندي المعاصر " ولفريد كانتول سميث " في كتابه " الإسلام في التاريخ الحديث " حيث يقول : ( وحتى قيام كارل ماركس وقيام الشيوعية فإن التحدي الحقيقي الوحيد للحضارة الغربية والذي واجهته في تاريخها كله هو نبي المسلمين وإنه من المهم أن نتذكر كم كان هذا التحدي حقيقياً وكم كان يبدو في يوم من الأيام تهديدا خطيراً حقاً .. لقد كان الهجوم من المسلمين مباشرة في كلا الميدانين الحربي والعقيدي وكان قويا جدا ولاشك أن هذا الهجوم بالنسبة للمسلمين كان يبدو أنه الحق والصواب فالأمر الطبيعي المحتوم أن يمتد الإسلام كما امتد من قبل ولكن الأمر كان مختلفا بالنسبة للشخص الواقع خارج نطاق الإسلام حيث كان التوسع الإسلامي على حسابهم وإلى حد كبير وعلى حساب الغرب فقد فقدت المسيحية دفعة واحدة أجمل مقاطعات الإمبراطورية الرومانية لتستلمها منها القوة الجديدة وكانت الإمبراطورية الرومانية مهددة وبشكل كامل بخطر الانهيار والضياع وعلى الرغم من أن القسطنطينية لم تقع بادئ ذي بدء في أيدي الجيوش العربية كما وقعت مصر وسوريا ولكن الضغط عليها استمر فترة طويلة وفي موجة التوسع الإسلامي الثاني فقد سقطت القسطنطينية بالفعل عام 1453 م ودب الرعب والفزع في قلب أوربا حتى أحاط حصار المسلمين العثمانيين فيينا عاصمة النمسا حاليا وذلك عام 1529 ميلادي وظل الزحف الإسلامي العنيد مستمرا في طريقه حتى عام 1683 م .. إن وقوع تشيكوسلوفاكيا في قبضة الشيوعية عام 1948 م في العصر الحديث لم يوقع الرعب والفزع في نفوس الغرب المتهيب كما كان للزحف الإسلامي الذي استمر قرونا طويلة من قبل تلك القوة الإسلامية الضخمة المهددة التي لا تكف ولا تهدأ بل يتكرر انتصارها مرة بعد مرة وكما كان الأمر مع الشيوعية فإن التهديدات والانتصارات الإسلامية كانت قائمة في عالم القيم والأفكار فقد كان الهجوم الإسلامي موجها إلى عالم النظريات كما هو موجه إلى عالم الواقع .. لقد عملت العقيدة الإسلامية الجديدة بإصرار على إنكار المبدأ الرئيسي للعقيدة المسيحية والتي كانت بالنسبة لأوربا العقيدة السامية التي أخذت في بطء تبني حولها حضارتها وكان التهديد الإسلامي موجها بقوة وعنف وكان فاتحا ومكتسحا نصف العالم المسيحي تقريباً .. والإسلام هو القوة الايجابية الوحيدة التي انتزعت من بين المسيحيين أناساً دخلوا في الدين الإسلامي الجديد وآمنوا به بعشرات الملايين وهو القوة الوحيدة التي أعلنت أن العقيدة المسيحية ليست مزيفة فحسب بل تدعو إلى التقزز والنفور وإنه لمن المشكوك فيه أن يكون الغربيون قد تغلبوا قط على آثار ذلك الصراع الرئيسي المتطاول الأمد أو على آثار الحروب الصليبية التي استغرقت قرنين من الحروب العدوانية المريرة ) ...
إن تاريخ الاستعمار الغربي للبلاد الإسلامية كان استعمارا صليبيا حاقدا حاول محو الإسلام عن طريق الحملات التنصيرية والغزو الفكري وتشويه مناهج التعليم ودس الأفكار الفاسدة ونشر الأخلاق الفاسدة إضافة إلى امتصاص خيرات هذه البلاد ولنضرب مثالا على ذلك الاستعمار البريطاني لشبه القارة الهندية والتي كانت تضم ( بنغلاديش وباكستان وكشمير والهند ) .. فقد كان أول عمل قامت به بريطانيا هو إزالة الحكم الإسلامي الذي كان مركزا في العديد من المقاطعات الهندية والذي كان ينتشر وبشكل هائل بين الهنود من العقائد الأخرى أما بقية العقائد الوثنية فتركوهم دون التعرض لعقائدهم بشيء .. لقد وجهت بريطانيا الحرب الضارية ضد الإسلام والمسلمين في الهند فصادرت الأوقاف المرصودة للتعليم الإسلامي فجففت منابعه وحاربت التعليم الديني وحاربت المسلمين في الوظائف العامة وأعطيت للوثنين الهندوس والبوذيين وغيرهم أرفع الوظائف ووجهت الغزو الفكري الشرس ضد المسلمين لإخراجهم من حقيقة الإسلام وأخيرا قامت بجريمة فصل باكستان وبنغلاديش عن الهند بعد أن رأت دخول كثير من أبناء الديانات الوثنية في الإسلام ثم قامت بإذكاء الصراع بين المسلمين وغيرهم والتي لا تزال مشتعلة تحت الرماد حتى يومنا هذا .. وهنا يمكننا أن نذكر للتاريخ أن بريطانيا كانت ولا زالت أعدى أعداء الإسلام حيث قامت بأبشع الجرائم ضد الشعوب الإسلامية بشكل عام وهي أول من وضع سياسة الغزو الفكري لعقائد المسلمين إضافة إلى أنها هي التي وضعت الكيان الصهيوني في قلب العالم الإسلامي وأنها كانت السباقة في كل جريمة وفتنة ضد الإسلام والمسلمين .. إذن فالدعوات القومية التي بدأت في أوربا ارتبطت ارتباطاً وثيقا بالاستعمار والاحتلال والتوسع والعنصرية والحروب والدمار .. ففي الحرب العالمية الأولى ( 1914 حتى 1918 ) م قتل عشرات الملايين شاب وشوه وأصيب أضعاف هذا العدد واستخدمت الغازات السامة والأسلحة الفتاكة الحارقة والكيميائية والبيولوجية وغير ذلك من الأسلحة الفتاكة وكان هذا الصراع وهذه الحروب كلها صراع قوميات ضد قوميات أخرى وان كان هناك تكتل وتخالف بين بعض القوميات .. أما في الحرب العالمية الثانية ( 1939 حتى 1945 ) ميلادي فقد قتل فيها أربعون مليونا من الشباب غير المدن التي دمرت والمدنين الذي قتلوا أو شوهوا في الغارات الجوية وغير ضحايا القنابل الذرية في هيروشيما وناغازاكي التي أبادت الحياة بشكل كامل في هاتين المدينتين وشوهت الملايين من السكان المجاورين لها وبعد سبعين عاما لا تزال آثار الإشعاعات النووية تظهر على الأجيال المتعاقبة .. هكذا فعل أدعياء القومية وأدعياء الحضارة والتقدمية والمدنية سواء كانوا من تجمع المحور أو من تجمع الحلفاء لأن هتلر لو سبق إلى صنع القنبلة النووية فلربما فعل ما هو أشد وأنكى من أمريكا وحلفائها .. ولعل من خفايا التاريخ أن الحرب العالمية الأولى هي تدبير يهودي نصراني هدفه الأول القضاء على الخلافة الإسلامية العثمانية ويأتي في المرتبة الثانية القضاء على القومية الجرمانية لحساب القومية البريطانية والقومية الفرنسية .. وهذه حالة الحركات القومية على مدار التاريخ صراعات وحروب وأطماع توسعية وكأن العالم في الفكر والمنطوق القومي غابة مليئة بالوحوش والحيوانات القوي يأكل الضعيف وفق شريعة الغابة المعروفة ..
ومن هذا المنطلق نجد كيف سعت بريطانيا إلى فصل شبه القارة الهندية إلى قوميات متناحرة متصارعة بنغالية وبنجابية وباكستانية وكشميرية بعد أن رأت أن الدين الإسلامي قد أخذ ينتشر وبشكل كبير جدا في الطوائف والعقائد والأديان الأخرى .. وكذلك رأينا كيف قامت النزعات القومية وفتت الخلافة العثمانية الإسلامية إلى دويلات ضعيفة جدا قد لا يتجاوز عدد سكان الدولة عدد سكان مدينة من المدن المتوسطة .. دويلات عربية ودويلات كردية ودويلات تركمانية ودويلات آشورية وسريانية وغير ذلك بعد أن كانت دولة واحدة وخلافة إسلامية واحدة .. أما أفغانستان المسلمة فقد بدأت تدخل مرحلة الصراع القومي بعد أن كانت دولة إسلامية واحدة أخذت القوى الاستعمارية تلعب لعبتها في إذكاء روح العداء بين الطاجيك والبشتون وغيرها من الملل والنحل والقوميات بهدف تفتيت الدول الإسلامية إلى دول صغيرة ضعيفة لا تشكل أي خطر على الحضارة الغربية وعلى الهيمنة الغربية على مقدرات العالم .. بعد حرب فلسطين وقيام الخونة والعملاء بتنفيذ مخططات أعداء الإسلام وعلى رأسهم بريطانيا ووصول المخطط البريطاني إلى وضع خطة لتقسيم فلسطين إلى دولة يهودية وأخرى عربية .. ظهرت على الساحة كتائب المجاهدين الإسلاميين بقيادة الشيخ ( محمد فرغلي ) رحمه الله الملقب بصاحب العمامة البيضاء و ( يوسف طلعت ) الملقب بجزار اليهود وجزار الإنكليز على الجبهة المصرية وبقيادة الدكتور ( مصطفى السباعي ) رحمه الله على الجبهة السورية والتي وقفت سداً قوياً منيعا في طريق التقسيم وقامت بعمليات أرهبت البريطانيين واليهود في آن واحد عند ذلك قررت القوى الاستعمارية ضرورة القضاء على البعث الإسلامي أولا وضرورة إيجاد بديل مناسب مقبول عن الراية الإسلامية التي بدأت تنتشر من جديد في ربوع البلاد العربية بعد سقوط الخلافة الإسلامية العثمانية .. فكان البديل هو القومية العربية والتي سخر لها الاستعمار الغربي بشكل عام والبريطاني بشكل خاص كل إمكانات النماء والقوة .. يقول " جورج كيرك " في كتابه الشهير " تاريخ الشرق الأوسط " : ( إن القومية العربية ولدت في دار المندوب السامي البريطاني ) ... !! فهل عرف القوميون العرب هذه الحقيقة أم أنهم لازالوا في طغيانهم يعمهون ...؟!!!
والجدير بالذكر أن جرائم القوميين لم تقتصر على بلاد العرب والمسلمين وإنما طالت حتى الدول الغربية نفسها في صراع مرير بين القوى العالمية آنذاك ويحدثنا التاريخ الحديث كيف أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تدخل الحرب العالمية الثانية رغم تحالفها مع دول الحلفاء إلا بعد استنزاف كامل لكل من بريطانيا وفرنسا وبقية الدول الغربية وذلك حسب رأي الزعيم البريطاني الشهير ” ونستون تشرشل " فلم تدخل أمريكا الحرب رغم قوتها وقدرتها الفائقة على حسم الموقف العسكري في الحرب حتى فقدت بريطانيا إمبراطوريتها التي لا تغيب عنها الشمس وكأن أمريكا كانت تخطط لترث حلفاءها البريطانيين والفرنسيين فدخلت الحرب بعد انهيار كامل لفرنسا وبريطانيا واستنزاف الألمان ومحورهم في حروب جانبية مدمرة خاصة حروبهم على الجبهة الروسية ثم انهيار الألمان في حرب وقعت في الشتاء القارس وعلى بعد مئات بل ألوف الأميال عن مركز القيادة في برلين .. وهنا صعد نجم أمريكا التي لم تخسر شيئا في الحرب بل ربحت كل شيء حتى على حساب حلفائها وأصدقائها وهذه هي عقلية الأمريكان منذ نشأتهم وحتى هذه اللحظة .. ولما ورثت الولايات المتحدة بريطانيا وفرنسا وورثت مستعمراتهما وبسطت نفوذها على الشرق الأوسط حيث قامت عن طريق الانقلابات العسكرية تغرس زعامات كاملة تحمل لواء القومية العربية وفي نفس الوقت تنفذ المخطط الأمريكي الصليبي في حرب الإسلام والمسلمين .. ولقد جرى للزعامات القومية عمليات دعم قوية وتلميع أمام الجماهير المغيبة عن ساحة الأحداث وقالوا أن إسرائيل لا تخشى شيئا أكثر من القومية العربية .. وقالوا أن أمريكا تخشى من تنامي الشعور القومي .. وقالوا أن القومية العربية ستدمر إسرائيل وتلقي بها في البحر .. وقالوا أن القومية العربية ستوحد مئات الملايين العرب ولكننا وخلال أكثر من سبعين عاما من المراقبة والانتظار والترقب لم نر إلا الأوهام والهزائم المتكررة وخسارة البلاد والعباد والتآمر والخيانة من وراء حجاب .. فبدلا من تحرير فلسطين من اليهود ابتلعت إسرائيل في ظل الحكومات القومية أضعاف مساحتها في سيناء والجولان وغزة والضفة الغربية والعرب يتفرجون بل ويقيمون علاقات دبلوماسية طبيعية وحوارات مع اليهود الغاصبين المحتلين ولعل أسوأ ما نلاحظه الآن على شاشات التلفزة العربية العناق المتبادل بين زعماء العرب وزعماء الكيان الصهيوني العنصري ولعل أسوأ ما نسمعه أن يكون العربي الكافر أو النصراني أو اليهودي أفضل من المسلم التركي أو الباكستاني فقد قال بعضهم وبكل تبجح : غدا الصليب هلالا في توحدنا وجمع القوم إنجيلاً وقرآناً
وهكذا تكون المبادئ في مفهوم الحكومات القومية العربية وغير العربية صراع وأحقاد وحرب لله ورسوله وللإسلام والمسلمين منذ أن تولى الزعماء القوميون ذمام الأمور ...
القومية العربية:
إن فكرة الوطنية أو القومية التي نقلها المستعمرون الغربيون إلى بلاد المسلمين لم تكن إلا لإحلالها محل الفكرة الإسلامية والرابطة الإسلامية وكان الهدف منها تحويل حركات الجهاد الإسلامي ضد الاستعمار إلى حركات وطنية تدافع عن ما يسمى بالتراب الوطني وتحويل أهداف الجهاد الإسلامي السامية الإنسانية إلى دفاع عن الأرض والتراب .. وهذا ما فعلته كل الحركات الوطنية التي تربت على الأفكار القومية والوطنية الغربية مع الأديان جملة وتفصيلا ً.. الحركات الوطنية أو القومية لا تنظر إلى المستعمرين الغربيين على أنهم مستعمرون صليبيون حاقدون يهدفون إلى القضاء على الفكر الإسلامي والعقيدة الإسلامية إضافة إلى احتلال البلاد واستعباد العباد ولكنها تنظر إليهم على أنهم مستعمرون للأرض والوطن .. الهدف الثاني من إحلال فكرة القومية والوطنية هو تحويل حركات الجهاد الإسلامي إلى حركات وطنية سياسية لأن أعداء الإسلام لا يمكنهم التفاهم مع كل ما يمت إلى الإسلام بصلة .. يقول الزعيم الوطني المصري سعد زغلول بعد أن نكص الانكليز بعهودهم مع الوطنيين وضحكوا عليهم : ( لقد خسرنا المعاهدة وكسبنا صداقة الانكليز ) .. ويقول أيضا : ( الإنكليز خصوم شرفاء ومعقولون ) .. ما هذه الصداقة وهذا الشرف ..؟! ويقول معلم الأجيال الأستاذ لطفي السيد من دعاة القومية : ( إن الإنجليز هم أولياء أمورنا في الوقت الحاضر وليس السبيل إلى أن نحاربهم بل السبيل أن نتعلم منهم ثم نتفاهم معهم ) .. ترى أي شيء تعلم المصريون من الانجليز سوى الذل والصغار والفساد الاجتماعي والأخلاقي والسكر والعربدة والمخدرات والبعد عن روح الدين الإسلامي إن المسلم حين يفقد شخصيته الإسلامية ويبتعد عن دينه وخالقه فإنه يمكن أن يفقد بعد ذلك كل شيء .. لقد أثبتت الأيام أن القومية العربية كان لها دور أخبث وأشد من كل التصورات والتوقعات حيث سخرت القومية العربية للحرب على الإسلام فكراً وتشويها وشبهات واستخدمت العلمانية واللادينية وفصل الدين عن الدولة في مناهج التعليم وفي الإعلام وفي الثقافة وفي كل مجال لقد جندت القومية العربية للحرب ضد الإسلام من قبل الحركات الصليبية والصهيونية ومن قبل الدول الاستعمارية فكانت الجندي المخلص والخادم الأمين المطيع لأعداء الإسلام والمسلمين ..
وعندما لاحت في الأفق الدعوة إلى إنشاء جامعة إسلامية تجمع كافة الأقطار الإسلامية وفق تحالف استراتيجي ثقافي عسكري قامت بريطانيا بوضع فكرة بديلة للجامعة الإسلامية ألا وهي الجامعة العربية حيث قام وزير الخارجية البريطاني عام 1946 م بزيارة القاهرة ودعوة الملوك والرؤساء العرب إلى الاجتماع به في القاهرة وعرض عليهم فكرة إنشاء الجامعة العربية في القاهرة لتتبنى قضايا العرب وتدافع عنهم وعن مصالحهم فوافق الجميع وبذلك تم القضاء على فكرة الجامعة الإسلامية واستبدلوها بذلك الكيان الهزيل الذي لم يتخذ أي خطوة إيجابية قوية ضد المستعمرين وضد اليهود والمحتلين خلال سبعين عاما من الزمان أو تزيد .. لقد ولدت الجامعة العربية ولادة قسرية غير شرعية .. ولدت أيضا في أحضان أعداء الإسلام آنذاك وعلى رأسهم بريطانيا وهل يمكن أن تكون هذه الولادة غير الشرعية التي نشأت وترعرعت في أحضان الخيانة والعمالة والعداوة للإسلام والمسلمين أن تقدم الخير للإسلام والمسلمين .. لذلك نجد أنه ومنذ أن نشأت الجامعة العربية لم نسمع عن تحقيق أي موقف هام يعود بالخير على الإسلام والمسلمين أو حتى على العرب أنفسهم .. اللهم إلا قرارات الشجب والاستنكار التي لا تقدم ولا تؤخر في ساحة الأحداث العالمية أو الإقليمية أي شيء .. وبعد أن تم إرساء الجامعة العربية ككيان غريب هزيل في قلب العالم الإسلامي وبعد أن أدت الجامعة العربية دورها التآمري في تقسيم فلسطين أولا وفي إبعاد فكرة الجامعة الإسلامية ثانياً وفي إبعاد الفكر الإسلامي عن ساحة الأحداث ثالثا جاء دور القومية العربية ليكمل المشوار التآمري على الإسلام والمسلمين ولقد رأينا بأم أعيننا كيف أعلنت وزيرة الخارجية الإسرائيلية ليفني حرب الإبادة للشعب المسلم الفلسطيني في غزة الصامدة من مؤتمر صحفي عقد في القاهرة بمباركة من الخونة والعملاء في أرض الكنانة ..
ولقد أخذت الفكرة القومية في القرن الماضي طابعا عنصريا مقيتا عندما أعلن وزير الخارجية البريطاني ( بلفور ) في الأربعينات عن إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين ثم بدأت بريطانيا بتنفيذ هذه الجريمة النكراء بطرد الفلسطينيين من وطنهم لإحلال شذاذ الآفاق من اليهود الذي قدموا من كل حدب وصوب لتشكيل دولة وفق أسس قومية يهودية عنصرية .. وهذا أبشع ما وصلت إليه القوميات في العصور المتأخرة ... هذا ويحدثنا التاريخ عن أن أول من نادى بالقومية العربية هم نصارى لبنان وسوريا .. وانضم إليهم فيما بعد بعض المسلمون الذي تربوا في المدارس التبشيرية والتنصيرية وانضم إليهم بعد ذلك المغفلون والمخدوعون من المسلمين الذين زين لهم شياطين الأنس أن لا تعارض بين الإسلام والدعوة إلى القومية العربية على أساس أن العروبة هي عصب الإسلام وعموده الفقري وأن العرب هم الذين حملوا راية الإسلام إلى البشرية جمعاء .. ولعل من عجائب التاريخ أن يكون ( لورنس ) البريطاني المخطط والمنفذ لإحياء القومية العربية ضد الخلافة العثمانية الإسلامية ومن الأعجب أن يكون اللورد ( اللنبي ) البريطاني أيضاً هو قائد الجيوش العربية التي حاربت الخلافة العثمانية .. يقول اللورد (اللنبي) : ( لولا مساعدة الجيوش العربية والعمال العرب لما استطعنا أن نتغلب على تركيا )
وهكذا نجد أن الحركات القومية في البلاد العربية وتركيا قد ساهمت في تنفيذ المخطط الاستعماري لتفتيت الدول الإسلامية إلى دويلات ضعيفة مسلوبة الإرادة لا حول لها ولا قوة إضافة إلى عمل المستعمرين وأعداء الإسلام في إذكاء روح العداء والصراع بين هذه القوميات المختلفة التي عاشت مئات السنين بل ألوف السنين في ظل الإخاء الإسلامي والمحبة والمودة .. أما غير المسلمين من الأقليات التي عاشت في الدولة الإسلامية فقد شهد التاريخ أن المسلمين قد عاملوهم بالاحترام اللائق والتعاون والتحاور والتشاور بعيداً عن العصبيات الإقليمية أو القومية البغيضة .. إن مقومات القومية العربية التي أعلنها القوميون عملاء الاستعمار كلها مقومات سطحية فارغة هزيلة إذا عزلت عن الإسلام أذكر هنا على سبيل المثال بعض هذه الأسس والمقومات التي قامت عليها فكرة القومية العربية ...
* وحدة اللغة العربية : تري لو لم يحفظ الإسلام هذه اللغة باعتبارها لغة القرآن الكريم منذ أربعة عشر قرناً من الزمان هل كان من الممكن للمغاربي في الجزائر وتونس ومراكش أن يفهم لغة سورية ولبنان والأردن ... استطيع أن أؤكد أنه لو لا الإسلام ولولا القرآن لأصبحت اللغة العربية أكثر من ثلاثين لغة ولأصبحت لغة شمال مصر مختلفة تماماً عن لغة جنوب مصر.. ولغة الساحل السوري مختلفة عن لغة العاصمة دمشق وهكذا .. إن الإسلام هو الذي أعطي اللغة العربية هذا البعد الكبير ليس على مستوى العالم العربي الحالي وإنما أعطاها بعداً عالمياً على كل بقاع العالم الإسلامي فالتركي كان يتكلم العربية ويقرأ القرآن ويفهمه بالعربية والباكستاني والبنغالي والاندونيسي والماليزي والبوسني والشيشاني وغيرهم كلهم كان يتكلم اللغة العربية ويقرأ ويفهم القرآن باللغة العربية ولو لا وجود الدعوات القومية التي يغذيها الاستعمار في الشرق والغرب والشمال والجنوب لأصبحت اللغة العربية بفضل الإسلام وفضل القرآن اللغة العالمية الأولي واللغة الأوسع انتشاراً في العالم ...
* وحدة التاريخ المشترك : وهذه فرية ثانية لمدعي القومية العربية كأحد مقومات القومية العربية وأنا أتساءل هنا أي تاريخ للأمة العربية بدون الإسلام بالتأكيد أنه تاريخ الحروب الطاحنة والسلب والنهب والتفاخر بالغزو والسبي حتى قال أحدهم عن الغزو :
وأحياناً على بكر أخينا إذا ما لم نجد إلا أخانا
أي أن العربي لا يتورع أن يغزو أخاه ويسلبه ماله ويسبي أهله وحريمه إذا لم يجد غير أخيه يغزوه فهل هذا هو التاريخ المشرف الذي يعتز به أصحاب القوميات ؟!!.. أما بعد انحسار الحضارة الإسلامية فنحن نرى بأم أعيننا هذا التاريخ الذي يخجل الإنسان من أن ينتسب إليه ... إن تاريخ الأمة العربية الزاهر هو تاريخ الإسلام وتاريخ الحضارة الإسلامية ولو حذفنا هذه الفترة من تاريخنا حصلنا على تاريخ سيء مخزي ملئ بالذل والمهانة بالعمالة والخيانة ملئ بالحروب والمؤامرات ملئ بالدسائس والفتن والمحن ... وفي هذه الحالة لا يمكن لمثل هذا التاريخ أن يكون أساسًا لبناء أمة ولا أساساً لبناء دولة ...
* وحدة الأرض : ترى أي أرض وأي وحدة هذه التي يتحدثون عنها بوجود قناة السويس وبوجود صحراء سيناء تفصل بين القسم الأفريقي والقسم الآسيوي .. ترى أليست إيران وتركيا أقرب للقسم الآسيوي من الوطن العربي أليست الحبشة ونيجريا أقرب إلي القسم الأفريقي من العراق ودول الخليج ... الحقيقة أن هذا الأساس أيضاً من الأسس المختلقة الباطلة التي لا يمكن الركون إليها لبناء أمة بل لبناء دولة ...
* وحدة العادات والتقاليد المشتركة : وأنا في هذه النقطة المضحكة بالذات أبحث عن بعض هذه العادات والتقاليد المشتركة فلا أجد ، أنظر إلي المرأة السعودية مثلاً وأقارنها بالمرأة اللبنانية وبالمرأة السودانية وبالمرأة التونسية فأجد الاختلاف الشديد بل لا أجد نقطة التقاء بينهما .. أبحث في موضوع اللباس مثلاً بين السودان والمغرب الغربي ودول الخليج وسورية ولبنان فلا أجد أي قاسم مشترك بينها أبحث عن الزواج مثلا فأجد عادات وتقاليد مختلفة جداً بل أحياناً متنافرة متباعدة تماماً .. أبحث عن الأعراس أبحث عن المآتم أبحث عن العلاقات الاجتماعية والأسرية فلا أجد بينها أي التقاء إلا ما التقى على شعائر الإسلام ومبادئ الدين الإسلامي ففي وجود الإسلام نجد هناك نقاط التقاء وبدون هذا الإسلام وخارج نطاق الشريعة الإسلامية فكل هذه العادات والتقاليد مختلفة متنافرة أشد التنافر حتى موضوع العطور فالعطور المستخدمة في السعودية تختلف عن العطور المستخدمة في السودان تختلف عنها في سورية حتى أنني لا أستطيع تحمل رائحة العطور التي يستخدمها أقطار عربية أخري
* وحدة الآمال والآلام المشتركة : وهذه الفرية تكذبها وقائع التاريخ الحديث الذي نعيشه الآن ووقائع التاريخ القديم الذي عاشه سلافنا حيث نجد شعوباًً تذبح ودياراً تهدم وأطفالاً ونساءً وشيوخاً تقتل وجامعة الذل والخيانة لا تجد وخلال مئات السنين ما تدافع به عن شرف الأمة وأعراضها ودمائها إلا اجتماعات فارغة صاخبة يقتتل فيها المجتمعون وبيانات شجب فارغة لا تسمن ولا تغني من جوع .. تري هل هذه هي وحدة الآلام والآمال المشتركة التي يضعها القوميون ضمن أسس بناء القومية العربية المتهالك .. وفي المقابل نجد أن التضحيات وأن الدفاع عن شرف الأمة من المحيط إلي الخليج لم يصدر إلا من المتمسكين بدينهم وبإسلامهم والتاريخ شاهد على ذلك .. إن التاريخ العربي الحديث ليثبت أن دعاة القومية العربية هم الذين قوضوا بناء الأمة العربية وبناء القومية العربية من أجل مصالح إقليمية أو شخصية أو غير ذلك وهذا ما حدث منذ ظهور الشريف حسين رائد الثورة العربية الكبرى حتى أن الحزب القومي الواحد في قطرين عربيين متجاورين لم يستطيع أن يصل بهذين القطرين إلي الوحدة وإلي الالتقاء بل على العكس من ذلك كثيراً ما رأينا الحشود العسكرية في دولة خوفاً من اجتياح مسلح لدولة مجاورة ... فأين مصداقية هذه الادعاءات التي يطلقها دعاة القومية سواء من العرب أو من غير العرب ...
أضف إلي ذلك أن إطلاق مبدأ القومية العربية حرك القوميات والأعراق النائمة في بلادنا الإسلامية بشكل عام والعربية بشكل خاص مثل الأكراد والتركمان والشركس والطاجيك والأزبك وغير ذلك .. وحرك أيضاً الدعوات الانفصالية التي ارتكزت على أساس تاريخي فئوي مثل الفينيقية والفرعونية والبربرية وغير ذلك .. فماذا جنينا من هذه الدعوات إلا الخراب والدمار والتفكك والانحلال والذل والهوان .. إن اللقاء بين الدول العربية أولاً والدول الإسلامية ثانياً يجب أن يكون على الإسلام وتحت راية الإسلام وحده وكل دعوة غير هذه الدعوة مصيرها الفشل والفشل الذريع لأننا : ( قوم أعزنا الله بالإسلام ومهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله ) .. وتاريخ أمتنا شاهد على ذلك .. إن الصلة بين المشرق العربي والمغرب العربي هي صلة إسلامية راسخة الجذور وليست صلة عنصرية ولا قومية ولا فئوية ولا تاريخية .. الصلة الوحيدة التي تجمع الشرق الإسلامي والغرب الإسلامي مهما تعددت الجنسيات ومهما تباعدت الدول ومهما اختلفت الأجناس هي صلة إسلامية وإن حاول أعداء الإسلام ذر الرماد في العيون فإننا على ثقة بالصباح القريب .. وما أجمل قول الشاعر الإسلامي إذ يقول :
وكـل بلاد الله أرضي إذا انتهي إلي الله فيها الحكم والنهي والأمر
ولو أن ظهر البحر دنيا عقيدتي لأصبحــت الدنيــا لدي هي البحر
وكثيراً ما يظهر دعاة القومية وفاقهم وتمسكهم بالإسلام ويعلنون عدم عدائهم للإسلام كشريعة ومنهج حياة إلا أن وقائع الأحداث خلال القرنين الأخيرين قد أثبت التصادم الاستراتيجي بين الإسلام ودعاة القومية ليس على مستوي الوطن العربي فحسب وإنما على مستوي الدول الإسلامية بشكل عام .. ولقد تبين بشكل واضح وجلي أن الذين يتجهون إلي الدعوة القومية يسقطون الدين تماماً من حساباتهم ويتجهون بهذه الدعوة القومية إلي الاتجاه العلماني الكامل وإن تظاهر الكثير منهم بأنه يصوم ويصلي إلا أنهم وبشكل كامل مؤمنون بفصل الدين عن الدولة وبإبعاد الإسلام عن مظاهر الحكم السياسية وهذه هي الخدعة التي نسجها وحبكها الغرب الصليبي للسيطرة على بلاد المسلمين بشكل عام .. إن تهميش دور الإسلام في البلاد الإسلامية على يد دعاة القومية يعتبر أكبر جريمة في حق البلاد العربية والإسلامية وأكبر خدمة يقدمها دعاة القومية لأعداء الإسلام في الشرق والغرب وخاصة لدول الغرب الصليبي الذين بذلوا جهوداً جبارة وجندوا الملايين من المبشرين في سبيل إبعاد المسلمين عن دينهم وعن عقيدتهم فلم يفلحوا فجاء دعاة القومية ليقدموا هذه الخدمة الرائعة للغرب الصليبي وللاستعمار بكافة أشكاله مجاناَ وعلى طبق من ذهب ثم لم يكتف دعاة القومية بتهميش الدين الإسلامي وإبعاده عن واقع الحياة السياسية والعامة ولكنهم ناصبوا الإسلام العداء وأخذوا يمعنون باستفزاز المسلمين المتمسكين يدينهم بشكل سافر وبقوة السلاح وبضغط من أجهزة الأمن المختلفة .. ولو ألقينا نظرة على كفاح الشعوب لوجدنا أن إرادة الشعوب لم تنتصر إلا إذا تحالفت مع العقيدة وخاصة العقيدة الإسلامية التي تدفع المسلمين إلي التضحية بكل شيء من أجل دحر المحتلين ورد الغاصبين وما ثورة الجزائر أو ثورة عمر المختار في ليبيا أو تضحيات أبناء فلسطين المسلمة إلا نماذج بسيطة للصمود أمام الأعداء في حين انهزمت كل الجيوش النظامية التي تتبني الأفكار القومية أو الأفكار ا لعلمانية ...
أعلن رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق " مولييه " : ( بأن الحركة الإسلامية التي تنتشر وتتسع في أفريقيا هي التي تهدد الإمبراطورية الفرنسية في شمال أفريقيا ) .. كما أعلن " جورج بيدو " وزير الخارجية الفرنسية الأسبق : ( أنه لن يترك الهلال يتغلب على الصليب ) .. ويقول الكاتبان كوليت وفرنسيس جانسون : ( أن الحرب الحاضرة في الجزائر هي حرب مجموع مظلوم يريد أن يتحرر من مجموع ظالم .. إلا أن الإسلام عنصر فعال في وضع الجزائريين وتوجههم إلى طريق التحرر .. لقد أدرك الجزائريون منذ الأيام الأولى للاحتلال أن هدف الفرنسيين هو القضاء على الإسلام من أجل ذلك أدركوا جميعاً أن عليهم أن يعتصموا بالإسلام حتى يحصلوا على التحرر .. والواقع أن الاحتلال الفرنسي للجزائر كان منذ البدء يحمل هذا المعنى من الحروب الصليبية ) .. وشهد شهود من أهل الغرب على أن حروبهم هي امتداد للحروب الصليبية ...
ونخلص هنا إلي أننا لا نرفض الدعوة إلي العروبة شريطة تلاحمها مع الإسلام لأن العروبة والإسلام توأمان لا يمكن فصل أحدهما عن الآخر وإن كان الإسلام أكثر شمولية وعالمية وإنسانية من الدعوات القومية المجردة عن الإسلام التي لم تخل من أغراض تخدم الاستعمار الغربي وتخدم الحضارة الغربية الصليبية علم دعاة القومية ذلك أم جهلوا فهذه هي الحقيقة المرة التي نتجرع مرارتها عقودا طويلة والتي سنورثها للأجيال القادمة في المستقبل القريب .. لقد نشأت الجامعة العربية كما خطط ونظر لها المستعمرون الغربيون كبديل عن الجامعة الإسلامية التي انتشرت فكرتها في الأوساط الإسلامية في تلك الفترة من التاريخ في جميع الدول الإسلامية .. وقام العلمانيون اللادينيون بتنفيذ فكرة الجامعة العربية على أساس فكرة القومية العربية بشكل منفصل تماما عن الإسلام حتى وصل الأمر ببعضهم إلى معاداة الإسلام ومحاربة كل مايمت إلى الإسلام بصلة ونسو في ذلك قول الفاروق عمر بن الخطاب الذي قال : ( نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإذا ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله ) .. وصدقت نبوءة الفاروق عمر رضي الله عنه فعاش المسلمون في ذل وانكسار وضعة عندما تخلوا عن إسلامهم واتبعوا عقائد ومذاهب شتى مختلفة فتارة الإشتراكية وتارة التقدمية وتارة الشيوعية وتارة القومية وكلها أدت إلى طريق واحد حدده الفاروق عمر منذ أربعة عشر قرنا من الزمان طريق الذلة والمهانة .. ولن تستعيد الأمة الإسلامية عزتها وكرامتها إلا بالعودة إلى الإسلام .. لقد اتسمت الحركات القومية كما نظر لها أعداء الإسلام بالتسامح الديني في بداية عهدها والتآلف بين الأديان والمعتقدات ولكن ما لبث الفكر القومي أن تحول إلى فكر علماني لا ديني كافر تبنى محاربة الإسلام والمسلمين وفق مخطط استراتيجي وضعه لهم أعداء الإسلام والمسلمين وهذا ما حدث في تركيا ومصر وسورية والعراق والأردن ولبنان وباكستان وأفغانستان وأندونيسيا وبلاد المغرب العربي حيث بدأت عملية تغييب الفكر الإسلامي والتشريع الإسلامي والفقه الإسلامي عن ساحة الأحداث في جميع البلاد الإسلامية ومن ثم طمس كل المعالم الإسلامية إلا بعض الشعائر والاحتفالات البسيطة المشوهة في كثير من الأحيان وتخلت الأمم الإسلامية عن دينها وعقيدتها بسبب وجود أقليات غير مسلمة على حد زعم القوميين .. ترى هل وجود أفلية مسلمة في دولة غير مسلمة يوجب على هذه الدولة ان تتخلى عن عقيدتها او دينها أو دستورها أو عاداتها وتقاليدها ؟... المهم أن هذه الدعوات القومية بدأت منذ بدأت بتخطيط استعماري لاديني ضال ومنحرف .. وكل الدعوات القومية كانت تسير وفق النهج العلماتي اللاديني حتى وصل الأمر إلى تبني الشعار القومي : ( الدين لله والوطن للجميع ) .. لقد قاد التيار القومي في البلدان الإسلامية الشعوب الإسلامية إلى الانحراف والضلال والابتعاد عن مبادئ الاسلام بشكل كامل ...
جريمة الثورة العربية الكبرى:
وأريد في هذه الفقرة أن أثبت شهادة للتاريخ أن دعوة الشريف حسين إلى الفكرة القومية وقيامه بإشعال الثورة العربية الكبرى ضد الخلافة الإسلامية العثمانية تعتبر أكبر جريمة في حق الإسلام والمسلمين وفي حق الدول العربية في العصر الحديث .. فلقد استطاع دهاقنة الغرب الصليبي أن يضحكوا على الشريف حسين بالقيام بالثورة العربية الكبرى للانفصال عن الخلافة العثمانية بل لتدمير الخلافة العثمانية الإسلامية حيث وعدوه بالامداد بالاموال والأسلحة والعتاد .. ثم وعدوه أخيراً بتنصيبه هو وأولاده ملوكاً على جزيرة العرب وبلاد الشام والعراق حيث سيشكل هو وأولاده امبراطورية عربية تشتمل على الجزيرة العربية كلها والأردن وفلسطين وسورية ولبنان والعراق ... وكان أغلب المشاركين في هذه الثورة العربية الكبرى هم عملاء الغرب الخونة من النصارى ومن الحاقدين على الإسلام والمسلمين والحاقدين على الخلافة العثمانية والذين لعبوا دوراً إجراميا هاماً لصالح الدول الإستعمارية في ذلك الحين ولعل من أغرب ماحصل في تاريخنا الحديث أن يقوم لورنس القائد البريطاني والذي سموه ( لورنس العرب ) بالتخطيط وقيادة الثورة العربية الكبرى ضد الخلافة العثمانية .. وعندما سقطت الخلافة العثمانية زحفت جيوش الصليبيين لنتقاسم تركة الرجل المريض الذي كانت كل جيوش أورربا تخافه حتى في أضعف أيامه .. ومات الشريف حسين ومات أولاده من بعد مخلفين ثروة طائلة من المعاهدات والاتفاقيات والوعود التي قطعها الغرب الصليبي له مثل اتفاقية ( سايكس بيكو ) .. واتفاقية ( حسين مكماهون ) .. واتفاقية ( فيصل كليمنصو ) وغيرها من الاتفاقيات والوعود السرية وكلها صكوك خيانة لله ولرسوله وللمؤمنين ولأوطان المسلمين ثم ما لبثت هذه الوثائق والمعاهدات أن اختفت من الوجود لأنها صكوك خيانة لله ولرسوله وللمؤمنين .. وأصبحت معظم بنود هذه الاتفاقيات بنودا سرية رغم تعاقب الأيام والأعوام عليها ...
القومية التركية الطورانية ومؤامرة إسقاط الخلافة الإسلامية :
أبدأ حديثي عن الدعوة القومية التركية بقول المؤرخ الصليبي المتعصب الحاقد على الإسلام " تويني " في محاضرة له بعنوان " الإسلام والغرب والمستقبل " بعد أن مدح حركة كمال أتاتورك العلمانية حيث يقول : ( يجب على المراقب الغربي أن يراعي حدود اللباقة لأن مايحاول الأتراك العلمانيون القيام به هو تغيير وطنهم ومواطنيهم مما هم فيه إلى حالة كنا ننتقدهم لعدم وجودها عندهم وهاهم يحاولون إقامة صورة طبق الأصل لدولة غربية وشعب غربي .. وعندما ندرك تماما هدفهم الذي يهدفون إليه لا نستطيع إلا أن نتساءل بحيرة هل يبرر هذا الهدف الجهد الذي بذلوه في صراعهم لبلوغه .. من المؤكد أننا لم نكن نحب التركي المسلم الذي كان يثير حنفنا عندما ينظر إلينا من عل على أننا فريسيون زناديق ويحمد الله على أنه لم يجعله مثلنا .. إن التركي التقليدي القديم كان يعتبر نفسه من طينة خاصة .. ولقد حاولنا أن نحطم كبرياءه إلى أن استطعنا أخيرا أن نحطم سلاحه النفسي وحرضناه على القيام بهذه الثورة التي ستهلكه أمام أعيننا .. والآن بعد أن تغير التركي بتحريضنا ورقابتنا وبعد أن أصبح يفتش عن أية وسيلة ليجعل نفسه مماثلا لنا وللشعوب الغربية من حوله .. الآن نحس نحن بالضيق والحرج بل بالسخط والحنق .. لذلك فإن شكوانا الجديدة من الأتراك أقل مايقال فيها أنها غير لائقة وبإمكان التركي أن يجيبنا أنه مهما فعل من أجلنا فهو مخطئ في نظرنا .. على كل حال قد يكون انتقادنا للأتراك فظا وغير لائق ولكن ليس فيه أي تحامل ولا هو خارج عن الموضوع إذ مالذي سيكسبه التراث الحضاري في حالة نجاح الأتراك في إعادة بناء مجدهم وتاريخهم ) ...
إن تحطم آخر خلافة إسلامية والمتمثلة في الخلافة العثمانية يعتبر أكبر جريمة ضد الإسلام والمسلمين في العصر الحديث فلقد قام القوميون العرب وعلى رأسهم الشريف حسين والقوميون الأتراك وعلى رأسهم مصطفى كمال أتاتورك بأكبر جريمة في تاريخ المسلمين الحديث حيث تآمروا مع المستعمرين الصليبيين لضرب الخلافة الإسلامية يعاونهم في ذلك ثلة من المتآمرين والعملاء للغرب .. إن هذه الخلافة العثمانية الإسلامية رغم ضعفها كانت تقف سداً منيعاً في وجه الزحف الصليبي أو الزحف الصهيوني .. أنا لا أقول إن الخلافة الإسلامية العثمانية في أواخر عهدها كانت خلافة إسلامية نقية صافية راشدة وإنما أريد أن أركز على أن هذه الخلافة الهزيلة الضعيفة كانت الشبح المخيف لأعداء الإسلام من الصليبيين والصهيونيين فلم تتجرأ أية دولة غربية على غزو أي بلد من بلاد المسلمين إلا بعد سقوط الخلافة العثمانية .. وبعد سقوط الخلافة الإسلامية العثمانية حدثت الكارثة وبدأ أعداء الإسلام يتسابقون إلى بلاد الإسلام كما تتسابق الأكلة إلى قصعتها .. تهاوت كل الدول العربية والإسلامية وقدم الصليبيون بقضهم وقضيضهم بحقدهم وإجرامهم حتى أن الجنرال " غورو " قائد الحملة الصليبية الفرنسية على سوريا ذهب أول دخوله دمشق إلى قبر صلاح الدين الأيوبي ليركله برجله ويقول بلهجة متعجرفة متكبرة : ( ها قد عدنا يا صلاح الدين ) ...
هذا على صعيد الدول العربية أما على صعيد تركيا فقد كانت مؤامرة القوميين الأتراك أدهى وأمر .. وكان على رأس القوميين الأتراك " مصطفى كمال أتاتورك " الذي يرجع أصله إلى يهود الدونمة في سالونيك .. لقد كانت مؤامرة القوميين الأتراك مؤامرة لاجتثاث الإسلام بشكل كامل من الوجود التركي .. أتاتورك الذي قاد الأمة التركية بعيداً عن الإسلام بعيداً عن اللغة العربية لغة القرآن وأخذ يمحو كل شيء يمت بصلة إلى الحضارة العربية أو الحضارة الإسلامية بل كل شيء يمت إلى الإسلام والقرآن والعروبة بصلة .. فألغى اللغة العربية والأحرف العربية التي كانت متداولة في ذلك الزمان ومنع القراءة والكتابة بالعربية حتى وصل به المقام إلى منع الأذان باللغة العربية ولا عجب في ذلك ما دام " كمال أتاتورك " يعود أصله إلى يهود الدونمة المتواجدين في منطقة سالونيك في اليونان .. وبذلك اجتمع الحقد الصليبي مع الحقد الصهيوني لتدمير الخلافة الإسلامية العثمانية .. إن المخطط القومي التركي سار وفق المبدأ العلماني اللاديني الإلحادي ليقود الأمة التركية إلى تدمير كل ماله صلة بالعروبة والإسلام وذلك بتخطيط وتدبير من قوى الشرالصهيوني والصليبي آنذاك وهذا ماقام به الهالك " مصطفى كمال أتاتورك " الذي لم يكتف بالنهج العلماني اللاديني وإنما تعداه إلى مبدأ المعاداة الشرسة لكل مايمت إلى الإسلام بصلة فحارب الشعائر والرموز الإسلامية وقتل الدعاة المسلمين والمشايخ والعلماء والأئمة والخطباء وأجبرهم على الخطابة والوعظ باللغة التركية وأجبر المؤذنين على الأذان باللغة التركية فترة من الزمان إلا أنه تراجع عن ذلك وأجبر الناس على على اللباس الأوربي للرجال والنساء وأقدم على منع الحجاب الإسلامي بقوة القانون وأقدم على إحراق ملايين الكتب الإسلامية المكتوبة باللغة العربية ثم إنه ألغى الكتابة بالأحرف العربية واستخدم الأحرف اللاتينية إمعانا منه بالتغريب والتخريب وبذلك كانت دعوة القوميين الأتراك كارثة ووبالا على الإسلام والمسلمين في تركيا المسلمة في دار الخلافة الإسلامية التي وقفت سدا منيعا ضد كل الأطماع الصهيونية والصليبية .. ولم تتخلص تركيا المسلمة من هذا الحكم العلماني العسكري المتسلط المستبد إلا في فترات بسيطة لا يلبث أن يعود جيش أتاتورك للتسلط على رقاب الناس واستلام السلطة من جديد عند ملاحظة أي انحراف عن المبادئ العلمانية الكافرة التي وضعها أعداء الإسلام ونفذها أتاتورك وزمرته الفاسدة المجرمة .. لقد خسرت تركيا وخسر العالم الإسلامي مئات الألوف من الكتب والمخطوطات الإسلامية التي كانت مشعلا حضاريا وضاء للأمة التركية وللخلافة الإسلامية العثمانية ثم خسرت تركيا بعد ذلك العقيدة الإسلامية والتشريع الإسلامي الذي يعد من أهم عناصر القوة للأمة التركية والذي كان الأساس لبناء الحضارة العثمانية التي كانت أقوى حضارة في ذلك التاريخ واستبدلته بتشريعات من صنع أعداء الإسلام لاتمت إلى الأمة الإسلامية بأية صلة .. وعندما تخلت تركيا المسلمة عن دينها وعقيدتها انكمشت وتقوقعت ضمن حدودها الإقليمية الضيقة وعاشت في ذل وضعة وتزلف للغرب الصليبي الذي لا يكن لها إلا الحقد والكراهية فعاشت حياتها كالأيتام على موائد اللئام بعد العزة والمنعة والإمبراطورية القوية الواسعة .. لقد كانت الحركات القومية في البلاد الإسلامية ولا تزال صنيعة الإستعمار تسعى إلى إضعاف الشعور الديني الإسلامي وإلى إضعاف الترابط والتلاحم الإسلامي بين شعوب الدول الإسلامية أو بين الحكومات الإسلامية نفسها حيث رأينا في حرب قبرص كيف كانت بعض الحكومات العربية تؤيد دولة اليونان الصليبية على القبارصة الأتراك المسلمين المضطهدين المسحوقين من قبل الرئيس القسيس مكاريوس ورأينا كيف رفضت كل الدول الإسلامية الاعتراف بدولة شمال قبرص التركية المسلمة .. أما تيمور الشرقية التي سلخت من الوطن الأم أندونيسيا فهذه قصة أخرى يطول شرحها حيث اعترفت بها فورا غالبية دول العالم بما في ذلك العديد من الدول العربية والإسلامية .. إن الاتحاد الأوربي الذي لملم شذاذ الآفاق من أشباه الدول ومن مخلفات الاتحاد السوفياتي مثل ليتوانيا ولاتفيا وبيلاروسيا وأستونيا وملديفيا وجيورجا وقيرص اليونانية وغيرها من أشباه الدول التي لا تكاد تظهر على خارطة العالم لصغرها يرفض وبشدة دخول تركيا المسلمة التي تعتبر من أقوى دول المنطقة لا لشيء إلا لأنها دولة مسلمة .. وكذلك يرفض قبول دولة البوسنة والهرسك بعد أن دمرتها ومزقتها الحروب الصليبية المجرمة لالشيء إلا لأنها دولة غالبيتها مسلمة حتى وصل الأمر إلى تصريح للرئيس الفرنسي الأسبق ( فرانسوا ميتيران ) يقول فيه وبكل وقاحة : ( إن أوربا المسيحية لن تسمح بقيام دولة مسلمة في قلبها ) , إذن يجب أن ندرس التاريخ دراسة دقيقة لنعرف أعداءنا وبشكل واضح وصريح ونعاملهم وفقا لما تعلمناه من التاريخ .. وعليه فإن كل الأنظمة التي نشأت على الأسس القومية كانت مجرمة بحق شعوبها ظالمة لأبنائها خاصة في الدول العربية والإسلامية ذلك لأنها أنظمة ودعوات قامت لخدمة الغرب الصليبي الذي كان ولايزال يخطط لضرب الإسلام والمسلمين بمثل هذه الدعوات العلمانية المعادية للدين الإسلامي العظيم والتيقامت بتمزيق بلاد المسلمين إلى دويلات متحاربة متناحرة وفق ما يخطط لها أعداء الإسلام في الشرق والغرب .. ولا أريد أن أطيل البحث في الدعوات القومية على مستوى العالم الإسلامي كله لأن الأمر سيطول والدعوات القومية كلها كانت ولا تزال صنيعة الاستعمار الغربي الحاقد على الإسلام والمسلمين ولكنني أكتفي هنا بهذين المثالين السابقين عن الدعوات القومية في البلاد الإسلامية التي أذاقت البلاد الإسلامية والشعوب الإسلامية الذل والهوان والظلم والفساد ...
وقبل أن أختم هذه الفكرة عن الدعوات القومية أريد أن أقرر هنا أن هذه الدعوات باعتبارها دعوات انفصالية عرقية تفرق الأمم والشعوب إلى كيانات ضعيفة هزيلة .. وكذلك لافتقارها لمنهج عالمي إنساني متكامل يرسي مبادئ العدل والمساواة في ربوع العالم أجمع .. فإن هذه الدعوات اللهزيلة لايمكنها بحال من الأحوال أن تقيم حضارة عالمية إنسانية .. عالمية تشمل دول العالم أجمع وتحكمها بالعد والمساواة .. وإنسانية تشمل كل إنسان في هذا الوجود وتعطيه حقوقه الإنسانية كاملة مقابل واجباته الإنسانية كاملة وتساوي بين الناس كل الناس في هذا الوجود لافضل لعربي على أعجمي ولا لأمريكي على صومالي ولا لأبيض على أسود كل الناس سواسية كأسنان المشط .. إن الدعوات القومية هي دعوات عاجزة قاصرة لا يمكنها إنشاء حضارة عالمية إنسانية بحال من الأحوال ..
الدعوات العنصرية :
** عنصرية الرجل الأبيض .
** الدعوة النازية .
** العنصرية الأوربية ( مثال جنوب أفريقيا )
** الدعوة العنصرية الإسرائيلية ..
** الدعوات العنصرية الصليبية .
الدعوات العنصرية :
النظرية العنصرية : وهي النظرية التي تقيم الحضارة على أساس عرقي أو عنصري وهو تمييز عرق معين أو شعب معين على سائر شعوب العالم من وجهة نظرعنصرية مقيتة .. ومن دراستنا للتاريخ نجد أن كل الدعوات العنصرية قد فشات فشلا ذريعا .. فلقد انهارت النظرية العنصرية الألمانية التي تعتبر العرق الجرماني هو أفضل والشعوب والذي يجب أن يكون هو السيد وهو المتحكم بمصائر شعوب العالم بينما بقية الناس عبيدا أو سخرة لهذا العرق .. لقد سقطت هذه النظرية العنصرية النازية لأنها تتصادم وبشكل كبير مع الفطرة البشرية وتتصادم مع الحس والمنطق السليم وتتصادم مع أدنى المفاهيم الحضارية .. وبالفعل سقطت نظرية هتلر العنصرية وسقطت معها الامبراطورية الألمانية لترزح ألمانيا تحت قوانين الاستسلام مئات السنين ...
وقامت دولة عنصرية أخرى في جنوب إفريقيا على أساس سيادة الرجل الأوروبي أو الرجل الأبيض بشكل عام وجعل العرق الأسود عبيداً وخدماً للأسياد البيض حيث يسامون أصناف العذاب والقتل والتشريد ولكن هذه الدولة العنصرية أيضاً سقطت تحت ضربات الواقع وانهارت دولة الرجل الأبيض والتي كان آخر زعمائها ( إيان سميث ) وعاد الحق إلى أصحابه الشرعيين السود في جنوب إفريقيا .. ونقل زعيم العنصرية ليلقى جزاءه المحتوم أمام المحاكم الدولية ...
وقامت دولة عنصرية أخرى في فلسطين على أساس سيادة اليهود من العرق السامي واعتبار غير اليهود عبيداً وخدماً للعنصر اليهودي السيد وجرت حروب طاحنة لإقرار هذا الوضع الشاذ والخاطئ بقوة السلاح ولكن النتيجة أن النظرية العنصرية الصهيونية ستفشل لا محالة كما فشلت كل الأنظمة العنصرية الأخرى وستنهار كما انهارت قبلها كل الأنظمة العنصرية مثل نظام هتلر النازي ونظام سميث العنصري وغيره من الأنظمة العنصرية .. أما في القارة الأمريكية فقد كانت عنصرية الرجل الأبيض الأوربي على اختلاف أعراقه عنصرية إجرام وإبادة للسكان الأصليين فقد قام الأوربيون بإبادة مئة وثلاثة عشر مليونا من الهنود الحمر في حرب إبادة مجرمة لم يشهد التاريخ لها مثيلا وحرب الإبادة هذه لا تزال مستمرة حتى يومنا هذا ...
** يقول " وورد تشرشل " أحد زعماء الحركة الهندية المعاصرة : ( إن الولايات المتحدة الأمريكية تتزعم اليوم أكثر أنظمة الاستعمار تطورا وإحكاما وإجراما على وجه الأرض وإن الولايات الاستيطانية في كل أنحاء أمريكا لا تزال إلى الآن تنتهج سياسات إبادة للشعوب الأصلية ) ..
** يقول " جيمس بولدون " أحد نواب الكونغرس الأمريكي عام 1839 م : ( قدر الهندي الذي يواجه الإنكلوسكسوني مثل قدر الكنعاني الذي يواجه الإسرائيلي .. إنه الموت ) .. منطق إجرامي عجيب ..!!!
** في خطاب للرئيس الأمريكي " بيل كلينتون " والذي يعتبر من الرؤساء الأمريكين المعتدلين أمام رجال الأعمال والسياسة والفكر يقول فيه : ( الشعب الأمريكي شعب الله المختار وأنا سأحاول أن أكون سليمان الملك وإني لأشكر كل الأمريكيين على نصائحهم وإرشاداتهم التوراتية للتعامل مع العراق ورسائلهم المشجعة على قصفه ) .. وهكذا نجد أن هذه العقلية العنصرية الإجرامية البغيضة تجسدت في كل المسؤولين والرؤساء الذين تعاقبوا على الولايات المتحدة بل على دول الغرب جميعها .. من جورج واشنطن إلى أبراهام لينكولن إلى جونسون إلى نيكسون إلى ريغان إلى كلينتون إلى بوش الجد وبوش الأب وبوش الإبن في حلقة عنصرية إجرامية ظنوا أنفسهم فعلا أنهم شعب الله المختار وأن بقية البشر ماهم إلا عبيد وحيوانات خلقها الله لخدمتهم أو أنهم وحوش ضارية يجب استئصالهم وإبادتهم لصالح العرق الإنكلوسكسوني الأبيض ...
** يقول السيناتور الأمريكي بول جونسون : ( لقد ظلت أمريكا دائما تعد العدة لتلك المدينة الجبلية أورشليم الجديدة التي ستبنى على أنقاض مدينة القدس ) ...
** يقول السيناتور الأمريكي جورج هاور : ( منذ الأيام الأولى في مستعمرة ويشاغوستا وحرب هنود البيكو كان التعامل مع الأعراق الدنيا ـ يقصد الهنود الحمر ـ بالسكين والبندقية هو الأجدى .. نعم كانت عملية إبادة ولكنها كانت أيضا خلاصا لعرقنا الإنكلوسكسون وطهورا لصفائه .. لقد حفظت حرب الإبادة هذه الإنكلوسكسون من التهجين فلماذا لا تستمر عملية الإبادة هذه أثناء التوسع خارج القارة إذن ؟!!! ) .. منطق إجرامي عنصري عجيب ..!!!!
** وتفيد التقارير والوثائق الأمريكية التاريخية .. أن الحكومة الأمريكية قد وقعت 371 معاهدة مع الشعوب الهندية السكان الأصليين لأمريكا ولكن الحكومة الأمريكية خرقتها كلها ولم تحترم أية معاهدة من المعاهدات وكانت النتيجة إبادة الهنود الحمر بشكل كامل ولكن بالتقسيط .. فلماذا يتهافت المهزومون روحيا على توقيع المعاهدات مع دول الحضارة الغربية التي لا تحترم العهود والمواثيق ...
إن الإسلام ومنذ اللحظة الأولى قضى على كل نعرة جنسية أو عنصرية أو قبلية حيث رد البشر كل البشر إلى أصل واحد وأم واحدة وأب واحد لا فرق بين أبيض وأسود ولا فرق بين غني وفقير ولا فرق بين عربي وعجمي واعتبر كل هذه الفروقات إنما هي نعرات عصبية جاهلية لا أصل لها ولا وزن لها في ميزان الشرع الإسلامي لأن الإسلام وضع ميزانا واحدا لتقدير الفضلية بين شخص وآخر ألا وهو ميزان التقوى والعمل الصالح .. يقول ربنا جل شأنه في ذلك : ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) .. ويقول ربنا جل شأنه أيضا : ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجال كثيرا ونساءً ) .. ويقول الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم : ( الناس سواسية كأسنان المشط لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى ) .. وهكذا نجد أن الإسلام قد ألغى وبشكل كامل فكرة التمييز العنصري وفتح أبوابه للبشرية جمعاء على قاعدة أساسية هي قاعدة وحدة الأصل وعلى أساس سامي هو تقوى الله .. وقد عانت شعوب العالم أجمع بعيداً عن الإسلام الويلات تلو الويلات من مثل هذه الدعوات العنصرية والتمييز العنصري منذ قدم التاريخ فنجد مظاهر استعباد الإنسان لأخيه الإنسان منذ أقدم العصور نجدها في الحضارة الفرعونية ونجدها في الدولة اليونانية البيزنطية ونجدها في الدولة الرومانية ونجدها أيضا في العصر الحديث في الدعوات النازية والدعوات الفاشية ونجدها في الحركات الصهيونية وفي التمييز العنصري في جنوب أفريقيا وفي التمييز العنصري ضد الهنود الحمر في أمريكا وغير ذلك كثير مما راح ضحيته عشرات الملاين بل مئات الملايين من أبناء البشر إضافة إلى الذل والهوان والاستعباد الذي عانى منه مئات الملاين من البشر عبر عصور التاريخ المختلفة .. الإسلام رفع من قيمة الإنسان وقضى على الاستعباد والرق حتى أنه رفع من قيمة الصحابي الجليل بلال الحبشي رضي الله عنه وهو عبد أسود وجعله مؤذن الإسلام وأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصعد ظهر الكعبة المقدسة أقدس بقعة على ظهر الأرض لينادي : ( الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله ) .. وقبل الإسلام ما كان لأحد أشراف العرب وما كان لعبد رقيق مثل بلال أو غيره أن يطأ بقدميه ظهر الكعبة المشرفة ولكن الإسلام إمعانا في القضاء على أي أثر أو فكرة للعبودية في نفس المسلمين أمر بلالا العبد الحبشي أن يصعد ظهر الكعبة المشرفة يؤذن للصلاة وكان الصحابي الجليل بلال الحبشي رضي الله عنه أول مؤذن في الإسلام وكان أيضا مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم وقد كان قبل الإسلام عبدا رقيقا حبشيا أسودا ليس له في المجتمع الجاهلي أية قيمة أو شأن ... الإسلام إذن أول دعوة عالمية إنسانية في التاريخ ناهضت الرق وناهضت التمييز العنصري وأول دعوة في التاريخ أقرت بوحدة الأصل للإنسان كل إنسان في هذا الوجود .. وأول دعوة في التاريخ أقرت بوحدة النسب للبشرية جمعاء .. وأول دعوة في التاريخ ساوت بين بني البشر بشكل كامل وأول دعوة في التاريخ قضت على كل العصبيات والمفاهيم الجاهلية الخاطئة الظالمة ووضعت ميزانا واحدا دقيقا وعادلا هو ميزان التقوى ....
وأريد هنا أن أنوه أن النهج العنصي الذي قامت به الولايات المتحدة الأمريكية بعد القضاء على السكان الأصليين وإبادتهم ومن ثم حاجتها إلى أناس للعمل والكد في هذه القارة الشاسعة فقامت بأبشع جريمة عنصرية أخرى في التاريخ الحديث عندما قامت بنقل قوافل العبيد التي يزيد عددها على عشرات الملايين من السواحل الأفريقية بقوة الحديد والنار ضمن بواخر ضخمة لتقلهم وهم مصفدين بالأغلال إلى الولايات المتحدة الأمريكية ليعملوا في المصانع والمزارع مقابل أكلهم ومعيشتهم .. إن هذا التمييز العنصري البشع ظل وحتى عهد قريب ولا تزال آثاره باقية في النفوس حتى يومنا هذا .. لقد كان التمييز العنصري الأمريكي من أبشع أصناف التمييز العنصري الذي شهدته الإنسانية على الإطلاق حيث كان الأمريكان يقتلون كل من تسول له نفسه عصيان أوامر الأسياد .. ولا أزال أذكر ومنذ عهد قريب كيف كانت المطاعم والمدارس والمتاجر تضع على بابها لافتة كتب عليها ( ممنوع دخول الكلاب والسود ) ..!!! فهل بعد هذه التصرفات
لشنيعة الفاسدة مجال للكلام ..!!!..
الدعوة النازية العنصرية :
كيف بدأت الفكرة النازية ؟.. وكيف وصلت إلى قمة مجدها ؟.. ثم بعد ذلك كيف انهارت ؟.. ولماذا انهارت هذه القوة التي كانت تعتبر أكبر قوة مادية عسكرية ضاربة على وجه الأرض في ذلك الزمان ؟..
بعد أن سيطرت الفكرة الرأسمالية على الحضارة الغربية وأخذت رؤوس الأموال تتجمع بأيد قليلة ويستفحل أمرها .. بينما بقية الشعوب المسحوقة التي تكد وتتعب وتشقى من أجل إرضاء رب العمل الذي استحوذ على كل شيء في النظم الرأسماية التي فرضت على العامل أن يكد ويشقى مع كل أفراد عائلته ليحصلوا على كفايتهم من ضرورات الحياة بينما الطبقة الأخرى تسرح وتمرح في ثروات طائلة لا يمكن حصرها .. ونتيجة لهذا الظلم الاجنماعي الذي مارسته طبقة رأس المال جاءت فكرة النازية والتي تدعوا إلى اشتراكية من نوع خاص وإلى تنظيم جماعي حر لجميع أفراد الشعب بحيث يمتلك الشعب كل الموارد وكل الأرباح وكل الفعاليات في المجتمع وكان أول من أطلق فكرة التنظيم الجماعي النازي الزعيم الألماني النازي " أدولف هتلر " والذي كان يعرف بالرجل الفولاذي أما ألمانيا النازية في عهده فكانت تسمى القوة التي لاتقهر .. بدأ هتلر بتطبيق خطته النازية وفكرة التنظيم الجماعي للدولة الألمانية حيث تستفيد الدولة من كل الطاقات الفردية ويستفيد الأفراد من كل الطاقات والثروات المتوفرة في المجتمع الألماني .. وبالفعل أعطت الفكرة النازية في بداية عهدها زخما قويا هائلا للصناعة الألمانية وخاصة الصناعات الحربية والدراسات والبحوث المتعلقة بالأسلحة الاستراتيجية فكانت صناعة الطائرات والغواصات والمراكب البرية والبحرية والدروع والمدافع وكل ما يخص العتاد الحربي فكانت أول دولة في العالم في هذا المجال .. لقد تقدمت ألمانيا تقدما باهرا حتى أصبحت أو تكاد القوة العالمية التي لا تقهر حسب تصور النازيين .. والجدير بالذكر أن العلماء الألمان هم أول من بحث في موضوع الطاقة النووية والقنابل النووية وفقا لنظرية العالم الألماني " إينشتاين " في التحول بين الكتلة والطاقة .. ولقد توصلوا إلى نتائج باهرة في موضوع القنابل النووية والهيدروجينية وقد استطاعوا تقدير القوة التدميرية الهائلة لهذه القنابلولكنهم لم يستطيعوا القيام بتجربة مثل هذه القنابل في مثل تلك الظروف .. لقد بدأ أدولف هتلر نظريته النازية على أساس وطني يسعى للنهوض بألمانيا بشكل قوي هائل ملفت للنظر وبالفعل فقد قدم هتلر لألمانيا الشيء الكثير في سبيل تقدمها علميا واقتصاديا وثقافيا وسياسيا إضافة إلى الأسس النظرية للفكرة النازية وهذا ما نلاحظه في كتابه " كفاحي " الذي يظهر فكرته النازية بشكل واضح وجلي وعنيف بنفس الوقت .. وبالفعل تطورت ألمانيا في عهد هتلر تطورا هائلا حتى وصلت إلى أوج قوتها ومجدها وامتلكت أعتى أنواع الأسلحة في ذلك الزمان .. وعند هذه النقطة بالذات ظهرت الفكرة العنصرية البغيضة فكرة استعلاء العرق الجرماني على كافة الشعوب في العالم تدعمها القوة الحربية الهائلة ثم تطورت هذه النزعة العنصرية كغيرها من النزعات العنصرية إلى نزعة استعلاء العرق الجرماني .. ثم بعد ذلك إلى نزعة عدوانية ضد كل ماهو غير ألماني .. وهذه الفكرة كانت مكمن الخطر والخطأ القاتل للنازية الألمانية ..
بدأت حملات التوسع الألماني بقوة السلاح لضم الدول المجاورة التي وقفت في وجه الزحف الألماني الغاشم ولكن هذه الدول لم تصمد كثيرا أمام القوة الهائلة للنازيين مما زاد في عنصرية النازيين وجشعهم وحبهم لاستعباد الشعوب الأخرى .. واستمرت الزحوف النازية في هجماتها المسعورة ضد شعوب العالم المجاورين لها حتى اكتسحت معظم الدول الأوربية .. ويمكننا هنا وبشكل سريع أن نقرر أن الفكرة النازية سقطت عندما تحولت إلى فكرة عنصرية عدوانية حيث تألبت عليها غالبية دول العالم لتحطيمها ومن ثم تمزيق الوطن الألماني قرونا من الزمان وهي لاتزال ترسف تحت شروط الاستسلام حتى يومنا هذا .. وهذا هو مصير كل الحركات والدعوات العنصرية العدوانية البغيضة الخراب والدمار والذل والانكسار ولو بعد حين .. لقد كانت فكرة التنظيم النازي الجماعي فكرة نظرية تصطدم مع الواقع البشري والواقع العملي وتصطدم مع الفطرة البشرية اصداما مباشرا وزاد في تصادمها مع الفطرة البشرية عندما تحولت إلى فكرة عنصرية عدوانية .. لذلك سقطت الفكرة النازية في عقر دارها وبسقوطها خلفت جروحا عميقة في الجسم الألماني أولا وفي البلاد المجاورة لألمانيا ثانيا وفي جسم العالم بأسره ثالثا هذه الآثار المدمرة لا تزال آثارها شاخصة للعيان في كثير من بقاع العالم .. لقد فشلت العنصرية النازية بسرعة فائقة لأنها تفتقر إلى المبادئ والقيم الإنسانية والأخلاقية ..
امتدت الحرب العالمية الثانية لتشمل غالبية دول العالم بشكل مباشر أو غير مباشر وقتل فيها أربعون مليونا من الشباب في ميادين القتال وأكثر من عشرين مليونا من البشر عن طريق الفقر والمرض والحاجة وندرة الحاجات الضرورية نتيجة هذه الحرب القذرة وأكثر من ثلاثين مليونا بين قتيل وجريح ومشوه ومعتوه جراء القنبلتين النوويتين التي ألقتهما الولايات المتحدة الأمريكية على هيروشيما وناغازاكي .. ورغم كل مايقال عن أدولف هتلر النازي الألماني من ظلم وإجرام فإنه لم يبدأ الحرب من تلقاء نفسه وإنما استجره إليها الحلفاء الغربيون أصحاب المبادئ القومية والديمقراطية في أوربا وأمريكا ضمن حرب إعلامية شعواء شنتها الصحافة الغربية على ألمانيا وحكومتها النازية خاصة وأن اليهود كانوا آنذاك يسيطرون على الصحافة وأجهزة الإعلام حيث أخذت هذه الصحافة تتكلم عن هتلر واستعداداته الحربية وخطره الماحق على الدول الغربية أولا وعلى العالم ثانيا وعلى المبادئ الديمقراطية الحديثة ثالثا وأخذوا بإثارة الأزمات وتضخيمها وخاصة أزمة ( دانزج ) التي اعتبرت الشرارة الأولى لاندلاع الحرب العالمية الثانية .. لقد عمدت الصحف الغربية على نقد النازية ووصفتها بالديكتاتورية وأعداء الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وإن على الديمقراطيات أن تتحد للتصدي للنازيين والدكتاتوريين والفاشيين وأن تؤدب الطاغية النازي الذي يهدد العالم بشر مستطير تماما كما حدث مع الرئيس العراقي الراحل صدام حسين حين احتل الكويت .. ونحن هنا لاندافع عن الزعيم النازي هتلر لأن المسلمين قد عانوا من ظلمه وديكتاتوريته أكثر مما عانى اليهود وأحرقوا في المحارق تماما كما أحرق اليهود .. ولا أريد أيضا أن أدافع عن صدام حسين لأن كثبرا من أبناء الشعب العراقي قد لاقى الويلات إبان حكمه .. و لكن أريد أن أقرر هنا أن أن أصحاب الديمقراطيات الغربية وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية هم الذين استجروا هتلر إلى الحرب وهم الذين ورطوا واستجروا صدام حسين إلى احتلال الكويت ومن ثم إلى حرب طاحنة لأهداف ومآرب غير معلنة حتى أن أحد المسؤولين الغربيين قال : ( حتى لو خرج صدام من الكويت فسنقوم باحتلال العراق ) .. ذلك لأنهم وعلى مدار التاريخ هم صناع الحروب .. ولقد كان بإمكانهم استئناس هذا الديكتاتور والتفاوض معه إلى اتفاقيات ومعاهدات وحلول ترضي الأطراف القوية في اللعبة الدولية على أقل تقدير .. بعيدا عن شبح الحرب المدمرة الطاحنة التي قضت على كل شيء في الدول المتحاربة أو المجاورة لها .. وأريد هنا أن ألقي الضوء على العقلية النازية العنصرية كي يستبين الأمر للقارئ الكريم فأنقل هنا قول أدولف هتلر في كتابه كفاحي حيث يقول : ( إن كل عمل الطبيعة هو صراع عنيف بين القوة والضعف وانتصار أبدي للقوي على الضعيف .. إن القوة هي القانون الأساسي في الطبيعة فالقوي في شرع الله وشرع الطبيعة هو الذي يملك الحق في أن يفعل ما يشاء .. إن ظاهرة الصراع قديمة قدم الحياة نفسها فالحياة لم تستمر إلا لأن بعض الأحياء الضعيفة الأخرى قد اختفت .. والإنسان نفسه لم يستمر في الحياة ولم يتحكم بالحيوانات عبر المبادئ والقيم الإنسانية وإنما عبر صراع قاس مميت ومن خلال هذا الصراع فإن هذا المخلوق يشرب دم ذلك المخلوق وفي موت هذا حياة لذاك .. فلا تشفق على أحد ) .. هذه هي العقيدة النازية الإجرامية والتي هي نفسها عقلية الغرب بشكل عام لافرق بين هتلر ولينين وموسوليني وبوش وستالين وميلوزوفيتش وماوتسيتونغ كلهم مجرمون في حق شعوبهم أولا وفي حق الإنسانية جمعاء ثانيا .. إن الحقيقة المرة التي ألمحها من خلال دراستي للتاريخ أن المصالح الأمريكية بشكل خاص كانت وراء هذه الحرب الطاحنة التي دمرت كل الإمبراطوريات وكل مراكز القوى في العالم لتبقى الولايات المتحدة وحدها القوة العظمى التي لامثيل لها في العالم .. ولتصبح أمريكا فيما بعد الإمبراطورية الوحيدة التي تتزعم العالم .. وهذا ما كنت أستشفه من مطالعة مذكرات الزعيم البريطاني وينستون تشرشل االذي استنجد بحليفته أمريكا للدخول في الحرب ولكن أمريكا تباطأت وتأخرت عن الدخول في الحرب حتى استنزفت كل القوى الداخلة في الحرب منذ بداية الحرب ولكن أمريكا ظلت تماطل وتداور ولم تدخل الحرب العالمية بشكل فعلي إلا في نهاية الأحداث الدامية المروعة .. لقد دخلت أمريكا الحرب لتجمع غنائم الحرب وإن لم تكن قد شاركت فعلا بهذه االحرب .. ولقد كان من نتيجة هذه الحرب أن خسرت بريطانيا معظم مستعمراتها وعادت دولة عادية من الدول بعد أن كانت الإمبراطورية التي لاتغيب عنها الشمس .. إن من يقرأ مذكرات وينستون تشرشل لابد وأن يلحظ المرارة والأسى لما فعلته حليفتها الأولى في الحرب الولايات المتحدة الأمريكية التي لم تدخل الحرب إلا بعد أن أنهكت كل الجيوش المحاربة سواء جيوش المحور النازي أو جيوش الحلفاء فقد دخلت الحرب لا لنجدة حلفائها ولكن لتحصل على حصة الأسد من غنائم الحرب العالمية الثانية .. وهكذا تكون الصداقة دائما مع الولايات المتحدة الأمريكية ...
الدعوة العنصرية الصهيونية الإسرائيلية :
وهنا أريد أن أفرق بين اليهودية كدين سماوي نحترمه ونحترم أنبياءه ورسله والكتب السماوية المقدسة التي أنزلها الله على الأنبياء والرسل من بني إسرائيل قبل أن تطالها يد التحريف والتبديل والتشويه وذلك تنفيذا لأمر الله تبارك وتعالى حيث يقول : ( قولوا آمنا بالله وملائكته وكتبه ورسله لانفرق بين أحد من رسله ونحن له مؤمنون ) .. واستنادا إلى هذا الأمر الإلهي فإننا نؤمن بأنبياء الله موسى وهارون وسليمان وداود واسحق ويعقوب وزكريا وبحيى وعيسى ويونس وكل الأنبياء والمرسلين .. ولكننا نكفر بالعنصرية التي ابتدعها الإسرائيليون ليعتبروا أنفسهم فوق بني البشر وأنهم شعب الله المختار وأن الأمميين من غير اليهود هم بهائم وحمير خلقها الله ليركبها ويستعبدها شعب الله المختار من الإسرائيليين وهنا أريد أن أبين الأسس العنصرية للحركة الصهيونية الإسرائيلية التي تجاوزت كل حدود المنطق والعقل .. تعتمد الحركة الصهيونية اليهودية على المبادئ العنصرية التوراتية والتلمودية المحرفة التي تفيد بأن اليهود بني إسرائيل هم شعب الله المختار وأن جميع البشر عبيد وخدم سخرهم الله لخدمة بني إسرائيل وزيادة في العنصرية فإن التلمود يؤكد على أن جميع البشر هم حمير خلقهم الله على هيئة البشر ليركبهم بنو إسرائيل ..
** عندما دخل " موسي دايان " وزير الحرب الصهيوني الأسبق أحد الأسواق في القدس فواجهه شاب ببشارة الرسول صلى الله عليه وسلم بانهيار دولة إسرائيل فقال : ( إن ذلك سيحدث ولكن عندما يكون عدد المصلين في صلاة الفجر في كل مسجد مثل عدد المصلين في صلاة الجمعة ) .. فهل يعي أبناء المسلمين وحكامهم هذه الحقيقة وهذا المعنى ..
** عندما دخلت القوات الإسرائيلية القدس عام 1967 م تجمهر الجنود الإسرائيليون حول حائط المبكى وأخذوا يهتفون : ( هذا يوم بيوم خيبر .. يا لثارات خيبر ) ...
** استغلت إسرائيل صليبية الغرب وكراهيتهم للإسلام والمسلمين فقد خرج أعوان إسرائيل في باريس بمظاهرات قبل حرب 1967 وهم يحملون اللافتات المعادية للإسلام ( قاتلوا المسلمين ) فالتهب الحماس الغربي الصليبي وتبرع الناس هناك لإسرائيل بألف مليون فرنك فرنسي ...
** طبعت إسرائيل بطاقات معايدة كتب عليها ( هزيمة الهلال ) بيعت في بلاد الغرب بالملايين ...
** يقول رئيس وزراء إسرائيل الأسبق بن غوريون : ( إن أخشى مانخشاه أن يظهر في العالم العربي محمد جديد ) .
** تفيد الإحصائيات أن عدد اليهود في العالم 18 مليون نسمة موزعين على العالم كما يلي :
في أمريكا 7 ملايين نسمة
في آسيا 5 ملايين نسمة
في أوربا 2 مليون نسمة
في أفريقيا 100 ألف نسمة فقط
في فلسطين المحتلة حوالي ( 4 ) مليون نسمة
في حين أن عدد المسلمين في العالم وصل إلى ( 1500 ) مليون نسمة أي أن نسبة عدد اليهود إلى عدد المسلمين حوالي ( 1 % ) على مستوى العالم وهذه النسبة تتناقص بسبب التزايد السكاني الكبير للمسلمين وبسبب اعتناق عدد كبير من اليهود والنصارى والديانات الأخرى للإسلام ...
** ادعى اليهود أن كتبهم المقدسة تقول أن لهم تاريخا في فلسطين حيث كانوا هم أصحاب الأرض منذ آلاف السنين .. إلا أن حميع البحوث والحفريات والتقنيات الأثرية والبحوث العلمية الموضوعية لم تسفر عن أي شيء يؤيد كذبهم وباطلهم إذ لم يكتشف أي أثر يهودي في فلسطين رغم الحفريات والدراسات التي لم تنقطع لحظة واحدة منذ عام النكسة 1948 م وحتى الآن .. فأي تاريخ هذا الذي يزعمون .. ولقد زعموا وجود أنقاض هيكل سليمان تحت المسجد الأقصى وقاموا بحفريات رهيبة في أنفاق تحت المسجد الأقصى إلا أن علماء الآثار اليهود الذين عملوا سنين طويلة من أجل اكتشاف ما يثبت زعمهم قد باؤوا بالفشل واعترفوا بذلك ...
** في عام 1940 م كانت الحكومة الفرنسية تساير موقف النازيين وعلى رأسهم أدولف هتلر في عدائها لليهود كما هو الحال في معظم الدول الغربية آنذاك .. ولقد أصدرت الحكومة الفرنسية قوانين استثنائية قاسية ضد اليهود الفرنسيين خاصة في مجال التعليم حيث حظرت عليهم الكثير من الحقوق وحدت من نشاطهم وحريتهم ومنعتهم من تدريس اللغة العبرية في مدارسهم ..
** أما ألمانيا النازية بزعامة هتلر فكان عداؤها لليهود أشد وأمر حيث قام هتلر بسحق معارضيه وخاصة اليهود الذين لاقوا حرب إبادة عنصرية ومعسكرات اعتقال جماعية .. والحقيقة أن طبيعة هتلر النازية العدائية لم تكن موجهة ضد اليهود وحدهم بل كانت موجهة ضد جميع شعوب العالم فلقد ذاقت أوربا كلها من ويلات الحروب التي قادها هتلر ثم بعدها ذاقت روسيا أيضا نفس المصير وقدموا في دفاعهم عن أوطانهم ضد النازية ملايين القتلى والجرحى والمشوهين .. وهنا أريد أن أقرر بعد أن زرت معسكرات الاعتقال النازية في بولندا والمحارق وصالات التعذيب ومعسكرات العمل الشاق أن هذه الأحداث شملت اليهود وغير اليهود حيث نلاحظ أن هذه الحوادث قد تم تضخيمها وبشكل مقصود ضد اليهود فقط دون غيرهم لأهداف صهيونية مع أن هتلر قام بسحق كل معارضة وقفت في طريقه سواء كانوا من اليهود أو من النصارى أو من المسلمين .. سواء كانوا من بولندا أو فرنسا أو روسيا أو هولندا أو رومانيا .. لقد قام هتلر بحرب إبادة ضد جميع الشعوب التي وقفت في طريق توسعه وطموحاته .. حتى أن روسيا في عهد ستالين قدمت ملايين القتلى لصد الهجمات النازية في جميع المدن الروسية والتي تساقطت الواحدة تلو الأخرى أمام أطماع هتلر .. ولكن الصهيونية العالمية استغلت هذه الأحداث ووجهتها باتجاه مصالحها .. لقد قامت الصهيونية العالمية بمطالبة ألمانيا بالتعويضات عن ضحايا المحارق النازية في حين أن عدد الضحايا من الدول الأوربية وروسيا يفوق عدد ضحايا اليهود بمئات المرات .. إن هذه الحوادث ضد اليهود قد تم تضخيمها والتهويل منها بشكل كبير جدا يفوق حجم الكارثة بملايين المرات فلو قارنا عدد الفلسطينيين الذين قتلهم اليهود العنصريون في فلسطين المحتلة منذ عام 1948 م وحتى الآن بعدد ضحايا اليهود على يد النازيين لكانت النتيجة مذهلة مثيرة للدهشة والجدل ذلك لأن اليهود قد قتلوا من الفلسطينيين مسلمين ومسيحيين أضعاف أضعاف ما قتله النازيون منهم فلماذا تقوم الضجة على النازيين المجرمين ولا تقوم على الصهاينة المجرمين ؟!!... إننا رغم عدائنا للنازية ورغم اعتراضنا ومخالفتنا لعمليات قتل الأبرياء من أي دين أوطائفة أو ملة أوعرق أو لون إلا أننا يجب أن نقر ونعترف أن عملية قتل النازيين لليهود قد استغلت أبشع استغلال لقتل وتصفية العرب مسلمين ومسيحيين في حرب لم تنطفئ منذ أكثر من ستين عاما حيث يقدم أبناء فلسطين الضحايا والشهداء في كل يوم على أيدى عصابات الإجرام الصهيونية دون أن يهتز لذلك ضمير الإنسانية ودون أن نجد صيحة حرة تنطلق من أدعياء الحرية والديمقراطية وأدعياء حقوق الإنسان ومنظمات العفو الدولية المسيسة العميلة ...
اسرائيل الدولة العنصرية الأولى في العالم :
تعتمد الحركة الصهيونية اليهودية على المبادئ العنصرية التوراتية والتلمودية المحرفة التي تفيد بأن اليهود بني إسرائيل هم شعب الله المختار وأن جميع البشر عبيد وخدم سخرهم الله لخدمة بني إسرائيل وزيادة في العنصرية فإن التلمود يؤكد على أن جميع البشر هم حمير خلقهم الله على هيئة البشر ليركبهم بنو إسرائيل .. بعد إعلان قيام دولة إسرائيل عام 1948 بدعم من القوة العسكرية البريطانية والتي كانت تحتل فلسطين وفي منتصف الليل من نفس اليوم أعلنت أمريكا اعترافها وتأييدها للدولة الصهيونية العنصرية .. وبعد عشرة دقائق فقط اعترفت روسيا الشيوعية بدولة إسرائيل .. فهل كان هذا الأمر مصادفة أم أنها مؤامرة دبرت بليل بين أعداء الإسلام قاطبة في الشرق والغرب ..؟ .. يقول ديفيد هارتلي اليهودي : ( لن تكون هناك سعادة كاملة أو حقيقية قبل تدمير هذا العالم كله بالنار ) .. ويقول غاري باور اليهودي : ( إن الله هو الذي أعطى أرض إسرائيل للشعب اليهودي ولهذا فإن هناك تحريما مطلقا لإعطائها لأي شعب آخر غير اليهود ) ...
نشرت مجلة القرن الأمريكية في عدد فبرايرعام 1928 م خطابا مفتوحا إلى نصارى العالم بقلم الكاتب اليهودي " ماركس ليلي رافاج " نعرض بعض المقتطفات منه لطوله : ( إنكم أيها المسيحيون لا تنقمون على اليهود لأنهم صلبوا المسيح بل لأنهم أنجبوه .. إن نزاعكم الحقيقي مع اليهود ليس لأنهم لم يتقبلوا المسيحية بل لأنهم فرضوها عليكم .. لقد وضعنا العوائق في سبيل تقدمكم وفرضنا عليكم كتابا ودينا غريبين عنكم وبذلك شتتنا أرواحكم وشللنا تطلعاتكم وجعلنا سبل حياتكم مرتبكة .. إنكم أيها المسيحيون تتهموننا بإشعال نار الثورة البلشفية والتي لا تعدوا نقطة في بحر الثورة التي أشعلها بولس اليهودي في روما .. إنكم أيها المسيحيون تثيرون ضجة حول النفوذ اليهودي الذي هو أساس كنائسكم ومدارسكم وقوانينكم وحكوماتكم وحتى الأفكار التي تدور في أخلادكم كل يوم .. إن هذا النفوذ اليهودي الذي تتذمرون منه موجود وهو أكثر ضخامة وهولا وأشد مكرا مما تتصورون .. لقد سربنا عناصر التنافر والارتباك وخيبة الأمل إلى حياتكم العامة والخاصة وليس هناك من يعرف إلى متى سنظل نفعل ذلك .. إنكم أيها المسيحيون تحقدون على اليهود لأنهم انتزعوكم من عالمكم الوثني الجميل وغزوا بلادكم ونفوسكم بلا جيوش ولا أسلحة ولا حروب ولا دماء بل كان غزوا وفتحا بالروح والمبادئ والدعاية بلا شعور منكم .. أيها المسيحيون لقد جعلناكم تحملون رسالتنا إلى العالم أجمع إلى برابرة الأرض كلها ) .. وهذه الرسالة كلها تهديد ووعيد للمسيحيين وهي طويلة جدا أثبتنا هنا بعض الفقرات القليلة للإشارة فقط إلى مدى العداء المستحكم بين اليهود وأقرب الناس إليهم من النصارى الذين يدعمونهم ويمدونهم بالمال والعتاد والسلاح وكل مكونات الحياة ... هذا ولقد ذكر الأستاذ " زهدي الفاتح " في كتابه القيم " اليهود " أمثلة عديدة عن فضائح تجمع " بناي برث " اليهودي الذي انعقد في باريس ونشرته مجلة " كاثوليك غازيت " في عددها الصادر في شباط فبراير عام 1936 م وعن جرائم اليهود ومخططاتهم ومؤامراتهم ومنها اعترافات هذه الجماعة اليهودية المتطرفة عن الممارسات الإجرامية التي قامت بها حيث يقول رئيس المؤتمر : ( لقد نشرنا روح الثورة والتحررية الكاذبة بين شعوب الأغيار لإقناعهم بالتخلي عن أديانهم بل والشعور بالخجل من الإعلان عن تعاليم هذه الأديان ومزاياها وأوامرها ونواهيها كما نجحنا في إقناع كثير من الناس بالإعلان عن كفرهم وإلحادهم الكلي وعدم الإيمان بوجود خالق البتة بل وأغريناهم بالتفاخر لكونهم من أحفاد القرود .. لقد قدمنا لهم عقائد ومبادئ جديدة يستحيل عليهم سبر أغوار حقيقتها وأهدافها ومبادئها التي تخدم مجتمعة ومنفردة مصالحنا وأهدافنا وتلقى الأغيار المعتوهون هذه العقائد والمبادئ بقبول حسن وحماس شديد دون أن يراودهم أي شك بأنها إنما وجدت لخدمة مصالحنا وأنها بحد ذاتها تشكل أمضى الأسلحة التي نستخدمها للقضاء على وجودهم .. لقد برهنوا عن سذاجة ما كنا نتصورها فيهم فقد كنا ننتظر من البعض ذكاء ووعيا أعمق لحقيقة الأمور لكنهم جميعا لم يكونوا أفضل من قطيع غنم فلنتركهم يرعون في حقولنا حتى يسمنوا ويكونوا صالحين للذبح كالأضاحي والقرابين أمام ملك عالم المستقبل .. من بين أهم الانتصارات الماسونية أن هؤلاء الأغيار من أعضاء محافلنا لم يرتابوا في الأمر ولن يعرفوا أننا نستعملهم لبناء سجونهم بأنفسهم والتي على شرفاتها سنقيم مملكة إسرائيل العالية كما لم يفكروا بأننا نأمرهم وهم في محافلنا بصنع سلاسل عبوديتهم لملكنا المنتظر على العالم .. والآن دعونا نوضح لكم كيف مضينا في سبيل الإسراع بقصم ظهر الكنيسة الكاثوليكية وكيف استطعنا التغلغل إلى دخائلها وكيف أغوينا البعض من كهنتها ليكونوا روادا في حركتنا ويعملون من أجلنا فلقد أمرنا عددا من أبنائنا المخلصين بالدخول في جسم الكاثوليك مع تعليمات صريحة بوجوب العمل الدقيق والنشاط الكفيل بتخريب الكنيسة من قلبها عن طريق اختلاق فضائح داخلية عملا بوصية أمير اليهود الذي أوصانا بقوله : " دعوا بعض أبنائكم يكونون كهنة ورجال دين ورعاة أبرشيات فيهدمون كنائسهم من الداخل " .. نحن أبناء جميع الثورات التي قامت في العالم حتى تلك التي انقلبت علينا فيما بعد ونحن سادة الحرب والسلام بلا منازع ونستطيع التصريح بأننا نحن الذين خلقنا حركة الإصلاح الديني ضد الكنيسة فـكالفن كان أحد أبنائنا و مارتن لوثر أذعن لإيحاءات بعض أصدقائه اليهود وقد نجحا بإرادة اليهود وبتمويلهم .. إننا لنشكر البروتستانت على إخلاصهم لرغباتنا ونحن ممتنين جدا للعون الذي قدموه لنا في حربنا ضد معاقل المسيحية في العالم استعدادا لبلوغ مواقع السيطرة الكاملة على العالم .. لقد استطعنا حتى اليوم قلب الأنظمة في معظم ممالك العالم والبقية آتية لا ريب فيها فروسيا تمهد الطريق لمسيرتنا وفرنسا بحكومتها الماسونية تحت أصبعنا وإنكلترا با عتمادها على تمويلنا هي تحت أقدامنا ولكونها بروتستانتية فهي معولنا للقضاء على الكنيسة الكاثوليكية أما بقية دول أوربا فإنها دمى في أيدينا أما الولايات المتحدة الأمريكية فإنها واقعة في شراكنا وحبائلنا وهي تحت سيطرتنا .. فلنمض في مخططاتنا بتغذية الحقد العالمي على الكنيسة الكاثوليكية وتسميم أخلاق الأغيار واعتبار الدين أي دين هراء ومضيعة للوقت وقضية سبقها العصر ولم تعد تتماشى مع متطلبات العصر الحديث المتطور .. لتتذكروا أخيرا أن ملك اليهود المنتظر لن يرضى بحكم العالم قبل أن يخلع البابا عن كرسيه في روما والإطاحة بجميع ملوك العالم
** جاء في كتاب " القوى التي تحكم " للكاتب اليهودي " لويس ليفي " : ( لقد سيطر اليهود على الأماكن الحساسة في المجتمعات الغربية وبذلك استطاعوا أن يوجهوا الدول الغربية لتنفيذ مصالحهم هذه المواقع تتمثل في الأسواق المالية والمصارف والوزارات والصحافة والمطابع ومجالس الشورى والمجالس النيابية وشركات التأمين والمستشفيات ووزارات العدل والقضاء وقيادات المخابرات ومراكز الأمن ... وذلك بشكل مباشر أو غير مباشر ) ...
** يقول الدكتور اليهودي " أوسكار ليفي " في كتابه " الأهمية العالمية للثورة الروسية " : ( نحن اليهود لسنا إلا مفسدي العالم ومدمريه وناشري الفتن والثورات فيه .. نحن مازلنا هنا كلمتنا الأخيرة لم نقلها بعد هدفنا الأخير لم يتحقق حتى الآن ثورتنا النهائية لم يحن وقتها بعد ) ...
** ويقول اليهودي " ماير أمشال روتشيلد " في كتابه " حكومة العالم الخفية " : ( اذكروا يا أبنائي أن الأرض كلها ستكون لنا نحن اليهود أما غيرنا وهم حثالة الحيوانات وبرازها فلن يملكوا شيئا قط ) ..
** بقول مؤسس الإتحاد الإسرائيلي العالمي " أدولف كريمبو " في البيان الرسمي عام 1860 م : ( كل اليهود من أجل كل يهودي .. وكل يهودي من أجل كل اليهود في العالم .. إن هدفنا عظيم ومقدس ونجاحه محتوم ومؤكد فعدوتنا اللدودة الكنيسة الكاثوليكية ممرغة في الأوحال وفي رأسها جرح قاتل .. إن الشبكة التي ترميها إسرائيل فوق الكرة الأرضية تكبر وتنتشر يوما بعد يوم وعلى هذا فلسوف تتحقق نبوءات كتبنا المقدسة .. لقد دنت الساعة التي تصبح فيها القدس بيت الصلاة لكل الأمم والشعوب وسترتفع راية الديانة اليهودية فوق أبعد الشطآن ) ...
** يقول القس الأب " جوزيف لومان " في كتابه " دخول اليهود إلى المجتمع الفرنسي " : ( ثمة خطة جهنمية لتفكيك المجتمع المسيحي بضربة واحدة تمهيدا لخلق أجواء لا يعود فيها من يتحدث عن مسيحي أو يهودي بالمعنى الديني إنما هي مجتمعات علمانية لادينية نزعت عنها وحدانيتها وإيمانها بالله ليغدوا المسيحي من الناحية السياسية على الأقل الأدنى شأنا من اليهودي السيد إن لم يكن عبدا له ) ...
** إن فلسطين ظلت أرضا إسلامية أريعة عشر قرنا من الزمان ثم جاء اليهود ليطردوا أهلها ويذبحوهم ويقتلوهم ويقيموا دولتهم على أشلاء الأبرياء ...
بعض النصوص العنصرية من التوراة والتلمود :
في سفر التكوين : ( بإرادة الله يهوه رب الجنود لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى نهر الفرات )..
في سفر التكوين : ( بإرادة الله يهوه رب الجنود ملعون كنعان وعبد العبيد يكون ) ..
في سفر أرميا : ( بإرادة الله يهوه رب الجنود سأسحق بك الأمم ) ..
في سفر حزقيال : ( بإرادة الله يهوه رب الجنود .. تشرب الدم حتى نسكر بالدم ) ..
في سفر صموئيل : ( بإرادة الله يهوه رب الجنود سأرمي بجثث الفلسطينيين لطيور السماء ووحوش البرية ) ..
هذا وسأقوم في هذا الكتاب بعرض العديد من النصوص التوراتية والتلمودية في بحث اليهودية كأساس حضاري فليرجع إليه القارئ الكريم للاستزادة من النصوص العنصرية الحاقدة لأمة اليهود ...
الدعوات العنصرية الصليبية :
وهنا أيضا أريد أن أفرق بين الديانة المسيحية التي جاء بها نبي الله المسيح عيسى عليه السلام وبين الدعوات الصليبية الحاقدة التي ظهرت قديما ولا تزال تذر قرنها بين فترة وأخرى ذلك لأن ديننا الإسلامي يأمرنا أن نؤمن ونحترم كل الأنبياء والمرسلين وأن نقدس كل الكتب السماوية التي أنزلها الله على أنبيائه من لدن آدم عليه السلام وحتى سيدي رسول الله خاتم الأنبياء والمرسلين ولكن قبل تحريفها وتبديلها ذلك لأن التوراة والإنجيل وبشهادة علماء النصارى واليهود هي كتب محرفة تختلف اختلافا كبيرا فيما بينها وتختلف اختلافا كليا عن الكتب السماوية التي نزلت على أنبياء الله موسى وعيسى عليهما السلام وفيما يلي أعرض لبعض النزعات والدعوات العنصرية الصليبية التي ظهرت سابقا وتظهر الآن بشكل عنصري سافر ...
** يقول شاتيلييه في كتابه " الغارة على العالم الإسلامي " : ( ولا شك في أن إرساليات التبشير من بروتستانتية وكاثوليكية تعجز أن تزحزح العقيدة الإسلامية من نفوس منتحليها ولا يتم ذلك إلا ببث الأفكار التي تتشرب مع اللغات الأوربية حيث يحتاج المسلمون إلى أوربا وبذلك يتمهد السبيل لتقديم إسلام مادي وبذلك تقضي أساليب التبشير لبانتها في هدم الفكرة الدينية الإسلامية التي لم تحفظ كيانها وقوتها إلا بعزتها وانفرادها ) ...
محاكم التفتيش حرب عنصرية صليبية :
يتشدق اليوم كثير من الغربيين وعلى رأسهم كثير من العلماء والأدباء والسياسيين المرموقين عن ظواهر الإرهاب والعنصرية والعنف التي بدأت تتفشى في المجتمعات الغربية بشكل كبير ملفت للنظر.. ويتحدث آخرون عن محارق هتلر لليهود والمضطهدين منذ عهد النازية حتى الآن .. وأنا هنا لا أبرر أي عمل إجرامي سواء كان ذلك ضد المسلمين أو اليهود أو النصارى أو أي عقيدة أخرى لأن الجريمة هي جريمة ولأن إزهاق روح إنسان لا يجوز إلا وفق قانون سماوي إلهي عادل بعيدا عن الأهواء والآراء الفردية والنزوات الشخصية أو العنصرية .. وهنا أريد أن أعقد مقارنة بسيطة بين حدثين تاريخيين هامين الحدث الأول محارق هتلر النازية لليهود .. والحدث الثاني مذابح محاكم التفتيش للمسلمين في بلاد الأندلس .. حيث أود هنا أن أوضح للقارئ الكريم مدى الفظاعة والبشاعة والإجرام الذي مارسته محاكم التفتيش الكنسية بزعامة رجال الدين المسيحيين يدعمهم ويؤلبهم على الجرائم النكراء القساوسة والبابوات ورجال الدين المسيحي وكل المعادين للإسلام .. والتي تفوق آلاف المرات محارق هتلر النازية لليهود .. ثم بعد ذلك لنرى كيف تعامل الغرب الصليبي مع مشكلة اليهود وكيف تم طمس معالم الجريمة الكبرى التي قام بها رجال الكنيسة في بلاد الأندلس ضد كل المسلمين حيث شنوا على أبناء المسلمين حرب إبادة كاملة لم يستثنوا في ذلك طفلاً أوامرأة أو شيخاً أو شاباً إنما كانت حرب إبادة كاملة وتطهير عرقي بكل ما في هذه الكلمة من معنى .. تماماً كما فعل الصرب المجرمون بأبناء المسلمين في يوغسلافيا السابقة في العصر الحديث ..
عندما سقطت بلاد الأندلس في يد الصليبيين أصدر البابا قرارا بتقسيم أرض الكفار ـ يعني أرض الخلافة الإسلامية في الأندلس ـ إلى دولتين هما إسبانيا والبرتغال حيث قامت محاكم التفتيش الصليبية بأبشع عمليات التطهيرالعرقي التي عرفها التاريخ في القديم والحديث .. فقد قام الصليبيون الإسبان والبرتغاليون بأبشع الأعمال الوحشية من القتل والحرق والتعذيب والصلب واقتحام بيوت المسلمين في الليل والنهار والاعتداء على الحرمات تماما كما يفعل إخوانهم الأمريكيون والبريطانيون في أفغانستان والعراق .. وتماما كما يفعل أبناء عمومتهم الصهاينة بأبناء فلسطين .. حتى أن سماع الشرطة لآية من القرآن كان مدعاة لاقتحام هذا البيت وصب أفظع أعمال القتل والتعذيب على أهله .. واستمر الأمر في بلاد الأندلس مئتي عام من الإرهاب الوحشي استطاعوا خلالها إبادة كل مسلم يوحد الله أو تنصيره إلا من استطاع الهرب إلى البلاد المجاورة وبالتالي محو كل أثر للإسلام في بلاد الأندلس فردوسنا المفقود ولم يبق من حضارة المسلمين إلا الآثار المعمارية والحضارية الرائعة التي لاتزال شامخة شاهدة على رقي حضارتنا وعلى وحشية الصليبيين في كل عصر ومصر .. وفي عام 1492 م سقطت رسميا آخر المعاقل الإسلامية عندها شجع البابا اتباعه الصليبيين على ملاحقة فلول الكفار ـ يقصد أبناء المسلمين ـ خارج بلاد الأندلس في حروب صليبية وحشية تهدف إلى القضاء على الإسلام في جميع أقطار العالم ولكن ظهور الخلافة العثمانية القوية الفتية حال دون هذا المخطط الإجرامي الصليبي الذي كانت تعد له الكنيسة البابوية .. يقول " وول ديورانت " في كتابه " قصة الحضارة " : ( وإذا ما عفونا عن بعض الشذوذ الجنسي والانهماك في ملاذ الأكل والمشرب لدى رجال الدين فإننا لا نستطيع أن نعفو عن أعمال محاكم التفتيش ) .. ترى لماذا ..؟! لا شك أن فظاعة هذه المحاكم كانت فوق تصور العقل وكانت جرائم شنيعة لا يمكن لأحد حتى لأبناء النصارى أن يعفو عنها أو يتسامح في أمرها .. إن جرائم محاكم التفتيش التي كان يتزعمها رجال الدين المسيحي كانت أبشع حدث وقع في التاريخ القديم والحديث .. ولبشاعة هذه المحاكم نسوق هنا بعض أقوال المنصفين من العلماء والمؤرخين الغربيين كشواهد من أتباع النصرانية ...
** يقول ويلز في كتابه " معالم تاريخ الإنسانية " : ( وجد البابا " أنوسنت الثالث " في عقد الرهبان الدومينيكيين الجديد أداة قوية للقمع .. ومن ثم نظمت محاكم التفتيش كأداة تحقيق مستديمة تحت إدارتهم .. وبهذه الأداة نصبت الكنيسة نفسها لمهاجمة الضمير الإنساني بالنار والعذاب .. وعملت على إضعافه مع أنه مناط أملها الوحيد في السيادة على العالم .. وقبل القرن الثالث عشر لم تنزل عقوبة الإعدام إلا نادراً بالملاحدة والكفار .. فأما الآن فإن كبار رجال الكنيسة كانوا يقفون في مئة ساحة من ساحات الأسواق في أوروبا ليراقبوا أجسام أعدائها تحترق بالنار وتخمد أنفاسهم بحالة محزنة .. وتحترق وتخمد معهم في نفس الحين الرسالة العظمى لرجال الكنيسة على البشرية فتصبح رماداً تزروه الرياح .. لقد أصبح القساوسة والرهبان رجالاً مكيفين وفق مذاهب واعتقادات حتمية وإجراءات مقررة وثابتة ولم تعد لهم بعد ذلك رغبة في رؤية مملكة الرب موطدة في قلوب الناس فقد نسوا ذلك الأمر وأصبحوا يرغبون في رؤية قوة الكنيسة التي هي قوتهم هم متسلطة على شؤون البشر ونظراً لأن كثيرًا منهم كانوا على الأرجح يرون الريبة والشك في سلامة بنيان مبادئهم .. ولم يسمحوا بأية مناقشة فيها .. كانوا لا يحتملون أسئلة ولا يتسامحون في مخالفة لا لأنهم على ثقة من عقيدتهم بل لأنهم كانوا غير واثقين فيها .. ولقد تجلى في الكنيسة في القرن الثالث عشر ما يساورها من قلق قاتل حول الشكوك الشديدة التي تنخر مبادئها بشكل كامل .. فلم تكن تستشعر أي اطمئنان نفسي .. وكانت تتصيد الهراطقة في كل مكان كما تبحث العجائز الخائفات عن اللصوص تحت الأسرة وفي الدواليب قبل الهجوع .. ومنذ بدء يقظة العقل بعد طول سبات راحت الكنيسة تكيل الضربات المجنونة لكل من يسألها أو يناقشها أو حتى من يخيل إليها أنه سيسألها أو يناقشها لتحاول أن تدفع عن نفسها المصير الأسود الذي كان ينتظرها على بعد خطوات من الزمن غير بعيد) .. انتهى قول ويلز...
وهنا نلاحظ مدى الانحراف والتسلط والقهر الذي كانت تمارسه محاكم التفتيش الكنسية العنصرية ضد كل من يخالف آراءها وخرافاتها، أما حصة المسلمين من محاكم التفتيش فكانت حرب إبادة وتطهير عنصري عرقي مقيت بدأ في بلاد الأندلس فردوسنا المفقود ولا يزال حتى يومنا هذا يمارس تحت شعارات وأقاويل كاذبة في البوسنة والهرسك في بلغاريا في العراق في أفغانستان في الشيشان عشرات الألوف من المسلمين يقتلون كل يوم ولا نجد باكياً عليهم أو شاكياً أو منقذاً لأمة الإسلام ولأبناء المسلمين.,,
لقد كانت محاكم التفتيش وما صاحبها من الفظائع عميقة الأثر في الحس الإنساني بشكل عام وفي الحس الإسلامي بشكل خاص وأدت إلى نتائج سيئة بالنسبة للحضارة المادية الجاهلية التي انبثقت من أوروبا منذ القرن الثالث عشر وحتى يومنا هذا .. فلقد أصبح العداء للدين المتمثل هناك بالكنيسة ورجالها أمرًا لازمًا لكل صاحب فكر حر أو ضمير حي.. لقد كانت محاكم التفتيش في بلاد الأندلس حرب إبادة مسحت المسلمين وبشكل كامل من بلاد الأندلس وطمست كل ما يمت للعقيدة الإسلامية وللدين الإسلامي في تلك البلاد بصلة .. حتى إن عقوبة الإعدام كانت تطال كل مسلم لمجرد أنه مسلم إذا كان بالغاً مميزًا ذكرًا كان أم أنثى .. شابًا كان أم شيخًا كبيرًا حتى وصلت الوقاحة ببعضهم أنهم كانوا يكشفون عن عورة الرجل إذا لم يعرفوا هل هو مسلم أو غير مسلم فيقتلونه إذا كان مختوناً لأن الختان كان من شعائر المسلمين .. أما الأطفال فقد مارسوا عليهم حرباً تنصيرية مسحت من عقولهم كل ما يمت للإسلام بصلة .. رغم قتل أعداد كبيرة من الأطفال .. ويروى أن محاكم التفتيش في الأندلس كانت تتعرف على بيوت المسلمين الذين تنصروا ظاهرًا للفرار من القتل والحرق والتعذيب إما بسماع تلاوة القرآن الخافتة في جنح الليل أو العثور على حمام خاص ضمن المنزل .. حيث تعتبر هذه الحمامات المبنية على الطراز الإسلامي الشرقي دليل إدانة وعلامة قاطعة على أن أصحاب هذا المنزل من المسلمين الواجب إبادتهم أو التنكيل بهم ...
النصارى العنصريون في لبنان :
تعتبر دولة لبنان الشقيق إحدى مفرزات الاستعمار ذلك لأن لبنان هو جزء عزيز وقطعة غالية من بلاد الشام تم فصله وسلخه ووضع الحدود المصطنعة إمعانا في تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ وإضعاف الأمة العربية والإسلامية قدر المستطاع .. ولقد عمدت القوات الفرنسية في لبنان على دعم الطوائف المسيحية وبشكل خاص المارونية منها حتى وصل الحد إلى أن بعض المارونيين كانوا يقولون ( فرنسا أمنا الحنون ) .. إضافة لذلك فقد استطاعت القوى الاستعمارية إذكاء الحقد والكراهية بين أبناء الشعب الواحد الذين عاشوا آلاف السنين متوادين متحابين متعاونين على الخير للجميع .. ولقد قامت فرنسا بجريمة قذرة في سورية ولبنان إبان الاحتلال الفرنسي وذلك بنبش الأحقاد الصليبية القديمة في سورية ولبنان وتقطيع الوطن الواحد لعدة بلدان صغيرة ضعيفة لا تمتلك مقومات الوطن ولا إمكانيات الدولة فكان لبنان .. تشكل حزب الكتائب الماروني الحاقد الذي تم تسليحه بأحدث الأسلحة من قبل الدول الصليبية الحاقدة فقام بالفظائع التي تقشعر لها الأبدان وفيما يلي نعرض لبعض هذه الممارسات الإجرامية التي قام بها حزب الكتائب الماروي الحاقد في لبنان :
** إقامة الحواجز على الطرقات لتفتيش السيارات وقتل ركابها من المسلمين على الهوية ..
** قنص المارة لنشر الرعب والخوف والإرهاب بين الناس ..
** إرغام المسلمين على البقاء في بيوتهم فترات طويلة تحت تهديد السلاح .. ومنعم من جلب حاجاتهم الضرورية أو الوصول إلى الطبيب أو المستشفى في الحالات الطارئة ...
** قصف المخيمات الفلسطينية المتواجدة على أرض لبنان ...
** قصف الأحياء الإسلامية الآهلة بالسكان بعد محاصرتها وقطع المؤن والماء والكهرباء عنها ...
** اعتقال كل من تقع أيديهم عليه من العمال السوريين المسلمين وقتل العديد منهم وتعذيب العديد منهم وإرسال رؤوس بعضهم إلى حكام سورية ...
** اعتقال عدد كبير ممن نجوا من القصف المدفعي في المسلخ والكرنتينا وعددهم يزيد على خمسة آلاف من المسلمين بين رجل وامرأة وطفل وتعذيبهم وقلع أعينهم وقطع أطرافهم وهم أحياء ثم قتلهم ...
** السماح لمندوبي الصحف والمجلات ووكالات الأنباء بأخذ صور لجنود الكتائب المارونية وهم يرقصون على جثث الأبرياء ...
** نسف بيوت مخيم الضبية وحارة الغوارنة وسبنية وإزالة ما بقي منها بالجرافات تماما كما يفعل إخوانهم الصهاينة في فلسطين المحتلة .. ولقد وجد تحت أنقاض سبنية وحدها ( 250 ) جثة من النساء والأطفال والشيوخ العزل الآمنين ...
** إحراق شاحنة تحمل نسخا من القرآن الكريم ...
** السطو على البنوك ونهب محتوياتها من النقود والودائع والأمانات في المناطق الإسلامية ...
** نهب المخازن والمتاجر والمصانع وإحراقها في المناطق الإسلامية ...
** سحل بعض من يقع تحت قبضتهم بالسيارات وهم أحياء حتى تتمزق أجسادهم ...
** اعتقال بعض الأسرى في المقابر ودفن العديد منهم أحياء ...
** إن مثل هذه الجرائم يمارسها وحوش يزعمون أنهم أتباع السيد المسيح عليه السلام الذي يقول : ( أحبوا أعداءكم .. وباركوا لاعنيكم .. وأحسنوا إلى من أساء إليكم .. ومن ضربك على خدك الأيمن فأدر له الأيسر ) .. إن مقولة المسيح عيسى عليه السلام هذه نهديها إلى وحوش النصرانية واليهودية الذين يصفون المسلمين بالتعصب لمجرد أننا نشير بأصابع الاتهام إلى الوحوش المجرمين الذين يدعون أنهم أصحاب ديانة سماوية وأصحاب رسالة إنسانية .. إن هذه الجرائم التي يقوم بها الصليبيون الجدد والصهاينة ستظل وصمة عار على جبين كل صليبي أو صهيوني حتى يرث الله الأرض وما عليها في حين نجد في مقابل ذلك عظمة الإسلام وعظمة القادة المسلمين فكان أبو بكر الصديق خليفة المسلمين يوصي قادة جيشه فيقول ( لا تخونوا ولا تغلوا ولا تقتلوا طفلا ولا شيخا ولا امرأة ولا تقطعوا نخلا ولا تذبحوا شاة ولا بعيرا إلا لمأكلة .. ولسوف تمرون على أقوام فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له ) ...
الأحقاد الصليبية العنصرية :
إن مما لاشك فيه أن الغرب الصليبي بنى علاقاته منذ فجر التاريخ مع المجتمعات الإسلامية على أساسين :
الأساس الأول : المصالح المادية ...
الأساس الثاني : أن الحروب الصليبية لا تزال مستمرة بين الصليبيين والإسلام حتى اليوم أو بتعبير بعضهم حتى تقوم الساعة ...
وسياسة الدول الغربية كلها دون استثناء تخطط وفق هذين المبدأين .. والعداء السافر الذي نلحظه في كل يوم من قبل الصليبيين الجدد .. والتعاون الاستراتيجي بين العدوين اللدودين للإسلام والمسلمين الصهيونية والصليبية يزداد جرأة ووقاحة وصفاقة في كل يوم .. وجرائم العدوين اللدودين ضد الإسلام والمسلمين لم تعد خافية على أحد حتى أن الرئيس الأمريكي بوش قالها صراحة عند غزوه للعراق وأفغانستان بأن هذه امتداد للحروب الصليبية .. ثم تبعه أجيره طوني بلير رئيس وزراء بريطانيا فقال بأنها الحروب الصليبية وأنشد مع الجنود البريطانيين نشيدا صليبيا قديما يمجد الحروب الصليبية .. ثم تبعهم الأجير الثاني رئيس الوزراء الإيطالي والأجير الثالث رئيس الوزراء الأسترالي ليقولوا بأنها الحروب الصليبية .. ثم تبعتهم الدانمارك بالصور المسيئة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بأسلوب منحط سافل ينم عن عمق الحقد الصليبي وكان ذلك بدعم وتاييد من كل الدول الغربية ومن ملكة الدانمرك التي رفضت حتى مجرد الاعتذار للمسلمين عن هذا الانحطاط الحضاري السافل .. ثم تبعتهم في ذلك فرنسا التي أصدرت قانون منع الحجاب الإسلامي .. وهكذا دواليك في كل يوم هجوم وإساءة من الغرب الصليبي العنصري على الإسلام والمسلمين .. ولكن رغم كل المحاولات اليائسة يقف الإسلام العظيم متحديا كل الزوابع والأعاصير والمحن .. متحديا كل الهجمات السافلة المنحطة ليغزوهم في عقر دارهم .. حيث يعتنق الإسلام من أبناء النصارى في أوربا وأمريكا وكندا مايزيد على مئة ألف نصراني وقلة قليلة من اليهود في كل عام .. لقد قال زعماء الغرب وعلى رأسهم الرئيس الفرنسي الأسبق فرانسوا ميتران : ( إن الخلافات التي بيننا وبين الشعوب العربية ليست خلافات بين أمم وشعوب وإنما خلافات بين الحضارة المسيحية والحضارة الإسلامية ) .. إن والحملات الصليبية لم تنقطع في يوم من الأيام منذ ظهور الإسلام على العالم أجمع وحتى يومنا هذا فعندما نجحت الحملة الصليبية البريطانية بقيادة الجنرال اللنبي واستولت على القدس قال اللنبي : ( اليوم انتهت الحروب الصليبية ) .. وعندما نجحت الحملة الصليبية الفرنسية باحتلال سورية ولبنان قام قائد الحملة الفرنسية الجنرال غورو بالذهاب فورا إلى قبر القائد الكردي المسلم صلاح الدين الأيوبي وركله بقدمه وقال : ( لقد عدنا ياصلاح الدين ) ...
** يقول لورنس براون : ( إن الإسلام هو الجدار الوحيد أمام الاستعمار الأوربي .. لقد كان قادتنا يخوفوننا بشعوب مختلفة .. كانوا يخوفوننا بالخطر اليهودي والخطر البلشفي والخطر الياباني .. ولكننا بعد الاختبار لم نجد مبررا لمثل تلك المخاوف واكتشفنا أن الخطر الحقيقي هو الخطر الإسلامي القادر على التوسع والانتشار وإخضاع الشعوب في حيوية مدهشة ) ...
** يقول موروبيرغر : في كتابه " العالم العربي المعاصر " : ( إن الخوف من العرب واهتمامنا بالأمة العربية ليس ناتجا عن وجود البترول بغزارة .. ولكنه ناتج عن وجود الإسلام .. لذا يجب محاربة الإسلام للحيلولة دون وحدة العرب التي تؤدي إلى قوة العرب .. لأن قوة العرب تتصاحب دائما مع قوة الإسلام وعزته وانتشاره .. إن الإسلام يفزعنا عندما نراه ينتشر بيسر وسهولة في القارة الأفريقية ) ...
** وبعد استقلال الجزائر ألقى أحد كبار المستشرقين الفرنسيين محاضرة في مدريد عنوانها " لماذا كنا نحاول البقاء في الجزائر " فكان ملخص المحاضرة ما مفاده : ( إننا لم نكن نسخر نصف مليون جندي فرنسي مدججين بالأسلحة والعتاد من أجل نبيذ الجزائر أو صحاراها أو زيتونها .. إننا كنا نعتبر أنفسنا سور أوربا الذي يقف في وجه زحف إسلامي محتمل يقوم به الجزائريون وإخوانهم من المسلمين ليستعيدوا الأندلس التي فقدوها ) ...
** يقول غاردنر : ( إن الحروب الصليبية لم تكن لإنقاذ القدس ولكنها كانت لتدمير الإسلام ) ...
** يقول المستشرق الفرنسي كيمون في كتابه " باثولوجيا الإسلام " : ( إن الديانة المحمدية جذام تفشى بين الناس .. بل هو مرض مريع وشلل عام وجنون ذهولي يبعث الإنسان على الكسل ولا يوقظه إلا ليدفعه إلى سفك الدماء والإدمان على معاقرة الخمور وارتكاب جميع القبائح .. وما قبر محمد إلا عمود كهربائي يبعث الجنون في رؤوس المسلمين .. يعتادون بعدها على عادات تنقلب إلى طباع أصيلة مثل كراهية لحم الحنزير والخمر والموسيقى .. إن الإسلام دين قائم كله على القسوة والفجور في اللذات .. أعتقد أن من الواجب إبادة خمس المسلمين والحكم على الباقين بالأشغال الشاقة وتدمير الكعبة ووضع قبر محمد وجثته في متحف اللوفر ) .. حقد عجيب وسافل على الإسلام والمسلمين ...
** يقول المبشر تاكلي : ( يجب أن نستخدم القرآن وهو أمضى سلاح في الإسلام ضد الإسلام نفسه حتى نقضي عليه تماما .. يجب أن نبين للمسلمين أن الصحيح في القرآن ليس جديدا وأن الجديد فيه ليس صحيحا ) ...
** يقول الحاكم الفرنسي في الجزائر : ( يجب أن نزيل القرآن العربي من وجودهم ونقتل اللسان العربي من ألسنتهم حتى ننتصر عليهم ) ...
** يقول صموئيل زويمر رئيس جمعيات المبشرين : ( إن مهمة التبشير التي ندبتكم الدولة المسيحية للقيام بها في البلاد المحمدية ليست إدخال المسلمين في المسيحية فإن هذا هداية وتكريم لهم لا يستحقونه .. وإنما مهمتكم أن تخرجوا المسلمين من إسلامهم ليصبحوا أشخاصا لا صلة لهم بالله وبالتالي لا صلة لهم بالأخلاق التي تعتمد الأمم عليها في حياتها ) ...
** يقول المستشرق النمساوي " فون غرينيباوم " في كتابه " الإسلام الحديث " : ( إن الحاجز الذي يحجز المسلم عن التغريب هو استعلاؤه بإيمانه وأنه لابد من تحطيم هذا الاستعلاء لكي تتم عملية التغريب )
** يقول " موسوليني " : ( هناك شعوب كاملة بروليتارية مثلما هناك طبقات بروليتارية وأفراد بروليتاريين ) يقصد في ذلك الشعوب الإسلامية التي من طبيعتها أن تكون عبيدا في مقابل مجتمعات الأسياد ...
** قام الصليبيون الأحباش بالاعتداء على أحد المساجد في إقليم الأوغادين المسلم فقتلوا أكثر من ألف مسلم كانوا يؤدون صلاة الجمعة ولم تتحرك لهذه الجريمة دولة من الدول الغربية حتى بمجرد الاحتجاج على هذه الفعلة النكراء ..
** ذكرت مجلة صوت مصر الحر الناطقة باسم أقباط مصر على لسان أحد الأقباط المقيمين في الولايات المتحدة الأمريكية ما نصه : ( أنا القبطي الفرعوني صاحب الأرض .. أنا القبطي الشامخ صاحب هذا الوطن الذي سلب مني منذ الغزو الإسلامي إلى الآن والذي سيرحل قريبا كما رحل من إسبانيا .. فلم تعد النعرة الإسلامية لها جاذبيتها الآن في جو أصبح الغرب المتحضر يفهم أن العرب جرب ) ..
** تقول جريدة صوت الأقباط : ( يجب علينا أن نعمل بكل جهدنا وطاقتنا وأموالنا وذكائنا وأن نطرد الشر ونقاوم كل سهامه الشريرة وأن نستأصل الاستعمار الإسلامي من جذوره في مصر .. فإن كان طرد الإستعمار الإسلامي قد يأخذ أجيالا ولكنه يمكن أن يحدث فقد حدث في اسبانيا بعد استعمار اسلامي دام لقرون طويلة وحدث في الفيليبين وبعض الجزر اليونانية .. ولن يخرج الاستعمار الإسلامي من مصر إلا بالقوة .. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( استوصوا بالقبط خيرا فإن لكم فيهم نسبا وصهرا ) ...
** بعد العمل الشنيع الذي قام به بعض الغوغاء الدانمركيين ضد رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وبعد الفضائح التي قامت بها الصحيفة الدانماركية قالت الملكة مارغريت الثانية ملكة الدانمارك بكل وقاحة : ( الملكة تدعوا شعبها إلى إظهار معارضتهم لدين الإسلام بغض النظر عما سيسببه هذا من مشاكل خارج البلاد وتقول : إن دين الإسلام عقبة في طريقنا هذه السنين .. محليا وعالميا .. لقد تركنا الموضوع يتفاقم لأننا متسامحون وكسولون .. مهما قال عنا الناس فيجب علينا مقاومة دين الإسلام لأن هناك أشياء يجب عدم التسامح بها ) ..
** أظهرت دراسة حديثة أجرتها مصلحة الهجرة في السويد أن السويديين يبدون ريبة من الإسلام والمسلمين ويعتقد كثير منهم أن القيم الإسلامية لا تنسجم مع قيم المجتمع السويدي .. هذا وقد أبدى كثير منهم ( 50 % ) ممن جرت عليهم استطلاعات الرأي معارضتهم لارتداء الحجاب الإسلامي من جانب النساء المسلمات .. وقد اعتبرت الباحثة المسلمة هيلينا بن عودة رئيسة المجلس الإسلامي السويدي أن نتائج هذه الدراسة هو إنذار لمعاداة الإسلام في السويد ..
** تم توزيع ( 200,000 ) منشور على أبناء مصر ضمن مغلف مكتوب عليه : كل عام وأنتم بخير .. وهذه العبارة هي التي يتبادلها المسلمون في أعيادهم أما مضمون هذا المنشور فهو : ( الإسلام دين لايفهمه أحد .. والقرآن لا معنى له .. المسلمون مخادعون وإرهابيون .. القرآن يدعوا للعنف والفواحش .. المسلم متوحش متخلف مجرم لا يستمع لمنطق العقل ويقتل لأتفه الأسباب .. وأن الشرع الإسلامي يتم تفصيله حسب المقاس المطلوب .. وأن هدف المسلمين تدمير المسيحيين وتخريب الكنائس وقتل القساوسة ) .. يقول ربنا جل شأنه قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر) ...
** احتلت اُثيوبيا أريتيريا المسلمة في عهد الامبراطور القسيس هيلاسيلاسي ولما أعلنت الحكومة الأثيوبية ضمها إلى أثيوبيا بشكل نهائي احتج سكانها على هذا القرار واستنكروه فكان رد الحكومة الأثيوبية الحاقدة أن قامت بتسميم الآبار في المناطق التي صدر منها الاحتجاج مما تسبب بموت الآلاف من الرجال والنساء والأطفال وعشرات الآلاف من المواشي .. هكذا يتصرف العنصريون الصليبيون ..!!..
** تقدم عدد من مسلمي الحبشة بخطاب إلى إمبراطور الحبشة هيلاسيلاسي يلتمسون فيه مساواتهم بأمثالهم من النصارى فقامت السلطات الإثيوبية باعتقال كل المطالبين بحقهم وكان عددهم سبعون رجلا لم يعرف عنهم شيئا بعد الاعتقال ...
** في عهد الامبراطور الصليبي المجرم هيلا سيلاسي وجدت السلطات رجلا مسيحيا مقتولا في إحدى القرى المسلمة فما كان من زبانية هيلاسيلاسي إلا أن قتلوا كل أبناء هذه القرية من شباب وأطفال ونساء وشيوخ وهم يدعون أنهم أتباع المسيح ...
** في عام 1962 ميلادية وقف امباراطور الحبشة الصليبي المجرم ( هيلاسيلاسي ) على منصة الأمم المتحدة فألقى خطابا ضافيا أعلن فيه بكل وقاحة : ( أنه في خلال اثني عشرعاما لن يكون في الحبشة إلا دين واحد هو النصرانية ) .. ويقصد في هذا الكلام تنصير المسلمين أو إبادتهم فلم يتجرأ أحد من حماة الدين الإسلامي وأبناء الإسلام المتواجدين في هيئة الأمم على أن يرفع صوته استنكارا لهذه الوقاحة علما بأن نسبة المسلمين في الحبشة آنذاك كانت تصل إلى 55% من سكان الحبشة تم اسئصال وإبادة عدد كبير منهم ...
** جزر الفيلبين كانت مثل أندونيسيا بلدا إسلاميا غالبية أهلها من المسلمين فغزاها الصليبيون وحكموها قهرا وطاردوا المسلمين وأخرجوهم من بلادهم وأرضهم وحاصروهم في جزء بسيط من أرضهم وأعملوا فيهم القتل والتنصيرفي حرب إبادة لم يشهد لها التاريخ مثيلا ...
** في المجامع الكنسية المتأخرة تم اعتبار مصر دولة مسيحية وتحويل أندونيسيا إلى دولة مسيحية ولكن يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين .. فقد باءت كل مخططاتهم ومحاولاتهم بالفشل الذريع حتى اضطروا أخيرا إلى سلخ البؤرة المسيحية المسماة تيمور الشرقية عن جسد الدولة الأم خوفا عليها من التآكل والاضمحلال ...
** إن الأحقاد الصليبية لم تنقطع يوما من الأيام عبر تاريخها الطويل ولانزال نسمع الكثير من الأقوال والممارسات الحاقدة ليس على المسلمين فحسب وإنما أحقاد ضد شعوب العالم كلها فقد نشرت جريدة الحياة السعودية مانصه : ( أضاف القس الإنجيلي الأمريكي إسما جديدا إلى لائحته الشيطانية والتي تضم القرآن الكريم وقيادات شرق أوسطية داعيا الإدارة الأمريكية إلى اغتيال الرئيس الفنزويلي المنتخب هوغو شافييز تفاديا لتحول فنزويلا إلى الشيوعية والتطرف الإسلامي وتناسى روبرتسون قيمه المسيحية المسالمة وحرض الإدارة الأمريكية على التحرك واستخدام قدراتها للتخلص من شافييز وكان روبرتسون قد اقترح على الإدارة الأمريكية اغتيال صدام حسين بدلا من الحرب على العراق لأن خطة الاغتيال اقتصادية وغير مكلفة اقتصاديا وقال إن النبي محمد متطرف وأن القرآن الكريم يحرض المسلمين ضد اليهود والنصارى وغير ذلك كثير مما ينم عن الحقد الدفين للصليبيين ضد الإسلام والمسلمين خلافا لتعاليم المسيح عليه السلام ...
** وفي مجال آخر أكدت اللجنة المصرية لمناهضة الإكراه الديني في مصر أن لديها حالات عديدة لأقباط اعتنقوا الإسلام ويريدون ضمانات أمنية وقانونية لإشهار إسلامهم حتى يتحاشوا ما حدث للقبطية وفاء قسطنطين والقبطية ماري عبد الله ذكي اللتين سلمتا إلى الكنيسة القبطية في مصر بعد إشهار إسلامهما وأصبح مصيرهما مجهولا .. وأضاف البيان أنه بالنظر إلى الأجواء التي صاحبت اعتناق الإسلام لكل من وفاء قسطنطين وماري عبد الله ذكي والضغوط التي مورست عليهما نفسيا واجتماعيا ودينيا لمنعهما من إشهار الإسلام فإن اللجنة تطالب المؤسسات المعنية بالدولة تحديد الضمانات القانونية لحماية الحالات المشابهة مستقبلا خاصة وأن اللجنة لديها حالات محددة سيتم الإعلان عنها لاحقا عن أشخاص تحولوا من المسيحية إلى الإسلام ويطالبون بضمانات أمنية وقانونية حكومية لتسجيل إسلامهم رسميا ) ... وهكذا نجد الحقد الصليبي الدفين لأقباط مصر الذين أوصى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال : ( استوصوا بالقبط خيرا فإن لكم فيهم نسبا وصهرا ) ..
** قامت الكنيسة القبطية بتسيير مظاهرات حاشدة من الأقباط المصريين والتي تجمعت في ساحة الكاتدرائية المرقصية في ميدان العباسية بالقاهرة وذلك بعد فرار زوجة أحد القساوسة الأقباط بدينها بعد أن أسلمت حيث اعتنقت الدين الإسلامي عن قناعة تامة دون إكراه وآمنت بالله تعالى إلها واحدا لاشريك له ولا أب ولا إبن ولا تثليث في الألوهية وآمنت برسول الله محمد صلى الله عليه وسلم بعد أن اكتشفت فساد عقيدة النصارى وانحرافها عن الخط الإلهي الصحيح والكنيسة لا تزال تبحث عنها ليكون مصيرها كمصير أختيها ( وفاء قسطنطين و ماري عبد الله ذكي ) اللتان أسلمتا فاختطفتهما الكنيسة ولا يعرف أحد مصيرهما ..
** في عام 1497 ميلادي قام البرتغالي الصليبي العنصري( فاسكو دوغاما ) بمعاونة البحار العربي المسلم ( ابن ماجد ) وعلى هدي من الخرائط الجغرافية الإسلامية بالدوران حول أفريقيا والوصول إلى الهند وعندما وصل إلى شبه القارة الهندية قال قولته الحاقدة المشهورة : ( الآن طوقنا عنق الإسلام ولم يبق إلا جذب الحبل ليختنق فيموت ) ...
** نشرت جريدة الديار البيرونية في 20آذار 1949م مقالات للصحفيين المسيحيين جورج فيليب نقاش وكسروان نعوم اللبكي مقالات تثير النعرات الطائفية وقد حكم عليهما بالسجن لذلك .
** صرح المطران اللبناني مبارك عام 1948م في باريس ( إن لبنان بلد كاثوليكي ويحاول المسلمون أن يستعبدوه كما يحاولون استعباد جميع المواطنين الذين يسكنون معهم في بلد واحد وطالب بأن يكون للنصارى وطن قومي كاليهود في فلسطين كي يتمكنوا من العيش الهادئ وإلا فإن أية ولاية غير إسلامية لا تستطيع أن تعيش بحرية وتمارس معتقداتها تحت سيطرة إسلامية بحتة ) ... مجلة بيروت المساء 21 حزيران 1948م ...
** يقول فؤاد أفرام بستاني في محاضرة له عام 1948م : ( حتى إذا أطلت طلائع الصليبين أمكن للموارنة أن يمدوهم بثلاثين ألف نبال أجمع الفرنجة على الإعجاب بشجاعتهم ومهارتهم فالمارونية بنت لبنان ولبنان في الكثير من مزاياه وخصائصه صنع المارونية ، فلا وطن لها سواه ولا كيان له بدونها ) ...
** في حرب 1948 بين اليهود والاستعمار البريطاني من جهة وبين الفلسطينيين من جهة كانت منظمة الصليب الأحمر تقوم بإهمال الجرحى الفلسطينيين حتى يموتوا في أرضهم وقد أرسل الدكتور جورج حنا رئيس لجنة إغاثة فلسطين رسالة شديدة اللهجة إلى المركيزة دوفريج رئيسة جمعية الصليب الأحمر اللبناني يطالب فيها منظمة الصليب الأحمر الدولي بإنصاف العرب والمسلمين ولكن دون جدوى ... وأيده في دعوته ضد عنصرية منظمة الصليب الأحمر الدولي المطران جاورجيوس حكيم مطران حيفا وعكا والناصرة وقال في رسالة مطولة انقل فقرة منها يقول فيها : ( آسف أن يعمل الصليب الأحمر الدولي تحت راية الصليب ) ...
** أما القس (صموئيل زويمر) فيقول عندما هاله أن يجد بعض النصارى يصادقون أشخاصا مسلمين فقال : ( إن الصداقة في رأيي تخلق في نفس النصارى جبنا عن التبشير ) ...
** يقول الأب شانتور الذي ترأس الكلية اليسوعية في بيروت فترة طويلة إبان الانتداب الفرنسي على سورية ولبنان : ( على أن اليسوعيين لا يريدون أن يتنازلوا عن روحهم الصليبية ، إنهم لا يزالون يذكرون المبشر بلغة فخمة ملونة مملوءة بالحقد والضغينة والاستفزاز .. إنهم يقولون إن الله يريدها ... ويأتي المبشر تحت علم الصليب .. يحلم بالماضي وينظر إلى المستقبل وهو يصغي إلى الريح التي تصفر من بعيد من شواطئ رومية ومن شواطئ فرنسا ، وليس من أحد يستطيع أن يمنع تلك الريح ، من أن تعيد على أذهاننا قولها بالأمس وصرخة أسلافنا الصليبين من قبل ، إن الله يريدها ) ... وهذه الكلمة كانت ترددها جموع الصليبين القادمين لاحتلال الشرق حيث كانوا يرددون صرخة واحدة (إن الله يريدها) أي أن الله هو الذي أراد الحروب الصليبية ، وكان شانتور ومجموعته يرددون دائما ( يجب أن تكون الإرادة الفرنسية تتمة للاحتلال الصليبي ) ...
** يقول الكاتب الأرمني اللبناني لطفي ليفونيان ( إن المسلمين جهلة لأنهم يعتقدون التنزيه في الله تعالى ) .. ويقول نلسن : ( إن الإسلام مقلد وإن أحسن ما فيه مأخوذ من النصرانية ، وسائر ما فيه مأخوذ من الوثنية كما هو أو مع شيء من التبديل ) ...
** في كتاب " البحث عن الدين الحقيقي " تأليف " المسيو ريكولي " والذي صدر عام 1887م والذي طبعته مؤسسة التعليم المسيحي في باريس عام 1928م ونال رضا البابا ليون الثالث عشر ، عاش هذا الكتاب في المدارس المسيحية في الشرق والغرب منذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا يقول المؤلف فيه عن الإسلام : ( في القرن السابع الميلادي برز في الشرق عدو جديد ، ذلك هو الإسلام ، الذي أسس على القوة ، وقام على أشد أنواع التعصب لقد وضع محمد السيف في أيدي الذين اتبعوه ، وتساهل في أقدس قوانين الأخلاق ثم سمح لاتباعه بالفجور والسلب ، ووعد الذين يهلكون في القتال بالاستمتاع بالملذات ، وبعد قليل أصبحت آسيا الصغرى وأفريقيا وأسبانيا فريسة له حتى أن إيطاليا هددها بالخطر ، وتناول الاجتياح نصف فرنسا ، ولكن انظر هاهي النصرانية تضع بسيف شارل مارتل سدا في وجه سير الإسلام المنتصر عند بواتيه عام 752م ثم تعمل الحروب الصليبية في مدى قرنين من الزمان في سبيل الدين فتندرج أوربا بالسلاح وتنجي النصرانية وهكذا تقهقرت قوة الهلال أمام راية الصليب وانتصر الإنجيل على القرآن ) .. هذا نموذج من آلاف الكتب التي تؤلف بدعم من الكنيسة وجمعيات التبشير تعصب ذميم وعنصرية مقيتة ، وتشويه للحقائق وإيقاد للأحقاد وهذا الكتاب لا يزال يدرس في مدارس الفرير المسيحية في بيروت ، ولقد قامت حكومة الانتداب الفرنسية قبل الجلاء بفرض مثل هذه الكتب وتدريسها في جميع المدارس الأجنبية .
** في عام 1909م احتج الطلاب المسلمون في الجامعة الأمريكية في بيروت على إجبارهم على الدخول إلى الكنيسة فاجتمعت عمدة الجامعة الموقرة و أصدرت منشورا طويلا جدا جاء في مادته الرابعة : ( إن هذه كلية مسيحية ، أسست بأموال شعب مسيحي ثم اشتروا الأرض وأقاموا الأبنية وهم أنشأوا كل هذا ليوجدوا تعليما يكون الأنجيل من مواده وتعرض منافع الدين المسيحي على كل التلاميذ وإن كل طالب يدخل إلى مؤسستنا يجب أن يعرف ماذا يطلب منه ) ...
** يقول المؤرخ البريطاني الكبير إدوارد جيبون عن جيوش الصليبين العنصريين : ( لقد كانوا محاربين همجا متحللين من الأخلاق ) ..
** يقول " جيمس شليزنجر " عام 2003 م : ( يقولون إن الحرب هي جهنم وأن السلام جنة .. لكننا نعرف جميعا أن هذا كذب فالحرب هي الجنة والسلام هو الجحيم ) ...
العوات العنصرية الصليبية في الفيليبين :
منذ وصول الصليبي الحاقد ماجلان إلى الفيليبين بدأت الحملات الصليبية على الفلبين الدولة التي كانت غالبية شعبها من المسلمين وكان الناس هناك يدخلون في دين الله أفواجا حتى عام 1519م حيث بدأت الحملات الصليبية تتوالى على جزر الفلبين لتنشر الخراب والدمار في كل أرض تطؤها أقدامهم مما أدى إلى توقف المد الإسلامي وانكماش رقعة الإسلام عند حدود ( مندناو ) وبعض الجزر الصغيرة النائية وكانت حصيلة تلك الحروب تزيد على نصف مليون شهيد وخمسة ملايين بين مشرد أو متنصر أو فقيد .. هذا ولقد كان الأمريكيون يريدون إبادة الشعب الفيليبيني المسلم بشكل كامل تماما كما فعلوا مع الهنود الحمر ليستولوا على أرضهم وبلادهم في حملة عنصرية شرسة لم يعرف التاريخ لها مثيلا .. يقول السيناتور الأمريكي " هور " عند مناقشة مسألة ضم الفيليبين للولايات المتحدة الأمريكية : ( فلماذا لا تستمر عملية الإبادة الجماعية أثناء التوسع خارج القارة الأمريكية ؟.. ألم يكن خطر التهجين ماثلا لآبائنا عندما عبروا المحيط الأطلسي إلى العالم الجديد ..؟.. لماذا يجب على أبنائنا الآن أن يتهجنوا وهم يعبرون محيطا آخر ليتعاملوا مع سكان محليين آخرين ) .. وهنا نلاحظ أن كثيرا من العملاء والخونة من القادة والساسة في الدول الضعيفة يقومون بعملية تزيين وتزييف لوجوه الذئاب والضباع والأفاعي ويضعون عليها مساحيق الصداقة والأخوة وألوان المحبة والإنسانية لتخفي عن الناس تلك الوجوه المتوحشة المجرمة الحاقدة التي سمعنا عنها ورأيناها بأم أعيننا في فيتنام والفيليبين .. في نيكاراغوا وكوبا .. في العراق والشيشان .. في البوسنة وأفغانستان بل في كل بقعة من بقاع العالم .. إن هؤلاء الخونة والعملاء يريدون من شعوبهم أن يمتصوا الشهد والعسل من أنياب الذئاب والضباع والأفاعي .. فهنيئا للشعوب البائسة المسكينة بما يخطط لهم أبناؤهم من الخونة والعملاء والمأجورين .. وهنا أود أن أعرض لبعض الوثائق التي تدل دلالة قاطعة على الحقد الصليبي وعلى عنصرية الصليبيين في القديم والحديث .
الوثيقة الأولى :
صورة لخطاب تلقاه أحد أعضاء البرلمان الفلبيني وهو زعيم مسلم وهذه ترجمته : ( السيد ... نكتب إليك نناشدك بان يتحد المسلمون والمسيحيون تحت إله واحد عن طريق دين المسيح فأيامك أصبحت معدودة كزعيم للمسلمين ومصيرالبنداتون ليس إلا دليلا لكم يا مسلمي الفلبين .. ومصير " أومبا " يجب أن يكون درسا لكم .. ومصير " الداتومانج " في " كوناباتو " يجب أن يكون إنذارا لكم وأنه من الأفضل أن تعرفوا مبكرا المصير الذي ينتظركم .. وتذكروا دائما أن الفلبين أمة مسيحية وبأن مصير المسلمين يجب أن يقرره المسيحيون وليس المسلمون أبدا .. إن النزاعات بين المسلمين والمسيحيين بعيدة عن الحل وإن الجهاد للوحدة في دين المسيح يجب أن يستمر .. وعندما زرع ماجلان صليبه في جزيرة " ماكتان " منع انتشار الإسلام في هذا الأرخبيل وكان أيضا إشارة التقدم وإن هذا الصليب هو علامة هذه الوحدة في المسيح .. إن المسيحية هي التي وهبت التقدم للفلبين والمسيحية هي التي حطمت حكم " الداتو " ومستعمرات " فيساي " وإن الإسلام هو العامل الأكبر الذي يمنع تقدم المسلمين لأنه لا يكيف نفسه للحياة العصرية .. ولقد آن الأوان أيها المسلمون أن تقطعوا صلتكم بالإسلام وبالعالم العربي .. إن المسيحيين لن يتحملوا المزيد من إساءاتكم وإننا لن نتحمل إنذاراتكم عن الحرب المقدسة وكلما توقفتم عن الكلام بخصوص المساعدة من الدول الإسلامية كلما انتهت المشكلة من " مندناو " سريعا وطالما أن الفرصة سانحة لكم لكي تظهروا رغبتكم في الانضمام إلى الجهاد للوحدة في الله بواسطة المسيح فمن الأفضل أن تفعلوا ذلك مبكرا فمكانتكم ذات النفوذ مؤقتة ولكن قد تكون الفرصة مواتية بأن تظلوا متمسكين فيها إذا فكرتم بهذه الأشياء .. ففي هذه الأمة المسيحية كنتم مشكلة أيها المسلمون والحل للنزاع المسيحي الإسلامي هو قبولكم للمسيحية كدين وأن تقودوا شعبكم إلى هذا الاقتراح فهو الحل الوحيد لمشكلتكم ) .. انتهى قوله ... وهنا أتساءل أنا من هم المتعصبون والإرهابيون أليسوا هم أتباع الصليب المجرمون في القديم والحديث ...
الوثيقة الثانية :
وهي نص مادار في الاجتماع المغلق الذي عقده " الأنبا شنوده " في 5-3-1973م مع القساوسة والأثرياء من الأقباط المصريين بالكنسية المرقسية بالإسكندرية وسجلته الأجهزة الخاصة كما يلي : ( بدأ البابا شنوده كلمته بأن بشرهم بأن كل شيء يسير على مايرام حسب الخطة الموضوعة .. والتخطيط المرسوم لكل جانب من جوانب العمل على حدة في إطار الهدف الموحد .. وقد تحدث في عدة موضوعات تشمل عدة نشاطات هي كما يأتي :
** عدد شعب الكنيسة : فقد صرح بان مصادرهم في إدارة التعبئة والإحصاء أبلغتهم أن عدد المسيحيين في مصر أصبح ما يقارب ثمانية ملايين نسمة ويجب ان يعلم ذلك شعب الكنيسة كما يجب عليهم أن ينشروا ذلك ويؤكدوه .. بين المسلمين لأنه سيكون سندا في المطالب التي سنطلبها من الحكومة وسنذكرها لكم اليوم .
** والتخطيط العام الذي تم الاتفاق عليه بالإجماع والذي صدرت بشأنه التعليمات وضع على أساس بلوغ شعب الكنيسة إلى نصف الشعب المصري .. حتى يتساوى عدد شعب الكنيسة مع عدد المسلمين لأول مرة منذ ( الاستعمار العربي والغزو الاسلامي ) .. على حد تعبيره ...
** والمدة المحددة في التخطيط للوصول إلى هذه النسبة هي بين ( 12 -15 ) سنة من الآن .. ولذلك فإن الكنيسة تحرم تحديد النسل أو تنظيمه .. وتعتبر كل من يفعل ذلك خارجا على تعليمات الكنيسة ومطرودا من رحمة الرب وقاتلا لشعب الكنيسة ومضيعا لمجده وذلك باستثناء الحالات التي يقرر فيها أطباء الكنيسة خطر الحمل والولادة على حياة المرأة وقد اتخذت الكنيسة لتحقيق هذه الخطة بالنسبة لزيادة عدد المسيحيين ما يأتي :
ـ تحريم تحديد النسل وتنظيمه بين شعب الكنيسة .
ـ تشجيع تحديد النسل وتنظيمه بين المسلمين خاصة وأن أكثر من ( 65% ) من الأطباء وبعض الخدمات الصحية هم من شعب الكنيسة .
ـ تشجيع الإكثار من النسل بين شعب الكنيسة بوضع الحوافز والمساعدات المادية والمعنوية للأسرالفقيرة من شعبنا . ـ التنبيه على العاملين بالخدمات الصحية على المستوى الحكومي وغير الحكومي بمضاعفة الخدمات الصحية بين شعبنا المسيحي وبذل العناية والجهد الوافرين وذلك من شأنه تقليل نسبة الوفيات ، بين شعبنا المسيحي على أن يكون تصرفهم غير ذلك مع المسلمين .
ـ تشجيع الزواج بالسن المبكرة بتخفيض تكاليفه وذلك بتخفيض رسوم فتح الكنائس ، ورسوم الإكليل بالكنائس الكائنة بالأحياء الشعبية .
ـ تحرم الكنيسة تحريما باتا على أصحاب العمارات والمساكن تأجير أي مسكن أو شقة أو محل تجاري للمسلمين ، وتعتبر من يفعل ذلك من الآن مطرودا من رحمة الرب ، ورعاية الكنيسة كما يجب العمل بشتى الوسائل على إخراج المسلمين الذين يسكنون العمارات والبيوت المملوكة لشعب الكنيسة ، وهذه السياسة الإسكانية إذا استطعنا تنفيذها بقدر الإمكان فإن من شأنها تشجيع الزواج بين الشباب المسيحي وتصعيبه وتضييقه بقدر الإمكان على المسلمين مما يكون له أثره الفعال للوصول إلى هذا الهدف حيث لا يخفى أن الغرض من هذه القرارات هو انخفاض معدل الزيادة بين المسلمين وارتفاع هذا المعدل بين الشعب المسيحي .
** انتصار شعب الكنيسة : وقال شنودة في محاضرته : ( إن المال يأتينا مما نطلب وأكثر مما نطلب من ثلاث مصادر هي " أمريكا ، والحبشة ، والفاتيكان " ولكن يجب أن يكون الاعتماد الأول في تخطيطنا الاقتصادي على مالنا الخاص الذي نجمعه من الداخل وبالتعاون والزيادة من فعل الخير بين أفراد الشعب المسيحي .
** يجب الاهتمام بشراء الأراضي ، وتسهيل القروض والمساعدات لمن يقومون بذلك لمساعدتهم على البناء ، وقد أثبتت الإحصاءات الرسمية أن أكثر من ( 60% ) من تجارة مصر الداخلية بأيدي مسيحيين ويجب العمل على زيادة هذه النسبة وتخطيطها في المستقبل وفي المقابل يركز على إفقار المسلمين ونزع الثروة من أيديهم وبالقدر الذي يؤدي إلى إثراء شعبنا لذلك يلزم المداومة على تذكير شعب الكنيسة ، والتنبيه عليهم مشددا من حين لآخر لمقاطعة المسلمين اقتصاديا ، والنهي عن التعامل معهم نهيا تاما . إلا في الحالات المستحيلة وذلك يعني مقاطعة المسلمين ممن هم في سلك المحاماة ، والمحاسبين والمدرسين والأطباء والصيادلة ، وكذلك مقاطعة العيادات ، والمستشفيات التي يملكونها والمحلات التجارية والجميعات الاستهلاكية فيما أمكن ، ومادام يمكن التعامل مع شعب الكنيسة لسد حاجتهم وكذلك مقاطعة صناع المسلمين وحرفييهم والتعامل مع شعب الكنيسة لسد حاجتهم أي مع الصناع والحرفيين المسيحيين ولو كلف ذلك الفرد المال والجهد والمشقة .. ثم قال الأب شنودة : ( إن هذا الأمر مهم جدا وخطير بالنسبة للتخطيط المالي والتخطيط العام على المدى القريب ، والبعيد .
** الجانب التعليمي : يقول شنودة : ( إنه يجب بالنسبة للتعليم العام للشعب المسيحي الاهتمام بالسياسة التعليمية حاليا في الكنائس مع مضاعفة الجهد ، خاصة وأن بعض المساجد بدأت تقوم بمهمات تعليمية ، كالتي تقوم بها كنائسنا ، وهذا سيفرض علينا مضاعفة الجهود المبذولة حتى تستمر النسبة التي نحصل عليها من مقاعد الجامعات ، وخاصة الكليات العلمية .. ثم قال : إني أذ أهنئ شعب الكنيسة وخاصة المدرسين منهم بهذا الجهد ، وهذه النتائج حيث وصلت نسبة الوظائف الخطيرة العامة كالطب والهندسة والصيدلة إلى أكثر من (60%) من الشعب المسيحي ، فإني أدعو لهم الرب يسوع المخلص أن يمنحهم بركاته ، وتوفيقه حتى يواصلوا الجهد لزيادة هذه النسبة في المستقبل القريب ) ...
** التبشير : يقول الأب شنودة : ( إنه يجب مضاعفة الجهود التبشيرية الحالية ، على ان الخطة التبشيرية التي وضعت بنيت على أساس أن الهدف الذي اتفق عليه من التبشير في المرحلة القادمة هو التركيز على التبشير بين الفئات ، والجماعات أكثر من التبشير بين الأفراد وذلك لزحزحة أكبر عدد من المسلمين عن دينهم أو التمسك به ، على أن لا يكون من الضروري دخولهم في المسيحية ويكون التركيز في بعض الحالات على زعزعة الدين في نفوس المسلمين وتشكيك الجموع الغفيرة في كتابهم وفي صدق محمد وإذا نجحنا في تنفيذ هذا المخطط التبشيري في المرحلة القادمة ، فإننا نكون قد نجحنا في إزاحة هذه الفئات عن طريقنا ، وحتى هذه الحالة إن لم تكن لنا فلن تكون علينا .. على أن يراعى في تنفيذ هذا المخطط أن يتم بطريقة ( لبقة ذكية ) حتى لا يكون ذلك سببا في إثارة حفيظة المسلمين ويقظتهم والخطأ الذي حدث في المحاولات التبشيرية الأخيرة بنجاح مبشرين في هداية المسلمين لإيمانهم بالخلاص على يد الرب يسوع المخلص ، والخطأ الذي يحدث هو تسرب أنباء هذا النجاح إلى المسلمين لأن ذلك من شأنه تنبيه المسلمين ويقظتهم ، وهو أمر قد ثبت من تأريخهم الطويل معنا ، إنه ليس بالأمر الهين ، وهذه اليقظة بالذات من شأنها أن تفسد علينا مخططاتنا المدروسة وتؤثر في نتائجها وثمارها وتضيع جهودنا هباء .. لذلك فقد أصدرت التعليمات بهذا الخصوص وستنشر في جميع الكنائس لكي يتصرف الجميع من شعبنا مع المسلمين بطريقة ودية لا تثير غضبهم ، وإقناعهم بكذب هذه الأنباء ، كما تم التنبيه على رعاة الكنائس ، والآباء والقساوسة لمشاركة المسلمين احتفالاتهم الدينية ، وتهنئتهم باعيادهم ، وإظهار المودة والمحبة لهم ، وعلى شعب الكنيسة في المصالح والوزارات والمؤسسات وكل أماكن الاحتكاك إظهار هذه الروح لمن يخالطونهم من المسلمين .
** ثم يتابع الأب شنودة بكل خبث ودهاء فيقول ما نصه بالحرف الواحد : ( إننا يجب أن ننتهز ما هم فيه من نكسة ومحنة لأن ذلك في صالحنا ولن نستطيع إحراز أية مكاسب أو أي تقدم إذا انتهت المشكلة مع اسرائيل سواء بالسلم أو الحرب ) ...
** ثم هاجم الأب شنودة من أسماهم بضعاف القلوب الذين يقيمون مصالحهم الخاصة على مجد الكنيسة وتحقيق الهدف الذي يعمل له الشعب المسيحي منذ زمن بعيد في التاريخ فقال : ( إنه لم يلتفت لهلعهم و أصر على أن يتقدم رسميا إلى الحكومة بالمطالب الواردة فيما بعد ، حيث إذا لم يكسب شعب الكنيسة في هذه المرحلة بالذات أية مكاسب على المستوى الرسمي فإنهم ربما لا يستطيعون إحراز أية مكاسب أو تقدم بعد ذلك ثم ليعلم الجميع وخاصة ضعاف القلوب أن الدول الكبرى في العالم تقف وراءنا ولسنا نعمل وحدنا ولا بد أن نحقق الهدف ولكن العامل الأول والخطير في الوصول إلى ما نريده هو وحدة شعب الكنيسة وتماسكه وترابطه ، ولكن إذا تبددت هذه الوحدة وهذا التماسك فلن تكون هناك قوة على الآرض مهما عظمت في إمكانها أن تساعدنا ) ...
** ثم يتابع الأب شنودة توجيهاته للنصارى من أقباط مصر فيقول : ( وسوف لا أنسى موقف هؤلاء الذين يريدون أن يفتتوا وحدة شعب الكنيسة وعليهم أن يبادروا فورا بالتوبة وطلب الغفران والصفح وأن لا يعودوا لمناقشة ومخالفة أوامرنا وتشريعنا والرب يغفر لهم ) ...
** ثم عدد شنودة المطالب التي صرح بأنه سيتقدم بها رسميا إلى الحكومة المصرية وهي :
ـ أن يصبح مركز البابا الرسمي في البروتوكول السياسي للدولة بعد رئيس الجمهورية وقبل رئيس الوزراء .
ـ أن يخصص لهم ثمانية وزارات في الوزارة .
ـ أن يحدد لهم ربع القيادات العليا في الجيش والبوليس .
ـ أن يخصص لهم ربع القيادات المدنية كرؤساء مجالس المؤسسات والشركات والمحافظين ، ووكلاء الوزارات والمديرين ورؤساء مجالس المدن .
ـ أن يؤخذ رأي البابا عند شغل هذه النسبة في الوزارات والمراكز العسكرية والمدنية الرئيسية ، وسيكون له حق ترشيح بعض العناصر والتعديل .
ـ أن يسمح لهم بإقامة إذاعة خاصة بهم من تمويلهم الخاص .
ـ أن يسمح بإقامة جامعة خاصة بهم ، وقد وضعت الكنيسة بالفعل تخطيط هذه الجامعة وهي تضم معاهدا لاهوتية والكليات العلمية والنظرية وتمول من واردات الكنيسة التي تصلهم من كل دول العالم المسيحية ...
** وأخيرا اختتم حديثه بتبشير الحاضرين وطلب منهم نقل هذه البشرى إلى شعب الكنيسة حيث أملهم الأكبر في عودة البلاد والأراضي إلى أصحابها من أيدي ( الغزاة العرب المسلمين ) (على حد تعبيره) قد بات وشيكا وليس في هذا أية غرابة ( في زعمه ) .. وضرب لهم مثلا بأسبانيا النصرانية التي ظلت بأيدي المستعمرين المسلمين قرابة سبعة قرون ثم عادت لأصحابها النصارى .. ثم قال ما نصه : وفي التـاريخ المعاصـر عادت أكثـر من بلد إلى أهلها بعد أن طردوا منها قرونا عديدة ( وهو يقصد إسرائيل ) انتهى .
إن الفرد المسلم الواعي لا يجهل المصير المظلم الذي ينتظره فيما لو نجحت هذه المخططات الشريرة لا سمح الله ، ولعلنا لم ننس نكبة فلسطين ، وفاجعة زنجبار ، ومأساة المسلمين في الفلبين ، وفي الحبشة وفي لبنان حيث يشن الصليبيون أقذر حرب صليبية ضد المسلمين في التاريخ .
الوثيقة الثالثة :
وهي ملخص منشور وزعته إحدى المنظمات الإسلامية في الأردن وقد تضمنت افتتاحيته شرحا لنوايا نصارى الأردن إقامة دولة صليبية عنصرية ، ترتبط بأوثق الأواصر مع لبنان من جهة ، ومع الدولة الصليبية التي يخطط لإنشائها في مصر وتكون عاصمتها أسيوط وتشكل معهما حزاما أمنيا يحيط بإسرائيل لحمايتها من الدول العربية بعد طرد المسلمين من جميع البلاد المحيطة بإسرائيل وتحويلهم إلى لاجئين .. ثم تطرق المنشور إلى الخطوات التي تم تنفيذها وهذه هي خلاصته :
** لقد نظم في الأردن في الخمسينات مجلس أعلى برئاسة المطران ومساعديه .. ولهذا المجلس خبراؤه السياسيون والاقتصاديون والعسكريون ، ويعمل هذا المجلس بتوجيه من مطران لبنان الذي يتلقى بدوره التعليمات من البابا ( في الفاتيكان ) وتسانده الدول المسيحية .
أما أهداف هذا المجلس الصليبي العنصري فهي تتلخص فيما يلي :
** شراء الأراضي وقد رصد لذلك أموال كبيرة ويلاحظ في عملية الشراء اختيار الأراضي الواقعة على منافذ المدن الكبرى ، ويتبع في شراء الأرضي أن يشتريها أحد النصارى لنفسه وبعد أيام يوقفها على كنيسة معينة .
** بعد شراء الأراضي وإيقافها تقام كنائس يراعى عند تصميمها أن تكون قلاعا حربية ، ومستودعات للأسلحة لا أماكن عبادة ، ومن هذه القلاع ما يشرف على منافذ القدس الثلاثة المؤدية إلى رام الله والخليل وعمان .
** أما عمان فقد طوقت بقلاع من الأديرة والمستشفيات التي لا تقل في حصانتها وفي نوعية بنائها عن الكنائس ، منها مستشفى المعشر فكنيسة دائرة السير فمدرسة ودير الفرير فمدرسة ودير راهبات الوردية فدير جبل الهاشمي ثم أراض شاسعة لمؤسسة ألمانية ، وهذا التخطيط متبع في كل مدينة أردنية .
** إقامة قرى محصنة على الطرق الرئيسية التي تربط الأردن بالعالم العربي ولتحقيق ذلك قاموا بشراء خمس مستعمرات أحدها في ( وادي الظليل ) والثانية قرب قرية ( الكفرين ) والثالثة قرب مثلث ( إربد ـ الرمثا ) والرابعة عند وادي ( الموجب ) والخامسة عند ( رأس النقب ) وقد حصنت هذه المستعمرات بخنادق أرضية ، وقسمت إلى أجزاء صغيرة تقام عليها بنايات شعبية تباع على أقساط للنصارى ونظرا لوقوعها في الصحراء فإنها تستعمل لتدريب ( الجيش المريمي ) وتتراوح مساحة كل مستعمرة ما بين أربعة وستة آلاف دونم .
** التغلغل في الوظائف الحكومية والمراكز الحكومية والمراكز المدنية والعسكرية ومن نظر إلى هذا القطاع يذهله التخطيط الدقيق للاستيلاء على المناصب الحساسة وخاصة في الاستخبارات ، وسلاحي الإشارة والمهندسين والسلاح الجوي وقد يوجد من المسلمين من يقود أسلحة أخرى ولكنهم يختارون من الجهلة وساقطي الهمة لسهولة السيطرة عليهم وتوجيههم بالمال والنساء .
** وعلى الرغم من أن نسبتهم العددية لا تتجاوز (7%) فإن ما بأيديهم من الوظائف الحساسة يزيد على (50%) .. وأخطر ما في هذه القضية الجانب العسكري ، وهو صلة الضباط النصارى في الجيش بأجهزة المخابرات الأمريكية والبريطلنية بواسطة الملحقين العسكريين في السفارتين الأمريكية والبريطانية .. ولقد قامت هذه العناصر النصرانية ( بعد أن أتمت خططها، وضمنت بناء القلاع والتحصينات واحتلال المناصب الحساسة ) بتشكيل قوات ميليشيا عسكرية باسم ( منظمة الجيش المريمي ) وتحت شارة كشافة ، ولهذه المنظمة قيادات في الضفة الغربية ومركزها القدس وفي الضفة الشرقية ومركزها ( عمان ) ولكل قيادة مركز حربي أعلى ويتولى تدريب هذا الجيش الضباط النصارى في الجيش الأردني وفي الأمن العام .. ولقد بلغ تعداد هذا الجيش حتى أواخر عام 1966م حوالي عشرين ألف جندي ولهذا الجيش دستور طبع في لبنان ، ومجلة شهرية تحمل اسم مجلة الجيش المريمي تطبع في لبنان أيضا وقد منع دخولها إلى الأردن ، ولكن هذا المنع لم يحل دون وصولها بانتظام وبأعداد كبيرة بواسطة موظفي الجمارك من النصارى في مراكز الحدود ، ويحرر الصفحة الأولى منها المرشد الروحاني وهو عادة يختار العناوين المثيرة مثل ( القدس عاصمتنا المسيحية ) ومثل : (آن لجيشنا أن يخلص البلاد من أعدائه المسلمين ) ومثل ( ليس لغير المسيحيين حق في هذه الديار المقدسة ) .
** ولقد ضبطت السلطات الأردنية أسلحة كثيرة لهذا الجيش ولكنها سرعان ما تختفي ولا يعرف مصيرها ، بل إن السلاح يتدفق على هذا الجيش من الداخل بواسطة الضباط النصارى في الجيش الأردني ومن الخارج بواسطة موظفي الجمارك في ميناء العقبة ومراكز الحدود .
** قامت قوات الجيش المريمي باستفزازات كثيرة ، وخاصة في الاحتفال بعيد الميلاد الذي سبق هزيمة حزيران ، وحمل أفراده صلبانا يبلغ ارتفاعها ثلاثة أمتار وأخذوا يهتفون بهتافات مثيرة مثل ( دين المسيح هو الصحيح ) و ( لا عربية ولا إسلام ) ومثل ( آن لجيشنا أن يبرز لرفع علم مريمي على أرض المسيحية ويقيم دولتها ) .. مما يدل على اعتدادهم بأنفسهم واطمئنانهم إلى قوتهم وعلى مساندة العالم المسيحي لهم ) انتهى .
والآن هذه الوثائق أضعها بين يديك أيها المسلم الكريم لتعرف أي مخطط شرير يعده لك أعداؤك ، ولأكشف لك النقاب عن أخطر مؤامرة تنسج خيوطها الأيدي السوداء الصليبية العنصرية القذرة للقضاء على كيانك وتاريخك وتراثك وكل ما تعتز به من مبادئ سامية .. أنا لا أريد منك أن تثور ولا أن تلجأ إلى العنف ولكني أريد منك كما قالت مجلة اللقاء العربي التي نشرت خطاب ( البابا شنوده ) ( أن تتسلح بالوعي وأن تعمل على إحباط هذه المخططات بكل الطرق والوسائل المشروعة ، وأن يكون لك مخطط تحمي به نفسك من شر ما يدبر لك ، وذلك في هدوء وحرص على أن لا تمكن أعداءك من تحقيق أهدافهم .. كن يا أخي المسلم على يقين بأن الله سيسألنا ولا بد أن يسألنا عما أعددناه من مخططات لحماية دينه من مؤامرات أعداء الإسلام والمسلمين فماذا أعددنا له من جواب ؟
أما الآن وبعد أن عرفت أيها المسلم الكريم ما يبيته لك أعداء الإسلام فإنني سأعرض في الصفحات القادمة أحداثا ظالمة حاقدة حالكة من أحداث الحروب الصليبية في التاريخ لتعرف أن الحرب التي يشتد أوارها اليوم ما هي إلا امتداد لتلك الحروب الصليبية وتتمة لما بقي منها ، وبعد ذلك سألقي الأضواء على حقيقة النصرانية ، وسأثبت زيف أسسها ومرتكزاتها وأنها لا تمت إلى النصرانية الحقة التي جاء بها السيد المسيح عيسى عليه السلام بأية صلة ، وسنرى بعد ذلك ان الإنسانية لم تجن من ثمارها إلا الدمار ومزيدا من التعاسة والشقاء وخراب الديار ، وسيكون إثبات زيف الأناجيل وتأكيد تحريفها بالأدلة العقلية والنقلية المدخل الأول لكافة الأبحاث الأخرى .
وقبل أن أترك هذا الفصل وهو الحديث عن الدعوات العنصرية في العالم أريد أن أؤكد هنا أن هذه الدعوات هي دعوات عنصرية مجرمة ظالمة في حق شعوب العالم أجمع .. هذه الدعوات لا يمكنها أن ترقى إلى العالمية أو الإنسانية وبذلك لا يمكنها بحال من الأحوال أن تقوم ببناء حضارة عالمية إنسانية ترسخ العدالة والأمن والسلام لكل شعوب العالم ...
الدعوات الدينية الوثنية :
** العقيدة البوذية كأساس حضاري .
** العقيدة الهندوسية كأساس حضاري .
** العقيدة المجوسية كأساس حضاري .
** عقيدة السيخ .
الدعوات الدينية الوثنية :
إن العالم الشرقي بدياناته الوثنية المختلفة من هندوسية وبوذية ومجوسية وسيخية وبرهمية وغيرها من الديانات المختلفة لايمكن بحال من الأحوال أن تكون صالحة لإقامة حضارة عالمية إنسانية ولا يمكن بحال من الأحوال الاعتماد على أي من هذه الديانات الوثنية لتكون أساسا لبناء حضارة عالمية إنسانية .. لا يمكن لأية ديانة من هذه الديانات الوثنية أن تقود العالم أجمع إلى حضارة عالمية إنسانية .. ذلك لأن مبادئ هذه الأديان ومنذ البداية تعتمد على الخرافات والأساطير والشعوذات والأوهام وهذا بدوره سيصطدم وبشكل مباشر وعنيف مع الفطرة البشرية أولا ومع العلم ثانيا ومع مفهوم الحضارة العالمية الإنسانية ثالثا .. إذ لا مجال لمثل هذه الأديان والعقائد من أن تلعب دورا قياديا عالميا يؤدي إلى قيام حضارة عالمية إنسانية .. ولعل أفضل دليل على ذلك أن هذه الأديان والعقائد ومنذ مئات السنين لم تكتسب إلى صفها مسلما واحدا أو نصرانيا أو يهوديا واحدا ترك دينه ودخل في مثل هذه الديانات الوثنية .. إضافة إلى أن هذه العقائد والديانات الوثنية تتآكل من داخلها .. هذا ولقد كنت في نقاش مع أحد الأصدقاء الهندوس فسألته في آخر الحوار : هل سمعت عن بعض الهندوس الذين تحولوا إلى الإسلام ..؟ فقال كثير .. وسألته سؤالا آخر : هل سمعت عن مسلم واحد ترك دينه و تحول إلى الديانة الهندوسية .. فبهت الذي كفر وسكت ولم يجب .. وفيما يلي أستعرض وبشيء من التفصيل أهم هذه الديانات الوثنية على صغيد العالم ...
الديانة البوذية كأساس حضاري :
تعتبر الديانة البوذية من الديانات الوثنية القديمة جدا والتي ظهرت قبل ظهور الإسلام بفترة طويلة حيث استطاعت هذه الديانة الوثنية أن تنتشر وتتوسع في مناطق الوثنيين عندما جاء بوذا إليهم بتعاليم قيل عنها أنها أخلاقية وقيل عنها أنها تربوية وقيل عنها أنها سامية في أجواء من الجهل والتخلف والعقائد الباطلة المنحرفة وذلك في مناطق شرق آسيا في العهود القديمة عندما كانت الوثنية تنتشر وتسود في كثير من بلاد العالم .. ولم تستطع الديانة السماوية اليهودية أن تنتشر وتقضي على الديانات الوثنية بسبب عنصريتها ـ طبعا بعد تحريفها ـ إذ يعتبراليهود أنهم شعب الله المختار وأنهم وحدهم المكلفون بأمور الدين اليهودي وبقية الناس غير أهل للتكليف بل ويعتقدون أكثر أن الجوييم وهم غير اليهود خلقهم الله كالحمير ليركبهم بنو إسرائيل .. إن مثل هذه العقيدة لا يمكنها أن تنتشر بين الناس ولايمكنها أن تقضي على الوثنية بشكل من الأشكال ... ثم جاءت النصرانية بعدها وقد ابتليت بمؤامرات كبيرة من اليهود السابقين لها ومن الوثنيات اليونانية والرومانية فاستطاعت بدعم من الدولة الرومانية أن تتوسع في اتجاه الغرب محملة برصيد هائل من وثنيات الرومان فلم تستطع أن تقضي على وثنيات الشرق لأنها كانت محملة بوثنيات الرومان إضافة إلى أمر هام وهو استعلاء الدولة الرومانية على كافة شعوب العالم واعتبارهم عبيدا للأسياد الرومانيين وهذه العقيدة بهذا المفهوم الطبقي العنصري الذي لم يات به المسيح عليه السلام لم تستطع الانتشار والتوسع شرقا لتفضي على الديا نات الوثنية .. وعندما جاء الإسلام تقلص انتشار الديانة البوذية حتى لم يعد يتجاوز المناطق التي يعيش فيها أصحاب هذه الديانة في شرق آسيا بل على العكس من ذلك فقد أخذ الإسلام يتوسع وينتشر بشكل كبير على حساب الديانة البوذية في مناطق شرق آسيا وجنوب شرق آسيا حتى وصل المد الإسلامي إلى إلى الصين والفيليبين وإندونيسيا وغيرها وكل ذلك كان على حساب تقلص الديانات الوثنية وعلى رأسها البوذية حيث أسلم عدد كبير من أصحاب هذه الديانة وتحولوا إلى الإسلام وذلك في عهود الإسلام الزاهرة .. وتعتبر الصين واليابان وبعض دول جنوب شرق آسيا أكثر المناطق التي تنتشر فيها الديانة البوذية حيث يبلغ أعدادهم أرقاما قياسية على مستوى العالم إلا أن حصول الثورة الشيوعية الصينية على يد الزعيم الصيني ( ماوتسي تونغ ) قد حصر هذه الديانة في مواقعها ومنع انتشارها وقوض أركانها بل يمكننا أن نقول أنه مسحها من الوجود الصيني بشكل كامل خاصة وأن الصين قبل الثورة الشيوعية كانت تشكل أكبر المعاقل البوذية في العالم .. أما الآن فلا يوجد في الصين إلا عدد قليل من المعابد البسيطة في أطراف الصين يؤمها عدد قليل من البوذيين يمارسون بعض الطقوس بينما تم إغلاق وتدمير معظم هذه المعابد البوذية على أرض الصين .. لقد منع ماوتسي تونغ الأديان كلها انطلاقا من القاعدة الماركسية : ( الدين أفيون الشعوب ) .. ونظرا لأن الديانة البوذية هي ديانة وثنية أصلا تقوم على العديد من الخرافات والأوهام والأباطيل التي لا يقبلها عقل ولا يقرها منطق لذلك فقد انتهت إلى غير رجعة في أهم معاقلها في الصين وذلك بسبب الثورة الشيوعية الصينية .. فلم تعد هذه الديانة قابلة للانتشار في العالم فلا نكاد نعرف أن مسلما أو نصرانيا أو يهوديا أو حتى هندوسيا اعتنق الديانة البوذية منذ فجر التاريخ وحتى الآن .. إن الدعوة البوذية دعوة فقدت أصالتها وفقدت أنصارها وفقدت فاعليتها وتأثيرها على الناس وفقدت إنتشارها حتى في أهم معاقلها وهي بالتالي دعوة لايمكن أن تكون دعوة عالمية إنسانية ولا يمكنها والحال هذه أن تقوم ببناء حضارة عالمية إنسانية تنشر العدل والسلام والعزة والكرامة في ربوع العالم كله .. أما عن المبادئ والأسس والعقائد والشرائع التي تقوم عليها الديانة البوذية فهي عقائد وثنية باظلة منحرفة قاسية في تعاليمها تعتمد على تدريب المؤمنين بها على الصبر على الجوع والعطش والتعب وتطبق الأعمال الشديدة والرياضات القاسية وتلزم أتباعها بالطاعة العمياء .. كما تعتمد على على طقوس رياضية وحركات تمثيلية وعلى تقديس الأصنام والتماثيل وخاصة تمثال بوذا الذي ينتشر وبشكل كبير جدا في المناطق البوذية حيث يقوم الصناع والنحاتون بإنتاج مثل هذه التماثيل بطرق متعددة وأساليب متنوعة من الخشب ومن العاج ومن الكريستال والبرونز والأبانوس والبلاستيك وغير ذلك وتباع بأغلى الأثمان للجهال الوثنيين الذين يسجدون لهذه التماثيل ويتباركون بها وبقدمون لها طقوس العبادة والأناشيد الدينية المختلفة كل يوم .. إن مثل هذه الديانات الوثنية قد عفا عليها الزمن وتجاوزتها أحقاب التاريخ وفقد أنصارها في معاقلها وقل أتباعها وتقوقعت فلا تستطيع الانتقال والانتشار خارج مناطقها علما أن الزعيم الصيني الشيوعي ماوتسي تونغ قد قضى على جذرها في الصين التي كانت وإلى عهد قريب تعتبر من أهم التجمعات البوذية في العالم .. إن الديانة البوذية باعتبارها دعوة وثنية متخلفة متناقضة مع العقل والفطرة البشرية فإنها لا يمكن أن تشكل دعوة عالمية ولا يمكن أن تكون إنسانية وبذلك لا يمكنها أن تقوم ببناء حضارة عالمية إنسانية في مستقبل الأيام بحال من الأحوال
الديانة الهندوسية والبرهمية كأساس حضاري :
تعتبر الديانة الهندوسية من الديانات الوثنية المنتشرة في بلاد السند والهند منذ أقدم العصور إلا أن ظهور الديانات السماوية في منطقة الشرق الأوسط وخاصة الدين الإسلامي أوقف انتشار هذه الديانة تماما وحصرها في محيطها الأساسي في بلاد السند والهند بل أكثر من ذلك انتشر الإسلام وبشكل كبير جدا في هذه البقعة من العالم على حساب الديانات الوثنية الموجودة في السند والهند .. ويعتبر الدين الإسلامي أقوى حركة دينية استطاعت أن تخترق القارة الهندية وتحول عددا كبيرا من الهندوس إلى الديانة الإسلامية حيث تحول مئات الملايين إلى الإسلام .. لقد قام المسلمون الأولون بفتح بلاد السند والهند وإقامة حضارة إسلامية زاهرة في هذه البلاد لاتزال آثارها شاهدة حتى يومنا هذا .. ولا تزال كثير من المدن الهندية تحتفظ بالآثار الإسلامية الرائعة بل حتى بالأسماء الإسلامية مثل أحمد آباد وحيدر أباد وغيرها .. ولقد أحست بريطانيا عندما كانت تحتل القارة الهندية بالخطر من دخول الهندوس في الدين الإسلامي أفواجا فقامت بأكبر جريمة عرفتها القارة الهندية وهي تمزيق القارة الهندية إلى ثلاثة أجزاء وهي باكستان وبنغلاديش والهند ثم كشمير ومن ثم إثارة النعرات الطائفية والصدامات المسلحة بين المسلمين والهندوس مما أدى إلى وقف المد الإسلامي والتوسع الإسلامي في القارة الهندية وبالتالي وقف انتشار الإسلام الذي كان يسير ضمن القارة الهندية بكل عنف وقوة على حساب الديانة الهندوسية والبرهمية وغيرها من الديانات الوثنية المنتشرة في الهند .. إن الهندوسية والبرهمية قد محتهما ظروفهما الخاصة المعقدة كدين غيرقابل للإنتشار وبقيت في موطنها الأصلي كثقافة وليس كتشريع ودين وروحانيات .. ذلك لأن هذه الديانات تلازمت مع الفقر والجوع والجهل قرونا طويلة فلم يدخل العلم والحضارة إلى هذه المناطق إلا بعد أن قامت بريطانيا بتأجيج النعرات الطائفية الدينية وإثارة الأحقاد بين أبناء البلد الواحد .. لقد تحول عدد كبير جدا من الهندوس إلى الإسلام قبل أن تدخل بريطانيا إلى القارة الهندية حتى وصل عدد المسلمين في الهند اليوم إلى مايقارب أربعمئة مليون نسمة حتى كان الأمل كبيرا بتحول القارة الهندية كلها إلى الإسلام خلال أقل من قرن واحد لو سارت وتيرة التحول إلى الإسلام على وتيرتها السابقة ... ولكن بريطانيا الصليبية أحست بالخطر في أشد الأيام تحولامن الهندوسية إلى الإسلام وفي أشد الأيام تلاحما وتعاونا بين المسلمين والهندوس ضد الاستعمار البريطاني فقامت بإثارة الأحقاد وبث النعرات العنصرية والطائفية حتى وصل الأمر إلى تمزيق القارة الهندية التي كانت تشكل أكبر تجمع سكاني في العالم .. إن الهندوسية لم تستطع في يوم من الأيام أن تتجاوز حدودها القطرية بسبب أفكارها البدائية التافهة التي لاتملك أي رصيد حضاري أو تشريعي ولو نظرنا إلى معتقداتهم ومقدساتهم لرأينا العجب العجاب فهم يقدسون الحيوانات مثل البقر والفيلة والأسود والنمور وغير ذلك وإنك لتعجب من أشكال الآلهة التي يعبدونها وتعجب أكثر من الطقوس الدينية التي تقدم لهذه الآلهة التي تعد بمئات الآلاف من الأشكال والصور التي تفنن دهاقنتهم في رسمها وتصويرها أضف إلى تقديسهم البقر .. ولقد رأيت بأم عيني كثيرا من المشاهد التي تتقزز منها النفوس وتقشعر منها الأبدان رأيت في الشوارع في بومباي وفي منطقة ساكيناكا الصناعية التي تعتبر من أشد مناطق بومباي ازدحاما رأيت بقرة تقعد في وسط الطريق تجتر ماخزنته من طعام والمنطقة أصبحت في أزمة مرورية خانقة والسيارات تصعد على الأرصفة وعلى الجزر التي في وسط الشارع والازدحام يزداد ويزداد حتى توقف المرور بشكل شبه كامل والبقرة لاتزال مستريحة وقاعدة في وسط الطريق واستمر الموضوع ساعات طويلة دون أن يتجرأ شخص مثقف واعي ويسحب هذه البقرة إلى مكان بعيد ليسهل عملية المرور ولكن لا أحد يتجرأ على هذا العمل لأن البقرة حيوان مقدس في الديانة الهندوسية ... ومثال آخر رأيته في ضواحي بومباي حيث تكون هذه المناطق أشد فقرا وجهلا وتأخرا رأيت امرأة تغسل بقرة بالماء والصابون وبعد الانتهاء من غسل حسم البقرة الخارجي أدخلت يدها في فرج البقرة وأخذت تتمسح ببول هذه البقرة .. ترى من يستطيع أن يقبل مثل هذه الديانة التي تقدس البقرة وبول البقرة وروثها ..؟! .. لقد أصبحت الديانة الهندوسية تخترع آلهتها تماما كما الجاهليات القديمة تصنع تماثيل ألآلهة وصور الآلهة ثم يعكفون عليها عابدين .. مثال ثالث وهو عيد من أعيادهم حيث يصنعون رمزا ضخما للآلهة على شكل فيل ضخم يضعونه في بداية نهر الغانج ويمشي خلف هذا الفيل الضخم عشرت ا لآلاف بل مئات الآلاف من البشر من شمال أومنتصف القارة الهندية حتى يصلوا وخلال أيام إلى مصب نهر الغانج في المحيط الهندي فيدفعون هذا الإله إلى المحيط لتأكله أمواج المحيط أي أنهم يسبحون ربهم ثم يغرقونه .. ترى من يستطيع أن يطفئ نور عقله من الناس على مستوى العالم ثم يقبل بمثل هذه السخافات والخرافات .. ولوبحثت في أشكال صور الآلهة لأصابك الدوار من كثرة هذه الآلهة فهناك آلهة على شكل امرأة جميلة وبدينة لها خرطوم يشبه خرطوم الفيل ولها ستتة أيدي وحولها الفئران من كل جانب .. وصورة أخرى لآلهة على شكل جسم أسد وله رأس رجل شاب جميل الطلعة وله عدة أيدي ويحمل القوس يحاول أن يصوبه إلى هدف معين وهناك المئات من الأشكال والتماثيل والصور لايمكن حصرها وهذا نتيجة وجود مئات الطوائف الهندوسية والبرهمية المختلفة بشكل كامل أو جزئي وإن اتفقت واتحدت بوثنيتها وتقديسها للبقر الذي يعدونه حيوانا مقدسا ...
إذن لقد انحسرت الديانة الهندوسية والبرهية عن واقع الحياة بشكل عام حتى في موطنها الأصلي وانحسرت المفاهيم الدينية عندهم وتعددت أحوالها ومشاربها واقتصرت على بعض الخرافات والأوهام إضافة إلى وجود قوى خفية تحاول تأجيج نار النعرات الطائفية والأحقاد الدينية كلما خبا أوارها وذلك بافتعال أحداث وتوريط بعض الناس من هذه الطائفة أو تلك حتى تشتعل نار الفتنة من جديد لتأكل الأخضر واليابس من كلي الجانبين وشياطين الإنس يضحكون ويفرحون ولكن من بعيد .. لقد انحسرت المفاهيم الدينية عند الهندوس فلم يبق منها إلا النعرات الطائفية والأحقاد التي يقودها الجهلة من كلي الجانبين والحكومة الهندية تقف عاجزة أمام الأحداث الدامية التي تقع بين فترة وأخرى بل تنحاز إلى الهندوس في كثير من الأحيان وتدعم عصابات الإجرام العنصرية في أحيان أخرى دون أن ترد الحق إلى نصابه .. إنحسرت المفاهيم الدينية عند الهندوس فلم تعد تشبع أرواح المؤمين بها فلم يعد يرتاد معابدهم إلا نسبة ضئيلة من المتدينين الهندوس الذينهم من كبار السن أو أصحاب الهوى والغايات الخاصة .. ولقد زرت بعض معابد الهندوس في الهند فوجدتها تمتلئ بالتماثيل والصور لأشكال معينة من الآلهة أو الأشخاص المقدسين عندهم أو لحيوانات مثل البقر التي تجمع على تقديسها معظم الطوائف الهندية وهناك عدد من الأشخاص يقومون يحركات التعظيم لهذه التماثيل والصور ويصدرون أصواتا مبهمة بين الحين والحين وهناك رجل كبير بالسن يحمل بيده عصا ويتفوه بعبارات يرددها الموجودون هناك من الهندوس .. وعلى الرغم من قذارة المكان الذي كان مليثا بالطين والأوحال نتيجة الأمطار آنذاك إلا أنهم لم يسمحوا لي بالدخول إلى المعبد إلا بعد خلع الحذاء وقالوا إن هذا من تعاليم الكتاب المقدس عندهم .. والجدير بالذكر أن تمسك الهندوس بتعاليم دينهم وطقوسهم الدينية أصبح محدودا جدا وانتشار هذه الديانة في الديانات الأخرى أصبح معدوما تماما حيث لم نسمع أن شخصا اعتنق الهندوسية من ديانة أخرى منذ فجر التاريخ حتى الآن بل على العكس من ذلك فقد بدأت هذه الديانة تتآكل ويتناقص عدد أتباعها يوما بعد يوم بعد أن تعلم الناس هناك وتثقفوا فلم يعد يقنعهم تقديس البقرة التي يذبحها الناس في كل أنحاء العالم دون أن تستطيع رد هذا الذبح عن نفسها ..بل لقد أصبح كثير من الهندوس يأكلون لحوم الأبقار عندما يبتعدون عن موطنهم الأصلي وهذا ما رأيته وعلمت به لدى أبناء الطائفة الهندوسيةالمقيمين في كندا وفي السعودية ودول الخليج بل في كل بلد من بلاد العالم .. إن الهندوسية دعوة وثنية محلية تصطدم وبشكل مباشر مع العقل والفكر السليم فهي بالتالي لايمكن أن تكون دعوة عالمية إنسانية ولا يمكن بالتالي أن تقوم عليها حضارة عالمية إنسانية .. لقد تزعم ( المهاتما غاندي ) حركة المنبوذين الهندوس وأعلن أنه سيقضي على حالة المنبوذين بعد الخلاص من الاستعمار البريطاني ليبني حضارة كبرى للهند والسند وسجل ذلك في الدستور عام ( 1948 م ) ولكننا نجد بعد أكثر من سبعين عاما من هذا الإعلان أن هذه الحركة قد فشلت فشلا ذريعا في حل مشاكل مئات الملايين من الهنود وإنقاذهم من الفقر والجوع والجهل والمرض بل إنقاذ مئات الملايين من النوم في الشورع وعلى أرصفة الطرقات بل على العكس من ذلك فقد أصبحت عصابات الهندوس تعتدي على العقائد والأديان الأخرى بتحريض ودعم من السلطات الهندية والزعماء الهندوس وأحزابهم مما يشكل زعزعة للأمن الهندي بين فترة وأخرى .. لقد فشلت الهندوسية في حل مشاكلها الخاصة فشلا ذريعا فهي بالتالي لا يمكنها إنشاء حضارة عالمية تحل مشاكل العالم أجمع وبذلك تكون الهندوسية قد قدمت استقالتها من قيادة المجتمع الهندي ثم قدمت استقالتها من قيادة المجتمع الدولي فهي لا يمكن بحال من الأحوال أن تكون دعوة عالمية إنسانية كما أنها لاتمتلك أية مقومات لبناء حضارة عالمية إنسانية بهذه المفاهيم البسيطة المنحطة المناقضة لأبسط البديهيات العقلية والفكرية والحضارية ...
لقد حكم المسلمون الهند ثمانية قرون فلم يكرهوا أهلها على الإسلام ولم يضطهدوهم وهم يعبدون البقروالأوثان فلما حكمها الهندوس أعملوا في المسلمين الحرب والقتل والتشريد ومن العجيب أن يصرح الزعيم الإنساني الهندوسي (جواهر لال نهرو ) ويقول : ( إن تقرير المصير حق لكل المجتمعات العرقية والدينية إلا في كشمير ) ولم يستنكر ذلك أحد في العالم الإسلامي ولا في العالم الحر وذلك لأن كشمير يقطنها شعب مسلم ...
المجوسية كأساس حضاري :
لقد كان للديانة المجوسية فبل الإسلام دولة وسلطان حيث كانت تسيطر على بلاد فارس وجزء من العراق وجزء من أفغانستان .. إلا أن ظهور الإسلام وانتشاره السريع وقضائه على دولة الفرس المجوسية قد طغى على هذه الديانة الوثنية التي تقدس وتعبد النار .. لقد تم اسقاط دولة الفرس المجوسية في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه .. لقد تم تحطيم دولة الفرس التي تقوم عليها هذه الديانة الوثنية في معركة القادسية ومنذ ذلك اليوم لم تعد للديانة المجوسية دولة أوسلطان ولم يعد للمجوس وجود على مستوى العالم إلا بعض الأقليات المتشرزمة الموزعة هنا وهناك والتي لاتزال تقدس النار وتقيم لها بعض الطقوس الدينية الخاصة بهذه الديانة الوثنية .. إن هذه الديانة على اعتبارها ديانة وثنية تعبد النار لا تنسجم مع العقل والفكر الإنساني بحال من الأحوال ولاتنتشر إلا في مواقع قليلة جدا على مستوى العالم وهي ديانة غير قابلة للتطور والانتشار حيث لا نجد أن مسلما أو نصرانيا أو يهوديا أو حتى بوذيا أو هندوسيا قد غير دينه إلى المجوسية عبر التاريخ الطويل بل على العكس من ذلك فهي ديانة تتآكل من داخلها فلم تعد تقنع حتى أصحابها .. إن الديانة المجوسية لا تصلح لأن تكون دعوة عالمية إنسانية ولا يمكنها أن تقود الإنسانية إلى بناء حضارة عالمية إنسانية تنشر العدل والخير والسلام والعزة والكرامة على ربوع العالم أجمع .. ولكن على الرغم من ذلك فقد استطاعت المجوسية عبر التاريخ أن تتحول وتتحور وتلبس لبوس الإسلام حتى فرخت العديد من الطوائف التي تعرف تاريخيا بالطوائف الشعوبية والتي كان لها أكبر الأثر في الكيد للإسلام والمسلمين .. لقد قام الشعوبيون المجوس وعلى مدار التاريخ بتفريخ العديد من الطوائف الضالة المنحرفة التي تظاهرت بالإسلام وأبطنت المجوسية والكفر والإلحاد كالقرامطة والحشاشين والاسماعيليين والنصيريين ولا تزال هذه الأفكار الشعوبية تسري وبتوجيه وتأصيل من أعداء الإسلام التاريخيين اليهود والنصارى فظهرت القاديانية والبهائية وظهرت الطوائف الشيعية المختلفة التي أخذت تنحرف وتنحرف عن خط الإسلام القويم حتى أخرجت المؤمنين بها عن دين الإسلام أو تكاد .. وإنني لأقدم شهادة للتاريخ أن هذه الطوائف المنحرفة هي أخطر على الإسلام والمسلمين من اليهود والنصارى ذلك لأنهم وعلى مدار التاريخ كانوا رأس الحربة لكل أعداء الإسلام وليس أدل على ذلك من جريمة ابن العلقمي وشيعته الذين تآمروا مه هولاكوعلى إسقاط الخلافة الإسلامية في بغداد .. أما اليوم فقد رأينا تآمرهم مع الغزاة الأمريكان والبريطانيين لتحطيم قوة العراق وإسقاط بغداد في أيدي المحتلين في العصر الحديث ...
إن هذه الدعوات الوثنية أو تلك الدعوات المنحرفة التي انبثقت عنها دعوات عفا عليها الزمن وتجاوزها التاريخ إلى غير رجعة وهي بحملها تلك الأفكار الوثنية الضالة المضلة سواء كان ذلك بتقديس وتأليه الأصنام والأوثان أو تلك التي تعتقد بتقديس وتأليه أشخاص من البشر هي دعوات منحرفة ضالة لا يمكنها لا يمكنها أن تكون عالمية في يوم من الأيام لأن شعوب العالم كلها ترفضها ولا يمكنها كذلك إنسانية لأتها دعوات لاتعرف الإنسانية بلا هي دعوات إقليمية فئوية محلية ضالة وبالتالي لا يمكنها بحال من الأحوال أن تقوم ببناء حضارة عالمية إنسانية بحال من الأحوال ...
الدعوات الاقتصادية المادية :
** الدعوة الشيوعية الماركسية .
** المبادئ الاشتراكية .
** الدعوات الرأسمالية
النظريات الاقتصادية :
وتعني اعتماد المبدأ الاقتصادي المادي كأساس لبناء الحضارة فنجد في هذا الاتجاه بروز نظامين عالميين أساسيين هما :
** النظام الرأسمالي ...
** النظام الاشتراكي (الشيوعي).
ففي النظام الرأسمالي نجد أن هذا النظام يرتكز في أساسياته على مبدأ التنافس والصراع الفردي الحر حيث يعتبر هذا المبدأ هو المحرك الأساسي للطاقات الاجتماعية كما صرح بذلك عالم الاجتماع ومنظر الرأسمالية " آدم سيمث " .. أما النظام الاشتراكي أو الشيوعي والذي كان نتيجة الفلسفة الديالكتيكية الجدلية التي وضعها كارل ماركس وأنجلز فوضع الأسس النظرية للنظام الماركسي الشيوعي الذي يفسر تقديم الضمانات الاجتماعية وهدفها الصالح العام.. ولقد استطاعت هذه النظرية أن تنتشر بقوة السلاح وبإفلاس الناس من الأنظمة والشرائع أن تنتشر في العالم بشكل كبير .. فتوسعت الفكرة الشيوعية لتعم مساحة كبيرة من سطح العالم ولكن لم يمض وقت طويل حتى سقطت الشيوعية في أعتى معاقلها وتبعتها بقية الأقطار الشيوعية تتهاوى الواحدة تلو الأخرى .. أما الصين فقد وضعت أسساً شيوعياً مستمدة من نظرية ماركس أنجلز إلا أن ماو تسي تونج صاغها بطريقته الخاصة التي تناسب وضع الصين في ذلك الزمان أما استمرار الصين في النظام الشيوعي ففي تقديري يرجع إلى أن الصينيين قد ألفوا وعدلوا كثيراً من مبادئ وأسس النظرية الماركسية جعلتها أقرب إلى التطور إضافة إلى السير في خطة تطوير وسائل الإنتاج بشكل كامل مما جعل الصين من أوائل الدول الصناعية في العالم .. أضف إلى ذلك القوة العسكرية الهائلة التي تقوم بحماية النظام الشيوعي المعدل في الصين ..
نلاحظ أن هناك تناقض واحد بين النظرية الشيوعية وبين النظرية الرأسمالية وإن اشتركتا في المبدأ الاقتصادي المادي ولكن بعد أن سقطت النظرية المادية الشيوعية ... فإن الحضارة الغربية المادية أيضاً قد بدأت بالانحراف نحو الهبوط ولن يمر وقت طويل حتى تسقط الحضارة المادية الغربية في أعتى معاملتها إذا لم يتدارك المصلحون الأمر قبل فوات الأوان... إن الأسباب والدوافع النفسية والاجتماعية لا تختلف بين الاتجاهين لاشتراكهما في الطبيعة المادية فهما نظامان اختلفا بالشكل ولكنهما اتحدا بالمضمون وهو النزعة المادية .. وفيما يلي نلقي الضوء على كل من الاتجاهين الماديين البعيدين كل البعد عن الدين وعن الروحانيات ..
النظرية الشيوعية :
انطلقت الثورة الشيوعية البلشفية عام 1917 م وذلك وفق فلسفة وآيديولوجيات اقتصادية وسياسية واجتماعية إلحادية وذلك كرد فعل قوي على ظلم رأس المال وسطوة الدول الرأسمالية الغنية في ذلك الزمان فقد قام " كارل ماركس " ومن بعده تلميذه " إنجلز " بوضع فلسفة مادية اقتصادية سياسية إلحادية دون أي اعتبار للقضايا الروحية والنفسية والاجتماعية وكانت النتيجة والهدف الذي وضعه ماركس لنظريته الشيوعية ( لكل حسب حاجته ومن كل حسب طاقته ) .. وجاء بعد ذلك ستالين ولينين وماوتسي تونغ وهوشي مينه وغيفارا وغيرهم كثير من زعماء الشيوعية في العالم لتطبيق هذه النظرية المستحيلة ولكنهم فشلوا جميعا في الوصول إلى هذا الهدف المستعصي وإلى حل هذه المعادلة المستحيلة وقاموا من أجل ذلك بسحق المتمردين وقتل المعارضين واضطهاد الشعوب ولكنهم لم يصلوا إلا إلى الفقر والكسل والخمول والشقاء والحرمان وقلة البراعة والإبداع الذي أدى إلى التأخر عن ركب الحضارة والمدنية .. ونتيجة لتناقض الشيوعية مع طبيعة الإنسان وفطرة الإنسان فقد سقطت السيوعية في عقر دارها وانفرط عقدها في الاتحاد السوفياتي ثم سقطت في معظم الدول الشيوعية ولم تستطع أن تحقق المبدأ الذي قامت عليه النظرية الماركسية والذي يقول : ( لكل حسب حاجته ومن كل حسب طاقته ) ..جاءت فلسفة ماركس وانجلز في أواخر القرن الثامن عشر وهما يهوديان ألمانيان فكانت انحطاطا مريعا في القيم الإنسانية والأخلاقية والروحية والاجتماعية حيث أهدرت الفلسفة الماركسية كل الروابط الاجتماعية وكل القيم الأخلاقية وكل الشعائر والعقائد ولم تعترف إلا بالمادة كمحرك لكل الفعاليات البشرية .. لقد كانت النظرية الماركسية التي بنيت عليها كل الأنظمة الشيوعية فيما بعد تصادما عنيفا مع الطبيعة الإنسانية ومع الفطرة البشرية ومع القيم الأخلاقية والاجتماعية حتى أصبحت هذه الأنظمة لعنة من لعنات التاريخ الحديث امتدت آثارها إلى بقعة كبيرة من العالم والذي سمي فيما بعد بالمعسكر الاشتراكي أو المعسكر الشيوعي .. وعلى الرغم من مساوئ هذا المعسكر الشيوعي وتأثيره على العقائد والأديان والأخلاق إلا أنه أفاد في عملية توازن القوى العالمية الغاشمة إلى حد بعيد فلقد كانت الكتلة الشرقية الشيوعية قد شكلت حلفا عسكريا قويا هو حلف ( وارسو ) فكان هذا الحلف هم كتلة توازن مع القوى الاستعمارية الغربية والتي شكلت فيما بعد حلفا عسكريا هو حلف شمال الأطلسي ( الناتو ) فكان للكتلة الشيوعية ممثلة بحلف وارسو فائدة كبرى في عملية توازن القوى العسكرية في العالم استطاعت إلى حد كبير وقف الظلم والتفرد الغربي ووقف جموح القوة الغربية وأطماع القوة الغربية ومنعت سياسة القطب الواحد الذي أصبح يتحكم بمصير الأمم والشعوب في العالم بعد سقوط الكتلة الشرقية .. إن الشيوعية هي ثمرة الحضارة المادية الغربية اشتركت مع هذه الحضارة في تدمير الأخلاق والعقائد والأديان تحت شعارات زائفة أطلقها دعاة الشيوعية مثل ( الدين أفيون الشعوب ) وقولهم ( لا إله في الوجود والحياة مادة ) .. لقد جاءت الشيوعية لتزيد الأمر سوءا وتزيد العالم ظلاما وضبابية وتباعدا بين الإنسان والاستقرار النفسي والروحي حيث دمرت العقائد والشرائع والأديان ومنعت الإيمان بالله واليوم الآخر وفقد الناس الثقة بكل القيم الأخلاقية والروحية .. لقد آذنت الشيوعية الماركسية على الرحيل بعد أن أصبحت هيكلا فارغا لا يحتوي من مبادئ الماركسية إلا الديكتاتورية والظلم والاضطهاد وحكم الشعوب بالحديد والنار .. لقد أذنت الشيوعية الماركسية على الرحيل بعد قرون طويلة من خنق الحريات واضطهاد الناس وكتم أفواه العلماء والباحثين وقمع المعارضين بالبطش والتنكيل .. لقد آذنت الشيوعية الماركسية على الرحيل بعد نشر الكفر والإلحاد والاستهزاء بالأديان والاستهزاء بالله خالق كل شيء .. لقد سقط الاتحاد السوفياتي وسقطت الكتلة الشيوعية ولم تعد قادرة على الصمود أمام ضغط الطبيعة البشرية أو الفطرة الإنسانية إلى غير رجعة وبالتالي فقدت عنصر السيادة والريادة على العالم لأنها لا تصلح لقيادة العالم لبعدها عن مبادئ الحق والعدل والإنسانية الحقة .. إن الشيوعية وفق هذه النظرية المتناقضة مع طبيعة الإنسان لا يمكن أن تقوم بدور ريادي أو قيادي على مستوى العالم وذلك لإفلاسها أيضا في عالم القيم وفي عالم الروح وعالم الأخلاق ولفقدانها العقيدة والديانة الصحيحة ولق أثبت التاريخ الحديث فشل النظام الشيوعي فشلا ذريعا فانهار الاتحاد السوفياتي وتبعه بعد ذلك معظم الدول الشيوعية الأخرى .. لقد تخلت معظم الدول الشيوعية عن شيوعيتها وانكفأت تبحث عن مبدأ آخر أو نظام آخر يقوم الفساد المريع ويصحح المسار المنحرف وينفخ الروح من جديد في أمم قد وصلت إلى حافة الموت والتأخر والضياع .. تخبط آخر واضطراب أشد وأمر وارتكاسة أخرى في أوحال المادية المقيتة تخوضها المجتمعات الغربية تلك هي النظرية الماركسية أو التنظيم الجماعي وفقا للفكرة الشيوعية وتتلخص هذه النظرية بسحب كل الموارد العامة ووسائل الإنتاج وردها ليس إلى جميع الشعب كما هو الحال في النظرية النازية وإنما ردها إلى طبقة العمال والفلاحين الذين هم سبب الثروة بما يقدمونه من عمل في المجتمع .. أما بقية أفراد المجتمع نساء ورجالا فيجب عليهم أن يتحولوا إلى طبقة العمال ليعملوا ويكدحوا حتى يحصلوا على حقهم من ثروة المجتمع .. لقد قامت النظرية الماركسية أول ما قامت في ألمانيا على يد الفيلسوف الألماني " كارل ماركس " ثم تبعه بعد ذلك تلميذه فريدريك إنجلز الذي وضع تنظيرات هامة في النظرية الماركسية وذلك كرد فعل قوي على النظام الطبقي الرأسمالي الذي أخذ يستفحل أمره في الدول الرأسماليةالغربية حيث وجدت هوة سحيقة جدا بين طبقة الرلأسماليين التي تمتلك كل شيء وبين طبقة العمال والفلاحين والكادحين الذين يقدمون كل شيء ولا يحصلون إلا على الكفاف من العيش .. لقد ازدادت الهوة بين الطبقتين بشكل كبير مما مهد للنظرية الماركسية سبل التوسع والانتشار ولكن في هذه المرة كان التوسع باتتجاه الشرق باتجاه موسكو ودول أوربا الشرقية .. يقول العالم المجري " كاريو هنت " في بحثه تحت عنوان " الشيوعية نظريا وعمليا " : ( إن الشيوعية وفقا للنظرية الكلاسيكية على الأقل ترمي إلى مجتمع بلا طبقات تكون فيه جميع وسائل الإنتاج والتوزيع والتبادل ملكا للجمهور وتختفي فيه الدولة التي تعد أداة إرغام واضطهاد .. ولكن مع هذا تقوم الثورة التي تلغي النظام الرأسمالي مع المجتمع الشيوعي بفترة انتقالية تعرف باسم ديكتاتورية البروليتاريا أو ديكتاتورية الطبقة الكادحة وهذه هي المرحلة التي زعمت فيها روسيا أنها وصلت قبل مرحلة السقوط مباشرة .. وكثيرا ما يطلق على ديكتاتورية البروليتاريا بالمرحلة الإشتراكية والتي هي المعبر والطريق إلى الشيوعية الماركسية وذلك حسب الحتميات الجدلية التي وضعها ماركس وإنجلز .. ولهذا أطلق على الإتحاد السوفياتي اسم " إتحاد الجمهوريات السوفياتية الاشتراكية " لأن الشيوعية مرحلة أعلى وهي نهاية المطاف للنظرية الماركسية .. وذلك عندما تصل قناعات الأفراد المكونة للمجتمع الاشتراكي إلى لب المنطق الماركسي " لكل حسب حاجته .. ومن كل حسب طاقته " أي أن الفرد الشيوعي يأخذ من المجتمع أقل مايسد حاجته فقط ويقدم للمجتمع أكبر طاقة يمكن أن يبذلها ) .. وهذا أمر مخالف للفطرة البشرية وللطبيعة الإنسانية .. إذ لا يمكن لأي إنسان أن يقدم أكبر جهد وطاقة ويأخذ ما يسد حاجته فقط لذلك حصل تعديل مبدئي في عهد ستالين لأحد المبادئ الأساسية في النظرية الماركسية حيث أصبح هذا المبدأ ( لكل حسب عمله ومن كل حسب طاقته ) .. وبذلك قام لينين واستالين وماوتسي تونغ وغيرهم بتسمية المرحلة الأولى من الماركسية باسم الإشتراكية التي انتشرت فيما بعد وطغت على الماركسية نفسها حيث قال استالين بعد الثورة الباشفية الحمراء التي راح ضحيتها ملايين الأبرياء : ( إن الشيء الوحيد الذي تم تحقيقه هو الاشتراكية فقط ) .. وهذا إعلان صريح بأن الماركسية قد فشلت حتى في الدول التي تبنتها بقوة السلاح وقتلت الملايين من أجل تطبيقها ولكن في النهاية فشلت حتى في تطبيق المرحلة الأولى وهي الاشتراكية حيث انهارت الاشتراكية في معقلها الأول في الاتحاد السوفياتي وكادت أن تنهار في معقلها الثاني في الصين لولا التعديلات المتتالية في النظرية الماركسية التي لم يعد لها وجود فعلي إلا كتراث قديم يسكن متاحف التاريخ .. إن جوهر النظرية الماركسية هو أن ثروة البلاد ووسائل الإنتاج يجب أن تكون ملكا للشعب ولكن وبعد قرون طويلة من الحكم الشيوعي والاشتراكي بالحديد والنار لم نجد في الدول التي تبنت الفكر الشيوعي رجلا يملك مسمارا أو محركا أو أية قطعة من وسائل الإنتاج هذه ...
لقد حصلت تطورات وتعديلات جذرية في الفكر الماركسي والتي تبنتها أحزاب اشتراكية وشيوعية غربية وذلك بإنتاج مزيج فريد بين الاشتراكية والديمقراطية وهذا المزيج الفريد أعطى بعض النتائج الإيجابية بعد أن تخلى عن معظم المبادئ الأساسية للنظرية الماركسية إلا أنه اصطدم عند عتبة النواحي الاجتماعية والإنسانية والروحية والنفسية التي لم تستطع كل هذه الأنظمة من إعطائها دفعة إلى الأمام خاصة وأن وضع الكنيسة كان عاجزا عن إعطاء أي شيء لأن فاقد الشيء لايعطيه .. إن محاولة إلغاء كيان الفرد في المجتمعات المادية شرقية كانت أم غربية شيوعية كانت أم رأسمالية أو إشتراكية تعتبر من أهم المعضلات التي واجهتها كل النظم المادية ذلك لأن الخصائص الفردية في الإنسان خصائص أصيلة عميقة الجذور في التكوين الإنساني البيولوجي والعقلي والنفسي للإنسان .. وبالتالي فإن استخدام هذه الخصائص الفردية وتوجيهها للعمل بأقصى إيجابياتها وطاقتها لما فيه خير المجتمع دون أن تهضم حق الفرد فيما ينتج ضمن أطر وضوابط إنسانية روحية سامية هو النظام المناسب للفطرة البشرية أما محاولة كبح النزعة الفردية وقتلها بشتى الوسائل في تلك الأنظمة الجماعية فهي عملية تدمير تامة للفرد والمجتمع على حد سواء .. لقد فشلت النظم الجماعية وعلى رأسها النظم الشيوعية والنظم الاشتراكية فشلا ذريعا وسقطت النظرية الماركسية رغم عمليات الترميم والتعديل المستمرة على يد كبار الزعماء الشيوعيين .. وسقطت أغلب الدول والنظم الشيوعية والاشتراكية في العالم لأن هذه الأنظمة تصطدم وبشكل مباشر مع الفطرة البشرية التي فطر الله الناس عليها يقول ربنا جل شأنه : ( فطرة الله التي فطر الناس عليها لاتبديل لخلق الله ) ...
وهكذا تتخبط المجتمعات الغربية والشرقية المادية وتضطرب حتى يصل أفرادها إلى التشتت والضياع والصراع في ظل الأنظمة المادية التي أبعدتهم كل البعد عن طبيعتهم الإنسانية وعن فطرتهم السليمة وعن أصل تكوينهم ( قبضة الطين ) التي تعني كل الأمور المادية ( ونفخة الروح الإلهية ) التي تعني كل الأمور الروحية والنفسية والعاطفية والعلاقات الإنسانية السامية والتي أهملتها كل النظم المادية شرقية كانت أم غربية .. وبذلك دفعت الحضارة الغربية ضريبة فادحة هبوطا في الأخلاق وفسادا في القيم الإنسانية وتشتتا وضياعا في العلاقات الاجتماعية وحقدا وكراهية في العلاقات الدولية وأصبح العالم مهددا بالدمار والخراب نتيجة حتمية لبعدها عن الله جل وعلا وعن منهجه السامي القويم في هذه الحياة
إن الشيوعية الماركسية آذنت على الرحيل بعد قرون عديدة من خنق الحريات واضطهاد الناس وكم الأفواه وقمع المعارضين والبطش والتنكيل لكل صوت حر بعد قرون من نشر الكفر والإلحاد والاستهزاء بالأديان والمعتقدات فلقد أعلنت إحدى الصحف الروسية أنه تم افتتاح متحف للإلحاد في روسيا حيث يخصص لهذا المتحف ميزانية ضخمة للإسهام في محاربة الله والأديان والعقائد والشرائع ولكن ماذا كانت النتيجة ؟... لقد سقط الاتحاد السوفياتي وتقطعت أوصاله إلى عدد كبير من الدول أو أشباه الدول وسقطت الشيوعية في معظم الدول الشيوعية في يوغسلافيا وبولندا وتشيكوسلوفاكيا وهنغاريا وانضمت كلها إلى المعسكر الغربي بعد عداء وحروب للمعسكر الغربي دام قرونا طويلة ولكنها كانت كالمستجير من الرمضاء بالنار فلقد أصبحت هذه الدول الشيوعية دولا هزيلة تابعة للغرب الذي هو أكثر ظلما واستغلالا وبذلك يمكننا أن نقول أن الشيوعية الماركسية قد آذنت على الرحيل رغم كل الإصلاحات والتغييرات والترميمات التي طرأت على النظرية الشيوعية الماركسية وعلى الدول التي . تتبنى الدعوات السيوعية النظريات الشيوعية والاشتراكية وعلى رأسها نظرية ماركس وإنجلز وماوتسي تونغ وتيتو وغيرهم كثير .. يعتمد النظام الاشتراكي أو الشيوعي على الفلسفة الديالكتيكية الجدلية التي وضعها كارل ماركس وأنجلز فوضع الأسس النظرية للنظام الماركسي الشيوعي الذي يفسر تقديم الضمانات الاجتماعية وهدفها الصالح العام..
قد يعتقد كثير من الناس أن الشيوعية مذهب اقتصادي مادي بحت لا يمت بصلة إلى الأمور النفسية والاجتماعية والأخلاقية والدينية .. ولكن لدى الدراسة والتمحيص والبحث نجد أن النظرية الشيوعية هي مذهب فلسفي لديه تصور كامل شامل ولكنه فاسد منحرف للكون والحياة والإنسان والعقيدة والأخلاق والنظم الأخلاقية والنفسية .. فالشيوعية إذن مذهب اقتصادي اجتماعي سياسي فكري قائم بالدرجة الأولى على نفي وجود الله والأديان والعقائد بشكل كامل تحت القاعدة الشيوعية الأساسية ( الدين أفيون الشعوب ) .. يقول " جورج بولتيرز " في كتابه " أصول الفلسفة الماركسية " : ( ولقد أثارت النزعة المادية هذه الصعوبات وفقدت فكرة الله كل محتواها ولم يعد النقاش حول وجود الله أو عدم وجوده ذلك النقاش الذي أثار النزعة الإلحادية الساذجة عند غير الماركسيين .. لقد أصبح الله كما يقول لابلاس فرضية لا نفع فيها .. ولاشك أن فكرة الله والعواطف الدينية موجودة ولكنها تتطلب تفسيرا .. ويجب القول بأن الله والدين هما ظاهرتان إنسانيتان لأن العنصر الإلهي هو من إبداع الإنسان وليس الإنسان هو من إبداع الله ) .. ويقول " كارل ماركس " أبو الشيوعية في كتابه " بؤس الفلسفة " : ( إن العزة الإلهية والهدف الإلهي هي الكلمة الكبيرة المستعملة اليوم لتشرح حركة التاريخ والواقع أن هذه الفكرة لا تشرح شيئا ) .. ويقول " فريدريك إنجلز " الفيلسوف الشيوعي الشهير وهو الرجل الثاني في الفلسفة الشيوعية بعد ماركس في كتابه " لود فيج فيورباخ ونهاية الفلسفة الكلاسيكية الألمانية " : ( إن الطبيعة توجد مستقلة عن كل فلسفة فهي الأساس الذي ترعرعنا عليه والناس كلهم من نتاجها .. وخارج الطبيعة والإنسان لايوجد شيء .. أما الكائنات العلوية التي ولدت في مخيلتنا الدينية فليست سوى انعكاس خيالي لوجودنا نحن .. ومهما يكن من شيء فليس الدين إلا الانعكاس الوهمي في أذهان البشر لتلك القوى الخارجية التي تسيطر على حياتهم اليومية وهو انعكاس تتخذ فيه القوى الأرضية شكل قوى ما فوق الطبيعة .. إن الدين يولد من نظريات الإنسان المحدودة وهذه النظريات محدودة بعجز الناس البدائيين أمام الطبيعة المعادية التي كانوا لا يفهمونها .. وهكذا كانت الآلهة انعكاسا ذاتيا لعجز الإنسان الموضوعي أمام الطبيعة والمجتمع ) ...
إن الاعتماد على المادة وإرجاع كل شيء إلى المادة أمر أساسي في الفكر الشيوعي بشكل كامل حيث نجد الكثير من شعاراتهم وأقوالهم تصب في هذا المعنى مثل ( وحدة العالم تنحصر في ماديته ) .. ( المادة سابقة في الوجود على الفكر ) .. ( لم يكن هناك وقت لم تكن المادة موجودة فيه وليس هناك وقت في المستقبل لا تكون المادة موجودة فيه ) .. ( الإنسان نتاج المادة ) ( الفكر نتاج الدماغ والدماغ مادة ) .. وغير ذلك كثير وكثير في موضوع تقديس المادة وجعلها أصل كل شيء في الوجود .. أو بمعنى آخر جعلها إلها يعبد من دون الله .. إننا لا يمكننا أن نعول على المذهب الاقتصادي وحده في الفلسفة الشيوعية مجردا عن باقي المجالات الأخرى في الحياة .. بل على العكس من ذلك فقد حشرت الفلسفة الشيوعية نفسها في كل مجالات الحياة دون تمييز وأدخلت أفكارها السامة المنحرفة في كل شيء .. وربما يعتقد بعض الناس أن الفلسفة المادية الجدلية هي من نتاج ماركس وإنجلز ومن جاء بعدهما ولكن الحقيقة أن هذه الفلسفة المادية لها جذور عميقة تمتد إلى الفلسفة الإغريقية القديمة والفلسفة الرومانية القديمة قبل اعتناقها للمسيحية .. أما في أوربا التي تصادمت مع الكنيسة ومبادئها المنحرفة فقد ظهر الكثير من الآراء والأفكار التي تخدم الفكر المادي وتقيد العقل والفكر حيث انتقل هذا الفكر المنحرف الضال إلى الأوربيين في عصر النهضة في أوج الصراع مع الكنيسة وذلك بعد دراسة مستفيضة لفكر اليونانيين والرومانيين القدماء .. يقول ( رايوبرث ) عن عصر النهضة : ( ولذلك تسمى العلماء الذين خصصوا أنفسهم لدراسة آداب اليونانيين والرومانيين والعلوم عند القدماء بالإنسانيين وكان من خير ما أحدثه هؤلاء الإنسانيون نمو الفردية أي الرأي القائل بأن الإنسان ينبغي أن يفكر بنفسه ولنفسه وهو رأي كان قد أهمل في عصر عبودية العقل ) .. يقول غرين برينتون في كتابه " نشأة الفكر الحديث " : ( إنه طالما كانت العصور الوسطى في الواقع عصورا دينية وكان عصر النهضة على الأقل محاولة للعودة إلى الوثنية الدينية إن لم نقل الزندقة فإنه في العصور الوسطى كان هناك من يرتبط بالكنيسة أما في عصر النهضة فأصبح الفرد يتمتع بالحرية البوهيمية .. إن المذهب العقلي يتجه إلى إزالة الله وما فوق الطبيعة من الكون ومن الوجهة التاريخية فإن نمو المعرفة العلمية وازدياد الاستخدام البارع للأساليب العلمية يرتبط بشدة مع نمو الوضع العقلي نحو الكون .. إن السببية العلمية تهدم كل مابنته الخرافات والإلهامات والمعتقدات الخاطئة في هذا العالم ) .. و يقول " راندال " في كتابه " تكوين العقل الحديث " : ( إنه للأقرب إلى الطبيعي والمعقول أن نشتق من صور المادة كل شيء موجود لأن كل حاسة من حواسنا تبرهن على وجودها وهذا أفضل من أن نعزو تكون الأشياء لقوة مجهولة أو لكائن روحي لا يستطيع أن يخرج من طبيعته ماليس هو بذاته كائن يعجز بحكم الجوهر المنسوب إليه أن يفعل أي شيء أو أن يحرك أي شيء ) ..
إن ثمة أناسا ذهبوا إلى أبعد من ذلك واعتبروا فكرة الإله فكرة شريرة وخاصة ما يعود إلى الكنيسة الكاثوليكية وأطلقوا على أنفسهم وبكل فخر اسم الملحدين وهم يعتقدون أن ليس ثمة وجود للمسيح ولا لإله المسيح .. وهكذا نجد أن عملية الانسلاخ من الدين والارتباط بالمادة لها جذور قديمة ولم تأت طفرة واحدة على يد الفلاسفة الشيوعيين أو الوجوديين إلا أن الفلسفة الشيوعية أعطت الإلحاد والتفلت من الدين دفعة قوية وصلت إلى حد الوقاحة والتبجح بعد أن كانت تصدر عن المفكرين الغربيين بشيء من النعومة والخجل .. ولقد كان للتقدم العلمي المادي في الغرب أثر كبير في توجيه الفكر الغربي وصبغه بالصبغة المادية والتخلي عن كل المعتقدات والأديان وطمس كل فكرة عن الله الخالق الموجد للوجود .. وفي الحقيقة فإن تحصيل الإنسان للحقائق الكونية والمبتكرات العلمية والتوصل إليها عن طريق التجربة الحسية هو الذي ساعد إلى حد كبير في طمس كل المعتقدات والغيبيات خاصة أن الديانة النصرانية التي كان يدين بها أغلب الغربيين هي ديانة مشوهة ومحرفة حيث ناصبت العلم والعلماء أشد العداء وكلما تطورت العلوم والأبحاث والفلسفات في الغرب كلما ابتعدت عن الدين المسيحي الذي اصطدم بادئ ذي بدء بالعلوم والمكتشفات العلمية خاصة ما قامت به الكنيسة من سجن وقتل وإحراق للعلماء الذي خالفوا رأي الكنيسة حتى وصل الأمر إلى الإلحاد والتبجح بالإلحاد .. إن هذه الفلسفة المادية الإلحادية التي تدعو إلى سيادة الطبيعة وعبادة المادة وتقديس الحواس البشرية قد كانت بسبب معاداة الكنيسة الأوربية الكاثوليكية المنحرفة بشكل أساسي حيث قام العلماء والفلاسفة بالهجوم الشديد على خرافات الكنيسة الكاثوليكية وأباطيلها باسم العلم والمعرفة والفلسفة المادية ثم تطورت الفلسفة المادية من السببية على يد نيوتن إلى المادية الجدلية على يد فخته في السبعينات الذي استخدم مبدأ النقيض قي دعم سيادة العقل كمصدر للمعرفة في مقابل الاعتقاد بالدين أو الطبيعة وجاء بعد ذلك الفيلسوف الألماني ( هيغل ) الذي استخدم مبدأ النقيض لتأكيد قيمة العقل من جهة ثم لدعم فكرة الألوهية من جهة أخرى وبالتالي فقد أعاد من جديد فكرة الألوهية والوحي كمصدر أخير للمعرفة حيث كان يعتبر الله سبحانه وتعالى عقلا سماه العقل المطلق أما الطبيعة التي انبثقت عن العقل المطلق فسماها بالعقل المقيد ثم جمع بين الشيء ونقيضه فيما سماه بالعقل المجرد إلى آخر ما هنالك من تناقضات وضلالات كانت هي الأسس النظرية التي ارتكز عليها فيما بعد كارل ماركس وانجلز في نظريته الشيوعية والتي تتلخص في العناوين التالية: ( المادية الجدلية – المادية التاريخية – المذهب الاقتصادي الماركسي ) .. وعلى الرغم من أن ماركس قد تبنى الفلسفة المادية الجدلية التي وضعها هيغل إلا أنه خالفه في المنهج الأساسي لهذه الفلسفة الجدلية حيث يقول هيغل : ( إن الفكرة هي الأصل وهي سابقة في وجودها على المادة ومسيطرة عليها ) .. أما ماركس فيقول: ( إن المادة هي الأصل وهي سابقة في وجودها على الفكرة ومسيطرة عليها ) .. ويقول ماركس في موضع آخر : ( إن منهجي في الفلسفة المادية الجدلية لا يختلف عن جدلية هيغل فحسب بل يناقضه تماما ) .. وبذلك سميت فلسفة هيغل ( الجدلية المثالية ) بينما سميت فلسفة ماركس ( المادية الجدلية ) .. والشيوعية كما أنها دعوة إلحادية وجودية لا تؤمن بالله الخالق وبما أنها دعوة لا دينية لا تؤمن بالأديان فهي أيضا دعوة إلى الفساد الخلقي إذ أنها لا تؤمن بشيء اسمه الأخلاق يقول " فريدريك انجليز " : ( وهكذا فإننا نرفض كل محاولة لإلزامنا بأي عقيدة أخلاقية مهما كانت على أنها شريعة أخلاقية أبدية نهائية وثابتة أبداً .. إننا ننادي بأن سائر النظريات الأخلاقية قد كانت نتاجاً لأوضاع المجتمع الاقتصادي السائدة في زمنها .. إن الأخلاق كانت على الدوام أخلاقا طبقية .. إن الأخلاق التي نؤمن بها هي كل عمل يؤدي إلى انتصار مبادئنا مهما كان هذا العمل منافيا للأخلاق المعمول بها ) .. ويقول " لينين " : ( ليس في الماركسية مثقال ذرة من الأخلاق .. إن الظلم وغيره من وجهة نظر الماركسية ليس أساسيا وإنما هو نتيجة للرأسمالية .. والاشتراكية لا تحتاج إلى أساس أخلاقي وإنما إلى أساس علمي .. يجب على المناضل الشيوعي الحق أن يتمرس بشتى ضروب الخداع والغش والتضليل فالكفاح من أجل الشيوعية يبارك كل وسيلة تحقق الشيوعية وإذا لم يكن المناضل الشيوعي قادرا على ان يغير أخلاقه وسلوكه وفقا للظروف مهما تطلب ذلك من كذب وتضليل وخداع فإنه لن يكون مناضلا ثوريا حقيقيا ) .. ويقول لينين أيضا في كلمته المأسورة التي تشكل إحدى قواعد الشيوعية الماركسية : ( إكذب .. إكذب .. إكذب .. حتى يصدقك الناس ) ...
أما الأسرة في المجتمع الشيوعي فهي من التقاليد القديمة التي يجب التخلي عنها يقول جان فري فيل في كتابه المرأة والاشتراكية : ( لاتشكل الأسرة كيانا اجتماعيا خالدا فلقد طرأت عليها تبدلات عديدة عبر القرون وهذه التطورات كانت نتيجة للعوامل الاقتصادية بالتحديد ) .. ويقول فريدريك انجليس في كتابه " أصل الأسرة " وهو يتحدث عما يسمى بأسرة الجيل : ( في هذه المرحلة تصنف المجموعات الزواجية تبعا للأجيال جميع الأجداد والجدات هم أزواج وزوجات بالتبادل والأباء والأمهات يؤلفون الحلقة الثانية والأبناء يؤلفون حلقة ثالثة من الأزواج والزوجات المشتركين والأحفاد حلقة رابعه ففي هذا الشكل من الأسرة يعرف السلف والخلف أن أسرة الجيل قد انقرضت .. وإن كان ثمة أمر اكيد فهو أن الغيرة عاطفة نشأت في عهد متأخر نسبيا وهذا يصدق على موضوع المحارم لأن الأخ والأخت لم يكونا وحدهما يعيشان كما يعيش الزوج والزوجه بل إن العلاقات الجنسية بين الآباء والأبناء مسموح بها أيضا لدى شعوب عديدية وقبل اختراع مفهوم المحارم لم يكن الوصول الجنسي بين الأباء والأبناء يثير من الاشمئزاز أكثر ما يثيره الوصال بين أشخاص من أجيال مختلفة .. إن التطور الأول في المجتمعات أدى إلى حرمان الأباء والأولاد من العلاقات الجنسية المتبادلة فيما أدى التطور الثاني إلى حرمان الأخوة والأخوات من هذه العلاقات وقد حدثت هذه التطورات بالتدريج مبتدأة بحرمان الأخوة والأخوات الطبيعين من العلاقات الجنسية وذلك في حالات فردية ثم أصبح حرمانهم هو العادة .. إن العلاقات بين الجنسين ستصبح مسألة خاصة لاتعني إلا الأشخاص المعنيين أنفسهم ولا دخل للمجتمع في هذه العلاقة وهذا سيكون ممكنا بفضل إلغاء الملكية الخاصة وبفضل تربية الأولاد على نفقة الدولة في المجتمع الإشتراكي وبذلك يتم إلغاء أسس الزواج بشكل كامل لأن المرأة لم تعد تابعة لزوجها وكذلك الأولاد لم يعودوا تابعيين للعائلة وإنما للدولة التي تكفلهم وتصبح العناية بالأطفال وتربيتهم من الشؤون العامة حيث يعنى المجتمع بجميع الأطفال عناية متساوية وبذلك يختفي القلق الذي يستحوذ على الفتاة من جراء عواقب الإتصال الجنسي والتي يعوقها من تقديم نفسها وبلا حرج إلى من تحب وتزداد حرية الإتصال الجنسي شيئا فشيئا يؤدي في النهاية لنشوء رأي عام أكثر تساهلا فيما يتعلق بشرف العذارى وعار النساء ) .. وبعد هذه اللمحات عن النظرية الشيةعية أريد أن أضع بعض النقاط في نقد النظرية الشيوعية الماركسية وذلك وفقا للنصوص المذكورة سابقا وغيرها :
** المادة أزلية أبدية وفق المبدأ الشيوعي .. وهذا مخالف وبشكل كامل للشرائع السماوية التي تجعل المادة مخلوقة ومن صنع الخالق جل وعلى أضف إلى ذلك أن العلم الحديث ينقض هذه النظرة المادية وبشكل كامل ...
** المادة هي الخالق فهي التي خلقت الحياة والإنسان .. ووفق المبدأ ( الإنسان هو نتاج المادة ) وللرد على هذا الكلام السخيف هناك العديد من الكتب والبحوث العلمية الغربية ومن أهمها كتاب ( الانسان ذلك المجهول ) للعالم الفيلسوف ( اليكسيس كارليل )
** الطبيعة هي الخالق يقول داروين : ( إن الطبيعة تخلق كل شيء ولاحد لقدرتها على الخلق ) وقال أيضا : ( تخبط خبط عشواء ) فهل هذا الكون بكل معجزاته جاء نتيجة المصادفات وجاء خبط العشواء ..؟ ... والحقيقة أن أوربا الجاهلية التي تصادمت مع الكنيسة وانحرافاتها لم تشأ أن تلجأ إلى الإسلام إلى الدين الحق ففرت من جاهلية الكنيسة إلى جاهلية أشد سوءا وانحرافا عن منطق العقل .. إن فكرة الاعتقاد بأن الطبيعة هي التي تخلق كل شيء ماهي إلا هروبا من أزمة فكرية روحية نتيجة الصدام بين الكنيسة والعلم .. بين الكنيسة والفكر الانساني المتجدد .. بين الحق المبين وبين الخرافات والأوهام والانحرافات التي كانت مسلطة على رؤوس العلماء والمفكرين من قبل رجال الدين المسيحي والذي أوصل كثيرا من العلماء إلى الموت والحرق والقتل والصلب .. يقول عالم اطلبيعة "جورج دافيس " : ( فالمنطق الذي نستطيع أن نأخذ به والذي لايمكن أن يتطرق إليه الشك هو أنه ليس هنالك شيء مادي يستطيع أن يخلق نفسه ) .. ويقول " رسيل شارلز ارمنست " استاذ الأحياء والنبات في جامعة فرانكفورت ألمانيا : ( لقد وضعت نظريات عديدة لكي تفسر نشأة الحياة من عالم الجمادات وقد يخيل إلى بعض الناس أن هذه النظريات قد سدت الفجوة بين عالم الأحياء وعالم الجمادات ولكن الواقع الذي ينبغي أن نسلم به هو أن جميع الجهود التي بذلت للحصول على المادة الحية من المادة غير الحية قد بائت بفشل وخذلان ذريعين ومع ذلك فإن من ينكر وجود الله له مطلق الحرية في أن يقبل أي تفسير لنشاة الحياة ولكنه إذ يفعل ذلك فإنه يسلم بأمر أشد إعجازا وصعوبة على العقل من الاعتقاد بوجود اله خلق الأشياء كلها ودبرها ) .. ويقول الدكتور " اريفنج وليام " استاذ العلوم الطبيعية في جامعة متشيغان : ( إن العلوم لاتستطيع أن تفسر لنا كيف نشأت تلك الدقائق المتناهية في صغرها والتي لايحصيها عد وهي التي تتكون منها جميع المواد كما لا تستطيع العلوم أن تفسر لنا كيف تتجمع هذه الدقائق الصغيرة لكي تكون الحياة ) ...
** تضخيم العامل المادي والاقتصادي وجعله أساس كل شيء في الحياة ..
** اخضاع كل القيم المعنوية للعامل المادي الاقتصادي ونفي وجود أي قيم ثابته في حياة الانسان ...
** الغاء القيم الروحية بشكل كامل والكفر والاستهزاء بالأديان كلها وبالخالق جل وعلا ...
** الإستهزاء والسخرية بقيم الحق والعدل وإخضاعها للحتميات المادية والاقتصادية والميكيافيلية في كثير من الأحيان ..
** إلغاء الملكية الفردية الغاءا باتا واحلال الملكية الجماعية بدلا عنها .. ولقد اضطرت الشيوعية في أعتى معاقلها أن تتخلى عن هذا المبدأ وتسمح بالملكية الفردية على نطاق ضيق أخذ يتوسع وينتشر بشكل كبير مما قضى على المبدأ الأساسي للشيوعية ...
** مبدأ التطور في اتجاه واحد لابد أن يصل في النهاية إلى الشيوعية النهائية وهذا ماثبت خطأه واقعيا .. فانهارت الشيوعية في معظم معاقلها قبل الوصول إلى حتميات ماركس وإنجلز وأحلامهما في الشيوعية ...
** مبدأ الحتميات التاريخة وهي أن المجتمعات الإنسانية في تطورها المستمر توجب أن تنتقل من مرحلة إلى المرحلة التالية حتما فمن المشاعية البدائية إلى الرق إلى الإقتطاع إلى الرأسمالية إلى الاشتراكية وأخيرا إلىالشيوعية النهائية التي تحقق المبدأ الاساسي في الشيوعية النهائية ( لكل حسب حاجته ومن كل حسب طاقته ) .. وهذا المبدأ قد سقط فعليا في كل الدول الشيوعية ...
** مبدأ الحتميات الاقتصادية والتي ترجع جميع القيم والأخلاق والمعاملات والأمور الاجتماعية والروحانية والنفسية إلى المادة والإقتصاد ولقد تنبأ ماركس بحسب حتمياته وحسب الأوضاع الإقتصادية الموجوده من حوله أن بريطانيا ستكون أول دولة تصل إلى الشيوعية وأن الصراع الطبقي سينضج بشكل كبير ليطيح بالرأسمالية فيها ولكن حتمياته وتوقعاته كلها باءت بالفشل والأكثر من ذلك أن الشيوعية حكمت المعسكر الشرقي قرونا من الزمان بالحديد والنار ولكنها مالبثت أن سقطت في عقر دارها ...
** الغاء الطبقات لإقامة دكتاتوريات البلوريتاريا وابادة الطبقات الأخرى ...
** كفالة الدولة لجميع المواطنين وذلك بضمان الضرورات الأربعة ( الطعام- الملبس- المسكن- الجنس ) إضافة إلى الضمان الصحي .. وهذا لم يتحقق إلا عند درجة الكفاف حيث أصبحت معظم الشعوب الشيوعية فقيرة بل تحت خط الفقر في كثير من الأحيان
** تكليف جميع القادرين على العمل بالعمل رجالا ونساءً وأطفالا وشيوخا ومن لا يعمل فلن يجد لقمة العيش أو المسكن أو الملبس .
ا** المساواة في الأجور حيث يتساوى أقل عامل مع من تعب وشقي للتحصيل العلمي ويتساوى المهملون مع المبدعين ..
** فشلت كل الأنظمة الشيوعية في الوصول إلى تطبيق المبدأ الأساسي والنهائي للنظرية الشيوعية : ( لكل حسب حاجته ومن كل حسب طاقته ) .. وذلك بعد مئات السنين من انطلاق النظرية الشيوعية وبدء تطبيقها على الشعوب بالحديد والنار.
** الغاء الطبقات من خلال مبدأ الصراع الطبقي وإنشاء ثورة حمراء تطيح وتقتل كل الامبريالين لتبقى طبقة البلوريتارية وحدها .. وهذه السياسة الخرقاء جعلت كل الناس متساوين في الفقر والذل والهوان .. ولم ترتفع بهم إلى المستوى الإنساني اللائق الكريم ...
** إلغاء الصراع الطبقي والوصول إلى حالة الاستقرار في المجتمع وذلك بإلغاء جميع الملكيات الفردية .. وهذا أيضا بعد سحق الشعوب وإذلالها ومصادرة جميع أموال الناس وأملاكها لتصبح الشعوب الشيوعية سواسية في الفقر والعوز والحاجة ...
** إلغاء الحكومة في المستقبل وإقامة مجتمع متعاون متعاطف يحكم نفسه بنفسه ويطبق القوانين من تلقاء نفسه دون حسيب أو رقيب .. وهذه كانت المهزلة الكبرى حيث لم تستطع الشعوب الشيوعية أن تستنشق أنسام الحرية حتى تفكر بأن تحكم نفسها بنفسها دون رقيب أو حسيب .. لقد كانت كل الأنظمة الشيوعية تحكم شعوبها بالحديد والنار والقتل والسجون والمعتقلات وهذه هي سمة الأنظمة الشيوعية منذ بدايتها وحتى هذه اللحظة ...
** محاربة الأديان وإلغاءها بشكل كامل .. وبذلك تحول الناس تحت الأنطمة الشيوعية إلى مايشبه البهائم .. ينامون في حظائر مشتركة ويأكلون ويشربون ويمارسون الجنس بشكل فاضح دون خجل أوحياء تماما كما يفعل البهائم .. ثم بعد ذلك يساقون كالبهائم إلى الكد والعمل ...
ويمكننا هنا أن نعرض لبعض الأمثلة والأخطاء الجسيمة التي ارتكبتها الشيوعية في حق الإنسانية ففي المؤتمر الخمسين للحزب الشيوعي السوفيتي وقف زعيم الحزب الشيوعي آنذاك ( نيكيتا خروتشوف ) يندد بسياسة استالين القمعية الإجرامية ويقول عنه بأنه سفاح مجرم سافل دنيء وأن غلطته وجرائمه يجب أن لاتتكرر وأنه ارتكب من الجرائم ماتقشعر له الأبدان وهنا تقدم مجهول بسؤال مكتوب على ورقة يقول فيه ( لقد كنت عضوا بارزا في الحزب الشيوعي ورأيت هذه الجرائم كلها وكنت عالما بوجودها فلماذا سكت على ارتكابها ولم تمنعها؟ .. فقرأ خرتشوف الورقة وتبسم وقال : من الذي أرسل هذه الورقة ؟ .. لاشك أنه شجاع !! وبالطبع لم يجب أحد فقال خرتشوف : الان عرفت السبب لقد كنت خائفا مثلك فلم أنبس ببنت شفة ) .. ولعل من المفيد أن يعرف العالم كله أن استالين وحده قد قتل ثلاثة ملايين ونصف مليون مسلم عدا عن بقية الأجناس والطوائف الأخرى .. وعندما قامت ثورة المجر عام 1956 ميلادي قامت روسيا بحرب إبادة ضد أبناء المجر فهدمت البيوت على أصحابها وقتلت النساء والشيوخ والأطفال والشباب العزل في الشوارع وفتحت النار على المتظاهرين المسالمين فقتلت منهم الآلاف وكل ذلك لأنهم تجرؤوا وطلبوا أن يمنحوا حرية التصرف في حكم بلدهم .. أما في بولندا فعندما قامت ثورة عمالية نقابية تطالب بحكم مستقل عن موسكو .. أفاق الشعب البولندي صباح اليوم التالي والدبابات الروسية منتشرة في كل مكان حيث تم نقلها وإنزالها بالطائرات المروحية في الليل .. وتحضرني هنا قصة حقيقية سمعتها من البولنديين في إحدى زياراتي لبولندا تساق على سبيل الفكاهة وهي أن عشرة من كبار الضباط البولنديين قدموا اقتراحا إلى حكومة الإتحاد السوفياتي لإعطاء الحكومة البولندية شيئا من الاستقلالية عن موسكو فطلبت موسكوا أن يقدموا هذه الاقتراحات على شكل تقرير خطي مع التوقيع عليه من قبل المقترحين فكتبوا ووقعوا وأرسلو هذا التقرير إلى موسكو .. والمعروف أن البولنديين من أشهر دول العالم خبرة بالنباتات الفطرية خاصة وأن هناك بعض الفطور السامة وبعضها شديد السمية .. وبعد شهر من الزمان طلبت موسكو من الموقعين الحضور إلى موسكو للتباحث في التقرير السالف الذكر ومناقشة المقترحات ولكن بعد أيام قليلة أعادوهم إلى بلدهم بالتوابيت مع موفد رسمي روسي وعندما تسلم البولنديون التوابيت فتحوا التابوت الأول ليجدوا فيه أحد الضباط العشرة ميتا فسألوا الموفد الروسي عن سبب موته فقال : أكل نوعا من الفطور السامة فمات .. وفتحوا التابوت الثاني فوجدوا الضابط االثاني ميتا فسألوا عن سبب موته فقال : أكل نوعا من الفطور السامة فمات وهكذا حتى وصلوا إلى التابوت العاشر ففتحوه ليجدوا الضابط العاشر مقتولا رميا بالرصاص في رأسه فسألوا الموفد الروسي عن السبب فقال : هذا لم يأكل الفطر السام فمات .. وهكذا تم استدراج الضباط الذين طالبوا بشيء من الاستقلالية عن موسكو وبكل لباقة وأدب ثم قتلهم كلهم ليكونوا عبرة لغيرهم ..
لقد كانت الشيوعية أسوأ نظام عرفته البشرية إلى اليوم .. حقيقة أن الشيوعية هي النظام الجاهلي الوحيد الذي فرض على الدولة كفالة أفرادها ولكن ذلك لم يكن كرما إنسانيا منها فهي تأخذ مقابل ذلك جهد الفرد كله .. ومن لايعمل لايأكل على الحقيقة لا على المجاز .. ثم إن الدولة الشيوعية كانت تستذل الناس بلقمة الخبز على نحو غير مسبوق في كل النظم الجاهلية التي مرت على البشرية .. وفي الحقيقة فإن الناس في جاهليات التاريخ كانوا مستذلين للقمة العيش يبيعون مقابلها كرامتهم وإنسانيتهم وأعراضهم ولكن النظام البوليسي الشيوعي الصارم الذي يحكم الناس بالحديد والنار وكم الأفواه والرعب والإرهاب كان يفرض على الناس مقابل لقمة العيش قدرا من الذل وضياع الكرامة الإنسانية لامثيل لها في كل النظم على الإطلاق إنها تفرض على الناس سياسة القطيع وتعامل البشر معاملة الحيوانات والبهائم .. يقول ميليوفان ديجيلاس نائب الرئيس اليوغسلافي الأسبق جوزيف يروس تيتو في كتابه الطبقة الجديدة : ( إن الطبيعة البيروقراطية الشيوعية الجديدة صاحبة الامتيازات الضخمة تستخدم جهاز الدولة كستار وأداة لتحقيق مآربها وأغراضها الشخصية الخاصة وبذلك فإن الدولة الشيوعية الخاصة تتجه في نهاية المطاف إلى خلق شكل جديد من الملكية وخلق طبقة حاكمة مستثمرة جديدة .. إن الطغيان الشيوعي والإرهاب في أساليب الحكم هي الضمانة الوحيدة لامتيازات طبقة تبرز على المسرح السياسي .. ولقد أكدت هذه الطبقة أنها أكثر تسلطا في الحكم من أي طبقة أخرى ظهرت على مسرح التاريخ كما أثبتت في الوقت نفسه أنها تحمل أكبر الأوهام وأنها تكرس أعتى أساليب الظلم في مجتمع طبقي جديد ) ...
النظريات الرأسمالية :
وتعني اعتماد المبدأ الاقتصادي المادي كأساس لبناء الحضارة .. ففي النظام الرأسمالي نجد أن هذا النظام يرتكز في أساسياته على مبدأ التنافس والصراع الفردي الحر حيث يعتبر هذا المبدأ هو المحرك الأساسي للطاقات الاجتماعية كما صرح بذلك عالم الاجتماع والمفكر الرأسمالي " آدم سيمث " .. ولقد كان فيلسوف الرأسمالية آدم سميث معجبا أشد العجب بالتجربة الإنكليزية في عملية إبادة الهنود الحمر المتأخرين في العالم الجديد واستبدالهم بقبائل الإنكلوسكسون الأوربية ودعا إلى تبني خطة التطهير العرقي وإحلال الإنسان المتمدن مباشرة محل الإنسان المتأخر في المستعمرات لأن ذلك سيسرع في نماء ثروة الأمة وعظمتها .. هكذا يفكر المجرمون أو الوحوش الكبار في هذه الغابة ..!!!..
ابتدأت الثورة الصناعية في أوربا بشكل متوائم مع الثورة الفرنسية التي انتقلت فيما بعد لتعم كل أنحاء أوربا وأمريكا بينما كانت بقية أقطار العالم تغط في سبات عميق بعيدا عن العلم والمعرفة والتطور والتقدم .. فظهر إلى الوجود ما يسمى بالمجتمع الصناعي الذي قلب أوربا رأسا على عقب بعد أن كانت أوربا تعيش في ظل النظام الإقطاعي الذي يسيطر عليه الأباطرة والملوك ورجال الكنيسة .. لقد أحدث الانقلاب الصناعي بتطوره السريع هزة عنيفة وانقلابا جذريا في كافة المفاهيم السائدة آنذاك حتى وصل المقام إلى إنشاء نظام اقتصادي وسياسي مادي في غرب أوربا يقابله على الطرف الآخر نظام اقتصادي وسياسي مادي في شرق أوربا فكانت الثورة الصناعية والفلسفات التي تبعتها فيما بعد هي النواة لنشوء كل من النظامين الماديين الشيوعي والرأسمالي في أوربا الشرقية والغربية .. لقد فرض هذا التطور نحو الرأسمالية واقعا جديدا اعتمد في جوهره على مبدأ الربا المحرم في جميع الديانات السماوية إلا أن اليهود استغلوا عدم تحريم الإقراض بالربا لغير اليهود فاستفادوا استفادة كبيرة ( ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ) .. فقاموا بعد ذلك بإقراض المصانع الحديثة الناشئة الأموال بفوائد ربوية فاحشة مستغلين بذلك حاجة المصانع إلى تلك الأموال لإنشائها وتطويرها وكثيرا ما كانت مثل هذه المصانع فاشلة خاسرة مما يؤدي إلى إفلاسها مع ضمان حق المرابين بشكل كامل الذين لا يعرفون إلا الربح فقط أما المصانع الخاسرة الفاشلة فلتذهب بعد أن تضمن حقوق المرابين إلى الجحيم .. من هذه النقطة بالذات بدأت فكرة البنوك الربوية التي هي ركيزة النظام الرأسمالي والتي حرمها الإسلام منذ البداية واقتلعها من جذورها .. لقد كانت الثورة الفرنسية أكبر معول لهدم الإقطاع الذي كان يسيطر عليه الرؤساء والملوك والأمراء ورجال السلك الكنسي آنذاك ومن باريس أخذت مبادئ الثورة الفرنسية وشعاراتها تنتشر في جميع أنحاء أوربا فحطمت الإقطاع وحررت العبيد والأجراء من سلطة الإقطاعيين حيث قام هؤلاء العبيد والأجراء الجهال وبشكل غوغائي بتحطيم كل شيء وقتل الناس دون تمييز لمجرد الشبهة أو لمجرد الاختلاف بالرأي تحركهم الأيدي الخفية التي استفادت فيما بعد من هذه الغوغائية للوصول إلى سدة السلطة والقيادة بشكل مباشر أو غير مباشر أما عن شعارات ( الحرية والإخاء والمساواة ) فلم تكن إلا من قبيل ذر الرماد في العيون حيث قام الفرنسيون ومعهم بقية العصابة الأوربية باستعباد شعوب العالم مقابل مبدأ الحرية وقاموا بشن حملات عنصرية حاقدة وحروب طاحنة مقابل مبدأ الإخاء أما عن المساواة فحدث عن التمييز العنصري ولا حرج والذي مورس عبر حلقات التمييز الغربي القديم والحديث والذي لا يزال يمارس حتى اليوم تحت مسميات وشعارات مختلفة مثل النازية والفاشية وغير ذلك ومثل النازيين الجدد وتحت مسميات الحرب على الإرهاب وفرض الديمقراطيات المزيفة .. لقد ترك العبيد إقطاعياتهم واتجهوا نحو المصانع رجالا ونساء وشيوخا وشبانا وأطفالا ليكسبوا من هذا الكسب الهائل ومن هذا الفتح الجديد ويتركوا الاقطاعات الضخمة لأصحابها والتي لم تلبث أن صودرت حتى من أصحابها فتحول العبيد تحت الإقطاع إلى عبيد للصناعة ولرؤوس الأموال وهذه هي حكاية الرأسمالية كما يحكيها لنا التاريخ الحديث حيث لا يزال العامل يكد ويكدح ويتعب الساعات الطوال ليكسب لقمة العيش والسكن والملبس أما ما يوفره من دخله ودخل زوجته وأولاده فإنه سيتم صرفه وتصفيته بشكل كامل في عطلة نهاية الأسبوع أو عطلة نهاية السنة على المتع والسياحة و السفر ومن ثم تعود سيرة الحياة من جديد وبشكل مكرور وسأم قاتل إلى حياة الكد والتعب والعمل الإضافي والعمل في المنزل وهذه سنة الحياة تحت ظل الرأسمالية الحديثة .. أما الإقطاعيون الجدد أصحاب المزارع والرأسماليون الجدد أصحاب المصانع أما البنوك وأصحاب رؤوس الأموال فهم الذين يجنون حصيلة عمل وجهد الناس في نهاية المطاف .. وإذا توفر لدى فرد من العبيد الجدد في المجتمعات الرأسمالية مبلغ بسيط من المال فإنه يهرع ليودعه في مثل هذه البنوك المجرمة ليزيد من أرباحها لأنه يجد فيها الملاذ الآمن الوحيد في مجتمعات لا تأمن على نفسها ولا على مالها من اللصوص والمحتالين والمجرمين .. لقد أصبحت طبقة العمال في المنظومة الرأسمالية عبيدا ولكنهم يملكون حرية التنقل وشيئا يسيرا من حرية التصرف بعد أن كانوا لا يملكون أي هامش من الحرية والكرامة الإنسانية تحت ظل نظام الإقطاع الذي كان يسود أوربا في العصور الوسطى .. لقد كان لهذا التحول في بداية الأمر نشوة عارمة في نفوس العبيد الجدد عندما حصلوا على شيء من الحرية ولكن هذه النشوة لم تدم طويلا ذلك لأن المجتمع الرأسمالي لم يكن أحسن حالا من سابقه فقد أفرز تطبيق النظام الرأسمالي مشاكل وصعوبات جمة لم تكن متوقعة بدأ من مشكلة السكن مرورا بمشكلة البطالة ومشكلة الزواج ومشكلة عدد ساعات العمل الطويلة ومشكلة الأجور القليلة التي لم تعد تكفي مصاريف الحياة التي أخذت تتضخم وتزداد بشكل فاحش ثم بدأت مشكلة العمل الإضافي المستمر والمرهق ومشكلة بناء الأسرة ومشكلة التخلي عن الإنجاب تحت ضغط التكاليف الباهظة ثم تبع ذلك مشكلة الاختلاط ومشكلة الجنس بعد أن زادت تكاليف الحياة وأصبح الزواج والركون إلى بيت وعائلة أمرا أقرب إلى المستحيل .. هذه المشاكل صبغت المجتمعات الغربية بطابع إباحي خاص أوصل هذه المجتمعات الغربية فيما بعد إلى الفساد والفحش والذي كان نتيجته المشاكل الاجتماعية الخطيرة التي تعصف بهذه المجتمعات صباح مساء مثل الإجرام واللقطاء والتحرش الجنسي والاغتصاب واستغلال القصر والقتل والإدمان على المشروبات والإدمان على المخدرات ثم جاءت نتيجة هذا الفساد الاجتماعي الخطير قضية الإتجار بالجنس والذي نسميه بالرقيق الأبيض والذي يعتبر من المآسي الاجتماعية العالمية الآخذة بالانتشار بشكل مخيف في الأوساط الغربية بشكل خاص وبالأوساط العالمية بشكل عام .. يقول الفيلسوف الأمريكي " وول ديورانت " في كتابه مباهج الفلسفة : ( لما كان هذا العصر هو عصر الآلة فلابد أن يتغير كل شيء فقد قل أمن الفرد في الوقت الذي نما فيه الأمن الجماعي .. وإذا كانت الحياة الجسمانية أعظم أمنا مما كانت فالحياة الاقتصادية مثقلة بألف مشكلة معقدة مما يجعل الخطر جاثما كل لحظة .. أما الشباب الذي أصبح أكثر إقداما وأشد غرورا من قبل فهو عاجز اليوم ماديا وجاهل اقتصاديا إلى حد لم يسبق له مثيل من قبل .. ويقبل الحب فلا يجرؤ الشاب على الزواج وجيبه صفر من المال .. ثم يطرق الحب مرة أخرى باب القلب والشاب أكثر ضعفا ومع ذلك لم تمتلئ جيوبه بما يكفي للزواج ثم يقبل الحب مرة ثالثة والشاب أضعف حيوية وقوة عن ذي قبل فيجد الجيوب عامرة فيحتفل الزواج بموت الحب حتى إذا سئمت فتاة المدينة الانتظار اندفعت بما لم يكن له مثيل في تيار المغامرات الواهية فهي واقعة تحت تأثير إغراء مخيف من الغزل والتسلية والهدايا وحفلات الخمور في نظير الاستمتاع بالمباهج الجنسية وقد ترجع حرية سلوكها في بعض الأحيان إلى انعكاس حريتها الاقتصادية فلم تعد تعتمد على الرجل في معاشها وقد لا يقبل الرجل الزواج من امرأة برعت مثله في فنون الحب مما يجعل الزوج مترددا في الإقدام على الزواج إذ كيف يمكن أن يكفي أجره المتواضع للإنفاق عليهما معا بنفس المستوى من المعيشة ) .. لقد تحولت المجتمعات الغربية الرأسمالية تحت تأثير الواقع الصعب والتكاليف الباهظة المضنية إلى مجتمعات بغاء لأن طريق البغاء أصبح أقصر الطرق للحصول عل المال .. وأصبح طريق البغاء هو الحل السهل الميسر لإفراغ الشحنات العاطفية الجنسية عن طريق العاهرات بائعات الهوى بعيدا عن التكاليف والمسؤوليات التي يفرضها وجود أسرة في مجتمع ظالم لا يرحم .. ومما يجدر ذكره في هذا المقام أن اليهود في أوربا كان لهم الدور الرائد في هذا المجال حيث اعتمدوا على مبدأ الميكيافيلية ( الغاية تبرر الوسيلة ) الذي ينسجم تماما مع المبادئ العنصرية التلمودية في كراهية غير اليهود ( ليس علينا في الأميين سبيل ) فاستطاعوا أن يجمعوا أكبر قدر ممكن من المال عن طريق تجارة الجنس إضافة إلى الوصول إلى مراكز القوى في العالم الغربي عن هذا الطريق .. ناهيك عن الفساد والانحطاط الخلقي الذي أخذ ينتشر في بقاع العالم أجمع والذي هو هدف من أهدافهم التلمودية الشريرة المعلنة أو غير المعلنة ليبقوا وحدهم أصحاب الدين وشعب الله المختار على حد زعمهم وبالتالي السيطرة على العالم .. ومن ناحية أخرى فقد أفرزت المجتمعات الرأسمالية عددا كبيرا من العاطلين عن العمل نتيجة التطور التكنولوجي مما زاد عرض العمالة على الطلب والذي أدى إلى تخفيض الأجور إلى حد قريب من الكفاية أو ربما أقل من الكفاية بحيث لم تعد تفلح معها الإضرابات العمالية أو الاحتجاجات الجماعية أو طلبات الرحمة ذلك لأن هناك جيشا من العاطلين عن العمل ينتظر الفرصة السانحة لاحتلال مكان العامل المستقيل أو المضرب أو المسرح من عمله .. إضافة إلى ذلك فقد كان استخدام المرأة في ميدان العمل الصناعي أكبر كارثة حلت بالمجتمعات الغربية فقد استطاع دهاقنة الشر بأساليبهم الشيطانية جر المرأة للعمل في المصانع تماما كما كان نظام الإقطاع يستغل المرأة في العمل بالحقول والمزارع فكان ما كان من نتائج سلبية وخيمة تركت آثارا أخلاقية واجتماعية سيئة جدا أهمها زيادة عدد العاطلين عن العمل وانتشار الفضائح الأخلاقية والمحسوبيات بين الجنسين وانتشار الأمراض الجنسية وزيادة عدد المواليد غير الشرعيين الذين تخلى عنهم آباؤهم وأمهاتهم وتركوهم لملاجئ اللقطاء يربون كما تربى قطعان الحيوانات دون رحمة من أب أو حنان من أم حتى أصبحت ملاجئ اللقطاء تعج بعشرات الآلاف من الأطفال اللقطاء .. لقد كان عمل المرأة في المصانع في بداية الثورة الصناعية في أوربا جريمة في حق المجتمعات الغربية وسبة عارفي جبين الحضارة الغربية ...
يقول " روبرت داونز " في كتابه " كيف غيرت العالم " في معرض حديثه عن كتاب " ثروة الأمم " لفيلسوف الرأسمالية آدم سميث : ( إن النظرية الأساسية في كتاب ثروة الأمم نظرية ذات نزعة ميكيافيلية وهي أن العامل الأول في نشاط الإنسان هو المصلحة الشخصية وأن العمل على جمع الثروة ما هو إلا مظهر من مظاهرها وبذلك قرر سميث أن الأنانية والمصلحة الشخصية تكمن وراء كل نشاط للجنس البشري وهي ليست صفات ممقوتة يجب الابتعاد عنها وإنما على العكس من ذلك فهي عوامل تحمل الخير إلى المجتمع برمته ولكي يتم توفير الرفاهية للأمة فلا بد من ترك كل فرد يستغل أقصى إمكانياته لتحسين مركزه بشكل ثابت منظم دون تقييد ) .. هذه هي النظرة الرأسمالية المادية الجشعة التي لابد أن ترفع أناسا إلى قمة الرفاهية وفي المقابل لابد أن يهبط القسم الآخر من المجتمع إلى درجة العبودية .. ومن كتاب " تطور المجتمع الأمريكي " تأليف " كنت لين " ننقل كلام جورج فيتز هيو الذي ينقد الرأسمالية في الغرب فيقول : ( إننا جميعا في الشمال والجنوب نعمل في تجارة الرقيق الأبيض وبقدر نجاح الشخص في هذه التجارة يزداد احترامه في المجتمع الرأسمالي .. وهذه التجارة أشد قسوة من تجارة الرقيق الأسود لأنها تفرض المزيد من العمل على عبيدها في الوقت الذي لايجد فيه هؤلاء العبيد من يحميهم ويسوسهم برفق .. إن العامل بعد انتهاء العمل يظل يروح تحت ظل العناية ببيته وعائلته مما يجعل حريته سخرية جوفاء باطلة أما رب العمل فيبقى حرا بالفعل ويتمتع بالأرباح التي جناها من عمل الآخرين دون اهتمام بمصالحهم ورفاهيتهم ) .. لقد كانت الجاهلية الحديثة المتمثلة بالمجتمعات الغربية الرأسمالية تعامل المرأة أسوأ معاملة وذلك في بداية الثورة الصناعية الحديثة حيث كان أجر المرأة نصف أجر الرجل إضافة إلى استغلالها في أمور الفحش والفساد والبغاء فهل هذا هو مفهوم تحرير المرأة الذي ينادي به المتحررون ..؟.. وهل هذه هي الحضارة التي ستقود الإنسانية جمعاء إلى طريق الخير والصلاح في المستقبل .؟!!.. لقد كان نتيجة ظلم المرأة في المجتمعات الغربية الرأسمالية أن قامت المرأة بالمطالبة بحقوقها والمطالبة بالمساواة مع الرجل في الأجر فرفضت الرأسمالية الناشئة وأصرت على الرفض .. ورفض أصحاب المصانع وهم رجال مطالب المرأة في المساواة واعتبروا هذه المطالبة اعتداء على حقوق الرجل الموروثة وحدثت صراعات اجتماعية خطيرة تحت شعارات مزيفة مثل حقوق المرأة وتحرير المرأة والمساواة بين الرجل والمرأة وتحول الأمر من مجرد مطالبة بالحقوق إلى صراعات حقيقية يزكي أوارها أصحاب المصالح في تلك المجتمعات حتى أصبحت العلاقة بين الرجل والمرأة علاقة عداء وصراع وتحدي ومنافسة بدلا من أن تكون علاقة ود ومحبة ورحمة كما خلقها الله جل وعلا يقول ربنا جل شأنه : ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ) .. مما أدى ألى فك روابط الأسرة وتقطيع أواصر المودة والمحبة من خلال عملية الصراع والشقاق بين الرجل والمرأة .. لقد رفضت الرأسمالية الحديثة منذ البداية المساواة بين الرجل والمرأة ولا تزال ترفض في العديد من مجالات الحياة .. لقد رفضت المدنية الحديثة بادئ ذي بدء حق المرأة في الترشيح للمناصب السياسية والإدارية العليا .. ورفضت حقها في الانتخابات العامة ورفض الرجل إعطاءها هذا الحق ولم يعترف أصلا بأن ذلك حق من حقوقها أو أمر جائز بالنسبة للمجتمع الرأسمالي آنذاك .. ولكن حركات الإصلاح المندفعة بدوافع شتى أخلاقية كانت أم غير أخلاقية .. إنسانية كانت أم غير إنسانية .. ولكنها في النهاية استطاعت أن تنتزع بعض الحقوق للمرأة وليست كل الحقوق لأنه ليس هناك نظام يحفظ للمرأة حقوقها وكرامتها وإنسانيتها وأنوثتها وأمومتها إلا نظام واحد هو النظام الإسلامي الذي ارتضاه الله للبشرية جمعاء بعد أن اكتملت حلقاته وتمت خيراته ونفحاته .. أما في مجال الدعوات الرأسمالية يمكننا هنا أن نذكر ببعض الملاحظات على هذا النظام المادي الذي أوصل المجتمعات الغربية إلى حافة الانهيار وذلك في جميع مجالات الحياة ,,,
** النظام الرأسمالي يعتمد وبشكل أساسي على النظام الربوي في جميع تعاملاته المالية وهذا محرم في النظام الإسلامي لما يجره على المجتمع من ظلم وفساد واستغلال ...
** يعتمد النظام الرأسمالي على مبدأ الاحتكار وهذا بدوره يؤدي إلى الظلم الاجتماعي أولا وإلى الظلم الدولي ثانيا وهذا أيضا محرم في التشريع الإسلامي .. ولقد أثبتت الأيام فشل هذا النظام حتى على الصعيد المادي حيث رأينا بوادر التصدع والانهيار في اقتصاديات الدول الغربية الرأسمالية الربوية أمتم أعيننا في العصر الحديث ...
** النظام الرأسمالي قد اعتمد على مبدأ الصراع بين الدول من أجل تأمين المواد الأولية وسرقة خيرات الشعوب وهذا بدوره أحد الأسباب الأساسية لقيام الحروب المدمرة والحركات الاستعمارية التي أدت إلى احتلال الدول القوية للدول الضعيفة واستعباد شعوبها وسرقة خيراتها عقودا طويلة من الزمن ...
** الاعتماد على مبدأ الصراع بين دول العالم من أجل تأمين الأسواق للمنتجات الغزيرة والمواد الأولية إن اعتماد النظام الرأسمالي مفهوم الصراع هذا أدى إلى نشوء الاستعمار واستعباد الأمم والشعوب فكان الاستعمار الغربي هو أعلى مراتب الرأسمالية الحديثة وما تزال هذه الحروب والصراعات تثار من قبل هذه الدول الرأسمالية حتى هذا اليوم يقول لينين في هذا المجال : ( الاستعمار هو أعلى مراتب الرأسمالية ) ...
** النظام الرأسمالي نظام يقود الشعوب إلى الطبقية وإلى استغلال الإنسان لأخيه الإنسان ...
** النظام الرأسمالي يعتمد على إطلاق الملكية الفردية بدون ضوابط وهذا مما خلف آثارا سلبية كبيرة في المجتمعات الرأسمالية ...
** النظام الرأسمالي يقوم على تقسيم الإرث تقسيما غير عادل من أجل الحفاظ على رؤوس الأموال الضخمة وعدم تفتيتها.
** النظام الرأسمالي يعتمد على الاستثمارات الضخمة والتكتلات الرأسمالية الكبيرة التي تبتلع وتسحق كل المحاولات الفردية الناشئة ...
النظام الاشتراكي :
وجدنا في النظام الرأسمالي أن هذا النظام يرتكز في أساسياته على مبدأ التنافس والصراع الفردي الحر حيث يعتبر هذا المبدأ هو المحرك الأساسي للطاقات الفاعلة في المجتمع كما صرح بذلك عالم الاجتماع الرأسمالي " آدم سميث " .. أما النظام الاشتراكي الذي كان مرحلة من مراحل الفلسفة الديالكتيكية الجدلية التي وضعها كارل ماركس وإنجلز فوضع الأسس النظرية للنظام الماركسي الاشتراكي الذي سينتهي بالشيوعية و الذي يفسر تقديم الضمانات الاجتماعية من أجل الصالح العام للدولة ولقد استطاعت هذه النظرية أن تنتشر بقوة السلاح بعد إفلاس الناس من الأنظمة والشرائع فتوسعت الفكرة الاشتراكية لتعم مساحة كبيرة جدا من العالم حيث غزت حتى الدول الرأسمالية حيث تشكلت العديد من الأحزاب العمالية والاشتراكية في الدول الغربية .. ولكن لم يمض وقت طويل حتى سقطت الأنظمة الاشتراكية التي هي المرحلة الأولى إلى الشيوعية في أعتى معاقلها وتبعتها بقية الأقطار الاشتراكية الأخرى تتهاوى الواحد تلو الآخر .. نلاحظ أن هناك تناقض واحد بين بين النظرية الاشتراكية والنظرية الرأسمالية وإن اشتركتا في المبدأ المادي الاقتصادي ألا وهو الفردية أو الجماعية .. إن الأسباب والدوافع النفسية والاجتماعية لا تختلف بين الاتجاهين الماديين الاقتصاديين وذلك لاشتراكهما بالطبيعة المادية فهما نظامان اختلفا بالشكل ولكنهما توحدا في المضمون وهو النزعة المادية .. إن المبدأ الاقتصادي المادي وحده لا يمكن الاعتماد عليه في بناء حضارة عالمية إنسانية فبعد أن سقطت النظرية الشيوعية وسقطت معها الأنظمة الاشتراكية المختلفة في عقر دارها بدأت الحضارة المادية الغربية بالانحراف نحو الهبوط ولن يمر وقت طويل حتى تسقط الحضارة الغربية في عقر دارها في أوربا وأمريكا إذا لم يتدارك المصلحون الأمر قبل فوات الأوان .. إن الأسباب والدوافع النفسية والاجتماعية واحدة بين الاتجاهين الاشتراكي والغربي الرأسمالي ..
الاشتراكية الصينية :
عند النظر إلى النهج الصيني وما حققته الاشتراكية الصينية على ساحة الأحداث العالمية يقف المرء مشدوها حائرا أمام الزخم الاقتصادي الصيني الذي يعتبره كثير من الاقتصاديين والعلماء العملاق الاقتصادي القادم من بعيد .. حتى أن بعض علماء الاجتماع والاقتصاد يرشحون الصين لتكون خليفة للحضارة المادية الغربية الآيلة للسقوط .. إن الصين التي بنت نظامها على أسس شيوعية مستمدة من نظريات ماركس وإنجلز إلا أن ماوتسي تونغ قد صاغها بطريقة تختلف عن النظم الشيوعية الأخرى وتتناسب مع وضع الصين في ذلك الزمان .. ولا شك أن الثورة الصينية قامت على أشلاء ملايين البشر وترسخت بالحديد والنار والعذاب والاستخبارات القوية وأجهزة الأمن الوحشية الظالمة حتى سميت دولة الصين في عهد ماوتسي تونغ بالدولة ذات الستار الفولاذي .. وكما أن ستالين أقام حكمه الشيوعي على أشلاء ملايين البشر من المعارضين كذلك فإن نظيره ماوتسي تونغ أقام النظام الشيوعي الماوي على أشلاء الملايين .. ولا أريد هنا أن أذكر مساوئ النظام الشيوعي الصيني لأنني ذكرتها في معرض الحديث عن الشيوعية وهي مشابهة تماما وإنما أريد هنا أن أناقش لماذا استمر النظام الشيوعي الصيني ولم يستمر غيره من الأنظمة الشيوعية الأخرى ..
** إن استمرار الصين في النهج الشيوعي حتى الآن يعود إلى التعديلات الكبيرة والمتكررة للنظام الشيوعي الأساسي وذلك في الفترات التي تلت عهد ماونسيتونغ هذه التعديلات جعلت النظام الشيوعي الصيني يبتعد وبشكل كبير جدا عن الأسس النظرية الماركسية ..
** وجود أكبر كتلة بشرية في العالم على أرض الصين حيث يبلغ عدد سكان الصين مليار ومئتي مليون نسمة وقيام الشيوعيين بتشغيل كافة أبناء الصين نساء ورجالا جعل الطاقة الإنتاجية للصين طاقة هائلة جدا وجعل البضائع الصينية تغزو كل بلاد العالم وبأرخص الأسعار مما أعطى الاقتصاد الصيني دعما قويا هائلا ...
** عدم دخول الصين في سباق التسلح مع أمريكا والاتحاد السوفياتي السابق والدول الغربية جعل اقتصاد الصين موجها باتجاه زيادة النمو بشكل كبير حيث كانت معدلات النمو الاقتصادي في الصين الأكبر على مستوى العالم بينما انخفضت معدلات النمو في البلاد الأخرى بسبب سباق التسلح الذي كلف ميزانيات الدول مبالغ طائلة ..
** ابتعاد الصين عن الحروب والصراعات الدولية التي تنهك اقتصاديات الدول وتأكل الأخضر واليابس قدر المستطاع أدى إلى الاحتفاظ بالإمكانيات المادية والانتاجية الضخمة للصين ..
** على الرغم من أن الثورة الشيوعية الماوية في الصين كانت مركزة على القطاع الزراعي في البداية إلا أن الزعماء الصينيين فيما بعد ماوتسي تونغ حافظوا على ضخامة الانتاج الزراعي واتجهوا أيضا إلى القطاع الصناعي الأكثر ربحا واستطاعوا خلال خمسين عاما أن يحققوا ثورة زراعية وصناعية هائلة ..
** إن التعديلات الجذرية المتكررة للنظام الشيوعي الصيني جعل هذا النظام أقل حدة وأكثر تلاؤما مع الأوضاع العالمية السائدة ومع أوضاع الصين الخاصة إضافة إلى أن الصين انتهجت خطة تطوير الإنتاج بشكل كامل وقوي أوصلها لتكون من أوائل الدول الصناعية في العالم أضف إلى ذلك وهذا الأهم القوة العسكرية والأمنية الهائلة التي تقوم بحماية النظام الشيوعي المعدل في الصين ..
** إننا لو قارنا النظام الصيني الآن بنظام ماوتسي تونغ نجد أن هذا النظام يختلف اختلافا كبيرا حتى لا يكاد يكون هناك أي وجه للمقارنة ..
** إن فتح مجالات التعاون العلمي والتكنولوجي مع كل دول العالم أدى إلى تطور الصناعات الصينية بشكل كبير مما دعم الاقتصاد الصيني ..
** إن المشاكل الاقتصادية الهائلة التي كانت تعاني منها المجتمعات الغربية المتطورة صناعية وغلاء أسعار البضائع الغربية جعل هذه الدول تتجه نحو الصين ودول شرق آسيا وتضع استثمارات هائلة في هذه البلاد لتخفيض تكاليف الإنتاج وقد استفادت الصين من هذه النقطة بالذات استفادة كبرى حتى أسبح الاقتصاد الصيني من أقوى اقتصاديات العالم في الوقت الحاضر ..
** الاكتفاء الذاتي للصين في معظم البضائع والخامات جعل الميزان التجاري للصين إيجابيا دائما دون هزات وطفرات غير متوقعة ..
** توجيه الاقتصاد نحو الانتاج والابتعاد قدر الإمكان عن الاستهلاك خاصة في أمور الرفاهية والبذخ والإسراف حيث لاتجد العديد من البضائع الترفيهية إلا في الأماكن التي يرتادها الأجانب وهي شبه محرمة على الصينيين وهذا بالطبع حفظ الثروة الصينية من الضياع في سفاسف الأمور ..
** وأخيرا وليس آخرا إخلاص الحكومات الصينية المتعاقبة في التخطيط والتوجيه السليم لمصالح الصين الاستراتيجية أدى إلى النجاح في دعم الاقتصاد الصيني .. فلولا هذا التوجه السليم لظلت الصين متأخرة تلهث خلف الدول الصناعية الكبرى ...
وبعد هذه التقدمة المختصرة ربما سأل سائل هل تستطيع الصين وهي من الدول العظمى وهي التي تمتلك الآن أقوى اقتصاد في العالم أن تتسلم قيادة البشرية وتنشئ حضارة عالمية إنسانية .؟.. الجواب لا .. وذلك لأسباب متعددة يمكن أن نذكر بعضها هنا :
** صحيح أن الصين تمتلك اقتصادا هائلا قويا إلا أنه لايمكن بناء حضارة عالمية إنسانية بالاقتصاد وحده ..
** الصين لا تحترم حقوق الإنسان وتحكم شعبها بالضغط والإكراه والظلم فكيف ستقوم ببناء حضارة عالمية إنسانية تقوم على العدل واحترام حقوق الانسان ..
** الحضارة الصينية حضارة مادية لا تعترف إلا بالمادة ولقد أثبت التاريخ القديم والحديث فشل كل الدعوات المادية في بناء حضارة عالمية إنسانية ...
** على الرغم من أن الصين قد تقدمت تقدما هائلا في مجال العلوم والتكنولوجيا إلا أن هذا التقدم قد شمل شريحة صغيرة جدا من المجتمع الصيني فقط أما الغالبية العظمى فلا تزال تعيش في فقر وجهل ولقد زرت العديد من القرى والمدن الصينية البعيدة فرأيت التأخر والجهل رغم أن الجميع يعملون وينتجون ..
** الحضارة الصينية حضارة لا دينية بل إلحادية لا تؤمن بوجود إله خالق مدبر لهذا الكون فكيف ستقوم بإقناع أصحاب الديانات السماوية وهم يشكلون ثلثي العالم بالتهج الإلحادي الكافر الذي لا يؤمن بأي دين من الأديان ..
** الحضارة الصينية لا تمتلك أسسا روحية تنمي سلوك الفرد وترفعه إلى مرتبة سامية يتفرد بها عن بقية المخلوقات الأخرى ...
** الحضارة الصينية لا تمتلك أسسا أخلاقية فلقد قام دعاة الشيوعية بتدمير كل المفاهيم الأخلاقية وتغذية الأفراد بالمبادئ الماركسية التي لا تعترف بالأخلاق .. إضافة إلى الميكيافيلية التي نمت وترعرعت في مثل هذه الأجواء ولو لا العقوبات الشديدة الصارمة والرقابة الدقيقة لتفشت في المجتمعات الصينية كل مفاسد العالم ... فكيف لحضارة لا تمتلك أي رصيد من الأخلاق أن تبني حضارة عالمية إنسانية ** الحضارة الصينية لاتمتلك أسسا اجتماعية راقية سامية .. فالعلاقات بين أفراد المجتمع علاقات مادية بعيدة كل البعد عن المبادئ الأخلاقية أو الإنسانية أما العلاقات الجنسية فتتم بشكل وضيع تماما كما هو الحال عند الحيوانات والشيء الوحيد الذي تحت رقابة الدولة هو موضوع تحديد النسل حيث تقدم الدولة التسهيلات الكاملة في هذا الموضوع إضافة إلى العقوبات الشديدة لمن لايلتزم بالقوانين المرعية في هذا الخصوص حيث تسمح الدولة للزوجين بولد واحد أو ولدين وبعد ذلك تمنع الدولة كافة المعونات والخدمات عن الولادات الأكثر من ذلك إضافة إلى العقوبات الصارمة ...
** إن الصين باعتمادها على المنهج المادي في جميع أمور الحياة وتخليها عن القيم الحضارية السامية والأخلاق الفاضلة وباستخدامها القوة الغاشمة المادية وتبنيها منهج الكفر والإلحاد وتصادمها مع الأديان كل الأديان وعلى رأسها الديانات الي السماوية وهيباستخدامها القوة والحديد والنار والسجون والمعتقلات والسطوة العسكرية لتثبيت النظام في الصين لا يمكنها بحال من الأحوال أن تقوم ببناء حضارة عالمية إنسانية .. إذ لا يمكنها أن تجمع سكان العالم أجمع وتقودهم وتسوسهم بالظلم والقهر والحديد والنار لأن مثل هذه السياسة هي بحد ذاتها مخالفة وبشكل كامل لمفهوم الحضارة العالمية الإنسانية .. ولكن أريد هنا أن أنوه إلى تخوف ساسة الغرب ومفكريهم من اعتناق الصينيين للدين الإسلامي والذي سيقلب موازين القوى العالمية رأسا على عقب فبهذه الطريقة يمكن للصينيين أن يمتلكوا منهجا إلهيا حضاريا ساميا إضافة إلى القوة الاقتصادية والمالية والبشرية والعسكرية الهائلة خاصة وأن في الصين ما لا يقل على ( 400 ) مليون مسلم مغيبين عن ساحة الأحداث العالمية ومحجوبين عن الدين الإسلامي وعن الاتصال بالدول الإسلامية بشكل كامل .. خاصة وأن أبناء الصين قد أصبحوا في حالة تعطش هائلة لاعتناق عقيدة سامية بعد الجفاف العقيدي الطويل وبعد التيه والضلال الذي طال أمده .. أصبحوا بحاجة إلى منهج إلهي قويم يغذي روحهم وينمي نوسهم وينقذهم من التيه والضلال وعند ذلك يمكن للصين أن تلعب دورا حضاريا ساميا يجمع بين الزخم المادي بكل أطيافه وبين المنهج الإلهي القويم بكل مجالاته وتشريعاته .. إنني وإن كنت أستبعد مثل هذا الأمر في الوقت الحاضر إلا أنني أتساءل لماذا يخاغ الساسة والمنظرون الغربيون من دخول الصين في الإسلام ..؟!!.. وهل هناك إرهاصات لهذا الأمر دفع علماء الغرب لدق ناقوس الخطر في هذا المجال .؟!!.. الحقيقة أن أحداث مناطق التكستان الصينية الدموية ضد المسلمين بدأت تنبه العالم الغربي إلى العملاق الإسلامي النائم ليس في الصين أو لبهند فحسب بل على مساحة العالم أجمع .. إن الأيام القادمة حبلى بالأحداث التي ربما غيرت وجه التاريخ بشكل كامل وإني لأعتقد اعتقادا جازما أن حركة التاريخ تسير باتجاه هذا الإسلام العظيم ...
الدعوات العلمانية :
** الدعوات العلمانية اللادينية .
** الدعوات الإنسانية العالمية .
** الدعوات الإلحادية والوجودية .
** الحركة الماسونية العالمية ..
SECULARISM
لدعوات العلمانية :
وهي الترجمة السيئة الخبيثة للكلمة الأجنبية ( ) والتي تعني إقامة الحياة بعيدا عن الدين .. وهذه الترجمةخبيثة مضللة وضعها أعداءالأديان لتضليل الناس والإيحاء لهم بأن إبعاد الدين عن الحياة هو الطريق إلى العلم المتحضر المتطور .. وقد جاء في دائرة المعارف البريطانية تعريف هذه الكلمة : ( بأنها حركة اجتماعية تهدف إلى صرف الناس عن الاهتمام بالآخرة إلى الاهتمام بالدنيا وحدها ) ..إذن فالعلمانية وبشكل مختصر هي حركة معادية ومضادة لكل الأديان مهما وصفها الواصفون بالعلم والثقافة والتحضر .. ولقد كانت ترجمتها إلى اللغة العربية بكلمة ( اللادينية ) ولكن تحولت هذه الترجمة على يد المستغربين في البلاد العربية إلى كلمة العلمانية وأصروا على ذلك رغم عدم وجود أية صلة بينها وبين العلم .. ويدعي العلمانيون كذبا وزورا أنهم ليسوا ضد الأديان إنما فقط إبعاد الأديان عن واقع الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية إلى أماكن العبادة .. فيما يترك للناس حريتهم الدينية الكاملة يمارسونها في أماكن العبادة فقط ومن خلال هذا المفهوم الضيق القاصر صدرت شعارات كثيرة لادينية علمانية منحرفة مثل قولهم : ( الدين لله والوطن للجميع ) و ( فصل الدين عن الدولة ) و( إبعاد الدين عن السياسة ) ثم قاموا بمسخ فكرة الدين بشكل عام حتى أصبحت فكرة باهتة مشوهة وذلك كما حصل على يد المجرمين الكماليين في تركيا أولا ثم على يد دعاة القومية العربية في البلاد العربية ثانيا ثم بعد ذلك انتشرت هذه الفكرة الخبيثة في العديد من البلدان الإسلامية ثالثا .. ولعل من أهم أسباب ظهور الدعوات العلمانية اللادينية في أوربا هو الكنيسة الأوربية المليئة بالانحرافات والخرافات والأباطيل المضللة إضافة إلى انحرافات رجال الدين النصارى السلوكية والأخلاقية خاصة وأن رجال الدين النصارى كانوا يمارسون سلطة ديكتاتورية على الناس حتى وصل الأمر إلى إحراق وإعدام العلماء والمفكرين لمجرد مخالفتهم آراء الكنيسة وخرافاتها وأباطيلها وتناقضاتها ومن هذا المنطلق ظهرت الحركات العلمانية اللادينية أول ما ظهرت في أوربا .. ويخطئ كثير من الكتاب في جعل ظهور الحركات العلمانية متماشيا مع عصر النهضة والعلم أو بعيد عصر النهضة والعلم لإضفاء صورة علمية تقدمية متحضرة لهذه الحكومات اللادينية ولكن الحقيقة أن فكرة فصل الدين عن الدولة وفكرة إبعاد الدين عن جميع مرافق الحياة وحصره في الأمور التعبدية داخل دور العبادة فقط فكرة قديمة سبقت عصر النهضة العلمية بسنين طويلة ذلك لأن الإنجيل في عقيدة النصارى لم يتضمن أمور التشريع السياسي والاقتصادي والاجتماعي وإنا كانت نصوص الإنجيل جلها إن لم يكن كلها في أمور العقيدة وتربية النفس والأخلاق والعبادات والروحانيات أما أمور التشريع فكانوا يرجعون فيها إلى التوراة ( العهد القديم ) وهذا بالفعل ماحكاه القرآن الكريم على لسان نبي الله عيسى عليه أفضل السلام والتسليم : ( ... مصدقا لما بين يدي من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم .. ) وهذا في أصل الإنجيل المنزل من عند الله قبل التحريف والتبديل فما بالك بما حدث من تحريف وتبديل عبر آلاف السنين أدت إلى وجود الكثير من الخرافات والتناقضات التي تناقض العلم والفكر والعقل .. إذن الإنجيل كتاب النصارى ليس فيه أصلا الأمور التشريعية المختلفة فإذا قام العلمانيون النصارى بحركتهم العلمانية ضد الكنيسة وخرافاتها وأباطيلها ورفضوا أخذ تشريعاتهم من التوراة كتاب اليهود .. خاصة مع وجود الحقد والكراهية من قبل نصارى الغرب لليهود في تلك الحقبة من التاريخ فلربما نجد لهم شيئا من وجهة النظر .. أما الإسلام الذي يمتلك عقيدة روحية وشريعة تنظم جميع أمور الحياة .. ولم يكن بينه وبين العلم والعلماء أية مشكلة بل على العكس من ذلك فالإسلام هو الذي يأمر بالعلم والتفكر ولم يتناقض مع العلم الحق في أية نقطة من النقاط .. أضف إلى ذلك أن الإسلام كان ولايزال يحترم العلم والعلماء ويرفعهم إلى مرتبة سامية في حين أن الكنيسة كانت تقتل العلماء وتحرقهم لأنهم وضعوا نظريات علمية تخالف خرافات الكنيسة وانحرافاتها وأباطيلها .. يقول " روجرز بيكون " وهو من علماء القرن الثالث عشر الميلادي : ( من أراد أن يتعلم فليتعلم العربية لأنها هي لغة العلم ) ... ويقول " راندال " في كتابه " تكوين العقل الحديث " : ( لقد بنى المسلمون في القرن العاشر الميلادي في إسبانيا ـ بلاد الأندلس ـ حضارة لم يكن العلم فيها مجرد براعة فحسب بل كان علما طبق على الفنون والصناعات الضرورية للحياة العملية ) ... ويقول العالم الهولندي المسلم محمد أسد ( ليوبولد فايس ) في كتابه القيم " الإسلام على مفترق الطرق " : ( إن العصور الوسطى قد أتلفت القوى المنتجة في أوربا فكانت العلوم في ركود تام وكانت الخرافة سائدة وكانت الحياة الاجتماعية فطرية خشنة إلى حد من الصعب علينا أن نتخيلها الآن وفي ذلك الحين أخذ النفوذ الإسلامي في العالم ينتشر من خلال مغادرة الصليبيين عائدين إلى بلادهم ومن خلال الجامعات الإسلامية الزاهرة في إسبانيا المسلمة ـ بلاد الأندلس ـ في الغرب ثم بالصلات التجارية المتزايدة التي أنشأتها جمهورية جنوة والبندقية .. وأمام تلك الأبصار المشدوهة أبصار العلماء والمفكرين الأوربيين ظهرت مدينة جديدة .. مدينة مهذبة راقية خفاقة بالحياة ذات كنوز ثقافية عالية .. لقد خلق العرب لأنفسهم عالما علميا جديدا تمام الجدة لقد وجدوا طرائق جديدة للبحث وعملوا على تحسينها ثم حملوا هذا كله بوسائط مختلفة إلى الغرب .. ولسنا نبالغ إذا قلنا بأن العصر العلمي الحديث الذي نعيش فيه لم يدشن في مدن أوربا النصرانية وإنما في المراكز الإسلامية في دمشق وبغداد والقاهرة وقرطبة ) ..
لقد تعلمت أوربا كل العلم الذي وجدته عند المسلمين كما أخذت كثيرا من الأصول الحضارية التي وجدتها عندهم ولكنها ولأمر ما رفضت أن تأخذ الإسلام رغم السماحة الهائلة التي لمسها المسيحيون في أوربا من المسلمين في الأندلس وارتدت إلى الجاهلية الإغريقية الرومانية المتعصبة لتنشئ على أساسها جاهلية جديدة متقدمة كل التقدم في العلم والتكنولوجيا ومنتكسة أشد الانتكاس فيما عدا ذلك من جوانب الحياة .. إن أوربا بدافع العصبية الصليبية وبسبب ارتكاسها وعودتها إلى النهج اليوناني والروماني الوثنيين أعرضت عن دين الله القويم واتجهت لبناء جاهلية تقدس العقل والجسم والمادة والجنس وترتكس في حمأة الشهوات والدنس وتبني مجتمعاتها على العنصرية والحقد بعد أن نسيت التسامح الإسلامي الذي عاملها به المسلمون وأخذت تبني فكرها على الأوهام والخرافات والإلحاد والوثنيات التي ورثتها من اليونانيين والرومانيين على حد سواء ومن هذا المنزلق الخطير انبثقت الفلسفات العلمانية التي تطورت فيما بعد إلى الفلسفات الوجودية المغرقة بالانحراف والوهم والخرافة ثم جاءت بعد ذلك فلسفات وانحرافات أخرى مثل الإليوتية وغيرها والتي تقدس الأساطير والخرافات وتسير وراء الأوهام والظنون والخرافات ... ومن ذلك نجد أن الفلسفة العلمانية اللادينية الحديثة لم تقتصر على النواحي الروحية والتعبدية وإنما كان لها آثارها السلبية العريضة على السياسة والاقتصاد والاجتماع بل على كل نواحي الحياة ,..
ففي مجال السياسة ... استطاعت الحركة العلمانية في أوربا أن تنتزع من الكنيسة السلطة السياسية التي كانت تفرضها على الناس وحتى على الملوك والقياصرة تحت مبدأ الحق الإلهي الذي ورثته الكنيسة ورجال الدين من يسوع الإله على حد زعمهم وفي ذلك يقول البابا نيقولا الأول " 858 ـ 867 م " : ( إن ابن الله أنشأ الكنيسة بأن جعل الرسول بطرس أول رئيس لها وأن أساقفة روما ورثوا سلطات بطرس في تسلسل مستمر متصل ولذلك فإن البابا ممثل الله على ظهر الأرض .. يجب أن تكون له السيادة العليا والسلطان الأعظم على جميع المسيحيين حكاما كانوا أم محكومين ) ... ويقول البابا جريجوري السابع " 1073 ـ 1085 م " : ( إن الكنيسة بوصفها نظاما إلهيا خليقة بأن تكون صاحبة السلطة العليا ومن حق البابا وواجبه بصفته خليفة الله في الأرض أن يخلع الملوك غير الصالحين وأن يؤيد أو يرفض اختيار البشر للحكام أو تنصيبهم حسب مقتضيات الأحوال )
ومن هذا المنطلق فإن الحركة العلمانية اللادينية قد بدأت وبشكل غير ظاهر على يد الملوك والحكام والأباطرة بهدف انتزاع السلطة السياسية العليا من الكنيسة بعد أن أذلت العديد ممن بدؤوا يتمردون على سلطة الكنيسة وبدؤوا يطالبون الكنيسة بالسلطة المادية على أن اقتصارالكنيسة على السلطة الروحية فحسب حول نظرية الحق الإلهي في السلطة المادية السياسية إلى الملوك والحكام بدلا من رجال الدين في مجال السياسة والحكم والأمور المادية والحياتية بشكل عام ولقد ظهر على ساحة الأحداث فلاسفة وكتاب يدعمون الحكام والملوك في ترسيخ فكرة الحق الإلهي المادي للحكام بينما اقتصر الحق الإلهي للكنيسة على السلطة الروحية والتعبدية في الكنيسة .. كما ظهر كتاب وفلاسفة يدافعون عن استبداد الحكام وطغيانهم وديكتاتوريتهم وإعطائهم الحق باستخدام أي أسلوب للوصول إلى أهدافهم حتى ولو كان هذا الأسلوب بعيدا عن الأخلاق أو عن الصفات الإنسانية ومن أمثال هؤلاء الفلاسفة والكتاب ( هوبز ) و ( ميكيافيلي ) الذي أعطى للعلمانيين اللادينيين مجالا أوسع وحرية أكبر في استخدام كافة الطرق والأساليب اللاأخلاقية ولذلك أصبح هذا النهج اللاأخلاقي اللاإنساني الذي ينتهجه العلمانيون اللادينيون يسمى ( الميكيافيلية ) وأصبح النهج الميكيافيلي يسير تحت مبدأ أساسي هو ( الغاية تبرر الوسيلة ) .. والحقيقة أن ميكيافيلي في كتابه الشهير ( الأمير ) قد أعطى الشرعية الكاملة لكل الوسائل الخسيسة اللاأخلاقية التي يستخدمها الحاكم أو الأمير من كذب وغش وخديعة وقتل وسفك دماء وإلقاء القنابل وتدمير المدن وقتل الشعوب في سبيل الوصول إلى الهدف والذي كثيرا ما يكون غير شريف أيضا .. وهذا ما ينطبق فعلا على العلمانيين من دعاة الديمقراطية أو دعاة الإشتراكية أو دعاة القومية أو دعاة الشيوعية أو الفاشية أو النازية فكلهم تتلمذوا على ميكيافيلي في أساليبهم القمعية الديكتاتورية اللاأخلاقية واللاإنسانية .. ولقد قوبل النهج الميكيافيلي بادئ ذي بدء بالاستنكار والرفض ولكن سرعان ما وجد فيه الحكام الظلمة بغيتهم في استعباد الناس وتسخيرهم لخدمة شعب معين أو أمة معينة أو مبدأ معين .. ونظرة فاحصة إلى ما وقع أيام هتلر النازي أو موسوليني الفاشي أو أيام ماوتسيتونغ ولينين واستالين وجوزيف بروس تيتو و سلوبودان ميلوزوفيتش وكمال أتاتورك وجمال عبد الناصر وحافظ أسد وصدام حسين والحبيب بورقيبة وهيلا سيلاسي والأسقف مكاريوس وبابراك كارمل وحفيظ الله أمين وجورج بوش وغيرهم كثير من الطغاة المستبدين المتجبرين نعلم إلى أي مدى انحدرت فيه السياسة العلمانية البعيدة عن الدين البعيدة عن الأخلاق .. لقد استباح هؤلاء الطغاة دماء ملايين البشر بحجج واهية بعد أن تخلوا عن الدين وتخلوا عن الأخلاق السامية التي تدعوا إليها الأديان السماوية بشكل عام والدين الإسلامي بشكل خاص ,, ** في مجال السياسة تم اتباع المبدأ الميكيافلي ( الغاية تبرر الوسيلة ) والتي تعني بشكل صريح ووقح إسقاط الأخلاق وبشكل كامل في مجال السياسة فلا مانع من القتل وإبادة الشعوب وتدمير المدن والاستعمار والاستعباد والفصل العنصري مادام ذلك يحقق مصلحة طائفة معينة أو دولة معينة مادامت تمتلك القوة والاستطاعة على تنفيذ ذلك .. بل لا مانع من استخدام الأسلحة النووية وجميع أسلحة التدمير الشامل المحرمة دوليا إذا شعرنا أننا سنخسر الحرب ..لا مانع من قتل الأطفال واغتصاب النساء وإبادة الملايين إذا اعتدى رجل ما على دولة عظمى .. واذكر في هذا المجال أن وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة عندما عرض عليها المآسي والمصائب وموت مليون طفل نتيجة الحصار المجرم على الشعب العراقي ، قالت وبدون أي إحساس إنساني : ( إنها الحرب...! ) أجل إنها الحرب التي تبيح للأقوياء كل الجرائم في حق الإنسانية أما قوانزاليزا رايز وزيرة الخارجية الأمريكية اللاحقة فعندما زارت جنوب لبنان ورأت بأم عينيها الدمار والخراب وعشرات الألوف من القتلى والجرحى الأبرياء من جراء الغزو الإسرائيلي المدعوم من أمريكا فقالت: ( الآن يمكننا تطبيق الديمقراطية في لبنان ) وهل الديمقراطية الغربية لا تطبق إلا بذبح ملايين الأبرياء في كل مكان ..؟!!! لقد تشابهت قلوبهم وأهوائهم وأقوالهم لأنهم ينطلقون من مبدأ علماني قذر واحد ( الغاية تبرر الوسيلة ) البعيد كل البعد عن الأخلاق السامية والمعايير الإنسانية الحضارية .
أما في المجال الاقتصادي ... فإن الظلم الاقتصادي في البلاد العلمانية يتجه إلى الابتعاد وبشكل كامل عن التعاليم الدينية والاعتماد على النظم الاقتصادية المادية التي هي من صنع البشر مبتعدة كل البعد عن التعاليم الدينية بل معارضة ومناقضة في كثير من الأحيان لتعاليم الدين .. وسواء كان التوجه العلماني الاقتصادي باتجاه الرأسمالية أو الاشتراكية أو الشيوعية أو غير ذلك من النظم فكله سيان من حيث التعارض والتناقض مع تعاليم الأديان السماوية .. فالحركات العلمانية التي قامت في أوربا ضد سلطة الكنيسة لم تتحول في نظامها الاقتصادي إلى ما هو أفضل وإنما ظلت تنحدر وترتكس وتنتقل من جاهلية إلى جاهلية أخرى ومن فساد إلى فساد أشد ومن ظلم إلى ظلم أدهى وأمر وكلما حاولوا أن يصلحوا الظلم جاؤوا بظلم جديد وهذا هو شأن البشر دائما يشرعون لأنفسهم وفق مصالحهم وأهوائهم وشهواتهم ويرفضون الهدى الرباني الذي يصلح أحوال الناس كافة .. إن البشر حين يشرعون لاقتصاد بلد معين إنما يقومون باغتصاب حق إلهي لأن التشريع هو من خصائص المنهج الرباني لا يجوز لبشر أن يشرع لبشر ولا يجوز لحاكم أو ملك أو رئيس أو أمير أو رجل دين أن يشرع للناس خارج المنهج الإلهي .. يروى أن عدي بن حاتم الطائي وكان على النصرانية دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعلن إسلامه أمام الرسول صلى الله عليه وسلم وكان الرسول يقرأ قوله تعالى : ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح بن مريم ) فقال عدي : ولكنهم لم يعبدوهم يا رسول الله فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( أحلوا لهم الحرام وحرموا عليهم الحلال فأطاعوهم فتلك عبادتهم إياهم ) .. فالرسول الكريم عليه أفضل السلام والتسليم اعتبر أن مجرد تغير أحكام الشريعة الإلهية هو شرك وعبودية للناس من دون الله .. إن هذا الأمر كثيرا ما يغيب عن كثير من الناس فيخلطون ويقعون ببراثن الشرك والعبودية لغير الله فلا يمانع بعض الناس من أن يعتبر نفسه مسلما وفي نفس الوقت يتبع في واقع حياته نظاما بشريا شيوعيا أو علمانيا أو إشتراكيا أو رأسماليا أو ديمقراطيا أو غير ذلك من المذاهب والأنظمة الأرضية التي هي من صنع البشر تعارض أو تناقض المنهج الرباني في قليل أو كثير .. إن المشرعين من البشر خارج حدود المنهج الرباني القويم قد اغتصبوا لأنفسهم حقا إلهيا وإن المنفذين للتشريعات المتعارضة أو المناقضة للمنهج الإلهي هم قوم عبيد لبشر مثلهم لأن أي تشريع بشري أرضي لابد وأن يضمن مصالح المشرعين أو من حولهم على حساب مصالح الملايين من أبناء البشر فالأمريكي لا يمكن أن يشرع لصالح الصين أو الهند ضد المصالح الأمريكية والأبيض في أمريكا لا يمكن أن يعطي السود الأمريكيبن مصالحهم الكاملة على حساب الرجل الأبيض وهكذا نجد أن كل مشرع من بني البشر سيؤثر بني جنسه حتى ولو كان ذلك على حساب سحق الملايين من أبناء البشر ومن هذا المنطلق تظهر ضرورة تطبيق المنهج الرباني القويم العادل ليعم العدل والمساواة جميع البشر في جميع أنحاء العالم .. إن أي تشريع بشري لابد وأن يضمن مصالح المشرعين أنفسهم وأصحاب المصالح من الحكام والرؤساء والملوك ومصالح رجال الدين ومصالح رجال الدولة والمسؤولين ومصالح أصحاب رؤوس الأموال المتنفذين وذلك على حساب ملايين الفقراء والبسطاء والمعوزين واستعبادهم وتسخيرهم لخدمة طبقة الأسياد في المجتمع أو طبقة الحكام والمسؤولين كما هو الحال في الأنظمة الشيوعية التي سحقت شعوبها واستعبدتهم وجعلتهم يكدون الليل والنهار بقوة الحديد والنار من أجل لقمة عيش ذليلة أما المجتمعات الرأسمالية فالصورة لا تختلف كثيرا إلا من حيث الشكل أما المضمون فهو مضمون واحد طبقة رأسمالية غنية مترفة إلى آخر حدود الترف وطبقة كادحة عاملة في وضع مادي تعيس لا تستطيع أن تدخر شيئا أو تتوسع في معيشتها أو تحظى على الحد الأدنى من الحياة الحرة الكريمة .. وهنا تطل الميكيافيلية برأسها البغيض على الاقتصاد في الدول العلمانية لتحتل مركز الصدارة في الإقتصاد العلماني سواء كان ذلك في الشرق والغرب .. ** أما في المجال الاقتصادي فقد تم أيضا إبعاد الأخلاق السامية والمعاير الإنسانية عن موضوع الاقتصاد فأباحوا الربا وحللوا الغش والتلاعب والخداع والكذب وسرقة أجر الأجير وإشغال الناس بتوافه الأمور لسلب أموالهم بطريقة جشعة إضافة إلى تحليل شن الحروب على الدول والشعوب من أجل مصالح الدول الاستعمارية .. لقد قامت الحروب الاستعمارية كلها في القرنين السابقين من أجل المادة ومن أجل سلب خيرات الشعوب ومن أجل سرقة أمول الشعوب ومن أجل تصريف بضائعهم في كل بقاع العالم دون أن يسمحوا بتطوير هذه الأمم والشعوب المستعمرة بل على العكس من ذلك تماما فقد تم فرض الجهل والفقر والمرض والجهل على الشعوب المستعمرة من أجل تحقيق مصالح المستعمرين الغربيين ...
وفي المجال الاجتماعي ... نجد أن تأثير العلمانية على الاجتماع والمجتمعات الإنسانية هو أشد خطرا وتأثيرا من التأثيرات الأخرى .. لقد جاءت الثورة الصناعية لتحرير المرأة فاستعبدت الرجل والمرأة على حد سواء لأغراضها الخاصة وكانت أغراضها قدرا من الشر لا يخطر على بال إنسان .. تحررت المرأة فتحللت من القيود كلها وفي مقدمتها قيود الدين والأخلاق .. وطالبت بالمساواة الكاملة مع الرجل فرفضت أن يكون الرجل قيما عليها لأن القوامة لا تصلح بين الأنداد .. واشتغلت فانشغلت عن مهمتها الأولى في الحياة وهي تربية النشء .. وتفككت الأسرة وانحل البيت وتشرد الأطفال وتكونت منهم عصابات جانحة ترتكب الجرائم لمجرد سد الفراغ .. وانحلت روابط المجتمع فصار كل إنسان يعيش وحده حتى داخل الأسرة الواحدة فالزوج له عمله ومغامراته والزوجة لها عملها ومغامراتها والأولاد يتركون البيت ولا يعودون ولا يربطهم بالأب والأم أي رباط إلا زيارات خاطفة في مناسبات متباعدة .. ويكبر الأبوان في تلك العزلة القاتلة فلا يجدان من يطرق عليهما الباب فينشدان سلواهما بالقطط والكلاب .. وانتشر الشذوذ لأسباب كثيرة منها رفض المرأة القوامة من الرجل .. وهكذا نجد الحضارة الغربية انحطاط اجتماعي هائل وهبوط في السلوك والأخلاق ينذر بسقوط هذه الحضارة المادية .. وفي مجال العلاقات الاجتماعية فقد هبط العلمانيون بمجتمعاتهم إلى أسفل السافلين وذلك في العلاقات الاجتماعية والإنسانية وفتحوا بضاعة الجنس بشكل سافر وميسر كنوع من السرقة والابتزاز وذلك بلا رادع من أخلاق ولا ضابط من عقيدة أو دين فكان أن تحطمت الأسرة وتشرد الأطفال وارتكست المجتمعات العلمانية إلى الحمئة الدنسة وتردت البشرية إلى السعار الجنسي المجنون الذي لا يشبع ولا يرتوي وبذلك تحطمت العلاقات الاجتماعية الحقيقية بين أبناء المجتمع الواحد .. أما في المجال الروحي فقد أطلق العنان للمشعوذين والعرافين والدجالين الذين يقرؤون المستقبل ويدعون كذبا وزورا علم الغيب عن طريق النجوم تارة وعن طريق الكواكب تارة أخرى وعن طريق الشياطين والجن وعن طريق قراءة الكف وما شابه ذلك وهكذا .. وهكذا بعد أن تم لهم القضاء الكامل على المنابع الروحية الحقيقية الأصيلة التي جاءت بها الأديان السماوية واتبعوا ما تتلو الشياطين فتحولت الروحانيات وبشكل كامل إلى خرافات وشعوذات وأباطيل .. ومن الطريف أن نذكر أن الرئيس الفرنسي الأسبق فرانسوا ميتيران كانت له عرافة مغربية الأصل مقيمة في باريس لا يقطع أمراً هاما إلا بعد استشارتها فهل بعد هذا الهبوط من هبوط وسخف ؟.. وهكذا قامت العلمانية الحديثة بإفراغ الأخلاق الإنسانية من مضامينها وجعلها كما يقول ماركس : ( انعكاساً للأوضاع المادية والاقتصادية ) بعيدا عن توجيهات الأديان وضبطها لما فيه صلاح الإنسان في هذا الكون.
وفي مجال العلم والعلماء ... فقد كان لتأثير العلمانية الميكيافيلية أكبر الأثر فلقد ذكرنا سابقا الصدام العنيف الذي حصل في الغرب بين الكنيسة من جهة وبين العلم والعلماء من جهة أخرى .. الكنيسة التي كانت تتبنى الخرافات والأوهام والأفكار الخاطئة المنحرفة والعلماء الذين درسوا على علماء المسلمين في بلاد الأندلس في قرطبة وغرناطة وإشبيلية وفي صقلية وجنوة والبندقية وغيرها من مراكز الإشعاع الحضاري الإسلامي في العالم آنذاك .. حيث تفتحت عقولهم واتسعت مداركهم على العلم والمعرفة الحقيقية وعلى المنهج التجريبي في البحث العلمي الذي وضعه علماء المسلمين فأخذوا ينبذون خرافات الكنيسة وأوهامها ويتسلحون بالنتائج العلمية التجريبية التي أخذوها عن المسلمين .. ولكن حماقة الكنيسة ورجال الدين المسيحي آنذاك لم تترك لهم فرصةالتعلم والتعليم والبحث ولكنها على العكس من ذلك فقد أخذت تلاحق العلماء وتجبرهم على ترك أفكارهم واتباع آراء الكنيسة الخاطئة المنحرفة واتباع الخرافات والأوهام التي ثبت للعلماء بطلانها والتي كانت تتبناها الكنيسة الغربية الأوربية .. ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تطور بشكل كبير حتى وصل إلى حد اتهام العلماء بالهرطقة التي توجب عقوبة القتل أو الصلب أو الحرق .. ومن هذه النقطة بالذات بدأ الصراع الفعلي القوي بين الكنيسة والعلم وبين رجال الدين والعلماء يدعمهم في ذلك قاعدة عريضة من المجتمع التي سئمت خرافات الكنيسة وأباطيلها مما أدى إلى ظهور النزاعات والحركات العلمانية اللادينية التي ترفض آراء الكنيسة جملة وتفصيلا وتعادي رجال الدين المسيحي عداء مستحكما .. ولقد كان من المنطقي والواجب أن يتجه مثل هؤلاء العلماء والمفكرين باتجاه الدين الصحيح الذي أنتج العلم الصحيح وأنتج العلماء الذين تربى على أيديهم علماء الغرب .. كان من المنطقي والواجب على هؤلاء العلماء أن يتجهوا إلى دين أساتذتهم المسلمين الذي يجمع بين العلم والعقيدة الروحية الصحيحة برباط قوي حيث كان الدين الإسلامي يحث على طلب العلم والبحث والتفكير في ملكوت الله ويعتبر ذلك نوعا من العبادة يثاب فاعلها إضافة إلى أن الدين الإسلامي قد رفع مرتبة العلماء إلى المستوى الذي يليق بهم في المجتمع الإسلامي .. يقول ربنا جل وعلا : ( هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ) ويقول أيضا : ( إنما يخشى الله من عباده العلماء ) ... إن التكريم الذي حظي به العلم والعلماء في الدين الإسلامي لا مثيل له في الوجود وكان من الواجب على علماء الغرب ومفكريهم أن يوجهوا عقولهم وأفكارهم نحو هذا الدين القويم وأن لا يتنكروا لمن علمهم من العلماء المسلمين ولكنها العصبية المقيتة التي دفعتهم بعيدا عن الكنيسة أولا ثم بعيدا عن كل الأديان أخيرا فكان هذا الخصام النكد بين العلم والدين ثم كانت الحركات العلمانية التي تقدس العلم والعلماء وتستخف بكل ما يمت إلى الأديان والمعتقدات بصلة .. حتى وصل الأمر إلى اعتبار أن مجرد الاعتقاد بوجود الله كفيل بإخراج العالم من دائرة العلم والعلماء ووضعه في دائرة السخرية والاستهزاء .. لم يعد العلم هو الأداة السامية التي تخدم الإنسانية جمعاء وإنما أصبح يوجه في سباق التسلح والتسلط على الدول واستعباد الشعوب وأصبح العلم مسخراً لتنفيذ المصالح والأهواء والشهوات حتى وصل الأمر إلى نشر أبحاث علمية كاذبة لا تمتلك أي رصيد من العلم واعتبروها علوما أمثال خرافات داروين وفرويد وسارتر وكولن ولسون وغيرهم كثير ممن أساؤوا أشد الإساءة إلى المبادئ العلمية السامية وذلك كله تحت مبدأ إقصاء الدين والأخلاق وبشكل كامل عن جميع الفعاليات الإنسانية واعتماد مبدأ المكيافيلية القذرة .. لقد أصبح العلم يبتكر كل يوم مبتكرات براقة متطورة ظاهرياً ولكنها وسيلة خسيسة خبيثة لابتزاز الناس أذكر على سبيل المثال هنا ابتكار الهاتف الجوال الذي هو تطور علمي رائع وقفزة هائلة في مجال الاتصالات العالمية ولكن إغراق السوق كل يوم بأنواع جديدة تقوم بنفس الهدف القديم مع بعض الديكورات والتطويرات الشكلية ليس له تفسير إلا ابتزاز أموال الناس بأساليب شيطانية ويكفي أن نعرف أن أي هاتف جوال في مجال الإنتاج الغزير لا يكلف أكثر من خمسة دولارات إلى عشرة دولارات في حين يباع أقل واحد منها بخمسين دولاراً عدا عن الفوائد الكبيرة التي تجنيها من الشركات المكالمات في كل لحظة ونلاحظ أن سعر البيع لهذه الأجهزة يعادل عشرات الأضعاف للتكلفة فهل بعد هذه السرقة من سرقة ؟... وقس على ذلك كثير مثل القنوات الفضائية وشبكة الانترنت والأفلام السينمائية وغير ذلك كثير وكثير.. لقد أصبح العلم مسخراً للنهب والسرقة وتدمير الأخلاق والضمائر في جميع أنحاء العالم .. إن مرض الإيدز وأمراض السكري وأمراض القلب وأنفلونزا الطيور وإنفلونزا الخنازير والجمرة الخبيثة وغير ذلك كثير من الأمراض الفتاكة التي تقضي على الملاين من البشر لم يعد يلتفت العلم إليها إلا بمقدار ما تحقق من الربح أما العامل الإنساني فقد تم إعدامه وفق مفهوم العلمانية المكيافيلية في كل بلاد العالم إذ نجد أن العقاقير والأدوية الطبية أصبحت من أكثر البضائع رواجا وربحا في العالم بعد سوق الدعارة ...!!
أما في مجال الفكر وأقصد هنا كل ما يتعلق بفكر الإنسان من وسائل المعرفة والإدراك والإعلام والسياحة وغيرها من الأمور الثقافية الفكرية التي لا تدخل تحت بند العلوم المادية المعاصرة فلو نظرنا نظرة فاحصة إلى المجتمعات الغربية الرائدة في مجال العلمانية وإلى جميع المجتمعات العلمانية الأخرى لوجدنا كما هائلا من الغثاء مليئا من الكذب والتضليل والخداع والغش والفساد والإفساد والأفكار الضالة المضللة في الصحافة والإعلان والتلفزيون والمسرح والسينما والإذاعة وكلها تصب في مجال إبعاد الدين والأخلاق عن واقع الحياة في المجتمع.
في مجال الأخلاق :
وننتقل إلى نقطة هامة أخرى أنتجتها الأفكار العلمانية والحركات العلمانية على مستوى العالم والتي كان لها تأثيرا خطيرا مدمرا على كافة المجتمعات الإنسانية ألا وهي الأخلاق .. وفي مجال الأخلاق ربما لا أكون مبالغا إذا قلت بأن الأديان بشكل عام والأديان السماوية بشكل خاص والدين الإسلامي بشكل أكثر خصوصية هي التي وضعت أسس الأخلاق .. وأن الدين وحده هو المنبع الطبيعي للأخلاق على مستوى الشعوب كلها .. فإذا جف هذا المنبع أو أقصي عن واقع الحياة فأي أخلاق ننتظر بعد ذلك .. هذا ولقد حاول العلمانيون خلال تاريخهم الطويل أن يجدوا منبعا آخر للأخلاق بعيدا عن الدين ذلك لأن المجتمعات البشرية لا يمكن أن تحيا بدون أخلاق أو قيم إنسانية وإلا أصبحت هذه المجتمعات الإنسانية أقرب ما تكون إلى قطيع من الحيوانات المنتشرة في غابة أو فلاة .. ولكنهم فشلوا فشلا ذريعا في هذا المجال مما أدى إلى الانحدار والهبوط المستمر في الأخلاق منذ أن ابتعد الإنسان في الغرب أو الشرق عن الدين أو العقيدة .. وحتى الديانات الوثنية والشركية كانت تلزم أتباعها بكثير من القواعد الأخلاقية والاجتماعية بعضها الصالح وبعضها المنحرف ولكنها كديانة وعقيدة تستطيع أن تفرض نموذجا معينا من الأخلاق والعادات الاجتماعية التي قد نتوافق معها أو نختلف معها أما العلمانيين اللادينيين الذين انسلخوا وبشكل كامل من الدين والعقيدة فهؤلاء لا يمكنهم أن يفرضوا الأخلاق والعادات الاجتماعية إلا بالقوة وبالرقابة الصارمة .. إن أي منبع للأخلاق بعيدا عن الدين أيا كان قد أثبت عجزه في إثبات القيم الأخلاقية التي يحتاج إليها الإنسان في حياته .. هذا ولقد تطور الأمر لدى العلمانيين حتى وصلوا إلى مناقشة المبادئ الأخلاقية بحد ذاتها .. هل الأخلاق فعلا ضرورية في المجتمع الإنساني ..؟ وهل هي حقائق واقعية أم مجرد خيالات وأوهام .. ؟ فكانت نهاية المطاف بالنسبة للعلمانيين التفلت من جميع المبادئ الأخلاقية التي اعتبروها قيودا والهبوط وبشكل مزري إلى درجة الحيوانية أو إلى مستوى سافل تتعفف عن ارتكابه حتى الحيوانات .. إننا لو استعرضنا مراحل علاقة العلمانية بالأخلاق وكيف انحدرت بالمجتمعات الغربية من فساد إلى فساد أشد لتبين لنا مقدار الجريمة التي قامت بها الحركات العلمانية سواء كانت شيوعية أو اشتراكية أو ديمقراطية أو رأسمالية أو قومية أو غير ذلك من المذاهب والأنظمة والدعوات والعقائد الباطلة .. ذلك لأن تخلي الأمم عن أخلاقها أركسها في حمأة المادية المقيتة تارة وفي حمأة الحيوانية البهيمية تارة أخرى ولنتتبع مراحل تطور العلاقة بين العلمانية والأخلاق :
في المجال الروحي :
في بداية ظهور الحركات العلمانية قامت بمحاولات مركزة متكررة لإقصاء الدين أي دين عن واقع الحياة ونظرا لأن بداية ظهورها كان في أوربا المسيحية فإنها حاولت إقصاء الدين المسيحي أولا عن واقع الحياة .. خاصة وأن الدين المسيحي فيه العديد من الثغرات والمثالب والخرافات والتناقضات التي تسمح بانتقاده وغزوه وإبعاد الناس عنه .. ومع إقصاء الدين المسيحي في الغرب تم إقصاء الأخلاق أيضا لأن الأخلاق بشكل عام تكون مستمدة من العقيدة أو الدين بغض النظر عن سلامة هذا الدين أو العقيدة .. أما الأخلاق الفاضلة السامية فهي وبدون شك مستمدة من الديانات السماوية فقط .. ويمكنني هنا أن أذكر دائما بعظم الجريمة وبشاعة الجريمة التي قام بها العلمانيون اللادينيون بحق الإنسانية جمعاء وذلك بإقصاء الدين عن واقع الحياة أولا ثم إقصاء الأخلاق عن واقع الحياة ثانيا وهذا الإقصاء قد تجلى في مواطن عديدة في الحياة البشرية وفي فعاليات المجتمعات الإنسانية التي بدأت في الغرب ثم أخذت تنتشر في المجتمعات الأخرى التي تبنت النهج العلماني فيما بعد ..
في المجال الفني :
وفي مجال الفن فلقد كان الفن يتبع الكنيسة حيث كان يحمل كل المعاني والتصورات الكنسية المنحرفة طبعا ولعل أروع ما أبدعه الرسامون والنحاتون في عصور ما قبل النهضة وبداية النهضة كان موجوداً في الكنائس والأديرة ولكن بعد ظهور الحركات العلمانية فقد أخذ العلمانيون في فنهم إلى تقديس الطبيعة وتقديس الإنسان حتى أصبح الإنسان وبصورة خاصة المرأة هو محط أنظار الفنانين والنحاتين الذين أبدعوا في تصوير المرأة في أوضاع وأشكال متعددة عارية وغير عارية متبذلة وغير متبذلة وأصبح من الأمور الطبيعية في معاهد الفن والرسم أن تستلقي امرأة عارية في وضع معين يقوم بقية الطلاب برسمها والإبداع في إظهار مفاتنها .. نعم لقد كان الفن منحرفا في السابق ولكنه اليوم أصبح سافلا ومنحطا في عهد الحركات العلمانية .. أما في مجال الفن القصصي والشعر فحدث عن ذلك ولا حرج فلقد قام الشعراء والأدباء برفع كل الاعتبارات الأدبية والذوقية والأخلاقية عن الأدب فبدأت تظهر في عالم الأدب مبادئ السريالية والوجودية والأدب الجنسي المكشوف والأدب البوليسي الذي يمجد الجريمة ويؤكد عبقرية المجرمين حتى وصل الأمر إلى اعتبار الحياة الإنسانية حياة لا هدف لها ولا غاية واعتبار الإنسان الذي خلقه الله وجعله خليفة له في الأرض عبثا وضلالا وضياعا حتى وصل الأمر إلى إطلاق فكرة ( الإنسان اللا منتمي ) الذي يقوم بما يحلو له في هذه الحياة دون انتماء إلى مجتمع أو أسرة أو حي أو صداقة أو أخوة أو أي معيار من معايير الحياة الإنسانية .. لقد هبطت العلمانية بالإنسان إلى مادون الحيوان إذ أن الحيوانات ترتبط ببعضها تحت مبدأ القطيع أما الإنسان فأصبح يبتعد حتى عن قطيعة البشري وذلك وفقا لمعايير اللامنتمي التي أبدعتها العلمانية الحديثة .. إن الجريمة الكبرى التي قامت بها المبادئ العلمانية اللادينية هي إضفاء الشرعية على كل التيارات الهابطة المادية أو الحيوانية وتركيز الأضواء عليها وإعطائها صفة الفن .. ولعل أخر صرعات الفن العلماني الحديث هو القيام بممارسة الجنس في أوضاع شاذة قذرة أمام أعين المشاهدين في المسارح واعتبار هذه الممارسات السافلة أرقى ما توصل إليه فن العلمانيين .. لقد سقط الإنسان كله إلى السراديب وقرر المقام هناك وأضاء الأنوار على قاذوراتها وعرضها على أنها البضاعة الحاضرة فلم تعد سراً يستخفى منه ولم تعد قذارة تستنكر ولم تعد شيئا يتقزز منه الناس لم يعد أدب الجنس المكشوف قذارة يترفع عنها الفن إنما صار هو الفن الذي يتفنن فيه الكتاب يعرضون مفاتنه في تفصيل دقيق مكشوف ويعرضونه على أنه قاعدة الحياة أو قمة الحياة ...
العلمانيون والإسلام :
أما عن علاقة العلمانية بالإسلام فقد أطلق العلمانيون شعارهم القديم بأنهم ليسو ضد الدين وأنهم يتعايشون مع الكنيسة وأن الدين لله والوطن للجميع وبالطبع فإن هذه الدعوى كاذبة كذبها الواقع العملي لتطبيق العلمانية التي أقصت الكنيسة والدين وبشكل كامل عن واقع الحياة فلم يعد لها أي أثر يذكر في حياة الناس سوى سويعات قليلة في أيام الآحاد وأعياد الميلاد ورأس السنة التي ربما لا يحضرها إلا العجائز من الرجال أو النساء إضافة إلى مراسم المواليد والجنازات .. وكذلك فقد أقصت العلمانية الأخلاق وبشكل كامل عن حياة الناس كنتيجة طبيعية لإقصاء الدين المسيحي عن حياة الناس ونظرا لأن الدين المسيحي في الوقت الحاضر لا يمتلك تشريعا عاماً كاملا شاملا للحياة ونظرا لأنه يستمد تشريعه من العهد القديم ( التوراة المحرفة ) المتداولة بين أيدي الناس فقد قبل من العلمانية مبدأ التعايش بحيث لا تدخل الكنيسة في أمور الناس العامة وتقتصر على الأمور الروحية في الكنيسة فقط في المقابل تقوم النظم العلمانية بجميع شؤون الحياة دون التدخل في الأمور الروحية الكنسية ولكن عندما قام العلمانيون في تركيا المسلمة بقيادة كمال أتاتورك يساعدهم في ذلك العلمانيون العرب بقيادة الشريف حسين وأبنائه يساعدهم أيضا في الخفاء الدول الاستعمارية الغربية والحركات اليهودية العالمية فقد تم تقويض الخلافة العثمانية الإسلامية ومحاولة اتباع النهج الغربي العلماني بإقصاء الدين الإسلامي عن واقع الحياة وتقرير مبدأ فصل الدين عن الدولة واجهتهم الشعوب الإسلامية بمعارضة شديدة جداً تم قمعها بشدة وضراوة في تركيا على يد العلمانيين الأتراك الذين كانوا قد تسلموا قيادة الجيش والأجهزة الأمنية بشكل كامل وأبعدوا كل من لديه أي توجه ديني إسلامي .. لقد كانت المعارضة الإسلامية شديدة لأن الإسلام كدين إلهي يشمل التشريع الروحي والتشريع لكل أمور الحياة بل يشمل كل صغيرة وكبيرة في حياة الناس ولم يكن من السهل تطويع الإسلام والمسلمين لهذه المبادئ الكافرة المستوردة ولم يكن بالإمكان إيجاد معايشة كاملة أو جزئية دائمة أو مؤقتة مع المبادئ العلمانية اللادينية .. الإسلام دين ودولة وفق تشريع إلهي شامل متكامل يشمل كل شؤون الحياة لذلك لم تفلح محاولات العلمانيين وأذنابهم من دعاة القومية من إبعاد الدين الإسلامي عن واقع الحياة فعلى الرغم من محاولة تطبيق القوانين الغربية العلمانية في كثير من الدول الإسلامية إلا أن الوعي المتزايد لضرورة العودة إلى القوانين الربانية وإلى النظام الإلهي الإسلامي فوت على العلمانيين هذه المحاولات كلها وبقي الإسلام العظيم صامداً متحدياً كل الزوابع والأعاصير مما يجعله الملاذ الأخير للبشرية جمعاء للتحول إلى حضارة عالمية إنسانية إسلامية .. إن الدين الحق لا يمكن ابتداءً أن يكون عقيدة مفصولة عن الشريعة فالإلتزام بالشريعة في دين الله الحق هو مقتضى العقيدة ذاتها المتمثلة بشهادة أن لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله بحيث لا تكون الشهادة صحيحةً وقائمة إن لم تؤدي عند صاحبها هذا المعنى وهو الالتزام بما جاء من عند الله والتحاكم إلى شريعة الله ورفض التحاكم إلى أية شريعة سوى شريعة الله .. لقد نزل هذا الدين ليعطي التصور الصحيح لحقيقة الألوهية وحقيقة العبودية وليقيم في عالم البشر واقعاً محكوماً بهذا التصور منبثقا عنه مرتبطاً به متناسقا معه في كلياته وجزئياته لا يتصادم معه ولا ينحرف عنه فالله هو الخالق البارئ المصور الرزاق المحي المميت المدبر اللطيف الخبير عالم الغيب والشهادة بكل أسماءه وصفاته الواردة في كتابه المنزل هو وحده المتفرد بالألوهية والربوبية وهو المستحق للعبادة وحده بغير شريك وكل ما في الكون وكل من في الكون غيره سبحانه هم خلقه وعباده واجبهم عبادته وحده بغير شريك .. إن العلمانية لا يمكن بحال من الأحوال أن تلتقي مع التشريع الإلهي المتمثل بالمنهج الإسلامي كلياً او جزئيا ذلك لأن العلمانية تعتقد بأنه لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين وتقول لا علاقة للاقتصاد في الدين والعلمانية تعارض وتخالف أحكام الدين المنزلة من عند رب العالمين في حين جاء الإسلام نظاما عاماً شاملاً لكل شؤون الحياة فمن فرق بين أحكام الاقتصاد وأحكام الصلاة في الإسلام فقد كفر ومن اعتبر أن السياسة لا علاقة لها بالدين فقد كفر ومن غير وبدل حكما من أحكام الإسلام بأحكام من صنع البشر فقد كفر يقول ربنا جل شأنه : ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما ) .. ومن اعتقد بأفضلية نظام من الأنظمة الوضعية أو حتى مساواته في الإسلام فقد كفر حتى ولو صام وصلى وزكى ذلك لأن الإسلام هو المنهج الإلهي الوحيد الذي أنزله الله ليكون نظاما كاملا شاملا لكل شؤون الحياة ...
الدعوات الإنسانية العلمانية :
يحاول بعض المغرضين وخاصة من الديانات الأخرى يتبعهم في ذلك بعض المضللين والمهزومين روحياً أن يطلقوا دعوى الإنسانية كبديل للدين بشكل عام وللدين الإسلامي بشكل خاص ويحاولون من خلال هذه الدعوة أن يبعدوا الدين وبخاصة الدين الإسلامي عن واقع الحياة بأن يقتصر على العبادة في الأديرة والمساجد بينما تختص هذه الدعوة الخبيثة بالعلاقات الإنسانية على مستوى العالم بعيدا عن الأديان والمعتقدات لأن الدين لله والكرة الأرضية للجميع ولأن الدين يجب أن يكون بين العبد وربه فقط لا أن يكون فاعلاًَ ومؤثراً في جميع شؤون الحياة ولأن الإنسان يجب أن يرتقي فوق الفوارق الدينية أو الاعتقادية ليسمو ويرتفع إلى مستوى العلاقات الإنسانية والأخوة الإنسانية فوق الحواجز التي تفرق بين بني البشر على سطح الأرض هذا هو إدعائهم وهكذا يقولون .. إنها دعوة براقة ولكنها خبيثة ومغرضة والهدف منها تهميش الأديان بشكل عام والدين الإسلامي بشكل خاص من أبناء المسلمين بعد أن عجزت كل الحملات التنصيرية والتشويهية والشبهات في النيل من هذا الإسلام العظيم .. دعوة خبيثة براقة تدعوك أخي المسلم لتكون كبير القلب واسع الأفق كريم المشاعر إنساني الأحاسيس .. إنها دعوة شيطانية خبيثة ماكرة لا رصيد لها في عالم الواقع ولا رصيد لها حتى في الأوهام والأحلام ونريد أن نسأل هؤلاء الإنسانيون أين طبقت هذه الدعوات الإنسانية ...؟ هل طبقها المحتلون الفرنسيون في الجزائر وسوريا ولبنان ..؟.. أم طبقها المحتلون الإيطاليون في ليبياوالصومال وإيريتيريا ..؟.. هل طبقها النازي هتلر في أوربا ..؟.. أم طبقها ستالين في الإتحاد السوفيتي ..؟.. أم طبقها ماوتسي تونغ في الصين ..؟.. هل طبقها الهندوس الوثنيون في الهند ..؟.. أم طبقتها حكومة تايلاند والفلبين ..؟.. هل طبقها بوش في العراق وأفغانستان ..؟.. أم طبقها اليهود المجرمون في فلسطين ولبنان ..؟.. لست أدري أي إنسانية خيالية هذه التي يتحدثون عنها .. روسيا الشيوعية قتلت أربعة ملاين مسلم .. يوغوسلافيا قتلت مليون مسلم .. وفي الفلبين وأوغندا وتنزانيا والصين والهند وفي المجر ورومانيا ملاين المسلمين يذبحون ولا تجد تلك الدعوات الإنسانية الكاذبة ترفع حتى صوت استنكار.. الصرب قتلوا من المسلمين عدة ملايين في حرب إبادة وتطهير عرقي فهل سمعنا صوت أولئك الإنسانين ولو بكلمة استنكار .. لقد كان الحكام الرومان في مصر قديماً يلهبون ظهور الأقباط المسيحيين بالسياط لمخالفتهم إياهم في المذهب فلا يتحرك الأقباط لرد العدوان ولم يجدوا ملجأً يلجؤون إليه يمنحهم الحرية الاعتقادية ويمنحهم العدل والكرامة الإنسانية إلا عندما حررهم الإسلام من الرومان فأعطاهم كامل حريتهم الدينية استطاعوا أن يقاضوا حاكم مصر كلها أمام أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وقصة القبطي مع ابن عمرو بن العاص معروفة ومشهورة حيث توجه هذا القبطي الفقير إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب واشتكى ابن عمرو بن العاص حاكم مصر وقاضاه عمر بن الخطاب وحكم عليه بأن يقتص منه ويضربه كما ضربه وقال كلمته المشهورة التي تهز أركان التاريخ ( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً ) .. إنها دعوة خبيثة لإخراج المسلمين عن دينهم وسلخهم من عقيدتهم بأسلوب حضاري متمدن ولكنه خبيث وماكر.. إن تمسك المسلم بإسلامه أمر يغيظ أعداء الإسلام وخاصة الصهيونيين والصليبين الجدد المتعصبين بصورة جنونية لذلك فهم يحاولون فك هذا الارتباط بين المسلم وإسلامه بأية طريقة كانت حتى ولو كانت خسيسة دنيئة .. فإذا ترك دينه وتمسك بمبادئ الغرب احتقروه وأهملوه ونبذوه كما حصل للأتراك بعد أن تخلو عن دينهم واتبعوا ملة الغرب الصليبين حيث نراهم اليوم يتزلفون حتى لقبرص اليونانية تلك الدولة المسخ من أجل الموافقة على انضمامهم للإتحاد الأوربي وما أجمل قول أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب حيث قال: ( نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإذا ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله ) .. إن ما يخشاه أعداء الإسلام اليوم هو تمسك المسلمين بدينهم وتمسكهم بعقيدتهم وتمسكهم بروح الجهاد الإسلامي .. لنستمع ماذا يقول هؤلاء الإنسانيون :
** يقول أحد المبشرين في كتاب " الغارة على العالم الإسلامي" : ( إن أوربا كانت تفزع من الرجل المريض لأن وراءه ثلاثمائة مليون من المسلمين مستعدون أن يقاتلوا بإشارة من يده ) .. طبعا يقصد بالرجل المريض الخلافة العثمانية ..
** ويقول المستشرق الكندي المعاصر " ولفرد كانتول سميث" : ( إن أوربا لا يمكن أن تنسى الفزع الذي ظلت تزاوله عدة قرون من الفتوحات الإسلامية وإن هذا الفزع لايدانيه شيء في العصر الحديث ) ..
** ويقول المستشرق الأمريكي روبرت باين في كتابه " السيف المقدس" : ( إن لدينا أسبابا قوية لدراسة العرب والتعرف على طريقتهم فقد غزو الدنيا كلها من قبل وقد يفعلوها مرة ثانية .. إن النار التي أشعلها محمد-صلى الله عليه وسلم- ما تزال تشتعل بقوة وهناك ألف سبب للاعتقاد بأنها شعلة غير قابلة للانطفاء أبداً ) ..
** ويقول ربنا جل شأنه: ( يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون )...
إنه الخوف والفزع من قبل أعداء الإسلام في الشرق والغرب من روح الجهاد بل من مجرد كلمة الجهاد لذلك أرادوا أن يطمسوا معالم الدين الإسلامي وأن يشوهوا صورة الجهاد الإسلامي بالإدعاءات والافتراءات والشبهات والأكاذيب إن أوربا لم تصل إلى الرفاهية الناعمة التي تعيش بها الآن إلا باستعمار واستغلال العالم الإسلامي ونهب خيراته وثرواته واستعباد أهله وإخضاعهم لنفوذها فماذا يكون إذا ما استيقظ المسلمون وعرفوا طريقهم وتمسكوا بعقيدتهم وحملوا راية الجهاد في كل أصقاع العالم الإسلامي ماذا سيكون لو استيقظ العملاق الإسلامي النائم كما يشبهونه اليوم ..؟ لاشك أن النتائج ستكون مذهلة حقاً للغرب الصليبي المتربص يوميا بالإسلام والمسلمين .؟.. وفي مقابل هذا الخوف والحقد والفزع لنستمع ماذا تقول تعاليم الإسلام :
ففي أخلاقيات الحرب والجهاد لم يسمح الإسلام لأية بادرة ظلم أواعتداء .. حيث يقول الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم : ( اغزوا باسم الله وقاتلوا من كفر بالله، اغزوا فلا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا ) .. إن الإنسانية الحقيقية والسماحة الحقيقية لا تكون إلا من خلال الإسلام المنهج الرباني الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه أما تلك الإنسانية المدعاة في ظل المناهج المادية البشرية الكافرة الملحدة فهي وهم وكذب وخواء لم يعرفها التاريخ في أي عصر من عصوره وهي مجرد شعارات خادعة كاذبة لا رصيد لها من الواقع .. إن هذه الدعوة اعلمانية الإنسانية التي يطلقونها هي دعوة لا رصيد لها من الواقع فهي تفتقد إلى الرصيد الفكري الذي يستطيع تجميع كل الأعراق والأفكار والشعوب في منظومة واحدة .. كما تفتقر إلى إمكانية التطبيق العملي في واقع مليء بالظلم والفساد والأحقاد والجرائم .. كما تفتقر أيضا إلى التأثير الفعلي على ضمائر وسلوكيات الناس الفردي والاجتماعي .. لقد فشلت هذه الأنظمة والدعوات وهي بعيدة عن الدين فشلا ذريعا في تطبيق أية مفاهيم حضارية سامية .. إن مثل هذه الدعوات العلمانية التي تدعي الإنسانية لايمكنها بحال من الأحوال أن تقيم في عالم الواقع حضارة إنسانية عالمية ...
الدعوات الإلحادية الوجودية اللادينية :
يقول " جوليان هيكسلي " الذي انسلخ من الإيمان بالله في كتابه " الإنسان في العالم الحديث " : ( إن الإنسان قد خضع لله يسبب عجزه وجهله والآن وقد تعلم وسيطر على البيئة فقد آن له أن يأخذ على عاتق نفسه ماكان يلقيه من قبل في عصر الجهل والعجز على عاتق الله وبالتالي يصبح هو الله ) .. نعوذ بالله ... ولاأريد أن أناقش هنا هذا الكلام السخيف ولكن أريد أن أسأل هيكسلي مادام الإنسان هو الله فلماذا لايدفع عن نفسه شبح الموت ولماذا لم يستطع الإنسان أن يحول المادة الميتة إلى خلية حية مادام يعرف تركيب الخلية الحية بأدق التفاصيل ... لاشك أن الذين كفروا عاجزون عن خلق ذبابة أو بعوضة لابل خلق خلية واحدة حية تستطيع أن تتزاوج وتتكاثر وقد تحداهم القرآن الكريم منذ أكثر من أربعة عشر قرنا أن يخلقوا ذبابة ومرت القرون الأريعة عشر ولم يصلوا إلى خلق خلية واحدة من الذبابة وسيستمر هذا التحدي آلاف وملايين السنين حتى يقر الإنسان بعجزه ويقر بأن هناك قدرة الله التي تخلق كل شىء بكلمة كن فيكون يقول ربنا جل شأنه : ( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون فسبحان الذي بيده ملكوت كل شىء وإليه ترجعون ) ...
** وفي هذا المجال يثير الفيلسوف (وول ديورانت ) في كتابه القيم ( مباهج الفلسفة ) تساؤلات كثيرة يمكن أن نطرحها على هيكسلي وأمثاله من الملحدين والتي لم يسنطع العلم الحديث أن يجد لها أي تفسير حتى يومنا هذا يقول ديورانت : ( ماطبيعة العالم ...؟ مامادته وماصورته ...؟ مامكوناته وهيكله ...؟ ومامواده الأولى وقوانينه ...؟ مالمادة في كيفها الباطن وفي جوهر وجودها الغامض ...؟ وماالعقل ...؟ أهو على الدوام متميز عن المادة وذوسلطان عليها ... أم هو أحد مشتقات المادة ...وعبد لها ...؟ أيكون كلا العالمين الخارجي الذي ندركه بالحس والباطني الذي نحسه بالشعور عرضة لقوانين ميكانيكية ... أو حتمية أم ثمة من المادة ...؟ أو في العقل أو كليهما عنصر من الاتفاق والتلقائية والحرية ...؟ إننا نؤثر معرفة الإجابات عن هذه الأسئلة على امتلاك سائر خيرات الأرض .. ولنسلم أنفسنا في الحال لإخفاق لامناص منه .. لالأن هذا الباب من الفلسفة يحتاج في إتقانه إلى معرفة كاملة ومناسبة بالرياضيات والفلك والطبيعة والكيمياء والميكانيكا وعلم الحياة وعلم النفس فقط بل لأنه ليس من المعقول أن نتوقع من الجزء أن يفهم الكل .. فهذه النظرية الكلية هي فتنتنا في هذه المغامرات اللطيفة ستبعد عن فكرنا جميع الفخاخ والمفاتن ويكفي أن نأخذ أنفسنا بقليل من التواضع وشىء من الأمانة لنتأكد أن الحياة في غاية التعقيد والدقة بحيث يصعب على عقولنا الحبيسة إدراكها .. وأكبر الظن أن أكثر نظرياتنا تبجيلا وتعظيما قد تكون موضع السخرية والأسف عند الإله العليم بكل شىء .. فكل مانستطيع أن نفعله هو أن نفخر باكتشاف مهاوي جهلنا وكلما كثر علمنا قلت معرفتنا لأن كل خطوة نتقدمها نكشف عن غوامض جديدة وشكوك جديدة فالجزىء ينكشف عن الذرة والذرة عن الالكترون والالكترون عن الكوانتوم ويتحدى الكوانتوم سائر مقولاتنا وقوانينا وينطوي عليها والتعليم بحد ذاته هو تجديد في العقائد وتقدم في الشك ... وآلاتنا كما ترى مرتبطة بالمادة وحواسنا بالعقل ... ومن خلال هذا الضباب يجب علينا نحن الزغب الطافي على الماء أن نفهم البحر .. إلى أي نجم بعيد ذهبت نظريتنا السديمية المشهورة .. هل يؤيدها علم الفلك الحديث اليوم أو يسخر من وجهها المغبر ...؟ وأين ذهبت قوانين نيوتن العظيم حين قلب انيشتاين وميكوفيسكي وغيرهما لقوانين الكون رأسا على عقب بمذهب النسبية ...؟ وأين مكان نظرية عدم فناء الماء ومصونية الطاقة في الفيزياء المعاصرة ومايكتنفها من فوضى وتنازع ...؟ وأين إقليدس المسكين اليوم وقد كان أعظم مؤلف للمراجع العلمية ليرى كيف يصوغ الرياضيون لنا أبعادا جديدة بحسب أهوائهم ويبتدعون لامتناهيات وينعتون أن الخط المستقيم هو أطول مسافة بين نقطتين ...؟وأين علم الأجنة ليرى أن البيئة الناشئة تحل محل الوراثة التي كانت إله العلم ...؟ وأين غريغوري ومندل ليشهدا انصراف علم الوراثة عن وحدة الصفات ..؟وأين داروين الهدام الدقيق ليرى كيف حلت طريقة التغيرات السريعة محل الاختلافات الذاتية المتصفة بالتطور ...؟ وماذا نصنع ايوم بمعمل الأستاذ ( فوندت ) وباختبارات (ستانلي هول ) حين لايستطيع أي عالم نفساني أن يكتب صحيفة واحدة في علم النفس الحديث دون أن يلقي بمخلفات أسلافه في الهواء ...؟ وأين علم التاريخ .. وماذا أصاب علومنا ...؟ هل فقدت فجأة قداستها ومافيها من حقائق أزلية ؟ أيمكن أن تكون قوانين الطبيعة ليست سوى فروض إنسانية تفتقر إلى اليقين والاستقرار العلمي ...؟ ) .. وإلى آخر ماهنالك من تساؤلات يقف الإنسان أمامها عاجزا ولاأريد أن أطيل من الاقتباس من فلسفة (ديورانت ) وسخريته من الإنسان الذي لايزال جاهلا غافلا عن كل ماحوله ورغم ذلك يدعي أنه أصبح هو الله كما يقول جوليان هيكسلي الوجودي وأمثاله من المعتوهين ...
يقول " برتراندراسل " : ( يقترب علم الطبيعة من مرحلة الكمال وجميع الدلائل تدل على عكس ذلك ) .. يقول هنري بوانكاريه فيرى : ( إن علم الطبيعة الحديث في حالة من الفوضى فهو يعيد بناء أسسه من جديد وفي أثناء ذلك لايكاد يعرف أين يقف .. وقد تغيرت الأفكار الأساسية عن الطبيعة تغيرا تاما في العشرين سنة الأخيرة ) .. ويقول " يوري غاغارين " أول رائد فضاء روسي بعد عودته من رحلته الفضائية : ( حين صعدت إلى الفضاء أخذتني روعة الكون فمضيت أبحث عن الله ) .. وهذا الكلام بعد أن غرست الشيوعية مبادىء الكفر والإلحاد في نفوس أبناء الاتحا د السوفياتي منذ أن فتحت عيونهم على الحياة .. ويقول " كريسي موريسون " رئيس أكادمية العلوم في نيويورك : (في خليط الخلق قد أتيح لكثير من المخلوقات أن تبدي درجة عالية من الذكاء فالدبور مثلا يصيد الجندب ويحفر حفرة في الأرض ويخز الجندب في المكان المناسب تماما حتى يفقده وعيه دون أن يموت فيعيش كنوع من اللحم المحفوظ الطازج .. والعلم لايرى تفسيرا لهذه الظاهرة الخفية ولكنها مع ذلك لايمكن أن تنسب إلى المصادفة ) ...
الحركة الماسونية العالمية :
الماسونية حركة علمانية إلحادية عالمية سرية لا تعترف بالأديان أسسها اليهود لتخدم مصالحهم على مستوى العالم أجمع من خلال تسخير شعوب العالم وتوجيههم وفق أهداف بعيدة المدى ظاهرها الرحمة وباطنها من قبلها العذاب .. حيث تقوم الدعوات الماسونية العالمية بطرح شعارات عالمية إنسانية خادعة تصب منافعها وفوائدها في خدمة اليهود .. ولقد استطاعت هذه الحركة السرية أن تستقطب العديد من السياسيين والزعماء والمفكرين والعلماء والمهندسين والأطباء على مستوى العالم كله بأساليب شيطانية وتسخيرهم وبشكل غير مباشر لخدمة اليهود على مستوى العالم وخدمة الحركة الصهيونية العالمية .. فالماسونية إذن حركة يهودية أصلا أنشئت لخدمة اليهود بالدرجة الأولى وإن كانت شعاراتها المعلنة شعارات جذابة براقة مثل الحرية والإخاء والمساواة والبناء وغير ذلك .. وبالفعل فقد استغلت الماسونية العالمية هذه الشعارات البراقة في خدمة الصهيونية العالمية .. فتحت شعار الحرية كانت الماسونية تحارب الأديان والمعتقدات وتنشر الفساد والفسق والفجور وتفتح المجال واسعا للحرية الجنسية حتى ولو وصلت هذه الحرية إلى الدرك الأسفل من الانحطاط والقذارة والشذوذ والبهيمية .. وتحت شعارات المساواة تم نشر الأفكار الشيوعية والاشتراكية والديمقراطية وكلها أوصلت غالبية الشعوب والمجتمعات إلى المساواة بالذل والهوان والفقر والجهل والمرض ولم يستفد من هذه الدعوات إلا الرجل الغربي الأبيض من الصليبيين أو الإسرائيليين .. وتحت شعار الإخاء عقدوا صلات الأخوة القومية والمذهبية والعرقية فكانت دعوة الإخاء هذه تفرق الأمة إلى شيع وأحزاب متعددة تجمعها عنصرية قبلية أو فئوية أو عرقية أو طائفية بغيضة وبذلك نجد أن المخطط العام يسير نحو تجزئة الدولة الواحدة إلى عدة دول عرقية أو طائفية أو إقليمية وهذ مانلاحظه وبشكل واضح في العراق وهذا هو الإخاء المطلوب ...
الماسونية تقول : ( اخلع عقيدتك على الباب كما تخلع نعليك ) .. لذلك فإن هذه الحركة تنطلق من إنكار وجود الله جل وعلا واعتبار أن المادة وجدت هكذا بدون خالق منذ الأزل وستستمر هكذا إلى الأبد وأنها هي الخالق وهي المخلوق وهذه المفاهيم العجيبة تتصادم أول ماتتصادم مع العقل البشري الصحيح .. وهذه بدعة حديثة لم يعرفها التاريخ من قبل حيث عرف التاريخ الشركيات والوثنيات التي تعترف بوجود آلهة ووجود شركاء لها ولكن الاعتقاد بأن جميع السموات والأرض والمجرات والشهب والنيازك والإنسان والحيوان والشمس والقمر والكواكب وكل مافي الوجود صدفة وجدت منذ الأزل وأنها هي الخالق وهي المخلوق فهذه بدعة لم يعرفها حتى تاريخ المجانين والمهلوسين ... ولقد تحدى الله سبحانه وتعالى البشرية جمعاء أن يخلقوا ولو ذبابة ولكنهم عجزوا وسيعجزون حتى يرث الله الأرض ومن عليها يقول ربنا جل وعلا : ( إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لايستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب ) ... إننا لنتساءل ونتعجب كيف أن الناس كانوا لايؤمنون بوجود خالق في عهود التاريخ السحيقة أما في عصر العلم في عصر الفضاء في عصر المجاهر الاكترونية التي تكبر ملايين المرات وتكتشف حتى الكرومزومات في نواة الخلية الحية وفي عصر التلسكوبات التي تقرب ملايين بل بلايين المرات وتكتشف الفضاء الواسع الهائل فالعجب لاشك يصل إلى الذهول والدهشة أو أكثر من الدهشة من قوم لايؤمنون بوجود الله بعد هذه المكتشفات التي توصل إليها العلم الحديث ...
إن الكنيسة الغربية بما فيها من حماقات وبما فيها من خرافات وبعدائها التاريخي السافر للعلم والعلماء والمعرفة دفعت الناس هناك إلى الكفر الكامل بالكنيسة والكفر الكامل بإله هذه الكنيسة .. وهذا هو السبب الرئيسي المباشر لظهور الدعوات الالحادية الكافرة في أوربا خاصة وفي بلاد الغرب بشكل عام .. أما السبب غير المباشر فهو اليهود الذين أعلنوا في بروتوكزلات حكماء صهيون : ( أنهم سينشرون الالحاد في الأرض ليصبح الناس كل الناس بلا دين ولاعقيدة ويصبحوا هم وحدهم أبناء الله وأحباؤه وهم وحدهم أصحاب الدين والعقيدة ) .. وبالفعل فإننا نجد الأصابع اليهودية وراء كل الحركات التي تدعوا إلى الكفر والالحاد بدءا من الثورة الفرنسية إلى الداروينية إلى الثورة الصناعية .. إلى النظريات التي يقال أنها علمية والتي تنشر الكفر والالحاد إلى نشر الإباحية والانحطاط الخلقى وذلك لإنشاء مجتمعات لادينية .. لقد استغل اليهود أخطاء الكنيسة وحماقاتها لينشروا الكفر والإلحاد والفساد والإفساد ليبقى اليهود وحدهم هم أصحاب الديانات والمعتقدات وهذا هو الهدف الرئيسي للماسونية العالمية .. ولا أريد هنا الإطالة في البحث والتنقيب عن هذه الحركة التي تدعى العالمية أو الإنسانية ولكني أريد أريد أن أقرر أن هذه الدعوة هي دعوة فاسدة باطاة لا تملك الأسس الفكرية والنظرية ولا تمتلك التشريح والمنهج العالمي الإنساني إضافة إلى أنها حركة عنصرية صهيونية كرست كل جهودها لخدمة الصهيونية العالمية .. وبالتالي فلا ينكن لها بحا ل من الأحوال أن تقوم ببناء حضارة عالمية إنسانية ...
الدعوات الحديثة :
** الدعوات الديمقراطية .
** دعوة اللامنتمي ..
** الفكرة الإليوتية ..
الديمقراطية .
الديمقراطية كلمة يونانية الأصل مشتقة من كلمتين كلمة ( ديموس ) التي تعني الشعب وكلمة ( كراتوس ) والتي تعني الحكم والسلطة .. وبالتالي يكون معنى الديمقراطية سلطة الشعب أو حكم الشعب حيث كانت هذه الكلمة تطلق على نظام الحكم الذي يكون الشعب فيه رقيبا على أعمال الحكومة بواسطة المجالس النيابية المنتخبة من الشعب والتي تمثل الشعب ويعتبر اليونانيون القدماء الإغريق أول من مارس نظام الحكم الديمقراطي بشكله البدائي وذلك في مدينتي أثينا وإسبارطة حيث كان أفراد الشعب في المدينة يجتمعون في ساحة عامة مخصصة لذلك يشاركون في إصدار الأحكام وانتخاب الحكام ويصدرون القوانين ويشرفون على تنفيذها ويضعون العقوبات على المخالفين وهذه الطريقة تخص طبقة الأسياد فقط أما العبيد فلم يكن لهم في المجتمع اليوناني القديم أي كلمة أو رأي .. إلا أن هذه الطريقة اضمحلت وزالت مع توسع المدن والدول وتعقد أمور الحياة بشكل عام حيث استبدل النظام الديمقراطي القديم بأسلوب جديد إبان الثورة الفرنسية يعتمد على انتخاب الحكومات التي تحكم البلد نيابة عن الشعب دون الرجوع إلى الشعب في كل قضية وكان هذا الأسلوب هو الحل الجديد بدلا عن الظلم والطغيان والطبقية والإقطاع وبدلا عن حكم رجال الدين الظالم الجائر آنذاك وذلك حين رفضت الثورة الفرنسية الحل الإسلامي العادل المتطور الذي حكم العالم فترة طويلة من الزمان كحل بديل متزرعة بصلفها وكبريائها وحقدها على الإسلام والمسلمين وكان هذا الخطأ الجسيم هو بداية الإنحراف السياسي والاجتماعي والاقتصادي والروحي ليس في فرنسا وحدها بل في القارة الأوربية كلها .. أخذت فرنسا بعد الثورة الفرنسية الشهيرة تنبش في الجذور الرومانية واليونانية حتى وجدت ضالتها في تلك الصورة البسيطة الناقصة التي كانت تسمى بالديمقراطية فقامت بعملية تحوير وتطوير لهذا النظام البدائي البائد الذي عفا عليه الزمان ثم تتابعت عمليات التحوير والتبديل والتطوير حتى وصل الأمر إلى مايسمى الآن بالديمقراطية الحديثة .. فالدمقراطية إذن نظام رجعي متخلف يعيد البشرية آلاف السنين إلى الوراء إلى العهود اليونانية الوثنية لولا ماجرى عليه من التعديل والتحوير والتطوير .. وعلى الرغم من أن النظام الدمقراطي الحديث نظام رجعي متخلف إلا أنه قام بخطوة تعتبر هامة وجريئة حيث ألغت الثورة الفرنسية بنظامها الديمقراطي الجديد الحق الإلهي المقدس في الحكم الذي كانت تدعيه الكنيسة في تسلطها واضطهادها للناس والذي كانت تدعم فيه سلطة الحكام المستبدين الظالمين وبهذا أحرزت الديمقراطية تقدما هائلا لما كان عليه الحال في عهود الإقطاع وعهود الحق الإلهي المقدس الذي تدعمه الكنيسة .. إنه مما لاشك فيه أن الديمقراطية الحديثة استطاعت أن تحقق الكثير من الإصلاحات والضمانات والحقوق للشعب ولكنها لم تصل إلى الكمال ولم تصل إلى العدل المطلق الذي تحققه الشريعة الإسلامية بمنهجها الإلهي السامي .. كما أنني أريد أن أؤكد أن الديمقراطية التي نراها اليوم لم تأت هكذا دفعة واحدة وإنما تغيرت قوانينها مئات المرات وتبدلت قراراتها ألوف المرات ولا بد أن تتغير وتتبدل ملايين المرات في المستقبل ولن تصل إلى المستوى الذي وصل إليه النظام الإسلامي المنبثق عن الشريعة الإلهية السمحاء .. وهذه طبيعة المنهج البشري يلغي ما أثبته في الأمس ويعدل ما أقره اليوم ولن يصل في النهاية إلى العدل المطلق بحال من الأحوال إلا بتطبيق المنهج الإلهي العادل .. ولا أريد هنا أن أسهب في ذكر مراحل التطور للنظام الديمقراطي عبر مئات السنين فهذا أمر تاريخي له مجال آخر في غير هذا الكتاب وإنما أريد أن أناقش الديمقراطية من خلال الواقع الحالي الذي وصلت إليه ومن خلال الواقع العملي في الدول التي تنادي بالديمقراطية .. وللرد على الديمقراطيين المتعصبين أنقل وجهة نظر الشيوعيين أعداء الديمقراطية الغربية يقول الشيوعيون عن الديمقراطية : ( إن الذي يملك هو الذي يحكم في الأنظمة الديمقراطية وإن الطبقة التي تملك وتحكم هي التي تضع التشريعات لحسابها الخاص على حساب الطبقات الأخرى .. وإنه في الديمقراطية اللبيرالية يكون المال في يد الطبقة الرأسمالية فهي التي تملك وهي التي تحكم وهي التي تضع القوانين والتشريعات لحسابها الخاص والتي تحمي مصالحها ضد مصالح الطبقة الكادحة ) وكلام الشيوعيين هذا صادق إلى حد بعيد رغم كذبهم وضلالهم فلم نجد في يوم من الأيام سواء في أوربا أو أمريكا أن اعتلى سدة الحكم رجل فقير كادح وإن امتلك أعلى الدرجات العلمية أو الحقوقية رغم وجود الملايين من الفقراء ..
** إن مفهوم الديمقراطية مفهوم قديم ولكنه تم تنظيمه وتأصيله بوضع الأسس والقوانين والأنظمة التي تحدد مفهوم الديمقراطية خلال القرون الأربعة الماضية وكثيرًا ما يخلط المهزومون روحيًا في بلاد الإسلام بين النظام الإسلامي والديمقراطية حتى أن بعضهم أصبح ينادي بشيء غريب عن الإسلام اسمه ( ديمقراطية الإسلام ) .. وأريد هنا أن أصحح هذا المفهوم الخاطئ لأنه لا توجد ديمقراطية في الإسلام وإنما نقول إسلام وحسب دون ترقيعات من الشرق أو من الغرب فتارة يرقع بعضهم الإسلام بالاشتراكية فيقول ( اشتراكية الإسلام ) وتارة يرقع بعضهم الإسلام بالديمقراطية فيقول ( ديمقراطية الإسلام ) وتارة يقولون ( القومية الإسلامية ) وتارة ( التقدمية الإسلامية ) حتى نحصل في النهاية على إسلام مرقع من هنا وهناك مزقت أصالته وملامحه وقوانينه وشخصيته المميزة .. الإسلام هو الإسلام فقط دون أي إلصاق أو ترقيع لهذا الإسلام وذلك لأن هذا الدين قد أكمله الله وأتمه لنا يقول ربنا جل شأنه : [ اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِينًا ] {المائدة:3} وبعد أن أكمل الله هذا الدين وأتمه علينا نعمة الإسلام لا يجوز لنا بعد ذلك أن ننسب شريعة الله الكاملة التامة إلى شرائع البشر الضعيفة القاصرة لأن في هذا النسب إهدار لسمو الإسلام وشموليته وإلهيته بشكل كامل ...
** بعد القضاء على الخلافة الإسلامية العثمانية على يد الصليبيين الجدد وأتباعهم في بلاد المسلمين أخذت تظهر على الساحة ادعاءات وأفكار شتى حاول أصحابها تزيينها وتزييفها لتظهر كبديل على الفكر الحضاري الإسلامي الذي انتشر في طول البلاد وعرضها وانتشر في جميع بلاد العالم كفكر عالمي إنساني رباني قدم للعالم أجمع أروع الأمثلة الإنسانية الحية .. وبذلك ظهر الفكر الشيوعي وظهر الفكر الوجودي وظهر الفكر الاشتراكي والفكر القومي وغير ذلك من الأفكار التي انتشرت لطمس معالم الفكر الإسلامي الأصيل الذي ارتضاه الله سبحانه للعالمين .. إن الإسلام فقط بشكله المتكامل الشامل الذي أنزله الله تبارك وتعالى وهو النظام المتميز المتفرد لا يمكن أن يكون مرقعاً برقع الاشتراكية ولا برقع القومية أو التقدمية أو الديمقراطية .. إن النظام الإلهي الإسلامي الذي ارتضاه الله سبحانه لعباده حتى تقوم الساعة ليس نظاماً اشتراكياً ولا نظامًا ديمقراطيًا أو شيوعيًا وإنما هو النظام الإسلامي الرباني الذي أنزله الله سبحانه وتعالى لصالح البشرية جمعاء ...
** إن محاولة استبدال أو خلط مفهوم الديمقراطية بمفهوم الحضارة الإسلامية إنما هو مؤامرة على الإسلام والمسلمين لطمس معالم الحضارة الإسلامية وأنه مما يؤسف له أن كثيراً من المفكرين الإسلاميين قد تبنوا مبادئ الديمقراطية الغربية وألصقوها بالإسلام وما هي من الإسلام في شيء .. وأخذوا يناقشون ما يسمى ( ديمقراطية الإسلام ) وذلك لتشويه حقيقة الإسلام .. فالحضارة الإسلامية كل لا يتجزأ ومبدأ وشريعة متكاملة ومنهج متكامل لا يحتاج أن ننسبه تارة إلى الاشتراكية وتارة إلى الديمقراطية وغير ذلك من المفاهيم الغريبة كل الغرابة عن هذا الدين .. وحتى لو التقت بعض المفاهيم الإسلامية مع بعض المفاهيم الغربية أو الشرقية فهذا لا يعني أن نتخلى عن أصالتنا ونتخلى عن إسلامنا لنصفه تارة بتلك الصفة وتارة بصفة أخرى علماً بأن الإسلام هو النظام الشامل المتكامل الجامع لكل صفات الخير الناهي عن كل صفات النقص والشر فالإسلام كل لا يتجزأ لأن الله خالق الكون هو الذي وضع أسس هذا الدين ومناهجه وحدد له الأطر العامة التي تسمح للمسلمين التحرك ضمنها دون إفراط أو تفريط .. أما الأنظمة والأفكار الأخرى القادمة من الشرق أو الغرب فنقول لهم : [ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ] {الكافرون:6} وذلك لأن الإسلام بمنهجه المتكامل لا يقبل التغيير والتبديل في الأسس والشرائع والمناهج إنما يتطور ضمن الأطر الثابتة التي وضعها الله سبحانه وتعالى ...
** إن جميع الأمور في الدول الغربية الديمقراطية تسير بشكل عام في مصلحة الرأسماليين وطبقة الأغنياء بينما الفقراء لايحصلون إلا على الفتات فكيف يصل إلى الحكم رجل فقير والحملة الإنتخابية تكلف مئات الملايين من الدولارات .
** إن الديمقراطية الحديثة سمحت لأصحاب رؤوس الأموال بتضاعف أموالهم أضعافا كثيرة على حساب طبقة العمال والفلاحين الكادحين المنتجين الفعليين وأريد هنا أن أنوه إلى أنه من الخطأ إلغاء دور رؤوس الأموال وأصحاب العمل بشكل كامل كما تصور الشيوعية ولكني أريد أن أؤكد على مبدأ العدل في توزيع الثروة في المجتمع بين العمال والمالكين وأصحاب رؤوس الأموال ..
** إن الديمقراطية الغربية قد أجازت استغلال رب العمل للعمال أبشع استغلال حين وضعت قوانين تحديد الأجور القائم على أسوأ أنواع الإستغلال ..
** الديمقراطية الغربية الحديثة أجازت استغلال وقت العامل بشكل بشع فقد فرضت عليه العمل ساعات طويلة ومرهقة ولم تستجب هذه الديمقراطيات لحقوق العمال إلا نتيجة صراع مرير وإضرابات خانقة حتى حصلت الطبقات الفقيرة على جزء بسيط من حقوقها وليس على كامل حقوقها ..
** إن الديمقراطية الغربية سمحت بتضخم زؤوس الأموال بشكل هائل وذلك على حساب طبقات الشعب الفقيرة ولم تضع في حسابها أبدا مبدأ تفتيت هذه الثروات وتوزيعها على أكبر عدد ممكن من أبناء الشعب ..
** إن النظام المالي في الدول الديمقراطية الغربية هو نظام ربوي ظالم جائر يستغل ظروف الناس الضعفاء وحالتهم السيئة لامتصاص أكبر قدر ممكن من الأرباح لصالح الشركات والبنوك الرأسمالية وأصحاب رؤوس الأموال وهنا أريد أن أضرب مثالا بسيطا جدا على الظلم والاستغلال وفق هذا النظام الربوي والذي يعاني منه أكثر الفقراء في المجتمعات الغربية ألا وهو بطاقات الإئتمان حيث تقوم الشركات الرأسمالية بإغراء الفقراء والبسطاء باستخدام هذه البطاقات التي ظاهرها التيسير على الناس وباطنها الظلم المحتم ومن خلال التسهيلات في السحب والدفع على مستوى العالم يقع كثير من الناس في المصيدة فما تلبث هذه البطاقة أن تصبح عبئا ثقيلا على هؤلاء الناس البسطاء حيث تتراكم الفوائد البنكية يوما بعد يوم وبنسب قد تصل إلى أكثر من 20 % ويصبح الفرد الفقير عاجزا عن تسديد الفوائد البنكية فقط والمبلغ الرئيسي يدور كل شهر دون أدنى فائدة بينما فوائد هذا المبلغ اصبحت قسطا شهريا واجب الدفع وهكذا يقع ملايين البشر هناك في هذه المصيدة الأكيدة التي يعاني منها كل الفقراء والبسطاء في الغرب ومن عاش في بلاد الغرب يعرف مدى الظلم والإجحاف الذي يقوم به أصحاب رؤوس الأموال على أبناء الغرب الكادحين .. هذا مثال بسيط جدا أما عمليات التمويل الكبرى فحدث عن المآسي والظلم ولا حرج ...
** قام البرفسور الاقتصادي الألماني ( شاخت ) منذ أكثر من ستين عاما .. بدراسة اقتصادية للنظام الربوي الغربي الذي تقوم عليه الحضارة الغربية والديمقراطيات الغربية فخلص إلى النتيجة التالية : ( إن النتيجة الحتمية للنظام الربوي هي تزايد رؤوس الأموال في يد فئة من أفراد المجتمع يتناقص عددها مع الزمن وبشكل مستمر دائم مما يؤدي إلى زيادة الفقر في فئة من الناس يتزايد عددها مع الزمن بشكل مستمر ) .. وهذا مانراه اليوم في أعتى البلاد الديمقراطية الغربية ..
** إن الديمقراطية بنظامها الحر هي التي توجه رؤوس الأموال نحو التضخم عن طريق إعطاء الحرية الكاملة للفعاليات التافهة غير المنتجة والتي تمتص من الناس وعلى شكل نزيف دائم مستمر يتلقاه الرأسماليون ليزيد من أرباحهم وثرواتهم .. أذكر هنا بعض الأمثلة للتوضيح وليس للحصر لأن هناك عدد كبير من الفعاليات البشرية يمكن اعتبارها بشكل كامل أوجزئي عمليات سرقة أو ابتزاز للأموال .. فمن الصناعات التافهة الغير منتجة التي تدخل في حيز الكماليات وتبتز أموالا طائلة من ملايين البشر أذكر صناعة السينما وصناعة أدوات التجميل وبيوت الأزياء والموضة العالمية والتفنن في تطوير السلم الإستهلاكي لابتزاز أكبر قدر من أموال الناس في جميع أنحاء العالم وما صرعة الهواتف المحمولة والتي تقذف إلى الأسواق كل يوم بمظهر جديد أو شكل جديد أو مميزات جديدة أو أنغام موسيقية جديدة أو غير ذلك من أشكال التطوير والتحديث التي تهدف وبشكل أساسي لابتزاز أموال الناس .. إننا كدول فقيرة أو نامية على أقل تقدير يجب أن لا ننصاع وننجرف وراء هذا التيار الجارف ونحاول الحد قدر الإمكان من عملية الابتزاز هذه فالطالب في المرحلة الإعدادية أو الثانوية ليس بحاجة إلى هاتف جوال بقيمة ألف دولار حيث يكفيه أبسط أنواع الجوالات التي تسمح له بالإتصالات الضروية أو ربما لا يحتاج أصلا إلى جوال .. أما الجوالات الحديثة جدا والمتطورة جدا فلا يستفيد منها إلا عدد قليل جدا من الناس أضف إلى ذلك أن عددا كبيرا من الناس لا يعرف كيف يستفيد من مثل هذه الميزات فلماذا تهدر الأموال في أمر لا فائدة منه إلا الشهرة والتكبر والتعالي على عباد الله .. ومثال آخر من أمثلة الإبتزاز أيضا أجهزة الكمبيوتر حيث تخرج شركات الكمبيوتر كل يوم بشكل جديد و لون جديد وذاكرة جديدة وسرعة تردد عالية فهذه الأجهزة ربما تفيد الباحثين والشركات الكبرى وطلاب الدراسات المتخصصة بالكمبيوتر أما صاحب بقالة أو طالب في المرحلة الإبتدائية أو الإعدادية فلماذا يخصص له كمبيوتر من أحدث الأنواع والذي قيمته تزيد على عشرة أضعاف الكمبيوتر الذي يكفي إحتياجاته بشكل عام .. أليس من الجريمة تبزير الأموال فيما لا فائدة منه ..
** إن الديمقراطية الغربية المقيتة في العصر الحديث أوصلت إلى سلم القيادة العليا رجلا معتوها مختل العقل ورجلا إرهابيا مجرما ورجلا تابعا عميلا ورجلا لصا من عصابات المافيا ورجلا يؤمن بالخرافات والعرافين والمشعوزين .. ولو فتشنا في جميع الزعامات الديمقراطية لما وجدنا فيهم الرجل المناسب الكفؤ الذي يسعى لخير بلده أولا ولخير الإنسانية جمعاء في نهاية المطاف ..
** إن عمليات التطوير والتحديث والتغيير وسد الثغرات التي جرت على المبادئ الديمقراطية منذ أن بدأت وحتى اليوم قد تغيرت مئات بل ألوف المرات مما يثبت عجزها وضعفها أضف إلى ذلك الاختلاف الكبير في المفاهيم الديمقراطية بين بلد وآخر وبين شعب وشعب آخر وبين مفكر ومفكر آخر إذ لا يوجد حتى يومنا هذا دستور شامل كامل ثابت لهذه الديموقراطية التي يودون نشرها وتصديرها ضمن قوالب تضمن أول ماتضمن مصالح الديمقراطيات الغربية ومصالح تجار السياسة والحروب والمستعمرين ...
** لقد اقترنت الديمقراطيات الغربية المادية ومنذ نشأتها الأولى إبان الثورة الفرنسية بنشر الفساد والفسق والفجور والمخدرات والخمور والتفلت والشذوذ حتى وصل الأمر إلى حافة الانهيار للمجتمعات الغربية التي تدعي الديمقراطية وذلك تحت شعار الحرية الفردية وحقوق الإنسان المزعومة ..
** إن التقدم المادي العلمي للديمقراطيات الحديثة بعيدا عن التقدم الروحي والأخلاقي والإنساني جعل الحضارة المادية الغربية كالهيكل الجميل الجذاب الخاوي من كل المعاني والقيم السامية فهي كتمثال عظيم أجوف لابد وأن ينهار أمام الزوابع والأعاصير في فترة ليست بعيدة في عمر التاريخ ...
** قامت الديمقراطيات الغربية بمحاولات عديدة لتشويه الفكر الإسلامي والعقيدة الإسلامية وإضعاف الصلة والارتباط بهذا الدين الإلهي القويم الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من عزيز حميد .. وقاموا بتشويه سيرة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ومن محاولاتهم الماكرة تشبيه الرسول بالبطل والعبقري الفذ والفيلسوف وأنه هو الذي صنع العقيدة الإسلامية وهو الذي كتب القرآن الكريم من بنات أفكاره وذلك في خطة خبيثة لإبعاد فكرة إلهية هذا الدين وربانية هذا التشريع المحكم المنزل من عند الله جل وعلا ونسوا أو تناسوا أن محمدا صلى الله عليه وسلم لم يكن فيلسوفا ولا كاتبا ولا مؤلفا وإنما كان عبدا ورسولا لله أميا لا يكتب ولا يقرأ وهنا تكمن المعجزة الخالدة لهذا الدين وأن هذا الدين منزل من عند الله .. وأن هذا القرآن هو كلام الله المنزل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .. يقول كنت بيللي في كتابه " موسوعة الأبطال الحديثة " : ( محمد هو مؤسس الدين المحمدي .. ولد في مكة التي أصبحت فيما بعد مدينة مقدسة بالنسبة للمسلمين .. يتخيل أنه نبي الإله .. والذي سماه القرآن هو الكتاب المقدس المحتوي على أقواله ) .. هكذا يقوم كتابهم بتشويه الحقائق ..
** إن الديمقراطية هي مجموعة أفكار ومفاهيم علمانية لادينية لاتنبثق من الدين ولا تخضع لتعاليم الدين ولا تتفق مع مبادئ الدين ..
** الديمقراطية هي نتاج فكر بشري قاصر ومحدود عاجز عن الإحاطة بكل الوجود فهو بالتالي نظام قاصر عاجز لايتماشى مع حاجات الإنسان ولا يتوافق مع كل الأعراق والشعوب وهو بالتالي نظام إقليمي محلي لا يمكنه بحال من الأحوال إقامة حضارة عالمية إنسانية ...
** الديمقراطية دعوة إقليمية قطرية عنصرية ذات نهج ميكيافيلي تعطي الحق لدول الغرب باستعباد الناس واحتلال بلادهم ونهب ثرواتهم وقتل وسحق وتعذيب شعوب الأرض مادام ذلك يصب في مصلحة الشعوب الغربية ..
** إن الديمقراطية التي يتشدق بها أصحابها ليست نظامًا كاملاً شاملاً صالحًا للتطبيق قد تغير وتبدل مئات المرات حتى وصل اليوم إلى هذه الصيغة التي يمكن أن تكون ملائمة لمجتمع مادي لا يملك شريعة ومنهاجًا ودستورًا إلهيًا ساميًا .. ولا أدل على زيف هذا النظام من أن لكل دولة من الدول التي تتبناه مفهومًا خاصًا لهذه الديمقراطية.
** إن الديمقراطية لا يمكن أن تكون مجدية وفعالة بدون بناء الفرد بناءً خاصًا بحيث تكون الأنانية والغيرية متعادلتان في نفسه على أقل تقدير بحيث تولد هذه الغيرية المفعمة كل المبررات والتسهيلات الكفيلة بتحقيق العدل والإيثار وحب الآخرين في جميع أفراد المجتمع وبالتالي تحقيق المؤسسات والمنظومات الديمقراطية الحقيقية وتضمن استمراريتها وحمايتها على جميع الأصعدة.
** إن الديمقراطية التي تسوق الشعوب الضائعة المضللة بأهداف مادية ولأهداف مادية وتسعى للحصول على أصوات الناخبين بأساليب مادية لا أخلاقية في كثير من الأحيان إن هذه الديمقراطيات لهي أسوأ الأنظمة التي عرفها التاريخ لأنها تتصرف دون وازع ديني أو خلقي وتسعى لإشباع أنانيتها وحب ذاتها بأية طريقة مهما كانت دنيئة أو خسيسة.
** ولو نظرنا إلى عملية الانتخابات التي يقال عنها ديموقراطية لوجدنا مثلاً استغلال الأقليات العرقية مثلاً يزور الصين ويعقد معها صفقات معينة وذلك من أجل كسب أصوات الجالية ذات الأصول الصينية في بلدٍ ما واستغلال اللولبي الصهيوني وذلك بتقديم خدمات جليلة للصهيونية العالمية أو لما يسمى دولة إسرائيل .. وذلك من أجل كسب أصوات الناخبين اليهود واستغلال عواطف الجماهير وحاجات الجماهير بالوعود الكاذبة والإعلام المضلل وتشويه الحقائق .. وهناك العديد من نقاط الاستغلال الكثيرة جدًا مثل استغلال الجنس أحيانًا بالسماح لأسراب الشاذين اللوطيين بممارسة سفالتهم تحت حماية القانون أو استغلال المراهقين بإعطائهم الوعود بتسهيل موارد المتع المحرمة وهناك أمور عديدة جداً وأساليب كثيرة جداً وأكثرها أساليب هابطة لا أخلاقية ..
** كل هذه الأمور وغيرها كثيرة هي أساليب الديكتاتورية في قشرة واهية من الديمقراطية إذ أن دور المواطن ينتهي عند الإدلاء بصوته فقط حيث يتم تجميع الأصوات بطرق ملتوية في أغلب الأحيان وبوعود مختلفة للناخبين قد تصدق وتنفذ بعد استلام الحكم وقد لا تصدق ولا تنفذ ذلك لأن النظام الديمقراطي يجب أن يضاف إليه معايير أخلاقية تلزم المرشح الواصل إلى السلطة بأخلاقيات معينة لا يمكن تجاوزها كما تلزم المرشح الواصل إلى الحكم بتنفيذ وعوده وطروحاته وسياساته التي طرحها أثناء العملية الانتخابية على أقل تقدير.
** إن الديمقراطية لا تجلب الأصلح للدولة ولكنها تجلب الأكثر خبثًا ودهاءً وكذباوضحكًا على الجماهير واستغلال عواطفهم وحاجاتهم وضروراتهم.
** الديمقراطية نظام علماني لاديني لايعتمد مبدأ دينيا أو شريعة إلهية أو منهجا ربانيا صحيحا ..
** على الرغم من أن النظام الديمقراطي يعطي الحرية الكاملة لأفراد المجتمع بممارسة الشعائر الدينية بشكل شخصي إلا أنه يمنع أو يحد من حرية الدعوة الدينية ونشر الأفكار الدينية بل لا يسمح في بعض الأحيان حتى إظهار الشعائر الدينية خارج المعابد والكنائس والمساجد ...
** النظام الديمقراطي يعطي للحرية الشخصية نوعا من القداسة حتى لو أدت هذه الحرية إلى الفساد والفسق والفجور وهذا ما نلاحظه بشكل واضح وجلي في المجتمعات الديمقراطية الحديثة حيث تفشى فيها الفسق والفجور والدعارة والمنكرات في جميع البلاد التي تنتهج المبادئ الديمقراطية ..
** الديمقراطية لم تكتف بنشر الفواحش والمنكرات في بلادها وإنما قامت بنشر وتوزيع هذه الموبقات والمنكرات في جميع بلاد العالم وبصورة خاصة البلاد الإسلامية .. وذلك عبر وسائل الإعلام والإتصالات الحديثة وذلك لنهب وسرقة خيرات البلاد مقابل هذه التوافه ...
** النظام الديمقراطي غير محدد المعالم ذلك لأنه خاضع للتغيير والتبديل والتطور .. ولأنه خاضع أيضا للآراء والأفكار المختلفة فهو نظام متذبذب متغير غير مستقر ..
** إن عمليات تصحيح وتعديل القوانين الديمقراطية المتكررة كثيرا مايصاحبها موجات عنف ومعارضة شديدة قد تؤدي إلى صدام مسلح في كثير من الأحيان مع السطات الحاكمة وهذا ما نلاحظه في هذه الأيام عندما أرادت الحكومة الفرنسية تعديل قانون العمل بطريقة برلمانية ديمقراطية إلا أن الشارع الفرنسي لم يرضه هذا التعديل وتصدى له مما أدى إلى صدام وأعمال عنف مع السلطات الحاكمة ..
** النظام الديمقراطي غبر شمولي فما يصلح لشريحة معينة من الشعب قد لايصلح لشريحة أخرى وما يصلح لبلد معين قد لا يصلح لبلد آخر ولا يمكن بحال من الأحوال وضع نظام ديمقراطي شمولي يرضي جميع فئات الشعب ويراعي مصالح كل الشعوب في آن واحد ...
** النظام الديمقراطي غير عالمي حيث وبعد قرون عديدة من تطبيق النظام الديمقراطي ورغم التعديلات المتتالية لم تستطع الدول التي تنتهج النهج الديمقراطي أن تضع نظاما ديمقراطيا موحدا يمكن تعميمه على الدول الديمقراطية ناهيك عن تعميمه على دول العالم أجمع .. لأن مايصلح من النظام الديمقراطي للشعب الفرنسي مثلا قد لا يصلح للشعب الهندي أو الصيني وما يصلح منه للشعب الأمريكي قد لا يصلح للشعب الصومالي أو السوداني .. والجدير بالذكر أنه رغم هذا الاختلاف الشديد بين الشعوب في نظرتها وقابليتها لتطبيق الديمقراطية نجد أن الدول الغربية تعلن وتؤكد عزمها على نشر الديمقراطية رغم إرادة الشعوب ..
** لقد أثبتت الأيام أن الديمقراطية التي يريد الغرب نشرها في الشعوب المغلوبة على أمرها هي ديمقراطية خاصة تابعة للغرب بل عميلة لدول الغرب وخائنة لشعوبها وأي ديمقراطية تنحرف عن مسار الخيانة والعمالة للغرب فهي ديمقراطية مرفوضة يجب أن تقاوم بالقوة وهذا ماحصل في تركيا حيث تم إسقاط حكومة الدكتور نجم الدين أربكان أكثر من مرة رغم وصولها إلى الحكم بطريقة ديمقراطية وتم إسقاط حكومة عباسي مدني في الجزائر وتعطيل الحكومة الفلسطينية المنتخبة ديمقراطيا واعتقال زعماء البرلمان الفلسطيني في سجون العدو تالإسرائيلي وفي سجون السلطة الفلسطينية العميلة للغرب رغم وصولهم إلى سدة الحكم بطريقة ديمقراطية نزيهة .. وكل ذلك تم بالضغط والقوة والانقلابات العسكرية وبدعم من الدول الغربية الديمقراطية ...
** الديمقراطية الغربية التي يريدون نشرها في ربوع العالم هي ديمقراطية عنصرية تخدم مصالح الدول الغربية وهذا ما نلاحظه في العملية الديمقراطية في أفغانستان والعراق وفلسطين المحتلة وغيرها من الدول ...
** الديمقراطية باعتبارها نظاما هيوليا غير محدد المعالم يمكنها التعايش مع أي فكر أو نظام آخر فيمكن أن تتعايش مع الاشتراكية أو مع الشيوعية أو مع الفكر الرأسمالي الجائر أو مع الفكر العنصري المستبد فالدولة الصهيونية العنصرية المجرمه في فلسطين المحتلة هي دولة ديمقراطية في مقاييس الغرب رغم كونها عنصرية لا تعترف إلا بالعنصر الإسرائيلي اليهودي فلم نجد حتى اليوم وزيرا حقيقيا واحدا فلسطينيا أو عربيا أو مسلما في الحكومة الإسرائيلية منذ نشأتها وحتى اليوم رغم أن غير الإسرائيليين يشكلون أكثر من ثلث السكان .. وقس على ذلك كثير من الدول الديمقراطية ..
** إن العملية الانتخابية في الأنظمة الديمفراطية غير عادلة ففي مجال الانتخاب والترشيح للمناصب البرلمانية نجد أنها تساوي بين العالم المفكر وبين الإنسان الفاسق الشاذ جنسيا مثلا .. وتساوي بين الإنسان الأخلاقي المخلص لوطنه وبين الإنسان السافل المتفلت المجرم الذي لايهمه إلا المادة والشهوات كما أنها تساوي بين صوت الإنسان المراهق الذي لايفقه عن اللعبة السياسية شيئا وبين أستاذ العلوم السياسية أو الاقتصادية في أرقى جامعات هذا البلد .. أضف إلى أن عمليات التزوير والغش والمحسوبيات وشراء الأصوات بالمال وهذا قد يحدث حتى في أرقى الدول وهذا ماحدث فعلا في فضيحة ووترغيت والتي أسقطت الرئيس الأمريكي نيكسون عن منصب الرئاسة ...
** الأنظمة الديمقراطية موجهة ومنحازة وليست نزيهة حيث لم نجد أن وصل إلى قمة الحكم رجل من أصل صيني أو عربي أو من ديانة بوذية أو رجل مسلم رغم وجود أعداد كبيرة من هؤلاء في المجتمعات الغربية الديمقراطية ..
** كثيرا ماتكون عملية التصويت منخفضة لاتصل فيها نسبة المصوتين على ( 40 % ) أو ( 50 % ) وهذا يعني أنها لاتمثل رأي الأغلبية العظمى للشعوب ..
** كثيرا مايكون الفارق بين الأصوات التي اكتسبها المرشحون متقاربة بفارق صوت أو صوتين فهل هذا الفارق يكفي لتقديم الأفضل إلى سدة الحكم ..
** إن الأجهزة الإعلامية تسخر لصالح فئة من المرشحين بينما يحرم كثير من الناس من هذه الميزة الهامة وبذلك تكون العملية الانتخابية غير عادلة ..
** البرامج الانتخابية التي يطرحها المرشحون كلها كاذبة بشكل كلي أو جزئي إذ أن هذه البرامج تطرح لاصطياد الناخبين وبعد الوصول إلى السلطة لا ينفذ أغلب هذه البرامج ...
** الحرية الانتخابية حرية فوضوية عددية لا تميز بين الصالح والطالح وبين الطيب والخبيث وبين الخير والشر ...
** الديمقراطية الغربية كثيرا ما تعتمد على الأهواء والمصالح المادية والشخصية وقلما اعتمدت على الغيرية ومصلحة الوطن ...
** الديمقراطية الغربية كثيرا ماتعتمد على الرشاوى والمحسوبيات والتي قد توصل إلى الحكم من هو ليس أهلا للحكم وهذا أمر ملاحظ وملموس في كل العمليات الانتخابية المتبعة في الديمقراطيات الغربية ..
** الديمقراطيات الغربية وفق المعطيات السابقة ووفق الطبيعة المعقدة المختلفة المتضاربة لأفراد المجتمع لايمكن أن تقدم الأفضل والأصلح لقيادة البلد ولمصلحة المواطنين ولكنها قد توصل الأسوأ إلى سدة الحكم في كثير من الأحيان ...
** الديمقراطية الغربية تعتمد على الأنانية الشخصية للفرد لأن كل فرد في المجتمع ينظر إلى الديمقراطية من وجهة شخصية مصلحية فالحاكم قد يتصرف لصالح شريحة من المجتمع من أجل إعادة انتخابه مثلا وإن كان هذا الأمر يضر بمصلة الوطن ككل ...
** في الديمقراطية الغربية من السهل تضليل عدد كبير من الناس من أفراد المجتمع بالحملات الإعلامية الماكرة الخبيثة والدعايات المضللة والأباطيل والوعود الكاذبة والمناقشات التلفزيونية والمهرجانات الخطابية والولائم والهدايا التذكارية .. وهذا ما نراه بأعيننا وما نسمعه بآذاننا صباح مساء ..
** العملية الديمقراطية تكرس الحزبية البغيضة إذ نادرا ما ينجح مرشح فردي لا ينتمي إلى حزب معين .. وهذه الحزبية البغيضة كثيرا ماتجعل المجتمعات الديمقراطية مشتتة مضطربة متذبذبة تارة نحو أقصى اليمين وتارة نحو أقصى الشمال وهذا مايؤدي إلى عدم الاستمرارية في النهج البناء والخطط والتوجهات السياسية والاقتصادية والتعليمية وغير ذلك في المجتمع إذ سرعان ماتنقضي الفترة الدستورية لحكومة معينة لتبدأ فترة دستورية لحكومة أخرى قد تتناقض مع الأولى في التوجهات والخطط وأسلوب العمل ..
* الدول الغربية التي تدعي الديمقراطية هي أبعد الناس عن الديمقراطية حيث يتناوب على الحكم ومنذ مئات السنين حزبين أو ثلاثة أحزاب أو أربعة والتي لايشكل عدد أعضائها عشر سكان البلد بينما تسعة أعشار السكان في هذا البلد ليس لها في الكعكة السياسية أي شيء ..
** إن التركيبة الحزبية هذه والتكتل على أساس حزبي يؤدي في كثير من الأحيان إلى التناقضات والصدامات التي تعبث بمصير الأمة وأمنها واستقرارها ..
** الحرية المطلقة التي تعطيها الديمقراطيات للفرد في المجتمع كثيرا ماتؤدي إلى نشوء أفكار متضاربة متناقضة متصارعة وكثيرا ماتكون هذه الأفكار ضارة ومنحرفة .. إذ لابد من ضوابط لحرية الفكر ولحرية الفرد في المجتمع وهذا ما تفتقدة الديمقراطيات الحديثة .. إن الحريات الشخصية في الديمقراطيات الحديثة والتي تسير دون ضوابط وأطر محددة ستؤدي غالبا إلى تفكك المجتمعات وتضارب المفاهيم ..
** إن عدم وجود دين أو عقيدة سماوية صحيحة تهذب الأخلاق وتصحح الضمائر سيؤدي إلى زيادة الأعباء الأمنية والاجتماعية على الدولة .. ذلك لأن الرادع الأخلاقي الناتج عن الإيمان بعقيدة سماوية أقوى من كل قوى الأمن مهما بلغت من القوة والدقة .. إذ لايمكن وضع شرطي يراقب كل فرد في المجتمع في كل لحظة في حين أن العقيدة تستطيع وضع شرطي ضابط في ضمير الإنسان .. وهذه الميزة تفتقدها كل الأنظمة الديمقراطية ..
وقبل أن أختم هذه الفقرة أريد أن أقدم للقارئ الكريم نموذجا واحدا من آلاف النماذج على مستوى العالم عن نتاج الديمقراطية الحديثة والذي أثر وبشكل سلبي على مقدرات شعوب العالم كله ألا وهو الرئيس جورج بوش الإبن الذي ترافق عهده بالظلم والقهر والقتل والمصائب والتدمير وإشعال الحروب المجرمة القذرة وذلك في الفقرة التالية :
جنون أم التظاهر بالجنون :
عند وقوع حادث الحادي عشر من سبتمبر وخلال دقائق معدودات وقبل معرفة الفاعل الحقيقي خرج بوش الإبن ليصرح بتصريحات نارية هوجاء مجنونة فقال : ( إن أمريكا تتعرض لحرب حضارية من نوع جديد .. إنه هجوم على العالم الحر المتحضر .. إن الهجوم وقع على الأرض الأمريكية ولكنه كان هجوما على قلب وروح العالم المتحضر .. وقد اتحد العالم لخوض حرب جديدة ومختلفة .. هذه الحرب الجديدة هي حرب صليبية .. يمكننا بما لا يدع مجالا للشك أو التخمين معرفة إلى أين ستتجه هذه الحرب ومن هم أطرافها ) .. وعن المجاهدين الفاسطينيين قال : ( إنهم يقومون بحرب على الحضارة وما يقوم به هؤلاء القتلة هو فصل من فصول الحرب على الحضارة التي بدأت فصولها في الحادي عشر من سبتمبر ) .. وقال مخاطبا كل دول العالم في لفة جنونية لم يعرف لها التاريخ مثيلا : ( ينبغي على كل طرف أن يختار إما أن تكونوا مع العالم المتحضر وإما أن تكونوا مع الإرهابيين .. يجب على كل الأطراف في الشرق الأوسط أن تختار أيضا بصورة حاسمة قولا وفعلا ضد الأعمال الإرهابية ) .. ويقول عن دول الشرق الأوسط : ( إنها مكمن التخلف الذي يحارب الحضارة الغربية .. والشرق الأوسط طالما تخلف إلى الوراء في مسيرة التقدم السياسي والاقتصادي في العالم .. هذا التخلف الذي ينبع من الإرهاب الذي ينبغي على الجميع أن يحاربه ) .. وهكذا يمضي بوش الإبن في تصريحاته المضطربة المتناقضة الغبية في كثير من الأحيان مما يثير أمامنا سؤالا هاما وخطيرا . .سؤالا محيرا هل كان بوش متدينا فعلا أم أنه كان يستغل الدين والمتدينين الإنجيليين لمصالحه السياسية ..؟!! .. هل تصرفاته وتصريحاته وأقواله جنون أم تظاهر بالجنون ؟!!!..
الحقيقة أن بوش الإبن لم يكن متدينا بالمعنى الصحيح للتدين ولكنه كان الأكثرصليبية وحقدا وتطرفا من بين رؤساء الولايات المتحدة بعد الرئيس القسيس رونالد ريغان وكان يردد عند نجاحه بالانتخابات : ( الله أرادني رئيسا ) .. ( الله اختارني ) .. هكذا دفعة واحدة .!!!.. ولقد كان للمسيحيين الإنجيليين أثر كبير في نجاحه .. ولقد بدأ بوش رحلته الدينية بعد حياة عاصفة بالفساد والمراهقة والإدمان على الخمور وتعاطي المخدرات وغيرذلك من صفات الفساد والفجور فقد كان يشرب حتى الإدمان وكان إهماله لزوجته وولديه سببا رئيسيا للكثير من الأزمات العائلية .. وكانت حيانه العائلية مضطربة لإهماله عائلته وانغماسه في الشهوات وإدمانه للكحول بشكل مسف وقيل أنه كان يتعاطى المخدرات أو مدمن على المخدرات مما ترك آثارا واضحة على تفكيره حتى آخر حياته رغم أنه عولج في أرقى المصحات في أمريكا .. كان بوش الإبن على خلاف كبير مع توجهات والده ووالدته الذين كانا يعارضان سلوكه غير المتزن وتصرفاته المشينة إلا أنه بدأ عملية التحول إلى التدين في كنيسة ميدلاند الإنجيلية حيث التقى بجماعة ميدلاند الكنسية التي تعنى بدراسة الكتاب المقدس وذلك في عام 1985 م .. قال لكاهن الكنيسة مرة : ( سأطرق باب الرب وأترك الإدمان وأحافظ على أسرتي وأرعاها ) .. انتقل فجأة إلى التدين المتطرف وترك المفاسد والإدمان وقال : ( إن المسيح قد قبله لدخول الجنة ) .. !!! جنون أم تخريف .. دخل كنيسة ميدلاند مع الجماعة الإنجيلية وأخذ يدرس الكتاب المقدس بجدية وعمق وأخذ يقرأ الإنجيل كل يوم مع زملائه في الجماعة الإنجيلية ثم مالبث أن أقنع زوجته لورا واصطحبها معه إلى الكنيسة وهو يقول : ( لقد غيرت الجماعة الإنجيلية حياتي كلها ) .. وعلى الرغم من أن بوش الإبن كان من عائلة ثرية جدا إلا أنه اضطر إلى بيع إحدى شركات أبيه لفشله في إدارة حياته العملية ولانغماسه بالفساد والإدمان في تلك الفترة .. كانت عائلة بوش من البروتيستانت ولكنهم لم يكونوا من المتدينين وكان اهتمامهم بأمور الدين ضئيلا جدا على عكس بوش الإبن في الفترة المتأخرة من حياته .. حيث كان اهتمام الأب بالسياسة والاقتصاد والأمور العملية .. بدأ بوش الإبن حياته السياسية في مدينة تكساس ونشط فيها حتى أصبح حاكما لمدينة تكساس وذلك بفضل مركز عائلته القوي و بدعم من الإنجيليين البروتستانت وهذا مما أثار هذا التساؤل هل هو متدين حقا أم أنه يستغل المتدينين الإنجيليين المتعصبين لأغراضه السياسية ..؟.. كان يردد دائما : ( الإنجيل يعني البشارة ونشر الدعوة ونحن جميعا في خدمة واحد أعظم منا هو المسيح ) .. انخرط مع الإنجيليين البروتستانت وكان يردد عباراتهم الكنسية في كل مناسبة وكان يقول : ( شكرا لك يا يسوع لأنك غيرت حياتي ) .. ( الكنيسة منهجنا وهدفنا .. الله يريدني أن أكون رئيسا لبلادي .. المسيح هو الذي غير حياتي ) .!!!. . لقد كان اعتناقه للمسيحية المحرفة بشدة وكان يؤمن بالتعاون بين الكنيسة والدولة وقد حمل هذه الفكرة معه في جميع مناصبه الحكومية حتى وصوله إلى منصب الرئاسة .. وبسبب هذا التدين الظاهر حاز على ثقة الإنجيليين وتأييدهم مما كان له أكبر الأثر في فوزه بمناصب متعددة آخرها منصب الرئاسة لفترتين وعند فوزه هتف الإنجيليون : ( فليباركه الله ) .. عندما وصل إلى منصب الرئاسة كان يتبنى المسائل الأخلاقية والدينية بشكل لافت للنظر .. مثل الصلاة والعبارات الدينية المسيحية ومنع الإجهاض وكان يردد في المناسبات : ( هذه أمريكا الحقيقية التي نبحث عنها .. أمريكا الإنجيلية .. إنني مسيحي وابن مسيحي ) .. وكان يقول عن الإنجيل : ( هذا هو الدليل المرشد وليس الأنظمة الفيدرالية ) .. مخالفا في هذا الكلام دستور الدولة العلماني رغم أنه أقسم على هذا الدستور الذي يخالف الكتاب المقدس في أمور كثيرة .. وصل عدد الكنائس الإنجيلية في عهد بوش الإبن إلى أكثر من ( 45000 ) كنيسة والتي تشكل جمعية الكنائس الإنجيلية حيث تصرف الحكومة الأمريكية أموالا طائلة في بناء هذه الكنائس رغم مخالفة ذلك للدستور العلماني ورغم قلة عدد روادها أو ندرتهم في كثير من الأحيان وفي عهد بوش الإبن تم إصدار المجلة المسيحية الإنجيلية المتعصبة للدين المسيحي وللكتاب المقدس بعهديه القديم ( التوراة ) والحديث ( الإنجيل ) ومن هنا نستطيع أن نفهم العلاقة الحميمة بين الإنجيليين واليهود الصهاينة والتي تجاوزت كل الحدود المنطقية ووصلت إلى مناصرة الظلم والإرهاب والإجرام الصهيوني بعيدا عن منطق الحق والعدل والإنصاف .. كان بوش ومجموعته المتعصبين يشكلون الإدارة الحكومية الفاعلة في المجتمع الأمريكي انطلاقا من فكرة التدين المتعصب وذلك في جميع الوزارات والإدارات وكان يدفع الأموال والمخصصات الضخمة لما يسمى بمجموعات الإيمان المسيحية الإنجيلية المتعصبة مخالفا بذلك دستور الدولة الديمقراطي العلماني .. شكل ما يسمى صندوق الرحمة الخاص بالإنجيليين ودفع له مليون دولار من صندوق الدولة بينما بقية الأديان والمجموعات الأخرى لم تحصل على أي دعم من الدولة رغم أن هذا العمل مخالف لدستور الدولة العلماني .. في مسرحية الحادي عشر من سبتمبر خصص يوما للصلاة لإرضاء الرب وقداسا دينيا للضحايا رغم أن الضحايا ليسوا كلهم من المسيحيين الإنجيليين وكان يردد آنذاك : ( الخير والشر كما هو في الكتاب المقدس .. يجب أن نقضي على أعداء الحرية .. سنحرر العالم من الأشرار .. يجب أن نحارب أعداء اليسوع .. يجب أن نزيل الشر من العالم وفق الكتاب المقدس .. يجب أن نحارب أعداء الصليب وأن نشن حربا صليبية جديدة ) ... وهكذا قام بوش ومن ورائه كل الدول الغربية بشن حرب صليبية حاقدة ضد الآمنين العزل من الناس فقتل من المدنيين من الشيوخ والنساء والأطفال والشباب العزل في أفغانستان والعراق مايزيد على مليون شخص وذلك ليرضي حقده الصليبي الدفين على حساب ملايين القتلى والأيتام والثكالى دون أن تهتز في قلبه بارقة من رحمة أو أثارة من إنسانية ونحن نتساءل في ذهول شديد هل هذه حقا تعاليم الكتاب المقدس أم تعاليم إلاه الحقد والتعصب والدمار ..؟!!! وبعد جريمة الحادي عشر من سبتمبر التي تشير كل الدلائل على أنها من تدبير المخابرات الأمريكية ظهرت على ساحة الأحداث الكثير من الشعارات العنصرية الصليبية المقيتة التي تتجاوز كل المفاهيم الإنسانية والمنطقية والحضارية مثل : ( إما أن تكونوا معنا أو مع الإرهابيين .. الله منحاز للحرية والديمقراطية .. إني أرى النور المشع في الظلام .. هذه امبراطورية الخير والله اختارنا لننقذ العالم .. الحرب الدينية الصليبية ضد قوى الشر .. صدام الحضارات .. إن أمريكا ترفض كل أسباب التعصب الديني والعرقي لذلك يجب أن نعود إلى الله ) .. وهكذا كانوا يستغلون هذه الشعارات وهذه المفاهيم في حروب إجرامية لم يعرف التاريخ لها مثيلا .. قام بوش الإبن بتعيين العديد من القضاة الإنجيليين في مناصب مرموقة في الدولة مما كان له أكبر الأثر في توجيه دفة الحكم في الإتجاه الصليبي العنصريالمتعصب المنحاز .. بعتقد الإنجيليون حسب تعاليم العهد القديم " التوراة " بأن نزول المسيح لا يتم إلا إذا قامت الدولة اليهودية وسيطرت على كل ماحولها وقامت ببناء الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى .. وبناء على هذه المعتقدات الضالة يقومون بدعم الظلم والإرهاب والإجرام الصهيوني بأمر من الرب يسوع لتعجيل نزوله إلى الأرض .. ونظرا لأن بابا الفاتيكان الكاثوليكي عارضه في حربه المجرمة على العراق أو في أمور أخرى فإن بوش يعتقد أن هذا مخالف لإرادة الرب يسوع المسيح ذلك لأن بوش مكلف بمهمة إلاهية من الرب يسوع المسيح .. ومن هذا المنطلق نستطيع أن نفهم القرارات التعسفية الظالمة المجرمة المنحازة بشكل كامل للإجرام الصهيوني ذلك لأن كل هذه التوجهات إنما تنطلق من اعتقادات توراتية تلمودية إجرامية متعصبة .. وبهذا الدعم اللامحدود للصهيونيين وللمسيحيين الإنجيليين من قبل الحكومة الأمريكية فقد ازداد عددهم بشكل كبير وملحوظ علما بأن هذا الدعم الحكومي لطائفة دون طائفة في المجتمع الأمريكي أمر عنصري مخالف للدستور الأمريكي العلماني ..
** أعلن الرئيس الأمريكي بوش الإبن قبل إعلانه الحرب على العراق : ( أن الله أوحى إليه بغزو العراق وأنه هو موسى العصر ) .. وقال أيضا : ( إن الله كلمني هو أيضا وأمرني بتحرير العراق ) ...
** عندما طلب بوش من إسرائيل وبشكل مؤدب جدا وقف حملتها الإجرامية ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة ... وصل إلى البيت الأبيض أكثر من ( 100000 ) رسالة إلكترونية تشجب هذا الطلب ..
** تفيد التقارير والمعلومات الأمريكية أن خسائر أحداث الحادي عشر من سبتمبر تجاوزت تريليون دولار أمريكي ..
** وردت إشارات من العهد القديم ( التوراة ) تفيد بأن شخصا من العرق البابلي أو الآشوري يقيم مملكة في بلاد مابين النهرين سيقوم بتدمير اليهود والقضاء عليهم وهذا أحد أسباب ضرب وتدمير واحتلال العراق ومن ثم القضاء على صدام حسين الذي يمكن أن يكون هو ذلك الرجل ...
** وهناك إشارات أيضا في العهد القديم ( التوراة ) إلى تدمير بلاد مابين النهرين مقابل تدمير نبوخذ نصر البابلي لبلاد اليهود في فلسطين وقتلهم وتشريدهم وسبي نسائهم ...
** يقول القس المسيحي مورتن : ( إن الصهيونية التوراتية التي هي أمنية كل مسيحي والتي تتعلق بكل مسيحي هي جزء من اللاهوت الديني وإن دولة إسرائيل في فلسطين هي مجرد البداية ...
** يتساءل المرء أمام الدعم اللامحدود من قبل بوش الإبن للدولة العبرية الصهيونية هل هو يهودي فعلا حيث استصدر قانونا سماه معاداة السامية والذي يجرم كل قول أو فعل يسيء إلى اليهود أو إلى الدولة العبرية المجرمة فعلا .. وهذا القانون لم يتجرأ حتى اليهود أنفسهم بالمطالبة به وذلك أمام الجرائم البشعة التي ارتكبتها إسرائيل في حق الشعوب العربية وبحق الفلسطينيين بشكل خاص ..
** يقول بوش بعد محاولاته فرض قانون تجريم معاداة اليهود : ( لن أدع لأعداء اليهود موطئ قدم في العالم ) ..!! أمر عجيب هذا الحب العنيف من قبل بوش لليهود رغم كل جرائمهم ورفضهم لقرارات المجتمع الدولي والمحاكم الدولية ورغم اعتقاد أكثر المسيحيين بتورطهم بصلب المسيح عليه السلام واعتقاد معظم النصارى أن اليهودي يهوذا الأسخريوطي هو الذي دل على مكان المسيح عليه السلام لاعتقاله وصلبه ولا يزول هذا التعجب إلا إذا كان بوش يهوديا متعصبا فعلا ..
** يقول أستاذ اللاهوت في جامعة ماريمونت جيفري سيكر : ( إن الرئيس بوش لديه القناعة الكاملة بأنه موسى العصر الذي كلمه الله هو أيضا وأمره بإنقاذ شعبه الأمريكي كما أنقذ موسى شعب الله الإسرائيلي من فرعون .. ويعتقد تماما أن أمريكا هي إسرائيل الجديدة التي أرادها الله أن تكون صاحبة رسالة إلى العالم ) ..
** يقول بوش : ( إن لشخصية موسى أثر كبير في قناعاته الدينية وقيادته السياسية .. وقد جاءه نداء من الله في مدينة أوستين وهو يسمع إلى الواعظ " مارك كريغ " فأحس بأنه يخاطب قلبه وعقله ويعد له المعجزات .. ومن آيات ذلك أن الشمس انكشفت له من وراء السحب بينما كان يؤدي اليمين لتولي حاكمية ولاية تكساس تعبيرا عن مباركة السماء ) ...
هذه المعاني تم نقلها بتصرف من كتاب ( كابتن أميريكا ) للمؤلفين ( روبرت جويت ــ وجون لورنس ) والكتاب مليء بمثل هذه الخرافات والأكاذيب المضللة .. فهل هذا جنون أم أنه تظاهر بالجنون لغاية في نفس بوش ..!! ..
** يقول الكاتب " ك . م . أبنهايمر " : ( حين يريد الإنسان أن يتصرف وكأنه الله .. فإنه سيتصرف وكأنه الشيطان ) .. وهذا ماحصل فعلا للرئيس الأمريكي السابق جورج بوش فكانت تصرفاته الإجرامية يعجز عنها حتى الشيطان إبليس عليه لعنة الله ..
** يقول أدولفو بيرير راسكوفيل الحائز على جائزة نوبل للسلام في خطاب موجه إلى الرئيس بوش : ( تتحدث عن الله وأنت تكفر بالله .. وتتحدث عن الحرية وأنت تدمر الحرية وتتحدث عن الديمقراطية والكرامة وأنت لا تتردد بالتضحية بهما على مذبح مولوخ إله الدمار والدم الذي لاتعبد إلا إياه ) ...
** في مقال للأستاذ أحمد منصور تحت عنوان " الرجل الذي قاد العالم إلى الهاوية " والذي تحدث فيه عن جرائم بوش الذي يعتبر نفسه موسى العصر نقتطف وبشكل مختصر بعض الفقرات الهامة حيث يقول : ( بعض الأحيان ينسى الناس أن هناك إلها يسير الكون وذلك حين يظهر حاكم متجبر ظالم يتحدث إلى الناس وكأنه هو الذي يسير شؤون الدنيا ثم يفتتن الناس به حين يرون شيئا من البطش الظاهر أو النفوذ الطاغي .. ولقد لعب الرئيس بوش الإبن هذا الدور خلال السنوات الثماني التي انقضت من حكمه فقد سير الأساطيل ودمر حياة شعوب كاملة وانهى حياة الاستقرار التي كانت تنعم بها دول كثيرة وجعل الدول الكبرى قبل الصغرى تهاب من جنونه وبطشه وتنصاع لسياسته الأحادية المتغطرسة ولكن خالق الكون ومسير شؤونه أراد أن يخذيه ويلحق به العار قبل أشهر قليلة من نهاية رئاسته للولايات المتحدة الأمريكية .. جورج بوش الذي قضى فترة حكمه يهدد ويتوعد ويمارس كافة أشكال جرائم الحرب ظهر في صورة مخزية أمام شعبه وهو يتحدث عن الانهيار المالي الذي أوصل إليه بلاده بل العالم كله فيقول : إن الوضع خطير للغاية ولأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة يجمع رئيس أمريكي على وشك الرحيل من البيت الأبيض مرشحي الرئاسة ليضع أمامهم الحقائق وأبسط هذه الحقائق أن الحلم الأمريكي قد انتهى وأن الولايات المتحدة شاءت أم أبت سوف تنكفئ على نفسها في الفترة القادمة في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الاقتصاد الذي وصل إلى مرحلة الانهيار .. يقول جاكوب هايلبرون مراسل صحيفة " ديرتاج شبايجل " الألمانية في مقال تحت عنوان " نهاية الحلم الأمريكي " : ( إلى وقت قريب ظلت منطقة كانساس الغنية في ولاية فرجينيا من أبرز مفاخر الولايات المتحدة لارتباطها بانتصارالخيرعلى الشر في الحرب الأهلية الأمريكية وإنهاء نظام الرق والعبودية لكن هذا بات شيئا من الماضي بعد تحول مانساس الواقعة على مشارف العاصمة الأمريكية واشنطن من شاهد على تحقيق الحلم الأمريكي إلى رمز لكابوس الفزع الذي تعيشه الولايات المتحدة لأن المنازل المشهورة بأناقتها وحدائقها أصبحت خرائب مهملة رفعت عليها لافتات " محجوز عليها " بعد طرد ملاكها المثقلين بديون باهظة .. أغلقت محطات الوقود أبوابها وأفلست مطاعم الوجبات السريعة وبلغ الفقر مداه بتسليم السكان قططهم وكلابهم إلى دور رعاية الحيوانات لعجزهم عن إطعامها .. ونحن نتساءل إذا كان هذا ما حدث في واحدة من أغنى مناطق الولايات المتحدة فما الذي يحدث في بقية المدن الأمريكية .. إن مايحدث في أمريكا هو بداية الطوفان ومهما بذلت الإدارة الأمريكية فلن يكون كافيا لإنقاذ الحلم الأمريكي .. لقد انتهى الحلم الأمريكي على يد جورج بوش ليدخل التاريخ من أسوأ أبوابه ) ..
من فضائح الديمقراطية :
** وزير الخزانة الأمريكية السابق فجر قنبلة في وجه الرئيس بوش عندما كشف النقاب عن قصور كبير في صفات بوش الشخصية وفي عملية صنع القرار داخل الحكومة الأمريكية يقول أونيل : ( إن الرئيس بوش يحضر إجتماعات الحكومة كرجل أعمى في غرفة مملوءة بالصم .. إن بوش لا يستطيع التواصل مع وزرائه وأنه لا يستطيع التعبير بوضوح أو بدقة عما يريده من الحكومة وبالتالي فإن كبار مساعديه ومستشاريه يتحركون لتنفيذ ما يعتقدون أو مايخمنون أن الرئيس يريده ولا يعرف من المسؤولين على وجه الدقة ما إذا مايفعله هو ما يريده بوش .. واشتهر أونيل خلال فترة توليه وزارة الخزانة الأمريكية بتصريحاته اللاذعة التي أوقعته مرارا في خلافات مع مساعدي بوش .. حتى قرر بوش إقالته من منصبه في ديسمبر 2002 م .. ويقول أونيل أنه اجتمع مرة مع بوش ليعرض عليه اقتراحات اصلاحية فخلال هذا الاجتماع أصيب بخيبة أمل عندما وجد بوش لا يتكلم مطلقا ولا يحاوره طيلة ساعة كاملة بل اكتفى بالاستماع مما جعل اللقاء يبدو وكأنه حوار من طرف واحد أمام شخص أصم ) .. هذا هو م نتاج الديمقراطية التي يريدون فرضها على العالم بالقوة ويريدون استبدال النظام الإسلامي الإلهي المحكم المنزل من عند رب العالمين رحمة للعالمين بالأنظمة البشرية التي أوصلت إلى سدة الحكم العديد من المجانين والمعتوهين والمجرمين والظالمين والديكتاتوريين أمثال بوش وهتلر واستالين وأتاتورك وميلوزوفيتش وغيرهم كثير ...
** دعت الولايات المتحدة زعيمة الديمقراطية في العالم إلى مصادرة كل أسباب العلم والمعرفة والقوة من شعوب العالم تحت دعاوى باطلة مختلقة باسم الإنسانية تارة وباسم الإخاء الإنساني وباسم العولمة وباسم القضاء على الإرهاب فلو كانت الولايات المتحدة صادقة في دعواها فلماذا لا تدمر أسلحتها النووية والكيميائية والجرثومية تدميرا كاملا لتكون قدوة لغيرها ولماذا تمتلك الولايات المتحدة رؤوسا نووية قيل أنها تستطيع تدمير العالم كله ستة مرات ..!! ألا تكتفي بتدمير العالم مرة واحدة ..؟!! دون أن تسمح لأحد أن يمتلك مثل هذه القوة أو جزء منها
** إن الولايات المتحدة التي تطالب العالم بالديمقراطية وتطلب العالم باحترام تنفيذ القرارات الدولية هي التي رفضت الانصياع للإرادة الدولية وهي التي رفضت الانصياع لقرارات الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن ورفضت الانصياع للمحكمة الدولية ومنظمات العدل الدولية وضربت بمبادئ حقوق الإنسان عرض الحائط تريد الآن أن تفرض على العالم دورا امبراطوريا ديكتاتوريا قسريا لم ير العالم مثله عبر تاريخه الطويل وذلك من خلال الأسس والمبادئ التالية :
* العدوان من طرف أمريكا ديمقراطية أما من طرف الدول الأخرى فهو إرهاب ..
* الإرهاب من طرف أمريكا وربيبتها إسرائيل عدلا ومن طرف الدول الأخرى جريمة كبرى يجب أن تعاقب عليه أشد العقاب .. * فرض القيم الأمريكية المنحرفة الفاسد على شعوب العالم بالقوة ومحو جميع القيم والأعراف والتراث والعادات والتقاليد الأخرى
* التدخل في مناهج الدول الأخرى التعليمية والثقافية وتوجيهها بما يخدم المصالح الغربية ...
* محاولة تغيير وتبديل وتشويه الكتب المقدسة بغرض توجيهها وفق الخط الغربي المنحرف والتركيز على القرآن الكريم ليصبح القرآن الكريم الذي حفظه الله محرفا مبدلا مشوها مثل التوراة والإنجيل التي بين أيدى الناس اليوم ...
* احتكار القوة بكل أشكالها وأنواعها ومنع الآخرين من امتلاكها .. وتكريس مبدأ الهيمنة والتسلط على العالم وذلك باستخدام جميع الوسائل العسكرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والدبلوماسية المتغطرسة حتى ولو كانت هذه الوسائل لاأخلاقية لا إنسانية
* العدوان على الأمم والشعوب واحتلال أراضيها وقتل وتشريد شعوبها وسلب خيراتها واستغلال ثرواتها ..
* فرض نظام ثقافي جديد على العالم يعتمد سياسة الصرف والبذخ واستهلاك نواتج الحضارة بشكل جشع ...
الديانات السماوية كأساس حضاري :
** الديانة اليهودية .
** الديانة المسيحية .
** الإسلام وحتمية الحل الإسلامي ..
الديانة اليهودية كأساس حضاري :
قبل أن أتحدث عن الديانة اليهودية كأساس لبناء حضارة عالمية إنسانية أريد هنا أن أقرر أننا نحن المسلمين نحترم الديانة اليهودية الأصلية الصحيحة ونحترم نبي الله موسى عليه أفضل الصلاة والسلام وجميع إخوته من أنبياء بني إسرائيل إسحاق ويعقوب وداود وسليمان ويوسف وهود وصالح وشعيب ويوشع وأرميا بل نحترم كل الأنبياء والرسل لا نفرق بين أحد من رسل الله جل وعلا .. وعندما رأى المسلمون اليهود يصومون يوم العاشر من ذي الحجة تساءل الناس عن قدسية هذا اليوم فقالوا إنه اليوم الذي نجى الله فيه موسى وقومه من فرعون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( نحن أولى الناس بموسى وأمر بصوم هذا اليوم ) .. ونحترم أيضا التوراة الكتاب الذي أنزله الله على نبي الله موسى عليه السلام وهذا ما أمرنا به الله ورسوله يقول ربنا جل شأنه في القرآن الكريم مخاطبا المسلمين : ( قولوا آمنا بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ) .. وكل مسلم لايؤمن بالملائكة وبالأنبياء والمرسلين جميعم وبالكتب السماوية كلها فهو مؤمن ناقص الإيمان يمكن أن يوصله إنكاره للأنبياء والرسل وللكتب السماوية الحقة إلى الكفر والضلال .. ولكن عندما يقرر علماء اليهود والنصارى ورجال الدين عندهم أن التوراة والإنجيل بكل نسخها وصورها الحالية محرفة ومبدلة وأن نسبة الصحيح المنسوب إلى الأنبياء والرسل لا يتجاوز عشرين بالمئة فقط بينما ثمانون بالمئة دخيل ومكذوب على هذه الكتب السماوية التي هي بين أيدي الناس اليوم .. فكيف يطلب منا أن نؤمن بهذه النسخ المحرفة المبدلة المليئة بالشركيات والانحرافات والأكاذيب ...
بنيت العقيدة اليهودية المحرفة على مبدأ عنصري بادئ ذي بدء فهم يعتبرون أنفسهم شعب الله المختار .. أو أبناء الله وأحباؤه .. وأن بقية البشر هم عبيد وحمير خلقهم الله ليركبهم بنو إسرائيل شعب الله المختار .. ومن هذا المنطلق كان عداؤهم لكل الأديان ولكل الشعوب حيث بدأ عداؤهم للنصرانية منذ اليوم الأول لبعثة نبي الله عيسى المسيح عليه أفضل الصلاة والسلام .. وكانت حربهم ضد أتباع المسيح عليه السلام حربا شعواء على مدار التاريخ منذ بعثة عيسى عليه السلام وحتى يومنا هذا .. لقد قام اليهود بالتعاون مع القياصرة الرومان على سحق النصارى المتدينين في العهود الرومانية المختلفة إلى أن دانت الدولة الرومانية لعقيدة النصارى بعد تحريفها وإدخال الشركيات والوثنيات في عقيدة النصارى .. هذا ولعل أسوأ جريمة قام بها اليهود ضد عقيدة النصارى هي تحريف عقيدة النصارى وطمس عقيدة التوحيد التي جاء بها المسيح عليه السلام على يد اليهودي ( بولس الرسول ) الذي ادعى اعتناقه للنصرانية وأن الوحي قد بدأ ينزل إليه ليعيد للنصرانية أصالتها فكان بولس اليهودي هذا أول من ابتدع عقيدة التثليث وتأليه المسيح وتأليه أمه وتأليه جبريل عليهم السلام تحت ما يسمى عقيدة التثليث ( الآب والإبن وروح القدس ) .. تماما كما حدث للإسلام حيث قام اليهودي عبد الله بن سبأ الذي أظهر الإسلام وأبطن اليهودية فوضع أسس عقيدة التشيع الباطنية الباطلة المنحرفة التي أدت بكثير من أبناء المسلمين إلى الكفر والشرك والخروج عن الملة الإسلامية .. لقد بدأ عداء اليهود للإسلام منذ اليوم الأول لبعثة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أو حتى قبل بعثته عليه الصلاة والسلام حيث كان اليهود يستفتحون على المشركين بأن الزمن قد حان لظهور رسول يقود اليهود إلى الانتصارات والفتوحات والسيطرة على العالم كله وأن هذه الإشارات مكتوبة عندهم في الكتب المقدسة ولكنهم : ( فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين ) .. ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في صحبة عمه أبي طالب قبل البعثة في تجارته إلى بلاد الشام فلما مروا على الراهب النصراني ( بحيرا ) قال له بحيرا الراهب : ( ارجع بابن أخيك إلى مكة لأن اليهود إذا عرفوا ماعرفت أنا فلربما قتلوه ) .. ولوتصفحنا تاريخ اليهود نلاحظ أن اليهود على الرغم من المعاملة الحسنة التي تلقوها في جميع العهود الإسلامية إلا أنهم ناصبوا المسلمين العداء وعلى مر العهود والتاريخ .. وعلى الرغم من أن الإسلام أوصى بأهل الكتاب من اليهود والنصارى خيرا واعتبرهم أهل الذمة إلا أنهم قابلوا هذه المعاملة الحسنة بالعداء وإثارة القلاقل والفتن والغدر والخيانة والخداع ونقض العهود والمواثيق .. وهذه الطبيعة المعقدة المخادعة لم تكن مع المسلمين فحسب بل مع كل الأمم والشعوب وفي كل زمان ومكان .. لذلك كانوا يلاقون الويل والثبور والقتل والطرد والتشريد من كل أمم الأرض ولا أريد هنا أن أسرد كل الوقائع التاريخية التي تدين اليهود لأن هذا الأمر محله في كتاب مستقل ربما أستطيع إعداده في وقت لاحق إلا أنني أود سرد بعض الأمثلة التي تدين اليهود عبر تاريخهم الطويل ..
وثائق هامة ضد اليهود :
** حذر مؤسس أمريكا الأول الرئيس الأمريكي " بنيامين فرانكلين في خطاب له أمام المجلس التأسيسي الأمريكي عام 1789 م قال فيه : ( أيها السادة لاتظنوا أن أمريكا قد نجت من الأخطار بمجرد أن نالت استقلالها فهي مازالت مهددة بخطر جسيم لا يقل خطورة عن الاستعمار وهذا الخطر سوف يأتينا من جراء تكاثر عدد اليهود في بلادنا وسيصيبنا ما أصاب البلاد الأوربية التي تساهلت مع اليهود وتركتهم يتوطنون في أراضيها إذ أن اليهود بمجرد توطنهم وتمركزهم في تلك البلاد عمدوا إلى القضاء على تقاليد ومعتقدات أهلها .. وقتلوا معنويات شبابها بفضل سموم الإباحية واللاأخلاقية التي نفثوها فيهم ثم أفقدوهم الجرأة على العمل والإنتاج وجعلوهم ينزعون إلى التقاعس والكسل بما استنبطوه من الحيل لمنافستهم على كسب لقمة العيش .. وبالتالي سيطروا على اقتصاديات البلاد وهيمنوا على مقدراتها المادية والمالية فأذلوا أهلها وأخضعوهم لمشيئتهم ومن ثم أصبحوا سادة عليهم مع أنهم يرفضون الاختلاط بالشعوب التي يعاشرونها حتى بعد أن كتموا أنفاسها .. فهم يدخلون كل بلد بصفة دخلاء مساكين وما يلبثون أن يمسكوا بزمام مقدراتها ومن ثم يتعالون على أهلها وينعمون بخيراتها دون أن يجرؤ أحد على صدهم عنها .. ولقد رأينا في الماضي كيف أذلوا أهل إسبانيا والبرتغال وما يفعلونه اليوم في بولونيا وسواها من البلاد .. ومع كل هذا جعلوا التذمر شعارهم حيثما وجدوا والتشكيك ديدنهم فهم يزعمون دائما أنهم مضطهدون طالما كانوا مشردين ويطالبون بالعودة إلى فلسطين مع أنهم لو أمروا بالعودة إليها لما عاد جميعهم ولظل الكثيرون منهم حيث هم .. أتعلمون أيها السادة لماذا ؟.. لأنهم أبالسة الشعوب فلا يمكنهم أن يعيشوا مع بعضهم البعض لأنهم لن يجدوا فيما بينهم من يمتصون دمه ولهذا فهم يفضلون البقاء مع الشعوب الشريفة التي تجهل أساليبهم الشيطانية ليثابروا على امتصاص دماء أبنائها ولينهبوا من خيراتها .. للأسباب التي أوضحتها لمجلسكم الموقر أتوسل إليكم جميعا أيها السادة أن تسارعوا لاتخاذ هذا القرار وتطردوا هذه الطغمة الفاجرة من البلاد قبل فوات الأوان ضنا بمصلحة الأمة وأجيالها القادمة .. وإلا سترون بعد قرن واحد أنهم أخطر مما تفكرون وستجدونهم قد سيطروا على الدولة والأمة ودمروا ما جنيناه بدمائنا وسلبوا حريتنا وقضوا على مجتمعنا .. وثقوا بأنهم لن يرحموا أجيالنا بل سيجعلونهم عبيدا في خدمتهم بينما هم يقبعون خلف مكاتبهم يتندرون بسرور بغبائنا ويسخرون من جهلنا وغرورنا .. أيها السادة لا يجنح مجلسكم الموقر إلى تأجيل هذا القرار وإلا حكم على أجيالنا القادمة بالذل والفناء .. أيها السادة لا تظنوا أن اليهود سيقبلون يوما بالانصهار ببوتقتكم أو الاندماج بمجتمعكم فهم من طينة غير طينتنا ويختلفون عنا في كل شيء .. وأخيرا أهيب بكم أن تقولوا كلمتكم الأخيرة وتقرروا طرد اليهود من البلاد وإن أبيتم فثقوا أن الأجيال القادمة ستلاحقكم بلعناتها وهي تئن تحت أقدام اليهود ) .. والآن ونحن نشهد الأجيال التي تئن تحت أقدام اليهود نتذكر هذه الوصية من خبير باليهود وبأساليبهم الشيطانية الخبيثة التي لم تعرف العدل والشرف والرحمة والإنصاف في يوم من الأيام .. يا ألله كم الفرق شاسع بين الرئيس الأمريكي الأسبق بنيامين فرانكلين وبين الرئيس المنتهية ولايته الآن جورج بوش الإبن .. بل يمكننا أن نقول كم الفرق شاسع بين العقلاء والمجانين ..؟!!!!
** في الحرب التي نشبت بين اليهود والفلسطينيين والتي هزم فيها اليهود شر هزيمة استولى الفلسطينيون على التابوت وبق عنهم سبعة أشهر ولم يعيدوه إلا بعد أن عبثوا فيه ...
** يعترف اليهود والنصارى بفقدان الأسفار التالية : ( سفر أشعياء .. سفر ياشر .. سفر أخبار سليمان .. سفر ناثان .. سفر أخبار الشيلوتي .. سفر أخبار داود .. سفر أخبار ملوك يهوذا .. سفر أخبار إسرائيل .. وغيرها ) فماذا تبقى من التوراة بعد فقدان كل هذه الأسفار ...
** أصدر بعض اليهود كتابا بعنوان ( سدر صادوروت ) والذي يتباهون فيه بقتل أعداد كبيرة من النصارى وإبادتهم للمسيحيين على مر العصور .. كما صدر كتاب آخر بعنوان ( التجربة الأخيرة للمسيح ) والذي يطعنون فيه بالسيد المسيح بشكل سافل واتهام أمه الطاهرة البتول التي طهرها الله واصطفاها على نساء العالمين .. فهل يعرف أبناء النصارى عدوهم الحقيقي
** نشرت مجلة القرن الأمريكية في عدد فبرايرعام 1928 م خطابا مفتوحا إلى نصارى العالم بقلم الكاتب اليهودي " ماركس ليلي رافاج " نعرض بعض المقتطفات منه لطوله يقول : ( إنكم أيها المسيحيون لا تنقمون على اليهود لأنهم صلبوا المسيح بل لأنهم أنجبوه .. إن نزاعكم الحقيقي مع اليهود ليس لأنهم لم يتقبلوا المسيحية بل لأنهم فرضوها عليكم .. لقد وضعنا العوائق في سبيل تقدمكم وفرضنا عليكم كتابا ودينا غريبين عنكم وبذلك شتتنا أرواحكم وشللنا تطلعاتكم وجعلنا سبل حياتكم مرتبكة .. إنكم أيها المسيحيون تتهموننا بإشعال نار الثورة البلشفية والتي لا تعدوا نقطة في بحر الثورة التي أشعلها بولس اليهودي في روما .. إنكم أيها المسيحيون تثيرون ضجة حول النفوذ اليهودي الذي هو أساس كنائسكم ومدارسكم وقوانينكم وحكوماتكم وحتى الأفكار التي تدور في أخلادكم كل يوم .. إن هذا النفوذ اليهودي الذي تتذمرون منه موجود وهو أكثر ضخامة وهولا وأشد مكرا مما تتصورون .. لقد سربنا عناصر التنافر والارتباك وخيبة الأمل إلى حياتكم العامة والخاصة وليس هناك من يعرف إلى متى سنظل نفعل ذلك .. إنكم أيها المسيحيون تحقدون على اليهود لأنهم انتزعوكم من عالمكم الوثني الجميل وغزوا بلادكم ونفوسكم بلا جيوش ولا أسلحة ولا حروب ولا دماء بل كان غزوا وفتحا بالروح والمبادئ والدعاية بلا شعور منكم .. أيها المسيحيون لقد جعلناكم تحملون رسالتنا إلى العالم أجمع إلى برابرة الأرض كلها .. ) .. وهذه الرسالة والتي تستغرق صفحات عديدة كلها تهديد ووعيد للمسيحيين وهي طويلة جدا أثبتنا هنا بعض الفقرات البسيطة للإشارة فقط إلى مدى العداء المستحكم بين اليهود وأقرب الناس إليهم من النصارى الذين يدعمونهم ويمدونهم بالمال والعتاد والسلاح وكل مكونات الحياة ...
** في عام 1940 ميلادي كانت الحكومة الفرنسية تساير مواقف النازيين الألمان في عدائها لليهود واضطهادهم فقد أصدرت الحكومة الفرنسية قوانين استثنائية قاسية ضد اليهود خاصة في مجال التعليم تمنع عنهم الكثير من الحقوق وتحد من حريتهم واستقلاليتهم التعليمية وتمنع عنهم كذلك تدريس اللغة العبرية حتى في المدارس اليهودية الخاصة ...
** ذكر الأستاذ " زهدي الفاتح " في كتابه القيم " اليهود " أمثلة عديدة عن فضائح تجمع " بناي برث " اليهودي الذي انعقد في باريس ونشرته مجلة " كاثوليك غازيت " في عددها الصادر في شباط فبراير عام 1936 م عن جرائم اليهود ومخططاتهم ومؤامراتهم ومنها اعترافات هذه الجماعة اليهودية المتطرفة عن الممارسات الإجرامية التي قامت بها حيث يقول رئيس المؤتمر : ( لقد نشرنا روح الثورة والتحررية الكاذبة بين شعوب الأغيار لإقناعهم بالتخلي عن أديانهم بل والشعور بالخجل من الإعلان عن تعاليم هذه الأديان ومزاياها وأوامرها ونواهيها كما نجحنا في إقناع كثير من الناس بالإعلان عن كفرهم وإلحادهم الكلي وعدم الإيمان بوجود خالق البتة بل وأغريناهم بالتفاخر لكونهم من أحفاد القرود .. لقد قدمنا لهم عقائد ومبادئ جديدة يستحيل عليهم سبر أغوار حقيقتها وأهدافها ومبادئها التي تخدم مجتمعة ومنفردة مصالحنا وأهدافنا وتلقى الأغيار المعتوهون هذه العقائد والمبادئ بقبول حسن وحماس شديد دون أن يراودهم أي شك بأنها إنما وجدت لخدمة مصالحنا وأنها بحد ذاتها تشكل أمضى الأسلحة التي نستخدمها للقضاء على وجودهم .. لقد برهنوا عن سذاجة ما كنا نتصورها فيهم فقد كنا ننتظر من البعض ذكاء ووعيا أعمق لحقيقة الأمور لكنهم جميعا لم يكونوا أفضل من قطيع غنم فلنتركهم يرعون في حقولنا حتى يسمنوا ويكونوا صالحين للذبح كالأضاحي والقرابين أمام ملك عالم المستقبل .. من بين أهم الانتصارات الماسونية أن هؤلاء الأغيار من أعضاء محافلنا لم يرتابوا في الأمر ولن يعرفوا أننا نستعملهم لبناء سجونهم بأنفسهم والتي على شرفاتها سنقيم مملكة إسرائيل العالية كما لم يفكروا بأننا نأمرهم وهم في محافلنا بصنع سلاسل عبوديتهم لملكنا المنتظر على العالم .. والآن دعونا نوضح لكم كيف مضينا في سبيل الإسراع بقصم ظهر الكنيسة الكاثوليكية وكيف استطعنا التغلغل إلى دخائلها وكيف أغوينا البعض من كهنتها ليكونوا روادا في حركتنا ويعملون من أجلنا فلقد أمرنا عددا من أبنائنا المخلصين بالدخول في جسم الكاثوليك مع تعليمات صريحة بوجوب العمل الدقيق والنشاط الكفيل بتخريب الكنيسة من قلبها عن طريق اختلاق فضائح داخلية عملا بوصية أمير اليهود الذي أوصانا بقوله : " دعوا بعض أبنائكم يكونون كهنة ورجال دين ورعاة أبرشيات فيهدمون كنائسهم من الداخل " .. نحن أبناء جميع الثورات التي قامت في العالم حتى تلك التي انقلبت علينا فيما بعد ونحن سادة الحرب والسلام بلا منازع ونستطيع التصريح بأننا نحن الذين خلقنا حركة الإصلاح الديني ضد الكنيسة فالإصلاحي كالفن كان أحد أبنائنا و مارتن لوثر أذعن لإيحاءات بعض أصدقائه اليهود وقد نجحا بإرادة اليهود وبتمويلهم .. إننا لنشكر البروتستانت على إخلاصهم لرغباتنا ونحن ممتنين جدا للعون الذي قدموه لنا في حربنا ضد معاقل المسيحية في العالم استعدادا لبلوغ مواقع السيطرة الكاملة على العالم .. لقد استطعنا حتى اليوم قلب الأنظمة في معظم ممالك العالم والبقية آتية لا ريب فيها فروسيا تمهد الطريق لمسيرتنا وفرنسا بحكومتها الماسونية تحت أصبعنا وإنكلترا با عتمادها على تمويلنا هي تحت أقدامنا ولكونها بروتستانتية فهي معولنا للقضاء على الكنيسة الكاثوليكية أما بقية دول أوربا فإنها دمى في أيدينا أما الولايات المتحدة الأمريكية فإنها واقعة في شراكنا وحبائلنا وهي تحت سيطرتنا .. فلنمض في مخططاتنا بتغذية الحقد العالمي على الكنيسة الكاثوليكية وتسميم أخلاق الأغيار واعتبار الدين أي دين هراء ومضيعة للوقت وقضية سبقها العصر ولم تعد تتماشى مع متطلبات العصر الحديث المتطور .. لتتذكروا أخيرا أن ملك اليهود المنتظر لن يرضى بحكم العالم قبل أن يخلع البابا عن كرسيه في روما والإطاحة بجميع ملوك العالم ) ...
** جاء في كتاب " القوى التي تحكم " للكاتب اليهودي " لويس ليفي " : ( لقد سيطر اليهود على الأماكن الحساسة في المجتمعات الغربية وبذلك استطاعوا أن يوجهوا الدول الغربية لتنفيذ مصالحهم هذه المواقع تتمثل في الأسواق المالية والمصارف والوزارات والصحافة والمطابع ومجالس الشورى والمجالس النيابية وشركات التأمين والمستشفيات ووزارات العدل والقضاء وقيادات المخابرات ومراكز الأمن ... وذلك بشكل مباشر أو غير مباشر ) ...
** يقول الدكتور اليهودي " أوسكار ليفي " في كتابه " الأهمية العالمية للثورة الروسية " : ( نحن اليهود لسنا إلا مفسدي العالم ومدمريه وناشري الفتن والثورات فيه .. نحن مازلنا هنا كلمتنا الأخيرة لم نقلها بعد هدفنا الأخير لم يتحقق حتى الآن ثورتنا النهائية لم يحن وقتها بعد ) ...
** يقول اليهودي " ماير أمشال روتشيلد " في كتابه " حكومة العالم الخفية " : ( اذكروا يا أبنائي أن الأرض كلها ستكون لنا نحن اليهود أما غيرنا وهم حثالة الحيوانات وبرازها فلن يملكوا شيئا قط ) ..
** بقول مؤسس الإتحاد الإسرائيلي العالمي " أدولف كريمبو " في البيان الرسمي عام 1860 م : ( كل اليهود من أجل كل يهودي .. وكل يهودي من أجل كل اليهود في العالم .. إن هدفنا عظيم ومقدس ونجاحه محتوم ومؤكد فعدوتنا اللدودة الكنيسة الكاثوليكية ممرغة في الأوحال وفي رأسها جرح قاتل .. إن الشبكة التي ترميها إسرائيل فوق الكرة الأرضية تكبر وتنتشر يوما بعد يوم وعلى هذا فلسوف تتحقق نبوءات كتبنا المقدسة .. لقد دنت الساعة التي تصبح فيها القدس بيت الصلاة لكل الأمم والشعوب وسترتفع راية الديانة اليهودية فوق أبعد الشطآن ) ...
** يقول القس الأب " جوزيف لومان " في كتابه " دخول اليهود إلى المجتمع الفرنسي " : ( ثمة خطة جهنمية لتفكيك المجتمع المسيحي بضربة واحدة تمهيدا لخلق أجواء لا يعود فيها من يتحدث عن مسيحي أو يهودي بالمعنى الديني إنما هي مجتمعات علمانية لادينية نزعت عنها وحدانيتها وإيمانها بالله ليغدوا المسيحي من الناحية السياسية على الأقل الأدنى شأنا من اليهودي السيد إن لم يكن عبدا له ) ...
** يقول الفيلسوف اليهودي الهولندي سبينوزا الذي قاد حملة إصلاحية في الكتب والمراجع اليهودية : ( إن الفكر التوراتي فكر ناقص وأن مجمل الأفكار والأحداث الواردة فيه ليست سوى نتاج تحريض الحاخامات اليهود على مدى آلاف السنين .. إن المعلومات التاريخية الواردة في التوراة ناقصة بل كاذبة .. وأن الأسس التي تقوم على المعرفة في هذا الكتاب غير كافية من حيث الكم ومعيبة من حيث الكيف .. إن الظواهر والمعجزات التي وردت في العهد القديم ليست خروجا على الطبيعة وإنما خليط من خيال الرواة وحوادث الطبيعة إذ لا يمكن حدوث شيء ما يناقض الطبيعة أو يكون جديدا على حوادث الطبيعة .. إن المعجزات كانت ظواهر طبيعية وبالتالي يجب تفسيرها بحيث لا تبدو أمورا خارقة للطبيعة أو مناقضة للطبيعة ) .. وهكذا نجد أن سبينوزا قام بتجريد العهد القديم من المعجزات التي ترفعه إلى حد القداسة .. و يقول سبينوزا : ( إننا نجهل تماما مؤلفي كثير من الأسفار أو نجهل حتى الأشخاص الذين كتبوها أو نشك فيهم .. كما أننا لاندري في أية مناسبة وفي أي زمان كتبت هذه الأسفار التي نجهل مؤلفيها الحقيقيين .. ولا نعلم في أي أيدي وقعت وممن جاءت المخطوطات القديمة الأصلية التي وجد لها عدد من النسخ المختلفة المتباينة .. ولا نعلم فيما إذا كانت هناك نسخ كثيرة أخرى مخطوطة من مصدر آخر .. إضافة إلى كل ذلك فإننا لانملك هذه الأسفار في لغتها الأصلية التي نزلت على موسى مما يزيد من صعوبة تفسيرنا لها تفسيرا صحيحا ... إن المعلومات التاريخية عن الكتاب المقدس ناقصة بل كاذبة .. إن الناس المتشبثين بآرائهم الدينية يرفضون تصحيح ما ورد في الكتب المقدسة مهما كانت مغلوطة ومشوهة ) ... ويطرح سبينوزاعشرات بل مئات الأسئلة التي تؤكد أن الكتاب المقدس ليس هو نفسه الذي أنزله الله على موسى ولا أجد ضرورة لطرحها هنا نظرا لعمومية هذا الكتاب ..
** يقول الدكتور صبري جوهرة من أقباط مصر : ( تعترف الكنيسة بعدم دقة الكتب المقدسة في المعلومات الفلكية والجغرافية والتاريخية والجيولوجية ذلك لأن الغاية من الكتاب المقدس أن يعلم الدين والأخلاق ويساعد على الوصول إلى طريق الصلاح والسعادة ومن هنا فإن كل من يتمسك بحرفيته كمصدر آخر غير الأخلاق والدين لا بد أن يبتعد عن غايته الأصلية وأن يحيد عن الفهم الصحيح للغرض الديني والأخلاقي للكتاب المقدس ... إن الكتاب المقدس هو عمل مشترك بين الله والإنسان .. وضع فيه كلاهما مايريده بحيث تعكس النتائج صحة تعاليم الأخلاق وعلاقات البشر بعضهم ببعض كما تعكس عدم كمال الإنسان بكتابته لمعلومات علمية غير دقيقة بل مضحكة .. أما مايقال عن التحريف المتعمد فالكنيسة لا تعتقد بحدوثه ) .. وهذا اعتراف بعدم صحة الكتب المقدسة وتحريفها .. ويقول أيضا عن سفر نشيد الإنشاد ومزامير داود في العهد القديم : ( إن مزامير داود منقولة حرفيا وبدون تصرف من أناشيد أخناتون أول فرعون اعتمد عقيدة التوحيد في مصر ) ...
** إن عملية تحريف وتبديل الكتب المقدسة لايزال جاريا حتى يومنا هذا ولقد قام بعض الدارسين بجمع وإحصاء العديد من الاختلافات بين الأناجيل المتداولة الآن ونسخة الملك جيمس الشهيرة المطابقة لأقدم النسخ المعروفة وأريد هنا أن أذكر بعض الأمثلة عن هذه الاختلافات دون استقصاء لكامل التعديلات ففي النسخة الأمريكية القياسية نجد بمقارنتها مع نسخة الملك جيمس نجد :
** في الإصحاح الخامس العدد 7 إضافة العبارة ( في السماء الأب والكلمة وروح القدس وهؤلاء الثلاثة هم واحد ) وهذه العبارة غير موجودة في نسخة الملك جيمس ...
** في إنجيل متى الإصحاح الأول العدد 18 .. تم استبدال كلمة ( رجلها ) بكلمة ( خطيبها ) في العبارة : ( وإذا كان يوسف خطيبها بارا بها ولم يرد أن يشهر بها ) طبعا الكلام هنا عن يوسف النجار ومريم العذراء .. وفي عبارة أخرى ( لا تخف أن تأتي بمريم عروسك إلى بيتك لأن الذي هي حبلى فيه هو من الروح القدس ) وهنا تم اسبدال كلمة امرأتك الواردة في بعض النسخ وزوجتك كما في بعض النسخ الأخرى بكلمة عروسك للتخلص من الإحراج وهو أن تكون أم الإله زوجة ليوسف النجار ..
** تم تغيير العبارة ( وهذه هي الحياة الأبدية .. أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك .. ويسوع المسيح الذي أرسلته ) إلى شكل مقارب في المعنى وهو ( ليمنح جميع الذين وهبتهم له حياة أبدية .. والحياة الأبدية هي أن يعرفوك أنت الإله الحق وحدك والذي أرسلته يسوع المسيح ) ...
** في سفر الرؤيا تم استبدال كلمة خروف إلى كلمة حمل .. وكلمة تصرخ إلى كلمة تهتف ...
** في النص ( هو ذا يأتي مع السحاب وستنظره كل عين والذين طعنوه وينوح عليه جميع قبائل الأرض نعم آمين .. أنا هو الألف والباء البداية والنهاية .. يقول الرب الكائن والذي كان والذي يأتي .. القادر على كل شيء ) .. العبارة ( البداية والنهاية ) غير موجودة في الأصل .. وتغيرت كلمة ( تبكي عليه ) لتصبح ( تنوح بسببه ) ..
** جاء في الموسوعة البريطانية : ( إن مؤلفي العهد القديم مجهولون ولقد ضاعت كل المخطوطات العبرية الأصلية ولم يصلنا سوى الترجمات ) ...
** ادعى اليهودي الألماني " شتاي زفي " الذي عاش 1626 – 1675 م بأنه هو المسيح المنتظر وانتشرت دعوته في فلسطين إلا أنه بالإطلاع على القرآن الكريم وعلى أحكام الشريعة الإسلامية اعتنق الإسلام وكان له أثر كبير في كشف العديد من مؤامرات وأحقاد اليهود ...
** من مبادئ التلمود : ( أحسن الناس من غير اليهود اقتلوه .. جميع المسيحيين يجب أن يقتلوا .. من يسيل دم غير يهودي يكن قدم ذبيحة لله .. الجوييم حمير خلقهم الله ليركبهم بنو إسرائيل .. لم يلغ الله أذناب الآخرين إلا ليصلحوا لخدمة اليهود .. يحق لليهودي أن يسرق غير اليهودي .. مراباة غير اليهودي أمر من الله .. جميع ثروات الأرض يجب أن تنتقل إلى أيدي اليهود .. اليهود من روح الله وباقي الشعوب من عرق متدن .. من قتل غير يهودي ما أذنب ..
** يقول اليهودي " جابوتنسكي " أحد رموز مايسمى بالصهيونية التصحيحية : ( إن جوهر التاريخ الأوربي هو استئصال اليهود وكان استئصالهم من قبل النازيين بتواطؤ كل النظم الأوربية .. أما فترة التعاطف مع اليهود بعد الحرب العالمية الثانية فليست سوى لمحة من الزمن ولا يوجد ما يمنع من تصور فترة قادمة أكثر تعصبا ضد السامية .. إن إسرائيل دولة شرق أوسطية وليست أوربية وإن الصراع ليس عربيا إسرائيليا ولكنه إسلامي صهيوني وهو صراع بين إسلام متخلف ويهودية متقدمة وليس بين قومية عربية وقومية صهيونية وهو صراع حتمي لا مفر منه ) ...
** اعترف الكاتب الأمريكي اليهودي المتخصص في المواضيع المتعلقة باليهود : ( أن الفتح الإسلامي لشبه جزيرة إيبيريا – بلاد الأندلس – قد وضع حدا لإكراه اليهود على اعتناق المسيحية .. فتحت حكم المسلمين الذي استمر خمسة قرون نشأت إسبانيا – بلاد الأندلس – ذات الديانات الثلاث والحضارة الواحدة حيث شارك المسلمون والمسيحيون واليهود في بناء حضارة امتزجت فيها دماؤهم ودياناتهم ) ...
** بين عام 1961 م و عام 2000 م بلغت المساعدات والقروض الأمريكية لإسرائيل مبلغا يزيد على ( 80 ) مليار دولار حسب الإحصائيات المصرح بها علنا عدا المساعدات العسكرية واللوجستية السرية ... ؟ هذا ولقد أعلن سيسكو مساعد وزير الخارجية الأمريكي عام 1972 م أن المعونة التي قدمتها الولايات المتحدة لإسرائيل خلال أربع سنوات بلغت ( 1182 ) مليون دولار للمساعدة في توطين اليهود السوفييت في إسرائيل .. ترى لماذا يدفع الشعب الأمريكي هذه الضريبة الفادحة لحكومة إسرائيل العنصرية المجرمة ..؟..
** يقول التلمود : ( الأمميون هم الحمير الذين خلقهم الله ليركبهم شعب الله المختار ) ...
** ويقول أبو الصهيونية هرتزل : ( إذا اضطررنا إلى تطهير بلد من الحيوانات المتوحشة فإن علينا أن ننظم حفلة صيد هائلة مفعمة بالحياة تسوق هذه البهائم جميعها إلى الخيار الوحيد وتحصرها ثم بعد ذلك ترمي في وسطها قنبلة الميلينيت فتباد عن آخرها ) وكذلك الأمر بالنسبة للأمميين الحمير الذين خلقهم الله مطية ليركبها بنو إسرائيل ...
** يقول البروفسور اليهودي يهودا باور أحد أهم المؤرخين الإسرائيليين عندما وزع مستوطنون إسرائيليون منشورات تدعوا إلى طرد العرب من أرض فلسطين بشكل كامل فقال : ( إن التطهير العرقي يقتضي بالضرورة حفلات قتل جماعية .. فسأله أحد الطلاب اليهود : هل أفهم من ذلك أن إسرائيل قد تلجأ إلى إبادة الشعب الفلسطيني بشكل جماعي ..؟!! فأجاب البوفسور العنصري المجرم بكل بساطة : نعم ولم لا ...؟!!! ) ..
** يقول اليهودي الروسي جابوتشكي : ( ليس هناك أي أمل في مصالحة طوعية بيننا وبين العرب لا الآن ولا في المستقبل .. إن كل العقلاء باستثناء الذين ولدوا عميانا أدركوا منذ زمن بعيد الاستحالة الكاملة للتوصل إلى رضائية طوعية مع عرب فلسطين تسمح بتحويل فلسطين من بلد عربي إلى بلد ذي غالبية يهودية .. إن لدى كل منكم خطأ بالمعرفة بتاريخ الاستعمار فحاولوا أن تجدوا مثالا واحدا استعمرت فيه بلاد برضاء أهلها .. إن مثل هذا لم يحدث أبدا .. وسواء عبر وعد بلفور أو عبر الانتداب البريطاني فإن القوة الخارجية ضرورية لإنشاء شروط حكم ودفاع يجرد فيها أهل البلاد الأصليين رغما عنهم من كل إمكانية لمقاومة استعمارنا إداريا أو جسديا .. إن على القوة أن تؤدي دورها بحزم وبدون تساهل .. وجوابا على القول المبتذل إن هذا العمل لاأخلاقي فإني أقول أن هذه هي أخلاقنا وليس هناك غير هذه الأخلاق .. فما دام أمام العرب أي بصيص من أمل في أن يقفوا في وجوههنا فإنهم لن يبيعوا هذه الآمال بأي كلام معسول ولا بأية فتاة ذكية الطعم لأنهم ليسوا غوغاء بل هم شعب حي .. وليس هناك شعب يقدم على تنازل هائل في مثل هذه القضية المصيرية إلا حين تغلق في وجهه كل منافذ الأمل وإلا عندما لاندع أمام عينيه ثغرة يستطيع أن يخترق منها جدارنا الحديدي ) ...
** ويقول جون كولون مبررا وحشية الأمريكيين في حرب إبادة الهنود الحمر : ( إن الله حين خلقنا ونفخ فينا روح الحياة أعطانا أرض الميعاد أمريكا وما دمنا الآن في أرض الميعاد الجديدة فلا بد من بداية جديدة للحياة نعمل فيها من أجل مجد بني إسرائيل هذا الشعب المختار المميز ) ...
** ويقول الكاتب الإسرائيلي عزرائيل شاحاك : ( المجتمع الإسرائيلي هو المجتمع الوحيد على الأرض الذي يميز بين دجاجة يهودية ودجاجة غير يهودية ، وخسة يهودية وخسة غير يهودية ولا يرى في العربي شيئاً أعظم في عينه من عبد أو حيوان )..
جاء في العهد القديم (التوراة المحرفة) : ( أن الإسرائيلين إقتحموا مدينة عاي ودخلوها عنوة ثم أحرقوها بالنار..ولما إنتهى جيش إسرائيل من قتل جميع سكان عاي في الحقول والبراري عاد إلى المدينة وأفنى من بقي فيها بحد السيف .. وبذلك أفنى جيش إسرائيل في يوم واحد جميع أهل عاي – إثني عشر ألفاً- ومن يومها صارت عاي تلة أنقاض مهجورة أما ملك عاي فشنقه يشوع ـ يوشع ـ على شجرة .....) (سفر يشوع 8: 91 – 92 ) .. أليست هذه هي عقلية اليهود وساسة الغرب قديماً وحديثاً تدمير وحرق وحرب إبادة ..؟!!..
** يقول الحاخام اليهودي ( لي ليفجر ) في كتابه ( تاريخ اليهود في الولايات المتحدة ) : (إن تأثير اليهود المباشر على الحياة الأمريكية لا يكاد يذكر .. إذ ليس لديهم ما يعطونه للمستعمرين الإنكليز الذين كانوا أكثر يهودية منهم )..
** جاء في الموسوعة اليهودية : ( الإنكليز هم الإسرائيليون الذين خاطبهم الله وأراد لهم أن يصنعوا نهاية الزمان بأيديهم ....)
** كان غولر يعلن : ( أن الله أوكل إلى بريطانيا تنفيذ إرادته في إعادة اليهود إلى فلسطين ) ...
** يقول بويكين في كتابه ( المواجهة بين عصر العقل وعصر الرؤيا ) : ( إن الإنجليز كانوا أكثر حماسة من اليهود أنفسهم لتأسيس الدولة اليهودية في فلسطين وبناء معبد سليمان وإن صهيونية البريطانيين هي التي إنتشلت الحركة الصهيونية من هامشيتها وجعلتها قوة عالمية )...
الكتب المقدسة عند اليهود التلمود والتوراة :
التوراة كتاب الله الذي أنزله على نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام ولكن اليهود عبر تاريخهم الطويل قاموا بتحريف وتبديل كتاب الله حتى لم يعد فيه من الأصل الإلهي إلا النذر القليل وهذا باعتراف رجال الدين من اليهود والنصارى وهناك اختلافات وتناقضات كثيرة في التوراة لامجال هنا لاستقصائها وشرحها أما التلمود فهو كتاب مقدس ينسب كذبا إلى أنبياء بني إسرائيل وحاخاماتهم عبر التاريخ الطويل الذي يمتد إلى أكثر من ثلاتة آلاف سنة والتلمود يتضمن تعاليم اليهود العنصرية المغرقة في عنصريتها والحث على القتل والدمار وسلب الناس والاعتداء عليهم ما داموا من غير اليهود ولا أريد هنا أن أستقصي كل الإنحرافات والتناقضات والكلمات البذيئة والأفعال الشنيعة والحث على الجرائم الموجودة بكثرة في كتب اليهود المقدسة وإنما أريد هنا أن أنقل بعض الفقرات والنصوص من كتبهم المقدسة والتي تتمثل في التلمود والتوراة ولا أريد أن أعلق كثيرا على هذه النصوص لاعتقادي الجازم في سعة فهم القارئ الكريم لأن الشرح و التعليق وإثبات كل النصوص التوراتية والتلمودية يحتاج إلى مجلدات عديدة ليس هنا محلها ..
التلمود :
اشتقت كلمة التلمود والتي تعني التعليم من الفعل الثلاثي العبري " لمد " ويعني علم .. وهذه الكلمة ذات علاقة بالكلمة العربية " تلميذ " وذلك للتقارب الكبير بين اللغة العربية واللغة العبرية ولقد طبع التلمود البابلي للمرة الأولى في إيطاليا عام 1520 م .. أما التلمود الفلسطيني عام 1923 م وتقع النسخة الإنكليزية من التلمود طبعة لندن في ثمانية عسرة مجلدا .. لقد تكفل التلمود باعتباره دائرة المعارف اليهودية بالحفاظ على تعاليم الديانة اليهودية المحرفة وأصبح مصدرا مهما من مصادر التشريع اليهودي ولكونه يتضمن الطعن بالسيد المسيح عيسى عليه الصلاة والسلام رفضه المسيحيون في القرون السالفة وأعلن زعماء الكنائس منذ القرن السادس الميلادي عن رفضهم ومخالفتهم للتلمود حتى أن أحد اليهود عام 1239 م اعتنق المسيحية وقام بحرق كتاب التلمود بشكل علني ومنذ ذلك التاريخ أصبح حرق التلمود من قبل المسيحيين أمرا رائجا حتى قام بعض حاخامات اليهود بحذف العبارات التي تتضمن الإساءة للمسيح عليه السلام .. وتفيد المعلومات التاريخية في تلك الفترة أن العربات المحملة بنسخ التلمود كانت تسير إلى ميادين المدينة ليتم إحراقها أمام الملأ والانتفاع بجلودها في صناعة الأحذية .. والجدير بالذكر أنه يوجد في نسخ التلمود المطبوعة في القرن التاسع عشر بياض أو طمس أو دوائر بدلا عن ألفاظ السب والشتائم والبذاءة بنبي الله عيسى وأمه الصديقة مريم عليهما الصلاة والسلام .. ومع ذلك لم تخل مثل هذه النسخ القديمة من السب والطعن بالمسيحيين بشكل عام .. ولما اطلع المسيحيون على هذه الألفاظ السافلة بحق المسيح عليه السلام وبحق أمه مريم عليها السلام هالهم الأمر وتذمروا ضد اليهود فقرر المجمع اليهودي وقتئذ في مدينة بولونيا أن يطمسوا هذه الكلمات أو يتركوا مكانها دائرة فارغة بحيث لا يطلع عليها إلا اليهود في مجامعهم .. وأنا أرجو من علماء النصارى أن يبحثوا عن النسخ القديمة لكتب اليهود المقدسة ليروا بأنفسم عظم الحقد والعداء من قبل اليهود للمسيح عليه السلام وللمسيحيين بشكل عام .. ويمكننا هنا أن نستعرض بعض الفقرات من التلمود لإعطاء فكرة للقارئ الكريم عن أفكار اليهود وأباطيلهم وعنصريتهم :
** جاء في التلمود : ( إن الإسرائيلي يعتبر عند الله أفضل من الملائكة .. فإذا ضرب أمي إسرائيليا فكأنما ضرب العزة الإلهية .. إن النطفة المخلوق منها باقي الشعوب غير اليهود هي نطفة حصان .. إن اليهودي يتنجس إذا لمس القبور إلا قبور من عداهم من الأمم لأنهم بهائم وليسوا أبناء آدم .. إن الأعياد المقدسة لم تجعل للأجانب ولا للكلاب .. أن يسوع المسيح ارتد عن الدين اليهودي وعبد الأوثان .. يجوز لبني إسرائيل أن يغشوا الكفار لأنه يلزم أن تكون طاهرا مع الطاهرين ودنسا مع الدنسين .. يجوز استعمال النفاق مع الكفار .. طبعا الكفار هم غير اليهود .. محظور على اليهود أن يحيوا الكفار بالسلام ما لم يخشوا ضررهم وعدوانهم .. إن النهار إثنا عشر ساعة : في الثلاث الأولى يجلس الله يطالع الشريعة وفي الثلاث الثانية يحكم وفي الثلاث الثالثة يطعم العالم وفي الأخيرة يجلس ويلعب مع الحوت ملك الأسماك .. أن الله ليس معصوما من الطيش لأنه حالما يغضب فيستولي عليه الطيش كما حصل ذلك يوم غضب على بني إسرائيل وحلف بحرمانهم من الحياة الأبدية ولكنه ندم على ذلك بعد ذهاب الطيش منه ولم ينفذ ذلك اليمين لأنه عرف أنه فعل فعلا ضد العدالة .. إن الله إذا حلف يمينا غير قانونية احتاج إلى من يحله من يمينه وقد سمع أحد العقلاء من الإسرائيليين الله يقول : من يحللني من اليمين التي أقسمت بها ؟.. ولما سمع أحد الحاخامات أنه لم يحلله منها اعتبروه حمارا لأنه لم يحلل الله من يمينه ولذلك نصبوا ملكا بين السماء والأرض لتحليل الله من أيمانه ونذوره عند اللزوم اسمه " مي " .. إن آدم كان يأتي شيطانة مهمة اسمها " ليليت " مدة مئة وثلاثين سنة فولدت منه شياطين .. أن حواء لا تلد في هذه المدة إلا شياطينا بسبب نكاحها من ذكور الشياطين والشياطين على حسب التلمود يتناسلون ويأكلون ويشربون ويموتون .. يولد من بني آدم كل يوم جملة من الشياطين .. وذكر التلمود تفاصيل هذه الولادات بشكل سافل مخل بالأدب والسمو الأخلاقي .. أن الشيطان يحب الرقص بين قرون ثور خرج من المياه وهو مغرم أيضا بالرقص بين النسوة اللاتي يرجعن من دفن ميت .. أن أحد مؤسسي ديانة التلمود كان بإمكانه أن يخلق رجلا بعد أن يقتل رجلا آخر .. أن الرابي " نياي " كان يحول الماء إلى عقارب وقد سحر يوما ما امرأة وجعلها حمارة وركبها ووصل عليها إلى السوق .. أفضل الغوييم اقتله وأفضل الأفاعي اسحق رأسها .. والغوييم هم غير اليهود .. إن إبراهام كان يتعاطى السحر ويعلمه وكان يعلق في عنقه حجرا ثمينا يشفي بواسطته جميع الأمراض , فوصل هذا الحجر إلى بعض الحاخامات التلموديين فكان بإمانهم بقوة هذا الحجر يقيمون الموتى ..!! وحصل أن أحد الحاخامات قطع مرة رأس حية ثم لمسها بالحجر المذكور فإذا هي حية تسعى وقد لمس به جملة أسماك مملحة فدبت بها الروح بقوة السحر .. أخذ الله ترابا من جميع بقاع الأرض وكونه كتلة وخلقها جسما ذا وجهين ثم شطره نصفين فصار أحدهما آدم والآخر حواء وكان آدم طويلا جدا فكانت رجلاه في الأرض ورأسه في السماء وإذا نام كان رأسه في المشرق ورجلاه في المغرب .. إن أرواح اليهود عزيزة عند الله بالنسبة لباقي الأرواح لأن الأرواح غير اليهودية هي أرواح شيطانية شبيهة بأرواح الحيوانات .. أن نطفة غير اليهودي هي كنطفة باقي الحيوانات وبعد موت اليهودي تخرج روحه وتشغل جسما آخر.. مسموح غش الأمي وأخذ ماله بواسطة الربا الفاحش .. لكن إذا بعت أو اشتريت من أخيك اليهودي شيئا فلا تغشه .. إن سرقة الأجانب مباحة .. إن الله لايغفر ليهودي يرد للأمي ماله المفقود وغير جائز رد الأشياء المفقودة من الأجانب .. غير مصرح لليهودي أن يقرض الأجنبي إلا بالربا .. إن يسوع الناصري موجود في لجات الجحيم بين الزفت والنار وأن أمه حملت به من العسكري " باندارا " بمباشرة الزنى .. وأن الكنائس النصرانية بمقام قاذورات .. وأن الواعظين فيها أشبه بالكلاب النابحة .. وأن قتل المسيحي من الأمور المأمور بها .. وأن العهد مع مسيحي لا يكون عهدا صحيحا يلتزم اليهودي القيام به .. وأن من الواجب دينا أن يلعن اليهودي رؤساء المذاهب النصرانية وجميع الملوك المعادين لليهود ثلاث مرات .. هذا وقد ورد في التلمود الكثير من الطعن بالسيد المسيح عليه السلام واتهام أمه الطاهرة البتول التي طهرها الله واصطفاها على نساء العالمين .. يحرم على اليهود قبول دعوة باقي الأمم والأكل من مأكولاتهم .. ويأثم اليهودي إذا ذهب عند الأجنبي في فرح .. يقتل الوثني إذا ضرب إسرائيليا لأنه يكون قد ضرب القدرة الإلهية .. ولذلك قتل موسى مصريا لأنه ضرب يهوديا .. يقتل الأمي الذي يستريح في يوم من أيام الأسبوع لقوله سبحانه : لايستريحوا الليل والنهار .. الوثني الذي يقرأ التوراة يستحق القتل لأن التوراة مخصصة لليهود فمن أخذها سرا من غير اليهود يقتل .. يحرم اشتراك اليهودي مع الوثني لأنه يعرض نفسه في هذه الحالة للحلف بالأصنام .. إن الله حلل أموال باقي الأمم لبني إسرائيل لما رآهم خالفوا السبع وصايا المختصة بعبادة الأوثان والزنا والقتل والسرقة وأكل لحم الحيوانات الغير مذبوحة وخصاء الإنسان وإيلاد الحيوان من غير جنسه .. لا يخطئ اليهودي إذا اغتصب امرأة مسيحية .. إن المسيح كان ساحرا ووثنيا .. إن المسيح كان مجنونا .. وهذا مطابق لما كان يعامله به هيرودس ومعاصروه الذين كانوا يصفونه بأنه ساحر ومتفق مع الشيطان .. إن المسيح كافر لا يعرف الله .. المسيحيون من عابدي الأصنام .. غير أنه يجوز أن يتعامل الإنسان معهم في أول يوم من الأسبوع الذي هو يوم عيد عندهم ..إن القداس والقسيسين والشموع والكؤوس كل ذلك من عبادة الأصنام .. يجب على كل يهودي أن يلعن كل يوم النصارى ثلاث مرات ويطلب من الله أن يبيدهم وينفي ملوكهم وحكامهم وعلى كهنة اليهود أن يصلوا في كنيسهم بغضا للمسيح الناصري .. عى اليهود أن يعتبروا المسيحيين حيوانات غير عاقلة ويعاملوهم معاملة الحيوانات الدنيئة .. على اليهود أن لا يفعلوا مع الوثنيين لاخيرا ولا شرا أما النصارى فليسفكوا دمهم ويطهروا الأرض منهم .. حرام على اليهودي الخدمة عند الحاكم الوثني وتغفر جريمته أما عند الحاكم المسيحي فغير جائزة أصلا وجريمته لا تغفر .. كنائس المسيحيين كبيوت الضالين ومعابد الأصنام فيجب على اليهود تخريبها .. أناجيل النصارى عين الضلال والنقص ويلزم تسميتها بكتب الظلم والخطايا .. ويجب على اليهود إحراقها ولو كان اسم الله فيها ..
اقتل الصالح من غير الإسرائيليين ومحرم على اليهودي أن ينجي أحدا من باقي الأمم من الهلاك أو يخرجه من حفرة يقع فيها لأنه بذلك يكون حفظ حياة أحد الوثنيين .. إن تعاليم يسوع كفر وتلميذه يعقوب كافر وأن الأناجيل كتب الكافرين ) ...
** جاء في كتاب بوليميك : ( إن لحم الأميين لحم حمير ونطفتهم نطفة حيوانات غير ناطقة .. أما اليهود فإنهم تطهروا على طور سيناء والأجانب تلازمهم النجاسة لثالث درجة من نسلهم ولذلك أمرنا بإهلاك كل من كان غير يهودي ) ...
كتب ميمانود : أمرنا الله أن نأخذ الربا من الذمي وأن لا نقرضه شيئا إلا تحت شرط الربا .. لا فرق بين المسيحي وباقي الوثنيين لأن الناصريين الذين يتبعون أضاليل يسوع معدودون مع باقي الوثنيين ويجب أن يعاملوا معاملتهم ) ...
** يقول الحاخام " أباربانيل " : ( إن اليهودي فقط يستحق الحياة الأبدية وأما باقي الشعوب فمثلهم مثل الحمير .. إن المرأة غير اليهودية هي من الحيوانات .. وخلق الله الأجنبي على هيثة الإنسان ليكون لائقا لخدمة اليهود الذين خلقت الدنيا لأجلهم لأنه من غير المناسب لأمير أن يخدمه ليلا ونهارا حيوان وهو على صورته الحيوانية .. كلا ثم كلا فإن ذلك منابذ للذوق والإنسانية كل المنابذة .. فإذا مات خادم اليهودي أو خادمته وكانا من المسيحيين فلا يلزمك أن تقدم له التعازي بصفة كونه إنسانا وإنما بصفة كونه حيوانا من الحيوانات المسخرة له .. ليس من العدل أن يشفق الإنسان على أعدائه ويرحمهم .. المسيحيون كافرون لأنهم يعتقدون أن الله له لحم ودم ) ...
** قال الحاخام رشي : ( صراحة اقتل الصالح من المسيحيين ) ..
** جاء في كتبهم المقدسة : ( إن الكلب أفضل من الأجانب لأنه مصرح لليهودي في الأعياد أن يطعم الكلب وليس له أن يطعم الأجانب وليس مصرح له أن يعطيهم لحما بل يعطبه للكلب لأنه أفضل منهم .. لاتوجد قرابة مع الأمم الخارجة على دين اليهود لأنهم أشبه بالحمير .. ويعتبر اليهود بيوت باقي الأمم نظير زرائب للحيوانات .. يجب على اليهودي أن لايبالغ في مدح المسيحيين ولا يصفهم بالحسن والجمال إلا إذا قصد أن يمدحهم كما يمدح حيوانا لأن الخارج عن دين اليهود أشبه بالحيوان .. يعتبر اليهود أن الوثني الذي لا يتهود والمسيحي الذي يبقى على دين المسيح عدو الله وعدوهم .. ويعتبر اليهود كل خارج عن معتقدهم غير إنسان ولا يصح أن تستعمل معه الرأفة .. إن الحوت الذي يلعب الله معه كبير جدا يمكن أن يدخل في حلقه سمكة طولها ثلاثمئة فرسخ بدون أن تضايقه وبالنسبة لحجمه الكبير رأى الله أن يحرمه زوجته لأنه إن لم يفعل ذلك لامتلأت الدنيا بالحيتان المتوحشة التي تهلك العالم ولذلك حبس الله الذكر بقوته الإلهية وقتل الأنثى وملحها وأعدها لطعام المؤمنين في الفردوس ولم يلعب الله مع الحوت من بعد هدم الهيكل كما أنه من ذلك الوقت لم يمل إلى الرقص مع حواء بعد ما زينها بملابسها وعقص لها شعرها .. وقد اعترف الله بخطئه في تصريحه بتخريب الهيكل فصار يبكي ويمضي ثلاثة أجزاء الليل يزأر كالأسد قائلا : تبا لي لأني صرحت بخراب بيتي وإحراق الهيكل ونهب أولادي.. إن الله يندم على تركه اليهود في حالة تعاسة حتى إنه يلطم ويبكي كل يوم فتسقط من عينيه دمعتان في البحر فيسمع دويهما من بدء العالم إلى أقصاه وتضطرب المياه وترتجف الأرض في أغلب الإحيان فتحصل الزلازل .. إن القمر قال لله لقد أخطأت حيث خلقتني أصغر من الشمس فأذعن الله لذلك واعترف بخطئه وقال اذبحوا لي ذبيحة أكفر بها عن ذنبي لأني خلقت القمر أصغر من الشمس ..
إن الله كذب بقصد الإصلاح بين إبراهيم وزوجته سارة .. إن إبراهيم عندما ذهب بزوجته الأولى سارة إلى مصر وكانت جميلة جدا واعترضهم جنود فرعون فقال لها أن تقول أنها أخته لأنها لو قالت زوجته قتلوه وسبوها .. وبذلك تعرضت سارة زوجة إبراهيم خليل الرحمن وأم الأنبياء إلى الاعتداء والاغتصاب من قبل قوم فرعون وجنوده .. إن بعض الشياطين من نسل آدم لأنه بعدما لعنه الله أبى أن يجامع زوجته حواء حتى لا تلد له نسلا تعيسا ملعونا فحضر له اثنتان من نساء الشياطين فجامعهما فولدتا شياطينا ) ..
** يقول الرابي " مناحم " : أيها اليهود إنكم من بني البشر لأن أرواحكم مصدرها روح الله أما باقي الأمم فليست كذلك لأن أرواحهم مصدرها الروح النجسة .. إنه لا شغل لله في الليل غير تعلمه التلمود مع الملائكة ومع ملك الشياطين أسموديه في مدرسة السماء .. إن الله تعالى يستشير الحاخامات على الأرض عندما توجد مسألة معضلة لا يمكن حلها في السماء ) ..
** أما الحاخام " آرييل " فإنه يعتبر غير اليهود خنازير نجسة تسكن الغابات ويجب على المرأة أن تعيد غسلها إذا خرجت من الحمام ورأت عند خروجها شيئا نجسا ككلب أو حمار أو مجنون أو أمي أو جمل أو خنزير أو حصان أو مجزوم والخارج عن دين اليهود حيوان على العموم فسمه كلبا أو حمارا أو خنزيرا والنطفة التي هو منها هي نطفة حيوان ..
** يقول الحاخام بشاي : ( إن النفاق جائز ويمكن لليهودي أن يكون مؤدبا مع الكافر وأن يدعي محبته كاذبا إذا خاف وصول الأذى منه إليه ) ...
** وقال الحاخام " فيفنيكرين " : ( أموال المسيحيين مباحة عند اليهود كالأموال المتروكة أو كرمال البحر فأول من يضع يده عليها من اليهود يمتلكها ) ...
** جاء في سفر الخروج : ( فأخذ ذلك من أيديهم وصوره بالإزميل وصنعه عجلا مسبوكا فقالوا هذه آلهتك يا إسرائيل )
** قال الحاخام فابيوس في خطبة له في عيد رأس السنة اليهودية : ( إن الدين اليهودي أفضل جميع الأديان لأنه لا يحتوي على أسرار وكل تعاليمه معقولة بخلاف الدين المسيحي فإن قواعده مبنية على الجنون ) ...
** قال الرابي " برينز " في كتابه " بودنيلج " : ( يجتمع اليهود كل أسبوع بعدما يغشون المسيحيين ويتفاخرون على بعضهم بما فعل كل منهم من أساليب الغش ثم يفضون الجلسة بقولهم مجتمعين : يلزمنا أن ننزع قلوب المسيحيين من أجسامهم ونقتل أفضلهم ) ...
** صدر عن بعض اليهود كتابا بعنوان ( سدر حادروت ) والذي يتباهون فيه بقتل أعداد كبيرة من النصارى وبمحاولة إبادتهم على مر العصور .. كما صدر عن اليهود كتاب آخر بعنوان ( التجربة الأخيرة للمسيح ) والذي يطعنون فيه بعقائد النصارى بشكل كامل .. وأنا أتعجب من شدة عداوة اليهود للنصارى وأتعجب أكثر من تكالب النصارى على خدمة ألد أعدائهم اليهود ...
** أصدر الكاتب الفرنسي الدكتور " روهلنج " كتابا بعنوان " اليهودي على حسب التلمود " ذكر فيه عن مضامين التلمود وتعليماته العدائية والإجرامية ضد بني البشر من غير اليهود وقد تضمن هذا الكتاب معلومات هامة وخطيرة وخرافات عجيبة لا يكاد الإنسان يصدق أن مثل هذه الأوامر والتعليمات هي نصوص دينية يتعبد بها حتى في الديانات الوثنية ..
** أصدر الكاتب الفرنسي الدكتور " أشيل لوران " كتابا بعنوان " تاريخ سورية عام 1840 م " تكلم فيه عن جرائم اليهود في سورية والمحاكم التي جرت لبعض رموزهم وحاخاماتهم وتفاصيل هذه المحاكمات التي حكمت بالإعدام على عدد من الحاخامات اليهود وإدانتهم بالجرائم و على بعض اليهود المتنفذين بعقوبات وصل بعضها إلى الإعدام ..
** أصدر الأستاذ عبد الله التل كتابه القيم الفريد في موضوعه تحت عنوان " خطر اليهودية على الإسلام والمسيحية " تضمن العديد من المبادئ العنصرية والإجرامية واللاإنسانية المستمدة من كتبهم المقدسة وخاصة التلمود .. وهو كتاب قيم في موضوعه ينصح الشباب بقراءته لمعرفة طبيعة اليهود الإجرامية العنصرية من تعاليم كتبهم المقدسة ..
** لما اجتاح الألمان في عهد الطاغية هتلر فرنسا ووصلوا إلى باريس وضع الألمان أيديهم على موجودات وزارة الخارجية الفرنسية فوجدوا في ملفاتها أحد الملفات التي تتحدث عن جرائم اليهود , فلما اطلعت السلطات الألمانية على هذا الملف وكان هتلر يشن حرب إبادة على اليهود ويحاول تطهير الأرض منهم في عملية تطهير عرقي فوجدوا في هذا الملف مادة غزيرة لشن حرب إعلامية ضد اليهود تفضح عقائدهم العنصرية والإجرامية ضد الأغراب من غير اليهود وبالتالي تبرير جرائمهم ضدهم .. ولقد فكر الساسة الألمان آنذاك بإخراج فيلم سينمائي عن جرائم اليهود وعرضه أمام أنظار العالم ووافق هتلر على هذه الفكرة ولكن شدة الحرب ودخول أمريكا إلى جانب الحلفاء أوقفت هذا المشروع ...
** أكد استطلاع للرأي العام في بريطانيا أن غالبية البريطانيين يعتبرون إسرائيل آخر دول العالم التي يرغبون بزيارتها وقضاء إجازاتهم فيها كما يعتبرونها أدنى الدول التي تستحق الاحترام وأشار الاستطلاع إلى أن الشعب الإسرائيلي يعادي الأجانب ويحتقر غير اليهود وأن المدن الرئيسية في إسرائيل تعتبر من المدن الأقل أمنا على مستوى العالم
** يقول اليهودي حاييم هارتسوغ : ( إن الأصولية الإسلامية أخطر على إسرائيل من أي شيء آخر ) ..
** يقول إسحاق شامير : ( قد يحاول البعض خداعنا وقد يقول أحدهم نخدع الإسرائيليين كما فعل محمد .. إنهم دائما يفكرون بتلك الأمثلة حين استخدم محمد جميع أنواع الخدع للقضاء على خصومه في مكة وخيبر وفي كل مكان .. إنهم دائما يلجؤون إلى تلك الأمثلة من استراتيجيات محمد وتهبلاته ) ...
** جاء في سفر حازورحار : ( يا أبناء إسرائيل .. إننا لن نفي محمدا حظه من العقوبة التي يستحقها حتى لو سلقناه في قدر طافح بالأقذار وألقينا عظامه النخرة إلى الكلاب المسعورة لتعود كما كانت نفايات كلاب لأنه أهاننا وأرغم خيرة أبنائنا وأنصارنا على اعتناق بدعته الكاذبة وقضى على أعز آمالنا في الوجود لذا يجب عليكم أن تلعنوه في صلواتكم المباركة أيام السبت وليكن مقره في جهنم وبئس المصير ) ...
** يقول القاضي الصهيوني فبيدريك رذرفورد : ( يجب تدمير السلطات الدينية في الدول العربية والإسلامية بتعليم وتدريب نخبة مختارة من الشباب المتفوق كيفية الفصل بين الدين وشؤون الحياة .. إن المسيحية الشائعة مسيحية زائفة مشوهة وقد سيطرنا عليها أما الأصولية الإسلامية فهي الظلام القادم أمام سيادتكم أيها اليهود ) ...
** لعل من المضحك والسخيف أن تظهر فكرة عداء السامية واعتبار السامية خاصة باليهود فقط علما بأن أبناء الأمة العربية وشعوبها هم الساميون الحقيقيون وذلك حسب النظريات التاريخية المختلفة كما أن اللغة العربية هي سيدة اللغات السامية على الإطلاق وأكثرها انتشارا على مساحة العالم ...
** قال موسى : ( لا تشته امرأة قريبك فمن يزني بامرأة قريبه يستحق الموت ) .. وفي مفهوم التلمود أن القريب هو اليهودي فقط ومنه فإن الزنا بزوجات الأجانب جائز عندهم ..
** يقول الحاخام ميمانود : ( يلزم أن يقتل الإنسان بيده الكفرة مثل يسوع الناصري وأتباعه ويلقيهم في هاوية الهلاك ) ...
وهنا نلاحظ مدى عنصرية اليهود وحقدهم على جميع الأمم والشعوب وفحشهم وسفالتهم وكذبهم وضلالاتهم فهل هؤلاء هم أصحاب رسالة سماوية ؟.. وهل هؤلاء هم أتباع نبي الله موسى عليه السلام ,, وهل مثل هؤلاء الغوغاء العنصريون أهل لبناء حضارة عالمية إنسانية ..؟!!...
البشارة بالنبي محمد من التوراة :
على الرغم من العداء المستحكم بين اليهود وجميع البشر دون تحديد إلا أن عداوتهم للديانتين المسيحية والإسلام عداوة شديدة مليئة بالحقد والكراهية ولكن على الرغم من تشويه وتحريف الكتب المقدسة عند اليهود والنصارى إلا أن هناك العديد من الإشارات واللمحات التي تبشر بالرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم رغم كل التحريف والتبديل الذي طرأ على كتبهم المقدسة .. هذا ولقد جاء في القرآن الكريم على لسان المسيح عليه الصلاة والسلام : ( ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد ) .. ولقد كانت هذه البشارة جلية واضحة في التوراة والإنجيل ولكن كثرة التحريف والتصحيف على الكتب المقدسة عند اليهود والنصارى وإصرار اليهود والنصارى على طمس هذه الحقيقة حقدا وكراهية منهم للنبي الكريم محمد خاتم الأنبياء والمرسلين مما جعل على هذه البشارة غشاوة ولكن رغم كل ذلك لا تزال هناك العديد من الفقرات في الكتب المقدسة السابقة تبشر بالرسول محمد رغم كل ما قاموا به من تحريف وطمس لهذه الحقيقة .. وفيما يلي نستعرض بعض هذه البشارات :
** جاء في سفر أشعيا : ( إني جعلت أمرك محمدا .. يا محمد يا قدوس الرب .. اسمك موجود من الأبد ) .. وهذا مقارب لقوله عليه الصلاة والسلام : ( كنت نبيا وإن آدم لمنجدل في طينته ) ...
** جاء في سفر حبقوق الإصحاح الثالث : ( وامتلأت الأرض من تحميد أحمد .. ملك بيمينه رقاب الناس ) ..
** وفي النسخة القديمة للتوراة المطبوعة في لندن عام 1848 م وكذلك في النسخة المطبوعة في بيروت عام 1884 م نجد النص التالي في غاية الوضوح : ( لقد أضاءت السماء من بهاء محمد وامتلأت الأرض من حمده .. زجرك في الأنهار .. واحتدام صوتك في البحار .. يا محمد ادن مني لقد رأتك الجبال فارتاعت ) ...
** وفي سفر التثنية الإصحاح الثالث والثلاثون : ( أقبل الرب من سيناء وأشرق لهم في ساعير وتجلى من جبل فاران ) .. وهنا نلاحظ أن سيناء الموضع الذي كلم الله فيه موسى عليه السلام وأوحى إليه بالرسالة وساعير الموضع الذي أوحى الله به لنبي الله عيسى عليه السلام أما جبال فاران فهي جبال مكة المكرمة ولقد جمعت هذه الأماكن في قوله تعالى : ( والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين ) ...
** وجاء في التوراة ذكر المكان الذي أوحي فيه للرسول محمد صلى الله عليه وسلم .. ففي سفر أشعيا الإصحاح الواحد والعشرين : ( وحي من جهة بلاد العرب في الوعر ) .. وقد كان بدء الوحي على رسول الله من جهة بلاد العرب في منطقة وعرة هي غار حراء في جبل وعر أيضا ..
** وقد أشارت التوراة عن هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة فقد جاء في التـوراة : ( هاتوا ماء لملاقاة العطشان يا سكان أرض تيماء .. وافوا الهارب بخبزه .. فإنهم من أمام السيوف قد هربوا .. ومن أمام السيف المسلول .. ومن أمام القوس المشدود .. ومن أمام شدة الحرب ) وتيماء من أعمال المدينة المنورة والنص هنا يصف وبدقة فائقة حالة النبي الهارب من سطوة قريش ومن السيوف والسهام التي كانت تلاحقه .. ونلاحظ هنا لفتة هامة وهي أن البداية كان بصيغة المفرد للحديث عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم ثم ينتقل السياق في فقرة تالية إلى صيغة الجمع والتي تفيد وتؤكد أن الرسول الكريم محمد لم يكن وحده وإنما كان معه أبو بكر الصديق والدليل الذي يدلهم على الطريق .. فهل بعد هذا التوضيح ادعاء لمدعي ...
** أما ما بعد الهجرة فتتحدث التوراة وبشكل بالغ في الدقة عن معركة بدر الكبرى التي وقعت بعد سنة واحدة من الهجرة يقول النص التوراتي : ( فإنه هكذا قال لي السيد في مدة سنة كسنة الأجير يفنى كل مجد قيدار .. وبقية قسي أبطال قيدار تقل .. لأن الرب إله إسرائيل قد تكلم ) .. وهنا نجد أن هذا النص يتحدث عن معركة بدر الكبرى التي وقعت بعد الهجرة بسنة وفني مجد قيدار .. وقيدار من أبناء إسماعيل عليه السلام وهنا يشير النص إلى قريش ومن حولها من القبائل العربية التي يعود نسبها إلى قيدار بن إسماعيل عليه السلام ...
** وتؤكد بعض النصوص التوراتية على مكان هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم .. فقد جاء في سفر أشعيا في الإصحاح الثاني والأربعين : ( لترفع البرية ومدنها صوتها .. الديار التي سكنها قيدار .. لتترنم سكان سالع من رؤوس الجبال ليعطوا الرب مجدا ) .. وقيدار هو أحد أبناء إسماعيل عليه السلام .. وسالع هو جبل سلع في المدينة المنورة والترنم والهتاف ذلك الأذان الذي كان ولايزال يشق أجواء الفضاء وذلك التحميد والتكبير في الأعياد وتمجيد الرب وتعظيمه آناء الليل وأطراف النهار ...
** وجاء في الجزء الخامس من نشيد الأنشاد المنسوب إلى نبي الله سليمان عليه السلام :
( بنات أورشليم : بم يفوق حبيبك المحبين أيتها الجميلة بين النساء ..؟ بم يفوق حبيبك المحبين حتى تستحلفينا هكذا ..؟
المحبوبة : حبيبي أبيض .. وأزهر .. علم بين عشرة آلاف .. رأسه ذهب خالص وغدائره متموجة حالكة السواد كلون الغراب .. عيناه حمامتان عند مجاري المياه .. مغسولتان مستقرتان في موضعهما .. خداه كخميلة طيب كالزهور الحلوة .. وشفتاه كالسوسن تقطران مرا شذيا .. يداه حلقتان من ذهب مدورتان ومرصعتان بالزبرجد .. وجسمه عاج مصقول مغشى بالياقوت .. ساقاه عمودا رخام قائمتان على قاعدتين من ذهب نقي .. طلعته كلبنان .. كأبهى أشجار الأرز .. فمه عذب .. نعم إنه محمد .. هذا هو حبيبي وهذا هو صديقي يا بنات أورشليم ) ..
ولو استعرضنا وصف الرسول صلى الله عليه وسلم كما جاء في البخاري لوجدنا مجمل هذه الصفاة في رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم إضافة إلى التصريح باسمه محمد في النص التوراتي .. وبعد هذه النصوص الواضحة كوضوح الشمس رغم كل محاولاتهم في طمس هذه الحقيقة نتساءل هل بقي عذر لليهود والنصارى في عدم اتباع سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم واتباع شريعته السمحاء ؟.. لا أظن أن لهم بعد ذلك عذر إلا الحقد والتعصب المقيت والمكابرة والكفر وهل بعد الكفر إلا الضلال ...
الدولة العبرية في فلسطين إلى زوال قريب :
إبتدأ هذا الظلم والاستبداد الصليبي الصهيوني عندما أعطى بلفور وزير خارجية بريطانيا وعدا لليهود بإنشاء وطن قومي لهم في فلسطين على اعتبار أن بريطانيا كانت تحتل فلسطين حيث قامت السلطات الإستعمارية البريطانية بأكبر جريمة في التاريخ الحديث وذلك بتوطين اليهود القادمين من كل أنحاء العالم في فلسطين بقوة السلاح وبالجرائم المتكررة ضد الشعب الفلسطيني الأعزل .. ولا يزال الصراع العربي والإسلامي مع دولة الاحتلال الصهيونية في فلسطين العربية المسلمة منذ بدء تنفيذ الجريمة البريطانية في عام 1948 م وحتى هذا اليوم علما بأن دول الغرب الصليبية كلها دون استثناء قامت بدعم هذه الجريمة العنصرية البريطانية منذ نشأتها وحتى هذه اللحظة دعما غير محدود لتصبح إسرائيل أقوى قوة ضاربة في منطقة الشرق الأوسط .. ولكن بعد ستين عاما أو تزيد هل حققت الدول الغربية أهدافها الصليبية الحاقدة ؟.. وهل حققت الدولة العنصرية المحتلة إسرائيل أهدافها ؟.. ثم ماهو مصير هذه الدولة العنصرية المحتلة إسرائيل من خلال الواقع المرير والظلم والاستبداد والطغيان الذي استمر ستين عاما أو تزيد ؟... إن وقائع الأحداث المتواصلة وخلال قرن سابق من الزمان لتشير إلى أن مصير هذه الدولة العنصرية المحتلة المجرمة لابد أن يؤول إلى زوال .. وفي هذا الكلام ربما يتهمني كثير من الناس بأنني واهم وأن الدولة العنصرية المجرمة إسرائيل دولة باقية معترف بها من غالبية دول العالم وهي تحظى بدعم وتأييد لا محدود من أقوى دول العالم عسكريا وماليا واقتصاديا .. ولكني سأقوم هنا بعرض وقائع الأحداث العالمية والإقليمية المشابهة أو المؤثرة في جريمة توطين اليهود في فلسطين الذي قامت به بريطانيا بدعم وتأييد من كل الدول الصليبية الحاقدة وبدعم أيضا من كل أعداء الإسلام في العالم أجمع وفيما يلي أعرض لبعض النقاط الهامة التي ستلعب دورها في المستقبل القريب لزوال هذه الدولة العنصرية المغتصبة المحتلة المجرمة في وقت ليس ببعيد بإذن الله جل وعلا وستعود القدس وحيفا ويافا ونابلس والضفة الغربية كلها وغزة كلها والجليل الأعلى والنقب ومرتفعات الجولان وجبل الشيخ ستعود كل فلسطين دولة عربية مسلمة كما كانت يعيش فيها أبناؤها الأصليون من اليهود والنصاري والمسلمين حياة ملؤها المحبة والتعاون تحت عدل الإسلام وسماحة الإسلام بعيدا عن الظلم والتسلط والاستبداد بعيدا عن القتل والهدم والخراب بعيدا عن العنصرية البغيضة التي يدعوا إليها الإسرائيليون أو الصليبيون الحاقدون وهنا أعود لأتساءل : لماذا أتوقع أن تسير الدولة العبرية العنصرية المجرمة إلى الزوال ؟...
** لأن إسرائيل دولة محتلة .. ولقد أثبت التاريخ الحديث والقديم أن الاحتلال لايدوم ولابد أن يزول في يوم من الأيام .. لقد حاولت دول عظمى أشد وأقوى من إسرائيل أن تبقي على الاحتلال حاولت فرنسا في مستعمراتها الكثيره وهي دولة عظمى ولكنها قشلت أخيرا وسقطت في آخر معاقلها في الجزائر بعد حرب طويلة دامت مئتي عام ولكنها سقطت في النهاية بعد أن قدم الجزائريون مليون ونصف من الشهداء والنهاية كانت خروج الاحتلال وسقوط دولة الاحتلال في الجزائر وفي غيرها من المستعمرات الفرنسية الكثيرة جدا .. وحصل نفس الأمر بالنسبة للإمبراطورية البريطانية التي لا تغيب عنها الشمس حيث تفككت وتساقطت أجزاؤها بسرعة فائقة لم يكن يتصورها عقل عاقل فلقد كانت الامبراطورية البريطانية تحتل الهند والصين وبكستان وبنغلاديش وكثير من الدول العربية والإفريقية والتي يفوق تعداد سكانها ثلث سكان العالم أو ربما أكثر ولكن المصير المحتوم والمؤكد لحق هذه الإمبراطورية فتساقطت كأوراق الخريف وأصبحت بريطانيا اليوم دولة هامشية تابعة ذليلة لا تملك حتى حرية القرار من نفسها وإنما كل قراراتها نابعة من التبعية لأمريكا .. وأمريكا أقوى دول العالم عندما احتلت فيتنام ودامت الحرب الأمريكية المجرمة على فيتنام سنوات طويلة فماذا كانت النتيجة ؟... لقد كانت النتيجة هزيمة المحتل وبقاء حق الشعب الفيتنامي الذي ضحى بالملايين من ابنائه وخرجت أقوى دولة محتلة في العالم مهزومة أمام إصرار الشعب الفيتنامي على طرد المحتلين الأمريكيين .. إذن الاحتلال إلى زوال وإن طال الزمان .. وإن دولة إسرائيل المحتلة المغتصبة ستؤول إلى الزوال أيضا ...
** لأن إسرائيل دولة عنصرية تكرس عنصريتها من خلال كتبها المقدسة التوراة والتلمود وغيرها كما مر معنا سابقا حيث التي تعتبر أن الله خلق جميع شعوب العالم حميرا ليركبها بنو إسرائيل .. أو عبيدا لخدمة بني إسرائيل أو أن اليهود الإسرائيليون هم شعب اله المختار وياقي الناس حيوانات سخرها الله لخدمة شعب الله المختار الإسرائيليين .. إن مثل هذه الأفكار العنصرية المقيتة ربما كانت صالحة منذ آلاف السنين عندما كان الجهل سائدا عند كثير من الناس خاصة وأن اليهود في زمن الرسالة الموسوية كانوا أصحاب رسالة سماوية وقفت أمام الشرك والوثنية وتأليه الفراعنة وغير ذلك .. أما الآن فقد تغيرت الديانة اليهودية وتحرفت حتى وصلت في كثير من عباراتها إلى الوثنية والشرك وارتكست في حمأة العنصرية والظلم فلم يعد هناك مجال للتفاخر والتعالى لأنهم لم يعودوا أصحاب رسالة التوحيد السماوية التي نزلت على نبي الله موسى عليه السلام وإنما أصبحوا كغيرهم من عقائد الشرك والوثنية فلماذا هذه العنصرية المقيتة والتعالي على الناس ؟.. لقد شهد العالم سقوط آخر دولة عنصرية في التاريخ الحديث وهي حكومة جنوب إفريقيا العنصرية رغم الدعم غير المحدود من قبل بريطانيا وبقية الدول الاستعمارية وذلك بعد أن سقطت مبادئ التمييز العنصري في أعتى وأقوى دولة في العالم أمريكا .. ويمكنني هنا أن أقول لقد انتهت عهود العنصرية والتعالي على الناس وأقبلت عهود الحوار والاحترام المتبادل بين شعوب العالم وبدأت الدول المتسلطة الكبرى تقتنع بأن لغة القوة والغطرسة والاستبداد والظلم والطغيان قد انتهى عهدها ولا بد أن تقتنع إسرائيل بعد حربين فاشلتين في جنوب لبنان وفي غزة لم تحقق من خلالها أي هدف معلن أو غير معلن سوى القتل والأشلاء والخراب والدمار وهذا ما سيكون لعنة عليها وإسفينا قويا في نعش زوالها من الوجود ..
** إن القوة في الأمم المتحضرة تستخدم لحماية الحقوق ودحض الظلم والباطل والقضاء على العدوان .. أما في الدول البعيدة عن الحضارة والمدنية والإنسانية فإن القوة تستخدم للسلب والنهب والاغتصاب والاحتلال والعدوان والقتل والخراب والدمار وهذا ماتقوم به الدولة العنصرية في فلسطين المحتلة تطبيقا لتعاليم التلمود .. ولقد سمعنا من حوادث التاريخ عن استخدام القوة في العدوان ولكننا لم نسمع عن قوة أسفت بالعدوان وأخذت ترسم حدود الدول بالقوة وحدود العلاقات الدولية بمنطق القوة وأخذت تتحكم بالعقائد والأديان بمنطق القوة وأخذت توجه ثقافة الناس وأفكار الناس بالقوة وأخذت تفرض مناهج الدراسة والتعليم وبرامج الإعلام بالقوة والعادات الاجتماعية والتقاليد المرعية بالقوة وتريد أن تصوغ كل هذا بالقوة لخدمة مصالحها وشهواتها .. وأخذت تنشر أخلاقها ومفاسدها وعاداتها الشريرة بالقوة .. وأخذت تتحدى كل الأعراف المنطقية والإنسانية والدولية بالقوة .. وأخذت تحتكر أسلحة الدمار الشامل وتمنع أية دولة تريد امتلاك مثل هذه الأسلحة بالقوة .. بل أكثر من ذلك فقد أخذت تحتكر القوة فلا تسمح لأحد أن يمتلك أي مصدر من مصادر القوة .. ولكن رغم كل هذا فإن هذه القوة الغاشمة المجرمة لابد وأن تنقلب عليها في يوم من الأيام لأن هذه القوة بجنونها وغرورها وصلفها وعدوانها لابد وأن تدمر نفسها في يوم من الأيام وهذا ماحصل لكل الطغاة والعتاة والظالمين على مدار التاريخ ...
** الصراع الدائم على السلطة بين العلمانيين والمتدينين المتعصبين من اليهود خاصة وأن مبادئ الدولة الإسرائيلية قامت على أسس دينية يهودية .. حيث نجد تسلط العلمانيين اللادينيين على السلطة في فلسطين المحتلة منذ أن قامت الدولة اليهودية المحتلة .. أما الأحزاب الدينية العنصرية المتشددة أو المتعصبة فقد كانت مهمشة ولم تتسلم مقاليد الحكم في إسرائيل أبدا منذ تأسيس دولة الاحتلال الصهيوني .. والحكومات الإسرائيلية المتعاقبة كانت تقوم بإرضاء هذه الأحزاب الدينية المتعصبة ببعض المناصب والحقائب الوزارية لتأمن الصدام معهم .. ولكن رغم كل شيء فإن هذه الأحزاب الدينية المتعصبة غير راضية عن النهج الذي تقوم به الحكومات المتعاقبة وهناك صراع خفي بينها وبين العلمانيين المتسلطين على الحكم في الكيان الإسرائيلي .. إن هذا الصراع الخفي حاليا والذي ربما ينفجر في أية لحظة سيكون له أثر كبير في انهيار الدولة العنصرية المحتلة إسرائيل .. خاصة وأن النهج الذي يتبعه المتدينون المتعصبون هو نهج صدامي عنيف ربما يؤدي إلى سقوط هذه الدولة العنصرية المحتلة وهنا أريد أن أسوق شاهدا على ذلك ألا وهو قيام اليهودي عامير باغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق المجرم مناحيم بيجن وذلك لمنع عملية التقارب مع الفلسطينيين التي اقتنع بها بيجن بعد حرب طويلة مليئة بالجرائم البشعة مليئة بدماء الأبرياء .. ففي حوار مع رئيسة الوزراء الإسرائيلية السابقة " غولد مائير " حيث سئلت عن أصعب يوم مر في حياتها ؟.. فقالت : ( كان يوم إحراق المسجد الأقصى من قبل المعصبين اليهود حيث كنت أتوقع ثورة إسلامية عارمة تهب لنصرة المسجد الأقصى وتقتلع إسرائيل من جذورها ) .. وسئلت سؤالا آخر تعقيبا على جوابها هذا .. وما هو أسعد يوم في حياتك ؟... فأجابت : ( عندما انتهت هذه الأزمة دون أي أثر سلبي على إسرائيل ) .. إن هذا التفكير العلماني من قبل غولد مائير وأمثالها يواجهه في المقابل تفكير ديني متطرف ومتعصب لا بد أن يؤدي في يوم من الأيام إلى صدام قوي يكون أحد أسباب سقوط الدولة العبرية المحتلة ..
** الصراع الدائم بين اليهود الغربين الأشكيناز والسيفار وغيرهم واليهود الشرقيين مثل يهود الفلاشا ويهود الهند واليهود القادمين من الدول العربية حيث نجد أن معظم السلطات مركزة في يد اليهود الغربيين دون إعطاء أية فرصة لوصول اليهود الشرقيين إلى السلطة .. والأكثر من ذلك وجود التعالي والتكبر من قبل اليهود الغربيين واعتبار الشرقيين من درجة وضيعة منحطة أو اعتبارهم من الأحيان ليسوا يهودا حقيقيين .. إن هذا الصراع في الوقت الحاضر نائم بسبب قلة نفوذ اليهود الشرقيين ولكن لابد وأن يكون له أثر مدمر للكيان الصهيوني في المستقبل القريب ..
** المشكلة الديموغرافية السكانية تعتبر من أهم عوامل السقوط والانهيار للكيان الصهيوني .. فرغم كل موجات التهجير والإمكانات المقدمة للمهاجرين اليهود فإن زيادة السكان في الدولة العبرية المحتلة تكاد تكون معدومة أو ربما سلبية في بعض الأحيان في حين التزايد الهائل في عدد السكان في المحيط الفلسطيني والعربي والإسلامي بشكل عام .. يقول اليهودي " يوري بنيري " : ( إن إسرائيل ليست دولة ديمقراطية وإنما دولة ديموغرافية .. والمشكلة الإسرائيلية تكمن في تزايد عدد العرب وتناقص عدد اليهود ) ..
فلو أخذنا توزع الفلسطينيين فقط نجد على النحو التالي :
ـ في غزة حوالي ثلاثة ملايين نسمة
ـ في الضفة الغربية حوالي ستة ملايين نسمة
ـ في فلسطين المحتلة حوالي مليونين ونصف نسمة
ـ في بقية دول العالم ينتشر ما لايقل عن إثنا عشر مليون فلسطيني
أما عن التزايد السكاني فيعتبر الفلسطينيون من أكثر شعوب العالم في نسبة التزايد السكاني حيث نجد أن أقل عائلة فلسطينية تضم ستة أشخاص بينما هناك بعض العوائل التي يصل عدد أفرادها إلى أكثر من عشرة أشخاص .. إضافة إلى أن جواز تعدد الزوجات في الإسلام دفع كثيرا من الرجال من الزواج من أكثر من واحدة خاصة اللواتي فقدن معيلهن في الحرب الطاحنة مع الإسرائيليين وهذا الأمر يزيد من نسبة التزايد السكاني بين الفلسطينيين .. إننا لو وضعنا نسبة متفائلة في التزايد 3 % سنويا لكانت زيادة عدد الفلسطينيين خلال عشرة أعوام أكثر من عدد جميع الإسرائيليين .. هذا عن الفلسطينيين فماذا عن عدد العرب المحيطين بإسرائيل ؟.. المعادلة هنا ستكون مستحيلة الحل ذلك لأن عدد اليهود في فلسطين المحتلة لا يتجاوز خمسة ملايين وهذا العدد يتناقص بدلا من أن يزداد والعرب المحيطين بفلسطين المحتلة عددهم الآن يتجاوز 270 مليون نسمة وسيصل عددهم خلال عشرين عاما إلى أكثر من خمسمئة مليون نسمة .. ولقد أثبت التاريخ أن العداء بين العرب والإسرائيليين لا يمكن أن ينتهي أو يتحول إلى تطبيع وتعايش سلمي مادامت عقيدة اليهود في كتبهم المقدسة تعتبر غير اليهود حمير خلقهم الله ليركبها شعب الله المختار..
** إن وجود ثلاثة ملايين الفلسطينيين والسوريين في الجزء المحتل من فلسطين والذين يحملون الجنسية الإسرائيلية ويتكاثرون بشكل كبير ملفت للنظر في مقابل الإسرائيليين الذين يتزايدون بشكل بسيط أو أحيانا يتناقصون سيؤدي وخلال مدة لا تزيد على عشرين عاما إلى أن يصبح الإسرائيليون أقلية حتى في الجزء المحتل من فلسطين وبالتالي ستنهار الفكرة الأساسية التي بنيت عليها الدولة العبرية المحتلة وهي العنصرية اليهودية وبالتالي ستنهار الدولة العبرية في مدة لا تزيد على العشرين عاما على أبعد تقدير .. ولهذا السبب فقد ظهرت الدعوات العنصرية والنظريات الاستراتيجية والخطط التي تدعوا إل تفريغ الجزء المحتل من فلسطين من العرب والفلسطينيين وتوطينهم في مناطق خارج الكيان الصهيوني المحتل وهذا أيضا لن يحل المشكلة ذلك لأن دولة بعدد بسيط جدا من السكان لن تكون إلا دولة هامشية لا ثقل لها على الصعيد الإقليمي والدولي ويحيط بها عدد هائل من الناس المعادين لها الرافضين لوجدوها .. وهذا سيؤدي إلى انكماشها وتضاؤلها وانحسارها عن ساحة الأحداث الدولية مهما امتلكت من قوة فإنها لن تستطيع أن تحقق مركزا إقليميا ودوليا معتبرا .. إنها لو قامت بهذا المخطط الإجرامي في المستقبل فإنها سوف تبحث عن عمال ومهندسين واقتصاديين وعلماء كمبيوتر وخبراء صيانة وتشغيل لمصانعها ومؤسساتها فلن تجد ذلك في المستقبل .. لا شك أن مستقبل الكيان الصهيوني مستقبل مظلم من كافة النواحي ..
** انخفاض عدد المهاجرين فبعد أن وصل عدد المهاجرين اليهود في أعلى معدل للهجرة من الاتحاد السوفياتي أكثر من مئة ألف في الشهر الواحد .. انخفضت إلى أقل من ( 230 ) شخصا في الشهر الواحد في الوقت الحالي وهذا الأمر سبب قلقا مستديما للسلطات الإسرائيلية المحتلة وهذا أحد الأسباب الرئيسية لانهيار الدولة العبرية المحتلة ...
** الهجرة المعاكسة فقد أصبح اليهودي الأمريكي والبريطاني والفرنسي والهولندي والإسباني وحتى الروسي والبولندي يتساءل مالذي يبقيه في دولة الإحتلال الإسرائيلي مع الحروب والقلاقل والقذائف ؟.. مالذي يجعله يتحمل الرعب والضرر والصواريخ والاختطاف والاغتيال والانفلات الأمني وحالة الطوارئ المستديمة ؟.. مالذي يجعله يتحمل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة كل يوم ؟.. علما بأن حياته في موطنه الأصلي معززا مكرما خاصة وأن كثيرا منهم يملكون الأموال الطائلة والذين لا يملكون باستطاعتهم العمل في كل مجال خاصة في المجالات الإباحية والنوادي الليلية والقمار وغيرها من المجالات التي هم بارعون بها .. مالذي يبقيه في بلد الاحتلال الصهيوني بعد أن فشلت الدولة العبرية في إنشاء الفردوس الذي كانت تعدهم به وابدلتهم عن الفردوس جحيما وقنابل وصواريخ وقنابل بشرية يمكن أن تنفجر في أي وقت ليذهب ضحيتها المئات ؟؟... لاشك أن هذه التساؤلات التي أصبحت هم كثير من الإسرائيليين في الوقت الحاضر قد دفعت عددا كبيرا منهم إلى الهجرة المعاكسة والعودة إلى بلادهم الأصلية .. إن الأرقام الرسمية للهجرة المعاكسة هي أرقام سرية ولكن رغم هذه السرية والكتمان فإن هناك بعض المقالات التي تتسرب بين الحين والآخر من الصحف الإسرائيلية أو الغربية تفيد أن من بين كل إثنين من المهاجرين الإسرائيليين يهاجر الثالث هجرة معاكسة ويعود إلى بلده الأصلي سواء كان ذلك بشكل دائم أو بشكل جزئي أو بشكل مؤقت وهذا يعني أن الهجرة المعاكسة تعادل على الأقل 30 % من مجموع المهاجرين اليهود .. فهل بعد هذه الكارثة من كارثة ؟.. لاشك أن الدولة العبرية المحتلة تسير نحو الزوال بخطى سريعة جدا ربما أكثر مما نتصور ..
** عدم التزام النشء الجديد رغم قلته بالفكر اليهودي العنصري أو الديني لقد انتشرت الأفكار العلمانية والتوجهات الإباحية والانغماس في اللهو والجنس حتى أن كثيرا من الفتيات اليهوديات أصبحن لا يمانعن من الزواج من الفلسطينيين الذين يعتبرون أعدى أعدائهم التقليدين أما التعاليم التوراتية والتلمودية والأبحاث الدينية فقد أصبحت إلزامية في المدارس ولولا هذا الإلزام فلن تجد إلا القليل من الإسرائيليين من يقرأ أو يدرس هذه الكتب الدينية .. لقد أصبحت دور العبادة اليهودية خاوية إلا من كبار السن تماما كما هو الحال في كنائس النصارى وابتعد الشباب والأطفال عن التعاليم الدينية والعبادات اليهودية إلا ما كان تحت ضغط العائلة أو إلزام المدارس والمعاهد .. وهذه الظاهرة موجودة في كل الديانات السماوية منها أو الوثنية إلا أنها في المسيحية أكثر وضوحا تليها اليهودية ثم الإسلام .. إن ابتعاد النشء الجديد عن الفكر اليهودي الذي بنيت على أساسه دولة إسرائيل المحتلة هو أحد أسباب انهيار الدولة العبرية في المستقبل القريب ..
** ابتعد النشء الجديد عن السياسة إلى حد بعيد ولم يعد يهتم بالسيلسة إلا وقت الإنتخابات .. ولم تعد الأحزاب تحقق أعلى حد من الرفاهية الاجتماعية والمصالح الفردية حتى ولوكان ذلك على حساب المبادئ الدينية اليهودية المتطرفة التي بنيت الدولة اليهودية على أساسها .. والجدير بالذكر أن الأحزاب الدينية لم تستطع الوصول إلى السلطة واستلام زمام الحكم في إسرائيل منذ قيام دولة إسرائيل المحتلة ..
** لقد قامت الدولة العبرية المحتلة أول ما قامت على سطوة العصابات الإجرامية المدعومة من بريطانيا دعما لامحدودا مثل عصابة شتيرن وعصابة الهاغانا وعصابة الأرغون وغيرها من العصابات الإجرامية والتي كان يتزعمها زعماء إسرائيل أمثال مناحيم بيغن وشيمون بيريز وآرييل شارون وغيرهم من الزعماء الإسرائيليين حيث قامت هذه العصابات بأبشع الجرائم في حق السكان الفلسطينيين العزل وذلك بدعم مباشر من البريطانيين المحتلين آنذاك وبذلك تكون بريطانيا قد قامت بأبشع جريمة في التاريخ الحديث بدعمها للعصابات الإجرامية التي قتلت مئات الآلاف من الآمنين العزل من الأطفال والنساء والشيوخ والشباب .. ولكن بعد أن قامت بريطانيا بتمكين الصهاينة المغتصبين من مقاليد الأمور خططت لهم لإنشاء جيش قوي أسموه كذبا وزرا بجيش الدفاع الإسرائيلي بينما هو جيش الجرائم الإسرائيلي هذا الجيش بدأ بدعم لامحدود من البريطانيين في بداية الأمر ولكن عندما أفل نجم البريطانيين وتفتت امبراطوريتهم إلى أشلاء ممزقة وركنوا إلى الظل في ميزان الحضارة ورضوا أن يكونوا تابعين ذليلين للقوة الأمريكية الصاعدة عندها انتقل دعم إسرائيل إلى الولايات المتحدة الأمريكية والتي كانت أول دولة تعترف بالكيان الصهيوني كدولة تبعها في الاعتراف الاتحاد السوفياتي السابق .. إن انتقال الملف الصهيوني إلى الإدارة الأمريكية يعتبر حدثا هاما في تاريخ الدولة العبرية المحتلة حيث قامت الولايات المتحدة بدعم مادي وعسكري هائل لإنشاء ما يسمى جيش الدفاع الإسرائيلي الذي لا يقهر فقامت بتجهيز هذا الجيش بأحدث وأفتك الأسلحة وظن الإسرائيليون أنهم بهذا الجيش الجبار سيسيطرون على المنطقة بأسرها وسيوسعون دولتهم حتى تصل إلى الحلم القديم ( من الفرات إلى النيل ) .. ولقد قام هذا الجيش وعلى مدى ستين عاما بأبشع الجرائم في حق الإنسانية وكان الإسرائيليون متحمسون لهذا الجيش الجديد إلا أنه في الآونة الأخيرة بدأ الخور والخوف يدب في أوصال هذا الجيش وبدأ عزوف الشباب الإسرائيلي عن الإنخراط في الجيش يستشري بشكل كبير وذلك بسبب الأخطار المحدقة أولا وبسبب عدم القناعة في الخطة والهدف والنتائج التي نتجت عن كل الحروب الطاحنة التي قامت بها الدولة العبرية المغتصبة .. حيث احتلت إسرائيل سيناء ثم أعادتها واحتلت غزة وبنت فيها مستوطنات وزرعت فيها ألوف اليهود ثم خرجت منها صاغرة ودمرت المستوطنات التي بنتها وهجرت المستوطنين الذين زرعتهم هناك احتلت مدينة القنيطرة وانسحبت منها وسوف تضطر للانسحاب من الجولان وجبل الشيخ السوري احتلت الضفة الغربية ثم انسحبت منها بعد أن وضعت حكومات عميلة فيها والآن تتفاوض على إنشاء دولة فلسطينية فيها .. قامت بحرب جنوب لبنان وفشلت فشلا ذريعا في إيقاف الهجمات الصاروخية على شمالها .. قامت بحرب ضد غزة ولم تحقق أي شيء سوى الخراب والدمار لم تستطع حتى تحرير الجندي المعتقل لدى الفلسطينيين وهكذا وجد المواطن الإسرائيلي المضلل أن هذا الجيش الذي لايقهر لم يحقق أي هدف من الأهداف الاستراتيجية الهامة خلال تاريخه الطويل سوى الخراب والدمار وقتل الأبرياء العزل من الأطفال والنساء والشيوخ وتدمير المساجد والمدارس والمستشفيات والجامعات فهل هذه أهداف دولته العبرية التي وعدتهم بالفردوس الذي تجري من تحته الأنهار ؟!!!.. لقد بدأ الفرد الإسرائيلي يتساءل وحق له أن يتساءل عن هذا الجيش الذي لايقهر والذي لم يستطع أن يؤمن للإسرائيليين حتى مجرد الأمن والسلامة في مدنهم وفي بيوتهم .. الصواريخ تتساقط عليهم والقذائف تدمر بيوتهم والعمليات الفدائية التي تستهدفهم صباح مساء في أسواقهم ونواديهم وحافلاتهم وناقلاتهم .. لقد بدأ المواطن الإسرائيلي يتساءل عن هذا الوهم الذي يسمونه الجيش الذي لا يقهر ولكنه في المقابل لا يستطيع أن يحقق أي هدف استراتيجي على الأرض .. لذلك ظهرت بوادر العزوف عن الانخراط في الجيش الذي لايقهر وبدأ الهروب من الخدمة الإلزامية والاحتياطية لجيش لا هدف له إلا الخراب والدما والقتل والدماء تنفيذا لتعاليم التلمود العنصرية المجرمة .. إن عزوف المواطن الإسرائيلي عن هذا الجيش وعدم ثقته به يعتبر أحد المعاول الرئيسية التي ستؤدي إلى سقوط وانهيار الدولة العبرية في وقت ليس ببعيد ...
** تعلق شباب اليهود في الدولة العبرية المحتلة بالمقاهي والنوادي والمتع الجسدية والفسق والفجور وابتعادهم عن الأمور الأساسية التي بنوا دولتهم من أجلها فلم تعد تجد إلا القلة القليلة المتدينة والمتعصبة للديانة اليهودية ولم تعد الديانة اليهودية ترضي طموحاتهم وأحلامهم ..
** إزدواجية الولاء حيث لم ينجح الصهاينة حتى هذه اللحظة في تذويب المهاجرين اليهود في الدولة العبرية وطمس معالم جذورهم وجنسياتهم الأصلية .. فبعد ستين عاما من الاحتلال الصهيوني لفلسطين لايزال الولاء للدولة الأصلية سواء كانت أوربية أوغربية أو شرقية راسخا في أذهان غالبية الشعب اليهودي في فلسطين المحتلة وعند أي خطر أو هزة عنيفة نجد كثيرا منهم يهربون إلى أوطانهم الأصلية .. إن جوازات السفر والجنسيات التي يحملها الإسرائيليون تعد مسمارا جديدا في نعش الكيان الصهيوني .. إن ازدواجية الولاء التي يحملها الإسرائيليون تعد أكبر خطر يهدد الدولة العبرية المحتلة وهذا ما لاحظناه في فترة حرب غزة حيث قام كثير من اليهود المتاخمين لقطاع غزة بطلب اللجوء إلى كندا نتيجة الصواريخ البسيطة التي سماها الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالصواريخ العبثية والتي كانت تسقط عليهم فما بالك لو كانت هذه الصواريخ صواريخ حربية فعلية ...
** لقد ثبت أخيرا أن المهاجرين إلى الدولة العبرية المحتلة ليسوا كلهم يهودا وإنما هاجر من روسيا خاصة إلى إسرائيل أعداد كبيرة من النصارى الشرقيين الأورثوذوكس وأصبح لهم كيان مستقل في الدولة العبرية المحتلة سيؤدي إلى أضرار أكبر للإسرائيليين اليهود في المستقبل القريب .. لقد أصبحت لهم طقوسهم المستقلة وكنائسهم المستقلة إضافة إلى النصارى الأصليين والنصارى المهاجرين من دول أخرى .. وهذه المجموعات لا يمكن أن تلتزم بالفكر الصهيوني أو التعاليم اليهودية التوراتية أو التلمودية إضافة إلى العرب المسلمين والدروز السوريين الذين لايزالون يشكلون جيوب معارضة للفكر الصهيوني وللدولة الصهيونية بشكل عام وهذا يشكل حالة عدم تجانس سكاني خطيرة في الدولة العبرية المحتلة سيكون لها أكبر الأثر في انهيار الدولة العبرية ...
** مشكلة العمالة حيث نجد الدعم التكنولوجي غير المحدود للدولة العبرية من قبل الغرب والشرق وإنشاء صناعات متطورة في الدولة العبرية المحتلة وهذا التقدم العلمي والتكنولوجي والإنشائي يحتاج إلى عدد كبير من العمال وهذا بالطبع غير متوفر الآن بشكل ملفت للنظر .. ولقد كانت الدولة العبرية تسد هذا النقص من العمالة من الفلسطينية المتواجدة في الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين وذلك بإعطاء تصاريح عمل داخل الأرض المحتلة ولكن بعد بدء الانتفاضة وبعد السياسة القمعية التي تمارسها الدولة العبرية المحتلة أصبح العمال الفلسطينيون يشكلون خطرا استراتيجيا كبيرا .. وبالتالي وقعت الدولة العبرية في أزمة عمالية كبيرة .. أضف إلى ذلك أن الدول العربية المحيطة رغم عمليات التطبيع الظاهرية فإننا لم نجد عاملا عربيا واحدا يرضى بالذهاب للعمل في فلسطين المحتلة رغم وجود فرص عمل كبيرة ومغرية في الدولة العبرية المحتلة إلا بعض نصارى لبنان وهم قلة قليلة لا يمكنها أن تسد هذا الخلل الهائل ...
** إن موضوع الجدار العازل الذي قامت ببنائه الدولة العبرية المحتلة هو سلاح ذو حدين .. صحيح أنه أضر بالفلسطينيين ضررا بالغا إلا أنه جعل الدولة العبرية أشبه ماتكون بمسكن كبير بأسوار عالية وقوية صحيح أنه يمنع المعتدين إلا أنه يجعل السكان يعيشون في سجن كبير .. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن مصلحة إسرائيل في التطبيع مع الأوساط المجاورة فكيف يمكن التطبيع وهي في سجن كبير مثل هذا السجن .. إن هذا السور العازل سيسبب العديد من الأضرار والمشاكل والمساوئ للكيان الصهيوني ستكتشفها الدولة العبرية المحتلة فيما بعد وستقوم هي نفسها بهدم هذا السور العازل في القريب العاجل .. أضف إلى ذلك أن هذا السور سيكون سور حماية للمقاتلين الفلسطينيين المتسللين عبر أنفاق تحت هذا السور فهل ستقوم إسرائيل بهدم السور ووضع ألواح فولاذية سميكة جدا وعلى عمق عشرين أو ثلاثين متر ثم بعد ذلك تعيد بناء السور مرة أخرى والذي يمتد آلاف الكيلو مترات كما فعلت حكومة مصر الذليلة على حدودها مع غزة
** على الرغم من أن الدولة العبرية هي دولة عنصرية مجرمة في حق الشعوب المجاورة إلا أن ازدياد معدل الجرائم داخل الكيان الصهيوني أصبح يهدد أمن وسلامة هذا الكيان فقد لوحظ في الفترة الأخيرة ازدياد معدل الجريمة من قبل الإسرائيليين أنفسهم وهذا يشكل خطرا داخليا قد يكون أكثر خطرا من العدو الخارجي للدولة العبرية في المستقبل ...
** إن الدولة العبرية وبعد ستين عاما من قيامها لا تمتلك اقتصادا حقيقيا مستقلا فهي لا تزال دولة قائمة على المساعدات التي تقدمها الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية .. وأنا أتساءل ماهو مصير دولة تعيش على الدعم الخارجي .. وما هو مصير هذه الدولة إذا توقف هذا الدعم الخارجي خاصة وأن الولايات المتحدة الداعم الرئيسي للكيان الصهيوني والدول الغربية بشكل عام تمر الآن بأزمات اقتصادية خانقة وهذا سينعكس بشكل أو بآخر على حجم المساعدات الغربية للدولة العبرية المحتلة .. أضف إلى ذلك الوضع الإقتصادي الخانق والذي يسير نحو التدهور يوما بعد يوم رغم كل المساعدات الهائلة التي تتلقاها الدولة العبرية من دول الغرب .. لقد أصبح معدل الفقر والسكان الذين يعيشون تحت خط الفقر في الكيان الصهيوني يزيد على 20 % من السكان .. فإذا اعتبرنا عدد السكان في فلسطين المحتلة من جميع الطوائف ( 7 ) ملايين نسمة فإن ( 1,4 ) مليون نسمة يعيشون تحت خط الفقر واردهم أقل من دولارين في اليوم .. وتفيد الأنباء الصحفية والتقارير الديموغرافية أن أكثر من ( 40 % ) من سكان الدولة العبرية المحتلة عجزوا عن تغطية نفقاتهم الشهرية واحتاجوا إلى مساعدة الدولة وأن كثيرا منهم عجزوا عن تسديد الأقساط الشهرية لبيوتهم إلى البنوك المحلية في الدولة العبرية المحتلة ...
** إن الدولة العبرية المحتلة وبعد ( 60 ) عاما لا تزال تشكل جيبا استيطانيا غريبا ومرفوضا بشكل كامل من كل الأوساط المحيطة بالدولة العبرية رغم كل محاولات التطبيع ورغم كل الضغوط المفروضة على الدول المجاورة ...
** رغم كل القوانين الدولية التي أعطت الكيان الصهيوني شرعية دولية قانونية إلا أن الدولة العبرية المحتلة لا تملك حتى هذه اللحظة الشرعية الحقيقية لأنها لاتزال تعتبر في جميع الأوساط العربية والإسلامية وكثير من الدول الأخرى بأنها دولة عنصرية محتلة يجب أن تزول ولو بعد حين .. لأن الشرعية واقع فعلي وليس قرارا تصدره الأمم المتحدة بعيدا عن هذا الواقع الفعلي ...
** رغم أن الوضع الحالي غير مستقر والدولة العبرية بحاجة ماسة إلى زيادة عدد أفراد الجيش وعدد أفراد قوى الأمن المختلفة إلا أن حكومة الكيان الصهيوني نتيجة سوء الحالة الاقتصادية تقوم الآن بتخفيض عدد أفراد الجيش والشرطة وأن الجنود المسرحين من الجيش لم يحصلوا على مكافآت نهاية الخدمة .. ونظرا للحالة الاقتصادية المتدهورة فإن السلطات هناك قامت بتخفيض نفقات عمليات الإجهاض للمجندات الحوامل .. كما أن هناك توجه كبير من المجندات إلى الحمل طمعا في أخذ إجازة أمومة طويلة والهروب من أعباء الخدمة العسكرية أو الأمنية ...
** إن نقص العمالة بشكل مريع وتهديد التنظيمات العمالية وعلى رأسها الهيستيدروت بالاضراب والتوقف عن العمل نتيجة الحالة الاقتصادية السيئة ونتيجة مطالبة العمال بتحسين ظروف عملهم ورواتبهم بين الفترة والأخرى سيؤدي إلى شلل كامل أو جزئي في اقتصاد الكيان الإسرائيلي ..
** إن هروب رؤوس الأموال من الكيان الصهيوني إلى الخارج نتيجة الأوضاع الاقتصادية والأمنية غير المستقرة أو المتدهورة والتي تقدر بأكثر من ( 3 ) مليار دولار تهرب سنويا خارج الكيان الصهيوني للإستثمار في مناطق آمنة سيؤدي بالاقتصاد الصهيوني إلى الركود أو الانهيار في وقت قريب خاصة إذا ما استمر الصدام المسلح والعمليات الفدائية في الأراضي المحتلة ...
** إن الكيان الصهيوني يتهرب من تطبيق وتنفيذ القرارات الدولية بدعم غير محدود من الولايات المتحدة الأمريكية ولكن إلى متى سيظل دعم الولايات المتحدة للظلم والإجرام الصهيوني .. إن تطبيق قرارات الأمم المتحدة والمحاكم الدولية بشكل كامل سيعجل بسقوط الدولة العبرية وذلك للكم الهائل من الجرائم والقرارات الدولية الصادرة ضد الكيان الصهيوني ...
** الدكتور عزمي بشارة عضو البرلمان الإسرائيلي عن العرب الدروز فقد قام ببحث سماه ( قراءة يوم واحد في عناوين الصحف الإسرائيلية ) .. فكانت النتيجة ارتفاع موجة الفساد وارتفاع نسبة الجريمة وازدياد المشاكل الاجتماعية والاقتصادية فكان تعليقه على ذلك قوله : ( لقد أمسك الفساد بمجد إسرائيل من كافة أطرافه ) ...
** ارتفاع مستوى اللامبالاة والإهمال والكسل حتى أن جيل الشباب الإسرائيليين أصبح يسمى ( جيل إكسبريسو ) حيث أصبح جيل الشباب عندهم يميل إلى اللهو والمقاهي ودور اللهو والأندية الليلية ومواطن الفسق والفجور والجنس وغيرها والابتعاد عن مجالات العلم والمعرفة والتكنولوجيا والابتعاد عن الانخراط في الجيش أو قوى الأمن وهذا سيعجل بانهيار الدولة العبرية لفقدان الشباب الذين يحملون الفكر والمبادئ التي قامت على أساسها الدولة العبرية المحتلة ...
** الابتعاد أو التخلي وبشكل كبير عن تعاليم التوراة والتلمود في المجتمع الإسرائيلي حيث أصبحت الأحزاب العلمانية اللادينية هي الحاكمة في المجتمع الإسرائيلي أما الأحزاب الدينية أو الأشخاص اليهود المتدينون فأصبحوا أفلية في مجتمع قام أصلا على هذه المبادئ .. لقد انتهى مفهوم أرض الميعاد وانمحى من عقول الجيل الجديد وحل محله المصالح المادية والاقتصادية ومستوى الرفاهية والبحث عن المال والثراء بأية طريقة كانت وهذا ديدن اليهود منذ قدم التاريخ حبهم وجشعهم إلى المال ...
** الحلم الصهيوني من الفرات إلى النيل ومن جبال طوروس إلى الجزيرة العربية قد أصبح خيالا ووهما لم يعد يقنع حتى اليهود أنفسهم ذلك لأن الإنسياح الأفقي والتوسع في البلاد المجاورة سيؤدي إلى الانهيار الكامل للدولة العبرية .. لأن اليهود وخلال ستين عاما من الزمن لم يستطيعوا ملء واستيعاب والسيطرة الكاملة على حزء من فلسطين فكيف بهم إذا قاموا بالتوسع في الأراضي المجاورة ؟.. لاشك أنهم سيصبحون هملا في هذا الخضم السكاني الهائل المحيط بهم من كل جانب .. ومن هذا القبيل نجد أنهم انسحبوا من سيناء رغم أن لهم بها أحلاما تاريخية وانسحبوا من غزة وانسحبوا من الضفة الغربية وانسحبوا من مدينة القنيطرة وهذا يشكل انهيارا لنظريتهم الأساسية التي أقاموا عليها دولتهم العنصرية ...
** إن الهجمة الديموغرافية العربية تلاحقهم في عقر دارهم فرغم كل المحاولات اليائسة فإن العرب الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية أصبحوا يشكلون أكثر من (15 % ) من السكان وهذا العدد قابل للتزايد بسرعة هائلة حيث من المتوقع أن تصل هذه النسبة إلى أكثر من ( 25% ) خلال مدة لا تزيد على خمسة عشر عاما .. وأعداد الفلسطينيين في الضفة والقطاع يتزايدون وبشكل مخيف .. أما الطوفان السكاني العربي الرافض حتى مجرد فكرة التطبيع مع الكيان الصهيوني رغم كل المحاولات اليائسة لإرساء عملية التطبيع .. إن توقيع معاهدات السلام مع الدولة العبرية المحتلة وإقامة علاقات دبلوماسية مع الكيان الصهيوني لم يحرز أي تقدم في مجال التطبيع المنشود حيث لاتزال السفارة الإسرائيلية في مصر أو في عمان أو في أي بلد آخر معزولة تماما ومحاطة باحتياطات أمنية مشددة خشية تعرض السفارة إلى أعمال عنف وأن السفير الإسرائيلي يعيش في سجن يسمى السفارة الإسرائيلية ولا يستطيع مجرد التنقل في أحياء القاهرة أو عمان دون حراسة مشددة .. فأي تطبيع هذا الذي يحلمون به .. إن الحلم الإسرائيلي بدولة من الفرات إلى النيل أصبح وهما وخرافة حتى عند اليهود أنفسهم وخاصة النشء الجديد من الشباب القنع الخانعين ...
** إن عملية زواج اليهوديات من الفلسطينيين بعد أن عزف شباب اليهود عن الزواج وانخرطوا في العبث واللهو والإباحية الجنسية أصبح يهدد باختراق الشعب اليهودي في أبنائه ومجتمعه وأصبحت هذه الظاهرة مصدر قلق فعلي على الرغم من خطة الكيان الصهيوني بإرساء قواعد التطبيع مع العرب ومع الفلسطينيين وعلى الرغم من معارضة الفلسطينيين للزواج من اليهوديات إلا أن ظاهرة التزاوج بين شباب فلسطينيين مسلمين أو مسيحيين من فتيات يهوديات أصبحت ظاهرة مقلقة لكل من الطرف الفلسطيني والإسرائيلي على حد سواء خاصة وأن زواج المسلم من فتاة يهودية أو نصرانية جائز في الشرع الإسلامي بعكس زواج المسلمة من رجل كتابي فهو محرم شرعا ...
** لقد عارض كثير من اليهود والحاخامات المتعمقين بالديانة اليهودية إقامة دولة يهودية في فلسطين لأن قيام هذه الدولة سيؤدي إلى إبادة اليهود بشكل كامل وهذه المعلومات ربما استقوها من كتبهم المقدسة أو من القرآن الكريم أو من السنة النبوية المطهرة .. ولا يزال العديد من الحاخامات اليهود في الدول الغربية عندهم هذه النظرة التشاؤمية وهذا مانسمعه بين فترة وأخرى في الصحافة العالمية .. نشرت صحيفة يديعوت أحرانوت بتاريخ ( 14 / 9 / 2005 ) مقالا متشائما عن مصير إسرائيل ومصير اليهود بشكل عام للكاتب إيتان هبر يقول فيه : ( نتواجد كلنا داخل سفينة واحدة في بحر عاصف .. وسنترك للأيام المقبلة الإجابة عن التساؤل عما إذا كانت السفينة سترسو على شاطئ الأمان أم أنها ستتحطم إلى شظايا على الصخور .. تدخل دولة إسرائيل السنة العبرية المقبلة وهي تحمل على كتفها إن لم يكن ألفي عام فعلى الأقل ستة وخمسون عاما .. دولة اليهود في هذه الأيام يتم ضغط كل مانفذته من دم وعرق .. كل ساعاتها الجميلة ولحظاتها القاسية .. كل دموعها وابتساماتها .. كل حروبها وانتكاساتها .. وتتكبسل داخل كبسولة اسمها برشامة الإنتصار .. ليس هذا هو الزمان والمكان المناسبين عشية العيد ) ...
ويقول المفكر الاستراتيجي الصهيوني " فان كريفلد " في مقال تحت عنوان موت إسرائيل البطيء نشر في شهر مارس عام 2004 في صحيفة ها آرتس الإسرائيلية يقول فيه : ( إذا استمرت إسرائيل في احتلال الضفة الغربية والقطاع فستنتهي كدولة .. يجب أن تنسحب إسرائيل من الضفة الغربية والقطاع وأن تبني حائطا شاهقا على حدود عام 1948 م يفصل بين إسرائيل والفلسطينيين لا يمكن للطيور أن تعبره ) ... وهكذا نجد أن شارون قام بتنفيذ وصية كريفلد فانسحب من قطاع غزة ثم نفذ وصيته الأخرى ببناء الجدار العازل وكان يفكر بالانسحاب من عدد من مدن الضفة الغربية .. ترى من هو الأقوى في هذه المعادلة الصعبة اليهود الإسرائيليون المدججون بالسلاح أم الحق العربي الفلسطيني الذي لا يمتلك أي سلاح .. هذا ولقد قام فان كريفلد بإصدار كتاب كامل عن نهاية إسرائيل باللغة الهولاندية وترجم إلى الإنكليزية .. لقد أصبح اليهود يتأكدون يوما بعد يوم أن هجرتهم إلى ما يسمى أرض الميعاد أو أرض الأحلام ليست نزهة أو رحلة سياحية .. لقد كانت معاناة كبيرة تزداد صعوبة وألما يوما بعد يوم حتى يأتي أمر الله الذي سينتقم من المجرمين الظلمة أعداء الله وأعداء الإنسانية وما ذلك على الله بعزيز ...
** نشرت صحيفة ها آرتس الإسرائيلية بتاريخ 15 / 9 / 2005 ميلادية مقالا تقول فيه : ( إن الوضع في إسرائيل لا يبعث على التفاؤل والأمل على الإطلاق وإن العام الماضي يعتبر عام تقويض للكيان الصهيوني .. ولا يختلف في ذلك عن الأعوام السابقة ) ...
** إن دولة إسرائيل ومنذ قيامها في عام 1948 م لم تقم على مبادئ الحق والعدل وإنما قامت على مبادئ الظلم والاغتصاب والقوة الغاشمة التي كانت نتيجة الحقد الصليبي والصهيوني على الدين الإسلامي أولا وعلى المسلمين بشكل عام ثانيا وعلى المسيحيين العرب .. ولا يزال الصراع العربي والإسلامي مع دولة الاحتلال الصهيونية في فلسطين العربية المسلمة منذ بدء تنفيذ الجريمة البريطانية في عام 1948 م وحتى هذا اليوم علما بأن دول الغرب الصليبية كلها دون استثناء قامت بدعم هذه الجريمة العنصرية البريطانية منذ نشأتها وحتى هذه اللحظة دعما غير محدود لتصبح الدولة العنصرية المغتصبة إسرائيل أقوى قوة ضاربة في منطقة الشرق الأوسط ..
** إن إسرائيل دولة تقوم على المساعدات الخارجية بكل مرافق الحياة فيها والتي تقدمها الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية .. وإذا توقفت هذه المساعدات فهذا يعني انهيار الدولة العبرية بشكل كامل وبسرعة لا يمكن تصورها .. إذ أن هذه المساعدات للدولة العبرية المحتلة تعادل ميزانيات عدة دول عربية مجتمعة والمساعدات العسكرية تفوق إمكانيات الدول العربية مجتمعة والمساعدات العلمية والتكنولوجية لايحدها حد ورغم كل هذا الدعم تعاني الدولة العبرية المحتلة أزمات اقتصادية خانقة فماذا سيحصل لو توقفت هذه المساعدات كلها في وقت واحد ؟... إن أية دولة لا تعتمد على إمكانياتها الذاتية النابعة من كيانها لابد أن تسقط وتتهاوى عند أول ضربة صاعقة ...
** الإنهيار والفساد الأخلاقي بشكل عام حيث يعتبر اليهود على مستوى العالم أجمع والذين يسيطرون على كافة وسائل الإعلام في الغرب هم المحرض والممول الرئيسي لشبكات الدعارة والإباحية والنوادي الليلية ونوادي القمار وغير ذلك من أمور الفساد الأخلاقي حيث يعتبر الإتجار بالجنس أقرب الطرق إلى الربح مادامت الميكيافيلية هي مبدأهم في الحياة ومادام اعتقادهم بوجوب إفساد أخلاق الناس حتى يفقدوا أخلاقهم وعقائدهم .. ذلك لأن الذي يغوص في الأوحال والقاذورات لا يمكن أن يخرج منها نظيفا سليما معافى وهذا ماحصل لليهود على مستوى العالم ولليهود في الدولة العبرية المحتلة على وجه الخصوص فلقد كان نصيبهم من الفساد الأخلاقي داخل الوطن المحتل الشيء الكثير ... وإن الأمم والحضارات لا يمكن أن تقوم بدون أخلاق ناهيك عن فساد الأخلاق يقول الشاعر :
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
** الانهيار الثقافي حيث تفيد الأخبار أن شركة إنتل العالمية للكمبيوتر قد تلقت صدمة ثقافية قوية من التعامل مع الجيل الجديد من الإسرائيليين لبعدهم عن العلم والمعرفة وقلة ثقافتهم بعد أن كانت الدولة العبرية المحتلة في طليعة الدول علما وثقافة وتقنية ولكن بدأ فيروس الإنهيار يدب في أوصالها ويصل إلى مركزها الفكري والعصبي وهذا أحد مؤشرات الهبوط والسقوظ للدولة العبرية المحتلة ...
** أنتشار موجة السرقة حتى أن وزيرة الثقافة والمعارف الإسرائيلية السابقة " شالوميت ألوني " أعربت عن غضبها من التدهور الأخلاقي الذي يصيب الدولة العبرية حتى أصبحت دولة عنصرية .. ولقد أخذ الإسرائيليون بادئ الأمر بتعاليم التلمود في إيذاء غير اليهود وسرقة أموالهم خاصة في الفنادق الأوربية والأمريكية حتى وصل الأمر في كثير من الفنادق الأوربية العالمية أن يرفضوا استضافة السواح الإسرائيليين .. إن الفساد الأخلاقي ضد الأشخاص من غير اليهود والذي تعلموه من التلمود مالبث أن انقلب عليهم فأصبح اليهودي يمارس النهب والسلب والسرقة والاختطاف والاغتصاب حتى مع اشياعه اليهود مخالفا في ذلك النصوص التوراتية والتلمودية التي تحرم الأعمال السيئة مع الإسرائيليين .. ولقد استشرى الفساد في الدولة العبرية حتى وصل إلى قمة الهرم في الحكزمة الإسرائيلية حيث تم طلب إحالة آرييل شارون وابنه للمحاكمة بتهمة الفساد إضافة إلى اتهام عدد كبير من القادة السياسيين الإسرائيليين مثل بيريز وباراك وأولمرت وليفني وغيرهم من القادة السياسيين الإسرائيليين بتهم الفساد وتهريب المخدرات والحشيش من جنوب لبنان إلى داخل إسرائيل حتى وصل الأمر إلى رئيس الكيان الصهيوني السابق ...
** على الرغم من أحلام اليهود الإسرائيليين العريضة في إنشاء دولتهم العنصرية من الفرات إلى النيل والتي تضم سورية ولبنان والعراق ومصر والسودان والأردن وفلسطين وأجزاء من تركيا والسعودية .. على الرغم من هذا الحلم الخيالي المغرق بالخيال فإن رئيس الوزراء الصهيوني السابق " إيهود أولمرت " كان برنامج حزبه الإنتخابي الذي نجح من خلاله هو ترسيم الحدود الإسرائيلية النهائية للدولة العبرية المحتلة بشكل نهائي من طرف واحد وإقامة السور العازل الذي يرسخ هذه الحدود .. وهذا ما يؤكد فشل وتقوقع الدولة العبرية ضمن حدود ضيقة جدا لا تزيد على ( 2 % ) فقط من الأحلام الإسرائيلية القديمة وذلك بعد ستين عاما من إنشاء هذه الدولة العنصرية وبعد الدعم السخي من كل قوى الشر في العالم .. وهنا يمكننا أن نتساءل هل الجدار العازل الذي قامت إسرائيل ببنائه هو سجن للفلسطينيين أم هو سجن للأحلام اليهودية الخيالية ..
** الانهيار المعنوي لدى اليهود الإسرائيليين على كافة المستويات وعدم الإحساس بالإنتماء للدولة العبرية المحتلة من قبل نسبة كبيرة من اليهود وبصورة خاصة النشء الجديد حيث لاحظنا أنه لمجرد سقوط بعض الصواريخ التي سماها الرئيس الفلسطيني محمود عباس صواريخ عبثية فإن أعدادا كبيرة من الإسرائيليين طلبوا من السفارات الغربية وخاصة الكندية تأشيرات دخول هربا من أي احتمال للخطر قد يقع من خلال حرب ظالمة غير متكافئة .. فأي انتماء هذا الذي يشعر به الإسرائيليون يجعلهم يهربون من الصواريخ العبثية هذه ؟!!... صدق الله العظيم فهو القائل : ( يحسبون كل صيحة عليهم .. هم العدو فاحذرهم .. قاتلهم الله أنى يؤفكون ) ...
** انتشار المخدرات في أوساط الشباب الإسرائيلي وخاصة الجنود منهم حيث يتم تهريب المخدرات والحشيش من الجنوب اللبناني إلى داخل الدولة العبرية المحتلة .. وهذا يسبب إحراجا شديدا للقادة العسكريين خاصة وأن الجنود المدمنين أصبحوا يسربون الأسرار العسكرية مقابل حصولهم على المخدرات المنتشرة في جنوب لبنان ...
** التراجع عن المعتقدات اليهودية الأصلية حيث نجد أن الطبيعة العنصرية للديانة اليهودية التي لا تقبل إلا اليهود الأصليين المنحدرين من أبوين يهوديين أو على الأقل من أم يهودية ومن أصل سامي يعود إلى سام بن نوح عليه السلام وذلك على حد اعتقادهم .. ولكنهم في الآونة الأخيرة تخلوا عن عقائدهم السابقة وأصبحوا يقبلون في اليهودية من هم ليسوا يهودا أصلا فلقد قبلوا من المطربة العالمية الأمريكية مادونا اعتناقها لليهودية رغم معارضة العديد من حاخامات اليهود على ذلك .. وكذلك تم إنشاء متحف الهولوكست في الولايات المتحدة رغم أن معسكرات الهولوكست كانت في بولندا وغيرها من دول أوربا الشرقية حيث أدت مثل هذه المتاحف إلى تشتيت الدعوة الصهيونية التي يسعى اليهود إلى تمركزها في فلسطين المحتلة وعاصمتها الأبدية القدس على حد زعمهم .. أما يهود الفلاشا القادمين من الحبشة والذين هم أفارقة من أصل حامي وليس سامي وعقيدتهم الدينية هي عقيدة نصرانية تعتقد بالتوراة ككتاب مقدس مثل البروتستانت ولا علاقة لهم باليهودية من قريب أو من بعيد .. وعندما أرادوا الهجرة إلى الدولة العبرية المحتلة نصحتهم الوكالة اليهودية أن يتنصروا ويقبلونهم كمهاجرين نصارى وذلك حلا للمشاكل التي قد تنشأ من وجودهم كيهود داخل المجتمع الصهيوني وما هم من بني إسرائيل شعب الله المختار .. ولكن في الثمانينات وعند تناقص عدد المهاجرين اليهود بشكل كبير وافقت الوكالة اليهودية على هجرتهم إلى إسرائيل كيهود الفلاشا .. وكذلك فقد قامت الوكالة اليهودية بتهويد ستين عائلة من الهنود الحمر في بيرو حيث قام الحاخام إلياهو بيرنمب من المحكمة الحاخامية في إسرائيل بزيارة إلى جبال الأنديز لتهويد تسعين شخصا من الهنود الحمر وقبل تهويدهم ووافقت السلطات الإسرائيلية على قبولهم كمهاجرين .. وذهب أيضا إلى الهند لمحاولة تهويد إحدى القرى الوثنية الهندية وقبل تهويدهم ومن ثم هجرتهم .. وهناك عدة محاولات مماثلة لتهويد أعداد كبيرة من الهنود وهذا كله بسبب قلة عدد المهاجرين اليهود من العالم وبسبب وجود العديد من المستوطنات الفارغة من السكان وبسبب الهجرة المعاكسة لليهود التي أصبحت تشكل نزيفا متواصلا للشعب اليهودي من فلسطين المحتلة وهذا العمل لاقي معارضة شديدة من اليهود الأصليين الموجودين في الدولة العبرية المحتلة .. كما قاموا بتهويد ثمانية آلاف أسرة روسية نصرانية لتهجيرهم إلى فلسطين المحتلة ... إن مثل هذه العمليات أدت إلى وجود خلخلة عنيفة في التركيبة السكانية في الدولة العبرية المحتلة كما أدت إلى التراجع الكبير عن الأفكار والعقائد والأسس اليهودية التي قامت عليها الدولة العبرية كما أدت إلى وجود حالة من عدم القناعة أو عدم الولاء للكيان الصهيوني عند كثير من الإسرائيليين خاصة أؤلئك الذين تهودوا لظروف خاصة وليس قناعة بالديانة اليهودية .. إن عمليات التهويد لم تتم على يد رجال إصلاحيين متدينين ولكنها تمت على يد رجال علمانيين في الوكالة اليهودية حتى أصبحت عمليات التهويد لمصالح معينة لسد الفراغ الناتج عن قلة المهاجرين حتى ولو كان المهاجرون غير مقتنعين في الديانة اليهودية أصلا ...
** إن دخول موجة الشذوذ الجنسي وبشكل عنيف إلى الأوساط الإسرائيلية يسبب إحراجا شديدا للدولة العبرية المحتلة ذلك لأن التعاليم اليهودية قي هذا المجال صارمة على اليهود في هذا المجال .. وهذا الشذوذ وصل إلى أعلى المستويات حتى قمة الهرم الحاكم وأعضاء البرلمان .. حيث قام أحد أعضاء الكنيست بالزواج من رجل آخر وطالب بتوثيق هذا الزواج وطالب أيضا بالاعتراف القانوني بالشذوذ الجنسي .. كما هدد الدولة العبرية باللجوء إلى الاتحاد الأوربي الذي أصبحت أغلب دوله تعترف قانونيا بمبدأ الشذوذ الجنسي .. إن هذا الانحراف والشذوذ الجنسي والانحطاط الخلقي يحرج الدولة العبرية التي قامت على أساس ديني يحرم الزنا ويحرم الشذوذ الجنسي بشكل كامل .. أضف إلى ذلك حالات الاغتصاب والاعتداء الجنسي الذي وصل حتى إلى رئيس الدولة العبرية السابق والذي يخضع للتحقيق في ممارسات جنسية غير مشروعة مستغلا بذلك سلطته السياسية ...
** الجدار العازل في رأي الكثيرمن الإسرائيليين هو سجن كبير للإسرائيليين ذلك لأن هذا الجدار يحصرهم في كانتونات محددة ويمنع عملية التوسع الإستيطاني بشكل كامل .. أضف إلى ذلك أن الجدار العازل كلف الدولة العبرية تكاليف هائلة .. أضف إلى ذلك أن هذا الجدار سيتحول إلى جدار حماية للفلسطينيين في المستقبل وذلك إذا استطاع الفلسطينيون تطوير صواريخ محلية الصنع في الضفة الغربية بعد أن أثبتت صواريخ غزة فعاليتها وتأثيرها الموجع على الحكومة الإسرائيلية فبالنسبة للصواريخ أو لمدافع الهاون سيصبح هذا الجدار أفضل ساتر حماية للفلسطينيين في المستقبل .. إضافة إلى ذلك فإنه سيكون من السهل في المستقبل القريب فتح العديد من الثغرات في هذا الجدار العازل فبزرع عبوة ناسفة كبيرة نوعا ما فإن هذا الجدار سينهار قطعة بعد قطعة مما يؤدي إلى إنهاك الجيش الإسرائيلي وإنهاك القائمين على إصلاح هذا الجدار بين فترة وأخرى .. شيء آخر يمكن اعتباره وهو أنه من السهل على الفلسطينيين حفر خنادق تحت هذا الجدار والوصول إلى أهدافهم المحددة تحت حماية هذا الجدار .. وهناك نقطة مهمة جدا أن محكمة العدل الدولية أصدرت حكما بعدم شرعية هذا الجدار وأنه على الإسرائيليين إزالة هذا الجدار مما أحرج الإسرائيليين وأعوانهم ووضع الدولة العبرية في موضع المحتل الغاصب بدلا من كونهم عادوا إلى أرض الميعاد .. وصدق الله العظيم حيث يقول عن أبناء اليهود : ( لايقاتلونكم إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر ) ...
** الصحف الإسرائيلية تحدثت عن أن هذا الجدار العازل هو بداية النهاية للدولة العبرية المحتلة حبث باتت إسرائيل تتحول إلى دولة منبوذة عنصرية غير شرعية على المستوى الدولي تماما مثل جنوب أفريقيا التي بدأ انهيارها بالحملات الصحفية والانتقادات الدولية والرفض وقطع العلاقات ثم بعد ذلك جاءت الثورة الداخلية التي أجهزت على النظام العنصري في جنوب أفريقيا .. والدولة العبرية تسير على نفس النهج العنصري الذي سارت عليه حكومة جنوب أفريقيا العنصرية ولا بد أن تصل إلى نفس النهاية التي وصلت إليها الحكومة العنصرية في جنوب أفريقيا ... وهذه القضية تتناولها الصحف الإسرائيلية بشكل مستمر وذلك نتيجة المشاكل المتعاقبة التي تمر على الدولة العبرية يوميا دون أن تجد لها الحل الذاتي المناسب ..
** إن استمرار المقاومة والمقاطعة الفلسطينية والعربية والإسلامية للدولة العبرية المحتلة واستمرار الدعم للمقاومة الفلسطينية سيعجل من انهيار الدولة العبرية العنصرية المحتلة ذلك لأنه رغم كل الإمكانيات الهائلة التي تقدم إلى الكيان الصهيوني فإن الدولة العبرية تتراجع على كافة الأصعدة , لذلك فإن السياسيين والمفكرين الإسرائيليين يعرفون أن وجود العنصر العربي والعنصر المسلم بشكل خاص هو الخطر الأكبر الذي يتهدد الدولة العبرية المحتلة لذلك فهم اليوم يحاولون سجن أنفسهم بالجدار العازل خوفا من تدفق العنصر العربي المتمسك بقضيته العادلة إلى قلب الدولة العبرية العنصرية المحتلة .. يقول اليهودي ليبرمان : ( إن المشكلة الأساسية التي تهدد دولة إسرائيل هم المواطنون العرب ) .. وهذا الكلام تعبير واضح على عمق الأزمة التي يعيشها الكيان الصهيوني خاصة وأن كلمة المواطنين العرب تعني أنهم هم أصحاب الأرض الأصليين وتعني أيضا أن الصهيونية حركة عنصرية محتلة لا يمكنها الاستمرار أو البقاء على الأرض العربية ...
** يجب على الحكومات والشعوب الغربية أن لا تنخدع بالمظاهر الخادعة للدولة العبرية المحتلة ولا بالمظاهر الديمقراطية الكاذبة المزيفة التي تدعيها الدولة الصهيونية .. يجب على الشعوب الغربية المسيحية أن تراجع التاريخ اليهودي الأسود ضد المسيحيين .. يجب على الشعوب الغربية المسيحية أن تراجع التوراة المحرفة والتلمود لتتعرف على مدى الحقد اليهودي ضد المسيحين بل ضد كل الشعوب والأديان .. إن الحقد اليهودي ضد المسيحين لم ينقطع في لحظة من اللحظات وخلال تاريخ الميسحية الطويل منذ ظهور المسيح عليه الصلاة والسلام وحتى اليوم حيث نسمع في الدولة العبرية الناعقين اليهود يسبون المسيح عليه السلام ويلعنونه ويصفونه بأقذع وأحط الصفات تماما كما يصفون النبي الكريم محمد عليه السلام .. إن المسيحيين الغربيين يجب أن يطلعوا على كتب اليهود وأقوال المتعصبين العنصرين منهم ضد الديانة المسيحية وضد نبي الله عيسى عليه السلام ومن ثم يبنوا علاقاتهم مع أبناء القردة والخنازير على أساس هذا الحقد الدفين من اليهود ضد النصرانية والنصارى بشكل عام ..
** يجب على المسيحيين الغربيين والشرقيين أن يتذكروا أن نهاية الدولة العبرية العنصرية قريبة إنشاء الله مهما جاءها من دعم مادي أو عسكري لذلك يجب أن لا يخدعوا أنفسهم وأن لا يخدعوا شعوبهم لأن نهاية الظلم والغدر وسفك الدماء وقتل النساء والأطفال والشيوخ العزل الآمنين قاصمة وقادمة بإذن الله للمجرمين الذين عاثوا في الأرض فسادا واعتدوا على المقدسات واستباحوا الحرمات وقاموا بجرائم يندى لها جبين الإنسانية والعالم كله صامت صمت القبور لا يستطيع حتى توجيه كلمة استنكار وتنديد ضد المجرمين العنصريين ...
** إن عودة اللاجئين الفلسطينيين الذين طردوا من بلادهم بغير الحق والذين ينتشرون في كل بقاع العالم إلى بلادهم وفقا لقرارات الأمم المتحدة .. يشكل أكبر تحد للدولة العبرية العنصرية وسيقضي على دولة إسرائيل المغتصبة ذلك لأن عدد الفلسطينيين العائدين سيشكل أربعة أضعاف اليهود الموجودين في الدولة العبرية المحتلة على أقل تقدير .. إن وجود مليونين ونصف فلسطيني يحملون الجنسية الإسرائيلية وعودة أكثر من تسعة ملايين فلسطيني إلى ديارهم حسب قرارات الأمم المتحدة سيؤدي إلى نهاية الدولة العبرية كدولة يهودية صهيونية ...
** إن العرب الموجودين في فلسطين المحتلة ويملكون الجنسية الإسرائيلية والذين يزيد عددهم على مليونين ونصف إذا تم تشجيهم على التكاثر بشكل كبير ودعمهم ماديا ومعنويا فإن ذلك سيؤدي إلى طغيان العنصر العربي في الدولة العبرية خلال فترة لاتزيد على عشرين عاما وبالتالي فإن الدولة العبرية ستتآكل من داخلها وستتحول إلى دولة عربية يهودية يغلب فيها العنصر العربي ويحيط بها من كل جانب كم هائل من أبناء العرب المعادين للدولة العبرية العنصرية الغاصبة .. فأي مستقبل ينتظر هذه الدولة العبرية العنصرية المحتلة ؟... لاشك أنه الانهيار والزوال والدمار وذلك في فترة زمنية قصيرة جدا في عمر التاريخ ...
جرائم إسرائيل في فلسطين :
** مذبحة دير ياسين في أبريل من عام 1948 م والتي راح ضحيتها أكثر 254 من الفلسطينيين وفرار أكثر من 30000 من الفلسطينيين ..
** مذبحة نصر الدين في أبريل 1948 م أبيدت القرية بكاملها ولم ينج منها إلا 40 شخصا استطاعوا الفرار ..
** مذبحة صالحة في مايو 1948 م استشهد خلالها 250 مواطن فلسطيني ..
** مذبحة اللد في يوليو 1948 م استشهد خلالها 250 مواطن فلسطيني ..
** مذبحة الدوايمة في أكتوبر1948 م استشهد خلالها أكثر من 300 مواطن فلسطيني ورموا بالكثير منهم أحياء في آبار المدينة ...
** في أكتوبر من عام 1948 م تم طرد 900 شخص من ديارهم فتحولوا إلى لاجئين في الدول المجاورة ضمن مؤامرة حاكها البريطانيون مع الصهاينة بمساعدة بعض الحكومات العربية آنذاك ..
** في أكتوبر 1948 م تم تدمير 400 قرية فلسطينية بمساعدة الجيش البريطاني ..
** مذبحة شرفات في فبراير من عام 1951 م استشهد فيها 11 شخصا بينما هرب الباقون ..
** مذبحة بيت لحم في يناير 1952 م استشهد فيها 10 شهداء وفر المعتدون ..
** مذبحة قلقيلية في أكتوبر 1952 م تم تدمير القرية بأكملها بمساعدة الجيش البريطاني وهرب أهلها ..
** مذبحة قبية في أكتوبر 1952 م دمر معظم القرية واستشهد فيها 67 شهيد ..
** مذبحة غزة في فبراير 1955 م استشهد خلالها 26 شهيد ..
** مذبحة كفر قاسم في أكتوبرمن عام 1956 م استشهد خلالها 48 شهيد ..
** مذبحة خان يونس في أكتوبر من عام 1956 م واستشهد فيها أكثر من 100 شهيد ..
** مذبحة قرية السموع في نوفمبر من عام 1956 م استشهد فيها أكثر من 200 شهيد ..
ولقد تمت جميع الجرائم السابقة بدعم ومساعدة من البريطانيين
** في عام 1956 م احتلال غزة واشتراك إسرائيل مع فرنسا وبريطانيا في العدوان الثلاثي على مصر وضرب مدينة بور سعيد والسويس والإسماعيلية وخسائر كبيرة بالممتلكات والأشخاص ..
** في عام 1967 م اعتداء على الأراضي السورية والمصرية والأردنية بدعم هائل غبر محدود من قبل الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وقد تم في هذه الحرب ضم الضفة الغربية وقطاع غزة وسيناء ومرتفعات الجولان
وكانت نتيجة هذه الحرب المجرمة المدعومة من كل قوى الشر أكثر من 20000 شهيد على الجبهات الثلاث ...
** قامت إسرائيل بعد حرب 1967 م بقتل 1000 أسير مصري ودفنهم في سيناء ..
** في عام 1969 م قامت إسرائيل بإحراق المسجد الأقصى ..
** في عام 1970 م قامت إسرائيل بضرب مدرسة بحر البقر الإبتدائية في مصر ومصانع أبو زعبل المصرية واستشهاد أكثر من 150 عامل وطالب مصري ..
** في عام 1971 وحتى عام 1979 م قامت المخابرات الإسرائيلية باغتيال بعض القيادات الفلسطينية ( وائل زعيتر .. غسان كنفاني .. محمود الهمشري .. كمال ناصر .. كمال عدوان .. محمد النجار .. على حسن سلامة ) وغيرهم كثير ..
** في عام 1980 م قامت محاولة لنسف وتدمير المسجد الأقصى واكتشاف شحنة متفجرات تزن 120 كغ من المواد شديدة الإنفجار في المسجد الأقصى ..
** مذبحة داراس عام 1980 م دمرت القرية بأكملها وسقط أكثر من 60 شهيد ..
** مذبحة دير أيوب والرملة عام 1980 واستشهاد 111 شهيد
** في عام 1980 م ضرب المفاعل النووي العراقي من قبل الطيران الإسرائيلي بدعم من الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ..
** في عام1982 م غزو الجنوب اللبناني واحتلاله وارتكاب مذابح صبرا وشاتيلا وقد سقط في هذه المجازر 3500 شهيد غالبيتهم من المدنيين العزل ومن الأطفال والنساء والشيوخ ..
** في عام 1986 م الاعتداء الوحشي غلى مقر منظمة التحرير الفلسطينية في تونس واغتيال القيادي أبو جهاد ..
** في عام 1987 كانت بداية الانتفاضة الفلسطينية حيث استشهد في هذه الانتفاضة أكثر من 1500 شهيد ...
** مذبحة المسجد الأقصى في عام 1990 م استشهد فيها 21 شهيد وجرح أكثر من 150 جريح واعتقال 270 من الناشطين الفلسطينيين ...
** في عام 1994 م اغتيال القيادي في حركة الجهاد الإسلامي الدكتور هاني العابد على يد الموساد الإسرائيلي ...
** مذبحة الحرم الإبراهيمي في عام 1994 م استشهد خلالها أكثر من 50 م شهيدا مصليا في صلاة الفجر وإصابة أكثر من 150 آخرون بجروح مختلفة ..
** في عام 1995 م اغتيال كمال كحيل أحد أعضاء حركة حماس في انفجار بغزة استشهد على أثره مع كامل أسرته .
** مذبحة قاتا في لبنان في عام 1995 م حيث تم ضرب مكاتب الأمم المتحدة واستشهد فيها 150 شهيد ...
** في عام 1995 استشهد فتحي الشقاقي أحد قادة الجهاد الإسلامي على يد الموساد ..
** في عام 1996 م استشهد يحيى عياش مهندس العمليات الاستشهادية في حركة حماس على يد الموساد ..
** في عام 1996 م قام الإسرائيليون بحفر نفق تحت المسجد الأقصى لهدم المسجد الأقصى وإقامة هيطل سليمان على أنقاضه ولكن كشف الله ألاعيبهم وحمى المسجد الأقصى ..
** في عام 1997 م قامت اليهودية المتطرفة نتانيا بتوزيع ملصقات تسيء إلى الإسلام وتسخر من نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وتسخر من القرآن الكريم وذلك بدفع ودعم من السلطات الصهيونية ...
** في عام 1998 م استشهاد محي الدين الشريف أحد قادة حركة حماس على يد الموساد ..
** مذبحة جينين في عام 2002 م استشهد فيها أكثر من 400 شهيد ...
** في عام 2004 انهيار في محيط المسجد الأقصى بسبب أعمال الحفر تحت المسجد الأقصى وقد تم إصلاحه ..
** في عام 2004 م استشهاد الشيخ أحمد ياسين رئيس حركة حماس وهو قاعد على كرسي متحرك على يد الموساد الإسرائيلي وبمساعدة لوجستية من بعض الفلسطينيين الخونة ...
** في عام 2004 م استشهاد الدكتور عبد العزير الرنتيسي زعيم حركة حماس بعد الشيخ أحمد ياسين على يد الموساد الإسرائيلي وبمساعدة لوجستية من بعض الفلسطينيين الخونة ...
** في عام 2006 م تم اجتياح جنوب لبنان من قبل الجيش الإسرائيلي في حرب استمرت 34 يوم تم من خلالها تدمير معظم المدن الكبرى في جنوب لبنان وقتل مايزيد على 1200 شخص ...
** في عام 2008 م القصف الإسرائيلي على غزة والذي أسفر عن أكثر من 350 شهيدا وأكثر من 1500 جريح ...
** وفي عام 2009 م الاجتياح الإسرائيلي لغزة حيث وصل عدد القتلى من الفلطينيين أكثر من 1300 شهيد وأكثر من 5000 جريح ...
وبعد هذه اللمحات السريعة عن الديانة اليهودية بانحرافها وعنصريتها وجرائمها وحقدها على الناس كل الناس أستطيع هنا أن أقرر أن هذه الديانة المحرفة العنصرية المجرمة لا يمكنها أن تقوم ببناء حضارة عالمية إنسانية بحال من الأحوال ...
الديانة المسيحية كأساس حضاري :
أبدأ هذه الفقرة بقول المسيح عليه السلام مأخوذة من إنجيل متى : ( طوبى للمساكين بالروح .. فإن لهم ملكوت السماوات .. طوبى للحزانى فإنهم سيعزون .. طوبى للودعاء فإنهم سيرثون الأرض .. طوبى للجياع والعطاش إلى البر فإنهم سيشبعون .. طوبى لأنقياء القلب فإنهم سيرون الله .. طوبى لصانعي السلام فإنهم سيدعون أبناء الله .. طوبى للمضطهدين من أجل البر فإن لهم ملكوت السماوات .. طوبى لكم متى أهانكم الناس واضطهدوكم وفالوا فيكم من أجلي كل سوء كاذبين .. افرحوا وتهللوا فإن مكافأتكم في السماوات عظيمة .. فإنهم هكذا اضطهد الأنبياء من قبلكم ) .. إنني لأقرأ هذه الكلمات وغيرها مما نسب إلى المسيح عليه السلام وأتعجب من حقد الصليبيين وإجرامهم وحقد العديد من رجال الدين المسيحي ومؤامراتهم وإجرامهم .. إنني لأسأل النصارى الذي يدعون أنهم أتباع المسيح عليه السلام ألا يقرأون كلام المسيح عليه السلام .. ألا يقرأون الأناجيل .. ألا يقرأوة الكتب المقدسة عندهم والتي تحتوي على العديد من توجيهات السيد المسيح عليه السلام .. لماذا الحقد والمسيح يأمر بالتسامح ؟.. لماذا الغدر والمسيح يأمر بالإنصاف ؟.. لماذا الظلم والمسيح يأمر بالعدل ؟.. لماذا هذه الحروب ولماذا القتل والإجرام والإبادات الجماعية والمسيح يأمر بالسلام ؟.. لا شك أن هؤلاء الصليبيين الحاقدين ليسوا من أتباع المسيح عليه السلام ولا يعرفون شيئا عن تعاليم المسيح عليه السلام .. إننا ورغم تحريف الكتب المقدسة لنستشف روح المسيح وتعاليم المسيح الإنسانية السامية رغم كل الركام الذي ران على الكتب المقدسة ورغم كل التحريف والتبديل الذي طرأ على تلك الكتب المقدسة وأعود لأسأل النصارى لماذا لا تقرأون الأناجيل ولماذا لا تتبعون رسول الله المسيح بن مريم عليه أفضل الصلاة والتسليم ؟...
وقبل البدء بمناقشة الأسس الحضارية للديانة المسيحية المحرفة أود هنا أن ألقي نظرة مبسطة على عقيدة النصارى لقد جاء المسيح عليه السلام بعقيدة سماوية سمحاء ترفع الظلم وتضع الموازين القسط وتنشر المحبة والسلام في ربوع المناطق التي استطاع المسيح عليه السلام أن يصل إليها .. ولكن حدث في أواخر عهد المسيح عليه السلام هزة عنيفة للنصرانية فقد تواطأ اليهود والرومان على الكيد للمسيح عليه اللام وأتباعه وأخذوا بملاحقتهم والكيد لهم وقتلهم وتعذيبهم بأشد أنواع العذاب فكانت أول مؤامراتهم ملاحقة المسيح عليه السلام لقتله .. وقام اليهودي يهوذا الأسخريوطي بالدلالة على مكان اختباء المسيح ومن ثم اقتياده إلى ساحة الإعدام .. ويعتقد النصارى بأنه تم صلب المسيح عليه السلام حقيقة بينما يعتقد المسلمون أن الله نجاه من هذه المحنة العظيمة وألقى على يهوذا الأسخريوطي نفسه الشبه ليصلبوه بدلا عن المسيح الذي رفعه الله إلى السماء يقول ربنا جل شأنه : ( وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم ) وقوله تعالى أيضا ( وما قتلوه حقيقة بل رفعه الله إليه ) .. ومنذ ذلك التاريخ بدأ الاضطهاد الشديد لأتباع المسيح عليه السلام من قبل الدولة الرومانية الوثنية .. وطبق عليهم أشد العذاب لأنهم لا يدينون بدين القيصر ففي الفترة ( 249 ـ 251 ) ميلادية قام أتباع ( ويديسيون ) بالتنكيل والتعذيب والقتل لكل من يثبت أنه على دين المسيح عليه السلام كما حصل اضطهاد شديد للنصارى في عهد ( دقليديانوس ) عام 280 ميلادية قيل أنه قتل أكثر من 140,000 نصراني وقيل 300,000 نصراني .. ولإعطاء فكرة عن الاضطهاد الذي تعرض له أتباع المسيح ننقل النص التالي من كتاب تاريخ الحضارة : ( لقد كتب بلين وكان واليا في آسيا إلى الإمبراطور تراجان يقول : جربت مع من اتهموا أنهم نصارى الطريقة الآتية وهو أني أسألهم إذا كانوا مسيحيين فإذا أقروا أعيد عليهم السؤال ثانية وثالثة مهددا لهم بالقتل .. فإن أصروا أنفذت عقوبة الإعدام فيهم مقتنعا أن غلطهم الشنيع وعنادهم الشديد يستحقان هذه العقوبة .. وقد وجهت التهمة إلى كثيرين ممن أنكروا أنهم نصارى وكرروا الصلاة على الأرباب الذين ذكرت أسماؤهم أمامهم وقدموا الخمور والبخور للتماثيل التي أثبت أمامهم بل إنهم شتموا المسيح .. والحقيقة أنه من الصعب إكراه النصارى الحقيقيين ) .. ولكن بعد الإمبراطر تراجان خف الظلم والاضطهاد حتى جاء عهد الإمبراطور الروماني ( ديسيوس ) فلاقى المسيحيون في عهده من الوحشية والظلم ما تقشعر له الأبدان .. حتى جاء عهد الإمبراطور قسطنطين حيث كان عهده عهد رحمة وانفراج للمسيحيين إلا أنه منذ ذلك العهد بدأ التحريف والتبديل في الديانة النصرانية وإدخال الأفكار الوثنية والطقوس الشركية ثم قاموا بإدخال الفلسفة الرومانية واليونانية في العقيدة النصرانية مما أخرجها وبشكل شبه كامل من أن تكون عقيدة التوحيد الإلهية التي جاء بها المسيح عليه السلام من عند رب العالمين .. ولقد دخل كثير من الوثنيين إلى النصرانية وقاموا بعملية خلط ومزج بين عقيدة التوحيد التي جاء بها المسيح وبين عقائد الشرك والوثنية التي كانت سائدة في الدولة الرومانية .. ولقد دخل عدد كبير من الرومانيين والمصريين في المسيحية بعد عمليات المسخ والتشويه والتحربف والتبديل وذلك في الفترة بين القرنين الثالث والرابع الميلاديين .. فأثر دخول هذا العدد الضخم من الوثنيين تأثيرا كبيرا في عقيدة النصارى التي جاء بها المسيح عليه السلام وكانت فلسفة الرومان الذين اعتنقوا المسيحية هي عملية مزج للديانة الوثنية واليهودية والمسيحية واستمر هذا الخلط والتحريف والتشويه للعقيدة النصرانية حتى يومنا هذا ...
ولعل من أغرب ما يلاحظ على عقائد النصارى أنهم يقدسون الصليب والمسامير التي سمرت بها يدا المسيح ورجلاه والمفروض عقلا ومنطقا أن يحتقروا هذا الصليب إذا كانوا فعلا يحبون المسيح عليه السلام ويقدسونه ويمجدونه .. وأنا أتساءل هنا إذا تم الحكم بالإعدام شنقا على شخص عزيز وحبيب فهل من المنطقي أن نقدس المشنقة أو المقصلة التي قامت بإعدام هذا الشخص الحبيب .. الحقيقة إنه منطق غريب وعجيب .. إن قصة صلب المسيح عليه السلام حسب اعتقاد النصارى كانت نكسة قاتلة للنصرانية حولتها من عقيدة التوحيد التي جاء بها المسيح عليه السلام من عند رب العالمين إلى عقيدة التثليث الشركية ومن ديانة سماوية إلى عقيدة وديانة وثنية .. فالنصارى يعتقدون أن المسيح هو الله .. وأنه ابن الله .. وأنه ثالث ثلاثة .. وأنه واحد في ثلاثة وثلاثة في واحد .. وغير ذلك من الاعتقادات الباطلة .. الحقيقة الصارخة أنه لم يثبت حتى عند علماء اللاهوت النصارى أن أحدا من الأناجيل المتداولة اليوم هو فعلا الإنجيل الذي نزل على المسيح عليه السلام جزئيا أو كليا .. لم يثبت أن أحد الحواريين الذين عاصروا المسيح عليه السلام وناصروه اعتقد بألوهية المسيح أو بأنه ابن الله أو أنه عبد المسيح .. كما لم يثبت أن أحد الحواريين كتب إنجيلا من الأناجيل المتداولة اليوم سوى ( برنابا ) وهذا الإنجيل هوالوحيد المرفوض والمحرم عند رجال الدين النصارى حتى أن رئيس الحواريين ( بطرس ) لا يعرف له إنجيل كتبه أو نقله عن السيد المسيح عليه أفضل الصلاة السلام .. وأريد هنا أن أعرض بعض التساؤلات والأفكار الغريبة في عقيدة النصارى المحرفة :
** إنهم يسجدون للصليب ويقدسون الصليب رغم أن هذا الأمر غير موجود في أي من كتبهم وأناجيلهم المقدسة ..
** إنهم يقدسون تماثيل المسيح وتمائيل رجال الدين وهذا غير موجود في كتبهم وأناجيلهم ..
** إنهم يقدسون صور المسيح وتماثيل المسيح علما بأنه لا أحد يعرف صورة المسيح أو شكل المسيح عليه السلام .. وإنما تم وضع مثل هذه التمائيل والصور في العصور المتأخرة أي بعد ألف سنة على أقل تقدير وذلك وفقا لخيال الرسامين والنحاتين والفنانين وليس لديهم أي تصور عن شكل المسيح تماما كما يفعل أصحاب الديانات الوثنية في الهند والسند والصين حيث يبتكر الفنانون أشكالا غريبة وعجيبة للآلهة عندهم ...
** إنهم يقدسون صور مريم وتماثيل مريم العذراء عليها السلام رغم أنه لا أحد يعرف صورتها الحقيقية أو شكلها الحقيقي .. وإنما هذه الصور والتماثيل هي من خيال الفنانين والرسامين والنحاتين ..
** كانت قبلة النصارى باتجاه القدس .. بيت المقدس أو كنيسة القيامة فمن الذي بدلها لتكون باتجاه مشرق الشمس كما يعتقد عباد الشمس الوثنيين ...
** يوم الأحد من الذي جعله يوما مقدسا عن باقي أيام الأسبوع عند النصارى وهل هناك نص في الكتب المقدسة يعطي مزية ليوم الأحد عن باقي أيام الأسبوع ؟...
** الختان كان معمولا به عند قدماء النصارى وعند اليهود بني إسرائيا والمسيح جاء رسولا لبني إسرائيل ومعمولا به في جميع الديانات السماوية حتى إبراهيم أبو الأنبياء فمن الذي أبطله ...
** توجد بعض الطوائف النصرانية القديمة لا تزال تعتقد بجواز تعدد الزوجات مما يدل على جواز ذلك أصلا فمن الذي أبطل تعدد الزوجات وحرم هذا الحق ؟.. خاصة وأن نبي الله داود تزوج مئة زوجة ونبي الله سليمان تزوج سبعمئة زوجة وإبراهيم تزوج سارة وهاجر ...
** توجد بعض الطوائف النصرانية تقر موضوع الطلاق مما يدل على جواز ذلك أصلا فمن الذي حرم الطلاق وأوقع الناس في الحرج الشديد ...
** لم يذكر صراحة في جميع الكتب المقدسة الأقانيم الثلاثة التي يعتقد بها النصارى اليوم حتى في كتبهم المحرفة فمن الذي أدخل هذا المبدأ الشركي في عقيدة النصارى ؟...
** إن التوراة والإنجيل التي كانت موجودة في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم كانت تتضمن البشائر بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم وبأوصاف الرسول الكريم .. حتى أن بحيرا الراهب المسيحي عندما رأى الرسول الكريم وهو فتى قبل البعثة حذر عمه أبوطالب وقال له ( ارجع بابن أخيك فلو علم اليهود ما علمت لقتلوه ) .. كما أن اليهود في المدينة المنورة كانوا يهددون المشركين بأنه هل زمان يبعث فيه نبي يقود بني إسرائيل للقضاء على الشرك والمشركين فأين هذه الآثار الآن ؟.. ومن الذي حذفها أو طمسها من الكتب المقدسة .. يقول ربنا جل شأنه عن اليهود : ( وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ماعرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين ) ..
** يقول ربنا جل شأنه : ( فإن كنت في شك مما أوحينا إليك فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك ) .. إن هذه الآية تعتبر دليلا قاطعا على أن التوراة والإنجيل الموجودين في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كانت تتضمن الكثير من النصوص غير المحرفة والتي تبشر بالرسول الكريم وتؤكد صحة رسالته ودينه وصحة القرآن الكريم .. ولكن أين هذه النصوص الآن ؟.. لقد طمست معالمها وحرفت من الكتب المقدسة عندهم ...
** عندما سمع النجاشي في الحبشة شيئا من القرآن من سورة مريم بكى حتى اخضلت لحيته وقال : ( ها .. ها .. والله إن هذا والذي نزل على المسيح عيسى بن مريم ليخرج من مشكاة واحدة ) .. فأين هذا التوافق والتطابق بين الكتب المقدسة السابقة والقرآن الكريم ؟؟.. لقد طمست كلها وحرفت وبدلت ...
** جاء في إنجيل يوحنا على لسان المسيح عليه السلام : ( وهذه هي الحقيقة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع الذي أرسلته ) .. وهذه دلالة واضحة على أن الله هو الإله الحق وأن المسيح هو نبي مرسل من عند الله .. فأين ألوهية المسيح هنا وماهذا التناقض المكشوف في عقائد النصارى ؟...
** ويقول المسيح عليه السلام ( لا تتخذوا إلاها في الأرض فإلهكم في السماء ) وهذا يدل على أن المسيح هنا يقرر عقيدة التوحيد التي جاء بها الإسلام ونهيه عن اتخاذ آلهة في الأرض حتى لو كان المسيح نفسه ...
** وفي إنجيل متى الإصحاح الحادي عشر : ( بعدما انتهى يسوع من توصية تلاميذه ) ولم يقل عبيده بل تلا ميذه وهذا يعني أنه ليس إلا أستاذا معلما ورسولا نبيا ...
** وفي نفس المكان يسأل نبي الله يحيى عليه السلام : ( أأنت هو الآتي أم ننتظر غيرك ) يدل على أن عيسى عليه السلام هو نبي مرسل مبشر به في التوراة لأن التوراة لم تذكر أن الله سينزل إلى الأرض بنفسه ولم تذكر أن الله سيكون له ولد يرسله لهداية البشر ...
** ومن إنجيل لوقا الإصحاح السابع نجد قول المسيح عن سيدنا يحيى عليهما السلام : ( إني أقول لكم إنه ليس بين من ولدتهم النساء أعظم من يوحنا .. ولكن الأصغر في ملكوت الله أعظم منه ) .. وهنا نلاحظ أن المسيح عليه السلام يقارن نفسه مع نبي الله يحيى والفارق بينهم فقط أنه أصغر منه سنا وأنه أعظم فضلا في ملكوت الله فهو بشر وليس بإله ..
** قول المسيح عليه السلام : ( كل من يعترف بي أمام الناس أعترف أنا به أمام أبي الذي في السماوات ) .. وهذا يعني من يؤمن بي هنا في الدنيا أشهد له بالإيمان أمام الله يوم القيامة وهو مشابه لما جاء في القرآن الكريم : ( فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا .. يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا ) .. أما كلمة أبي فهي مشابهة لكلمة ربي والتي تسخدم أيضا في اللغة حسب موقعها من الجملة فيجوز أن نقول رب أو أب الأسرة مثلا وهذا ناتج عن الترجمات غير الدقيقة للكتب المقدسة السابقة للقرآن الكريم ...
** وفي إنجيل لوقا الإصحاح السابع : ( فاستولى الخوف على الجميع ومجدوا الله قائلين : لقد قام فينا نبي عظيم وتفقد الله شعبه ) .. وهذا يدل على نبوة المسيح عليه السلام ...
** في رسالة بولس إلى تيموثاوس : ( لآنه يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والإنسان يسوع المسيح ) .. وهنا نجد وبكل وضوح أن الله واحد وأن يسوع المسييح عليه السلام هو الرسول الإنسان وأن الوسيط هو جبريل عليه السلام بعكس معتقدات النصارى في عقيدة التثليث واعتقادهم بألوهية عيسى عليه السلام وألوهية جبريل عليه السلام ...
** وفي رسالة بولس إلى كورينثوس : ( لكن لنا إله واحد هو الآب ) .. وهذه أيضا تدل على وحدانية الله ...
** وفي سفر ملاخي : ( أليس لنا أب واحد لكلنا , أليس لنا إله واحد خلقنا ) ... عجيب أمر النصارى كيف عميت عيونهم عن الحق المبين الذي هو موجود في كتبهم رغم كل التحريف والتبديل ...
** جاء في الإناجيل كلها العبارة ( يسوع الإنسان ) أو ( ابن الإنسان ) وفي مواضع عديدة وهذا كلام صريح منتهى الصراحة فكيف يكون الإنسان إلاها .. وكيف يكون ابن الإنسان إلاها .. وكيف نوفق بين القول ( ابن الإنسان وابن الله ) أليس هذا تناقضا عجيبا ؟!!...
** لقد كشف القناع على أن البابا بولس السادس قد أذن لأتباعه من رجال الدين المسيحي بأن ينتسبوا إلى الماسونية التي تخدم اليهود أعداء المسيح عليه السلام وأتباعه النصارى ...
** يلاحظ أن جميع المؤتمرات التي تنادي بالحوار بين الأديان السماوية أو الحوار بين الحضارات كلها مؤتمرات مدجنة تديرها أصابع مشبوهة .. وأنا لا أمانع أن يشارك فيها أكابر العلماء من المسلمين المتعمقين في الديانات الأخرى ولكني أحذر من إرسال أشخاص عاديين لا يملكون الحجة والمنطق السليم للدفاع عن الإسلام وعن أحكام الشريعة الإسلامية المحكمة وعن مفاهيم الحضارة الإسلامية العالمية الإنسانية فتخرج مثل هذه المؤتمرات بانتصار الكفر على الإيمان والإسلام .. فحذار حذار من هذا المطب الذي تعد له وتخطط له أضخم الأجهزة الإعلامية الخبيثة وأخبث المنصرين الذين يتآمرون على الإسلام والمسلمين ...
** يقول المؤرخ الأوربي " ويلز " في كتابه " معالم تاريخ الإنسانية " عن فساد العقائد والممارسات النصرانية إضافة إلى تسلط الكنيسة
على رقاب الناس : ( فأصبح قساوستها وأساقفتها على التدريج رجالا مكيفين وفق مذاهب واعتقادات حتمية وإجراءات مكررة وثابتة ونظرا لأن كثيرا منهم كانوا يسرون الريبة في سلامة بنيان مبادئهم الضخم المحكم وصحته المطلقة ... فهم لم يسمحوا بأية مناقشة فيه .. كانوا لا يحتملون أسئلة ولا يتسامحون في مخالفة لا لأنهم على ثقة من عقيدتهم بل لأنهم كانوا غير واثقين بها .. ولقد تجلى في الكنيسة في القرن الثالث عشر ما يساورها من قلق قاتل حول الشكوك الشديدة التي تنخر بناء ادعاءاتها بأكمله فلم تكن تستشعر أي اطمئنان نفسي وكانت تتصيد الهراطقة في كل مكان ) ...
** حين وقع لويس التاسع عشر الذي قاد الحملات الصليبية ضد المسلمين في الأسر وسجن في سجن المنصورة أيام الصالح نجم الدين أيوب جعل يتفكر في سجنه ويتدبر فلما فك أسره وعاد إلى قومه حدثهم بما هداه إليه فكره فقال لهم : ( إن التغلب على المسلمين بالسلاح وحده أمر غير ممكن .. وإن على أوربا إذا أرادت التغلب على المسلمين أن تحاربهم من داخل نفوسهم وأن تقتلع العقيدة الإسلامية من نفوسهم ) ...
هذه بعض النقاط التي أحببت أن أعرضها قبل البدء ببحث الأسس الحضارية للديانة المسيحية المحرفة المبدلة .. وأقف هنا لأتساءل هل الديانة النصرانية المحرفة المبدلة قادرة على بناء حضارة عالمية إنسانية ؟.. سؤال يطرح نفسه بعد المآسي والآلام التي عاناها الناس في كل بقاع العالم من جرائم الحضارة الغربية التي تدعي أنها تدين بالنصرانية وتتبع المسيح عليه السلام .. وهنا ربما يسأل البعض هل يمكن للديانة النصرانية أن تكون قاعدة الانطلاق من جديد لبناء حضارة عالمية إنسانية ؟... وهل تمتلك الديانة النصرانية المحرفة القواعد والأسس التشريعية والتنظيمية والاجتماعية والسياسية والعلاقات الدولية وغير ذلك مما تحتاجه عملية بناء حضارة عالمية إنسانية ؟!!... وقبل أن أبدأ الحديث عن الديانة النصرانية أريد أن اؤكد بادئ ذي بدء أن المسلمين بكل طوائفهم وأعراقهم وأجناسهم يؤمنون بالديانة المسيحية الأصيلة كديانة سماوية قبل أن يحدث عليها التحريف والتبديل .. والمسلمون أيضا يؤمنون بالسيد المسيح عيسى عليه السلام نبيا ورسولا من الله بل يحترمونه ويعظمونه ويجلونه كنبي من أنبياء الله بعثه الله رحمة للناس بشيرا ونذيرا .. ويؤمنون بالكتب المقدسة التوراة والإنجيل التي أنزلها الله على أنبيائه الطيبين الطاهرين .. ونجد في المقابل كثيرا من أبناء النصارى المتفلتين من يستهزئ بالمسيح عليه السلام بينما لا تجد مسلما واحدا يستهزئ بنبي الله عبسى عليه السلام .. هذه القاعدة الهامة جاءت في القرآن الكريم عل صيغة الأمر من الله جل وعلا إلى المسلمين جميعا يقول ربنا جل شأنه مخاطبا المؤمنين : ( قولوا آمنا بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله ونحن له مسلمون ) .. إن هذه القاعدة الهامة يجب أن تكون واضحة في الأذهان تماما أما انتقادنا للنصرانية الحالية التي أخذت تنحو نحو العنصرية والظلم والاستبداد والطغيان فلأنها ديانة محرفة مشوهة مبدلة مما أبعدها عن روح الدين المسيحي الذي أنزله الله على نبيه المسيح عيسى عليه الصلاة والسلاة .. لقد أصبحت النصرانية الحديثة مليئة بالانحرافات والشركيات والخرافات والأحقاد الصليبية والكراهية لكل شعوب الأرض الأخرى وهذا الكلام يقره علماء النصارى أنفسهم وقساوستهم ورهبانهم كما سنعرضه في مكان آخر من هذا الكتاب .. والآن اعود مرة أخرى للسؤال : هل يمكن للديانة النصرانية أن تكون قاعدة انطلاق لبناء حضارة عالمية إنسانية ؟..
الحقيقة أن الديان النصرانية لا يمكنها بحال من الأحوال أن تكون قاعدة الانطلاق لبناء حضارة عالمية إنسانية لأسباب عديدة أذكر هنا أهم هذه الأسباب :
** الديانة النصرانية ومنذ أن بعث الله المسيح عيسى عليه السلام لم تكن ديانة للناس كافة وإنما بعث عيسى عليه السلام إلى بني إسرائيل الذين ضلوا وفسدوا لإصلاحهم وإعادتهم إلى جادة الصواب والحق والهداية والروحانيات والسمو العقيدي بعد أن فسدت طباع بني إسرائيل وعقائدهم وأخلاقهم وسلوكهم وطغت عليهم المادة حتى أصبحت قلوبهم كالحجارة أو أشد قسوة من الحجارة وبعد أن دخلت عقيدة بني إسرائيل الكثير من الوثنيات والشركيات فجاء عيسى عليه السلام رسولا إلى بني إسرائيل ليصلح خراف بني إسرائيل الضالة كما روي عن المسيح فقد جاء في الإصحاح الخامس من إنجيل متى على لسان المسيح عليه السلام : ( لم أرسل إلا إلى خراف بني إسرائيل الضالة ) .. إذن فالديانة النصرانية بادئ ذي بدء ديانة محلية لأقوام معينين ولمنطقة معينة فقط ..ولقد جاء تأكيد هذا الكلام في القرآن الكريم يقول ربنا جل شأنه عن المسيح عيسى عليه السلام : ( يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم .. ) وقوله تعالى : ( ورسولا إلى بني إسرائيل ) ...
** إن الكتاب الذي أنزل على سيدنا عيسى عليه السلام وهو الإنجيل أو مايسميه النصارى العهد الجديد لم يكن كتاب تشريع وإنما كتاب تربية وإصلاح وتهذيب للأخلاق وهذا مايقره جميع النصارى إذ يعتبرون التوراة كتاب اليهود الذي نزل على نبي الله موسى عليه السلام هو كتاب التشريع المعتمد لديهم والذي يطلقون عليه اسم العهد القديم .. فلا أحد من النصارى ينكر أن التوراة هو الكتاب المقدس عندهم وأن الإنجيل جاء مصححا ومكملا لتعاليم التوراة .. وهذا ماذكرة القرآن الكريم على لسان المسيح عيسى عليه السلام .. قال تعالى : ( يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم ) ... وفي آية أخرى : ( مصدقا لما بين يدي من التوراة ورسولا إلى بني إسرائيل ) .. إذن فالديانة النصرانية هي ديانة مكملة للديانة اليهودية وليست ديانة مستقلة قائمة بذاتها فالنصرانية لا يمكن أن تقوم بذاتها كعقيدة وشريعة ولكنها تقوم بالتكامل مع الديانة اليهودية ومع الكتاب الذي نزل على موسى عليه السلام وهو التوراة .. وبهذا تفقد الديانة النصرانية عموميتها وعالميتها واستقلاليتها وبفقدها هذه الصفات فقدت أهليتها لبناء حضارة عالمية إنسانية ...
** إن الكتب المقدسة التي يعتمد عليها النصارى في عقيدتهم هي : التوراة أو ما يطلق عليه العهد القديم و الإنجيل أو ما يطلق عليه العهد الجديد .. ورسائل الرسل ) .. وكلها محرفة دون استثناء حيث دخل فيها الكثير من الانحرافات والأباطيل والشركيات ودخل فيها الخلط والتناقض والبذاءة أحيانا وهذا ما سنعرض له في مكان آخر من هذا الكتاب وللدلالة على هذه الفكرة لا أريد أن استشهد بالآيات الكثيرة من القرآن الكريم التي تفضح اليهود والنصارى بالتحريف والتبديل ولكني أريد أن أنقل العديد من أقوال علمائهم وقساوستهم ورجال الدين عندهم حتى لا أتهم بالتعصب للإسلام وإن كنت أعتقد اعتقادا جازما أن آيات القرآن الكريم هي أصدق الحديث ...
المجامع الكنسية النصرانية :
قام اليهود ومنذ أقدم العصور وعلى رأسهم المدعي اليهودي " بولس الرسول " بتشويه العقيدة النصرانية التي جاء بها نبي الله عيسى عليه السلام .. قام أبالسة الشر في القديم والحديث بتشويه عقيدة التوحيد الخالص التي أنزلها الله ... كان ( بولس) الذي يسمونه ( بولس الرسول ) يهوديا من ألد أعداء النصرانية وكان يمارس أشد أنواع الاضطهاد والتنكيل ضد النصارى أتباع المسيح عليه أفضل الصلاة والسلام .. وفجأة أنقلب هذا اليهودي بولس في عام ( 38 ) ميلادية إلى رسول نصراني يوحى إليه حسب زعم النصارى فانحرفت النصرانية على يديه من دين الوحدانية إلى وثنية عاتية ، حيث كان بولس أول من نادى بألوهية المسيح وأول من اخترع خرافة الفداء وأول من أدعى أن الصلب وقع على جسد عيسى عليه السلام بقصد البلبلة وإيجاد التناقض ، وكان يتزلف إلى الحكام وإسباغ صفة الشرعية على مظالمهم ومباذلهم حين قال ( لتخضع كل نفس للسلاطين لأنه ليس سلطان إلا من الله ، ومن يقاوم السلاطين يقاوم ترتيب الله ) ..استطاع اليهودي بولس أن يمسخ النصرانية وأن يسقط عن أتباعها جميع التكاليف الشرعية وأن يجعلهم في حل من الالتزامات الدينية حين كتب إلى أهل رومية ( الإنسان يتحرر بالإيمان بدون أعمال الناموس ) .. وكقوله : ( أما الآن فقد تحررنا من الناموس إذ مات الذي كنا ممسكين منه حتى نعبده بجدة الروح لا بعتق الحرف ) .. لقد احتال بولس اليهودي هذا على النصرانية حيث تظاهر باعتناق النصرانية وإدعاء الرسالة والوحي لنسف المسيحية من الداخل وتحويلها من دين سماوي كما جاء به عيسى عليه السلام إلى مجموعة من الأساطير والخرافات الوثنية كما هي الآن .. قال أحد الذين هداهم الله إلى الإسلام بعد النصرانية : ( لو أن المستمسكين بالمسيحية طبقوا تعاليم الإنجيل حرفيا لقضوا على الحضارة ) .
والحقيقة أن العالم أجمع لم يعرف منذ أكثر من عشرين قرنا من الزمان دين الله القويم الذي أنزله على رسوله الكريم المسيح عيسى عليه السلام على حقيقته الربانية الصافية الخالصة فلقد كانت صورة النصرانية صورة محرفة مشوهة مليئة بالخرافات والأباطيل مليئة بالوثنيات والانحرافات التي هي من صنع البشر أو صنع الكهنة والقسيسين والملوك المتنفذين عبر تاريخ النصرانية الطويل .. صورة لاصلة لها بالأصل الرباني الخالص الصافي المنزل من عند الله على عيسى عليه السلام .. وإذا استثنينا بعض الأفراد القلائل على مسرح التاريخ فإن النصارى في الشرق والغرب كانوا يستقون تعاليم دينهم الممسوخة المشوهة المحرفة من رجال الدين والبابوات والقسيسين والكرادلة والكهنة وكذلك من تعاليم المجامع الكنسية المقدسة عندهم والتي أصبحت على مرور الزمن معتقدات أصيلة ثابتة في الديانة النصرانية ولكنها لا تمت إلى دين المسيح عليه السلام إلا بومضات بسيطة متوزعة هنا وهناك في الكتب المقدسة عند النصارى .. حتى أصبح للكرادلة والبابوات صفة القداسة وأصبح لهم صفة التلقي والإيحاء من الله جل وعلا وأصبح كل واحد منهم مرجعا دينيا يربط بين الأرض والسماء لا يرقى إليه الشك ولا يجوز لأحد أن يناقشه في أي قرار أو أمر من أمور الدين .. وبذلك تحقق قول الله فيهم صدقا وعدلا يقول ربنا جل شأنه : ( انخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح بن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون ) ..
ومن الناحية الظاهرية تعتبر النصرانية أكبر تجمع بشري ديني على مستوى العالم بعد الدين الإسلامي .. والأقطار التي تدين بالنصرانية تمتلك أكبر قوة عسكرية واقتصادية في العالم الحديث .. وحضارة الدول الغربية النصرانية لاتزال تسيطر على مجريات الأمور في أغلب دول العالم .. ولقد حصل في الآونة الأخيرة تطورات ومشكلات خطيرة تعبر عن ظروف خطيرة .. فالنصرانية التي تعتبر أكبر تجمع ديني عالمي بعد الإسلام بدأت تفقد مبررات وجودها على ساحة الأحداث العالمية رغم تملكها للقوة المادية الهائلة ورغم الدعم الهائل للكنائس من كل دول الغرب .. فقدت الكنائس تأثيرها على الناس وفقدت فعاليتها في حياة الناس خاصة المسيحيين منهم .. وفقدت سلطتها على المتدينين المسيحيين وبدأ الرهبان والراهبات الذين أقسموا قسم الترهب المقدس : ( أنهم يعيشون من أجل الله وأنهم لايتزوجون ويلتزمون بجميع شروط الترهب ) .. بدأوا بعد هذا القسم المقدس يصرحون في الصحافة وفي المؤتمرات وأمام عدسات المصورين أنهم ألقوا المسوح الكنسية وتخلصوا من أعباء الترهب وأنهم تزوجوا وتركوا الرهبانية .. كما أن الوضع في المستويات الكنسية الأخرى ليس أحسن حالا حتى وصل الفساد في الكنائس إلى أعلى المستويات إلى الفاتيكان فقد قدم الكاردينال الهولاندي " سانس " استقالته من الفاتيكان رغم أن هذا المنصب العالمي الرفيع لا يصل إليه أحد إلا بصعوبة فائقة وهذا يعني أن الديانة النصرانية قد بدأت تفقد فعاليتها وتأثيرها وبالتالي مبررات وجودها فلم يعد الشباب والفتيات النصارى يقبلون على الكنيسة إلا في حفلات الزواج كتقليد اجتماعي وليس كالتزام ديني ,, ولم تعد تجد في كنائس النصارى إلا الكهول والعجزة وفي أيام الآحاد ولاتكاد تجد من الشباب والشابات إلا من أجبرتهم ظروفهم الخاصة إلى القدوم إلى الكنيسة أو تحت إحراج من ذويهم دون أية رغبة أو تعلق بالكنيسة .. أضف إلى ذلك فهناك موضوع خطير يعصف بالكنائس على مستوى العالم وهوعدم إقبال الشباب والشابات على الانخراط في سلك الرهبانية الكنسية وكثير من الكنائس والأديرة أصبحت تعاني عجزا مريعا في سلك الرهبانية الذين نذروا أنفسهم لخدمة الرب وانقطعوا للعبادة وخدمة الكنيسة فهم لا يتزوجون وهم ملتزمون بتعاليم الكنيسة وبلباس الرهبنة وبخدمة الكنيسة وغير ذلك .. ولقد ذكرت الصحف أن بعض الأديرة العريقة الممتدة إلى سبعة قرون من الزمان أصبحت مهددة بالإغلاق لعدم وجود المتطوعين والمتطوعات إلى سلك الرهبنة مما اضطر القس المشرف على أحد الأديرة للذهاب إلى منطقة ( كيرلا ) الهندية الفقيرة وشراء عدد من البنات الهنديات وقام بتدريبهن على الطقوس الكنسية وعلى لبس المسوح لمدة شهرين استعدادا لنقلهم إلى هذا الدير رغم أن اصل عقيدتهن عقيدة وثنية وقد أفشت صحيفة بريطانية هذا السر الذي تناولته الصحف العالمية فأصبح فضيحة حاول الفاتيكان سترها بكل الوسائل ..
ولا أريد هنا أن أسرد العديد من القصص والحكايات والفضائح التي تحدث في الأديرة والكنائس وبين رجال الدين والراهبات والرهبان ذلك لأن هذه الفضائح قد أصبحت على كل لسان حتى أن العديد من الأفلام السينمائية الغربية قد صورت حالة التفلت والفساد الأخلاقي في الكنائس مما دعى السلطات الكنسية للضغط على الحكومات لمنع عرض مثل هذه الأفلام .. ولا أدل على هذا الفساد من أن " كازانوفا " بطل العشق والغرام وصاحب المغامرات الجنسية الفاضحة كان راهبا في بداية حياته كما صرح هو كتابه " مغامرات كازانوفا " .. وهكذا نجد أن النصارى قد هجروا كنائسهم فلم تعد هذه الكنائس تستقبل إلا المسنين والعجزة وكبار السن الذين لاتزال لديهم بقية باقية من الاحترام لهذا الدين الذي تغير وتبدل حتى فقد أصالته وفقد روحانيته وفقد فعاليته حتى عند أبناء النصارى .. هذا ولقد زرت العديد من الكنائس القديمة والعريقة في بولندا وألمانيا وكندا وبريطانيا وغيرها من الدول فوجدت أن الكنائس أيام الآحاد تفتقر وتضج وتشتكي من قلة القادمين إليها ناهيك عن بقية أيام الأسبوع .. والغريب في الأمر أن مجلس الكنائس العالمي يقوم بتقديم مبالغ طائلة لبناء الكنائس التي تفتقد إلى الزوار علما بأن كثيرا من الأديرة والكنائس القديمة العريقة قد أغلقت أبوابها أو تحولت إلى متاحف يؤمها السواح لالتقاط بعض الصور التذكارية أو التمتع بالزخارف الرائعة وبالفن المعماري القديم .. ورغم الدعم السخي الذي يقدمه الفاتيكان أو مجلس الكنائس العالمي إلى جميع الكنائس في العالم والذي يكفي لإنشاء مدن أو دول فإن هذه الأموال لم تجد نفعا في تثبيت وجود الكنيسة أو انتشار النصرانية لأنهم عندما فقدوا مبررات وجودهم لم يستطيعوا إعمار كنائسهم بأتباع الكنيسة من شباب وشابات النصارى لذلك لجأوا إلى إغراء الفتيان والفتيان الفقراء من كل أصقاع الدنيا لجذبهم للعمل في سلك الكنيسة وذلك لتمثيل دور كنسي مصطنع حتى أصبحت الكنائس مسارح للتمثيل والاستعراض بعد أن كانت مآلا وملاذا للعبادة والتوبة والتقرب إلى الله .. الكنيسة إذن مثلها مثل الديانة النصرانية فقدت مبررات وجودها كدين سماوي كما فقدت مبررات وجودها كمعلم حضاري يمكن أن يبنى على أساسه حضارة عالمية إنسانية مادام رجال الدين أنفسهم يشردون عن الكنيسة ويهربون من رهبانيتها وأصبحوا يشترون بالمال ويجمعون من البلاد الفقيرة دون أدنى قناعة في هذا العمل الكنسي والترهب وقديما قيل في المثل ( فاقد الشيء لايعطيه ) ..
يقول الفيلسوف البريطاني " جون لوك " : ( إن الله أعطى المسيحيين حقا طبيعيا في امتلاك الأراضي البور الخاوية أو شبه الخاوية من السكان وأوجب عليهم الامتثال لإرادته بغزو المجاهل واسثمارها ذلك لأن مكتشف هذه المجاهل هو مالكها الطبيعي ) .. وهذا يعني تبرير استعمار واستعباد الشعوب واعتباره أمرا إلاهيا لا مفر منه ..
ولو أننا ألقينا نظرة عامة على انتشلر الأديان على مستوى العالم وتطور هذا الانتشار خلال قرن من الزمان لتوصلنا إلى نتيجة مذهلة .. ففي عام 1920 م كان توزع الأديان حسب الإحصاءات الرسمية على مستوى العالم كالآتي :
النصرانية 600 مليون نسمة
البوذية 500 مليون نسمة
الهندوسية والبرهمية 400 مليون نسمة
الإسلام 250 مليون نسمة
ورغم أن هذه الإحصاءات الرسمية غير دقيقة ورغم أني لا أثق بها لأن وراءها توجهات تدفع إلى تقليل عدد المسلمين في العالم لغاية في أنفس أعداء الإسلام والمسلمين ولكن يمكنني قبولها بشكل مبدئي لأنها تكشف عن حقيقة مذهلة رغم محاولات طمس الحقائق .. حيث نجد ومن الإحصاءات الرسمية هذه أن توزع انتشار الأديان على مستوى العالم بعد نصف قرن من الزمان كان في صالح الدين الإسلامي فنجد أعداد غير المسلمين لم تزدد إلا زيادة طفيفة أو تناقصت بينما كانت الزيادة الهائلة في عدد المسلمين ففي عام 1975 م وصل عدد المسلمين حسب الإحصاءات الرسمية إلى ( 900 ) مليون نسمة .. وبعد ربع قرن آخر أي في عام ( 2000 ) م وصل عدد المسلمين في العالم حسب الإحصاءات الرسمية أكثر من مليار نسمة بينما الإحصاءات الحقيقية تفيد أن عدد المسلمين وصل إلى ( 1,500,000 ) نسمة مليار ونصف نسمة وذلك لأن الإحصاءات الرسمية في الهند والصين وفي كثير من دول العالم لاتريد أن تفصح عن العدد الحقيقي للمسلمين لأسباب سياسية أوعنصرية أو أمنية .. هذا وتجدر الإشارة هنا إلى أن توزيع المسلمين الذين تجاوز عددهم مليار ونصف المليار في العالم على الشكل التالي :
1000 مليون نسمة في قارة آسيا ..
400 مليون نسمة في قارة أفريقيا ..
70 مليون نسمة في أوربا ..
60 مليون نسمة في الأمريكتين ..
10 مليون نسمة في القارة الأسترالية ..
إذن فالعالم الإسلامي اليوم أصبح يغطي ثلث مساحة الدنيا وثلث عدد سكان العالم على أقل تقدير وذلك بعد أن وصل عدد المسلمين إلى مايقارب مليار ونصف المليار مسلم إضافة إلى أن المسلمين اليوم متغلغلين في كل بلاد العالم دون استثناء وينتشرون ويتكاثرون حتى في أشد البلاد عداء للإسلام مثل الصين واليابان وأوربا وأمريكا وغيرها كما أن معدل التزايد السكاني عند المسلمين يعتبر أعلى معدلات التزايد على مستوى العالم .. إضافة إلى ذلك فإن عدد المعتنقين للإسلام من الديانات الأخرى أخذ يزداد يوما بعد يوم ليصل إلى أعداد كبيرة ملفتة للنظر .. وهنا نجد أن حركة التاريخ تستدرج الكتل الحضارية في العالم وخاصة في الغالم الغربي المسيحي إلى فشل تجاربها وانحسار تأثيرها وفعاليتها وانتشارها على مستوى العالم أجمع كما تستدرجهم إلى خيبة أملها في الاستمرار والمشاركة في البناء الحضاري العالمي الإنساني ..
وفي القرون الثلاثة الأولى من ميلاد المسيح عليه السلام تعرضت النصرانية لاضطهاد شديد من الأباطرة والملوك الوثنيين في ذلك العهد .. تعرضوا لعملية إبادة وحشية كان نتيجتها انحراف العديد منهم عن طريق النصرانية الحقة وابتعادهم عن دين الله القويم واستبدالهم عقيدة التوحيد الخالص بطقوس وتعاليم هي أقرب إلى الوثنية منها إلى عقيدة التوحيد التي جاء بها المسيح عليه السلام من عند الله جل وعلا .. لقد عمت الكارثة معظم النصارى وفتنوا عن دينهم الحق الصحيح مما اضطر المؤمنين الصادقين منهم إلى العيش في الأديرة والملاجئ وعلى رؤوس الجبال وفي الكهوف فرارا بدينهم من المحن والفتن والعذاب .. وما قصة أصحاب الكهف إلا فصلا من فصول الاضطهاد للمؤمنين الموحدين .. إضافة إلى هذه الأحداث الدامية التي كان وراءها الملوك والأباطرة الوثنيين يدفعهم في حقدهم وظلمهم اليهود الذين كانوا أشد الناس عداوة للمسيح عليه السلام وأصحابه وحوارييه المؤمنين الموحدين الطيبين فقد حدث حدث هام وهو اعتناق الإمبراطور الروماني قسنطين الديانة المسيحية بعد تشويهها وتحريفها وإدخال الطقوس الوثنية إليها .. ولو ألقينا نظرة فاحصة على هذه الطقوس والفخامة والأبهة والعظمة والألبسة الفاخرة المزركشة بالذهب والفضة والأيقونات والصلبان وعرفنا من طرف آخر بساطة المسيح عليه السلام وحياته وحياة أمه متنقلا بين الفيافي والقفار ليدعو إلى الله ويبلغ الناس رسالة ربه لأيقنا مدى التحريف والتبديل والوثنية والطقوس الإمبراطورية التي دخلت على النصرانية مع دخول الإمبراطور الروماني قسنطين إلى المسيحية .. لقد أراد قسنطين مسيحية إمبراطورية بطقوس ملكية وثنية ولم يردها كما جاء بها المسيح عليه السلام ...
يقول المفكر الأمريكي درابر في كتابه القيم " الدين والعلم " : ( دخلت الوثنية والشرك النصرانية بتأثير المنافقين الذين تقلدوا وظائف خطيرة ومناصب عالية في الدولة الرومانية وذلك بتظاهرهم بالنصرانية ولم يكونوا يحفلون بأمر الدين ولم يخلصوا له في يوم من الأيام .. وكذلك الإمبراطور الروماني قسنطين الذي تظاهر باعتناق النصرانية فقد قضى عمره في الظلم والفجور ولم يتقيد بأوامر الكنيسة الدينية إلا قليلا وفي أواخر عمره .. إن الجماعة النصرانية وإن كانت قد بلغت من القوة بحيث ولت قسنطين الملك ولكنها لم تستطع أن تقطع دابر الوثنية الرومانية وتقتلع جرثومتها فكان نتيجة كفاحها أن اختلطت مبادئهما ونشأ من ذلك دين جديد تتجلى فيه النصرانية مع الوثنية بشكل ظاهر جلي .. وهنا يختلف الإسلام عن النصرانية لأنه قضى على الوثنية قضاء مبرما قبل أن ينشر عقيدة التوحيد الخالص في أصقاع الدنيا بدون لوثات وثنية أو شركية .. إن هذا الإمبراطور الروماني الذي كان عبدا للدنيا والذي لم تكن النصرانية تمثل شيئا مهما في حياته رأى لمصلحته الشخصية ولمصلحة الحزبين المتنافسين النصراني والوثني أن يوحدهما ويؤلف بينهما ويجعل منهما مزيجا فريدا متناقضا .. حتى أن النصارى الراسخين استمرؤوا هذا الأمر فيما بعد فلم ينكروا عليه هذه الخطة .. بل ربما كان بعضهم يعتقد أن الديانة الجديدة بشقيها المسيحي الموحد والروماني الوثني ستنتشر في الأصقاع بقوة الإمبراطورية الرومانية ثم بعد ذلك سيتخلص الدين النصراني في نهاية الأمر من أدناس الوثنية وأرجاسها ) .. انتهى قول درابر وهنا نلاحظ وباعتراف المفكرين والمؤرخين النصارى أن عقيدتهم مليئة بلوثات وثنية أبعدت النصرانية وبشكل شبه كامل عن أصل الديانة المسيحية الإلهية التي أنزلها الله هدى للناس على نبيه المسيح عيسى عليه أفضل الصلاة والسلام ...
إن موضوع تحريف العقائد النصرانية أمر ثابت لا يختلف فيه اثنان حتى من علماء ومفكري ومؤرخي الغرب إذ هناك عدد كبير من الشهادات الغربية للمفكرين الغربيين تثبت تحريف وتشويه العقيدة النصرانية ومزجها بالأفكار والعقائد الوثنية والأفكار الدخيلة بحيث لم يتبق من النصرانية التي نزلت على المسيح عليه السلام أي أثر يذكر .. ولقد تركز التحريف والتشويه في العقائد النصرانية على أساسيات هذه العقيدة مثل تحويل عقيدة التوحيد إلى عقائد شركية وجعل الإله الواحد آلهة متعددة وتأليه عيسى عليه السلام وادعاء بنوته لله رب العالمين وتأليه مريم بنت عمران وتأليه جبريل عليه السلام واختراع قصة الصلب والفداء وتقديس الصليب وعبادته وعبادة الأصنام والصور والتماثيل ثم جعل الدين عقيدة وطقوساً تقام في المناسبات فقط وترك القانون الروماني الوثني يحكم حياة الناس .. وذلك لأن الدين المنزل من عند الله هو عقيدة وشريعة في وقت واحد.. عقيدة توجه الناس إلى ربها وخالقها .. وشريعة تحكم جميع أمور الناس في هذه الحياة .. هذا غيض من فيض من الانحرافات التي انحرفت فيها العقيدة النصرانية عن الأصل الإلهي الذي أنزله الله جل وعلا على المسيح عيسى عليه السلام.
ولا أريد هنا أن استقصي كل الانحرافات والخرافات التي يعتقدها النصارى اليوم ولا الوثنيات والشركيات التي دخلت على دين النصارى لأن ذلك يحتاج إلى كتب ومجلدات وهي متواجدة بكثرة في المكتبات يمكن أن يرجع إليها القارئ الكريم في مظانها إذا ما أراد التوسع في هذا المجال وإنما أريد هنا أن أقدم فكرة مبسطة مختصرة جداً لدعم الفكرة الأساسية التي وضع هذا الكتاب من أجلها.
** في عام 1962 ميلادية وقف امبرطور الحبشة الصليبي المجرم (هيلاسيلاسي ) على منصة الأمم المتحدة فألقى خطابا ضافيا أعلن فيه : ( أنه في خلال اثني عشرعاما لن يكون في الحبشة إلا دين واحد هو النصرانية ) ... فلم يتجرأ أحد من حماة الدين وأبناء الإسلام المتواجدين في هيئة الأمم على أن يرفع صوته استنكارا لهذه الوقاحة علما بأن نسبة المسلمين في الحبشة آنذاك تصل إلى 55% من سكان الحبشة تم اسئصال وإبادة عدد كبير منهم ...
** الفيلبين كانت مثل أندونيسيا بلدا إسلاميا فغزاها الصليبيون وحكموها قهرا وطاردوا المسلمين وأخرجوهم من بلادهم وأرضهم وحاصروهم في جزء بسيط من أرضهم وأعملوا فيهم القتل في حرب إبادة لم يشهد لها التاريخ مثيلا
** يقول المؤرخ البريطاني فيشر .. في كتابه تاريخ أوروبا في العصور الوسطى ( إن حكمة الكنسية المسيحية هدت آباءها الأولين إلى قبول ما لم يستطيعوا له منعاً من قديم العادات والتقاليد والمعتقدات بدليل قبول الكنسية لمبدأ تعدد الآلهة الراسخ بين شعوب البحر المتوسط وتطويع ذلك المبدأ لما تقتضيه عقائدها ) .. وهنا نجد أيضاً أن المؤرخ البريطاني الشهير فيشر يعترف بحكمة الكنيسة عندما وافقت على مزج عقائدها السماوية الربانية بالعقائد الوثنية التي تقوم على مبدأ تعدد الآلهة بعد أن كانت تتميز على العقائد الأخرى بعقيدة التوحيد...
** يقول الفيلسوف الفرنسي ربنان : ( أنه ينبغي لفهم تعاليم يسوع المسيح الحقيقية كما كان يفهمها هو أن نبحث في تلك التفاسير والشروح الكاذبة التي شوهت وجه التعاليم المسيحية حتى أخفته عن الأبصار تحت طبقة كثيفة من الظلام .. حيث يرجع بحثنا إلى أيام بولس الذي لم يفهم تعاليم المسيح بل حمله على محمل آخر ثم مزجه بكثير من تقاليد الفريسيين وتعاليم العهد القديم .. وبولس كما لا يخفى كان رسولاً للأمم أو رسول المجادلات والمنازعات الدينية.. وان كان يميل إلى المظاهر الخارجية الدينية كالختان وغيره فأدخل ميوله هذه على الدين المسيحي فأفسده .. ومن عهد بولس ظهر التلمود* والمعروف بتعاليم الكنائس وأما تعاليم المسيح الأصلية الحقيقية فقد خسرت صفتها الإلهية الأصلية بشكل كامل ... بل أصبحت سلسلة حلقات الوحي منذ بدء العالم حتى يومنا هذا عند الكنسية غير واضحة المعالم ... حتى أصبح الشرّاح والمفسرون يدعون المسيح إلهاً دون أن يقيموا على ذلك الحجة ويستندون في دعواهم على أقوال وردت في خمسة أسفار موسى والزبور وأعمال الرسول ورسائلهم وتأليف القساوسة والبابوات مع أن تلك الأقوال لا تدل أقل دلالة على ألوهية المسيح ) ...
** يقول جرين برنتين في كتابه " أفكار ورجال " : ( إن المسيحية الظافرة في مجمع نيقية – وهي العقيدة الرسمية في أعظم إمبراطورية في العالم – مخالفة كل المخالفة لمسيحية المسيحيين في الجليل(1). ولو أن المرء اعتبر العهد الجديد هو التعبير النهائي عن العقيدة النصرانية لخرج من ذلك قطعاً لا بأن مسيحية القرن الرابع تختلف عن المسيحية الأولى فحسب ... بل بأن المسيحية في القرن الرابع لم تكن مسيحية بتاتاً.
** يقول المؤرخ البريطاني ويلز في كتاب ( معالم تاريخ الإنسانية ) والذي يشير بشكل واضح وصريح إلى الأصابع اليهودية في تحريف وتشويه الديانة النصرانية .. ( وظهر في ذلك الوقت معلم آخر عظيم يعده كثير من الثقات العصريين المؤسس الحقيقي للمسيحية وهو شاؤول الطرسوسي أوبولس والراجح أنه كان يهودي المولد وإن كان بعض كتاب اليهود ينكرون ذلك ولا مراء في أنه تعلم من أساتذة من اليهود بيد أنه كان متبحراً في لاهوتيات الإسكندرية الهلينية ومتأثر بطرائق التعبير الفلسفية للمدارس الهلنستية وبأساليب الرواقيين .. وكان صاحب نظرية دينية ومعلماً يعلم الناس قبل أن يسمع بيسوع الناصري بزمن طويل ... ومن الواضح جداً أنه تأثر بالمثرائية إذ أنه يستعمل عبارات عجيبة الشبه بالعبارات المثرائية ... ويتضح لكل من يقرأ رسائله المتنوعة جنباً إلى جنب مع الأناجيل أن ذهنه كان مشبعاً بفكرة لا تظهر قط بارزة قوية فيما نقل عن يسوع المسيح من أقوال وتعاليم ألا وهي فكرة الشخص الضحية الذي يقدم قرباناً لله كفارة عن الخطيئة فما بشر به يسوع كان ميلاداً جديداً للروح الإنسانية .. أما ما علمه يولس فهو الديانة القديمة ديانة الكاهن والمذبح وسفك الدماء لاسترضاء الآلهة .. وفي أثناء ذلك الأمد غير المحدد كان يحدث فيما يبدو قدر جسيم من الثيوقراطيا (2) بين النحلة المسيحية والعقيدة الميثرائية التي تكاد تضارعها في سعة انتشارها بين سواد الشعب .. على أن ما أسهمت به نحلة الإسكندرية في الفكر المسيحي والطقوس المسيحية كان أعظم قدراً أو يكاد .. إذ كان طبيعياً أن يجد المسيحيون في شخصية حورس(1) شبيهاً مرشداً لهم فيما يبذلون من جهود عنيفة لتفهم ما خلفه لهم القديس بولس من خفايا ) .. ويقول وولز أيضا : ( لقد كانت الكنيسة تفقد سيطرتها على ضمائر الأمراء وذوي اليسار والاقتدار من الناس .. وكذلك شرعت تفقد إيمان عامة الناس وثقتهم بها وكان من نتيجة انحطاط سلطانها الروحي على الطبقة الأولى أن جعلتهم ينكرون تدخلها في شؤونهم وقيودها الخلقية عليهم وادعاءاتها بالسيادة العليا فوقهم وادعاؤها الحق في فرض الضرائب وفي حل ارتباطات الولاء ولذلك فقدت سيطرتها وسلطانها واحترامها عندهم .. وظل هذا الخروج عن طاعة الكنيسة يصدر من الأمراء والحكام طوال العصور الوسطى بكاملها رغم أن الأمراء لم يفكروا جديا بالانفصال عن المذهب الكاثوليكي وإقامة كنائس منفصلة إلا في وقت متأخر ) ...
إن الكنيسة الأوربية التي فقدت سلطتها وفقدت بعد ذلك مصداقيتها وهجرها الناس بعد إذ هجرتهم وملها الناس بعد أن ابتعدت عنهم فلم يعد لها أي تأثير على مجريات الأحداث في الغرب وأصبح همها الوحيد صنع المؤامرات والدسائس وحملات التغريب والتنصير لتخريب كل الأديان والمذاهب والعقائد وتدمير المجتمعات حتى يصبح الناس كل الناس صورة عن المجتمع الغربي البائس المضطرب المحطم .. وخير دليل على ذلك أن عدد الحاضرين إلى الكنائس يوم الآحاد لا تتجاوز في كثير من كنائس العالم 10% فقط أما في غير الآحاد فتكاد تقترب هذه النسبة من الصفر مما اضطر بعض الكنائس الأمريكية إلى إضافة مطعم ومرقص في قبو الكنيسة يقدم الوجبات بأسعار رمزية بسيطة مما يجذب الشباب والشابات إلى مثل هذه الكنائس ليس من أجل التعبد والصلاة ولكن من أجل الرقص والفحش والفجور والأكل والشرب والسكر والخمور .. أما اليوم وبعد شرود الناس عن الكنائس في معظم بلاد العالم عادت الكنيسة تلهث وراء المجتمع وتتعلق بأهداب الناس وتقدم لهم كل المغريات لا لتقود المجتمع إلى دين الله القويم وأخلاق المسيح عليه السلام ولكن لتعيد إلى الكنيسة شيئا من احترامها ومركزها في المجتمع .. وكثيرا ما ينخدع بعض الناس هنا في البلاد الإسلامية حين يرون الطقوس الدينية والاحتفالات الدينية فيحسبون أن للكنيسة تأثيرا على حياة الناس وأن للدين هناك وجود جدي يستحق الاحترام ولكن في الحقيقة هذا مجرد وهم لا يقوم على أية معرفة أو دليل .. يقول الكاتب الهولندي المسلم ليوبولد فايس " محمد أسد " في كتابه القيم " الإسلام على مفترق الطرق " : ( لقد سيطر على الغرب الحديث اعتبارات الانتفاع العملي فلقد كان الهدف الذاتي بادئ ذي بدء إنما هو المعالجة والاكتشاف لكوامن الحياة من غير أن بنسب إلى هذه الحياة حقيقة أدبية في ذاتها .. أما قضية معنى الحياة والغاية منها فقد فقدت منذ زمن بعيد في نظر الأوربي الحديث جميع أهميتها العملية .. إن الاتجاه الديني مبني دائما على الاعتقاد بأن هناك قانون أدبي مطلق شامل وأننا مجبرون أن نخضع أنفسنا لمقتضياته ولكن المدنية الغربية الحديثة لا تقر بالحاجة إلى خضوع ما إلا لمقتضيات اقتصادية أو اجتماعية أو قومية .. إن معبودها الحقيقي ليس من نوع روحاني ولكنه الرفاهية .. وإن فلسفتها الحقيقية المعاصرة إنما تجد قوة التعبير عن نفسها عن طريق الرغبة في القوة وكلا هذين الأمرين موروثان من المدنية الرومانية القديمة .. كانت الفكرة التي تقوم عليها الامبراطورية الرومانية هي الاجتياح بالقوة واستغلال الأقوام الآخرين لفائدة الوطن الأم وحده وفي سبيل الترفيه عن فئة ممتازة حيث لا يجد الروماني في ظلمه سوءا وانحطاطا وأن العدل الروماني الشهير كان عدلا للرومانيين وحدهم ومن الواضح هنا أن اتجاها كهذا كان ممكنا فقط على أساس إدراك مادي خالص للحياة وللحضارة .. إدراك مادي هذبه ذوق فكري ولكنه بعيد عن جميع القيم الروحية .. إن الأوربيين لم يعرفوا الدين وإن آلهتهم التقليدية لم تكن سوى محاكات شاحبة للخرافات اليونانية ) ...
وبالفعل فإن الحضارة الغربية اليوم تسير في نفس الخطى التي سارت عليها الدولة الرومانية القديمة تسلط القوة الغاشمة والبعد عن أصل الدين وروحه وسموه والانغماس بالملذات والشهوات والفساد الأخلاقي العارم .. إنها الردة الغربية إلى ما يقارب ألفي عام إلى الوراء إلى الجذور الرومانية القديمة مع فارق بسيط في التطور المادي والتكنولوجي الذي جعل سلطان القوة المدمرة أشد وأعتى وأكثر فتكا وتدميرا من ذي قبل .. إن الحضارة الغربية اليوم تبدو متمسكة وبشكل ظاهري بالكنيسة وبتعاليم الدين المسيحي ولكنها اقتنعت أخيرا أن لا فائدة من الله ولا من الأديان في موضوع النظام الفكري والمادي وبالتالي اتفقت الأنظمة الغربية بشكل كامل على حبس الدين داخل الأديرة والكنائس والصوامع وسمحت للشيوخ والعجائز بالذهاب إلى هذه الأماكن حتى يغفر الله لهم ما ارتكبوا من جرائم في حق الإنسانية في شبابهم .. لقد زالت الديانة النصرانية عن الحضارة الغربية بشكل كامل وأصبحت تدين بالمادية فقط وإن كل مانراه من الطقوس والاحتفالات الدينية والمواسم التشريفية ليس إلا هيكلا فارغا وقشرة رقيقة لا تحوي داخلها حتى مجرد احترام الكنيسة بالنسبة للغربيين .. لقد أصبح تشييد الكنائس في الدول الغربية نوع من الترف والرفاهية والمناظر الجذابة الفخمة .. ولئن كانت الكنيسة في العالم الشرقي مكانا للعبادة فإنها في بلاد الغرب وبصورة خاصة أمريكا مكانا لكل شيء إلا العبادة وإنك ليصعب عليك أن تفرق بينها وبين أي مكان للهو أو التسلية أوالمواعيد بأشكالها المختلفة ومعظم قصادها إنما يعبدونها تقليدا اجتماعيا ضروريا ومكانا للقاء والأنس وتمضية وقت ممتع وطيب .. ولعل من الملفت للنظر أن يلحق بمعظم الكنائس ناديا يضم الشباب والشابات يقدم العديد من البرامج الترفيهية المشوقة والغناء والرقص وليس هناك من بأس في استخدام أجمل الفتيات والعارضات للغناء والرقص والترويح عن الشباب إضافة إلى الألعاب السحرية والمسابقات وغير ذلك كثير وكل ذلك لجذب الشباب الغربي الضائع الحائر لا إلى الدين المسيحي لأن الدين المسيحي قد انتهى كدين سماوي وإنما إلى الكنيسة المنحرفة الضالة عن طريق المسيح عليه السلام .. ولا أريد هنا أن أحشد القصص والحكايات عن رجال الدين النصراني وانحرافاتهم وإنما أكتفي بهذه الإشارة للدلالة على مدى انحراف الكنيسة عن مسارها التربوي والأخلاقي والعقيدي والفكري .. وأريد هنا أن أنوه على أن الكنائس الشرقية ربما لاتزال تحافظ على الحد الأدنى من الأخلاقيات والروحانيات والعادات والتقاليد إلا أنها لاتختلف عن بقية الكنائس الغربية في الانحراف الفكري والعقيدي .
الاستبداد والطغيان في الكنيسة :
لقد كان من الملفت للنظر بعد أن قام القياصرة الرومان بسلب النصرانية أهم أسسها ومقوماتها وإعطائها زاوية صغيرة جداً من زوايا الحياة .. لقد كان من الملفت للنظر بل من العجيب حقاً أن تتواطأ الكنسية عبر التاريخ مع الطغاة والجبابرة والقياصرة والحكام .. وأن تتعاون معهم على ظلم الناس وسحقهم واستعبادهم .. فكان هذا التحالف العجيب بين الكنيسة النصرانية وبين الزعامات الدينية المتوالية عبر التاريخ إقراراً بسلطة الطغاة وعوناً لهم على الطغيان والاستبداد والاستعباد، وبذلك نجد أن الكنيسة المتحالفة مع القياصرة قد مارست أبشع صنوف الوحشية والظلم والاستبداد ضد الشعوب النصرانية أولاً وضد الديانات الأخرى ثانياً فكانت قوافل الموت تبطش بالعلماء والمفكرين والإصلاحيين من أبناء جلدتهم وعقيدتهم .. ثم جاءت محاكم التفتيش التي ارتكبت أبشع الجرائم في حق المسلمين العزل الذين قدموا لهم الحضارة والعلم والرقي والتقدم ولا تزال الكنائس والمحافل الكنسية حتى يومنا هذا تخطط وتنفذ أبشع الجرائم في حق الإنسانية وبصورة خاصة بحق الشعوب الإسلامية .. لقد مارست الكنيسة على مدار التاريخ طغياناً في العديد من مجالات الحياة ومن هذه المجالات :
الطغيان الروحي:
حيث أعطت للكرادلة والبابوات والقساوسة ورجال الدين صفة إلهية مقدسة وأعطت لأوامرهم وتعاليمهم صفة القداسة بحيث لا يمكن الاعتراض عليها أو مخالفتها .. فكانت في هذه الناحية بالذات ظالمة جائرة استطاعت أن تدخل إلى دين النصرانية العديد من الأمور التي ليست من هذا الدين في شيء .. وأجبرت الناس على معتقدات وثنية ما أنزل الله بها من سلطان ولعل أهم المعتقدات موضوع عقيدة التثليث وألوهية عيسى عليه السلام وألوهية جبريل وألوهية مريم عليهم السلام .. ولعل الطغيان الروحي يبتدئ منذ ولادة الإنسان فقد فرضت الكنيسة على ذوي الطفل أن يتم تعميده في الكنيسة على يد الكهنة حيث لا يتم التعميد إلا على يد رجل الدين على مستوي معين في الكنيسة باعتباره الوسيط بين الناس وبين الله، ومن ثم تبدأ حياة المسيحي بتلك الوساطة الكهنوتية التي تدخله منذ ولادته في حظيرة الدين المسيحي ثم بعد ذلك يجب أن ترتبط حياته الروحية كلها بالكنيسة وبكهنة الكنيسة من زواج وطلاق وموعظة أيام الآحاد وتوجيه واعتراف بالخطايا وتقبل التوبة إذ لا تقبل التوبة إلا بموافقة الكاهن وفي نهاية المطاف القداس الذي يقيمه الكاهن على من يموت من النصارى .. أي أن الارتباط الروحي للفرد المسيحي بالكنسية منذ ولادته وحتى موته ارتباطاً عضوياً فاعلاً لا يمكن التخلي عنه ولا الإنفلات من ربقته .. أضف إلى ذلك موضوع تكريس الوساطة بين العبد وربه فالقسيس أو الكاهن أو رجل الدين هو الوسيط المعتمد بين الفرد المسيحي وربه فلا يستطيع هذا الفرد مهما كانت درجة إيمانه أو مهما ازدادت حركة وجدانه أن يتصل مباشرة بالله بعيداً عن سلطان الكاهن .. ومن هذا المنطلق نستطيع أن نفهم لماذا تطلق صفة ( قداسة البابا ) بهذا الشكل الملفت للنظر .. ذلك لأنه في نظرهم شخص مقدس وأنه هو المتحدث باسم الرب الإله في الأرض وأن كلامه مقدس منزه عن الخطأ.. وأنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى .. هذا طبعاً في اعتقاد النصارى عبر تاريخهم الطويل .. لذلك نجد أن طغيان رجال الدين المسيحي من الناحية الروحية كان من أبشع أنواع الطغيان في التاريخ وإني لأتعجب هنا كيف يتم اختيار شخص بواسطة التصويت والانتخاب من قبل بشر معينين وأتعجب أكثر كيف يتم الربط بينه وبين الله فيما بعد وكيف تتنزل هذه القدسية على هذا الشخص فيما بعد ليصبح كلامه وحياً منزلاً من عند الله ..؟!
الطغيان العقلي والفكري:
انطلاقاً من السلطة الروحية التي حظي عليها رجال الدين المسيحي .. وانطلاقاً من القداسة التي هي من أهم الطقوس والتعاليم الكنسية .. وانطلاقاً من اعتبار رجال الدين المسيحي هم الصلة القدسية بين الناس في هذه الحياة وبين الله سبحانه وتعالى فقد أخذت الكنسية على مدار التاريخ تفرض طغيانها العقلي والفكري ... حيث فرضت الكثير من الأفكار والمعميات والخرافات على عقول الناس وأفكارهم واعتبرت أن أية مناقشة أوشك في هذه التعاليم الكنسية هي هرطقة يستحق صاحبها الخروج من رضوان البابوية والخروج من رضوان الله وكذلك اللعنة الأبدية من الرب والإله والقتل والحرق في كثير من الأحيان .. والعجيب في الأمر أن كثيراً من هذه الادعاءات والأفكار التي تطرحها الكنسية مناقض تماماً للعقل والفكر والعلم والمنطق وبالتالي فإنها تعتبر تضليلاً وطغياناً للعقل والفكر البشري الذي خصنا الله سبحانه وتعالى به على سائر مخلوقاته .. لقد قامت الكنيسة على مدار التاريخ بأبشع جريمة هي محاصرة العقل والفكر البشري وسجنه ومنعه من السمو والانطلاق حيث أجبرت الناس على إغلاق عقولهم وعدم التفكير فيما تصدر من أوامر وتعليمات وطقوس بل منعت حتى مجرد المناقشة لأية فكرة أو أمر أو تعليمات تصدرها الكنيسة وذلك كله من خلال مقولة كاذبة دخيلة وهي قدسية رجال الدين الذين لا ينطقون عن الهوى إنما ينطقون عن وحي من الله سبحانه وتعالى وبذلك وضعت الكنيسة العقل البشري في قفص الاتهام أو في سجن من القيود والتعليمات التي ما أنزل الله بها من سلطان والتي لا يمكن لأحد من أبناء النصارى أن يتعداها.
الطغيان المالي:
ننطلق في بحث هذه الفكرة من أن دين المسيح عليه السلام جاء أصلاً لتصحيح الانحراف المادي والروحي الذي طرأ على عقيدة اليهود. فلما استحكمت المصالح المادية على عقول اليهود وأصبحوا غارقين في مصالحهم الشخصية المادية الدنيوية جاءت ديانة عيسى عليه السلام بتعاليم روحية سامية لتصحيح هذا الانحراف الكبير عند بني إسرائيل ... وعلى الرغم من أن الأناجيل كلها محرفة باعتراف علماء ومفكري النصارى إلا أننا نجد العديد من هذه التعاليم التي تنص على وجوب الترفع عن المادة وضرورة التواضع والتقشف والرهبانية والابتعاد عن مباهج الحياة .. أذكر هنا بعض الأمثلة من كتبهم المقدسة ومن ثم نقارن بين هذه النصوص وبين الواقع الفعلي الذي يعيشه رجال الدين المسيحي .. ( وأبلغهم أن من أراد الملكوت فخبز الشعير والنوم في المزابل مع الكلاب كثير عليه ) .. ( إن مرور جمل من ثقب إبرة أيسر من أن يدخل غني إلى ملكوت الله ) (1) .. ( وأن لا تقتنوا ذهباً ولا فضة ولا نحاساً في مناطقكم ولا فروداً للطريق ولا ثوبين ولا أحذية ولا عصا"(2).. ولكي لا يقال أننا نتهم الناس بما ليس فيهم فإني سأبدأ مناقشة هذه الفكرة بقول الكاتب الغربي كيرسون في كتابه ( المشكلة الأخلاقية ) .. حيث يقول : ( كانت الفضائل المسيحية كالفقر والتواضع والقناعة والصوم والورع والرحمة كل ذلك كان خيراً للمؤمنين والقسيسين وللقديسين وللخطب والمواعظ أما أساقفة البلاط والشخصيات الكهنوتية الكبيرة فقد كان لهم شيء آخر .. البذخ والأحاديث المتأنقة مع النساء والشهرة في المجالس الخاصة والعجلات والخدم والأرباح الجسيمة والموارد والمناصب ) ...
** إن بولس ولوقا ومرقص ويوحنا ليسوا من حواريي المسيح وإنما نقلوا رواياتهم عن مجهول والمجهول لا يعتد بروايته ...
** يقول اللورد البريطاني ( هيدلي ) الذي اعتنق الإسلام : ( إن المسيحي مطالب بأن يعيد التفكير بعقيدة التثليث إذا أراد الخلاص .. ولكنه إذا ناقش في هذا فهو مهدد باللعنة الأبدية .. ولعل هذا هو السر في انتشار موجة الإلحاد بين المثقفين الغربيين ممن حكموا عقولهم فوجدوا أن المعتقدات التي تلقوها في صغرهم تتعارض مع قوانين العقل والمنطق والحس السليم والمادة والمصطلحات العلمية والفلسفية ) ...
** ويقول الكاتب الغربي ( وول ديورانت ) في كتابه القيم قصة الحضارة : ( أصبحت الكنيسة أكبر ملاك الأراضي وأكبر السادة الإقطاعيين في أوروبا .. فقد كان دير "فلدا" مثلاً يمتلك خمس عشر ألف قصر صغير وكان دير "سانت جول" يملك ألفين من رقيق الأرض .. وكان "الكوين فينور" أحد رجال الدين – سيد العشرين ألفاً من الأرقاء وكان الملك هو الذي يعين رؤساء الأساقفة والأديرة وكانوا يقسمون يمين الولاء للملك كغيرهم من الملاك الإقطاعيين ويلقبون بالدوق والكنت وغيرها من الألقاب الإقطاعية .. وهكذا أصبحت الكنيسة جزءً من النظام الإقطاعي .. لقد كانت أملاكها المادية وحقوقها والتزاماتها الإقطاعية مما يجلل بالعار كل مسيحي متمسك بدينه وسخرية تلوكها الألسنة الخارجة عن الدين ومصدراً للجدل والعنف بين الأباطرة والبابوات ) ...
** يقول " وايكلف " أحد أهم الإصلاحيين الذين ثاروا على فساد الكنيسة نقلاً عن كتاب تاريخ أوروبا للكاتب فيشر: ( إن الكنيسة تملك ثلث أراضي إنجلترا وتأخذ الضرائب من الباقي ) ...
** يقول ويلز في كتابه " معالم تاريخ الإنسانية " : ( كانت الكنيسة تجني الضرائب ولها ممتلكات فسيحة ولها دخل عظيم من الرسوم وقد فرضت ضريبة العشور على رعاياها وهي لم تدعُ إلى هذا الأمر بوصفة عملاً من أعمال الإحسان والبر بل طالبت به كحق إلهي ) ...
** فرض البابا يوحنا الثاني والعشرين ضريبة جديدة سميت : ( ضريبة السنة الأولى ) .. وهي دخل السنة الأولى لأية وظيفة دينية أو إقطاعية تدفع بشكل إلزامي للكنيسة .. هذا ولقد استطاعت الكنيسة بالتواطؤ مع – القياصرة والحكام والزعماء أن تمتلك إقطاعيات هائلة وعقارات رهيبة وبعدها أصدرت ما يسمى بصكوك الغفران والتي جمعت من خلالها ثروات طائلة مقابل بيع الشعوب المسكينة قطعة من الجنة وفق صكوك كاذبة مزيفة تستخف بعقل الإنسان وتنهب ثروته وماله لصالح الكنيسة ولصالح رجال الدين .. لقد اتفقت مصالح الدول الاستعمارية مع مصالح الكنيسة فكان هناك الدعم المادي السخي من تلك الدول إلى الكنائس والأديرة وتخصيص مبالغ طائلة في عمليات التكفير على مستوى العالم والتي يسمونها التبشير والتي قدمت للإستعمار خدمات جليلة لا تقدر بثمن، وهنا أقف لأتساءل هل هذه الصفات التي يتصف بها رجال الدين المسيحي منذ قرون عديدة وحتى اليوم تنسجم مع معتقداتهم الموجودة في كتبهم المقدسة .؟!.. يقول ربنا جل شأنه وهو أصدق الصادقين [ يا أيها الذين آمنوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالبَاطِلِ .. والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب عظيم .. يوم يحمى عليها في نار حهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ماكنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون ] {التوبة:34} ...
الطغيان السياسي:
لقد بدأ هذا الطغيان السياسي من التحالف الاستراتيجي بين الكنيسة والسلطة السياسية الحاكمة في كل بلد يتواجدون فيه حيث تم إعطاء المبررات الضرورية لهذا التحالف من المقولة المنسوبة كذبا وزورا إلى المسيح عليه السلام : ( أعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله ) .. فكانت سلطة الكنيسة على مر العصور والأزمات دعماً للحكام والملوك والقياصرة والأباطرة وذلك مقابل الحصول على جزء من السلطة المادية والسياسية .. إن سلطة الحكام في كل عهد من العهود تحتاج إلى دعم من رجال الدين المزيفين الذين يدفعون الناس بشكل أو بآخر إلى الانصياع والطاعة العمياء لسلطة الحاكم .. لذلك فقد كان هناك هذا التحالف الاستراتيجي بين الحكام ورجال الدين على مدار التاريخ ... حيث تقوم الكنيسة بدعم الحاكم وتثبيت حكمه من خلال سلطتها الروحية مقابل أن يكون لها جزء من السلطة تتحكم من خلاله في مصائر الناس وأموالهم لصالح الكنيسة أو لصالح رجال الدين ...
إن هذا الطغيان السياسي للكنيسة لم يكن في يوم من الأيام من أجل تطبيق شرع الله على الأرض ولم يكن من أجل إقامة العدل بين الناس وإنما كان تنفيذاً لمصالح سلطوية أو مادية أو شخصية وبذلك فإن الكنيسة في طغيانها هذا تكون قد ارتكبت جريمتين في آنٍ واحد في حق الشعوب .. الجريمة الأولى التخلي عن واجبها في تطبيق شريعة الله في الأرض والثانية أنها حاربت وقاتلت وأراقت الدماء في سبيل إخضاع الناس لسلطانها وسلطان الحكام الطغاة .. ولقد اعتمد رجال الدين المسيحي في طغيانهم السياسي على عنصر القدسية الخاصة لرجال الدين .. وفي هذا المجال ينقل الكاتب الغربي وول ديورانت في كتابه القيم " قصة الحضارة " بياناً للبابا نيقولا الأول يقول فيه : ( إن ابن الله أنشأ الكنيسة بأن جعل الرسول بطرس أول رئيس لها وأن أساقفة روما ورثوا سلطات بطرس في تسلسل مستمر متصل .. ولذلك فإن البابا ممثل الله على ظهر الأرض يجب أن تكون له السيادة العليا والسلطان الأعظم على جميع المسيحيين حكاماً كانوا أو محكومين ) .. وبناء على هذا التصور الكنسي فقد مارست الكنيسة في القرون الوسطى طغياناً سياسياً هائلاً على الحكام والمحكومين أدى في كثير من الأحيان إلى صراعات شديدة حتى استطاعت الحركات الإصلاحية والثورات الدموية أن تحد من سلطة الكنيسة وإخراجها من عالم السياسة والحكم بشكل كلي أو جزئي مع بقاء سلطة سياسية معنوية على الحكام والمحكومين حتى يومنا هذا .. ولقد حصل الصراع على السلطة بين البابا ( هيلد براند ) وبين الإمبراطور ( هنري الرابع ) إمبراطور إلمانيا حيث حاول الإمبراطور خلع البابا من منصبه الكنسي فرد البابا بخلع الإمبراطور وتأليب الزعماء والأمراء وأصحاب الشأن في الدولة الألمانية مما اضطر الإمبراطور إلى الاعتذار وأخذ الصفح من البابا حتى لا يفقد عرشه .. وفي إنجلترا فقد أصدر ملك إنجلترا دستوراً يلغي فيه كثيراً من امتيازات رجال الدين الذين كانوا يملكون الكثير ولا يدفعون شيئاً من الضرائب مما أثار غضب الكنيسة ولكن سرعان ما أعلن ندمه وتوبته وسار بنفسه إلى مقر رئيس الأساقفة ومشى على الأرض الصلبة حافي القدمين ثلاثة أميال حتى نزف الدم منها وطلب من الرهبان وقد استلقى على الأرض أن يضربوه بالسياط حتى يرضى عنه الغاضبون .. هكذا كان طغيان الكنيسة السياسي على الحكام والمحكومين .. ولكن نتيجة لهذا الظلم والطغيان فقد قامت الثورات في بلاد الغرب لتحد من سلطات الكنيسة وطغيانها في عملية بدأت تحت مفهوم إصلاحي ولكنها وصلت إلى العلمانية والوجودية والابتعاد عن الدين والصراع بين الإصلاحيين والكنيسة فبذلك تكون أوروبا قد استبدلت طغيان الكنيسة بطغيان أدهى وأمر فألقت الدين من حياتها وقضت على كل القيم الروحية والأخلاقية لتصل بشعوبها إلى فساد وضياع وشقاء قاتل مرير.. وإلى تسلط الحكام الديكتاتوريين في كثير من الأحيان ...
الطغيان العلمي:
يعتبر الطغيان العلمي للكنيسة من أهم وأخطر أنواع الطغيان ذلك لأن الكنيسة وقفت موقفاً عدائياً صارمًا أمام الحقائق العلمية والمكتشفات العلمية واصطدمت مع العقل والفكر والعلم بشكل سافر وبشكل عنيف وذلك كله لتفرض على عقول الناس خرافات وأساطير أضفت عليها صفة القدسية .. إن العالم الذي يفني حياته للوصول إلى اكتشاف علمي حقيقي ثابت ثم تأتي الكنيسة لتسفه علمه واكتشافاته بتعليمات خرافية أو مشوهة أو غير ثابتة .. ثم تأتي الكنيسة بعد ذلك لتحكم على هذا وذاك من خلال خرافاتها وأساطيرها بما يسمى بالهرطقة والتي تصل عقوبتها إلى الموت أو الحرق في كثير من الأحيان .. إن هذا التصرف اللامنطقي أدى إلى تصادم كبير بين الكنيسة والعلماء أولاً .. وبين الكنيسة والمفكرين ثانياً وبين الكنيسة وبين الشعوب قاطبة ثالثًا ذلك لأن الحق أحق أن يتبع وأن الخرافات والأساطير والأوهام لا بد وأن تزول أمام الحقائق العلمية الثابتة .. ابتدأت قصة الصدام بين العلماء والكنيسة عندما قام بعض العلماء بإقرار حقيقة كروية الأرض التي وضعها العلماء المسلمون وإقرار أن الأرض ليست مركز الكون فقامت قيامة الكنيسة على هؤلاء العلماء ذلك لأن التوراة المحرفة تقول إن الأرض مستوية وأنها هي مركز الكون وإن الإنسان على هذه الأرض هو مركز الوجود كله .. وكان على رأس هؤلاء العلماء العالم الفلكي البولندي كوبر نيكوس والفيلسوف الإيطالي جردانوبرونو والعالم الفلكي الإيطالي الشهير جاليلو .. وذلك فيما بين القرن الرابع عشر والسادس عشر الميلادي وغيرهم كثير من العلماء والباحثين والمفكرين الذين لاقوا على يد الكنيسة أشد أنواع التعذيب والتنكيل والتي وصلت إلى حد إحراقهم بالنار تحت مسمى الهرطقة ومعارضة التعاليم المقدسة للكنيسة .. لقد قامت الكنيسة بمثل هذه الأعمال الوحشية حفاظًا على كيانها الذي يقوم على الخرافة والجهل والأباطيل والترهات والأوهام ويستند على الكتب المحرفة المبدلة التي لم يبق من أصولها الإلهية الحقة إلا النذر اليسير .. أنها خشيت من صوت الحق على كيانها أن يتصدع وعلى هيبتها أن تنهار وعلى سلطتها أن تتحطم أمام الحقائق العلمية الثابتة .. إضافة إلى أن هذه العلوم والمكتشفات إنما جاءت إليهم من الحضارة الإسلامية في بلاد الأندلس وهم في عنصريتهم يكرهون كل ما يمت إلى الحضارة الإسلامية بصلة .. وذلك لأن مثل هذه العلوم والمكتشفات العلمية القادمة من الحضارة الإسلامية لتبشر بانتشار الإسلام على حساب النصرانية وهذا ما لا يمكن قبوله من الكنيسة بحال من الأحوال.
فساد رجال الدين:
أستهل هذه الفكرة بقول شاهد من العلماء والمفكرين المسيحيين حيث يقول وول ديورانت في كتابه القيم قصة الحضارة : ( لقد كان يسع الكنيسة أن تحتفظ بحقوقها القدسية المستمدة من الكتب المقدسة العبرية والتقاليد المسيحية لو أن رجالها تمسكوا بأهداب الفضيلة والورع .. ولكن كثرتهم الغالبة ارتضت ما في أخلاق زمانها من شر وخير وكانوا هم أنفسهم مرآة ينعكس عليها ما في سيرة غير رجال الدين من أضداد .. وكان بين الأساقفة ورؤساء الأديرة بعض من يحيون حياة منعمة .. وكان بين هذا التقى والورع كثير من التراخي في الأخلاق بين رجال الدين نستطيع أن نثبته بما نقدمه من مئات الأمثلة .. فهذا هو بترارك الذي بقي مخلصاً لدين المسيح إلى آخر حياته ... يندد أكثر من مرة بأخلاق رجال الدين المقيمين في أفنيون .. وأن الحياة الخليعة التي كان يحياها رجال الدين الإيطاليون موضوع يتكرر وصفه بالأدب الإيطالي .. فبوكاشيو يتحدث عما في حياة رجال الدين من دعارة وقذارة ومن انغماس في الملذات طبيعية كانت أو غير طبيعية ووصف ماستشيو الرهبان والأخوان بأنهم خدم الشيطان المنغمسون بالفسق واللواط وها هو ذا أريثينو الذي لم يتورع عن أية قذارة يسخر من الفاسقين بقوله أن أخطاءهم لا تقل عن خطايا رجال الدين .. أما بجيو فإنه يفرغ ما عرفه من ألفاظ السباب في التشنيع على فساد أخلاق الرهبان والقسيسين ونفاقهم وشرهم وجهلهم وغطرستهم .. ويبدو أن الراهبات ملائكة الرحمة كان لهن نصيب من هذا المرح وأنهن كن مرحات رشيقات في البندقية بنوع خاص حيث كانت أديرة الرجال والنساء متقاربة قرباً يسمح لمن فيها بالاشتراك من حين إلى حين في فراش واحد .. وتحتوي سجلات أحد الأديرة على عشرين مجلداً من المحاكمات بسبب الاتصال الجنسي بين الرهبان والراهبات ويتحدث أرتينو عن راهبات البندقية حديثاً لا تطاوع الإنسان نفسه أن ينطق به .. أما جوشيارديني الرجل الرزين المعتدل فإنه يخرج عن طوره ويفقد اتزانه حين يصف روما فيقول : أما بلاط روما فإن المرء لا يستطيع أن يصفه بما يستحق من القسوة فهو العار الذي لا ينمحي أبد الدهر وهي مضرب المثل في كل ما هو خسيس مخجل في العالم ) انتهى قول ديورانت ...
وتقول القديسة كاترين السينائية : ( إنك إينما وليت وجهك سواء نحو القساوسة أو الأساقفة أو غيرهم من رجال الدين أو الطوائف الدينية المختلفة .. أوالأحبار من الطبقات الدنيا أو العليا فلم تر إلا شراً ورزيلة تزكم أنفك رائحة الخطايا الآدمية البشعة .. إنهم كلهم ضيقوا العقل شرهون بخلاء تخلوا عن رعاية الأرواح .. واتخذوا بطونهم إلهاً لهم يأكلون ويشربون في الولائم الصاخبة حيث يتمرغون في الأقذار ويقضون حياتهم في الفسق والفجور ) .. ويذكر المؤرخون الغربيون : ( أن كرسي البابوية ظل سنوات عديدة لا ينال إلا بالرشوة أو القتل أو رغبات النساء ذوات المقام السامي والخلق الدنيء .. وبقيت أسرة بثوفيلاكت هي التي ترفع البابوات إلى كرسيهم وتنزلهم عنها .. واستطاعت ابنة مريوزا أن تنجح في اختيار عشيقها سيرجيوس الثالث لكرسي البابوية .. واستطاعت زوجة ثيودورا أن تنصب البابا يوحنا العاشر الذي كان عشيقاً لها .. أما يوحنا الثاني عشر فقد حوكم أمام مجلس كنسي بتهمة الرشاوى وأنه عين غلاماً في العاشرة من عمرة أسقفاً وأنه زنى بخليلة أبيه وضاجع أرملته وابنة أخيها وأنه حول قصر البابوية إلى ماخور للدعارة ) .. راجع بالتفصيل ( قصة الحضارة ) للمؤرخ العالمي الشهير وول ديورانت ..
ولو أردنا أن نجمع الفضائح التي يرتكبها رجال الدين المسيحي لحصلنا على مجلدات عديدة وذلك من أقوال مؤرخيهم ومفكريهم وذلك للدلالة على فسادهم وإغراقهم بالفساد ولا أدل على ذلك من قصص شاعر الحب والعشق والغرام كازانوفا الذي كان راهبا يلقي المواعظ على الناس في نفس الوقت الذي كان يتجسس على الفتيات ويمارس معهن الحب والفسق والفجور في غفلة عن أعين الناس كما ذكر هو في كتابه " غراميات كازانوفا " .. ورغم كل هذا الفساد فإنني أريد أن أقرر أن التعميم في كثير من الأحيان يجر إلى الأخطاء الجسيمة لذلك فإنني على يقين من أن هناك نسبة كبيرة من رجال الدين المسيحي تتصف بالخلق القويم والصفات السامية الحميدة خاصة في مناطق الشرق العربي ولكن مما لا شك فيه أيضا أن أن عنصر الفساد قد استفحل أيضا في سلك رجال الدين المسيحي مما سمح للعديد من كتاب النصارى بمثل هذا الهجوم الكاسح عليهم ..
موضوع صكوك الغفران:
يعتبر موضوع صكوك الغفران الذي انتشر ابتداءً من القرن الثالث عشر وحتى القرن الثامن عشر أحد الدلائل الرئيسية على فساد الكنيسة وفساد رجال الدين أشد الفساد حيث أصبحت الكنيسة تتاجر بإقطاعيات كبيرة في الجنة تبيع وتشتري ما لا تملك إلى الناس البسطاء السذج بشكل عام وإلى الناس المستغلين المستفيدين بشكل خاص .. وذلك كله تحت سلطة القداسة التي يمتلكها البابا أو رجال الدين الإكليريكيين أو القسس والرهبان كل بحسب درجته ومرتبته في سلم رجال الدين .. ولعل أول إقرار لهذا المبدأ أن الكنيسة تمتلك حقا إلهيًا بمغفرة الذنوب والآثام وإدخال الناس الجنة وإنقاذهم من النار يوم القيامة .. يقول هذا البيان : ( إن يسوع المسيح لما كان قد قلد الكنيسة سلطان منح المغفرة للناس .. فقد استعملت الكنيسة هذا السلطان الذي نالته من العلا منذ الأيام الأولى فقد أعلن المجمع المقدس وأمر بأن تحفظ للكنيسة في الكنيسة هذه العملية الخلاصية للشعب المسيحي والمثبتة بسلطان المجامع .. ثم الضرب بسيف الحرمان كل من ينكر على الكنيسة سلطان منحها .. غير أنه قد رغب في أن يستعمل هذا السلطان باعتدال واحتراز حسب العادة المحفوظة قديماً والمثبتة في الكنيسة لئلا يمس التهذيب الكنسي تراخ بفرط التساهل )(1).. هذا ولقد صدرت صيغ متعددة لمثل هذه الصكوك والتي يمكن إثبات صيغة لأشهر النسخ المطبوعة التي كانت متداولة وبشكل كبير في القرن الخامس عشر وما بعده والتي نقلناها عن كتاب ( المسيحية ) للأستاذ أحمد شلبي .. يقول الصك : ( ربنا يسوع يرحمك يا .... ويشملك باستحقاقات الأمة الكلية القدسية وأنا بالسلطان الرسولي المعطى لي أحلك من جميع القصاصات والأحكام والطائلات الكنسية التي استوجبتها وأيضاً جميع الإفراط والخطايا والذنوب التي ارتكبتها مهما كانت عظيمة وفظيعة .. ومن كل علة وإن كانت محفوظة لأبينا الأقدس البابا والكرسي الرسولي وأمحو جميع أقذار الذنوب وكل علامات الملامة التي ربما جلبتها على نفسك في هذه الفرصة وأرفع القصاصات التي كنت تلتزم بمكابدتها في المظهر وأردك حديثاً إلى الشركة في أسرار الكنيسة وأقرنك مع شركة القديسين .. أردك ثانية إلى الطهارة والبر الذين كانا لك عند معموديتك .. حتى أنه في ساعة الموت يغلق أمامك الباب الذي يدخل منه الخطاة إلى محل العذاب والعقاب ويفتح الباب الذي يؤدي إلى فردوس الفرح وإن لم تمت سنين مستطيلة فهذه النعمة تبقى غير متغيرة حتى تأتي ساعتك الأخيرة باسم الأب والابن والروح القدس ) .. إن هذا الصك يعني إعفاء المجرمين من جرائمهم والنصابين من نصبهم والسارقين من سرقاتهم والمفسدين من إفسادهم والزناة المغتصبين من جرائمهم .. وهذا يعني أيضا أنه من يدفع قيمة هذا الصك يستطيع أن يقوم بأية جريمة أو ذنب أو كارثة أو قتل أو إرهاب لأنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر .. هكذا وبهذا السخف المقيت أصبحت الكنيسة تشجع الجريمة والفساد والإرهاب والقتل والزنا والاغتصاب دونما رادع يردع أو قانون يمنع وبذلك انتشر الفساد في تلك المجتمعات كالنار في الهشيم حتى دخل هذا الفساد ا لأديرة والمعابد والكنائس لأن أي ذنب أصبح مغفوراً بمثل هذه الصكوك الظالمة الجائرة .. إن مبدأ صكوك الغفران هو مبدأ وثني انتشر في العقائد الوثنية منذ القدم حيث كان للكاهن سلطة إلهية مقدسة يستطيع من خلالها أن يعفو ويصفح ويغفر الذنوب والآثام ولكن هذه العقائد الوثنية لم تصل إلى حد غفران الذنوب المستقبلية التي لم تقع بعد والتي تغري المجرمين والفاسدين والإرهابيين والإباحيين بالجرائم والفساد ما دامت الكنيسة قد غفرت لهم ما تقدم من ذنبهم وما تأخر .. ولعل هذا المستنقع الآسن هو الذي خرج الطغاة والمجرمين والنازيين والفاشيين الذين طغوا وتجبروا وقتلوا وشردوا الملايين من الناس عبر التاريخ حيث قامت هذه القوافل الإجرامية التي تدعي التدين ولا تزال بأبشع الجرائم الإنسانية بدء من محاكم التفتيش ومحارق هتلر ومجازر موسوليني وميلوزوفيتش وكراديتش وحرب فيتنام وفلسطين والشيشان وكوسوفا والبوسنة والهرسك وإيراندا الشمالية وإقليم الباسك ولا ننسى جريمة العصر الحديث في فلسطين وجرائم بريطانيا وأمريكا في أفغانستان والعراق وجرائم روسيا في الشيشان وجرائم الصرب في كوسوفا والبوسنة والهرسك والجبل الأسود وكل هؤلاء المجرمين يدعون التدين وكلهم يمتلكون صكوكا للغفران غفرت لهم ماتقدم من ذنبهم وما تأخر وأدخلتهم الجنة بلا حساب ..
الاعتـراف:
مهزلة أخرى من مهازل الكنيسة النصرانية والتي لم تزل سارية المفعول حتى عهدنا هذا ألا وهي مهزلة الاعتراف وكرسي الاعتراف .. فلقد كنت أسمع عن هذه القضية المهزلة منذ زمن بعيد وكنت ابتسم وأضحك ولا أصدق مثل هذه الخرافات حتى ساقتني قدماي في يوم من الأيام لزيادة إحدى الكنائس العريقة القديمة في مدينة ( كراكو ) البولندية العريقة ... حيث أعجبت كثيراً بالفن المعماري الراقي لهذه الكنيسة القديمة ولكني في النهاية وصلت إلى كرسي الاعتراف والغرفة المغلقة التي يجلس فيها القسيس ويستمع إلى المعترف رجلاً أو امرأة من خلال كوة صغيرة وشهدت بنفسي كيف يجلس المعترف على كرسي ويحني رأسه إلى تلك الكوة الصغيرة ويتمتم بكلمات لم أسمعها ولو سمعتها لما فهمتها لأنه كان يتكلم بالبولونية ولكني استطعت أن أقدر أن هذا الشخص جاء ليعترف بذنبه أمام القسيس لكي يحصل من هذا القسيس على المغفرة والرضوان .. وفي هذا المجال سمعت قصصًا كثيرة ومخزية عن هذا الموضوع الذي يستهين بعقل الإنسان ويحط من قدره ويشجع من ناحية أخرى على ارتكاب الآثام والأخطاء والجرائم إذ بمجرد الاعتراف أمام الكنيسة بهذا الذنب يحصل مثل هذا المجرم على المغفرة والرضوان .. ولقد ذكر لي أحد الأصدقاء من الطائفة المسيحية الأرمنية الأرثوذكسية وكان قد درس الهندسة في إيطاليا قصصا مضحكة عن العاهرات والشاذين والشاذات والفاسقين والفاسقات والمجرمين والمجرمات الذين يقضون نهارهم بالفحش والإجرام وليلهم بالعهر والفجور كيف يتنبه ضميرهم في لحظة معينة فيذهبون إلى الكنيسة ليعترفوا فتغفر ذنوبهم ثم يعودوا إلى سابق عهدهم في اليوم التالي .. ولا أريد أن أذكر مثل هذه القصص لأنها كثيرة جدا ومعروفة ومحلها ليس في هذا الكتاب .. وذكر لي أحد الأصدقاء الفيليبينيين المسيحيين أيضا أنه يكره الكنيسة ورجالها كرها عظيما ويصفهم بأشنع الصفات .. وذكر لي أن أمه عندما ذهبت إلى الكنيسة للإعتراف راودها القسيس عن نفسها واعتدى عليها مما تسبب لديه هذه الكراهية للكنيسة ولرجال الدين بشكل عام ...
من أقوالهم العنصرية الحاقدة :
** يقول غلاديستون : ( مادام هذا القرآن موجودا بين أيدي المسلمين فلن تستطيع أوربا السيطرة على الشرق .. ويقول الشيوعيون : من المستحيل تثبيت الشيوعية قبل سحق الإسلام نهائيا ) .. تشابهت قلوبهم وماتخفي صدورهم أكبر ...
** يقول أشعيا بومان : ( لم يتفق قط أن شعبا مسيحيا دخل الإسلام ثم عاد نصرانيا ) .. ويقول أيضا : ( إن الإسلام منذ ظهر في مكة لم يضعف عدديا بل إن أتباعه يزدادون باستمرار وإن من أهم اسباب خوفنا من الإسلام أن من أركانه الأساسية الجهاد )
** يقول هلنوتو وزير الخارجية الفرنسي الأسبق : ( لا يوجد مكان على الأرض إلا واجتاز الإسلام حدوده وانتشر فيه فهو الدين الوحيد الذي يميل الناس إلى اعتناقه يشدة تفوق كل الأديان الأخرى ) ...
** وقال ملك فرنسا " لويس التاسع " : ( إنه لا يمكن الانتصار على المسلمين من خلال الحرب لأن الحرب تزيدهم قوة وتماسكا وإنما يكون ذلك باتباع السياسة التالية :
* إشاعة الفرقة بين قادة المسلمين .
* عدم تمكين البلاد الإسلامية من أن يقوم فيها حكم صالح .
* إفساد أنظمة الحكم في البلاد الإسلامية بالرشوة والنساء .
* الحيلولة دون قيام وحدة عربية في المنطقة .
* العمل على قيام دولة غريبة في المنطقة العربية تمتد حتى تصل إلى الغرب .
** يقول مرماديوك باكتول : ( إن المسلمين يمكنهم الآن أن ينشروا حضارتهم في العالم بنفس السرعة التي نشروها سابقا بشرط أن بعودوا إلى الأخلاق التي كانوا عليها في عهودهم الأولى )
** يقول القسيس سيمون : ( إن الوحدة الإسلامية تجمع آمال الشعوب الإسلامية وتساعد على التملص من السيطرة الغربية ) ...
** يقول موروبيرغر : ( لقد ثبت تاريخيا أن قوة العرب تعني قوة الإسلام .. فيجب تدمير العرب فبتدميرهم يتم تدمير الإسلام ) .
** يقول المستشرق البريطاني مونتيغومري : ( إذا وجد القائد المناسب الذي يتكلم الكلام المناسب فإن من الممكن للدين الإسلامي أن يظهر من جديد كإحدى القوى السياسية العظمى في العالم مرة أخرى ) ...
تناقضات وخرافات الكتب المقدسة :
لعل من الملاحظ أن هناك اختلافات كبيرة وجوهرية في مضمون الكتب المقدسة عند اليهود والنصارى فتعدد نسخ الإنجيل والاختلافات الكبيرة فيما بينها ووجود بعض الأناجيل القديمة التي لم تعترف بها الكنائس مثل إنجيل برنابا والذي لا ينص على عقيدة التثليث رغم أن برنابا كان من حواريي المسيح عليه السلام .. وكذلك فإنه من اللافت للنظر أن رئيس الحواريين القديس بطرس لم يعرف أنه اختص بإنجيل خاص بينما نجد أن جميع الأناجيل المعتمدة هي لأشخاص ليسوا من حواريي المسيح بل حتى لم يعاصروا المسيح أو يجتمعوا معه .. ويعتبر المدعي اليهودي الأصل ( بولس ) هو نقطة التحول في الديانة النصرانية من عقيدة التوحيد الإلهية التي تزلت على المسيح عليه السلام إلى عقيدة التثليث الشركية ثم بعد ذلك إلى عقيدة مليئة بالطقوس والوثنيات التي ما أنزل الله بها من سلطان .. وفي هذا المجال يقرر رجال الدين المسيحي والأساقفة أن الأناجيل الأربعة المتداولة حاليا قد تم اختيارها من بين حوالي مئة إنجيل كانت منتشرة بين النصارى في القرن الرابع الميلادي .. ونحن نتساءل هنا :
** هل نزل على المسيح مئة إنجيل أم أن الله أنزل عليه إنجيلا واحدا ؟..
** هل بقية الأناجيل المرفوضة هي أناجيل باطلة ومحض افتراء وكذب ؟...
** على أي أساس تم اختيار أربعة منها فقط ؟..
** من الذي اختار هذه الأناجيل الأربعة وما هي صلاحياته ؟..
** أليس من المحتمل أن يكون الإنجيل الحقيقي الذي نزل على عيسى هو أحد الأناجيل المرفوضة ؟...
** ظهر إنجيل في الأوساط النصرانية اسمه ( إنجيل برنابا ) .. وبرنابا هذا هو أحد حواريي المسيح عليه السلام وهذا الإنجيل يقر بعقيدة التوحيد كما يقر بنبوة عيسى وبشريته .. ويقر أيضا بالعديد من الحقائق الواردة في القرآن الكريم ولكن الكنيسة حاربته ومنعته من التداول بين الناس .. أليس من المحتمل أن يكون إنجيل برنابا أقرب الأناجيل إلى الحقيقة ؟..
** إن التناقض العجيب بين الأناجيل المتداولة حاليا ليعطي دليلا قاطعا على التحريف والتبديل وذلك لأن أصل الإنجيل واحد وهذا يوجب أن تكون الأناجيل كلها متطابقة تماما ..
** كل الأناجيل منقطعة السند إذ لا يوجد سند متصل بين هذه الأناجيل والمسيح عليه السلام وانقطاع السند يضع علامات استفهام وشك كبيرة في صحة هذه الأناجيل ...
** افتقار كل الأناجيل إلى التواتر في الرواية إذ أن كتابا ربانيا منزلا من عند الله يجب أن يجتمع على حفظه وروايته الألوف بل مئات الألوف من ذوي الضبط والحفظ وأن تكون كل هذه الروايات متطابقة حتى يمكن الاعتداد بهذه الرواية
** كثيرا ما نجد ركاكة في العبارات وركاكة وبساطة في المعاني لا تتناسب مع كتاب منزل من عند الله مما يستحيل معه أن تكون مثل هذه العبارات من عند الله جل وعلا ...
** هناك العديد من العبارات الغامضة والعبارات المتناقضة أو المناقضة للعقل والمنطق السليم ...
** هناك العديد من النبوءات والخرافات الواردة في الأناجيل وهي غير صحيحة ...
** هناك العديد من الأفكار والمعتقدات واردة في بعض الأناجيل وغير واردة في الأناجيل الأخرى .. فهل كان المسيح يعطي معلومات ناقصة لبعض حوارييه ...
** إن الفترة الزمنية بين المسيح عليه السلام وكتابة الأناجيل هي فترة طويلة تعتبر فترة انقطاع طويلة لا يمكن معها أن تستقيم عملية النقل بصورة دقيقة إضافة إلى انقطاع السند وعدم وجود تواتر في هذا السند ...
** إن بولس ولوقا ومرقس ليسوا من حواريي عيسى عليه السلام وإنما نقلوا عن مجهول والمجهول لا يعتد بروايته خاصة وأن الفترة بين نبوة المسيح وبين عملية النقل والتدوين فترة طويلة جدا مع وجود انقطاع كامل في الروايات والأسانيد ...
** من النبوءات الواردة في الأناجيل أنه ستحدث حوادث وكوارث قبل أن ينقضي الجيل الذي عاصر المسيح عليه السلام ولكن بعد أكثر من ألفي عام لم يحدث سيئا من هذا القبيل : ( إن الأرض ستظلم .. وإن القمر لا يعطي ضوءه .. وإن نجوم السماء تسقط .. وإن قوات السماء تتزعزع .. وتظهر علامات بن الإنسان .. وتنوح قبائل الأرض .. ويبصرون بن الإنسان آتيا على سحاب السماء بقوة وبمجد كبير ) ...
** يقول الدكتور محمد أبو زهرة رحمه الله في كتابه القيم محاضرات في النصرانية : ( إن دعوى أن الأناجيل موحى بها من عند الله أو أن أصحابها ملهمين دعوى باطلة من أساسها ليس لعدم إقامة الدليل بل لأن البينات كلها قائمة ضد هذه الدعوى ولأن ماكان وحيا أو إلهاما لا يختلف ولا يتناقض ولا يهدم بعضه بعضا ) ...
** تم العثور على النسخة الأصلية لإنجيل متى في الهند وأرسلت إلى الاسكندرية ثم اختفت بعد ذلك هذه النسخة الأصلية وظهرت بعد ذلك مترجمة دون أن يعرف من هو المترجم ولم يعد يعرف بعدها مصير النسخة الأصلية .. ونلاحظ أيضا وجود اختلاف وتناقض بين طبعة لندن وطبعة بيروت ...
** إن انجيل يوحنا لا يعرف من هو يوحنا بالضبط ويقال أن هناك ثلاثة أشخاص يحملون اسم يوحنا ولا يعرف من هو يوحنا الذي كتب إنجيل يوحنا خاصة وأن هذا الإنجيل لم يدون إلا بعد سبعين عاما .. ويوحنا كاتب هذا الإنجيل هو أول من وضع أسس تأليه المسيح عليه السلام ...
** إن قصة الصلب وما حدث بعدها كلها قصص مختلقة مكذوبة إذ كيف يتحدث المسيح عن قصة صلبه بعد موته حسب زعمهم ....
** في إنجيل يوحنا يوجد أربعة إصحاحات تتحدث عن ألوهية المسيح وهذه الإصحاحات غير موجودة في الأناجيل الأخرى ذلك لأن كل مايشير إلى نبوة المسيح وبشرية المسيح والموجودة في الأناجيل الأخرى قد تم حذفها وبشكل كامل من إنجيل يوحنا ..
** ورد ذكر الإنجيل على لسان عيسى في كل الأناجيل المعروفة فأي من هذه الأناجيل يقصده المسيح عليه السلام ...
أما التوراة التي نزلت على نبي الله موسى عليه السلام والتي هي الكتاب التشريعي المعتمد عند النصارى حيث يسمون التوراة ( العهد القديم ) ويسمون الإنجيل ( العهد الجديد ) .. هذه التوراة التي يعتقد بها النصارى أيضا فيها اختلافات كثيرة في مضمونها لايهمنا في هذا الكتاب أن نبحث كل هذه الاختلافات ولكن يمكننا أن نشير إلى بعضها .. ولعل من أهم هذه الاختلافات موضوع ( الأسفار القانونية الثانية ) ففي هذه الأسفار نجد اختلافا كبيرا بين طوائف النصارى المختلفة فقد قامت الطوائف النصرانية البروتستانت بحذف جميع هذه الأسفار عند طباعة الكتاب المقدس ( العهد القديم ) وبشكل كامل بينما تقرها الطوائف النصرانية الكاثوليكية والأرثوذكسية .. ويعتبر البروتستانت أن هذه الأسفار ضعيفة ومدسوسة ولا ترقى إلى مستوى الوحي الإلهي كما يعتبرها بعضهم خرافات ومواضيع لا أهمية لها وبعيدة عن الصحة والمنطق السليم .. هذا ولقد قامت حروب طاحنة ولاتزال بين البروتستانت والكنيسة البابوية الكاثوليكية برئاسة البابا بولس العاشر قتل فيها عشرات الآلاف وأحرقت ودمرت عشرات المدن ومئات الكنائس والأديرة .. يقول مارتن لوثر مؤسس الطائفة البروتستانتية : ( إنني أقول وبدون افتخار أنه منذ ألف سنة لم ينظف الكتاب المقدس أحسن تنظيف ولم يفسر أحسن تفسير ولم يدرك أحسن إدراك أفضل مما نظفته وفسرته وأدركته ) .. هذا ولقد قام مؤسس الطائفة البروتستانتية وأتباعه فيما بعد بحذف بعض أسفار الإنجيل مثل سقر الأعمال ورسالة يعقوب وقيل أنهم حذفوا سفر الرؤيا ولكنهم اضطروا إلى إعادته نظرا للمعارضة الشديدة .. عجيب أمر النصارى يحذفون ويرجعون وضيفون إلى كتبهم المقدسة وفق مصالحهم وأهوائهم حتى لم يعد لهذه الكتب المقدسة أية قداسة .. ولوأننا تفحصنا الكتب المقدسة تفحصا دقيقا لوجدنا عددا كبيرا جدا من التناقضات والخرافات و كثير من العبارات البعيدة كل البعد عن العقل والمنطق ولا أريد هنا أن أتقصى كل ماورد في الكتب المقدسة من تناقضات وعبارات لا تليق بكتاب مقدس يتعبد به اليهود والنصارى ولكني أسوق هنا بعض الأمثلة البسيطة لإعطاء فكرة للقارئ الكريم :
** إنجيل متى : ( يكنيا ولد شألتيئل ) .. أخبار الأيام : ( يكنيا ولد آسير ) ..
** إنجيل متى : ( المسيح يقول عن يحيى أنه إيليا ) .. إنجيل يوحنا : يحيى ينكر أنه إيليل .
** إنجيل يوحنا : يوحنا لايأكل ولا يشرب .. إنجيل مرقس : يوحنا يأكل جرادا وعسلا .
** إنجيل مرقس : قال قائد المئة إن المسيح ابن الله .. إنجيل لوقا : إن المسيح كان إنسانا بارا ..
** إنجيل لوقا : صعد المسيح إلى السماء مساء عيد الفصح .. إنجيل مرقس : صعد المسيح إلى السماء مساء عيد الفصح .. أعمال الرسل : صعد المسيح إلى السماء بعد أربعين يوما من قيامه ..
** انجيل يوحنا : الله لم يره أحد .. سفر الخروج : تكلم الله مع موسى وجها لوجه ..*
** في سفر التكوين ( خلق الله النور والليل والنهار في اليوم الأول ) .. في سفر التكوين ( خلق النور في اليوم الرابع )
** في سفر التكوين ( القمر يضيء ) .. في سفر أيوب ( القمر لايضيء ) ..
** في سفر التكوين ( رأى الله أن السموات حسنة ) .. في سفر أيوب : ( السموات غير طاهرة بعيني الله ) .. في سفر أيوب ( الكواكب غير نقية بعيني الله ) ..
** سفر التكوين : ( تعب الرب فاستراح في اليوم السابع ) .. في سفر أشعيا : ( الرب لا يكل ولا يعيا ) ..
** سفر التكوين ( نادى الرب آدم وقال له أين أنت ) .. سفر الأمثال ( في كل مكان عينا الرب مراقبتان ) ..
** في سفر التكوين ( سار أخنوخ مع الله في السماء ولم يوجد لأن الله أخذه ) .. سفر الملوك ( إيليا يصعد إلى السماء ) .. إنجيل يوحنا : لم يصعد أحد إلى السماء إلا ابن الإنسان ) يعني المسيح عليه السلام ...
** سفر التكوين الإصحاح 6 ( يكون عمر الإنسان 120 سنة ) .. سفر التكوين الإصحاح 9 ( عاش نوح 950 عاما ) .. وفي سفر التكوين الإصحاح 11 ( أعمارهم بمئات السنين ) ...
** سفر التكوين ( استقرت الفلك في الشهر السابع على جبال أراراط ) .. في سفر التكوين 8 ( ( في أول العاشر ظهرت رؤوس الجبال ) ...
** سفر التكوين 10 ( أرفكشاد ولد شالح ) .. إنجيل لوقا ( عابر بن شالح بن قينان بن أرفكشاد ) ..
** سفر التكوين ( رأى يعقوب الله وجها لوجه ) .. سفر الخروج ( موسى كلم الله وجها لوجه ) .. تناقض سفر الخروج ( قال الرب لموسى لا تقدر أن ترى وجهي )
** سفر اللاويين 21 ( الأمر بالزواج من عذراء ) .. سفر هوشع 1 ( أمر الله هوشع أن يأخذ لنفسه امرأة زنا ) .. سفر هوشع 3 ( أمره الرب أن يأخذ لنفسه امرأة زنا )
** إنجيل متى 5 ( طوبى لصانعي السلام لأنهم أبناء الله ) .. إنجيل متى 10 ( ماجئت لألقي في الأرض سلاما بل سيفا ) ..
ولو أردنا استقصاء كافة التناقضات في الكتب المقدسة لاحتاج الأمر إلى كتاب مستقل علما بأن هذا الأمر قد تم تغطيته في العديد من الكتب التي صدرت في هذا المعنى وأن هناك المواقع الإسلامية على سبكة الإنترنت قد جمعت مئات الصفحات عن التناقضات والاختلافات والكلام البذيء والخرافات والأباطيل الموجودة في الكتب المقدسة يمكن للقارئ الكريم الرجوع إليها ولكن لابأس من استعراض بعض النصوص التي تعبر عن أفكار شاذجة مضحكة لا ترقى أن تكون كلام رب العالمين مثل :
** في سفر التثنية : ( إذا ذهبتم لمحاربة أعدائكم وأظفركم الرب إلهكم بهم وسبيتم منهم سبيا وشاهد أحدكم بين لأسرى امرأة جميلة فأولع بها وتزوجها فحين يدخلها إلى بيته يدعها تحلق رأسها وتقلم أظافرها ثم ينزع عنها ثياب سبيها ويتركها في بيته شهرا من الزمان تندب أباها وأمها ثم بعد ذلك يعاشرها وتكون له زوجة .. فإن لم ترقه بعد ذلك فليطلقها لتذهب حيث تشاء لا يبيعها بفضة أو يستعبدها لأنه قد أذلها ) ..
** أما نبي الله داود عليه السلام فكان في نظر الإسرائيليين لا يتورع عن اغتصاب أية امرأة جميلة تعجبه أو التجسس على النساء رغم أنه تزوج مئة زوجة ففي سفر صموئيل : ( وكان في وقت المساء أن داود قام عن سريره وتمشى على سطح بيت الملك فرأى من على السطح امرأة تستحم وكانت المرأة جميلة المنظر جدا .. فأرسل داود وسأل عن المرأة فقال واحد أليست هذه بثيشع بنت أليعام امرأة أوريا الحثي .. فأرسل داود رسلا وأخذها واضطجع معها وهي مطهرة من طمثها ثم رجعت إلى بيتها .. وحبلت المرأة فأرسلت وأخبرت داود وقالت إني حبلى ) ..
** من كتبهم المقدسة أن نبي الله داود عليه السلام قد تزوج مئة امرأة .. وتزوج نبي الله سليمان سبعمئة امرأة ,, ولكننا نجد الهجوم الصليبي واليهودي الشرسس البعيد عن اللباقة والأدب والصور الكاريكاتورية السافلة على رسول الله صلى الله عليه وسلم لزواجه من تسعة زوجات ترى لماذا لا يتجرأ أعداء الإسلام من الصليبين واليهود التهجم على أنبياء الله سليمان وداوود عليهما السلام لزواجهما مئات النساء أم أنهم يخافون اتهامهم بمعاداة السامية .. أضف إلى ذلك أن نبي الله سليمان عليه السلام عندما يتزوج سبعمئة امرأة ويزني بالعديد من النساء الخريات كما ورد في التوراة المحرفة فمتى يستطيع معاشرة جميع زوجاته أليس لديه عمل غير نكاح النساء ؟!!..
** يعتقد اليهود في كتبهم : ( أن نبي الله سليمان عليه السلام كان يتظاهر بتعظيم الأصنام باسم الصداقة أو عندما يريد هدمها من الداخل ) رغم أن نبي الله سليمان كان من أولي العزم وكان ملكا شديدا ظافرا لايحتاج إلى مثل هذه الأساليب الميكيافيلية المنحرفة ...
** ومن رسائل الأنبياء والرسل ننقل مقتطفات تبين مدى السخف الذي يعتقد به أصحاب العقائد الفاسدة المحرفة :
الرسالة الثانية من بولس إلى صديقه تيموثاوس : ( بادر أن تأتي إلي سريعا لأن ديماس إذا أحب الحياة الحاضرة تركني وذهب إلى تسالونيكي .. أما كريسكيس فقد ذهب إلى مقاطعة غلاطية .. وتيطس إلى دلماطية .. ولم يبق معي إلا لوقا وحده .. خذ مرقس وأحضره معك فهو ينفعني في الخدمة .. أما تيخيكس فقد أرسلته إلى مدينة أفسس .. وعندما تجيء أحضر معك ردائي الذي تركته عند كاربس في ترواس وكذلك كتبي وبخاصة الرقوق المخطوطة ) ..
وفي رسالة بولس إلى صديقه تيطس : ( حالما أرسل إليك أرتماس أو تيخيكس اجتهد أن تأتيني إلى مدينة نيكوبوليس لأني قررت أن أشتي هناك ) ..
** وفي رسالة بولس إلى تيموثاوس : ( سلم على بريسكا وأكيلا وعائلة أونيسيفورس .. أراراستيس مازال في مدينة كورينثوث .. أما تروفيموس فقد تركته في ميليتس مريضا .. اجتهد أن تجيء إلي قبل حلول الشتاء .. يسلم عليك إيوبولس ولينوس وكلوديا والإخوة جميعا ) ..
** وفي رسالة بولس إلى أهل رومية : ( يسلم عليكم تيموثاوس معاوني ولوقيوس وياسون وسوسيباترس أقربائي وأنا تريتيوس الذي أخط هذه الرسالة أسلم عليكم في الرب .. يسلم عليكم غايوس المضيف لي وللكنيسة كلها .. يسلم عليكم أراستس أمين صندوق المدينة والأخ كوارتس ) ..
** وفي سفر صموئيل : ( فبادرت أبيجال وأخذت مائتي رغيف خبز وزقي خمر وخمسة خرفان مهيبة وخمس كيلات من الفريك ومائتي عنقود من الزبيب ومائتي قرص من التين ووضعتها على الحمير ..
** وفي سفر الأيام الأول يعرض قائمة طويلة جدا وصفحات عديدة لوكلاء داود وولاته ..
** وفي سفر الملوك إصحاحان كاملان في وصف الهيطل وطوله وعرضه وسماكته وارتفاعه وعدد نوافذه وأبوابه وغير ذلك كثير ..
** وفي أخبار الأيام الأول ست عشرة صفحة تتحدث عن أنساب آدم وأولاده وأحفاده وإبراهيم وذريته ..
** وفي سفر عزرا قائمة طويلة تتحدث عن العائدين من بابل حسب عائلاتهم وأعدادهم وأعداد حميرهم وجمالهم بالتفصيل ... وهناك تكرار كثير لبعض الفقرات التي نراها قد تكررت وبشكل حرفي في مواضع متعددة من العهد القديم وفقرات قد تكررت بتحريف بسيط ..
** في سفر الخروج : ( فرجع موسى إلى الرب فقال : لماذا أسأت إلى شعبك يارب ؟ .. لماذا أرسلتني ؟ فمنذ أن جئت لأخاطب فرعون باسمك أساء إلى الشعب وأنت لم تخلص شعبك على الإطلاق ) .. هل كان نبي الله موسى عليه السلام يكلم ربه بمثل هذا الأسلوب السافل المنحط البعيد عن اللباقة والأدب ...
** في المزامير : ( يارب لماذا تقف بعيدا ؟ لماذا تختفي في أزمنة الضيق ؟ ) .. أسلوب بعيد عن اللباقة والأدب مع الله جل وعلا لايمكن أن يصدر عن نبي الله موسى عليه السلام ...
** في المزامير : ( يارب إلى متى تنتظر ..؟ لايشمت بي الذين هم أعدائي باطلا .. استيقظ وانتبه إلى حكمي ) .. أيضا أسلوب غير مؤدب ...
في المزامير : ( يا إلهي لا تبطئ .. حتى متى يا رب تختبئ كل الاختباء ..؟ حتى متى يتقد غضبك كالنار ؟ ) .. أيضا أسلوب غير لائق . ** سفر أشعياء : ( لماذا أضللتنا يارب عن طريقك ؟ .. قسيت قلوبنا عن مخافتك ؟.. ) ..
** مراثي أرميا : ( بادت ثقتي ورجائي من الرب .. )..
** يظن بعض البسطاء أن تحريف وتشويه الكتب المقدسة عند اليهود والنصارى قد توقف منذ مئات السنين بعد الاجتماعات والمؤتمرات الكنسية العالمية التي توصلت إلى صيغ للكتب المقدسة ولكن الحقيقة المرة أن عمليات التشويه والتحريف في الكتب المقدسة لاتزال مستمرة حتى يومنا هذا فلو قارنا الأناجيل المتداولة بين أيدي الناس اليوم بنسخة الملك جيمس البريطانية الشهيرة لوجدنا اختلافات كبيرة جدا ولا أريد هنا أن أعقد مقارنة بين الأناجيل الحديثة التي تطبع حاليا باللغة العربية والإنجليزية مع النسخ الأصلية القديمة لأن ذلك يحتاج إلى تفرغ كامل وكتاب مستقل يكشف حقيقة دهاقنة الشر من اليهود والنصارى في متابعة سنة أسلافهم في التحريف والتبديل في الكتب المقدسة هذه السنة التي ذكرها الله جل وعلا في كتابه الكريم في مواضع عديدة من القرآن الكريم يقول ربنا جل شأنه : ( يحرفون الكلم عن مواضعه ) ..
** أصدر اللواء أحمد عبد الوهاب كتابا تحت عنوان ( إختلافات في تراجم الكتاب المقدس ) والذي أورد فيه الكثير من الاختلافات بين تراجم الكتاب المقدس عن النسخة الأصلية المعروفة بنسخة الملك جيمس .. ولبحث هذا الموضوع فقد اجتمع العلماء الإنجيليون المسيحيون في مؤتمر " سونوفا " ولمدة ستة أعوام متتالية وانتهى الاجتماع بالتصويت بعدم صحة الأناجيل كلها وحكمت هذه الحلقة الدراسية للعلماء الإنجيليين المسيحيين على أن ( 80% ) من الكلمات المنسوبة إلى السيد المسيح عليه السلام في الأناجيل غير صحيحة وانتهوا إلى أن المسيح نبي حكيم ويتكلم بالأمثال ويدلي بالحكم والمواعظ .. هذا وقد قام هؤلاء العلماء في هذا المؤتمر بالتصويت ضد كل الكلمات المنسوبة إلى المسيح عليه السلام في الأناجيل كلها وخاصة في إنجيل يوحنا وركزوا على العبارة ( إن الله أحب هذا العالم بحيث أن الله قتل ابنه الوحيد ) .. تشكلت هذه اللجنة عام 1985 م من مئتي عضو كلهم من العلماء الإنجيليين النصارى وذلك للرد على الآراء التي تتمسك بحرفية الإنجيل أما الإنجيليون المتعصبون فقد اتهموهم بالزندقة وأنهم ينفذون تعاليم الشيطان ويقومون بعمل الشيطان ..
** وعن أقوال المسيح يقول الدكتور البروفسور " فنك " : ( إن هذه الأقوال ليست من أقوال المسيح ) .. ويقول البروفسور " ماركوس بورينغ " أحد أعضاء الهيئة التدريسية في كلية اللاهوت في جامعة أورينغون الحكومية ورئيس جمعية النصوص الإنجيلية : ( إن صورة المسيح عندما كنا أطفالا لم تعد تشبه الصورة الحالية لنا الآن وإن جمهور العلماء المسيحيين يتفقون مع الحلقة الدراسية حول المسيح على أن الصورة المرسومة سابقا في أذهان الناس حول المسيح قد تغيرت وأن الأناجيل كلها أجمعت على أن المسيح يتكلم بأسلوب السرد الطويل الموجود في إنجيل يوحنا والعبارة الوحيدة الواردة في إنجيل يوحنا التي وافق عليها جميع المؤتمرين هي : ( لا كرامة لنبي في داره ) .. ويؤكد " بورينغ " : ( إنه يجب على المسيحيين أن ينظروا إلى الأقوال التي نسبت إلى المسيح على أنها لا قيمة لها رغم أهميتها في فهم العقلية الدينية لكنائس القرن الأول ) .. ويقول " روبرت فوتينا " من جامعة " فاسار " : ( إن العبارات التي ترد على لسان المسيح في إنجيل يوحنا : إنني أنا الراعي الصالح .. إنني نور العالم .. أنا خير الحياة .. هي من عمل المؤلف وليست من أقوال المسيح لأن المسيح نادرا مايشير إلى نفسه في الأناجيل الأخرى ) .. وكانت خلاصة البحث : ( إن ما ورد على لسان المسيح عليه السلام هو من عمل مؤلفي الأناجيل الذين استقوه من المؤمنين في ذلك الزمان أي بعد ثمانين عاما من رفع المسيح ) .. وفي اجتماع آخر قرر المؤتمرون : ( أن الكلام المنسوب إلى المسيح كثير ولكن الحقيقة أن المسيح لم يتكلم بشيء منه ) .. والجدير بالذكر أن جميع هذه المناقشات والشكوك التي جرت في هذا المؤتمر سيتم نشرها في كتاب سيصدر قريبا عن لجنة كنسية إنجيلية اسمها " ندوة المسيح " مركزها الولايات المتحدة الأمريكية .. والعجيب في الأمر أن هذه اللجنة قررت أن من أصل 1500 قولا منسوبا للمسيح عليه السلام لا يوجد إلا 91 قولا فقط يحتمل أن يكون المسيح عليه السلام قد قالها بينما بقية هذه الأقوال كلها قد تم تبديلها وتحريفها من قبل كتاب الأناجيل والمجددين عبر القرون الماضية .. يقول " بروس ميللو " أحد القساوسة المشاركين في هذه الندوة : ( إن هذا الكتاب سيكون أمرا خطيرا عندما نقرر ونقول أننا نشك في أن كل مافي الأناجيل جازم وحقيقي ) .. وعن العبارة التي وردت على لسان المسيح في إنجيل يوحنا : ( أنا نور العالم ) يقول المؤتمرون : ( إن هذه العبارة لم تظهر في بقية الأناجيل وأن هذا الكلام يعكس أسلوب النطق الشائع عند اليونانيين والرومانيين وليس هو من قول المسيح ) .. ويقول الخوري " بروس ميللر " : ( إن كتاب الأناجيل لم يكونوا مهتمين بتاريخ المسيح بل بالإيمان به وهذه نقطة مهمة لأن الذين كتبوا الأناجيل اعتبروا أنهم كتاب ومترجمون وأخذوا الكثير من الأدب الشعبي ) .. وعن مقال للباحث عبد الرحمن الخطيب باختصار وتصرف نشر في جريدة الحياة : ( والملاحظ أن الذي دفع الإنجيليين إلى مثل هذه الندوة إكتشاف إنجيل قديم جدا في مصر عام 1954 م اسمه إنجيل توماس ومن قبله إكتشاف إنجيل برنابا حيث أن برنابا هو أحد حواريي عيسى عليه السلام ولكن الفاتيكان والمجالس الكنسية العالمية قد أنكرت هذه الأناجيل رغم قدمها البعيد المغرق في التاريخ لأنها لاتتعرض لعقيدة التثليث الشركية وتعتبر أقرب إلى عقيدة التوحيد واعتبار المسيح نبي مرسل من عند الله وليس إلاها أو ابن إلاه ويمكننا أن نستنتج عمق المأساة التي يعيشها أبناء الدين المسيحي في العالم عندما تقرر هذه اللجنة أن 91 من أصل 1500 قول منسوب للمسيح يحتمل وليس مؤكدا أن تكون صحيحة وهذه تشكل فقط 6% بينما 94% من الأقوال المنسوبة إلى السيد المسيح هي أقوال محرفة أو مكذوبة أو مختلقة على السيد المسيح فأي عقيدة تلك التي يدين بها النصارى ويريدون نشرها والتبشير بها بقوة المال والاقتصاد والسلاح مادام 94% من كتبهم المقدسة مختلقة ومكذوبة على السيد المسيح عليه السلام .. بل كيف سيقتنع أبناء النصارى بعقيدتهم عندما تقرر لجنة المسيح المشكلة من رجال الدين المسيحي أن 94% من الأناجيل المتداولة هي مكذوبة ..؟!!!
هذا ولقد حاولت الدخول إلى العديد من المواقع والمنتديات اليهودية والنصرانية على شبكة الإنترنت للإطلاع على شكوك وتساؤلات النصارى حول ديانتهم وكتبهم المقدسة والتي وصلت إلى عشرات الألوف من الصفحات والتي لا أريد الدخول في تفاصيلها لأنها تستغرق ألوف الصفحات ولكني اخترت صفحة واحدة فقط من حوار بعض النصارى مع القسيس المشرف على المنتدي أعتبرها كافية لإعطاء فكرة كافية عن حياة الشك والضياع والحيرة التي يعيشها ويعاني منها أبناء النصارى هذه الأيام فلنستمع إلى الحوار التالي مع الاعتذار عن استخدام اللهجة العامية لأمانة النقل:
** عم واجه فكرة تقول إنو التوراة محرفة ورأيهم في ذلك بسبب الوحشية في أوامر الله القتل والسبي والزنا الموجود في قصص التوراة وأيضا حادثة لوط وبناته .. وهم يقولون إن الله لايأمر بذلك وأن الكتاب الذي يرد فيه مثل هذا الكلام لايكون كلام الله
** على كل حال محبة التوراة ليست مرجعية للمسيحيين ومن غير المجدي التحدث في كون التوراة محرفة أو غير محرفة .. كل مايهمنا في العهد القديم هو ما يتعلق بالعهد الجديد إضافة لكونه قديم طبعا ...
** أخي كلامك صحيح .. ولكن إذا كان التوراة مزيفة فهذا يعني أن المرجعية المسيحية مزيفة .. هل فهمت قصدي ولذلك يجب أن ندافع عن التوراة ...
** المرجعية المسيحية هي المسيح نفسه .. بدي أسألك سؤال .. مين قبل مين ؟.. المسيح أو التوراة ؟.. فكر ثم أجب ...
** أنا بصراحة أستغرب قليلا من نقطة هي أننا نحن المسيحيون نؤمن بأن كلمة الله واحدة وكانت معنا منذ الأزل وليس من المفروض أن تتغير فلماذا كانت قاسية بهذا الشكل في العهد القديم .. أعتقد أن هذا السؤال هو السؤال الأساسي الذي نريد جوابه ..
** يا شباب معكم حق .. مرجعيتنا المسيح ولكن نحن كمسيحيين نؤمن بالآيات التي تدل على مجيء المسيح وهذا ما أريد الدفاع عنه .. ولا يحق لي أن أدافع عن آية وأترك الباقي علي الدفاع عن التوراة بأكمله ...
** شو شباب وينكون القسيس المشرف على الموقع ليش ماعم يجاوبني بشأن موضوعي .. بشأن معنى ندم الله وحزن الله الموجودين بالعهد القديم ؟.. إلى آخر هذا الكلام اذي يدل على الحيرة والضلال والضياع ..
هكذا تجري الحوارات والشكوك بين شباب النصارى الضائعين الحيارى في كل لحظة ولكنهم سيظلون ضائعين ضالين حتى يفتحوا قلوبهم للمنهج الرباني الذي جاء به خاتم الأنبياء والمرسلين عليه أفضل الصلاة والتسليم .. وهنا يجيء دور الإسلام ودور القرآن الذي حفظه الله جل وعلا وتكفل في حفظه حتى تقوم الساعة ليدعو أهل الكتاب إلى عقيدة التوحيد الخالص إلى الدين الإسلامي السمح إلى ديانة تحترم وتبجل كل الأنبياء والمرسلين وتحترم وتبجل كل الديانات السماوية والكتب السماوية الصحيحة وباب الإسلام مفتوح على مصراعيه لكل الناس وبصورة خاصة النصارى الذين اكتشفوا الآن بأنفسهم أن 94% من الكتب المقدسة ليست صحيحة بل محرفة ومكذوبة على السيد المسيح عليه الصلاة والسلام .. وهذا الكلام هوكلام رجال الدين النصارى وليس كلام أحد من المسلمين وفي هذا المجال ومن خلال هذا الكتاب أتوجه إلى نصارى العالم بدعوة صادقة للدخول في دين الإسلام .. في دين التوحيد ويعيشوا في ظلال القرآن .. في ظلال الدين الحق المبين الذي وصل إلينا تماما كما نزل من عند الله .. كما أدعوهم دعوة عاجلة لأن يقرؤوا سورة مريم أم المسيح عليه السلام في القرآن الكريم ليدركوا الفارق الكبير بين قول الله جل وعلا وبين أقوال البشر والمدعين والمحرفين .. يقول ربنا جل شأنه : ( قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن انتهوا فقولوا اشهدوا بأننا مسلمون ) ... ولا أريد أن أستطرد كثيرا في هذه الفقرة وذلك لأن التناقضات كثيرة جدا والخرافات أكثر والقصص التي تسيء الأدب مع الأنبياء والرسل ومع الله جل وعلا أكثر وأكثر .. وهذه الكتب المحرفة المبدلة والأباطيل بزعمهم هي الكتب المقدسة التي يعتمدون عليها وأنقل هنا رأي علماء اليهود والنصاري وقساوستهم .. يقول الباحث العراقي الأب سهيل قاشا في كتابه القيم التوراة البابلية : ( إن كثيرا مما ورد في العهد القديم من الكتاب المقدس مقتبس ومنتحل .. أخذ من آداب وأساطير العراق القديم ) وقال أيضا : ( إن التوراة ليست كتابا دينيا بل هي تاريخ أيضا بمعنى أن التوراة توراتان الأولى تضمنت الشريعة الإلهية الموسوية التي نزلت على النبي موسى عليه السلام في القرن الثالث عشر قبل الميلاد .. ولا أثر لهذه التوراة في عصرنا الحاضر .. أما التوراة الثانية فهي التي كتبها الحاخاميون وأحبار اليهود في بابل أي بعد عهد موسى بأكثر من سبعة قرون وهي التي تتداول ترجماتها اليوم ) ..
ويقول الكاتب الفرنسي جان لوي برنار عن الكتب المقدسة اليهودية : ( وتحس بكل تأكيد أن أحبار اليهود قد اقتبسوا من تاريخ الأقطار التي جلسوا خلالها بعض الحكايات فجمعوا كل المعلومات وكونوا منها تلفيقا هو أكذب تاريخ في العالم ) ..
وقال كل من سيلفر وميليريتس : ( حتى الوصايا العشر التي يكاد يجمع العلماء على أنها الشيء الوحيد المتبقي من التوراة الأصلية لم تكن بكاملها ولا على هيئتها الحالية التي جاء بها موسى ) ..
** وردت آيات كثيرة في القرآن الكريم تقرر تحريف الكتب المقدسة عند اليهود والنصارى وفي ذلك يقول ربنا جل شأنه : ( فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا ) البقرة 97 .. ( يحرفون الكلم عن مواضعه ) النساء 46 .. ( يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون ) البقرة 75 .. ( يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ) المائدة 15 .. ( لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم وقال المسيح يابني إسرائيل إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار .. لقد كفر الذين قالوا إن الله هو ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد ) المائدة 72 ...
** النصارى يؤمنون بالتوراة وذلك لقول المسيح عليه السلام : ( وما جئت لأنقض الناموس ولكن جئت لأكمل ) ..
** إن التوراة وبقية الكتب المقدسة التي يؤمن بها النصارى حتى الحالية منها تقرر عقيدة التوحيد في مواضع متعددة ولايوجد في التوراة أي ذكر أو إشارة إلى عقيدة التثليث التي ابتدعها النصارى .. جاء في رسالة بولس إلى تيموثاوث : ( لأنه يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الإله والإنسان يسوع المسيح ) .. وجاء في الرسالة الأولى إلى أهل كورينثوث : ( لكن لنا إله واحد هو الأب ) .. وجاء في سفر ملاخي : ( أليس لنا أب واحد لكلنا .. أليس إله واد خلقنا ) .. وفي سفر أشعياء : ( رب واحد وهو الآب ) وجاء في انجيل يوحنا قول المسيح : ( الحق أقول لكم لا يقدر الإبن أن يعمل من نفسه شيئا إلا ما ينظر الآب يعمل ) .. وجاء في إنجيل يوحنا أيضا قول المسيح : ( لم أتكلم من نفسي لكن الآب الذي أرسلني هو أعطاني وصية ما أقول وبماذا أتكلم ) .. وفي إنجيل يوحنا على لسان المسيح : ( الكلام الذي تسمعونه ليس لي بل للأب الذي أرسلني ) .. وفي إنجيل يوحنا : ( الله لم ينظره أحد قط ) أما المسيح عليه السلام فقد رآه الناس من يوم مولده وحتى رفعه الله إليه .. وفي رسالة بولس إلى العبرانيين : ( بعدما سمع بنفسه تطهيرا لخطايانا جلس في يمين العظمة في الأعالي صائرا أعظم من الملائكة بمقدار ماورث اسما أفضل منهم ) .. وهنا نجد في قوله صار أعظم من الملائكة دليل على أنه لم يكن قبلا أعظم من الملائكة ولو كان المسيح إلها فهو حكما أعظم من الملائكة فكيف يستقيم هذا التعبير وكلمة أعظم من الملائكة لا تفيد بأنه إله لأنه لو كان إله لما احتاج إلى هذه الصفة .. وفي إنجيل لوقا : ( فاستولى الخوف على الجميع ومجدوا الله قائلين : لقد قام فينا نبي عظيم وتفقد الله شعبه )
** في التوراة وفي سفر التكوين ونشيد الأنشاد كلام واتهام للأنبياء والرسل إبراهيم وموسى ولوطا وبناته ونوحا وبنتاته عليهم الصلاة والسلام يخجل القلم عن ذكره .. فهل يصح أن يكون مثل هذا الكلام البذيء هو كلام الله وتشريع الله الذي يتعبد الناس بتلاوته ؟!!..
** في التوراة ينسب إلى نبي الله هارون عليه السلام أنه هو الذي أمر باتخاذ العجل .. فهل يستقيم هذا الهراء مع رسول من رسل الله عليهم الصلاة والسلام ..
** جاء في كتب اليهود المقدسة أن نبي الله داود عليه السلام قد احتال على قائد جيشه وأرسله إلى ميدان القتال ليقتل ويستولي على زوجته التي كان يحبها رغم أن داود كان لديه مئة زوجة .. وقد ذكر في التوراة أن داود قد زنى بزوجة جاره .. وأن داود عليه السلام قد رقص أمام التابوت عاريا .. فهل يقبل العقل مثل هذه الافتراءات على أنبياء الله الطاهرين الطيبين عليهم السلام .. وهل يعقل أن يكون هذا الهراء هو كلام الله جل وعلا ..؟!!..
** جاء في كتب اليهود أن نبي الله يعقوب عليه السلام قد سرق صنما لجده مصنوع من ذهب .. وأنه احتال على أبيه من أجل أن يسرق النبوة من أخيه عيسو ..
** يعتقد اليهود في كتبهم أن الله جل وعلا قد ندم على إرسال طوفان نوح وأنه بكى حتى رمدت عيناه ..!!..
** يعتقد اليهود في كتبهم أن يعقوب قد صارع الله .. أمر عجيب ..!!!..
** ورد في كتب اليهود العديد من الإشارات إلى أن التوراة الأصلية التي نزلت على موسى عليه السلام لا وجود لها .
** جاء في سفر الملوك : ( أن شوشق ملك مصر نهب خزائن بيت الرب وسلب التوراة الأصلية ) ...
** جاء في سفر الملوك : ( أن بني إسرائيل تركوا شريعة الرب وصنعوا الشر وبنوا لأنفسهم مرتفعات وأنصابا من الشرك ) ...
** جاء في سفر الملوك : ( إن سفر التوراة قد فقد قبل سليمان .. حيث ذكر أنه أنه لم يكن في تابوت العهد الذي نقله سليمان من مدينة داود إلى المعبد الجديد إلا الألواح التي كتبت عليها التوراة ) ..
** جاء في سفر الملوك : ( كانت التوراة مفقودة في أيام يوشيبا الملك وأن حزقيال الكاهن لم يجدها ) ..
** في سفر الملوك الرابع : ( إن ملوك بابل نهبوا أورشليم وأحرقوا الهيكل والتوراة ) ...
** أورد المطران المسيحي الدبس في كتابه عن تاريخ سورية قوله : ( نشبت مناوشات بين اليهود والحامية الرومانية في زمن القيصر أغسطيوس فنهب الرومان الهيكل ودنسوه وأحرقوا ما فيه من الكتب وأن الوالي الروماني كلود سير حملة لمطاردة اليهود في القرى وأن أحد الجنود الرومان عثر على أسفار موسى فمزقها على مرأى من الجمهور اليهودي ) .. وقد أورد المطران الدبس أمثلة كثيرة على ما طرأ على أسفار العهد القديم التوراة والعهد الجديد الإنجيل من طوارئ واضطرابات وترجمات عن الأصول المفقودة التي لم يعثر لها على أثر ...
** في الحرب التي نشبت بين اليهود والفلسطينيين والتي هزم فيها اليهود شر هزيمة استولى الفلسطينيون على التابوت وبقي عندهم سبعة أشهر ولم يعيدوه إلا بعد أن عبثوا به ...
** حدث خلاف شديد على نصوص التوراة بين السامريين .. وحصل خلاف شديد أيضا بين القرائين الذين يؤمنون بوجوب إلتزام الحرف والكلمة وبين الربانيين القائلين بجواز التفسير وكان الخلاف بينهم في الأمور الاعتقادية الأساسية .. وحصلت خلافات كثيرة أيضا على نصوص الكتب المقدسة بين الصدوقيين والفريسيين مما يدل على تلاعب وتحريف في نصوص الكتب المقدسة كما حصل خلاف كبير بين آريوس في الاسكندرية ونسطور في سورية وقد كان الخلاف شديدا في محتويات الكتب المقدسة وتأويلها ..
** يقول كعب الأحبار مخاطبا اليهود في عصره : ( ما من الأرض شبر إلا مكتوب في التوراة التي أنزل الله على موسى مايكون عليه وما يخرج منه إلى يوم القيامة ) .. فأين هذه التوراة التي تحدث عنها كعب الأحبار ..؟..
التبشير والاستشراق :
على الرغم من الاختلافات الكبيرة والشك الكبير في العقيدة النصرانية كما أسلفنا سابقا إلا أن الدول الصليبية تجند حملات تبشيرية صليبية مكثفة منذ عهود قديمة لتخريب معتقدات المسلمين وإفساد عقيدة التوحيد التي يتميز بها الإسلام عن كل العقائد والمذاهب والطوائف الأخرى .. يقول ويلز في كتابه معالم تاريخ الإنسانية : ( أكبر الظن أن المسيحية التي عليها المسيحيون اليوم لا يعرف المسيح عنها شيئا ) .. هذا ومن الملفت للنظر أن المخابرات الأمريكية قامت بتزويد ( البابا يولس السادس ) بأموال طائلة لدعم عمليات التبشير المسيحي .. ونقلت مجلة بانوراما الإيطالية ما مفاده ( أن البابا كان واحدا من عدة أساقفة وكردنيلات تلقوا أموالا طائلة من المخابرات الأمريكية ) .. وصدق الله العظيم حيث يقول : ( إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون ) .. 26 الأنفال .. لقد قدم المستشرقون والمبشروين خدمات جليلة للدول الغربية في مجال استعمار واستعباد الشعوب وإشعال الفتن العرقية والطائفية والإقليمية وهذا كله لمنع قيام أية حضارة تنافس حضارتهم أو قيام أي تجمع يهدد كيانهم ووجودهم ومصالحهم .. حيث تبذل الكنائس والمنظمات الصليبية العالمية جهودا جبارة وأموالا طائلة ، مستخدمين أخس الطرق في سبيل إقحام المسلمين وغير المسلمين بالنصرانية وذلك بأساليب شيطانية واستغلالية مختلفة ..
تبذل الكنائس النصرانية والمنظمات الكنسية حول العالم جهودا جبارة وأموالا طائلة في عمليات التنصير التي يطلقون عليها عمليات التبشير حيث تستخدم في عمليات التنصير هذه أخس الطرق والأساليب في سبيل إقحام أصحاب الديانات الأخرى بالنصرانية .. فالمبشرون يستخدمون أساليب شيطانية تستغل ظروف الناس القاهرة مثل الفقر والمرض وغير ذلك كما أنهم يسهلون الاختلاط بين الشباب والشابات من خلال حفلات مختلطة متكشفة واستغلال المناسبات المتنوعة في سبيل إفساد الجيل الناشئ ومن فسدت أخلاقه سهل عليه الانزلاق بعد ذلك .. وعندما استعصى المسلمون على حملات التنصير المتكررة والمستمرة لجأ الغرب الصليبي الحاقد إلى نشر الفحش والفساد والإباحية بكل الأساليب والطرق لأنهم علموا أن إفساد أخلاق المسلمين هو أحد أهم معاول الهدم لعقيدة المسلمين .. ثم بعد ذلك تبنوا نشر الأفكار الجديدة المناقضة للإسلام مثل الوجودية والشيوعية والاشتراكية والديمقراطية والقومية حتى أصبح كثير من أبناء المسلمين معاول هدم للعقيدة الإسلامية وذلك بنشر مثل هذه الأفكار الغريبة عن ديننا .. وقام الحاقدون على الإسلام بإثارة الشبهات حول أحكام الشريعة الإسلامية السمحاء لتضليل أبناء المسلمين الذين لايملكون ثقافة دينية إسلامية واسعة ليفسدوا أفكار أبناء المسلمين ويحرفوهم عن خط الإسلام السوي .. وعلى الرغم من إن الإباحية الجنسية والعلاقات والروابط بين الشباب والشابات أمر محرم في جميع الديانات السماوية إلا أن المبشرين لا يتورعون في نشر الفساد والفحش والرذيلة في سبيل جذب الشباب والشابات إلى هذا الطريق المنحرف والبعد عن طريق الإسلام .. لقد كان المبشرون وعلى مدار التاريخ طلائع الاستعمار الغربي الصليبي وعيونه حيث استطاعوا بالمكر والخديعة أن يحققوا أكثر مما حققته الجيوش الصليبية الجرارة حتى وصل الأمر فيهم أن يقولوا : ( كأس وغانية يفعلان في الشرق ما لاتفعله المدافع والطائرات ) .. أي أنهم لم يتورعوا عن نشر الفساد في سبيل تحطيم عقائد الآخرين وهذا مناقض تماما لتعليمات المسيح عليه السلام حتى في كتبهم المحرفة .. لقد حاولوا تشويه التاريخ الإسلامي ونشر الفتن ما ظهر منها وما بطن ونشر الصراعات الداخلية ونشر الأفكار الهدامة التي لايؤمنون بها أصلا في سبيل تحطيم عقائد الآخرين وبصورة خاصة العقيدة الإسلامية .. ثم قاموا بنشر الشبهات التي تمس أصول العقيدة الإسلامية والشبهات التي تمس الرسول الكريم وصحابته الأجلاء والعظماء من الأمة الإسلامية وفق خطة مدبرة محكمة لتشويه الدين الإسلامي أضرب مثلا على ذلك تشويه سيرة الخليفة العباسي الفذ هارون الرشيد الذي كان يحج عاما ويغزو عاما فأوصلوه إلى مستوى الخلاعة والمجون والخمور والقيان والغلمان إمعانا منهم في تشوية سيرته العطرة وما ذلك إلا لأن دولة الإسلام في عهده قد وصلت إلى الصين شرقا وإلى مشارف فرنسا عند جبال البيرنيه غربا ووانتشرت في كل أصقاع الدنيا حتى أصبحت الخلافة الإسلامية في عهده الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس .. لقد كان المنصرون أساس كل فتنة عمياء تحدث في بلاد المسلمين بما أثاروه من نعرات طائفية ودعوات شعوبية ونزعات إقليمية وأفكار هدامة رغم أنهم يدعون أنهم حملة رسالة المسيح لإدخال العالم كل العالم في حظيرة المسيحية ولكنهم نسوا ملايين الملاحدة الكفرة المنتشرين في بلادهم ممن هجروا النصرانية واعتنقوا الكفر والإلحاد لأن النصرانية قد فقدت مبررات وجودها حتى عند النصارى أنفسهم .. لقد كانت أوربا المسيحية هي منبع كل الأفكار والعقائد الضالة المضلة من وجودية واشتراكية وشيوعية وداروينية وإلحادية وغير ذلك كثير من الأفكار والعقائد المنحرفة التي لم تقدم للبشرية إلا التعاسة والذل والفقر والجوع والمرض والجهل والفساد والإباحية والزنا والخنا .. ونحن نتساءل هنا بعد أن عرفنا أن الشعوب الغربية قد تخلت عن النصرانية وتخلت عن الكنيسة ولم يعد الغربيون يعتقدون بالنصرانية .. نتساءل لماذا كل هذه الإعانات والمساعدات السخية للمنصرين من قبل جميع الدول الغربية وجميع الحكومات الاستعمارية الظالمة التي لا تؤمن أصلا بالمسيحية والتي تخالف تعاليم المسيح عليه السلام .. أليس الأجدى أن يعيدوا الخارجين على الدين المسيحي في بلادهم إلى حظيرة الدين ؟.. أليس من الواجب على المنصرين أن يصلحوا الفساق والشاذين والكفار والملحدين وأن يقضوا على الكفر والإلحاد والزنا والفجور والإباحية في بلادهم أولا ؟.. إن المنصرين الذين يطلقون على أنفسهم كذبا وزورا لقب المبشرين هم الذين سهلوا الطرق للحملات الاستعمارية المجرمة الظالمة على بلاد العالم أجمع .. وهم الذين سهلوا الطريق للحروب الصليبية المجرمة على مدار التاريخ وحتى يومنا هذا .. لقد قام المنصرون ولا يزالون باستغلال الفقراء والضعفاء والمساكين والمحتاجين ليوقعوهم في حبائلهم بأساليب ظاهرها الرحمة وباطنها الخديعة والفساد فقاموا بافتتاح مدارس تنصيرية وقدموا لها الدعم السخي لتكون من أرقى المدارس ثم كرسوا لهذه المدارس قساوسة ورهبان للتدريس ومن ثم دس السم بالدسم وإلقاء بذور الفساد .. ثم قاموا بإنشاء المستشفيات والنوادي الرياضية والنوادي الترفيهية والجامعات وغير ذلك كثير من الأساليب والطرق الخسيسة اللاإنسانية لنشر باطلهم عن هذه الطرق عندما فشلوا فشلا ذريعا بنشرها بشكل واضح جلي ..
** كتب السيد باولز سفير الولايات المتحدة في الهند فيما ينقله عن أهالي رودسيا إبان الحكم العنصري : ( عندما جاء الرجل الأبيض إلى بلادنا لم يكن معه إلا الكتاب المقدس وكانت معنا الأرض وكل شيء .. أما الآن فقد أصبحت الأرض كلها في يد الرجل الأبيض ولم يبق لدينا غير الكتاب المقدس ) ..!!..
** جاء في كتاب " التبشير والاستعمار" للدكتور عمر فروخ والدكتور مصطفى الخالدي : ( لقد استغلوا آلام الإنسانية أبشع استغلال عندما اتخذوا من التطبيب وسيلة لنفث سمومهم جريا على القاعدة المشهورة التي وضعها دهاقنة الاستعمار هذه القاعدة تقول : حيثما يوجد بشر يوجد مرضى .. وحيثما يوجد مرضى تكون الحاجة إلى الطبيب ماسة .. وهي الفرصة الذهبية لإدخال الخراف إلى الحظيرة المقدسة .. لقد بلغت الخسة والدناءة في بعض المستشفيات أنهم لا يعالجون المريض إلا بعد أن يركع للصليب فإذا رفض طلبوا منه الاعتراف بأن شفاءه بيد المسيح أو أن يسأل المسيح الشفاء ومن يرفض فلن يحصل إلا على وصفة خاطئة قد تضر بصحته ) ...
** يقول المستشرق ( جب ) : ( أما المدارس فهي شرط أساسي لنجاح التبشير لأنها تفرز هياكل بشرية خالية من الفضائل والأخلاق والمثل العليا .. هذه المدارس تستخدم لتفريخ مسوخ بشرية متنكرة لدينها ووطنها وأبناء جلدتها ) .. ولا عجب في ذلك إذ يكفي المرء أن يطلع على الدروس التي تلقن للطلاب والكتب التي يدرسونها لتعرف أية طعنة نجلاء نوجهها إلى أبنائنا وفلذات أكبادنا .. وأي دس رخيص على الإسلام يحقن في أدمغتهم .. لقد استطاعت قوى الاستعمار الغربي بعد احتلالها عددا كبيرا من الدول الإسلامية أن تجند العديد من المستشرقين الذين قاموا بدراسة وافية للغات هذه الشعوب وعقائدهم وعاداتهم وتقاليدهم ومن ثم استطاعوا أن يضعوا مبادئ الغزو الفكري لمجتمعاتنا الإسلامية .. لقد أصدر المستشرقون بين عامي ( 1916-1931 ) سبعة مجلدات ذكر فيها أسماء المصادر والمراجع التي تدور حول المبشرين وجهودهم .. أما الرسائل التي كتبها المبشرون من سورية والشرق الأدنى فقط إلى زملائهم كانت في ثمانية وثلاثين مجلدا.. وكذلك فإن تقرير مؤتمر التبشير العالمي في أدنبرة عام 1910م طبع في عشرة مجلدات .. ومؤتمر التبشير الدولي في القدس عام 1928م فقد وضع تقريرا في ثمانية مجلدات .. وفي عام (1869م) طبعت أعمال مدارس التبشير الفرنسية في الشرق في أربعة مجلدات ، ومدارس التبشير الإنكليزية في لبنان في مجلد واحد .
** يقول أستاذ التاريخ في جامعة كولومبيا الأستاذ " إدوارد ميد ايرل " : ( ماذا يمكن أن يقال عن أعمال التبشير الأمريكي في الشرق الأدنى بعد قرن كامل من الدهر ، يمكننا أن نحشد إحصاءات هائلة تتعلق بملايين الدولارات وبألوف الأشخاص الذين ضحوا في هذا السبيل ، إن الوقت لم يحن بعد للحكم على قيمة ما حققه المبشرون عموما ، إن الرأي العام الأمريكي فيما يتعلق بالشرق قد خلقه المبشرون منذ قرن كامل فإذا كان الرأي العام الأمريكي قد طويت عنه بعض المعلومات أو غذي بمعلومات خاطئة أو دفع إلى موقف عدائي تجاه الشرق فإن المبشرين هم الملومين في ذلك لقد حرص المبشرون على أن يقدموا لنا صورة ناقصة مشوهة أو ساخرة في بعض الأحيان عن الإسلام والمسلمين ، وبما أن المبشرين قد حذفوا كثيرا من الخصائص والحقائق من الصورة التي رسموها عن الإمبراطورية العثمانية مما جعل الشعب الأمريكي لا يفرق بين الظالم والمظلوم ، فهم لم يعرفوا أن المسلمين والنصارى قد تألموا على السواء تحت حكم إمبراطوري فاسد ) ...
** يقول المبشر جيسوب : (لقد ثبت على اليسوعيين مؤخرا أنهم فضحوا واعتدوا على فتاتين من طائفة الروم الأرثوذوكس وأخفوهما حينا ولكنهم أرغموا على ردهما لأهلهما ، إن نظام الأديرة كله كان لعنة على سورية ، وإن بعض هذه الأديرة كان مقرا للفاحشة ) ويقول في موضع آخر : ( إني أود أن يمحى الإسلام من العالم ) ...
** يرى المستشرق الألماني (كارل بيكر) والمستشرق (غاردنر ) : ( أن الإسلام لما انبسط في العصور الوسطى أقام سدا منيعا منع انتشار النصرانية .. إن القوة التي تكمن في الإسلام هي التي تخيف أوربا وهذا سبب عداوتهم للإسلام ) ...
** يقول لورنس براون ( إذا اتحد المسلمون في امبراطورية عربية أمكن أن يصبحوا لعنة على العالم وخطرا ، أو أمكن أن يصبحوا نعمة على العالم أما إذا بقوا متفرقين فإنهم يظلون حينئذ بلا وزن ولا تأثير ) ...
** يقول القس سيمون : ( إن الوحدة الإسلامية تجمع آمال الشعوب السمر وتساعدهم على التملص من السيطرة الأوربية ولذلك كان التبشير عاملا مهما في كسر شوكة هذه الحركة ، ذلك لأن التبشير يعمل على إظهار الأوربيين في نور جديد جذاب ، ويعمل على سلب الحركات الإسلامية عنصري القوة والتمركز ، إذا كانت الوحدة الإسلامية تكتلا ضد الاستعمار الأوربي ثم استطاع المبشرون أن يظهروا الأوربيين في غير مظهر المستعمر ، فإن الوحدة الاسلامية حينئذ تفقد حجة من حججها وسببا من أسباب وجودها ، من أجل ذلك قالوا يجب أن نحول بالتبشير مجاري التفكير في الوحدة الإسلامية حتى تستطيع النصرانية أن تتغلغل في المسلمين ، وكذلك كان الفرنسيون أيضا يخافون من المساعي لتحقيق الوحدة الإسلامية ) ...
** يقول أديسون : ( وعلى هذا الأساس أصبح الأتراك خطرا على أوربا منذ دخلوا في الإسلام ، لا لأنهم مسلمون بل لأنهم أصبحوا قوة تستطيع أن تقف في وجه الأطماع ، حتى السنوسية وهي فرقة من المرابطين نشأت في طرابلس الغرب قد أصبحت على قلة ِشأنها وقلة أشياعها قوة ترهب الاستعمار لا لشيء إلا لأن الاتحاد يشكل قوة تفسد على المستعمرين أعمالهم ) ...
** يقول جون تاكلي عن الإسلام والمسلمين والقرآن ( يجب أن نستخدم كتابهم فهو أمضى سلاح في الإسلام ضد الإسلام نفسه لنقضي عليه تماما ، يجب أن نري هؤلاء الناس أن الصحيح في القرآن ليس جديدا وأن الجديد فيه ليس صحيحا ...
** يزعم المبشر يولوس رشتر : ( أن أكثر أفراد طائفة الدروز والنصيرية قد أصبحوا بروتستانتيين قلبيا ولولا أن الدولة العثمانية منعتهم بالقوة من إعلان بروتستانتيتهم لأصبحوا كلهم بروتستانت ظاهرا وباطنا ) .. إن هدف التبشير كما أعلنه كثير من المبشرين هو القضاء على الأديان غير النصرانية يقول الكاردينال لافيجيري : ( وبينما كان الإسلام على وشك أن ينهار في أوربا مع عرش السلاطين العثمانيين كان لا يزال نشطا في تقدمه وفتوحه على أبواب مملكتنا الإفريقية ) ...
** يقول ستيفان بنروز رئيس الجامعة الأمريكية : ( إن المبشرين يمكن أن يكونوا قد خابوا في هدفهم المباشر وهو تنصير المسلمين جماعات جماعات إلا أنهم قد أحدثوا بينهم آثار نهضة ، لقد برهن التعليم على أنه أثمن الوسائل التي استطاع المبشرون أن يلجأوا إليها في سعيهم لتنصير سوريا ولبنان ) ...
** يقول المبشر رايد عن صعوبة التبشير في بلاد المسلمين : ( إن عمل المبشر المسيحي بين هذا الشعب صعب جدا ، فبعد عمل أمتد خمسة عشر عاما صح عندي أن الطريقة الوحيدة لاكتساب هذا الشعب إنما هي في النفوذ الشخصي ، نفوذ الرجال والنساء الذين امتلئوا بروح القدس ، إن المشكلة في العمل بين المسلمين إنما هي في إيجاد الطريقة التي تساعد على الاقتراب منهم ، إن ذلك الحاجز العظيم الذي يدعى التعصب ، قد بناه الإسلام حول اتباعه ليحميهم داخله وليترك المبشر خارجه .. هذا الجدار اختراقه مستحيل وتسلقه مستحيل ، من الصعب أن تحب مسلما لأن المسلم ليس محببا إلى النفس ، ولأنه هو عادة يشمئز من الذين يحاولون الاقتراب منه إذا نالوا ثقته ) ...
** يقول اليسوعيون في كتابهم الذي أصدروه في بيروت عام (1931) : ( إن الأخوات لسن راهبات معلمات فقط ولكنهن أيضا راهبات مبشرات إنهن في كل مكان يعملن إلى جانب عملهن التعليمي أعمالا تبشيرية )
** يقول المبشر جون رالاي موط في كتابه " خمسة عقود ونظرة إلى المستقبل " : ( إن صواب الحركة التي بدأت في مطلع القرن العشرين وفي الولايات المتحدة خاصة تلك الحركة التي استغلت الطلاب والأساتذة وعوام الناس في التبشير )
** يقول ريدر بولارد : سفير بريطانيا في إيران خلال الفترة بين 1939 ــ 1946 : ( إن مسلمين كثر يقدرون أعمال الجمعيات التبشيرية في التعليم والتطبيب ولكنهم يصمون آذانهم عن دعوتهم الدينية ) .... لـذلك وعندما فشلت خطط التبشير القديمة تم في عام (1932) إصدر كتاب تحت عنوان " التفـكير الجديد في أمر الارساليات " والذي وضع خطط وأساليب جديدة في عمليات التبشير
** صدر كتاب تحت عنوان " طرق العمل التبشيري بين المسلمين " والذي يلجأ إلى الطريقة الميكافيلية .. يقول هذا الكتاب : ( لنجعل هؤلاء القوم المسلمين يقتنعون بالدرجة الأولى أننا نحبهم فنكون قد تعلمنا كيف نصل إلى قلوبهم ، يجب على المبشر أن يحترم في الظاهر جميع العادات الشرقية والاسلامية حتى يستطيع أن يتوصل إلى بث آرائه بين من يصغي إليها ، وعليه مثلا أن يتحاشى أن يقول عن المسيح أنه ابن الله حتى لا ينفر منه أولئك الذين لا يؤمنون هذا الإيمان فيستطيع أن يقاربهم حينئذ بما يريد أن يدعوهم إليه )...
** ويقول تشارلز واطسون : ( يجب على المبشرين أن يظلوا برءاء كالحمام ولكن هذا لا يمنعهم أن يكونوا حكماء كالحيات) ..
** بمناسبة الانقلاب العلماني على الخلافة الإسلامية العثمانية يقول " جوسب " : ( إن القضية التي تواجهنا بطبيعة الحال هي ماذا يكون من أمر هذا الانقلاب العظيم على دين الإمبراطورية العثمانية ....؟! ... إن هذا سيساعدنا على طبع الكتب البروتستانتية وسيصبح المرء العثماني حرا في أن يغير دينه ) ...
** وفي ظل الانتداب الفرنسي أختار اليسوعيون أن يوسعوا جهودهم التبشيرية في جبال العلويين بين الطائفة النصيرية ليفرضوا على المستضعفين منهم المذهب الكاثوليكي ، وزعموا أن نفرا منهم قد جاؤوا إلى الراهبات اليسوعيات في صافيتا وطلبوا منهن أن يقبلنهم في المذهب اللاتيني ، مما أدى إلى إسراع رهبان يسوعيون من بيروت إلى بلاد العلويين واستكتبوا رجلا منهم كتابا أرسلوه إلى البابا فيه يزعمون أن النصيرية من أحفاد الصليبين وأن التعليم الديني عند الرهبان جعلهم يرون أن النصرانية هي خير الأديان ) .. وعلى الرغم من قدوم الأب شانتور في 6 تشرين الأول 1930 مع خمسة من اليسوعيين لإنشاء مركزيين تبشيريين في بلاد العلويين في منطقة (قرق خان) إلا أن حملة التبشير فشلت أيضا في مهمتها إذ لم تستطيع هذه الحملة التي انفق عليها مبالغ طائلة إلا تنصير نحو ثمانين شخصا احتفلوا بهم في جنينة رسلان في (15-آب-1930) .. لقد كانت الدول الأجنبية تبسط حمايتها على مبشريها في بلاد الشرق ولقد كان المبشرون يعملون على تهيئة شخصيات شرقية لا تقاوم الوجود الأجنبي ) .
** يقول الطبيب المبشر بول هاريسون في كتابه " الطبيب في بلاد العرب " : ( إن المبشر لا يرضى عن إنشاء مستشفى ولو بلغت منافعه منطقة عمان بأسرها لقد وجدنا في بلاد العرب لنجعل رجالها ونساءها نصارى ) .. يقول موريسون : ( نحن متفقون بلا ريب على أن الغاية الأساسية من أعمال التنصير بين المرضى في المستشفيات أن نأتي بهم إلى المعرفة المنقذة ، معرفة ربنا يسوع المسيح وأن ندخلهم أعضاء عاملين في الكنيسة المسيحية الحية ) .. هذا ولقد أقر المبشرون المسيحيون في جميع مؤتمراتهم ومحافلهم على استغلال الطب والمستشفيات التبشيرية وسيلة لعمليات التبشير والتنصير نذكر من هذه المؤتمرات مؤتمر القدس عام 1924 ومؤتمر استنبول وحلوان في مصر وبرمانا في لبنان وبغداد وكلهم أجمعوا أن الطب وسيلة ناجحة في عمليات التبشير ولقد زرت أحد المستشفيلت التبشيرية في مدينة حلب فرأيت القائمين على مجريات الأمور قساوسة وراهبات ورأيت فوق كل سرير من أسرة المرضى صليب ضخم من البرونز وبجانب كل مريض نسخة من الإنجيل باللغة العربية .. تقول أيواهاريس الممرضة والمبشرة تنصح الطبيب الذاهب بمهمة تبشيرية : يجب أن تنتهز الفرص لتصل إلى آذان المسلمين وقلوبهم فتكرز لهم بالإنجيل إياك أن تضيع التطبيب في المستوصفات والمستشفيات فإنه أثمن تلك الفرص على الإطلاق ، ولعل الشيطان يريد أن يفتنك فيقول لك واجبك التطبيب فقط لا التبشير فلا تسمع منه ...
** قال نفر من المبشرين : ( إن أهداف المدارس والكليات التي تشرف عليها الإرساليات في جميع البلاد كانت دائما متشابهة ، فهي في الدرجة الأولى واسطة لتمرين قسس للكنيسة ، حتى أن الموضوعات العلمانية التي تعلم من كتب غربية وعلى يد مدرسين غربيين تحمل معها الآراء النصرانية ) .
** كتب المبشر هنري هريس جوسب إلى السيد ستيوارت دودج عام 1870 : ( لنبتهل إلى الله في سبيل تعميد نفوس أولئك الشبان الذين يترددون على الكليات ، إن التعليم في مدارس الإرساليات المسيحية إنما هو واسطة إلى غاية هذه الغاية هي قيادة الناس إلى المسيح وتعليمهم حتى يصبحوا أفرادا مسيحيين وشعوبا مسيحية ولكن حينما يخطو التعليم وراء هذه الحدود ليصبح غاية في نفسه وليخرج لنا خيرة علماء الفلك والجيولوجيا والنبات والجراحين والأطباء فإننا لا نتردد حينئذ في أن نقول : إن رسالة مثل هذه قد خرجت عن مدى التبشير المسيحي إلى مدى علماني محض ، إن مثل هذا العمل يمكن أن تقوم به جامعات هايدلبرج وكمبردج وهارفرد وشيفيلد لا الجمعيات التبشيرية التي تسعى إلى أهداف روحية فحسب ) .. أما نيروز مدير الجامعة الأمريكية في بيروت فيقول : ( لقد ثبت بشكل قاطع أن التعليم هو أثمن وسيلة استغلها المبشرون الأمريكيون في سعيهم لتنصير سورية ولبنان ، ومن أجل ذلك تقرر أن يختار رئيس الكلية البروتستانتية الإنجيلية من مبشري الإرسالية السورية ..) .
** يقول المبشر جون موط : ( يجب أن نؤكد في جميع ميادين التبشير جانب العمل بين الصغار وبينما يبدوا مثل هذا العمل وكأنه غيرية إلا أننا مقتنعين لأسباب مختلفة بأن نجعله عمدة عملنا في البلاد الإسلامية ، إن الأثر المفسد في الإسلام يبدأ باكرا جدا من أجل ذلك يجب أن يحمل الأطفال الصغار إلى المسيح قبل بلوغهم الرشد وقبل أن تأخذ طبائعهم أشكالها الإسلامية ، وهكذا نجد أن وجود التعليم في يد المعلمين المسيحيين لا يزال وسيلة من أحسن الوسائل للوصول إلى المسلمين )
** يقول دانبي : ( كان التعليم وسيلة قيمة إلى طبع معرفة تتعلق بالعقيدة المسيحية والعبادة المسيحية في نفوس الطلاب .. وقد يتسع الشك على كل حال حينما يأتي استخدام معلم غير مسيحي ليعلم موضوعات لا نجد لتعليمها معلما مسيحيا ، ومما لا ريب فيه أن معلما مسلما ذا خبرة بمهنته يمكن أن يجعل منه معلما يبعث الحياة في طلابه أو مربيا صالحا ، ولكن إذا كانت الغاية من التعليم في المدارس المسيحية إنما هي تزويد الطلاب باستشراف مسيحي للحياة وتمرين لهم على ممارسة المبادئ المسيحية وتقريبهم من اختبار شخصي للإيمان المسيحي فكيف يمكن للمسلم الأمين أن يعاوننا على بلوغ هذه الغاية ؟ ) ... من أجل ذلك ترفض المدارس التبشيرية أن تتقيد بالمناهج الرسمية للبلد الذي تكون فيه لأن ذلك يفقدها الغاية من وجودها وهي التبشير بالديانة المسيحية ، ولكن رغم كل هذا الإصرار والتركيز من الإرساليات التبشيرية النصرانية فإن العديد من الدول العربية والإسلامية استطاعت أن تلغي هذا الدور الخبيث لتلك الإرسليات وأن تخضع تلك المدارس والمعاهد التبشيرية لنظام التعليم العام ولمناهج وزارات التربية والثقافة والتعليم وإلغاء هذا الدور التبشيري الإستعماري المقيت ، اذكر على سبيل المثال أن سورية استطاعت أن تضم كل هذه المدارس التبشيرية إلى وزارة التربية وتلغي كافة صلاحياتها وامتيازاتها وتخضعها جميعا إلى المناهج الدراسية المقررة من وزارة التربية في سورية ..
** يقول المبشر بنيامين ماري في مقال نشرته مجلة العالم الإسلامي التبشيرية بعنوان "شمال نيجريا ميدان للتبشير" استعرض فيه حالة تلك البلاد وما هي عليه من التأخر العلمي على الأخص إذ أن الذين يحسنون القراءة والكتابة لا يتجاوز 2.5% ..ثم قال : ( وهذا يتيح فرصة عظيمة للتعليم التبشيري المسيحي ) .. ولقد كانت خطط دهاقنة التبشير في العصر الحديث : ( إيجاد المعلم المسيحي الأجنبي ــ فإن لم يتوفر فالمعلم المسيحي المحلي ــ فإن لم يتوفر فالمعلم المسلم الغير متمسك بدينه ) ...
** ولو راجعنا أسماء الاساتذة الذين يشغلون المناصب في الجامعة الأمريكية في بيروت لرأينا أكثر من (92%) من المعلمين من النصارى وأغلبهم من المبشرين ، والمدارس التبشيرية تضع خطة للاستغناء عن المعلمين المسلمين ما أمكن ذلك ، أما المدارس اليسوعية ومدارس الفرير فلا يمكن أن تجد فيها معلما واحدا من المسلمين أبدا ، وفي العصر الحديث ورغبة في إقبال الطلاب المسلمين على مثل هذه المدارس فقد تم إدخال بعض المعلمين المسلمين من غير المتمسكين بدينهم ومن عائلات قريبة إلى العائلات النصرانية ، ولكن يعاملون بمعاملة مختلفة عن معاملة النصارى الغربيين من حيث المناصب والرواتب وغير ذلك .
** إيجاد المناهج التي تكرس الطائفية المسيحية وتدخل قنوات مسيحية في هذه المناهج ففي مادة الدين والتاريخ يدرس التوراة أوما يسمونه بالعهد القديم ، ثم نظرا لأن التوراة هي كتاب اليهود ونظرا للحساسية الكبيرة بين العرب واليهود فقد تم تدريس التاريخ والجغرافيا والاجتماع وفق تعاليم التوراة والأنجيل بأسلوب مبطن وغير ظاهر ...
** إيجاد الكتب المدرسية التي تخدم التبشير فقد تم وضع الكتب والمناهج المدرسية وفق الكتب التي تدرس في أوربا يضاف إليها سياسة الدس والتشويه على الإسلام والتاريخ الإسلامي بحجة أنها مدارس تبشيرية وأن هدفها مقاومة العرب والمسلمين لذلك وصل بهم الأمر إلى درجة من السخف والانحطاط لم يصلها الجاهلون والعلمانيون والبلشفيون .. فقد جاء في كتاب " تاريخ محاضرات جورج ابزاك البا للشرق الأدنى " لطلبة الصف الخامس ما نصه : ( واتفق لمحمد في أثناء رحلاته أن يعرف شيئا قليلا من عقائد اليهود والنصارى ، ولما أشرف على الأربعين أخذت تتراءى له رؤى أقنعته بأن الله اختاره رسولا .. والقرآن مجموع ملاحظات كان تلاميذه يدونونها بينما كان هو يتكلم وأمر محمد اتباعه أن يحملوا العالم كله على الإسلام بالسيف إذا اقتضت الضرورة .. ودخلت فلسطين في سلطان الكفرة منذ القرن السابع الميلادي ) .. يقصد بالكفرة هنا المسلمين .. أما في كتاب " تاريخ فرنسا " والذي يدرس في صفوف الشهادة الابتدائية في مدرسة القديس يوسف يقول المؤلف فيه : ( إن محمدا مؤسس دين الإسلام قد أمر أتباعه أن يخضعوا العالم وأن يبدلوا جميع الأديان بدينه هو ، ما أعظم الفرق بين هؤلاء الوثنيين وبين النصارى إن هؤلاء العرب قد فرضوا دينهم بالقوة وقالوا للناس : أسلموا أو تموتوا بينما أتباع المسيح ربحوا النفوس ببرهم وإحسانهم ، ماذا كانت حال العالم لو أن العرب انتصروا علينا ، إذا لكنا نحن اليوم مسلمين كالجزائريين والمراكشيين ) .. هذا ولقد وضع كتب للمطالعة لغير الطلاب الملتزمين بالدراسة في المدارس التبشيرية المسيحية حيث يتم التركيز على الخلافات والمذاهب والدس وإشعال نار الفتن وكتب الشبهات حول الإسلام وهي كثيرة ويمكن أن نجد هذا الصنف في سلسلة ضخمة من قصص التاريخ الاسلامي في كتابات جرجي زيدان ، والكتب الأدبية مثل كتاب النبي لجبران خليل جبران .. ومؤلفات وكتب النصارى قلما تخلوا من الدس او التبشير أو الإساءة إلى الإسلام والمسلمين وإلى الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم .. هذا وقد تم نشر الكتب الوجودية والإلحادية والفلسفات المادية الجدلية من وجودية سارتر وشيوعية ماركس وأنجلز ونفسية فرويد ومادية داروين وكلها تدرس في المدارس التبشيرية على أنها نظريات ثابتة لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها حتى ولو تعارضت مع الأديان ، وذلك بغرض إفساد عقائد وأفكار المسلمين .
** ومن سياسة المبشرين إقامة الاجتماعات والندوات التي تلقى فيها الخطب والمحاضرات والمناظرات ومن خلالها يقوم دهاقنة الصليبية بإثارة الشبهات والدس على الإسلام والمسلمين خاصة عند الشباب الذين لا يملكون رصيدا كافيا من العلم الشرعي والمعرفة للرد
عل للردعلى هذه الشبهات .. ومن سياستهم أيضا بناء الكنائس إلى جانب كل مدرسة أو حتى داخل مدرسة بحيث تصبح المدرسة تحت إشراف الكنيسة ورجال الدين في الكنيسة .. ومن سياستهم أيضا تظاهر المبشرين بدراسة مشاكل الشباب ومساعدتهم على حلها حتى لو تطلب ذلك تكاليف معينة فإن المبشرين يحاولون تحمل هذه التكاليف ليظهروا أمام الطلاب والشباب بمظهر المصلح والمنقذ إضافة إلى توجيه الشباب بين فترة وأخرى إلى الأفكار المسيحية والأعياد المسيحية حتى وجدنا عددا كبيرا من أبناء المسلمين أصبحوا يحتفلون بعيد ميلاد المسيح وعيد رأس السنة الميلادية وعيد الحب أو ما يسمونه عيد القس فالانتاين وعيد الهالاوين وغير ذلك من أعياد النصارىوهذا محرم شرعا وعقلا ونقلا .. ومن سياستهم نشر الفساد والفحشاء في البلاد الإسلامية وذلك من خلال مبدأ الميكافيلية ( الغاية تبـرر الوسـيلة ) حتى أن أحد المبشـرين إبان الاحتلال الفرنسي لسوريا ولبنان قال ( كأس وغانية يفعلان في الشرق مالا تفعله المدافع والدبابات ) .
** هذا ولقد بارك البابوات الذين تعاقبوا على الفاتيكان أعمال المبشرين رغم ما فيها من غش وخداع وكذب وتضليل وتشويه للحقائق واستغلال للحاجات .
** يقول المبشر ( جوسب) : ( إن مدرسة البنات في بيروت هي بؤبؤ عيني ، لقد شعرت دائما أن مستقبل سورية إنما هو بتعليم بناتها ونسائها ، وهاهي قد أثرت اهتماما شديدا في أوساط الجمعيات التبشيرية ) .
** تقول المبشرة ( أنا ميليغان ) : ( في صفوف كلية البنات في القاهرة بنات آباؤهن باشوات وبيكوات ، وليس ثمة طريق إلى تدمير حصن الإسلام أقصر مسافة من هذه المدرسة ....)
** يقول المبشر تكلي : ( يجب أن نشجع إنشاء المدارس وأن نشجع التعليم الغربي ، إن كثير من المسلمين قد زعزع اعتقادهم الديني حينما تعلموا اللغة الإنكليزية وإن الكتب المدرسية الغربية تجعل الاعتقاد بكتاب شرقي مقدس أمرا صعبا جدا ..)
** في كانون الأول ( 1836م ) اجتمع كل من المبشرين فانديك ،دانيال بلس ، فورد ، جوسب ، هرتز مع قنصل الولايات المتحدة في بيروت وكان من أهم ما قرره بالنسبة للجامعة الأمريكية وبقية المعاهد بقولهم (نحن نصر على الطابع التبشيري للكلية وعلى أن يكون كل أستاذ فيها مبشرا مسيحيا ) .
** ويقول دانيال بلس مدير الكلية السورية الإنجيلية : ( إن السنوات الأولى التي شهدت تطور الكلية السورية الإنجيلية قضت أن تسير الكلية في مسارها بهدوء قدر الإمكان فلا تلفت إليها نظر رجال الحكم قبل أن تثبت جذورها في الأرض، فلما ثبتت جذورها تركت التستر وأصبح لها اجتماعات دينية ظاهرة فأجبرت جميع الطلاب الداخليين على أن يحضروا صلاة يوم الأحد ، وكان اجتماع الصباح إجباريا ) .
** يقول ستيفن بزوز : ( ومع ذلك فإن الجامعة الأمريكية في بيروت كانت نتاج حركة التبشير الأمريكية بل إن التبشير كان المبرر الوحيد لتأسيسها ) .
جرائم المبشرين النصارى :
يعتقد النصارى في كتبهم أن المسيح قال : ( أحبوا أعداءكم وباركوا لاعنيكم وأحسنوا إلى من أساء إليكم ) .. ويقول أيضا : ( ومن ضربك على خدك الأيمن فأدر له الأيسر ) .. ويقول أيضا : ( ما جئت ألقي في الأرض حربا بل سلاما ) .. ْولكن الحقيقة أن الصليبيين الذين يدعون أنهم أتباع المسيح عليه السلام كانت حروبهم دائما حروب إبادة حروب إجرامية شرسة قذرة خلافا لأوامر المسيح عليه السلام السامية ...
** ذكر المطران ستيفن نيل في كتابه " تاريخ البعثات النصرانية " ما يلي : ( بعد وصول المبشر لافيجيري إلى الجزائر ظهر وباء التيفوس والكوليرا وحدثت بعد ذلك مجاعة فجمع (1800) طفل يتيم واستحصل من السلطات الفرنسية على إذن بتحويلهم إلى النصرانية في بعض المستوطنات التي سموها ( القرى النصرانية ) وهذه التجربة قادته إلى تشجيع غيره من المنصرين لاتباع نفس الطريقة في بلاد أخرى فصاروا ينشرون الأمراض ويشترون الأطفال ويجمعونهم في مستوطنات نصرانية هي عبارة عن أديرة وكنائس يربونهم فيها على العقيدة النصرانية ) وقد حصل ستيفن نيل على رسالة من الأخ بوارييه المؤرخة 28/4/1886م يقول فيها ( إنه إبان مرضه لا حظ أن الأخ " ترابا " الإيطالي اشترى ثلاثين طفلا بقيمة (310) جنيه استرايني وهذا سعر مرتفع جدا .. وقد نجحت طريقة شراء الأطفال لدرجة أنه كان لليسوعيين سنة 1902م في منطقة واحدة مئتان وخمسون مزرعة كنسية بها خمسة آلاف من الأولاد ) ...
** قام المبشرون النصارى باستغلال المرضى في أندونيسيا حيث قامت جمعية الإنجيل الثانية في إندونيسيا وخلال عشرين عاما فقط بإنشاء عدد كبير جدا من المستشفيات هدفها تنصير المسلمين حيث أعلنت هذه المنظمة عن تنصير 400000 شخص كما أعلنت وكالة اليونايتد برس أن عدد الذين تنصروا من المسلمين في إندونيسيا حوالي ثلاثة ملايين ونصف نسمة ...
** عقد المبشرون مؤتمرهم في الهند عام 1911م برئاسة القس المبشر صموئيل زويمر الذي قال : ( إن الانقسام السياسي الحاضر في العالم الإسلامي دليل بالغ على عمل يد الله في التاريخ واستثارة للديانة المسيحية لكي تقوم بعملها إن ذلك يشير إلى كثرة الأبواب التي أصبحت مفتحة أمامنا في العالم الإسلامي على مصاريعها .. إن ثلاثة أرباع العالم الإسلامي يجب أن تعتبر الآن سهلة الاقتحام على الإرساليات التبشيرية إن في الإمبراطورية العثمانية اليوم وفي غربي شبه جزيرة العرب وفي إيران والتركستان والأفغان وطرابلس الغرب ومراكش سدودا في وجه التبشير ولكن هناك مئة وأربعون مليونا من المسلمين في الهند وجاوة والصين ومصر وتونس والجزائر يمكن أن يصل إليهم التبشير المسيحي بشيء من السهولة ) ...
** وقال جوسب : ( من العناية الإلهية العظيمة أن المطبعة الأمريكية والمدارس الأمريكية في سوريا كانت وسيلة لإعداد رجال ونساء كثر ليكونوا مواطنين أمريكيين ) ...
** يقول ريتشرد : ( إن أبوة الله تشمل جميع الشعوب .. وإن الأخوة تضم جميع البشر وإذا لم تكن الأممية نصرانية فيجب أن ننصرها .. حتى يستطيع المبشرون أن ينصروا جميع الشعوب على السواء .. إن البروتستانتية لا تتعارض مع مبدأ القومية وأن الدولة العثمانية تخاف من انتشار الروح القومية بين رعاياها ) ..
** يقول وولز في كتابه معالم تاريخ الإنسانية : ( لقد كادت الكنيسة تفقد سيطرتها على ضمائر الأمراء وذوي اليسار والاقتدار من الناس .. وكذلك شرعت تفقد إيمان عامة الناس وثقتهم بها وكان من نتيجة ذلك انحطاط سلطانها الروحي على الطبقة الأولى حيث جعلتهم ينكرون تدخلها في شؤونهم وقيودها الخلقية عليهم وادعاءاتها بالسيادة العليا فوقهم وادعاؤها الحق في فرض الضرائب وفي حل ارتباطات الولاء ولذلك فقدت سلطانها واحترامها عندهم .. وظل هذا الخروج عن طاعة الكنيسة بصدر من الأمراء والحكام طوال العصور الوسطى بكاملها رغم أن الأمراء لم يفكروا جدياً بالانفصال عن المذهب الكاثوليكي وإقامة كنائس جزئية منفصلة إلا عندما فقدت الكنيسة احترامها عند الناس .. أكبر الظن أن المسيحية التي عليها المسيحيون اليوم لا يعرف المسيح عنها أي شيء ) ..
** إن موضوع تحريف العقائد النصرانية أمر ثابت لا يختلف فيه اثنان حتى من علماء ومفكري ومؤرخي الغرب إذ هناك عدد كبير من الشهادات الغربية للمفكرين الغربيين تثبت تحريف وتشويه العقيدة النصرانية ومزجها بالأفكار والعقائد الوثنية والأفكار الدخيلة إذ لم يتبق من النصرانية التي نزلت على المسيح عليه السلام أي أثر يذكر .. ولقد تركز التحريف والتشويه في العقائد النصرانية على أساسيات هذه العقيدة حيث تحولت عقيدة التوحيد إلى عقائد شركية وأصبح الإله الواحد آلهة متعددة وتم تأليه رسول الله عيسى عليه السلام وادعاء بنوته لله رب العالمين وتأليه مريم بنت عمران وتأليه جبريل عليه السلام واختراع قصة الصلب والفداء وتقديس الصليب وعبادته وعبادة الأصنام والصور والتماثيل ثم جعل الدين عقيدة وطقوساً تقام في المناسبات فقط وترك القانون الروماني الوثني يحكم حياة الناس .. وذلك لأن الدين المنزل من عند الله هو عقيدة وشريعة في وقت واحد .. عقيدة توجه الناس إلى ربها وخالقها .. وشريعة تحكم جميع أمور الناس في هذه الحياة .. هذا غيض من فيض من الانحرافات التي انحرفت فيها العقيدة النصرانية عن الأصل الإلهي الذي أنزله الله جل وعلا على السيد المسيح عيسى عليه السلام...
** يقول شاتيليه في كتابه " الغارة على العالم الإسلامي " : ( ولا شك في أن إرساليات التبشير من بروتستانتية وكاثوليكية تعجز عن أن تزحزح العقيدة الإسلامية من نفوس منتحليها ولا يتم ذلك إلا ببث الأفكار التي تتشرب مع اللغات الأوربية حيث يحتك الإسلام مع الحضارة الأوربية وتتمهد السبل لتقدم إسلامي مادي وتتم أساليب التبشير لبناتها في هدم الفكرة الدينية الإسلامية التي لم تستطع أن تحفظ كيانها وقوتها إلا بعزتها وانفرادها ) .. وهنا نلاحظ أن شاتيليه رغم اعترافه بقوة العقيدة الإسلامية وعزتها وتفردها وأصالتها إلا أنه وبدافع من حقده الصليبي الدفين يريد أن يحتال بطرق ملتوية لتدمير العقيدة الإسلامية ..
** هاجم رئيس أساقفة كانتربري العنف الأمريكي والنزعات الإمبريالية الأمريكية وقال إن السياسة الخارجية الأمريكية أوجدت أسوأ عالم ممكن ..
** أبدى البابا بينيديكت قلقه من استمرار النزاع في العراق ومعاناة الشعب العراقي يكافة أطيافه وقال إن الكنيسة والمسيحيين يتضامنون مع تلك الأرض الحبيبة واستغاث برحمة الله لتحقيق التوافق والسلام .. تعاطف لا بأس به ولكنه جاء متأخرا كثيرا وذلك بعد أن قتل الأمريكان والبريطانيين في العراق مئات الآلاف من لأبرياء في عراقنا الحبيب ..
جريمة فصل الدين عن الدولة :
لا أريد هنا في هذا الكتاب أن أستقصي كل الانحرافات والخرافات التي يعتقدها النصارى اليوم ولا الوثنيات والشركيات التي دخلت على دين النصارى لأن ذلك يحتاج إلى كتب ومجلدات والمتواجدة بكثرة في المكتبات يمكن أن يرجع إليها القارئ الكريم في مظانها إذا ما أراد التوسع في هذا المجال وإنما أريد هنا أن أقدم فكرة مبسطة مختصرة جداً لدعم الفكرة الأساسية التي وضع هذا الكتاب من أجلها .. إن أهم نقطة يجب أن تركز عليها هنا في هذا البحث هي موضوع فصل الدين عن الدولة وفصل العقيدة عن الشريعة وإقرار النصارى قبول أية شريعة مادية حتى ولو كانت مخالفة لدين الله تحت مبدأ ( أعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله ) .. والذي ينسب كذباً وزوراً للمسيح عليه السلام .. إن الكنسية النصرانية فقدت كل كيانها ومصداقيتها عندما آثرت الانطواء داخل الأديرة والكنائس والمعابد ورضيت الاكتفاء ببعض الطقوس والمراسم الكنسية التعبدية وتركت التشريع والحكم والمعاملات وجميع أمور الحياة للقوانين الوضعية البشرية الوثنية .. إن أي نظام يرضى بأن يطبق شريعة سماوية في المعبد فقط ويرضى بتطبيق شريعة وثنية كافرة ظالمة في جميع شئون الحياة لهو نظام فاسد باطل وإن ادعى التقوى والصلاح وأنه دين الله لأن هذا الادعاء باطل من أساسه إذ لا بد من تحكيم شرع الله في كل صغيرة وكبيرة حتى يستقيم عمود الدين والنظام وتنسجم الشرائع مع الأحكام انسجاماً كاملاً مطلقاً لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه لذلك نجد أن القرآن الكريم ركز تركيزاً هائلاً على هذه القضية .. قضية إقصاء شرع الله عن أمور الحياة والاكتفاء ببعض الطقوس والمراسم والعبادات .. قضية فصل الدين عن الدولة .. واعتبر الإسلام هذا العمل ظلماً وشركً وكفراً فجاءت الآيات الكريمة متتالية وبأسلوب دقيق ومحكم وبلهجة شديدة حيث يقول ربنا جل شأنه : [ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكَافِرُون َ] {المائدة:44} .. [ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ ] {المائدة:47} .. [ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُون َ] .. {المائدة:45} .. ولعل حادثة عدي ابن حاتم الطائي الذي كان على النصرانية وجاء إلى رسول الله صلى الله وكان يقرأ قوله تعالى : ( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ الله ) {التوبة:31} فقال عدي : ولكنهم لم يعبدوهم يارسول الله فأجاب الرسول صلى الله عليه وسلم بكل وضوح وبكل دقة : ( أحلوا لهم الحرام وحرموا عليهم الحلال فاتبعوهم فذلك عبادتهم إياهم) .. واكتفي هنا بهذه الشواهد الدقيقة المعبرة عن شمولية هذا الدين الحنيف وعن كون الإسلام عقيدة وشريعة عبادة ومنهج .. دين ودولة .. شمولية شملت كل صغيرة وكبيرة في حياة الإنسان على وجه هذه الأرض حتى يرث الله الأرض ومن عليها.. إن تخلي الكنيسة عن تطبيق شرع الله في مختلف شؤون الحياة والسماح للشرائع الوثنية الوضعية بالتحكم في جميع أمور الحياة والابتعاد والانزواء في الأديرة والمعابد والكنائس لتطبيق بعض الطقوس والمراسم الدينية .. هو الذي قضى على روح الديانة النصرانية التي جاء بها المسيح عليه السلام من عند الله جل وعلا وبذلك نجد أن هذه الديانة أصبحت ناقصة مشوهة مزيفة لا تصلح لأن تكون رابطاً حضارياً عالمياً ولا يمكنها أن تنشئ حضارة عالمية إنسانية تستوعب الإنسانية جمعاء وتتدخل في صميم الحياة البشرية بكل صغيرة وكبيرة .. ذلك لأن الدين يأتي لإصلاح الأرض وإقامة حياة الناس بالقسط وتصريف شؤونهم وحاجاتهم وضروراتهم .. يقول ربنا جل شأنه في هذه القضية قضية الدين المنزل من عند الله وأثره في الحياة : [ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الكِتَابَ وَالمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالقِسْطِ ] {الحديد:25} ...
لم يعرف العالم أجمع منذ أكثر من ألف سنة دين الله القويم المنزل على المسيح عليه السلام على حقيقته الربانية الصافية الخالصة فلقد كانت صورة النصرانية صورة محرفة مشوهة من صنع البشر على مر العصور والأزمان صورة من صنع الكهنة والقسيسين والملوك والمتنصرين عبر تاريخ النصرانية الطويل .. صورة لا صلة لها بالأصل الرباني الخالص الصافي المنزل من عند الله على عيسى المسيح عليه السلام ليبلغه لبني إسرائيل بعد أن طغت عليهم المادة وعمهم الفساد وأصبحوا بحاجة ماسة لعملية إصلاح جذرية كانت برسالة المسيح عليه السلام .. وإذا استثنينا بعض الأفراد القلائل جدًا على مسرح التاريخ منذ عهد عيسى عليه السلام إلى يومنا هذا فإن النصارى في الشرق والغرب ظلوا يستقون تعاليم دينهم الممسوخة المشوهة المحرفة من رجال الدين والبابوات والقسيسين والكرادلة والكهنة وكذلك من تعاليم المجامع الكنسية المقدسة عندهم والتي أصبحت على مرور الزمن معتقدات أصلية ثابتة في الديانة النصرانية ولكنها لا تمت إلى دين الله الذي أنزله على المسيح عليه السلام إلا بومضات بسيطة متوزعة هنا وهناك في الكتب المقدسة عند النصارى .. حتى أصبح للكرادلة والبابوات صفة إلهية مقدسة وأصبحوا مرجعاً دينياً يربط بين الأرض والسماء لا يرقى إليه الشك ولا يجوز لأحد أن يناقشهم في أي قرار أو أمر من أمور الدين وبذلك تحقق قول الله فيهم صدقاً وعدلاً حين قال : [ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ وَالمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لاا إِلَهَ إلا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ] {التوبة:31} .
الاستشراق والتراث الإسلامي :
قام الغرب الصليبي بسرقة التراث الإسلامي من مكتبات الأندلس ومصر وسورية والعراق وتركيا وغيرها من بلاد المسلمين ووضعها في مكتبات الغرب وهذه إحدى جرائم الحضارة الغربية تماما كسرقة الآثار من المتاحف العربية والإسلامية بل على العكس من ذلك فإن سرقة التراث الإسلامي تعد من أكبر التحديات فلقد أصبحت كتب المسلمين بأيد مغرضة غير أمينة بحيث تمنع عن أبناء المسلمين ما تريد من الذخائر التراثية وتفرج عما تريد حسب قناعاتها الحاقدة .. والحقيقة إن الذي أفرج عنه من تراثنا الإسلامي المتواجد في مكتبات الغرب لا يعدو قطرة من بحر مما يؤكد علينا واجبا إسلاميا كبيرا هو محاولة تجميع تراثنا الإسلامي والتركيز على طبعه ونشره أو على الأقل تصويره ونسخه وتعميمه على جميع مكتبات التراث في بلاد المسلمين حتى تعم الفائدة ويحصل المطلوب كما يجب على أبناء المسلمين الوصول إلى جميع الكتب الإسلامية في بلاد الغرب وتصوير ونسخ الكتب الإسلامية التراثية لكي نعيد الحق إلى نصابه ونسترجع الكنوز التي سرقتها الحضارة الغربية إبان الحملات الصليبية والحملات الاستعمارية خاصة وأن أساليب الطباعة والتصوير أصبحت ميسرة لكل من أراد وبتكنولوجيا دقيقة ومتطورة جدا .. لقد حاول المستشرقون تدفعهم الأحقاد الصليبية القديمة على بعث العديد من كتب التراث الإسلامي التي تجسد الخلافات السياسية والمذهبية مثل كتب التصوف الفلسفي وعلم الكلام وأبحاث الاعتزال وكتب الطرق المنحرفة والباطنية وغيرها .. وذلك لإعادة نبش الخلافات السياسية القديمة التي أفسدت على المسلمين نقاء عقيدتهم ومزقتهم في الماضي ثم تلاشت بعد أن تغلب عليها المنهج الإسلامي الأصيل .. وهذا بحد ذاته أحد الأساليب الخبيثة الماكرة التي يعتمدها المستشرقون في حربهم ضد الإسلام والذي يجب الانتباه إليه ولقد وجد المستشرقون كتب المنحرفين والضالين إضافة إلى كتب الشعوبية التي تشوه سيرة أعلام المسلمين بقصص ومقالات كاذبة مختلقة إضافة إلى الكتب التي تطرح الأفكار الإلحادية الكافرة مثل كتب الحلاج والسهروردي وبشار بن برد وأبي نواس وألف ليلة وليلة وكليلة ودمنة ومؤلفات ابن الراوندي وسيرته وكتاب الأغاني وكل هذه الكتب وغيرها كثير والتي رعاها المستشرقون وأولوها عناية خاصة هي من الكتب المليئة بالإنحرافات والأفكار البعيدة عن صفاء الدين ونقاء العقيدة الإسلامية ، ولا يجوز أن يتداولها إلا المتمكنون من ثقافتهم الإسلامية الذين يستطيعون تمحيص الحق من الباطل وتمييز الدسائس والانحرافات ، ومن هذا القبيل نجد المستشرق ماسينون الذي اعتنى بدراسة أفكار الحلاج وكتبه والتي تمثل لوثات شركية في الحلول والتجسيد وغيرها .. ولعل من الأمور الهامة في موضوع الاستشراق أن بعض المهزومين روحيا من المفكرين المسلمين كانوا يقفون أمام المستشرقين بشيء من التواضع أوأحيانا الذل وذلك على اعتبار أن هؤلاء المستشرقين أساتذة مخضرمين وهذا مما زاد جرأتهم على الإسلام والمسلمين والمفروض أن نرد آراءهم بشيء من الحزم و الشدة وأن نسفه أحلامهم ونرد عليهم بضاعتهم المغرضة بقوة الحق الذي أعطانا الله إياه ، والجدير بالذكر أن طه حسين وزكي مبارك ومنصور فهمي ومحمود عزمي كانوا تلاميذا لمستشرقين يهود مثل دوركايم وليفي وبرايل وهم الذين عادوا إلى بلاد المسلمين ليثيروا الشبهات حول الإسلام ومبادئه مثل التاريخ الاسلامي ومثل تعدد الزوجات ومثل موضوع الرق وغير ذلك كثير فكانوا بذلك معول هدم للإسلام وتخريب لأفكار المسلمين ومن جملة الشبهات التي كان يطرحها تلاميذ المستشرقين هو أن العرب كانوا أصحاب حضارة راقية وأن الإسلام لم يكن له إلا تأثير بسيط ويستدلون بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) حيث كانت هناك مكارم أخلاق فجاء الإسلام ليتممها ونسوا أن مكارم الأخلاق وحدها لا تبني حضارة ولا تقيم أمة ولا تنشئ حضارة عالمية انسانية تمتد من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب .. ولعل من الأمور الهامة التي ركز عليها الاستشراق هي الحملة الشرسة على الخلافة العثمانية حيث أخذ أذنابهم بتشويه تاريخ العثمانيين وتشويه الإمبراطورية العثمانية ووسمها بالكفر و الزندقة والفساد والفجور وكتابة القصص على قصور الحريم والخمور والزنا والفواحش ما ظهر منها وما بطن وكلها كذب وافتراء لتحطيم الخلافة العثمانية الإسلامية ، وأنا هنا لا أنكر وجود بعض الفساد في كيان الدولة العثمانية إلا أن عملية التضخيم هذه كان هدفا مقصودا لإثارة موجة العداء بين الاشقاء المسلمين من الأتراك والعرب وغيرهم ولا أدل على ذلك من حادث السادس من أيار عندما قام بعض الخونة في سوريا ولبنان بالتآمر على الدولة العثمانية والاتصال بالقوى الاستعمارية الصليبية في ذلك الحين حيث تم التحقيق معهم وثبتت خيانتهم وصدرت فتوى شرعية من مشيخة الاستانة بإعدامهم فقامت الدنيا ولم تقعد وأصبح جمال باشا حاكم سورية العثماني الذي نفذ حكم القضاء والشرع الإسلامي سفاحا وأصبح الخونة والعملاء شهداء وقلبت الحقيقة رأسا على عقب ولا تزال سوريا ولبنان حتى يومنا هذا تحتفلان بمقتل الخونة العملاء تحت اسم شهداء السادس من أيار ولا أريد هنا أن أذكر العديد من الأمثلة التي تثبت الدور التآمري الحاقد للمستشرقين الصليبيين لأن هناك العديد من الكتب بهذا الموضوع بالذات يمكن للقارئ الكريم الرجوع إليها ولكن تكفي الإشارة هنا إلى أن الاستشراق كان دائما في خدمة الدوائر الاستعمارية وفي خدمة الحملات التبشيرية المعادية للإسلام والمسلمين .. ونقطة أخرى هامة جدا أريد أن أنبه إليها في موضوع الاستشراق هو جهلهم بأسرار وخفايا اللغة العربية والتعابير البلاغية العربية التي يصعب على أي شخص غير عربي أو مسلم أن يتفهم كنهها ولقد قام بعض المستشرقين بتفسير وترجمة بعض الآيات القرآنية بشكل مضحك مثير للدهشة مثل قوله تعالى : ( وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ) فسرها بعض المستشرقين ( إن كل إنسان يأتي يوم القيامة وفي رقبته حمامة ). وكذلك تفسير قوله تعالى (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن ) فسرها بعضهم (هم كالبطلونات لكم وأنتم كالبطلونات لهن ) .. إن صعوبة اللغة العربية قراءة ونطقا وقواعدا وبلاغة تجعل منها سدا منيعا أمام غير العربي حتى المسلمين منهم فكيف بمن هو كافر معادي للإسلام .. إن حقد المستشرقين على الإسلام والمسلمين لا يمكن أن يجعلهم منصفين إلا قلة قليلة منهم لا يمكن مقارنتهم بالأغلبية العظمى يقول أحد المستشرقين : ( إن كراهية العرب والاسلام إنما يرضعها الأوربي مع لبن أمه ) .. فكيف نأمن مكر من يفكر بمثل هذا التفكير الذي تجاوز الحق إلى التعصب والحقد والكراهية وعدم الإنصاف .. لقد كان أسلوب الاستشراق أول ما بدأ هجوميا حاقدا غبيا أثار كل المسلمين ضده بأسلوبه الهمجي الأحمق إلا أنه بعد ذلك دخل مرحلة جديدة التي يمكن أن نسميها ( دس السم في الدسم ) حيث أصبحت كتاباتهم وبحوثهم تظهر الود والمحبة والشفقة على أوضاع المسلمين بينما تثير شبهات خفية ولوثات إلحادية ناعمة تتراكم يوما بعد يوم دون أن يشعر المسلمون العاديون بهذا الخطر الذي يدب في أفكارهم دبيب النمل ولكن علماء الإسلام قد تنبهوا إلى هذا الخطر المحدق ونبهوا أبناء المسلمين عليه بين فترة وأخرى لأن مكر أعداء الإسلام لن ينتهي حتى ( يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ) .. وهذه شهادة القرآن الكريم على مكرهم وخداعهم ولعل دخول بعض خبثاء اليهود إلى سلك الاستشراق هو الذي غير منهج الاستشراق إلى هذا اللون الخبيث الماكر أذكر هنا على سبيل المثال ( برنارد لويس – رودنسون – جام بيرك - م. بيرجر ) وغيرهم كثير .. لقد قام الدكتور مصطفى السباعي عميد كلية الشريعة في جامعة دمشق رحمه الله بالتحاور والمناقشة مع المستشرقين في عصره فوجد أن بضاعتهم الحقد والغش والتشويه وأن مهمتهم الاساسية هي خدمة الاستعمار وخدمة التبشير وإذابة الشخصية الإسلامية المتميزة لأنهم يخافون هذا الإسلام ولأنهم متيقنون لو أنهم تركوا الإسلام على طبيعته فإنه لابد وأن يتسلم قيادة البشرية جمعاء وبالتالي ينتهي دورهم الحضاري ويبدأ دور الحضارة الإسلامية من جديد ، ومن هذا المنطلق سمى الدكتور السباعي المجلة الإسلامية التي كان يصدرها في دمشق ( حضارة الإسلام ) والتي قدمت خدمات جليلة للفكر الاسلامي المعاصر وللرد على المغرضين الحاقدين على الإسلام والمسلمين ولقد قام المفكر الإسلامي أنور وجدي في كتابه ( الإسلام والثقافة الغربية ) بدراسة واسعة عن حركتي التبشير والاستشراق وقام بدراسة مفصلة عن أهم المستشرقين والمبشرين أمثال (مرجليوت - لامنس – لويس شيخوا اليسوعي – لويس براتران – لنسنك – جولد تسايهر ) وغيرهم ويمكن للقارئ الكريم الرجوع إلى هذا الكتاب أو غيره إذا أراد المزيد ...
ولقد أشار ريمون رول الباحث الإيطالي عام (1316م) إلى الحكام الغربيين بأن يستبدلوا الحملات العسكرية الصليبية بحملات سلمية تبشيرية لأن القوة العسكرية لا بد وأن تستفز المسلمين وتحرك عواطفهم نحو القتال ) .. لذلك تجند الدول الصليبية حملات تبشيرية تنصيرية صليبية مكثفة منذ عهود بعيدة لتخريب عقائد المسلمين وإفساد عقيدة التوحيد الخالص التي يتميز بها النظام الإسلامي على كل العقائد والمذاهب والطوائف الأخرى .. فقد قامت المخابرات الأمريكية بتزويد البابا بولص السادس بابا الفاتيكان السابق بأموال طائلة لدعم عمليات التبشير المسيحي .. هذا ولقد ذكر الكاتب التركي ضياء أويغور في كتليه " جذور الصهيونية " : ( أن عدد ماطبع ووزع من نسخ العهد القديم والجديد بواسطة إرساليات التبشير خلال مئة وخمسين عاما يزيد على ألف مليون نسخة مترجمة إلى ألف ومئة وثلاثين لغة عدا النشرات والمجلات وإن تكاليف هذه المطبوعات لايقل عن عشرة آلاف مليارات دولار ) .. وإذا أضفنا إلى ذلك رواتب ومصاريف جيوش المنصرين وتكاليف بناء الكنائس والبرامج والقنوات التلفزيونية التنصيرية والملاجئ والمستشفيات والمدارس التنصيرية وغير ذلك كثير لحصلنا على أرقام فلكية لا يمكن أن يتصورها عقل وكانت كل هذه المصاريف دون فائدة تذكر وهذا ما أخبرنا عنه رب العالمين منذ خمسة عشر قرنا من الزمان يقول ربنا جل شأنه : ( الذين ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون ) .. إن هذه الأموال الطائلة التي تنفق لنشر الفساد لو أنفقت في مجالات الخير لأمكنها القضاء على الفقر والمرض والجهل في العالم أجمع ..
ذكرت مجلة المجتمع الكويتية : ( أن خمسة وثمانين ألف قسيس يعدون اليوم إعدادا تاما ويجهزون تجهيزا كاملا للقيام بهجوم شامل على الإسلام تحت المظلة الأمريكية تطويقا لحركة الانتعاش الإسلامي ) .. هذا وتقوم الآن مؤتمرات عالمية خبيثة مغرضة تحت شعارات براقة مثل حوار الحضارات والمؤتمر الإسلامي المسيحي في إسبانيا والمؤتمر الإسلامي المسيحي في تونس وفي لندن وفي داكار وكل هذه المؤتمرات مؤتمرات مغرضة موجهة من قبل قوى الشر من أعداء الإسلام والمسلمين ذلك لأنه تم تجهيز واعداد دهاقنة الشر من اليهود والنصارى مدعومين بكل الإمكانات الضخمة بينما علماء المسلمين الأفذاذ مقيدين إما في السجون والمعتقلات أو ممنوعين من التنقل والسفر أو ربما لا يجدون قيمة تذكرة السفر للذهاب إلى تلك المؤتمرات فتقوم الدول الإسلامية بإرسال الأغرار أو التافهين أو المغرضين لحضور مثل هذه المؤتمرات فيحضر عن المسلمين من لايملك العلم والمعرفة والصواب وهنا تكون الكارثة .. إن الباطل يقظان وإن أجهزة الشر تعمل صباح مساء في كل البلاد العربية والإسلامية بل في كل بلاد العالم للتشكيك في هذا الإسلام العظيم وافتراء الأكاذيب والشبهات على ديننا الإسلامي وعلى كتاب الله القرآن الكريم وعلى سنة النبي المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم فهل يعي أبناء الإسلام هذه الحقيقة ..؟!!! ..
الحروب الصليبية في التاريخ الإسلامي :
أحداث قذرة عنصرية مجرمة حاقدة تلك هي الحروب والهجمات الصليبية حيث بدأت هذه الأحداث المأساوية ببث النعرات الطائفية الصليبية وإذكاء الأحقاد ضد كل ماهو مسلم أو يمت إلى الإسلام بصلة وذلك بهوس وسعار محموم هز أوربا كلها من أقصاهل إلى أقصاها بحروب مجرمة لم يسجل التاريخ أحلك منها ولم تصب الإنسانية في صميمها بمثل ما أصيبت به في تلك الحروب .. بدأت الحملة الصليبية الأولى بهوس ديني وسعار يجتاح أوربا من أقصاها إلى أقصاها .. ويدفع جيوشا جرارة بقيادة ( بطرس الناسك ) و( جوتيه المعدم ) و( جود سكال) ثم تنتهي بهزيمة ساحقة يتكبد فيها الصليبيون ( 300,000 ) قتيل .. ثم تأتي الحملة الصليبية الثانية بجيوش جرارة يقودها ( جود فري ) و( دوق لورين ) فتحتل مناطق شمال سورية وتقوم بمذابح مروعة في مدينة معرة النعمان التي استسلمت وأعطوا سكانها الأمان إلا أن الصليبيين كعادتهم لاعهد لهم ولا أمان ولا ذمة .. ثم وصلت هذه الحملة الصليبية المجرمة إلى بيت المقدس ، فقتلت سبعين ألف مسلم من سكانها العزل الأبرياء معظمهم من النساء والأطفال والعجزة بعد إعطائهم الأمان ويعلق مؤرخ الكنيسة ( فلوري ) على هذه المجزرة بقوله : ( المسيحي الذي يبيد أعداءه لا يخرج عن نطاق الإيمان لأنه بفعله هذا إنما ينحر القرابين .. ويقدمها إرضاء لله ) ..هكذا منطق المجرمين الصليبيين .. وفي الحملة الصليبية الثالثة انطلقت أربعة جيوش صليبية جرارة إلى فلسطين من ( صقلية وألمانيا وفرنسا وانكلترا ) ثم تعود مجللة بالخزي والعار بعد أن أضافت إلى سجل الخزي والعار الذي كتبه الصليبيون عبر تاريخهم الطويل مذبحة عكا حيث تم القضاء على غالبية سكان عكا بعد أن أعطاهم لصليبيون المجرمون الوعد والعهد بالسلامة والأمان ولكن متى كان للمجرمين عهد أو وعد أو ميثاق .. لقد كانت الحروب الصليبية أحداثا عنصرية إجرامية حاقدة قذرة .. لم تنقطع الأحقاد الصليبية على الإسلام والمسلمين لحظة واحدة منذ جاء الإسلام ونزل القرآن من الكريم المنان جل وعلا فما لبث أن قام دهاقنة الكنيسة بإغراء الشباب المسيحي بمغامرة جديدة ضد الإسلام والمسلمين فجهزوا جيشا من الشباب الأغرار بعد أن ملؤوا قلوبهم حقدا وكراهية على الإسلام والمسلمين .. ولكن تبين فيما بعد أن هؤلاء الكهنة كانوا عصابة قراصنة فباعوهم كما يباع الرقيق .. ولكن عندما عجزت القوات الصليبية على تحطيم الإسلام والمسلمين لجأت إلى إغراء الوثنيين بالزحف على بلاد المسلمين وذلك عندما ألب طاغية فرنسا ( لويس التاسع ) طاغية المغول ( هولاكو ) على المسلمين فأقبلت جيوش المغول كأنها إعصار مدمر تدك المدن وتقتل الأبرياء وتعتدي على الحرمات وتهلك الحرث والنسل فكانت حروب المغول من أفظع جرائم التاريخ قديمة وحديثة حيث سقط في بغداد وماحولهاأكثر من مليون شهيد من المسلمين وسقط في سورية بعد ذلك مايزيد على نصف مليون شهيد وفي ذلك يقول القسيس الصليبي ( دوموسيل ) : ( إن الحملة المغولية هي حملة صليبية نسطورية تعلق بها أمل الغرب في القضاء على الإسلام والمسلمين ) .. ولعل من المفيد هنا أن نذكر أن حملة هولاكو الإجرامية ضد الدولة الإسلامية ما كان لها أن تنجح لولا دعم الغرب الصليبي ومساعدة الشيعة الرافضة برئاسة ابن العلمي ونصير الدين الطوسي الذين تآمروا على الإسلام والمسلمين مع أعداء الإسلام والمسلمين وبذلك يجب أن لا نستغرب تواطؤهم مع الصليبيين الجدد لإسقاط العراق في العصر الحديث ...
وجاءت الحملة الصليبية الرابعة على بلاد الأندلس مركز الإشعاع الحضاري الذي أضاء لأوربا طريق نهضتها وتقدمها واسيفاد منها في جميع مجالات العلم والأدب والفن والسياسة ولعلوم الإنسانية والعلوم الكونية بشكل عام .. حيث أخذ الغرب عن عن الحضارة الإسلامية في بلاد الأندلس أسس الحضارة ومبادئ حقوق الإنسان فطبقوها في بلادهم إلا أنهم لم ينظروا إليها في حروبهم المجرمة ضد المسلمين في بلاد الأندلس .. هذا البد الآمن بشعبه المسالم بطبيعته لم يسلم من مؤامرات الصليبيين وأحقادهم فما لبث الملك الصليبي الحاقد فرديناند أن تحالف مع الملكة الصليبية الحاقدة إيزابيلا في غفلة من ملوك بني الأحمر لشن حرب طاحنة على آخر معاقل المسلمين في بلاد الأندلس فردوسنا المفقود فكانت حرب إبادة وجريمة من أبشع جرائم التاريخ تشكلت بعدها وبتوجيه من رجال الدين المسيحي محاكم التفتيش التي قامت بأبشع جرائم التطهير العرقي فقامت بعمليات القتل والتعذيب والإحراق والإبادة وتنصير الأطفال من أبناء المسلمين حتى وصلت الوقاحة بالمجرمين أن يكشفوا على عورات الرجال فمن وجدوه مختونا قتلوه لأن الختان دليل على أن هذا الرجل مسلم وأن مجرد الانتتماء إلى الإسلام يعتبر جريمة في نظر المجرمين الحاقدين عقوبتها الموت .. وفي ذلك يقول الكاتب ( هنري دوكاستري ) : ( إن مبالغة المسلمين في الإحسان إلى خصومهم هي التي مهدت للثورة عليهم وأتاحت للمتعصبين المسيحيين أن يجمعوا أمرهم على العصيان والتمرد وأن يستغلوا الفرصة السانحة للقضاء على الدولة التي منحتهم حق الحياة ومقومات الحياة وحرية التدين .. ولو أن المسلمين عاملوا المسيحيين الإسبان مثل ما عامل المسيحيون السكسون الأمم التي حكموها لأخلدوا للإسلام واستقروا عليه ) ...
وجاءت الحملات الصليبية الخامسة عتدما رأت الكنيسة في القرنين الرابع عش والخامس عشر انتشار الإسلام في جنوب شرق آسيا مثل أندونيسيا والفيليبين وماليزيا وغيرها فقررت الكنيسة أن تبدأ حملاتها الصليبية لوقف المد الإسلامي المتنامي في الأصقاع البعيدة من العالم فكانت أولى هذه الحملات عام 1519 م بقيادة الصليبي المجرم ماجلان حتى وصلت إلى سواحل الفيليبين لتنشر الخراب والدمار والقتل والرعب في ربوع البلد الإسلامي الآمن الفيليبين وتم تركيز الحملات التبشيرية على أبناء المسلمين بعد قتل البالغين من المسلمين لتتحول الجزر الفيليبينية المسلمة إلى دولة مسيحية تدعمها كل القوى الصليبية في العالم للقضاء على البقية الباقية من أبناء المسلمين .. ولا تزال حرب الإبادة الصليبية ضد المسلمين في الجزر الفيليبينية جارية حتى يومنا هذا ...
وجاءت الحروب الصليبية الحديثة إلى بلاد المسلمين وذلك بعد التحالف الاستراتيجي بين القوى الصليبية والقوى الصهيونية العالمية .. فبعد العداء الشديد بين النصرانية واليهودية واتهام الكنيسة لليهود بالمساعدة علىقتل وصلب السيد المسيح عليه السلام ما لبثت أن اجتمعت الأحقاد الصليبية مع الأحقاد الصهيونية في تحالف استراتيجي ضد الإسلام والمسلمين تدفعها المصالح الاستعمارية المشتركة ضد بلاد المسلمين فكان أول تعاون بين الصلبية والصهيونية هو القضاء على الخلافة العثمانية فأخذت الصهيونية على عاتقها مهمة إقساد الأوضاع الداخلية وإثارة الفتن والقلاقل داخل بلاد الخلافة العثمانية واستطاعت أن تسخر يهود الدونمة في سالونيك وغيرها من المدن اليونانية لتأسيس حركات وأحزاب وجمعيات تخريبية سرية مثل جمعية الاتحاد والترقي التركية وجمعية تركيا الفتاة والمحافل الماسونية والأحزاب العلمانية الكافرة في كل من البلاد العربية وتركيا والتي كان لها أكبر الأثر في إثارة الفتن والقلاقل التي أقضت مضاجع الخلافة العثمانية .. ولقد كان من أهداف هذه الحركات نشر البلبلة ونشر الإلحاد والفسق والفجور والفساد والترويج للمذاهب الهدامة وللأفكار المتطرفة وإثارة النعرات العرقية والطائفية والعنصرية وإيقاد الفتن وإشعال الثورات والمظاهرات والحروب وممارسة التجسس لحساب الدول الغربية ونشر عصابات المخربين والمتآمرين على أوسع نطاق في أراضي الخلافة العثمانية .. وكان نتيجة لهذه الحملات المتآمرة التي كان يساعدها الخائنون والمغفلون من أبناء الأمة العربية أمثال الشريف حسين وأبنائه سقوط الخلافة العثمانية .. وبعد ذلك تجرأت الدول الاستعمارية وقدمت بقضها وقضيضها لاحتلال الدول الإسلامية واتي ما كانت لتتجرأ على ذلك بوجود الخلافة الإسلامية العثمانية ولقد كانت مكافأة اليهود على خدماتهم الجليلة للغرب الصليبي وعد بلفور المشؤوم بإعطاء وطن قومي لليهود على أرض فلسطين والتي تعتبر أكبر جريمة في التاريخ الحديث حيث تم طرد شعب كامل من أرضه ووطنه بقوة السلاح والإرهاب ليحل محلهم شذاذ الآفاق القادمين من كل أصقاع العالم .. هذا ولقد اجتمع الأوربيون في برلين عام 1878 م تحت مايسمى بالمؤتمر الأوربي ليتوصلوا إلى القرارات التالاية :
** تحطيم الدولة العثمانية التي وقفت سدا منيعا في وجه الحملات الصليبية وحركات التنصير في البلاد الإسلامية ..
** اقتسام تركة الدولة العثمانية التي كانوا يسمونها بالرجل المريض بين الدول الصليبية المتآمرة ..
** تمزيق البلاد الإسلامية إلى دويلات صغيرة ووضع حدود مصطنعة بينها ..
** دعم الأقليات النصرانية الموجودة في البلاد الإسلامية واستغلالها في التجسس وإثارة القلاقل والمحن والفتن ..
** مساندة وتشجيع المذاهب المنحرفة المناهضة للإسلام مثل القاديانية والبهائية والنصيرية وغيرها ..
** مضاعفة الجهود التبشيرية وتركيز هذا النشاط على العالم الإسلامي ...
** إقامة الدولة اليهودية على التراب الفلسطيني تحت اسم دولة إسرائيل ...
وبعد هذا العرض الموجز للحروب الصليبية على البلاد الإسلامية نقف لنتساءل هل توقفت الحروب الصليبية ؟.. وهل توقف الحقد الصليبي والصهيوني على الإسلام والمسلمين ؟.. الجواب لا وألف لا .. فلقد فجعت البلاد الإسلامية وفجع المسلمون في كل بلاد العالم بحروب صليبية صهيونية حاقدة شرسة نراها أمام أعيننا في البوسنة والهرسك .. في الشيشان .. في داغستان .. في كوسوفا .. في تيمور الشرقية .. في تركستان في أفغانستان .. في العراق .. في الصومال .. في جنوب السودان .. في لبنان .. في غزة من أرض فلسطين المحتلة بل في كل شبر من عالمنا الإسلامي نجد المؤامرات الصليبية والصهيونية لا تتوقف ولا تنقطع وعندما نتساءل لماذا هذه الحرب الشرسة ؟.. يجينا القرآن الكريم ( ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ) .. ولكنهم لن يستطيعوا بفضل الله ودعمه للمؤمنين .. وأخيرا وليس آخرا قامت الدول الصليبية في العالم بإشعال ثلاثة حروب عالمية في البلاد الإسلاميةالحرب الأولى في أفغانستان المسلمة حيث قامت هذه الدول بأبشع الجرائم ضد الفقراء الآمنين في أفغانستان ثم في منطقة الخليج تحت مسمى حرب تحرير الكويت ثم اتلال العراق حيث أعلن الصليبيون الجدد أن هذه الحرب هي امتداد للحروب الصليبية أعلن ذلك كل من الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء البريطاني ورئيس الوزراء الإيطالي ورئيس الوزراء الأسترالي قالوها وبكل وقاحة حرب صليبية ضد الإسلام والمسلمين ولكن المسلمين غافلون عن كل هذه المؤامرات والأحداث ...
الدعوة النصرانية وشبهة الجزية :
كثر اللغط وكثرت الشبهات والأقاويل حول موضوع الجزية التي تفرض على أهل الذمة من غير المسلمين الذين يعيشون في ظل المجتمع الإسلامي والحقيقة أن تطبيق الجزية في التشريع الإسلامي كان لسببين أساسيين منطقيين ولكن أعداء الإسلام حاولوا تشويه المنهج الإسلامي عن طريق إثارة موضوع الجزية على أنها نوع من الضغط والإكراه لغير المسلمين :
السبب الأول : أن الإسلام فرض على المسلمين ضريبة مالية رفعها إلى مستوى العبادة ألا وهي الزكاة الشرعية هذه الزكاة الشرعية أصبحت أحد أركان الإسلام الأساسية وإحدى العبادات الأساسية في الإسلام .. ونظرا لأن المبدأ الأساسي في الإسلام تجاه أصحاب الديانات الأخرى ( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ) لذلك فإن إرغام غير المسلمين على تطبيق أية عبادة إسلامية وفرضها عليهم يتعارض مع المبدأ الأساسي في عدم إكراه الناس على الإسلام لأن إرغام غير المسلمين على هذه العبادة يعتبر نوع من الإكراه في الدين وبذلك جاء التفريق بين الزكاة الشرعية التي هي عبادة للمسلمين وبين الجزية التي هي ضريبة المجتمع على أفراد يعيشون في هذا المجتمع .. وهذا أمر منطقي أن يساهم كل أفراد المجتمع في تغطية مصاريف هذا المجتمع سواء كان هؤلاء الأفراد مسلمين أو غير مسلمين فهل من العدل أن تجبى الصدقات والزكوات من أبناء المسلمين بينما يعيش غير المسلمين في بلاد المسلمين متطفلين على المجتمع الإسلامي دون أن يساهموا بأي نصيب من متطلبات المجتمع الذي يحتوي على المسلمين وغير المسلمين .. أما التسمية فلتسمها ما شئت ولكن الإسلام سماها الجزية للتفريق بينها وبين الزكاة التي هي عبادة إسلامية تطبق على أبناء المسلمين فقط .. والجدير بالذكر هنا أن الجزية المطبقة على غبر المسلمين غالبا ما تكون أقل من الزكاة الشرعية التي تطبق على المسلمين وهذا أمر يجب أن نلفت الانتباه إليه حتى يعلم الناس أن الإسلام كان عادلا رحيما بالذميين من غير المسلمين الذين يعيشون في ظل الدولة الإسلامية .. أضف إلى ذلك أن جميع دول العالم تطبق الضرائب على كل أفراد المجتمع على مختلف عقائدهم وأجناسهم فلماذا يتهم الإسلام في فرض مثل هذه الضريبة ...
الأمر الثاني : أن الإسلام كلف المسلمين بفريضة الجهاد والدفاع عن الدين والوطن واعتبرها عبادة إسلامية في المجتمع المسلم في حين أعفى التشريع الإسلامي غير المسلمين من هذه الفريضة الإسلامية وفق المبدأ الإسلامي الأساسي بعدم إكراه غير المسلمين على عبادات المسلمين .. إن فريضة الجهاد هذه تكلف المسلم الشيء الكثير من الوقت والجهد والمال والتعب والمخاطرة وتعطيل العمل لذلك كان من المنطقي فرض ضريبة مادية على غير المسلمين مقابل إعفائهم من فريضة الجهاد سماها التشريع الإسلامي الجزية بينما تسميها الأنظمة المادية الوضعية ( بدل الإعفاء من الخدمة العسكرية ) .. وهذا الأمر مطبق في معظم دول العالم حتى الآن .. فلماذا الصراخ والنعيق ولماذا إثارة الشبهات ضد مبدأ الجزية في الإسلام .. لقد حاول أعداء الإسلام في القديم والحديث أن يشوهوا صورة الإسلام بإثارة الشبهات حول أحكام الإسلام وتشريعاته ولعل موضوع الجزية التي فرضها النظام الإسلامي على غير المسلمين في المجتمع الإسلامي كان من أهم الأحكام التي حاول أعداء الإسلام أن يدخلوا منها ليدسوا الدسائس ويثيروا الشبهات وتبيانا للحقيقة نقول .. إن ضريبة الجزية ليست كما يصورها أعداء الإسلام بالصورة القاتمة الظالمة المعتمة وليست محلا لإثارة الحملات الإعلامية وإثارة القصص والحكايات وذلك للتغطية والتعمية على ظلمهم وإجرامهم وفسادهم وسرقاتهم لخيرات الشعوب .. ذلك لأن الإسلام كان واضحا وصريحا منذ اللحظة الأولى في فرض الجزية على غير المسلمين لأنه لايريد أن يخدع الناس أو يغشهم كما يفعل الغزاة المجرمون من غير المسلمين حيث يظهرون السماحة والوداعة ويطلقون الشعارات البراقة مثل الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق المرأة والوطنية والتقدمية وغير ذلك كثير من الشعارات البراقة بينما يمارسون أبشع أنواع الظلم والاستغلال والجرائم والسرقات والاستعمار .. إن الحضارة الغربية عندما استعمرت شعوب العالم سرقت كل خيرات الشعوب وأبقتهم في الجهل والفقر والمرض وهم يحملون معهم شعارات الإعمار والتقدمية والديمقراطية وكلها شعارات كاذبة خادعة مزيفة مراوغة وهم في الحقيقة دول قائمة على الظلم والاستغلال والإرهاب والإجرام ولو نظرنا نظرة واقعية إلى حجم السرقات والرشاوى والعقود والرواتب والأجور الباهظة التي تتلقاها الدول الاستعمارية من الدول الضعيفة المستعمرة لوجدنا أن هذه الدول الاستعمارية قد قامت بعمليات نهب ضخمة وعمليات سرقة مخططة ومبرمجة تركت البلاد والعباد في تلك الدول في حالة من الفقر مزرية إضافة إلى الجهل والمرض والفاقة والعوز بينما نجد أن المستعمرين كانوا يتقاضون أعلى الرواتب التي لا يحلمون فيها في بلادهم .. فلقد كان كل فرد من أبناء الدول الاستعمارية يتقاضى ما يكفي لإعالة مئة عائلة فقيرة من أبناء تلك الدول أو يزيد .. أما الإسلام فهو نظام آخر مختلف تمام الاختلاف عن بقية النظم الأرضية الاستعمارية الظالمة ذلك لأنه نظام رباني قائم على العدل الإلهي المطلق .. الإسلام وضع نظام الجزية بطريقة عادلة قمة في العدالة وبطريقة إنسانية قمة في الرقي الإنساني وبطريقة سامية تحفظ للمجتمع الإسلامي حقوقه تماما كما تحفظ للذميين حقوقهم وتفرض على كل من يعيش في ظل المجتمع الإسلامي الواجبات الضرورية للحفاظ على هذا المجتمع سواء كان من المسلمين أو من غير المسلمين .. ذلك لأن الإسلام يحرم على المسلمين الظلم والنهب والسلب والسرقة والقتل والإجرام وهذا كله ما تقوم به وتمارسه الدول الاستعمارية التي تدعي الحضارة والديمقراطية والإنسانية والتقدمية .. وهنا أريد أن أذكر بأن جنوب أفريقيا من أغنى دول العالم بالذهب والألماس ولكني عند زيارتي للعاصمة حوهانسبيرج والمدن المحيطة بها وجدت العجب العجاب القسم الأكبر من المدينة ويسكنه السكان السود أصحاب البلاد وهوفي حالة فقر مدقع بينما معسكرات البيض تنعم بأعلى مستوى للرفاهية فلهم أسواقهم الخاصة وحدائقهم الخاصة ومدارسهم ومصالحهم ومساكنهم الخاصة وهذا بعد انتهاء الحكم العنصري بعشرات السنين والجدير بالذكر أيضا أن البيض من أصل أوربي لا يزالون يسيطرون على مناجم الذهب والألماس حتى يومنا هذا ويقومون بعملية سرقة هائلة لخيرات هذا البلد المسكين .. ومن جهة أخرى أريد أن أنوه إلى أنه بعد انتهاء الحرب علىالعراق وسقوط النظام العراقي تمت عملية سرقة هائلة لنفظ العراق من قبل المستعمرين الغربين ولا تزال عمليات السرقة والنهب جارية أمام سمع وبصر الحكومة العميلة التي وضعها وباركها الأمريكان .. وفي موضوع الجزية هنا أريد أن أوضح بعض اللمحات الساطعة التي تكشف أغراض أعداء الإسلام في النيل من هذا الإسلام العظيم وأستهل هذه اللمحات بشهادة للكاتب الأوربي المسيحي المنصف " سير ت . وول . أرنولد " في كتابه القيم " الدعوة إلى الإسلام " حيث يقول : ( ولم يكن الغرض من فرض هذه الضريبة ـ يعني الجزية ـ على المسيحيين كما يريدنا بعض الباحثين على الظن بأنها لون من ألوان العقاب والضغط لامتناعهم عن قبول الإسلام وإنما كانوا يؤدونها مع سائر أهل الذمة وهم غير المسلمين من رعايا الدولة المسلمة الذين كانت ديانتهم تحول بينهم وبين الانخراط في الجيش الإسلامي لقد كانت الجزية في مقابل الحماية التي كفلتها سيوف المسلمين للدفاع عن دولة الإسلام بمن فيها من مسلمين وغير مسلمين .. ولما قدم أهل الحيرة النصارى المال المتفق عليه ذكروا صراحة أنهم دفعوا هذه الجزية شريطة " أن يمنعونا وأميرهم من بغي المسلمين وغير المسلمين " وكذلك حدث أن سجل خالد بن الوليد في المعاهدة التي أبرمها مع بعض أهل المدن المجاورة للحيرة قوله " فإن منعناكم فلنا الجزية وإلا فلا " ) ...
** إننا لو قمنا بعرض مقارنة بين الجزية التي يفرضها الإسلام على غير المسلمين ممن يعيشون في ظل الدولة الإسلامية بالغرامات الحربية التي يفرضها المنتصرون في العصر الحاضر لوجدنا أن الفارق كبير جدا والبون شاسع جدا .. ولوجدنا أن الإسلام كان رحيما منصفا للمقيمين من أبناء الديانات الأخرى التي تعيش في ظل الدولة الإسلامية وفي رعاية المجتمع الإسلامي ..
** إن الإسلام قد رفع من شأن الجاليات غير الإسلامية في المجتمع الإسلامي وسماهم " أهل ذمة المسلمين " وهذا التكريم لم تعرفه كل الحضارات والأنظمة في القديم والحديث فلقد أعطاهم الإسلام عهده وذمته للحفاظ على حقوقهم وأرواحهم وأموالهم وممتلكاتهم تماما كما يحافظ على المسلمين .
** إن الفرد في المجتمع الإسلامي سواء كان مسلما أو غير مسلم يخضع لضريبة مالية معينة فضريبة المال على المسلم تسمى الزكاة وهي عبادة شرعية إسلامية لا يمكن للدولة الإسلامية فرضها على غير المسلمين وإلا كان هذا الأمر نوع من الإكراه على تنفيذ عبادة إسلامية على غير المسلمين بينما القاعدة الأساسية في الإسلام ( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ) .. ومن هذا المنطلق كان لابد من تطبيق ضريبة مالية على غير المسلمين سماها الإسلام الجزية .. وبشكل عام فإن ما تأخذه الدولة الإسلامية من المسلمين تحت بند الزكاة يفوق دائما ما تفرضه على غير المسلمين من الجزية .
** في مقابل هذه الجزية يتكفل المجتمع المسلم بحماية غير المسلمين من الظلم والعدوان وحماية عقائدهم ودور عبادتهم من أي اعتداء خارجي كما يضمن لهم حريتهم الدينية سواء كانت هذه الاعتداءات من داخل المجتمع الإسلامي أو من خارجه .. وسواء كانت صادرة من المسلمين أو من غير المسلمين .. والتاريخ يحدثنا أن القائد المسلم أبي عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنه قد أعاد الجزية للنصارى من أهل حمص عندما توقع هجوما معاكسا قد لا يستطيع الجيش الإسلامي صده وبمعنى آخر عندما أحس أن الجيش غير قادر على حماية النصارى فأعاد إليهم الجزية .. فهل حصل مثل هذا العدل والإنصاف في أي دولة من الدول أو أي عصر من العصور ..؟!!!
** يقول الفيلسوف المسيحي الأوربي المنصف " سير . ت . وول . أرنولد " في كتابه القيم " الدعوة إلى الإسلام " : ( لما ضربت دمشق المثل الأعلى مع غيرالعرب سنة " 637 م " وأمنت الناس من السلب والنهب كما ضمنت شروطا أخرى ملائمة لم تتوان سائر مدن بلاد الشام أن تنسج على منوالها فأبرمت حمص ومنبج وبعض المدن الأخرى معاهدات مماثلة مع المسلمين أصبحت بمقتضاها تابعة للعرب المسلمين بل أكثر من ذلك فقد سلم بطريرك بيت المقدس هذه المدينة المقدسة بشروط مماثلة .. وإن خوف الروم من أن يكرههم الإمبراطور الخارج على الدين على اتباع مذهبه فقد جعل الوعد الذي قطعه المسلمون على أنفسهم بمنحهم الحرية الدينية أحب إلى نفوسهم من ارتباطهم بالدولة الرومانية أو بأية حكومة مسيحية أخرى .. ولم تكد المخاوف الأولى التي أثارها نزول جيش فاتح في بلادهم تتبدد حتى أعقبها تحمس قوي في مصلحة العرب – المسلمين - الفاتحين .. أما ولايات الدولة البيزنطية التي سرعان ما استولى عليها المسلمون ببسالتهم فقد وجدت أنها تنعم بحالة من التسامح لم تعرفها خلال قرون طويلة بسبب ما شاع بينهم من الآراء اليعقوبية النسطورية النصرانية .. فقد سمح لهم أن يؤدوا شعائر دينهم دون أن يتعرض لهم أحد اللهم إلا إذا استثنينا بعض القيود التي فرضت منعا لإثارة الفتن جراء الاحتكاك بين أتباع الديانات المختلفة المتنافسة أو إثارة أي تعصب ينشأ عن إظهار الطقوس الدينية في مظهر المفاخرة حتى لا يؤذي ذلك الشعور الإسلامي .. ويمكن الحكم على مدى هذا التسامح الإسلامي الذي يلفت النظر في تاريخ القرن السابع الميلادي من هذه العهود التي أعطاها العرب والمسلمون لأهل المدن التي استولوا عليها وتعهدوا فيها بحماية أرواحهم وممتلكاتهم وإطلاق الحرية الدينية لهم في مقابل الإذعان ودفع الجزية ) ...
** إن المجتمع الإسلامي وفي مقابل الجزية يسمح لغير المسلمين بممارسة النشاط المالي والاقتصادي والذي يكسبون منه أضعاف هذه الجزية البسيطة التي يطبقها الإسلام على الجاليات غير المسلمة .
** يسمح المجتمع الإسلامي بممارسة بعض الأنشطة الاقتصادية والمالية التي هي محرمة أصلا على المسلمين من أبناء المجتمع الإسلامي فمثلا يحرم على أبناء المسلمين الخمر والخنزير صناعة وزراعة وتجارة وأكلا .. فالإسلام لا يعدها مالا بالنسبة للمسلم فلو سرقت أو نهبت من المسلم لم يعاقب سارقها ولو عدمت تحت يد الضامن لضاعت هدرا لأنها لا تعتبر مالا بالنسبة للمسلم .. أما إذا كانت للذمي من غير المسلمين فسارقها يعاقب وضامنها يغرم لأنها مباحة في اعتقادهم .
** إن الإسلام يكفل مقابل هذه الجزية لأهل الذمة دماءهم من أن يعتدى عليها يقول الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم : ( من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة ) ,,, رواه البخاري .
** الإسلام تكفل لأهل الذمة مقابل هذه الجزية حريتهم وأموالهم يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( من ظلم معاهدا أو كلفه فوق طاقته فأنا حجيجه يوم القيامة ) .. رواه أبو يوسف في الخراج .
** الإسلام وضع أصول الترابط الاجتماعي بين المسلمين وأهل الذمة في المجتمع الإسلامي فلم يدعهم في عزلة اجتماعية أو في بقعة معينة محوطة ومسورة بعيدا عن أبناء المجتمع المسلم ولم يبن أسوارا عالية كالقلاع تحجبهم عن أبناء المسلمين كما يفعل أعداء الإسلام اليوم وإنما رفعهم إلى مستوى المواطنين المحترمين تربط بينهم وبين أبناء المسلمين صلات المودة والقربى والترابط الاجتماعي والمجاملات العامة وحسن الجوار ولا يمنعهم من الاختلاط بالمسلمين كما فعل أصحاب الحضارة الغربية بالسكان الأصليين في أمريكا وفي جنوب أفريقيا أو كما فعل المستعمرون الأوربيون بأبناء الشعوب المستعمرة في العصر الحديث ...
** أهل الذمة في ظل الإسلام يعيشون في جو اجتماعي متسامح طلق يدعون إلى ولائم المسلمين ويدعون المسلمين إلى ولائمهم ويشاركونهم أفراحهم وأتراحهم يقول ربنا جل شأنه : ( وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم ) ... المائدة .
** لقد أطلق التشريع الإسلامي كل مشاعر الألفة والاحترام لأهل الذمة أحياء كانوا أم أمواتا .. فقد روى جابر بن عبد الله قال : ( مرت بنا جنازة فقام النبي وقمنا فقلنا يا رسول الله إنها جنازة يهودي .. فقال : أو ليست نفسا .. إذا رأيتم الجنازة فقوموا ) رواه البخاري .. ومن هذا الحديث النبوي الشريف نلاحظ مقدار السمو الإسلامي البعيد كل البعد عن التكبر والتجبر والتعصب حيث أن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو أشرف خلق الله قام لجنازة رجل يهودي وأمر المسلمين بالقيام لأية جنازة حتى لو كان الميت يهوديا أو نصرانيا أو غير ذلك .. إنه الأفق الإسلامي السامي السامق الذي أعجز البشرية عن الوصول إليه .
** إن الجزية تفرض على القادرين من الذكور فقط بالنسبة لأهل الذمة بينما تفرض الزكاة الشرعية على المال أي على كل أفراد المسلمين رجالا ونساء صغارا وكبارا .. فهل نجد في هذا ظلم من التشريع الإسلامي لأهل الذمة في المجتمع الإسلامي أم نجد فيه رعاية وتكريما لأهل ذمة المسلمين من غير المسلمين ...
** تفرض الجزية على الذكور القادرين من غير المسلمين وذلك مقابل إعفائهم من الخدمة العسكرية والتي يفرضها النظام الإسلامي على القادرين من المسلمين .. ولو أن جماعة من أهل الذمة شاركوا في الخدمة في الجيش الإسلامي في أية طريقة كانت سواء في التمريض أو في التموين أو في القتال فإن الجزية تسقط عنهم وهذا ما حصل مع قبيلة الجراجمة وهي قبيلة نصرانية كانت تقيم قرب أنطاكية سالمت المسلمين وتعهدت أن تكون عونا لهم في مغازيهم شريطة أن لا تدفع الجزية وأن تعطى من الغنائم .. وحدث هذا أيضا لما اندفعت الفتوح الإسلامية شمال فارس عام ( 22 للهجرة ) فقد تم إبرام مثل هذه المعاهدة مع إحدى القبائل على حدود بلاد فارس وأعفيت من أداء الجزية مقابل المشاركة في الخدمة العسكرية في الجيش الإسلامي والدفاع عن هذه البلاد .. وبذلك نجد أن دعوات المغرضين للنيل من الإسلام هي دعوات باطلة وسخيفة لا تنطلي إلا على الجهال في طبيعة هذا الدين وفي طبيعة هذا التشريع الرباني الحكيم ...
الترابط العضوي بين الصليبية والصهيونية:
قبل أن يبدأ الغرب الصليبي بالنهوض وقبل أن تنشأ الحضارة الغربية المادية كان العداء بين الصهيونية والصليبية عداء مستحكماً وكان اضطهاد اليهود قائماً على قدم وساق في أغلب الدول الغربية وكان الفرد اليهودي يعامل معاملة أقل من الفرد المسيحي في معظم الدول الغربية حتى أنه في بعض الدول الأوروبية منع تدريس اللغة العبرية لليهود من أبناء تلك الدول .. ولعل هذا العداء المستحكم بين النصارى واليهود في البلاد الغربية كانت له جذور تاريخية ودينية إضافة إلى رصيد الواقع من المعاملة السيئة بين النصارى واليهود. ويمكن أن يكون هذا العداء هو أحد الأسباب التي دعت الغربيين وعلى رأسهم البريطانيين لتسهيل هجرة اليهود إلى فلسطين وإعطائهم وعداً بإنشاء وطن قومي لهم في أرض فلسطين وذلك تحت اسم وعد بلفور الذي يعد أكبر جريمة عنصرية عرفها التاريخ الحديث والتي لا تزال آثارها الإجرامية تقرع مسامع الشرفاء والمنصفين صباح مساء ولكن بقدرة قادر لا ندري كيف اصطلحت هذه الأحوال السيئة وانقلب العداء المستحكم إلى صداقات حميمة بين الغرب الصليبي وعلى رأسهم الولايات المتحدة وبين الصهاينة .. حتى وصل الأمر بالكنسية الغربية إلى تبرئة اليهود من دم المسيح رغم اتهامهم بهذه الجريمة مئات السنين.
كانت أولى دعوات إعادة اليهود إلى فلسطين من المفكرين والساسة المسيحيين لاحبا بهم ولكن كراهية لهم حيث كانوا يريدون الخلاص منهم وطردهم من بلادهم .. إن أحداث التاريخ تحدثنا أن كل الأقطار الأوربية المسيحية قامت بالضغط على اليهود واضطهادهم وطردهم وأخيرا قتلهم وإحراقهم على يد النازيين وفي هذا الوقت بالذات آواهم العرب والمسلمون في ظل الخلافة العثمانية وأحسنوا ضيافتهم وإكرامهم أما أوربا فكانت تريد الخلاص منهم وتوطينهم بعيدا عن أوربا بأي ثمن وبأي شكل .. وفي ذلك انطلقت أول دعوة من قبل المحامي البريطاني الشهير " هنري فنش " عام 1621 م وبعد ذلك بثلاثين عاما عمل " كرومويل " على التقرب من اليهود لأسباب سياسية فسمح بعودتهم إلى الجزر البريطانية بعد طردهم منها لمدة تزيد على ثلاثة قرون وذلك في عام 1655 م .. وخلال حملة نابليون على مصر وسورية ولبنان عام 1799 م أصدر نابليون بونابرت إعلانا دعا فيه جميع يهود آسيا وأفريقيا للعمل تحت لوائه من أجل إعادة تأسيس أورشليم القديمة وكان السكرتير الخاص لنابليون " أرنست لاران " هو الذي تسلم ملف إعادة توطين اليهود في فلسطين وهو الذي أخذ على عاتقه متابعة وإكمال هذه المهمة حيث وضع كتابا في هذا الموضوع تحت عنوان " المسألة القومية اليهودية " وبعد سيطرة محمد علي باشا على سورية أخذت فكرة توطين اليهود في فلسطين طابعا عمليا متزايدا بدعم من البريطانيين وعلى رأسهم اللورد " شافتسبري " السياسي البريطاني الكبير وجاء بعده وزير الخارجية البريطاني " بالمرستون " فتابع هذه القضية حتى عام 1876 م حيث تم تعيين قنصلا بريطانيا في القدس ليقوم بدراسة الأوضاع والتخطيط لعملية التهويد عن قرب .. وفي عام 1845 م وضع الكولونيل " جورج غاولر " حاكم أستراليا الجنوبية مشروعا لاستعمار فلسطين .. وفي عام 1950 م وما بعده تحولت الدعوة إلى توطين اليهود في فلسطين إلى سياسة رسمية عند معظم الدول الغربية وعلى رأسها فرنسا وبريطانيا .. ورغم كل الإغراءات والدعايات من أجل هجرة اليهود إلى فلسطين إلا أن غالبيتهم آثروا الهجرة إلى العالم الجديد وخاصة إلى الولايات المتحدة الأمريكية بدلا من الهجرة إلى فلسطين حيث وصل منهم إلى الولايات المتحدة ثلاثة ملاين مهاجر يهودي أما عدد المهاجرين إلى فلسطين فكان فقط خمسة وثمانون ألف يهودي ما لبثوا أن هاجروا أيضا إلى الولايات المتحد الأمريكية وفيما بين عامي 1919 م و 1931 م لم يهاجر من اليهود إلى فلسطين سوى 82000 من اليهود من بولونيا بعد أن طردهم الألمان منها .. وبعد ذلك قامت بريطانيا باحتلال فلسطين والأردن ثم جاء وعد بلفور وزيرخارجية بريطانيا بتوطين اليهود قسرا في فلسطين بدعم قوي كامل من الحكومة البريطانية وقوات الاحتلال البريطاني المقيمة على أرض فلسطين في أكبر جريمة عنصرية في التاريخ الحديث .. وهنا نلاحظ أن المشروع الصهيوني لم يكن في البداية من صنع اليهود وإنما كان من صنع القوى الصليبية الحاقدة على المسلمين وهنا نلاحظ أيضا أن اليهود كانوا مكروهين مضطهدين في أوربا ولكن تبني فكرة توطين اليهود كان لأغراض سياسية استعمارية صليبية حاقدة ..
** قول الرئيس الأمريكي رونالد ريغان في أحد خطاباته عام 1985 م والذي نقلته مجلة " سانتا باربارا " : ( يقول الله إنه سيأخذ بني إسرائيل من بين الوثنيين حيث تناثروا وسيرعاهم من جديد في أرض الميعاد .. وهذا مايحصل فعلا بعد ألفي سنة .. لأول مرة نجد أن كل شيء أصبح جاهزا لحرب " مجدو" وللمجيء الثاني .. كل شيء صار في مكانه الصحيح ولن تتأخر حرب " مجدو " كثيرا بعد الآن .. إن حزقيال قال : إن النار والكبريت سيمطرون على أعداء شعب الله وهذا يعني أنهم جميعا يجب أن يدمروا بالأسلحة النووية ) ... !! هكذا يدار العالم المتحضر من قبل أناس مهووسين يؤمنون بالخرافات والأساطير ليدمروا العالم ويقتلوا البشر ويقضوا على كل أثر للحياة على وجه الأرض .. فهل كان ريغان مسيحيا أم يهوديا متطرفا ؟!!..
** ويقول " بوبكين " في كتابه " القيامة المجيدة والقيامة الفاجعة " : ( إن النعمة الإلهية وضعت بين أيدي القياميين ـ يقصد الغربيين ـ كل الأسلحة اللازمة لدحر قوى الشيطان والإعداد للدراما السماوية التي رسمها يوحنا ودانيال والتي تحقق كثير منها .. إن إعلان دولة إسرائيل يعني أن عليهم وحدهم عاتق ختم قصة الحضارة الإنسانية وصناعة القيامة التي لن تنزل بدونها أورشليم السماوية ولن تقوم مملكة الله بدونها أيضا ) .. هؤلاء هم الصهاينة الجدد ..!!
** يقول صموئيل فيشر في كتابه " شهادة الحقيقة " : ( لتكن إسرائيل المرآة التي نرى فيها وجوهنا ) ..
** يقول الرئيس الأمريكي بيل كلينتون عندما قابل عصابة المجرمين في إسرائيل شارون ورابين ونتينياهو وشامير وغيرهم من زعماء الإرهاب والإجرام قال : ( إن كاهنه الذي تربى على يديه ورعى تربيته الروحية هو الذي أوصاه قائلا " إن إرادة الله تقضي بأن تكون إسرائيل كما هي في العهد القديم لشعب إسرائيل إلى الأبد " فأكمل كلينتون لذلك أرى بأن إرادة الله يجب أن تكون إرادتنا ) .. وبالفعل فقد تربى كلينتون على يد كاهنه تربية سافلة وفضائحه تشهد على ذلك وما خفي أكبر ...
** بدءا من عام 1636 م كان قانون الولايات الأمريكية ( بلايموث - ماساشوستيس - كون كيتيكت ) كلها مستمدة من شريعة موسى من التوراة وكانت نصف قوانين نيوهافن مقتبسة حرفيا من التوراة وكانت اللغة العبرية تدرس مع بداية التعليم العالي في كل الولايات الأمريكية وعندما تأسست جامعة هارفارد عام 1636 م كانت اللغة العبرية لغة أساسية فيها ...
** ويقول " جورج فوكس " عن الإنكلو سكسون المهاجرين من بريطانيا إلى العالم الجديد : ( أن تكون يهوديا باللحم والدم والمولد فهذا لا يعني شيئا أما أن تكون يهوديا بالروح فهذا يعني كل شيء ) ..
** في خطاب للرئيس الأمريكي بيل كلينتون والذي يعتبر من الرؤساء المعتدلين نوعا ما أمام رجال الأعمال والسياسة والفكر عام 1998 م .. ( شبه نفسه بالملك سليمان وشبه الشعب الأمريكي بشعب الله المختار وشكر المتدينين الأمريكيين إرشاداتهم ونصائحهم التوراتية للتعامل مع العراق ورسائلهم المشجعة على قصفه ) ... إن هذه العقلية العنصرية الإجرامية البغيضة قد تجسدت في معظم الرؤساء والمسؤولين الأمريكيين من جورج واشنطن إلى أبراهام لينكولن إلى أندرو جاكسون إلى القسيس رونالد ريغان إلى جونسون إلى نيكسون إلى كلينتون إلى بوش الجد وبوش الأب وبوش الإبن وأتباعهم الذين ظنوا فعلا أنهم شعب الله المختار وأن بقية البشر هم عبيد أو حيوانات أو وحوش يجب استعبادهم أو استئصالهم لصالح العرق الإنكلوسكسوني ...
** يقول " بات روبرتسون " مستشار الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب ومرشح الرئاسة الأمريكية : ( إذا تخلت أمتنا عن إسرائيل فإن غضب الله سيحل علينا .. إننا لا نستطيع إلا أن ندعم إسرائيل ذلك لأن الأنبياء في العهود القديمة حذروا من أن الله سيدين كل من يقف في وجه إسرائيل ) ..!!
** إن الغرب سواء في أوربا أو في أمريكا بعد ظهور المذهب البروتستانتي الإصلاحي أصبحوا يعتمدون التوراة ككتاب مقدس تماما مثل الإنجيل وأصبحوا يمجدون الإسرائيليين على اعتبارهم أصحاب رسالة التوراة وأنهم شعب الله المختار وبالتالي فإن بقية شعوب العالم خدم وعبيد لشعب الله المختار لذلك نجد هذه المعاني متأصلة في صلواتهم وقداساتهم التي تقام في كنائس الغرب في أوربا أو في أمريكا على حد سواء لنستمع إلى أحد القداسات المسيحية :
ألم تري يا إسرائيل
أن الذي يحميك لا تأخذه سنة ولا نوم ..
إن الرب هو الذي يرعاك ..
إنه هو الذي يزود عن حياضك بيمناه ..
الرب هو الذي بنى أورشليم ..
ولملم شمل بني إسرائيل ..
إنه هو الذي يغسل أحزان قلوبهم ..
ويعطيهم البلسم الذي يشفيهم من السقام ..
بين اليهود عرف الله ..
وتمجد اسمه في إسرائيل ..
معبده في سالم ..
ومسكنه في صهيون ..
حيث خرج بنو إسرائيل من مصر ..
وخرج بيت يعقوب من بين الغرباء ..
يهودا كانت ملجأهم ..
وإسرائيل كانت ملكهم ..
بذلك شهد نهر الأردن وانحسر ..
أما الجبال فرقصت كالأغنام ..
وأما الآكام فطارت فرحا كالحملان ..
إن القديسين في الغرب على طرفي المحيط الأطلسي يمجدون الله في كنائسهم بمثل هذه الصلوات بعد العداوة الشديدة وحرب الإبادة التي قام بها المسيحيون في معظم الدول الأوربية ضد اليهود وعلى رأسها مذابح ومحارق هتلر .. بعد هذا كله مالذي قلب الأمور لتقوم الكنيسة بتقديس اليهود وتمجيد إسرائيل في صلواتها .. في قداساتها .. في كنائسها .. فهل ترى بعد ذلك تبعية وعبودية من المسيحيين في الغرب لليهود بني إسرائيل شعب الله المختار .. وربما يعتقد بعض المسيحيين أمثال بوش وكلينتون وغيره أنهم هم الإسرائيليون الحقيقيون وأنهم هم شعب الله المختار ومن هذا المنطلق نستطيع فهم العديد من تصريحات زعمائهم مثل ريغان وبوش وغيرهم حيث يقول بوش الإبن بأنه هو موسى العصر بدلا من أن يقول عيسى العصر رغم أنه مسيحي وليس يهودي ...
** يقول " بول جونسون " : ( لقد ظلت أمريكا دائما وأبدا تعد العدة لتلك المدينة الجبلية أورشليم الجديدة التي ستبنى على أنقاض مدينة القدس ) ...
** يقول الزعيم البريطاني " ونستون تشيرشيل " في خطاب له أمام لجنة بيل الصهيونية عام 1937 م وذلك في معرض الحديث الشعب الفلسطيني وحقه في العودة إلى أرضه : ( إني لا أعتقد أن كلبا على مزود يستطيع الإدعاء بأن له حقا نهائيا في مزوده مهما طالت إقامته فيه إنني لا أعترف له بهذا الحق .. إنني لا أعترف مثلا أن ما أصاب الهنود الحمر في أمريكا أو الشعب الأسود في أستراليا خطأ فاحش .. إنني لا أعترف أن ماأصابهم كان سوءا لمجرد أن جنسا أقوى .. جنسا أعلى أو لنقل جنسا أكثر حكمة قد حل محلهم ) ...
** إن الصهيونية وجه آخر للاستعمار أنشأها الغرب الصليبي قبل اليهود لأسباب اقتصادية واستراتيجية واستعمارية وكان ذلك على أيدي البروتستانت الذين دعوا إلى التمسك بالتوراة " العهد القديم " كمصدر للتشريع في أمم لا تملك مصدرا آخر للتشريع وبترسخ البروتستانتية بدأ عهد جديد لليهود ومن هنا نستطيع تفسير هذا الإنحياز الكامل من البروتستانت بزعامة أمريكا وبريطانيا لليهود ...
** لقد كان احتلال نابليون بونابرت لمصر عام 1798 م " أي قبل هرتزل بستين عاما أو تزيد " أول دعم للصهيونية وللاستيطان اليهودي في فلسطين .. فبعد انكسار الحملة الفرنسية أمام أسوار عكا دعا نابليون بونابرت إلى إقامة دولة صهيونية في فلسطين وقال : ( إنهم ورثة فلسطين الشرعيون وسيعودون بالأناشيد إلى جبل صهيون ) ...
** كان الفاتيكان من أشد المعارضين للحركة الصهيونية منذ مؤتمر بازل عام 1897 م حيث رفض البابا بيوس العاشر في لقائه مع ثيودور هرتزل عام 1904 م دعم الحركة الصهيونية وهجرة اليهود إلى فلسطين .. كما أن الكنيسة الكاثوليكية رفضت وعد بلفور عام 1917 م .. ثم بدأ التنازل تباعا من قبل الكنيسة الكاثوليكية بعد إعلان قيام دولة إسرائيل عام 1948 م ثم توج هذا الأمر بقرار أصدره البابا يوحنا الثالث عام 1964 م أعلن فيه تبرئة اليهود من دم المسيح .. ثم بعد ذلك أصدر وثيقة أخرى عام 1994 م أعلن فيها تأكيد الأصل اليهودي للمسيح عليه السلام .. ثم بعد ذلك قدم الفاتيكان إعتذارا لعدم تدخله لإنقاذ اليهود من أيدي النازيين ..
لقد بدأ العمل الصهيوني في حرب الإسلام والمسلمين يصب في تيار العمل التبشيري الصليبي بشكل مباشر وبتعاون مخطط ومنسق فبدأوا بعملية هدم كل مقومات التاريخ واللغة والوحدة الفكرية العربية أولاً والإسلامية ثانياً وذلك من أجل القضاء على أية بذور للحضارة الإسلامية أو الخلافة الإسلامية أو جامعة الدول الإسلامية .. وقامت من أجل ذلك تحالفات وحركات كان على رأسها ( الحركة الماسونية ) والتي هي بؤرة العمل الصهيوني المنظم والتي ضمت تحت لوائها العديد من أبناء الدول الإسلامية والعربية المرموقين وذلك تحت مسميات وشعارات خادعة أو تحت إغراءات مادية ومعنوية أو في مجال دعمهم الفكري والسياسي للوصول إلى الزعامة والسلطة وبالفعل فقد أثمرت هذه الحركات بإيجاد أشخاص هم من أبناء الدول الإسلامية ولكنهم لا يمتون إلى الإسلام بصلة وصلوا إلى سدة الحكم والقيادة فقادوا البلاد إلى العلمانية والقومية والاشتراكية والشيوعية والوجودية وغير ذلك كثير وكثير من الأفكار المغرضة الهدامة التي أوصلت البلاد والعباد إلى التبعية والذل والانكسار وإلى البعد عن مركز عزتهم وكرامتهم وهو الإسلام .. لقد كانت جميع المؤامرات والدسائس والغزو الفكري والثقافي تصب في مجرى واحد هو تدمير الإسلام وتدمير المسلمين لأن إتحاد المسلمين وتشكيل خلافة إسلامية واحدة أو مجموعة متعاونة واحدة سيؤدي إلى استيقاظ العملاق الإسلامي النائم فعلاً وهنا يكمن الخطر لكل من الصهيونية والصليبية .. ذلك لأن الإسلام بقوته الفكرية وبمنهجه الإلهي وبمبادئه الإنسانية وبحضارته العالمية الإنسانية استطاع أن يبني حضارة تعتبر من أعظم الحضارات الإنسانية مرات عديدة وذلك عندما يتمسك أبناؤه بتعاليم هذا الدين الحنيف وذلك على أنقاض الحضارات الأخرى والتي أغلبها مسيحية .. فقد قامت إمبراطورية الأمويين وإمبراطورية العباسيين وقامة حضارة الأندلس ودولة الأيوبيين وقامت الإمبراطورية العثمانية وهكذا كلما عاد المسلمون إلى دينهم وعقيدتهم وتمسكوا بشرع ربهم فإن الحضارة الإسلامية العالمية الإنسانية ستأتي لا محالة وتتشكل ويتم بناؤها ويشمخ على ربوع العالم كله لقد قام الصهاينة من يهود ( سالونيك ) بدق آخر إسفين في عرش الخلاقة الإسلامية العثمانية وتنصيب العلماني الكافر ( كمال أتاتورك ) والذي يعود أصله وجذوره إلى يهود الدونمة في سالونيك على تركيا وهدم الخلافة الإسلامية وتقسيم الإمبراطورية الإسلامية وهذه أيضاً تعتبر من أكبر الجرائم التي ارتكبها التحالف الصهيوني الصليبي في العصر الحديث .. ويجب أن لا ننسى أبداً أنه لم يتجرأ صليبي واحد أو صهيوني واحد على بلاد المسلمين إلا بعد القضاء على الخلافة الإسلامية العثمانية رغم ما كانت توصف به ( الرجل المريض ) فهذا الرجل المريض هو الذي كان يلقي الرعب في قلوب أعداء الإسلام ويصدهم عن مجرد التفكير في غزو بلد من البلاد التابعة للإمبراطورية العثمانية .. ولقد حاول المستعمرين وحلفاؤهم الصهاينة تشويه القرآن الكريم وإبعاده عن واقع الحياة ومنع تدريسه في المناهج الدراسية العامة وأصبحت دراسة نصوص من القرآن الكريم في المناهج المدرسية كافة نصوص منتقاة في الصلاة والصوم وبعض الأمور العامة وحجبت الآيات التي تدعوا إلى الاستعلاء والجهاد والقتال وتحكيم شرع الله في كل صغيرة وكبيرة وأبعدوا الناس عن مفهوم : [ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ ] {المائدة:47} [ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ ] {المائدة:44} [ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ] {المائدة:45} .. كما جاء في كتاب الله جل وعلا في ثلاثة آيات متتاليات في سورة المائدة تأكيداً قوياً على أهمية هذا الأمر وبطلان دعوى أعداء الإسلام بفصل الدين عن الدولة .. أو دعوى ( الدين لله والوطن للجميع ) ..
عقيدة التوحيد في الكتب القدسة :
على الرغم من التحريف والتبديل والدس والتضليل الذي مورس على الكتب المقدسة السابقة خلال آلاف السنين إلا أنه لاتزال هناك ومضات وإشارات لاتزال تدل دلالة واضحة على أن الديانة اليهودية والديانة النصرانية كانت على دين الوحدانية لله مهما كثر الكلام عن العقائد الشركية الفاسدة التي دخلت إلى الديانات السابقة وفيما يلي بعض هذه اللمحات دون محاولة استقصاء لكافة النصوص الموجودة في الكتب المقدسة المختلفة ..
** يقول بولس الرسول في رسالته إلى تيموثاوس 2 /5 : ( لأنه يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والإنسان يسوع المسيح ) والوسيط هنا الوحي جبريل عليه السلام ..
** وفي الرسالة الأولى إلى أهل كورينثوس 8 /6 : ( لكن لنا إله واحد هو الآب ) ...
** جاء في سفر ملاخي 2 /10 : ( أليس لنا أب واحد لكلنا .. أليس لنا إله واحد خلقنا ) ...
** وردت كلمة يسوع المسيح الإنسان في مواضع كثيرة من الأناجيل وهذا يؤكد إنسانية المسيح عليه السلام ..
** في إنجيل يوحنا 3 /35 : ( الأب يحب الإبن وقد دفع كل شيء في يده ) .. أي أن الإبن مختلف عن الأب ولو كان الإبن أيضا هو الله كما يزعمون فلا معنى لهذا الحب ...
** في إنجيل يوحنا 5 : ( الحق أقول لكم .. لا يقدر الإبن أن يعمل من نفسه شيئا إلا ماينظر الآب يعمل ) .. ماهذا الإله الذي يزعمون ولا يقدر أن يفعل شيئا من نفسه ؟...
** في إنجيل يوحنا 12 /49 : ( يقول المسيح : لم أتكلم من نفسي ولكن الآب الذي أرسلني هو الذي أعطاني وصية ما أقول وبماذا أتكلم ) .. وهنا نلاحظ بوضوح أن الله هو الذي أرسل المسيح ولم يذكر أنه إله ولا ابن الله ولكنه أقر هنا بالنبوة والرسالة ..
** في إنجيل يوحنا 12 /24 : ( الكلام الذي تسمعون ليس لي بل للآب الذي أرسلني )
** جاء في أعمال الرسل 1 /7 : ( يقول المسيح : ليس لكم أن تعرفوا الأزمنة والأوقات التي جعلها الآب في سلطانه ) ..
** جاء في إنجيل يوحنا 1 /11 : ( الله لم ينظره أحد ) حتى المسيح الذي يتكلم لأنه لو كان إلها كما يعتقد النصارى لقال إلا أنا وهذا لم يحصل ...
** جاء في إنجيل لوقا 4 /8 : ( فأجاب يسوع وقال : إذهب يا شيطان إنه مكتوب : للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد ) ..
** جاء في إنجيل لوقا 4 /41 : ( وكانت شياطين أيضا تخرج من كثيرين وهي تصرخ وتقول : أنت المسيح بن الله فانتهرهم ولم يدعهم يتكلمون ) ...
** جاء في إنجيل لوقا 4 /43 : ( فقال لهم : إنه ينبغي أن أبشر المدن الأخرى أيضا بملكوت الله لأني لهذا قد أرسلت ) ..
** جاء في سفر الخروج 5 : ( لا تسجد لهن ولا تعبدهن لأني أنا الرب إلهك ) والمقصود الأصنام والآلهة الأخرى ...
** جاء في سفر أشعيا 63 /16 : ( ورب واحد وهو الآب ) ..
آراء المنصفين الغربيين حول الإسلام :
وفي هذا المجال لا يسعنا إلا أن نسوق بعض آراء الغربيين المنصفين من العلماء والفلاسفة ورجال السياسة والإجتماع حول هذا الدين الإسلامي الحنيف وحول مصادره من الكتاب الكريم والسنة المطهرة والسيرة النبوية العطرة وحول رجاله الطاهرين الطيبين من لدن محمد صلى الله عليه وسلم وحتى آخر هذه السلسلة الطاهرة من العلماء والمجاهدين والقادة الأفاضل على مر التاريخ .. لقد اكتشف كتاب الغرب وعلماؤهم وأحبارهم وساستهم وقادتهم ومفكروهم عظمة الإسلام أمثال جورج برناردشو والفيلسوف غوته والشاعر شيلي وأليكسيس كارليل وغوستاف لوبون وزغريد هونكه وغيرهم كثير ممن أنصفوا هذا الدين وأنصفوا نبيه الكريم وأنصفوا حضارة الإسلام في حين تخلى كثير من المسلمين عن هذا الدين بقوته وعظمته وشنوا عليه حربا شعواء دونها الحروب الصليبية في سورية ومصر وتركيا وتونس واندونيسيا وأفغانستان بل في جميع الدول الإسلامية ...
** لنستمع إلى برنارد شو يتحدث عن عظمة الإسلام وعظمة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فيقول : ( كتب إلي أحد الأصدقاء رسالة يقول فيها : إنه يقرأ في تلك الأيام القرآن الكريم يوميا .. وأن دار أفريمان للنشر نجحت أخيرا في إصدار ترجمة روديل للقرآن الكريم .. وأضاف قائلا إن ترجمة سيل في نظري صعبة الفهم وأن روديل قد رتب السور حسب تواريخ نزولها بخلاف الترجمة المعتمدة التي جاءت فيها هذه السور مختلفة الترتيب ) .. وهنا نلاحظ أن شو وصديقه قد قرآ ترجمة بروديل وترجمة سيل للقرآن الكريم وعرفا مالم يعرفه كثير من المسلمين عن ترتيب نزول سور القرآن الكريم .. أما عن شخصية الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فيقول برناردشو : ( ما أحوج البشرية اليوم إلى رجل عظيم كمحمد يحل مشاكل الدنيا بأسرها بينما هو يشرب فنجانا من القهوة )
** يقول البير ما شدور في حديثه عن المسلمين ( إن هذا المسلم الذكي الشجاع قد ترك لنا حيث حل آثار علمه وفنه وآثار مجده وفخاره ، من يدري قد يعود اليوم الذي تصبح فيه بلاد الغرب مهددة بالمسلمين فيهبطون من السماء لغزو العالم مرة أخرى ، ولست أدعي النبوة ولكن الأمارات الدالة على هذه الاحتمالات كثير لا تقوى الذرة ولا الصواريخ على وقف تيارها ) ..
يقول مرماديوك : ( إن المسلمين بإمكانهم أن ينشروا حضارتهم في الدنيا بنفس السرعة التي نشروها سابقا إذا رجعوا إلى الأخلاق التي كانوا عليها حينما قاموا بدورهم الأول ،لأن هذا العالم الخاوي من الحضارة والأخلاق والفضائل لا يستطيع أن يقف أمام حضارتهم ...)
كان ( بولس) الذي يسمونه ( بولس الرسول ) يهوديا من ألد أعداء النصرانية وكان يمارس أشد أنواع الاضطهاد ضد النصارى وفجأة أنقلب في عام (38) ميلادية إلى رسول يوحى إليه حسب زعم النصارى فانحرفت النصرانية على يديه من دين الوحدانية إلى وثنية عاتية ، حيث كان بولس أول من نادى بألوهية المسيح وأول من اخترع خرافة الفداء وأول من أدعى أن الصلب وقع على جسد عيسى عليه السلام بقصد البلبلة وإيجاد التناقض ، وكان يتزلف إلى الحكام وإسباغ صفة الشرعية على مظالمهم ومباذلهم حين قال ( لتخضع كل نفس للسلاطين لأنه ليس سلطان إلا من الله ، ومن يقاوم السلاطين يقاوم ترتيب الله ..)
استطاع أن يمسخ النصرانية وأن يسقط عن أتباعها جميع التكاليف الشرعية وأن يجعلهم في حل من الالتزامات الدينية حين كتب إلى أهل رومية ( الإنسان يتحرر بالإيمان بدون أعمال الناموس ) ص3-ف28
وكقوله : ( أما الآن فقد تحررنا من الناموس إذ مات الذي كنا ممسكين منه حتى نعبده بجدة الروح لا بعتق الحرف ) ص7-ف6
لقد احتال بولس اليهودي هذا على النصرانية حيث تظاهر باعتناق النصرانية وإدعاء الرسالة والوحي لنسف المسيحية من الداخل وتحويلها من دين سماوي كما جاء به عيسى عليه السلام إلى مجموعة من الأساطير والخرافات الوثنية كما هي الآن .
قال أحد الذين هداهم الله إلى الإسلام بعد النصرانية ( لو أن المستمسكين بالمسيحية طبقوا تعاليم الإنجيل حرفيا لقضوا على الحضارة ) .
** يقول المفكر الفرنسي لامارتين : ( إذا كانت الضوابط التي نقيس بها عبقرية الإنسان هي سمو الغاية والنتائج المذهلة لذلك رغم قلة الوسيلة فمن ذا الذي يجرؤ أن يقارن أيا من عظماء التاريخ بمحمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ في عبقريته ..؟ فهؤلاء المشاهير قد صنعوا الأسلحة وسنوا القوانين وأقاموا الإمبراطوريات فلم يجنوا إلا أمجادا بالية لم تلبث أن تحطمت بين ظهرانيهم .. لكن هذا الرجل ـ محمد صلى الله عليه وسلم ـ لم يقد الجيوش ويسن التشريعات ويقيم الإمبراطوريات ويحكم الشعوب ويروض الحكماء فقط بل قاد الملايين من الناس فيما كان يعد ثلث العالم حينئذ .. ليس هذا فقط بل إنه قضى على الأصنام والأديان والأفكار والمعتقدات الباطلة .. لقد صبر النبي العربي وتجلد حتى نال النصر وكان طموحه موجها بالكلية إلى هدف واحد فلم يطمح إلى تكوين إمبراطورية حتى أن صلاته ومناجاته لربه وانتصاراته بعد موته كل ذلك لا يدل على الغش والخداع بل يدل على اليقين الصادق الذي أعطاه الطاقة والقوة لإرساء عقيدة ذات شقين الإيمان بوحدانية الله والإيمان بمخالفة الله للحوادث والماديات ولتحقيق هذا الاعتقاد كان لابد من القضاء على الآلهة المدعاة من دون الله بالسيف وترسيخ العقيدة بالكلمة .. هذا هو محمد الفيلسوف الخطيب النبي المشرع المحارب قاهر الأهواء مؤسس المذهب الفكري الذي يدعوا إلى العبادة الحقة بلا أصنام أو أنصاب إنه مؤسس إمبراطورية روحانية واحدة هذا هو محمد .. بالنظر إلى كل مقاييس العظمة أود أن أتساءل هل هناك من هو أعظم من النبي محمد .... ) (لامرتين من كتاب تاريخ تركيا، باريس 1854 الجزء الثاني صفحة 277)
** يقول مونتيغومري : ( إن استعداد هذا الرجل ــ أي محمد صلى الله عليه وسلم ــ لتحمل الاضطهاد من أجل معتقداته والطبيعة الأخلاقية السامية لمن آمنوا به واتبعوه واعتبروه سيدا وقائدا لهم إلى جانب عظمة إنجازاته المطلقة كل ذلك يدل على العدالة والنزاهة المتأصلة في شخصه .. إن افتراض أن محمد مدعي للنبوة هو افتراض يثير مشاكل أكثر ولا يحلها بل إنه لا توجد شخصية من عظماء التاريخ الغربيين لم تنل التقدير اللائق بها مثل ما فعل بمحمد ... ) (مونتجومري وات، من كتاب " محمد في مكة " 1953، صفحة 52)
** ويقول بوسورث سميث ( ولم يكن لديه جيوش مجيشة أو حرس خاص أو قصر مشيد أو عائد ثابت إذا كان لأحد أن يقول إنه حكم بالقدرة الإلهية فإنه محمد .. لأنه استطاع الإمساك بزمام السلطة دون أن يمتلك أدواتها ودون أن يسانده أصحاب القوة .. ) ( بوسورث سميث، من كتاب " محمد والمحمدية " لندن 1874 ، صفحة 92 )
** ويقول جيبون أوغلي في كتابه " تاريخ إمبراطورية الشرق : ( ليس انتشار الدعوة الإسلامية هو ما يستحق الانبهار وإنما استمراريتها وثباتها على مر العصور .. فما زال الانطباع الرائع الذي حفره محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ في مكة والمدينة له نفس الروعة والقوة في نفوس الهنود والأفارقة والأتراك حديثوا العهد بالقرآن رغم مرور اثني عشر قرنا من الزمان .. لقد استطاع المسلمون الصمود يدا واحدة في مواجهة فتنة الإيمان بالله رغم أنهم لم يعرفوه إلا من خلال العقل والمشاعر الإنسانية .. إن قولهم " أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله " هو ببساطة شهادة الإسلام .. ولم يتأثر إحساسهم بألوهية الله تحت أي من التأثيرات والأشياء المنظورة التي كانت تتخذ آلهة من دون الله .. ولم يتجاوز شرف النبي وفضائله حدود الفضيلة المعروفة لدى البشر .. كما أن منهجه في الحياة جعل مظاهر امتنان الصحابة له منحصرة في نطاق العقل والدين ) ...
** ويقول الدكتور زويمر : ( إن محمدا كان ولا شك من أعظم القواد المسلمين الدينيين ويصدق عليه القول أيضا بأنه كان مصلحا قديرا وبليغا فصيحا وجريئا مغوارا ومفكرا عظيما ولا يجوز أن ننسب إليه ما ينافي هذه الصفات وهذا قرآنه الذي جاء به وتاريخه يشهدان بصحة هذا الادعاء ) .. (الدكتور زويمر مستشرق كندي ولد 1813 وتوفي عام 1900 في كتابه ( الشرق وعاداته)
** ويقول سانت هيلر : ( كان محمد رئيسا للدولة وساهرا على حياة الشعب وحريته .. وكان يعاقب الأشخاص الذين يجترحون السيئات حسب أحوال زمانه وأحوال تلك الجماعات الوحشية التي كان يعيشها النبي بين ظهرانيهم فكان النبي داعيا إلى ديانة الإله الواحد وكان في دعوته هذه لطيفا رحيما حتى مع أعدائه .. وإن في شخصيته صفتين هامتين هما من أجل الصفات التي تحملها النفس البشرية وهما العدالة والرحمة .. العلامة برتلي سانت هيلر الألماني ولد في درسدن 1793 وتوفي عام 1884 في كتابه ( الشرقيون وعقائدهم ) ...
** وبقول إدوارد مونتيه : ( عرف محمد بخلوص النية والملاطفة وإنصافه في الحكم ونزاهته في التعبير عن الفكر والتحقق .. وبالجملة كان محمد أزكى وأدين وأرحم عرب عصره وأشدهم حفاظا على الزمام فقد وجههم إلى حياة لم يكونوا يحلموا بها من قبل .. وأسس لهم دولة زمنية ودينية لا تزال إلى اليوم ..( الفيلسوف ادوارد مونتيه مستشرق فرنسي ولد في بلدته لوكادا 1817 وتوفي عام 1894 في كتابه " العرب " )
** ويقول الفيلسوف البريطاني الشهير جورج برنارد شو : ( إن العالم اليوم أحوج ما يكون إلى رجل في تفكير محمد هذا النبي الذي وضع دينه دائما موضع الاحترام والإجلال فإنه أقوى دين على هضم جميع المدنيات خالداً خلود الأبد فإن كثيراً من بني قومي دخلوا هذا الدين على بينة وسيجد هذا الدين مجاله الفسيح في هذه القارة ( يعني أوربا ) .. إن رجال الدين في القرون الوسطى ونتيجة للجهل أو للتعصب قد رسموا لدين محمداً صورة قاتمة فقد كانوا يعتبرونه عدواً للمسيحية لكنني اطلعت على أمر هذا الرجل فوجدته أعجوبة خارقه وتوصلت إلى أنه لم يكن عدواً للمسيحية بل يجب أن يسمى منقذ البشرية وفي رأيي أنه لو تولى أمر العالم اليوم لوفق في حل مشكلاتنا بما يؤمن السلام والسعادة التي يرمي البشر إليها ) .. جورج برناردشو الانجليزي في كتابه ( محمد ) وقد أحرقته السلطات البريطانية ...
** ويقول السير موير: ( إن محمدا نبي المسلمين لقب بالأمين منذ الصغر بإجماع أهل بلده لشرف أخلاقه وحسن سلوكه ومهما يكن هناك من أمر فإن محمدا أسمى من أن ينتهي إليه الواصف ولا يعرفه من جهله ولكن من أمعن النظر في تاريخه النجيب ذلك التاريخ الذي ترك محمداً في طليعة الرسل ومفكري العالم ... (السير مويلر الإنجلزي في كتابه " تاريخ محمد" )
** ويقول سنرستن السويدي : ( إننا لم ننصف محمداً إذا أنكرنا ما هو عليه من عظيم الصفات وحميد المزايا فلقد خاض محمد معركة الحياة الصحيحة في وجه الجهل والهمجية مصراً على مبدأه ومازال يحارب الطغاة حتى انتهى به المطاف إلى النصر المبين فأصبحت شريعته أكمل الشرائع وهو فوق عظماء التاريخ ) ... ( العلامة سنرستن اللآسوجي: مستشرق آسوجي ولد عام 1866، أستاذ اللغات السامية ساهم في دائرة المعارف، جمع المخطوطات الشرقية ، محرر مجلة " العالم الشرقي " له عدة مؤلفات منها : " القرآن الإنجيل المحمدي " ومنها أيضا " تاريخ حياة محمد " )
** ويقول المستر سنكس : ( ظهر محمد بعد المسيح بخمسمائة وسبعين سنه وكانت وظيفته ترقية عقول البشر بإشرابها الأصول الأولية للأخلاق الفاضلة وبإرجاعها إلى الاعتقاد بإله واحد وبحياة بعد هذه الحياة إن الفكرة الدينية الإسلامية أحدثت رقيا كبيراً جدا في العالم وخلصت العقل الإنساني من قيوده الثقيلة التي كانت تأسره حول الهياكل بين يدي الكهان، ولقد توصل محمد بمحوه كل صورة للمعابد وإبطاله كل تمثيل لذات الخالق المطلق إلى تخليص الفكر الإنساني من عقيدة التجسيد الغليظة ) ... (المستر سنكس الأمريكي : مستشرق أمريكي ولد في بلدة بالاي عام 1831 توفي عام 1883 في كتابه ديانة العرب )
** وتقول آن بيزيت : ( من المستحيل لأي شخص يدرس حياة وشخصية نبي العرب العظيم ويعرف كيف عاش هذا النبي وكيف علم الناس إلا ان يشعر بتبجيل هذا النبي الجليل أحد رسل الله العظماء ورغم أنني سوف أعرض فيما أروي لكم أشياء قد تكون مألوفة للعديد من الناس فإنني أشعر في كل مرة أعيد فيها قراءة هذه الأشياء بإعجاب وتبجيل متجددين لهذا المعلم العربي العظيم ... هل تقصد أن تخبرني أن رجلا في عنفوان شبابه لم يتعدى الرابعة والعشرين من عمره بعد أن تزوج من امرأة أكبر منه بكثير وظل وفيا لها طيلة ستة وعشرين عاماً ثم عندما بلغ الخمسين من عمره وهي السن التي تخبو فيها شهوات الجسد تزوج لإشباع شهواته ورغباته ..! ليس هكذا يكون الحكم على حياة الأشخاص فلو نظرت إلى النساء اللاتي تزوجهن لوجدت أن لكل زيجة من تلك الزيجات سبباً إما في الدخول في تحالف لصالح أتباعه ودينه أو الحصول على شيء يعود بالنفع على أصحابه أو كانت المرأة التي تزوجها في حاجة ماسة للحماية ) ... (آن بيزينت : حياة وتعاليم محمد 1932 ) ...
** ويقول مايكل هارت : ( إن اختيار محمداً ليكون الأول في أهم وأعظم رجال التاريخ قد يدهش القراء ولكنه الرجل الوحيد في التاريخ كله الذي نجح أعلى نجاح على المستويين الديني والدنيوي، فهناك رسل وأنبياء وحكماء بدأو رسالات عظيمة ولكنهم ماتوا دون إتمامها كالمسيح في المسيحية أو شاركهم فيها غيرهم أو سبقهم إليها سواهم كموسى في اليهودية ولكن محمداً هو الوحيد الذي أتم رسالته الدينية وتحددت أحكماها وآمنت بها شعوب بأسرها في حياته ولأنه أقام بجانب الدين دولة جديدة فإنه في هذا المجال الدنيوي أيضا وحد القبائل في شعب والشعوب في أمة ووضع لها كل أسس حياتها ورسم لها أمور دنياها ووضعها في موضع الانطلاق إلى العالم أيضا في حياته فهو الذي بدأ الرسالة الدينية والدنيوية وأتمها. (مايكل هارت: أعظم مائة رجل في التاريخ) ...
** ويقول الكاتب الشهير الروسي توليستوي : ( يكفي محمداً فخراً أنه خلص أمة ذليلة دموية من مخالب شياطين العادات الذميمة وفتح على وجوههم طريق الرقي والتقدم وإن شريعة محمد ستسود العالم لانسجامها مع العقل والحكمة ) ... ( ليف توليستوي -1910 ،1828- الأديب العالمي الروسي الذي يعد أدبه من أمتع ما كتب في التراث الإنساني قاطبة عن النفس البشرية )
** ويقول الكاتب النمساوي شيريك : ( إن البشرية لتفتخر بانتساب رجل كمحمد إليها إذ أنه رغم أميته استطاع قبل بضعة عشر قرناً أن يأتي بتشريع سنكون نحن الأوربيين أسعد ما نكون إذا توصلنا إلى قمته ) ... ( الدكتور شيريك النمساوي )
** يقول فرانسيس بيكون الذي عاصر الحضارة العربية الإسلامية في بلاد الأندلس : ( من أراد أن يتعلم فليتعلم العربية لأنها هي لغة العلم .. ) .
** قامت الكاتبة الألمانية ( زيغريد هونكه ) بتأليف كتابها القيم الشهير تحت عنوان ( شمس العرب تسطع على الغرب ) والذي ترجم إلى العربية حيث تذكر فيه أثر الحضارة العربية الإسلامية على بلاد الغرب كافة حيث ظلت المعاهد والجامعات الأوربية تدرس علوم العرب لمئات السنين بعد سقوط الأندلس .. كما أن جميع القوانين الأوربية وبشكل خاص القانون الفرنسي قد تأثرت بالفقه الإسلامي إلى حد بعيد ولا يزال الفقه الإسلامي في أوربا يعتبر أحد مصادر التشريع في هذه البلاد أعلنوا ذلك أم أخفوه أم أنكروه .. ولا أريد أن أذكر شيئا من هذا الكتاب القيم الذي يعتبر بأكمله شاهدا على تطور الحضارة الإسلامية وعلى فضل الحضارة الإسلامية على بلاد الغرب قاطبة فمن أراد معرفة فضل العرب على الإنسانية جمعاء فليقرأ هذا الكتاب الذي ترجم إلى عدة لغات عالمية ومنها اللغة العربية ....
** ويقول المستشرق الغربي بريفولت في كتابه ( بناء الإنسانية ) : ( إن العالم القديم لم يكن للعلم فيه وجود .. وعلم النجوم عند اليونان ورياضياتهم كانت علوما أجنبية استجلبوها من خارج بلادهم وأخذوها عن سواهم .. ولم تتأقلم في يوم من الأيام فتمتزج امتزاجا كليا بالثقافة اليونانية .. وقد نظم اليونانيون المذاهب وعمموا الأحكام ووضعوا النظريات ولكن أساليب البحث في دأب وأناة وجمع المعلومات الإيجابية وتركيزها مع المناهج التفصيلية للعلم والملاحظة الدقيقة المستمرة والبحث التجريبي .. كل ذلك كان غريبا تماما عن المزاج اليوناني أما ما ندعوه العلم فقد ظهر في أوربا نتيجة لروح جديدة في البحث وطرق من الاستقصاء مستحدثة وطرق التجربة والملاحظة والمقاييس .. إضافة إلى تطور الرياضيات إلى صورة لم يعرفها اليونانيون .. هذه الروح وتلك المناهج العلمية العملية المستحدثة أدخلها العرب إلى العالم الغربي ) ..
** ويقول ( بريفولت ) في مكان آخر من الكتاب : ( لقد كان العلم أهم ما جادت به الحضارة العربية ـ الإسلامية طبعا ـ على العالم الحديث ولكن ثماره كانت بطيئة النضج .. والعبقرية التي ولدتها ثقافة العرب في إسبانيا لم تنهض وتصل إلى عنفوانها إلا بعد وقت طويل من اختفاء تلك الحضارة وراء سحب الظلام .. ولم يكن العلم وحده هو الذي أعاد أوربا إلى الحياة بل مؤثرات أخرى كثيرة من مؤثرات الحضارة العربية الإسلامية بعثت باكورة أشعتها إلى الحياة الأوربية .. فعلى الرغم من أنه ليس ثمة ناحية واحدة من نواحي الازدهار الأوربي إلا ويمكن إرجاع أصلها إلى مؤثرات الثقافة الإسلامية بصورة أكيدة قاطعة ) ...
نصارى أسلموا :
** عندما أعلن الأستاذ ( إبراهيم خليل أحمد ) إسلامه وكان من أقباط مصر المسحيين حيث وصل إلى أعلى المناصب الدينية المسيحية الكهنوتيه وكان مدرساً لمادة اللاهوت النصراني .. وأصدر كتيباً اسماه ( لماذا أسلمت ) أوضح فيه بعض الإنحرافات والمفاسد في الكنائس المصرية كما أوضح الضغوط الكبيرة والتهديدات التي مورست ضده والتي تعرض لها بعد اسلامه وذلك خوفاً من نشر فضائحهم ومؤامراتهم بشكل علني ...
** حلم السويدي المسيحي " باول ميليس " عندما كان في التاسعة من عمره بأنه وسط جمع غفير من المسلمين في مكان جميل جدا ومن خلال مشاهداته للقنوات الفضائية عرف لاحقا أن هذا المكان هو مكة المكرمة .. ولقد زار " باول ميليس " السعودية للمشاركة في مهرجان الجنادرية ونطق بالشهادتين في الأمانة العامة للندوة العالمية للشباب الإسلامي معلنا إسلامه وسمى نفسه منذ ذلك اليوم " إبراهيم ميليس " وهو يقول : ( عندما كنت في التاسعة من عمري رأيت أنني في الكعبة المشرفة بين المسلمين وتكررت الرؤيا كثيرا وعندما سألت عن ذلك عرفت أنها الكعبة المشرفة التي يحج إليها المسلمون .. ومنذ ذلك التاريخ وأنا أقرأ كل شيء عن الإسلام وتوصلت إلى حقيقة أن الإسلام هو الدين الإلهي الصحيح الذي ارتضاه الله للناس ) ..
** أسلم أيضاً الكاتب ( عبد الأحد داود ) حيث ألف بعد إسلامه كتابه القيم : ( الإنجيل والصليب ) ...
** اسلم أيضاً الكاتب ( محمد فؤاد الهاشمي ) والذي ألف كتاب ( الأديان في لغة الميزان ) ...
** أسلم الأسقف الرئيسي للكنيسة الأورثوذكسية لروسيا والذي قرأ عن الإسلام ودخل فيه وترك منصبه ...
** أسلم الرئيس العالم للمسلمين في أمريكا وقد كان نصرانيا ..
** في امريكا أسلم القسيس الأب بيت جاكوب ..
** في ولاية تكساس أسلم الطالب جو وهو طالب في معهد التعميد التابع للكنيسة ودخل في الإسلام بعد بعد قراءة القرآن الكريم
** في معهد التعميد الكنسي في تكساس أثنى القسيس الكاثوليكي الأب جون على الدين الإسلامي ثناء كبيرا واعتبره أفضل وأصح الأديان السماوية والأمل كبير في إعلان إسلامه قريبا ...
** وفي ولاية تكساس أسلم قسيس كاثوليكي من أصول أفريقية وغير اسمه إلى عمر تيمنا بالخليفة الراشد عمر بن الخطاب
** في نيويورك أسلمت مارغريت ماركوس اليهودية من أبوين يهوديين وسمت نفسها ( مريم جميلة ) وكانت من أنشط الداعيات المسلمات إلى الإسلام
** يقول الكاتب الفرنسي ( إيتين دينيه ) الذي أسلم وسمى نفسه ( ناصر الدين ) : ( ما أصدق سان أوغسطين وهو أخبث رجال الكنيسة عندما يريد أن يقطع أية مناقشة منطقية في عقيدته فيصرخ قائلا : أنا مؤمن بأن ذلك لا يتفق مع العقل ) ...
** يقول اللورد البريطاني ( هيدلي ) الذي اعتنق الإسلام : ( إن المسيحي مطالب بأن لا يفكر بعقيدة التثليث هذا إذا أراد الخلاص .. فإن ناقش في ذلك فهو مهدد باللعنة الأبدية .. ولعل هذا هو السر في انتشلر موجة الإلحاد بين المثقفين من الغربيين ممن حكموا عقولهم فوجدوا أن المعتقدات التي تلقوها في صغرهم تتعارض تماما مع قولنين والمنطق والحس السليم والمصطلحات العلمية والفلسفية ) ...
** أسلم المطرب والملحن البريطاني الشهير كات ستيفن وسمى نفسه ( يوسف إسلام ) وقد التقيت به مرارا في كندا وهو يقوم بالدعوة إلى الإسلام وتلحين بعض الأناشيد الإسلامية باللغة الإنجليزية .. وكان لجهد متميز في جمع التبرعات للأعمال والفعاليات الإسلامية ...
دعوة إلى المنصفين من أبناء النصارى:
ونحن هنا من خلال هذا الكتاب لا يسعنا إلا أن ندعو أهل الكتاب من النصارى أن يفتحوا قلوبهم للحق ويعرفوا عدوهم الحقيقي ويثوبوا إلى رشدهم ويفتحوا أعينهم على مايحيط بهم ويعملوا على إنقاذ أنفسهم وانقاذ عقيدتهم من لوثات الوثنية والشرك التي حرفت عقائدهم عن الخط السوي المستقيم .. إنني أتحدى أي نصراني حتى أصحاب الدراسات الكهنوتية من أن يعطيني تصويرا حقيقيا منطقيا عن طبيعة المسيح عليه السلام يمكن أن يتفق عليه كل النصارى ولن يستطيع أحد من أبناء النصارى أن يقدم ذلك لأن التناقضات والاختلافات بين نسخ الإنجيل مختلفة متضاربة بشكل كبير .. ولو سألت كل نصراني على وجه الأرض عن طبيعة المسيح وطبيعة العقيدة النصرانية لأجابك كل واحد مهم جوابا مختلفا عن الآخر ولحصلنا على أجوبة متناقضة لأن لكل واحد منهم تصور مختلف عن الآخرين .. لقد اختلف النصارى الأولون على طبيعة المسيح منذ أن دخل اليهودي ( بولس ) إلى سلك المسيحية فطمس فيها عقيدة التوحيد وبث فيها عقيدة الشرك ومنذ ذلك التاريخ لم تتفق الطوائف النصرانية على طبيعة المسيح عليه السلام فضلوا وأضلوا من جاء بعدهم فأصبحوا هم الضالين كما سماهم القرآن الكريم ..
( يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ..) 171-173 النساء .
( إن مثل عيسى ....) 59-63 آل عمران .
( ولا تجادلوا أهل الكتاب ...) 46-47 العنكبوت .
( أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الدنيا والآخرة .. ليس بيني وبينه نبي .. والأنبياء أخوة لعلات .. أمهاتهم شتى ودينهم واحد ) أخرجه أحمد والبيهقي وأبو داوود .
** منهم من يقول أن المسيح وامه الهان من دون الله ...
** أن المسيح من الأب بمزلة شعلة نار من نار فلم تنقص الأولى بانفصال الثانية وطبعا هذا الكلام مناقض للعقل والنقل ..
** إن مريم عليها السلام لم تحبل به تسعة أشهر وإنما مر في بطنها كما يمر الماء في الميزاب لأن كلمة الله دخلت من أذنها وخرجت من حيث يخرج الولد من ساعتها .. وهذا مخالف للواقع والتاريخ حيث حملت مريم بالسيد المسيح عليهما السلام تسعة أشهر وجاءها تماما كغيرها من النساء الحوامل ...
** أن المسيح انسان مخلوق من اللاهوت كواحد منا في جوهره وأن ابتدأ الابن من مريم وأنه اصطفي ليكون مخلصاً للجوهر الأسمى صحبته النعمة وحلت فيه المحبة والمشيئة ولذلك سمي ابن الله ..
** أن الله جوهر قديم واحد ويسمونه بثلاثة أسماء ولايؤمنون بالكلمة أو بالروح ..
** أن الآلهة صالح وطالح وعدل بينهما ...
** ومنهم من يقول : بألوهية المسيح وحده ..
** ومنهم من يقول : روح القدس ليس بإله على الإطلاق ..
** ومنهم من يقول : بألوهية روح القدس ...
** ومنهم من يقول : أن لعيسى اقنوم إلهي مستمد من الأب وطبيعة إنسانيه استمدها من مريم ..
** ومنهم من يقول : أن للمسيح طبيعتين في طبيعة واحدة إجتمع فيها الناسوت واللاهوت وأنه اقنوم واحد ووجه واحد في طبيعتين ..
** ومنهم من يقول : أن مريم العذراء هي أم الله .. وأن للمسيح طبيعتين واحدة لاهوئية وواحدة ناسوتية ..
** ومنهم من يقول : بان الله ذات مثلثة الأقانيم وأن اقنوم الإبن تجسد من روح القدس ومن مريم العذراء ...
** ومنهم من يقول : أن الثالوثة وحدة ذاتية جوهرية منزهة عن الإختلاط والإمتزاج والإستحالة مبرأة عن الانفصال وبهذا الإتحاد صار الإين المتجسد طبيعة واحدة في طبيعتين بمشيئة واحدة ...
** يقولون ونؤمن بروح القدس المحي المنبثق من الأب الذي هو مع الأب والإبن مسجود له وممجد ...
** الأب والإبن وروح القدس هي ثلاثة أقانيم بثلاثة وجوه وثلاث خواص توحيد في تثليث وتثليث في توحيد كيان واحد في ثلاثة أقاليم ... إله واحد ..جوهر واحد .. طبيعة واحدة ) ...
** ومنهم من يقول : ( أن للمسيح طبيعتين ومشيئتين وليس مشيئة واحدة ) ...
** ومنهم من يقول : ( الأب وحده هو الله وأن الإبن مخلوق ومصتوع ولقد كان الأب اذ لم يكن الإبن موجوداً ) ..
** ومنهم من يحرم إتخاذ الصور والتماثيل في العبادة ...
** ومنهم من يحرم طلب الشفاعة من مريم ...
** ومنهم من يقدس الصور والتماثيل ويبحيون طلب الشفاعة من مريم ...
** ومنهم من يزعم أن المسيح ليس حقيقة وإنما هو نموذج خيالي ...
** ولقد إعتقد بعضهم أن الإمعان في تقديس المسيح والوصول به إلى درجة الألوهية هو تكريم للمسيح
إن التناقض الكبير في الأناجيل يترك الإنسان المطلع عليها أن يقف مذهولا متعجباً أن تظهر كل هذه التناقضات من إله حكيم ورب قادر يصرف أمور الدنيا والعوالم كلها ...
** فكل إصحاح ينقد الذي قبله وكل فقرة تهدم مابعدها وكل إنجيل يناقض غيره من الأناجيل المختلفة إضافة أن هذه الأناجيل لاتتضمن العلم الشرعي الديني وإنما مجموعة أقوال وروايات وأساطير يختلط فيها الحق في الباطل ويمتزج فيها الخطأ بالصواب ...
وفي ختام هذه الفقرة لابد وأن القارئ الكريم قد رأى الديانة النصرانية المحرفة المبدلة على حقيقتها الصليبية العنصرية الحاقدة الملوثة بدماء الملايين في كل أصقاع العالم حتى كأنهم لم يقرؤوا كتبهم المقدسة التي تحسهم على التسامح والمحبة ولم يسمعوا نداء المسيح عليه السلام بالسلامة والمحبة التي تطل علينا من بين الركام الهائل .. إنني على قناعة تامة أن الديانة النصرانية الصليبية العنصرية المحرفة قد فقدت مبررات وجودها كحضارة وفقدت شعبيتها ومنهجها الإلهي القويم فهي بالتالي لا يمكنها بحال من الأحوال أن تقوم بإعادة بناء حضارة عالمية إنسانية ...
الإسلام وحتمية الحل الإسلامي :
لقد وصلنا في الدراسة السابقة إلى حتمية انهيار الحضارة الغربية وذكرنا عوامل السقوط والانهيار التي تنخر جسد الحضارة الغربية العنصرية من الداخل .. ولكن أمام هذه الحقائق المدمرة للحضارة الغربية والتي تنذر بسقوطها وانهيارها يواجهنا سؤال خطير .. ماذا بعد سقوط الحضارة الغربية ؟... وماهو البديل عن هذه الحضارة التي طغت واستبدت على شعوب العالم وقامت بأيشع الجرائم ضد الإنسانية خلال أربعة قرون من الزمان وذلك بعد سقوطها وانهيارها ؟ ... وماهو المنهج والنظام الذي يمكن بموجبه إقامة حضارة عالمية إنسانية تمفل لجميع البشر الخير والسلام والعيش بأمان حتى يرث الله الأرض ومن عليها .. ولقد قمت في الصفحات السابقة باستعراض كل الأنظمة والمناهج والنظريات والمبادئ الموجودة على الساحة العالمية وقد تبين لنا عدم صلاحيتها لإقامة حضارة عالمية إنسانية ليبقى أمامنا حل وحيد بل حتمي ألا وهو الحل الإسلامي ... وربما يستنكر كثير من الناس هذه الفكرة وهذه الحتمية بادئ ذي بدء وذلك عندما ينظرون إلى واقع المسلمين المزري في هذه الأيام وعلى ضعفهم ومذلتهم وهوانهم وتكالب الناس عليهم إلا أنني واثق كل الثقة أن الإسلام هو الحل الوحيد وأن واقع المسلمين المتخلف لا علاقة له بطبيعة الإسلام ومنهجه الإلهي المتكامل .. فلقد انطلق الإسلام في يوم من الأيام من شخص واحد هورسول الله صلى الله عليه وسلم وعم الأرض كلها وانتشرت حضارة الإسلام في كل ربوع الأرض تنشر الحق والعدل والرخاء والسعادة لكل البشر في كل بقعة من بقاع العالم .. فلماذا لا يعود هذا الإسلام من جديد وتعداد المسلمين تجاوز مليار ونصف المليار من البشر ؟... لماذا لا يعود هذا الإسلام مرة أخرى منطلقا من ماليزيا أو أندونيسيا أو تركيا أو أوربا أو أمريكا فلربما اعتنق الإسلام أعداد كبيرة من رجال الفكر والسياسة في الدول الغربية التي تحارب الإسلام اليوم لجهلها في طبيعة هذا الإسلام ؟... ألم تكن قريش والقبائل العربية جلها تناصب العداء للرسول الكريم وصحبه المؤمنين الطيبين الطاهرين وللدين الإسلامي القويم فماذا كانت النتيجة ؟... ألم يتحقق حلم الرسول الكريم حين آذاه أهل الطائف ورموه بالحجار فقال قولته المشهورة : ( بل أستأني بهم لعل الله يخرج من أصلابهم من يعبده ويوحده ) وتحقق قول الرسول الكريم فكان من أصلاب المشركين الكافرين الذين عذبوا رسول الله واضطهدوا المسلمين الأولين قادة الإسلام العظماء الذين نشروا الإسلام في ربوع العالم أجمع في أقل من نصف قرن ؟... ألم يكن خالد بن الوليد قائد جيش المشركين في غزوة أحد فأصبح قائد جيش المسلمين في غزوة اليرموك ضد أكبر وأعظم دولة في ذلك التاريخ .. ألم يكن أبو سفيان وابنه معاوية من أشراف قريش وقدتها ممن كانوا يحاربون الله ورسوله والمسلمين فماذا حصل بعد ذلك ؟.. لقد أسلم أبو سفيان وكان من أعلام الإسلام وأسلم ابنه معاوية فكا مؤسس الدولة الإسلامية الأموية التي هزت العالم كله فيما بعد ووصلت فتوحاتها إلى الهند والسند والصين شرقا وإلى بلاد أفريقيا ومشارف أوربا غربا .. لقد علمنا التاريخ أن أشد الناس ظلما وعداء للرسول أمثال أبوجهل وعبد الله بن أبي بن سلول فكان من أصلابهم قادة المسلمين .. الإسلام ليس حكرا على أبناء المسلمين في وضعهم الراهن الضعيف الذليل .. الإسلام دين الله ولعل الله يخرج من أصلاب عتاة الكفرة في الغرب أو الشرق من يقود المسلمين إلى النصر المؤزر والتمكين في الأرض وإعادة بناء الحضارة العالمية الإنسانية الإسلامية .. لقد علمنا التاريخ منذ اليوم الأول لبعثة الرسول المصطفى أن الدين الإسلامي دين عالمي إنساني جاء للناس كافة : ( إنما أرسلناك للناس كافة بشيرا ونذيرا ) .. ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) .. فلا تدري نفس من اين يبدا إعادة بناء الحضارة الإسلامية من جديد وإن كان الإسلام قادم بالتأكيد .. لابد وأن يعود الإسلام من جديد ليتسلم قيادة البشرية من جديد ولينشر الحق والعدل والهداية في ربوع العالم كله وينشر القيم الروحية والعدالة الاجتماعية والقيم الإنسانية السامية في كل أرجاء المعمورة لينقذ البشرية مما يتهددها من الخراب والدمار الذي يبشر به أصحاب المذاهب المادية الهدامة كل يوم ...
إن إقامة الحضارة العالمية الإنسانية الإسلامية هي ضرورة حتمية وحاجة ماسة ملحة لإنقاذ البشرية جمعاء من البؤس والشقاء والحروب والدمار وهذه الضرورة الحتمية لاتخص الدول والشعوب الإسلامية فحسب وإنما تخص جميع شعوب العالم على الإطلاق .. وذلك لما يحيط العالم بأسره من مخاطر وكوارث تنذر بالسقوط والانهيار للإنسانية جمعاء وذلك نتيجة لفقدان الحضارة الغربية التي تتحكم بمصائر الأمم والشعوب للقيم الإنسانية والأعراف الأخلاقية والسمو الروحي والرقي الحضاري .. وسيطرة منطق القوة الغاشمة ومنطق الوحوش في الغابة القوي يأكل الضعيف والكبير يسحق الصغير .. أضف إلى ذلك الإنتكاسة المريعة إلى منطق العبودية وإلى منهج الحيوانية والشهوانبة وإلى الأسلوب العنصري البغيض .. خاصة وأن هذه الحضارة الغربية تمتلك من أساليب القوة المادية التدميرية ما بإمكانه تدمير الكرة الأرضية بأكملها أكثر من خمسين مرة وإبادة شعوب العالم كله أكثر من سبعين مرة مع افتقارها إلى الأخلاق والقيم الإنسانية مما يشكل تهديدا جوهريا شديدا للإنسانية بأسرها .. إن شعوب العالم أجمع بحاجة ماسة إلى منهج إلهي عادل وإلى نظام إنساني عالمي حضاري ينقذها من المستقبل الأسود المشؤوم الذي يتهددها صباح مساء .. البشرية جمعاء بحاجة ماسة إلى هداية الإسلام وعدله لإنقاذها من البؤس والشقاء والفقر والحرمان والظلم والبغي والفساد والإفساد في الأرض .. البشرية جمعاء بحاجة ماسة إلى نظام روحي أخلاقي يرفع الإنسان في كل بفعة من بقاع العالم إلى المستوى الإنساني اللائق المشرف بعيدا عن الإرتكاسات المادية وبعيدا عن الهبوط إلى درجة الحيوانية وبعيدا عن ارتكاسات الجنس ولوثات الكفر والإلحاد ..
ربما يقول قائل إن شعوب العالم راضية بوضعها الحالي ولا تبحث عن منهج بديل ينقذها مما هي فيه ومن جهة أخرى ربما لاتريد هذه الشعوب أن تدين بالإسلام أو أن يسيطر الإسلام على شؤون الحياة في العالم أجمع .. فأقول إن إقامة الحضارة العالمية الإنسانية الإسلامية هي علاج للأمراض المستعصية التي عانت منها شعوب العالم أجمع ولا تزال تعاني منها والتي عجز العالم كله عن حلها وعلاجها .. والمريض يجب أن يعالج سواء رضي أم لم يرض لأن استمراره بالمرض سيؤدي إلى انتشار العدوى القاتلة وتفشي الأمراض الإجتماعية الخطيرة المستعصية والتي ستؤدي عاجلا أم آجلا إلى دمار البشرية وارتكاسها .. من هذا المنطلق نجد ضرورة إقامة الحضارة العالمية الإنسانية الإسلامية .. وبعد ذلك فالناس أحرار في اعتناق العقيدة التي يريدون تحت المبدأ الإسلامي الرباني الأصيل : ( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ) .. وأريد هنا أن ألح على هذا الشعار الهام ( الحضارة العالمية الإنسانية الإسلامية ) لأننا نريد إنشاء حضارة راقية سامية عالمية في شموليتها إنسانية في أهدافها وتطلعاتها إسلامية في منهجها ربانية في روحانيتها .. وألح هنا أيضا على كلمة إسلامية لأننا نجد أن المنهج الإلهي الإسلامي هو المنهج الوحيد ولا منهج سواه يستطيع أن يحقق العدالة والإصلاح لكل المجتمعات الإنسانية بعد أن أفلست كل الشرائع والنظم وفشلت في تحقيق السعادة حتى لأبنائها وشعوبها فضلا عن شعوب العالم الأخرى .. يقول الدكتور ( ج . هـ . دينسون ) في كتابه القيم ( العواطف كأساس للحضارة ) وذلك حين يتعرض للإرهاصات والأوضاع العالمية قبيل بعثة الرسول الكريم محمـد صلى الله عليه وسلم يقول : ( ففي القرنين الخامس والسادس الميلاديين كان العالم المتمدين على شفا جرف هار من الفوضى لأن العقائد التي كانت تعين على إقامة وتقويم المجتمعات كانت قد انهارت تماما ولم تكن هناك مقومات أخرى تقوم مقامها .. وكان يبدو أن المدنية الكبرى التي تكلف بناؤها جهود أربعة آلاف سنة مشرفة على التفكك والانحلال وأن البشرية توشك أن ترتكس ثانية إلى ماكانت عليه من الهمجية فالقبائل تتحارب وتتناحر دون قانون أو نظام أما النظم التي خلفتها المسيحية فكانت سببا رئيسيا للفرقة والانهيار بدلا من الاتحاد والنظام .. لقد كانت المدنية كشجرة ضخمة متفرعة امتد ظلها إلى العالم كله قد بدأت تترنح وقد تسرب إليها العطب حتى اللباب .. وبين مظاهر هذا الفساد الشامل ولد الرجل الذي وحد العالم كله ) .. والمقصود بالرجل هنا طبعا محمد صلى الله عليه وسلم ...
إن البشرية اليوم ليست أحسن حالا وإن اختلفت الأسباب .. إن الحيرة والقلق والشرود والاضطراب ترين كلها على الضمير البشري في كل مكان .. في البلاد التي كانت تعتقد بديانة سماوية أو في البلاد الوثنية على حد سواء .. لم يعد هناك يقين في شيء حتى يجد الضمير البشري في ظله الهدوء والراحة والاستقرار لم يعد هذا الضمير يطمئن إلى عقيدة أو مبدأ أو وضع أو نظام .. لقد قضت أوربا وأمريكا على كل مقدساتها القديمة ابتداء من القرن السادس عشر وآمنت بالعلم كإله .. وبلغ هذا الإله الغربي الجديد ذروة قداسته خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر .. وما كاد القرن العشرين يبدأ وينتصف وينقضي حتى اهتز عرش هذا الإله المتقلب الذي لايثبت على حال لقد اتضح ان مقررات هذا الإله الغربي الجديد كلها قابلة للنقض وأنه هو ينقضها بيديه يوما بعد يوم بل لقد بدا هذا الإله ذاته ضائعا بين تصوراته وأدواته ومقاييسه فلم يعد له مقاييس ثابتة يفيء إليها بعدما أصبح هو بيده يحطم سائر المقاييس التي ظنها الناس في يوم من الأيام غير قابلة للنقض والتغيير والتبديل ) .. إن انفلات البشرية من قيود النظم والعقائد الروحية والدينية رغم فسادها وانحرافها جعلها تنطلق في الشرق والغرب إلى عبوديات أشد فسادا وانحرافا فتارة تعبد المال وتارة تعبد الجنس وتارة تعبد الانتاج وتارة تعبد الاقتصاد وتارة تقدس وتعبد أشخاصا من البشر أمثال ماركس ولينين وماوتسيتونغ وهتلر وموسوليني وديغول وجورج واشنطن وفرويد وانشتاين وعبد الناصر وأتاتورك وعرفات وحافظ أسد وصدام حسين وغيرهم كثير وهكذا نجد في كل يوم إلها جديدا وفكرا جديدا وعقيدة جديدة في تغير دائم مستمر ولكن باتجاه الأسوأ باتجاه الانحراف والفساد وشقاء البشرية جمعاء لصالح فئة من الناس المتسلطين الطغاة الذين يقودون العالم كله نحو الضياع والدمار .. وحتى هؤلاء الطغاة المتسلطين فإن حياتهم أبعد ماتكون عن السعادة والسكينة والمودة والرحمة فهم يعيشون حياة بؤس وتعاسة وشقاء رغم كل مايملكونه من سطوة وجاه وقوة ومال .. فالحكام الطغاة المتسلطون يعيشون في سجن كبير وإن كان هذا السجن قصرا منيفا فيه كل مظاهر البذخ والراحة .. الإنسان العادي يمكنه أن يحمل حقيبته ويسافر إلى أي بلد في العالم ويستمتع بجمال الدنيا بأسرها دون رقيب أو حسيب أما الحكام الطغاة فهم لايملكون هذه الحرية الكاملة .. الإنسان العادي يمكنه أن يدخل أي مطعم وأي سوق وأي مكان يريده بينما الحكام الطغاة لايمكنهم أن يتحركوا حركة واحدة دون أن تكون تحت رقابة أمنية مشددة فهم في سجنهم الكبير محرومون من هذه الحرية أيضا الإنسان العادي يمكنه أن يدخل أي معبد يمارس شعائرة الروحية بكل يسر وبساطة أما الحكام الطغاة فلا يمكنهم ذلك إلا تحت الحراسة العسكرية المشددة .. الإنسان العادي يمكنه الإستمتاع بالحدائق والجبال والشلالات والأنهار والتزلج والرياضة والجري في الطرقات العامة في الصباح الباكر والذهاب إلى السينما والمسرح وغير ذلك كثير أما الحكام الطغاة فمحرومون من هذه الحريات والمتع الإنسانية إلا تحت حماية الجيش والشرطة التي تحصي عليهم حركاتهم وسكناتهم تحت مبدأ الحراسة والحماية الأمنية .. ولا أريد هنا أن أعدد الحريات التي يفقدها الطغاة ولكني أريد أن أؤكد أن الحكام الطغاة ليسوا أحسن حظا من بقية الناس في ظل الأنظمة المادية الإستبدادية بل على العكس من ذلك فهم يعيشون في سجن كبير ضمن حلقات أمنية متعددة وضمن برتوكولات تضيق وتضيق على هذه الطبقة حتى تجعلهم حقيقة في سجن كبير فهم ليسوا أحسن حالا من بقية الناس .. الإسلام وحده هو الذي يطلق حرية الناس جميعا حكاما كانوا أم محكومين .. أمراء كانوا أم أفرادا عاديين .. وفي ذلك يروي التاريخ لنا قصة رسول كسرى إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لما قدم المدينة المنورة وسأل عن أمير المؤمنين فدلوه على رجل بسيط في شكله عظيم في قدره نائم تحت شجرة النخيل متوسدا حذاءه فلما نظر إليه رسول كسرى غبطه على هذه النعمة التي حرم منها ملوك الفرس كلهم وقال كلمته المشهورة ( عدلت فأمنت فنمت ) لأن ملوك الفرس الجبابرة الظلام لايتجرؤون على مثل هذا العمل .. ويروى عن التابعي الصالح الحسن البصري رضي الله عنه أنه قال : ( والله إننا نعيش في ظل نعمة الإيمان لوعرفها الملوك والأمراء لقاتلونا عليها ) .. نعم في ظل الإسلام وحده يجد الإنسان سعادته الحقيقية .. وفي ظل العبودية لله وحده يجدلإنسان الكرامة الإنسانية الحقيقية .. وربما يقول بعض المبهورين من بريق الحضارة الغربية إن الإنسان في ظل الحضارة الغربية يعيش حياة حرة كريمة .. فأقول ربما يكون هذا القول فيه شيء من الحقيقة فيما لو قارنا هذا الإنسان مع الشعوب المسحوقة تحت الديكتاتوريات الظالمة المجرمة أو تحت الاحتلال الإجرامي المقيت أو تحت الأنظمة العنصرية التي تجعل من الناس عبيدا لطبقة خاصة من الناس .. ولكن لو قسنا حياة الإنسان الغربي بمقياس العدالة الإلهية وبقوانين الشرع الإسلامي الحنيف لوجدنا أن الحقيقة غير ذلك تماما .. إننا لونظرنا إلى المجتمعات الغربية نظرة فاحصة مجردة نجد أن الحضارة الغربية لم تحقق للإنسان كرامته وإنسانيته .. فعلى الرغم من الثراء الفاحش والإنتاج المادي الهائل واللذائذ المباحة بأسهل الطرق وأبخس الأثمان فإن السأم والملل والضجر والقلق والأمراض العصبية والنفسية المتفشية في المجتمعات الغربية بشكل كبير والإدمان على المسكرات والمخدرات وغير ذلك كثير مما يعكر صفو حياتهم ويقلبها إلى جحيم وسعير يؤدي بكثير من الأحيان إلى الجرائم والإنتحار .. يقول سيد قطب في كتابه ( نحو مجتمع إسلامي ) واصفا المجتمعات الغربية : ( إن متاعهم هياج عصبي ومرح حيواني وإنهم يخيل إليك أنهم هاربون دوما من أشباح تطاردهم .. إنهم آلات تتحرك في جنون وسرعة وهياج لايقر له قرار .. وكثيرا ما كان يخيل إلي أن الناس هناك في طاحونة دائرة لاتني ليل نهار .. أو صباح مساء .. تطحن بهم ويطحنون لايهدؤون لحظة ولا يطمئنون إلى أنفسهم ولا إلى الحياة من حولهم .. ليس هناك لحظة للتأمل ولا حتى للشعور بالحياة ذاتها .. إنهم ينتجون كثيرا مافي ذلك من شك .. إنهم يكسبون كثيرا مافي هذا من شك .. ولكن لمن ينتجون ولمن يكسبون ..؟ العنصر الإنساني لاوجود له .. هدوء القلب .. اطمئنان النفس .. راحة الضمير .. لذة الفرح بثمرات الجهد .. المودة بين الناس ..التجاوب الروحي بين الأصدقاء .. العقيدة في قوة أكبر من قوة الأرض .. كل هذا لا وجود له في قاموس الحياة في الحضارة الغربية .. هناك مرح كثير يخيل إلى من لايعرف أنه سعادة .. تلك الضحكات التي ترن في الهواء .. تلك المهارشات التي تتحسس مساقط اللذة في الأجساد .. تلك الكؤوس التي لاتفرغ من الخمر .. تلك الضجة التي لاتهدأ ولا تفتر .. إنه المرح الحيواني وليس السعادة ولا الفرح .. إن عربدة السكارى ليست سعادة والمرح الحيواني ليس فرحا إنه انطلاق الطاقة المكبوتة تحت ضغط العمل المرهق .. ولكن أين الإنسان في هذا الركام ؟ ) .. إن البشرية كلها في حاجة ماسة إلى الحضارة العالمية الإنسانية الإسلامية .. في حاجة ماسة إلى عقيدة في الضمير يستروح الإنسان في ظلها من هذا الهجير القائظ .. ويطمئن في رحابها من ذلك القلق .. ويستقر في حضنها إلى قرار .. والعقيدة في الله هي التي تمنح البشرية الحرية والسعادة .. وهذه العقيدة بنقائها وصفائها ودقتها وصحتها لانجدها إلا في الدين الإسلامي القويم وفي كتاب الله المبين الذي تكفل الله بحفظه على مر الدهور والسنين والذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم عليم .. من هذه المنطلقات الأساسية يبرز دور الإسلام وتتميز دعوة الإسلام وتتجلى حاجة البشرية كلها إلى قيام حضارة عالمية إنسانية إسلامية .. إإن البشرية كلها في حاجة إلينا .. في حاجة إلى عقيدتنا .. في حاجة إلى مبادئنا .. في حاجة إلى شريعتنا .. في حاجة إلى نظامنا الاجتماعي .. إن البشرية كلها في حاجة إلينا .. ومن ثم تبدو جسامة الجريمة التي يرتكبها من يحاولون إذابتنا في أية حركة أو أية منظمة أو أي اتجاه داخل الوطن الإسلامي أو خارجه على حد سواء .. إن الذين يريدون أن نذوب في حركة قومية أو كتلة دولية أو اتجاه عالمي إنما يرتكبون جريمتهم في حق البشرية كلها قبل أن يرتكبوها في حق الإسلام أو الوطن الإسلامي ) .. وأريد هنا أن أنوه إلى أنني سأركز جل اهتمامي في القسم الثاني من هذا الكتاب عن الخصائص السامية العالمية الإنسانية التي تفرد بها الدين الإسلامي والتشريع الإسلامي على كل النظم والشرائع والقوانين في الماضي والحاضر والمستقبل وحتى تقوم الساعة وتنتهي هذه الحياة الدنيا ولكن حسبي هنا لمحات موجزة تعطي فكرة أولية مبسطة عن هذا الدين الإلهي الحكيم وهذا التشريع الرباني المحكم وهذا هو جواب سؤالنا الذي طرحناه عن حتمية الحل الإسلامي ( لماذا الإسلام ؟!!! ) ....
وأمام الأحداث الكبيرة التي تعصف بالبشرية جمعاء .. وامام الانحدار المريع الذي تسير به البشرية نحو الهاوية وأمام الفساد والإفساد الذي يسير بالبشرية نحو الحيوانية والوحشية .. وأمام إفلاس العالم أجمع من القيم والاخلاق والمبادئ .. وامام انحراف البشرية عن الطريق الصحيح نجد أته أصبح من الضروري قيام المجتمع الاسلامي وقيام الحضارة الاسلامية العالمية الانسانيه لإنقاذ البشرية جمعاء قبل أن تصل إلى هاوية الخراب والدمار .. وإذا نظرنا إلى شعوب الكرة الأرضية وإلى المبادئ المتواجده والأفكار المنتشرة والنظريات والانظمة والحكومات والدول لوجدناها قد أفلست في عالم القيم وفي عالم الأخلاق وفي عالم الروحانيات وأفلست في القيم الإنسانية كلها بشكل عام .. ولييس هناك الا دين واحد يستطيع ان ينقذ البشرية جمعاء مما هي فيه من البؤس والشقاء والانحطاط الخلقي والاجتماعي ذلك هو الدين الاسلامي .. وليس هناك إلامنهج واحد هو المنهج الرباني الأصيل الصحيح المتمثل في المنهج الاسلامي .. وليس هناك الا نظام واحد هو النظام الاسلامي الذي يجمع ولايفرق يصلح ولا يفسد ينشر الحق والعدل بين شعوب الأرض كافة لافرق بين أبيض أو أصفر أو أسود .. ولافرق بين طائفة وطائفة ولافرق بين شعب وشعب آخر.. الناس سواسية كأسنان المشط الفارق الوحيد هو مقدار الايمان بالله والعمل على إقامة شرع الله لقد أصبح واضحا ان قيام المجتمع الاسلامي هو طريق الخلاص الوحيد للبشرية المهددة بالدمار وان قيام الحضارة الاسلامية العالمية الانسانية هو الطريق الامثل للخلاص من كل السلبيات والمفاسد المحدقة بالبشرية جمعاء .. ولكن مادام الأمر كذلك فلماذا لاتفيئ البشرية إلى هذا الدين ؟ أو بشكل آخر لماذا لايفئ المستضعفون المستعبدون من البشر علىأقل تقدير إلى هذا الدين مادام فيه خلاصهم من الإستعمار والاستعباد...؟
أقول في هذا المجال إن أمام مثل هذه الفئات المستعبدة حواجز وعقبات كثيرة تقف حائلا بينهم وبين الحق المنزل من عند الله .. عقبات ماديه وعقبات معنويه أمامهم قوى قاهرة مجرمة تستبيح كل شئ من أجل تسلطها واستعبادها لبني البشر.. أمامهم أجهزة اعلامية متنوعة يصرف عليها المليارات كل يوم لتشويه الحقائق وطمس معالم الطريق والكذب والاحتيال وتزيين الفساد والباطل كل ذلك يشكل حاجزا قويا هائلا بين البشر وبين المنهج الالهي الحق.. فالمهمة الأولى هنا إزالة هذه الحواجز والعقبات وتبصير الناس بما ينتظرهم من الحق والعدل والخير في ظل شريعة السماء وفي ظل المنهج الإلهي وبعد ذلك يدخل الناس في دين الله أفواجا.. وهذا ماحدث فعلا في عهد الرسول صلى اله عليه وسلم عندما قام المسلمون الاولون بتحطيم هذا الحاجز المتمثل بقريش وحلفائها من القبائل العربية والزعامات العربية .. وعندما تم هذا التحطيم وانهار الحاجز بين الناس وبين المنهج الالهي العادل أخذ الناس يدخلون في دين الله أفواجا يقول ربنا جل شأنه : ( اذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره انه كان توابا ) .. ولقد تكرر هذا الأمر مع المنهج الإلهي الأصيل مرات ومرات فبعد معركة اليرموك والقضاء على سلطة الروم في بلاد الشام انتشر الإسلام في بلاد الشام بسرعة هائلة مذهلة..وبعد معركة القادسية والقضاء على سلطة الفرس في بلاد العراق وايران ومابعدها .. انتشر الاسلام في تلك الأصقاع بسرعة هائلة مذهلة وهكذا في بلاد السند والهند وفي بلاد الترك وفي بلاد الأندلس كان الناس يدخلون في دين الله أفواجا بعد تحطيم تلك الحواجز التي تمنع وصول الهدي الإلهي والمنهج الرباني إلى الناس كافة دون موانع او عوائق .. وهذه سنة الله في العباد ( ولن تجد لسنة الله تبديلا ) .. إن ضرورة قيام المجتمع الاسلامي وبالتالي قيام حضارة اسلامية عالمية انسانية تتحول إلى حتمية تاريخية عندما لايوجد على أرض الواقع أي نظام أو منهج أو عقيدة أو دين يستطيع حمل هذه المهمة الشاقة الصعبة ان هذه الضرورة تتحول إلى حتمية تاريخية عندما يفقد الناس كل الناس أي أمل يرجى من الانظمة البشرية الوضعية التي أفلست في مجال الآخلاق وفي مجال العدل والحق وفي الحكم وفي مجال العلاقات الاجتماعية وفي مجال العلاقات لانسانية حتى تحول العالم إلى غابة وتحول البشر إلى حيوانات ووحوش يأكل القوي فيها الضعيف وتدمر الدول القوية الدول الضعيفة..وتسعبد الشعوب القوية الشعوب الضعيفة وأصبحت منظمات حقوق الانسان تنادي وتستجدي وتستغيث ولكن مامن مجيب .. وأصبحت الدول العظمى تتفنن في ابتكار ( السيناريوهات ) الخيالية لتبرير إجرامها وابتكار الحيل والأكاذيب لتبرير سرقاتها من خيرات الشعوب وابتكار الأفكار الخادعة والتضليل لتبرير استعبادها للشعوب تارة باسم الديمقراطية الخادعة وتارة باسم احقاق الحق وتارة باعادة الحقوق لاصجابها وتارة في رقع الظلم وتارة باسم الحرية وتارة باسم حقوق الإنسان وتارة باسم التحرير وهم أبعد الناس عن كل هذه المفاهيم الخيره إنما كل همهم مصالحهم المادية والاستراتيجية وان ادى ذلك إلى سحق الشعوب وقتل الأطفال والنساء والشيوخ ولا يمر يوم من الايام الا وتفجع البشرية بجريمة أو أكثر من جرائمهم على مستوى العالم أجمع .. أما إثارة الفتن .. اما إثارة القلاقل .. أما اثارة الحروب والقتال بين ابناء الشعب الواحد او الامة الواحدة فهم الخبراء الأفذاذ في هذا المجال وهم الذين يمدون هولاء بالسلاح وأولئك بالعتاد لشن حروب اقليمية أو طائفية أو عنصرية تكون الفائدة في نهاية المطاف للمجرمين الكبار على مستوى العالم .. أما الأمم المتحدة التي وضعت يوم وضعت لإحقاق الحق وإنصاف المظلومين ودفع الظلم والبغي فقد أصبحت أداة طيعة في أيدي عمالقة الإجرام على مستوى العالم تسخر لنشر الظلم والاستعمار والاستعباد وقتل الناس وتقسيم الدول وتفتيت الشعوب وإثارة النعرات الطائفية والعنصرية وذلك بعد أن تخلت عن كل واجباتها الأخلاقية والإنسانية ...
هناك حواجز وموانع وآلهة تعبد من دون الله ايضا يجب ازالتها وتحطيمها .. فلقد كان في عهد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم آلهة تعبد من دون الله على شكل أصنام وأوثان كانت تشكل حاجزا كبيرا في وجه الدعوة فكان من أولويات الدعوة الاسلامية والمنهج الإسلامي تحطيم هذه الأصنام والاوثان وازالة هذه الحواجز.. ثم بعد ذلك عرفت الدعوة الاسلامية طريقها وانتشرت وتوسعت بشكل هائل مزهل لم يخطر على بال بشر.. أما اليوم فقد تعددت الآلهة التي تعبد من دون الله وتنوعت الوانها واشكالها وأصبحت تشكل حواجزا عاتيه في وجه الدعوة الاسلامية فكان من الواجب إزالتها وتحطيمها حتى يتثنى للدعوة الاسلامية أن تنتشر في أصقاع المعمورة دون حواجز وأصنام ودون آلهة تعبد من دون الله .. لقد اتخذ البشر في ايامنا هذه آلهة كثيرة اتخذوا من المادة الاها ومن المال الها ومن الهوى الها ومن الانتاج الها ومن الأرض الها ومن الجنس الها ومن الفلاسفة آلهة ومن المشرعين آلهة ومن الحكام آلهة لابد من تركيز الجهد على إزالة هذه الحواجز والعقبات وتحطيم هذه الآلهة جميعا ومن ثم ايصال منهج الله إلى البشر دون حواجز تنصب أو موانع تنشر أو آلهة تعبد وعندها سنجد كما وجدنا في العصور السابقة ان الناس سيدخلون في دين الله أفواجا.. وربما يتصور بعض الناس أن هذه النظرة مثالية غير واقعية او خيالية وربما ينظر البعض الآخر إلى انها وهم وخرافة لا يمكن تحقيقها ولكني أرد على ذلك بكثرة الداخلين إلى الإسلام من غير المسلمين من العلماء والمفكرين وحتى من رجال الدين في الديانات الأخرى والمسلمون في أضعف حالاتهم وفي اسوأ أوضاعهم متفرقون متناحرون فقراء ضعفاء بعيدون كل البعد عن العلم والحضارة والمدينة ونجد من علماء الغرب ومن فلاسفتهم ومن رجال الدين عندهم من يتخلى عن دينه ويعتنق الاسلام عن قناعة بأن دور هذا الدين سيكون له في المستقبل القريب شأن عظيم بإذن الله .. واذا أردنا أن نضرب الامثلة فالأمثلة كثيرة جدا ولعل أقرب مثال يمكن أسوقه هنا صديق ابني الذي يدرس ويعيش في كندا والذي كان على ديانة السيخ الهنود أسلم وحسن إسلامه .. وصديقه ابنتي البولندية والتي كانت نصرانية قد أسلمت وحسن اسلامها وفتاة جامعية نصرانية كانت تعمل في مجال السكريتاريا في شركة مرموقة في كندا اعلنت اسلامها وتحجبت وحسن اسلامها فرفضت من العمل لا لشئ الا لأنها قد تحجبت ولم تشفع لها كفاءتها وخبرتها العمليه والشهادة الجامعية التي تحملها فتركت العمل لتصبح مدرسة في إحدى المدارس الإسلامية هناك .. هذه بعض الامثلة القريبة جدا مني شخصيا أما عن الشخصيات العالمية المرموقة فيمكننا ان نسوق الكثير من الأسماء الشهيرة اللامعة مثل الملاكم المسلم محمد علي كلاي والفيلسوف الفرنسي السهير رينيه جارودي ( رجاء الله جارودي ) والفيلسوف الهولاندي ليبولد فايس ( محمد أسد ) والموسيقي البريطاني الشهير كات ستيفنسون ( يوسف إسلام ) وغير ذلك كثير .. اما في مجال رجال الدين فيمكننا ان نسوق العديد من رجال الدين النصارى الذين عرقوا ديانة النصارى بشكل كامل ودرسوا اللاهوت سنين طويلة وخدموا في السلك الكهنوتي النصراني سنين طويلة ولكن لما تبين لهم الحق وعرفوا زيف وبطلان ديانتهم المحرفة تركوا كل شيئ خلف ظهورهم واعلنوا الاسلام .. ومن الناس من يقول ان الحضارة الغربية التي بلغت أوجها في العصر الحديث لا يمكنها بشكل من الأشكال ان تتخلى عن تقدمها وحضارتها لتسير في ركاب المسلمين المتخلفين الفقراء وأنا أرد على هذا الكلام فأقول: الاسلام اولا لا يتعارض مع التقدم العلمي والمادي ولا يصطدم مع المكتشفات والاختراعات التي تمت بل على العكس فالاسلام يأمرنا بالنظر والتفكر والعلم والاختراع والابداع في كل مجالات الحياة ويضيف إلى ذلك منهجا الهيا شاملا في المجالات الأخرى التي تفتقدها الحضارة الغربية في المجالات الروحية والنفسية والاجتماعية والانسانية وحتى في المجالات العلمية والمادية فإن الاسلام يوجه ويهذب هذه الفعاليات لتكون الفائدة أكبر وليعم الخير والنفع من هذه الطاقات والفعاليات وفق النهج الأمثل .. والاسلام استطاع ان يدخل قلوب الملايين من ابناء الحضارة الغربية وابناؤه في حالة ضعف وفقر وتشتت فما بالك لو أن الحياة دبت في أوصال الشعوب الاسلامية وهذا مايحصل الآن على نطاق واسع حيث بدأت الشعوب الاسلامية تنفض عن كاهلها العبودية والتبعية وبدأت تخطط طريقها من جديد.. وبدأ المسلمون يستيقظون بعد سباتهم العميق في العديد من بقاع العالم
الأمر الثالث أن دولة الروم ودولة الفرس في بداية الدعوة الاسلامية كانتا مركزا للاشعاع الحضاري في ذلك التاريخ ولكن ابناء حضارة الروم وابناء حضارة الفرس بعد أن تمت الفتوحات الإسلامية دخلوا في دين الله أفواجا وتفاعلت الحضارتان مع الاسلام كدين ودولة وروح ومادة فأصبحت الحضارة الاسلامية بعد هذا التفاعل ارقى حضارة عرفها التاريخ في ذلك الحين .. وأخيرا أقول أن التطور العلمي المادي وحده لا يبني حضارة انسانية بل على العكس من ذلك فإن هذا التطور يسير باتجاه تدمير العالم واستعباد البشر وسحق وقتل بني الإنسان اذ لا يمر يوم من الأيام الا ونرى الكوارث والحروب والمآسي التي تشعلها الحضارة المادية الغربية وتغذيها وتوجهها بأساليب متنوعة مختلفة ليسهل عليهم استعباد الشعوب وسرقة خيراتها على حساب ملايين البشر المسحوقتين ...
إن نظرة فاحصة إلى الدول التي تمتلك ثروات هائلة مثل جنوب أفريقيا ومثل غانا وساحل العاج والسودان والعراق وسوريا وغيرها من الدول التي يعيش كثير من أهلها تحت خط الفقر وتحت خط الجهل والمرض توضح مدى الجريمة التي ترتكبها دول الحضارة الغربية في تكريس الجهل والمرض والفقر وسرقة خيرات هذه البلاد بأساليب شيطانية ملتويه أو احيانا بالقوة العسكرية الغاشمة حيث قامت هذه الدول باحتلال اغلب هذه الدول لقد قمت بزيارة الى جنوب أفريقيا التي تعتبر من أوائل دول العالم في انتاج الذهب والنحاس والماس وغيرها من الموارد الطبيعية الثمينة ولكنها ظلت مستعبدة تحت الحكم العنصري الغاشم قرونا طويلة ورغم انتهاء الحكم العنصري الغاشم ظلت مناجم الذهب والنحاس والألماس وغيرها من الخيرات تستغل وتستثمر وتدار من الأجانب البيض الذين يسرقون معظم هذه الثروة وشعب جنوب أفريقيا في فقر وشظف عيش والمدن فيها بسيطة متأخرة لا تجد فيها أثرا لمثل هذه الثروات الهائلة إلا في بعض المناطق المخصصة حصرا للبيض حتى يومنا هذا وزرت أيضا غانا التي تمتلك اكبر مخزون للكاكاو في العالم اضافة الى امتلاكها كمبات هائلة من الذهب والماس والمعادن الثمينة بينما نجد عاصمتها وهي أهم مدينة فيها تعيش في حالة بدائية متأخرة جدا وقس على ذلك كثير من الدول المتخلفة المتأخرة والتي تسمى خطأ بالدول الناميه ...
إن حتمية الحل الاسلامي ينبع من كونه دين الفطرة ومن ثم فان استجابة البشرية جمعاء لنداء الفطرة التي فطر الله الناس عليها يعني بالضرورة استجابتها لنداء الاسلام ولدين الاسلام وهذه الاستجابه هي التي ستنقذ الشرية من الركام والاوهام والفساد والاستعباد وطغيان الحضارة المادية الغربية .. ان حتمية الحل الاسلامي لانقاذ البشرية لا يمكن أن ينطلق من فراغ أو ينتشر في فراغ .. ان حتمية هذا الحل تستوجب ان يكون المنهج الاسلامي متجسدا في فئة او جماعة او دولة ليكون منهجا فاعلا متحركا منطلقا إلى الامام..منهجا يعيش في واقع الناس يراه كل الناس يتحرك أمامهم ويدركه كل الناس بأحاسيسهم وعقولهم لذلك لابد لقيام الحضارة العالمية الاسلامية من انشاء مجتمع اسلامي متميز يطبق تعاليم الاسلام وينطلق من جديد ليسري في أوصال البشرية جمعاء .. وهذا لابد ان يتم في المستقبل القريب بعون من الله وتوفيقه. لذلك فان قيام المجتمع الاسلامي ومن ثم الانطلاق لانشاء الحضارة العالمية الانسانية الاسلامية هو طريق الخلاص الوحيد للبشرية المهددة بالدمار والبوار.. وهنا يجب ان نركز على تقديم الاسلام الى كافة شعوب العالم الذين يعتنقون شتى الديانات على شكل واقع حركي حي لا على شكل أقوال وتصورات فارغة او ميتة او مشلولة عديمة الحركة لأن الميت لايمكن أن يهب الحياة لأحد ولأن المشلول لايمكن أن ينققذ أويقدم خدمة لأحد ولأن الفارغ لا يمكن ان يملأ الدنيا الاصياحا وجعجعه لا تغني ولا تسمن من جوع .. الواقع الحي المتحرك والمتمثل في مجتمع متميز ولوكان صغيرا هو النموذج اللائق الذي يجب ان نقدم الاسلام من خلاله وهذا ماحدث فعلا عبر احقاب التاريخ حيث كان المجتمع الاسلامي في مكة بداية للدعوة الاسلايمة ولكنها كانت بداية ضعيفة متعثرة ولكن عندما أقام المسلمون القلائل مجتمعا حيا متحركا في المدينة المنورة بدأت الحياة تدب في أوصال الدعوة الاسلامية وبدأ انتشار الاسلام ينمو ويترعرع في ظل مجتمع صغير ولكنه حي متحرك حتى وصلت دولة الاسلام إلى حدود فرنسا غربا وإلى حدود الصين شرق .. ثم تتابعت مسيرة الدولة الاسلامية حتى وصلت إلى اقاصي آسيا في اندونيسيا والفيليبين والى عمق اوربا في البوسنة والهرسك والشيشان وغيرها .. ومن هنا كان قيام المجتمع الاسلامي أمرا حتميا كنقطة انطلاق لحتمية الحل الاسلامي في انشاء حضارة اسلامية عالمية انسانية. وعندها لن تستطيع قوىالشر في العالم كله ان تقف في وجه المد الاسلامي الذي يخاطب الفطرة البشرية وفق منهج الهي ثابت لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه لانه تنزيل من رب العالمين.
وهناك نقطة أخرى أريد أن أركز عليها ألا وهي المفاصلةبين المجتمع المسلم والمجتمعات الجاهلية الأخرى...اذ أن المجتمع المسلم الذي سيقود العالم الى منهج الله القويم يجب أن يستمد قوته ومنهجه وطريقة عمله وحركته وعلاقاته الداخلية والخارجية بل كل مايتعلق بحياته في الدنيا والآخرة من منهج الله المتمثل بالقرآن الكريم وبسنة النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم ومن سيرة السلف الصالح من الصحابة والتابعين ولا أريد هنا ان يفهم من كلمة المفاصلة ان ينفصل المجتمع المسلم عن بقية المجتمعات الانسانية الأخرى أو بقطع علاقاته ببقية الامم والشعوب فهذا الفهم سيؤدي إلى موت الدعوة الاسلامية في مهدها وانهيار المجتمع الاسلامي الوليد وانما اعني أن تكون جميع الروابط والعلاقات مستمدة من منهج الله ومنبثقة من شرع الله .. إن الحركة التي هي طابع العقيدة الاسلامية وطابع هذا المجتمع الذي لايدع احدا يتوارى إن كل فرد من أفراد هذا المجتمع لابد أن يتحرك.. الحركة في عقيدته والحركة في دمه والحركة في مجتمعه وفي تكوين هذا المجتمع العضوي .. فالمعركة مستمرة والجهاد ماض إلى يوم القيامة..وبناء على ذلك فان حتمية قيام المجتمع الاسلامي نابعة من طبيبعة العقيدة الاسلامية .. إن حتمية حتمية قيام المجتمع الاسلامي لابد وأن تقود في النهاية إلىحتمية قيام الحضارة الاسلامية العالمية الانسانية ولا أريد هنا أن يفهم من قولي ان قيام حضارة اسلامية عالمية انسانيةأمر بسيط يتم في أيام أوشهور معدوده فالأمر صعب بل بالغ الصعوبة ربما يحتاج الى سنين طويلة وربما يحتاج إلى صراعات وصدامات داميه يذهب من خلالها الألوف بل عشرات الألوف من الضحايا لأن طواغيت الأرض لن يتنازلوا عن مصالحهم ومكتسباتهم وسرقاتهم وطغيانهم واستعبادهم لبني البشر بسهولة انما دون ذلك الحروب والصراعات الدامية وهذا مانلاحظه بأم أعيننا في كل يوم بل في كل ساعة وذلك لمجرد نأثر مصالحهم المادية فما بالك بمن يريد ازالتهم وبشكل كامل من الوجود وفتح الطريق أما الشعوب المسحوقة المقهورة أو أمام الشعوب التي تعاني من الضياع والشتات ولا تعرف طريق الهداية الربانية .. لاشك ان الأمر سيكون أدهى وأمر وأصعب ولكن النتيجة مضمونة لأن الله وعدنا في نهاية المطاف بالنصر والتمكين لعبادة المؤمنين الصابرين الذين ينطلقون لنشر منهج الله في الأرض كل الأرض وتبليغ رسالة السماء الى البشر كل البشر ليعم بعد ذلك الأمن والأمان والخير العميم في كل أرجاء المعمورة .. أما نقطة الانطلاق فلا يشترط ان تكون في هذا البلد اوذاك ولا يشترط ان تكون في بلد من بلاد العرب او المسلمين فلربما كان هذا الإنطلاق من بلاد لانتوقعها حسب ارادة الله ومشيئته .. إن المسافة بين محاولة البعث الاسلامي وبين تسلم قيادة العالم مسافة طويلة شاسعة .. فقد غابت الامه الاسلامية عن الوجود وعن الشهود دهرا طويلا .. وقد تولت قيادة البشرية افكار أخرى وأمم أخرى وتصورات أخرى وأوضاع أخرى فترة طويلة .. وقد ابدعت العبقرية الاوربيه خلال هذه الفترة رصيدا من العلم والثقافة والأنظمة والانتاج المادي وهو رصيد ضخم تقف البشرية على قمته ولا تفرط فيه ولا فيمن يمثله بسهولة وبخاصة أن مايسمى العالم الاسلامي يكاد يكون عاطلا عن العلم والحضارة والتقنية .. ان الطريق الى قيام المجتمع الاسلامي طريق وعر وشاق وطويل وملئ بالعقبات والأشواك وأعسر مافي هذا الطريق هو ان نتغلب على نفوسنا ونرتفع بتصوراتنا وأفكارنا وأخلاقنا وسلوكنا وعقائدنا وروحانياتنا ونرتفع بواقعنا الحضاري والمادي الى مستوى هذه المهمة الصعبة الشاقة مهمة بناء حضارة اسلامية عالمية انسانية... وهذا الطريق الصعب الشاق هو مضمون النتيجة ولوطال بضمان من رب العالمين ( ولبنصرن الله من ينصره ان الله لقوي عزيز) ( ... وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبد لهم من بعد خوفهم امنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ) .. وهنا يمكننا أن نتساءل ماهو هذا المنهج الإلهي الذي يضمن للبشرية جمعاء قيام حضارة عالمية انسانية تتميز بالعدل والاخاء الإنساني والمساواة الانسانية فأقول وبكل تأكيد.. ان هذا النظام هو النظام الاسلامي ولانظام سواه يستطيع أن يسير بالانسانية جمعاء في الطريق الصحيح لصالح الانسان كل انسان في هذا الوجود.. إن الإسلام وحده هو الذي يملك تلك القيم وهذا المنهج .. لقد أدت النهضة العلمية دورها .. هذا الدور الذي بدأت مطالعه في عصر النهضة في القرن السادس عشر الميلادي ووصلت إلى ذروتها من خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر ولم تعد تملك رصيداً جديداً .. كذلك أدت الوطنية والقومية التي برزت في تلك الفترة والتجمعات الاقليمية عامة دورها خلال القرون الماضية .. ولم تعد تملك هي الأخرى رصيداً جديداً ثم فشلت الانظمة الفردية والانظمة الجماعية في نهاية المطاف ولم يبق إلا منهج الله وشريعة الله .. لم يبق إلا هذا الإسلام العظيم الذي جربته البشرية مرات ومرات عبر التاريخ الطويل فكانت السعادة وكان الخير العميم ليس للمسلمين فحسب بل للبشرية جمعاء .. ومن هنا نستطيع فهم كلمة الفيلسوف والمؤرخ الفرنسي الشهيرغوستاف لوبون حين قال بعد دراسة طويلة وتمحيص دقيق : ( ماعرف التاريخ فاتحا أرحم من العرب ) .. طبعا يقصد هنا العرب المسلمين لأن العرب بدون هذا الإسلام العظيم لم يكن لهم إلا الذل والهوان عبر تاريخهم الطويل ..لابد من بزوغ حضارة جديدة تتابع الرقي العلمي والتكنولوجي والمادي بشكل عام وتستمر في تطويره وإنمائه وتضيف إلى هذه الحضارة نصفها الضائع فتأخذ الناس إلى حياة تجمع بين المادة والروح بشكل متوازن لا يسمح بطغيان واحد على الآخر .. يقول ربنا جل شأنه : ( [وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللهُ الدَّارَ الآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ ) .. إن العالم الغربي بإفلاسه في عالم القيم والأخلاق والروح لا يمكنه بشكل من الأشكال أن يقود العالم إلى السعادة الحقيقية لأن الواقع التاريخ أثبت عكس ذلك فلم يتلق العالم في ظل الحضارة الغربية إلا الحروب والنكبات والقتل والتشريد وتدمير المدن وسرقة خيرات الشعوب واستعباد الشعوب والتهديد بالخراب والدمار.. أن خط سير الأحداث على خارطة العالم أجمع تقود مصير الإنسانية جمعاء نحو قطب واحد يتحقق فيه معنى قوله تعالى : ( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق لنظهره على الدين كله ولو كره الكافرون ) .. إن هذا الأمر يجعلنا نعيد النظر في موقف المسلم وفي دور المسلم الريادي والقيادي على مستوى العالم وذلك بعد أن فشلت كل تجارب الآخرين في التخطيط والتنفيذ لبناء حضارة عالمية إنسانية .. فالدور العالمي الإنساني الطليعي للمسلم يوجب عليه أن يستفيد من أخطاء الآخرين .. يجب عليه أن يدرس ويمحص في موضوع المجتمعات والحضارات الأخرى قديمها وحديثها حتى يستفيد من أخطاء الآخرين فعند بداية الطريق لبناء الحضارة الإسلامية العالمية الإنسانية ليكون المسلمون فد استفادوا من فشل الآخرين ومن أخطائهم في بناء حضارتهم وفاعليتها وانتشارها واستمرارها .. فالإسلام لا يريد أن يمحوا الحضارات المادية الراقية المتقدمة بل يريد أن يعطيها بعدا روحيا إلهيا عالميا إنسانيا يرمم هذه الحضارات شقيها المادي والروحي الى مستوى انساني رفيع الذي يليق بالإنسان خليفة الله في الأرض ويترك رايات السعادة ترحزف على ربوع العالم كله ..
لماذا الإسلام؟
وهنا ربما يتساءل بعض الناس لماذ الإسلام والإسلام بالذات ؟.. أقول : إن الإسلام هو دين الله الذي أنزله إلى البشرية جمعاء وهو دين كل الأنبياء ولا خلاف ولا تعارض بين شريعة الله التي أنزلها على إبراهيم أو موسي أو عيسى أو نوح أو داود أو أي نبي من الأنبياء في الأسس الاعتقادية أو التشريعية وإن كان هناك خلاف في الجزئيات أو التفصيلات يقول ربنا جل شأنه : ( شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به موسى وعيسى أن أقيموا الدين لله ولا تتفرقوا فيه ) .. وقال جل وعلا أيضا : ( قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط ما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون ) .. وبذلك نجد أن الدين الإسلامي يزيل كل الخلافات والنزاعات الدينية لأن الدين واحد ويدعوا إلى إله واحد ولأن الأصل واحد .. أما الخلافات بين الأديان السماوية والإسلام فهي ناتجة عن التحريف والتبديل الذي طرأ على الديانات السماوية الأخرى السابقة وهذا ما يعترف علماء الغرب من اليهود والنصارى من أنه لا يوجد فيما بين أيدي الناس من الكتب المقدسة ما يطابق الأصل الإلهي الذي نزل على موسى وعيسى عليهما السلام وهذا ماتعرضنا له في فقرة سابقة .. أما الإسلام فهو دستور وشريعته محفوظة من أي تحريف أو تبديل ذلك لأن القرآن الذي بين أيدينا مطابق تماما للنسخ التي كتبها الصحابة رضوان الله عليهم والموجودة أصولها في المكتبات الإسلامية حتى يومنا هذا .. إن أعداء الإسلام بكل طوائفهم ومعتقداتهم ونحلهم ما فتئوا منذ أن أظهر الله هذا الدين على الدين كله يكيدون للإسلام وينسجون المؤامرات تلو المؤامرات لتدمير هذا الدين القويم الذي أنزله الله رحمة للعالمين .. ويقف الإسلام شامخاً صامداً في وجه الرياح والزوابع والأعاصير التي ما انقطعت لحظة من اللحظات منذ أربعة عشر قرناً وحتى يومنا هذا .. إن كل القوى والأحزاب والمنظمات والحضارات والعقائد والأديان والدول والحكومات تقف كلها في مواجهة الإسلام اليوم وتتحد على محاربة هذا الدين القويم رغم اختلاف مشاربها واستراتيجياتها .. وهنا يقف العالم كله ويتساءل لماذا الإسلام ؟!! .. وللجواب على هذا السؤال أنقل كلام القس زويمر في أحد المجامع الكنسية العالمية حيث يقول : ( أغرقوا منطقة الشرق بالبضائع المصنعة ولا تسمحوا بقيام صناعة قوية فيه .. لأن قيام صناعة قوية في منطقة الشرق سيؤدي إلى استيقاظ العملاق الإسلامي النائم ) .. إذن المشكلة في خوف جميع الأمم والشعوب الأخرى من هذا الإسلام ومن حضارة الإسلام .. الخوف من العملاق الإسلامي النائم من أن يستيقظ ويفيق .. ولعل حماقة الإدارة الأمريكية وصلفها وكبريائها لم تستطيع فهم هذه القضية الجوهرية فاخترعت ما يسمى بصراع الحضارات وقامت بالحروب والقلاقل والصدام المسلح مع الإسلام بشكل مباشر وفاضح يساعدها في ذلك كل الدول الصليبية بشكل مباشر أو غير مباشر هي التي أدت إلى ظهور المقاومة المسلحة ضد كل المصالح الغربية عامة والأمريكية خاصة في بلاد المسلمين هذه السياسة الحمقاء وهذا التكبر والصلف والغرور وهضم حقوق الآخرين والقضاء على حق الآخرين في الحياة الحرة الكريمة هي التي أدت إلى ظهور هذا الصدام المسلح العنيف الذي يسمونه الإرهاب وهو الذي سيؤدي قريباً إلى استيقاظ العملاق الإسلامي النائم .. إن رئيس الوزراء البريطاني ذكر أنه يجب البحث في أسباب الإرهاب وليس فقط الحرب على الإرهاب ولكنه ذكر هذا الأمر متأخراً بعد أحداث لندن ذكره بعد حرب طاحنة قضت على مئات الألوف بل على الملايين في فلسطين وفي العراق وفي أفغانستان وفي الفلبين وفي كشمير وفي البوسنة وفي الشيشان وغير ذلك .. لقد كان الأجدر برئيس الوزراء البريطاني أن يبحث هذا الأمر قبل القيام بجرائمه ضد الإنسانية وخاصة ضد المسلمين .. وأنا هنا لا أؤيد العمليات الإرهابية وقتل المدنيين في أية بقعة من بقاع العالم ولكنني في الوقت نفسه لا يمكنني أن أكبح جماح ردود الأفعال ضد التصرفات الإجرامية الهمجية التي تطبق على بلاد المسلمين وشعوبها ..
لقد قام العديد من العلماء والباحثين الغربيين المنصفين بإعداد دراسات مستفيضة تبين دور الإسلام الحضاري وأثره الفعال في إعادة بناء الحضارة العالمية الإنسانية نذكر على سبيل المثال لا الحصر ( غو ستاف لوبون – توماس كارليل – إيتان دينيه – ليوبولد فايس – الدكتور خالد شلديريك - اللورد هدلي- الدكتوره هونكه ) ، ولقد سجل هؤلاء العلماء والباحثين وغيرهم كثير قابلية الإسلام ومرونته وقدرته على بناء حضارة عالمية إنسانية من جديد وفق أعدل نظام وأسمى نظام على قاعدة التوحيد الخالص والمساواة الإنسانية وكذلك مقدرة الإسلام الفائقة على استيعاب كل العلوم النافعة للبشرية دون تعارض أو تناقض مع الحقائق العلمية .. ولقد كانت حضارة الإسلام في بلاد الأندلس هي المعلم والحافز للعلماء والإصلاحيين الغربيين الذين أسسوا حضارة الغرب المادية أمثال مارتن لوثر – وكالفن – وفرنسيس بيكون – وآدم سميث – وسبنسر وغيرهم كثير من رموز النهضة الأوروبية الحديثة .. إن قدرة الإسلام على أن يمنح البشرية حلولاً لمشكلاتها وقضاياها لا يزال قائماً بحيث لو استعرضنا جميع المشاكل في كل بقعة من بقاع العالم وفي كل أمر من الأمور لوجدنا أن الإسلام بمفاهيمه وأولوياته المرنة قادر على حلها وبشكل يضمن للإنسانية العدل والخير والارتقاء على الأغراض الشخصية والفئوية والعنصرية والإقليمية والحزبية وكل المفاهيم القاصرة وإطلاق الحل المنشود لصالح البشرية والإنسانية جمعاء وهنا تكمن عالمية المنهج الإسلامي الذي يقود إلى عالمية الفكرالإسلامي ثم إلى عالمية الحضارة الإسلامية .. وهذا ما أكد عليه المنصفون من المفكرين والباحثين والعلماء الغربيين في كثير من مجالات الحياة . ونعود هنا لنتساءل مع كثير من المتسائلين لماذا الإسلام والإسلام بالذات ؟!!.. وللإجابة على هذا السؤال الهام نستعرض هنا بعض النقاط الهامة ىالتي يتميز بها هذا الدين بشكل عام وسريع بينما سأخصص بحثا كاملا في هذا الكتاب لدراسة خصائص ومميزات هذا الدين الإسلامي الإلهي العظيم ..
** إن الخاصية الأساسية التي تفرد بها النظام الإسلامي في المجتمع الإسلامي عن سائر النظم والمذاهب والعقائد والنظريات التي عرفتها البشرية خلال تاريخها الطويل هي أنه نظام رباني ثابت صحيح حفظه الله جل وعلا من كل تبديل أو تحوير أو تزوير أو تشويه .. أما بقية النظم فهي نظم وضعية مادية أو محرفة ومبدلة .. ومن هذه الخاصية الأساسية المميزة للنظام الإسلامي تنطلق كل الخصائص التي تحدد طبيعة النظام الإسلامي ..
** إن النظام الإسلامي برز إلى الوجود نتيجة نظام رباني شامل متكامل قائم على العقيدة الإسلامية والشريعة الإسلامية المتوافقة والمترابطة مع هذه العقيدة الإسلامية إذ لا يمكن بحال من الأحوال أن نفرق بين العبادات والمعاملات .. ولا أن نفرق بين الصلاة والجهاد .. ولا أن نفرق بين الزواج والروحانيات .. الإسلام كل كامل لايتجزأ ونظام شامل كامل لا يجوز تفريقه وتوزيعه ..
** لقد كان المجتمع الإسلامي بكل خصائصه ومقوماته نتيجة طبيعية لتبني هذه العقيدة وهذه الشريعة فكرا وروحا وعملا وواقعا ماديا .. هذه العقيدة وتلك الشريعة هي من صنع الله جل وعلا الذي أحسن كل شيء خلقه ثم هدى .. ولا دخل للبشر في صنع هذه العقيدة أو في وضع مبادئ وأسس هذه الشريعة لأنها كلها من صنع الله ولا دخل للبشر في ماصنعه الله .. وعلى هذا الاعتبار يمكننا أن نسمي النظام الإسلامي الذي يقوم عليه المجتمع الإسلامي والذي يسعى لإقامة حضارة عالمية إنسانية إسلامية بأنه نظام رباني ..
** إن المجتمع الإسلامي قد نشأ ونما وانتشر في أرجاء المعمورة ومنذ اللحظة الأولى وفق خطة إلهية مرسومة ووفق منهج رباني كامل وشامل ومحكم ووفق نموذج معين لتحقيق نظام محدد هو النظام الرباني الذي أنزله الله على نبيه المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم .. فالنظام الإسلامي الذي انبثق من العقيدة الإسلامية وتكيف وجوده بالشريعة الإسلامية يجب أن يظل خاضعا في نموه وتجدده للأصل العقيدي الذي انبثق منه وللشريعة التي كيفت وجوده ..
** يجب أن تكون الشريعة الإسلامية هي الإطار الذي يحتوي النظام الإسلامي والذي يجب أن يتحرك ضمن هذا الإطار ويتطور من خلال هذا الإطار .. ولا يجوز بحال من الأحوال أن يخرج النظام الإسلامي عن هذا الإطار الرباني المحدد الثابت .. وأن لا يترخص في أي اتجاه وأن لايخضع لأية شروط أو ضغوط تملى عليه من خارج هذا النظام الرباني المحكم ..
** إن النظام الإسلامي كونه نظاما ربانيا فإنه يملك تلبية جميع الحاجات المتجددة على مر العصور والأزمان ويمتلك مواجهة كل حاجة أو ضرورة قد تطرأ على حياة البشر وبالتالي فهو يمتلك تقدير هذه الحاجات وهذه الضرورات والحلول المناسبة لها من خلال المنهج الرباني وليس من خلال المنطق البشري والتقدير البشري القاصر ..
** إن النظام الإسلامي كونه نظاما ربانيا قد نص صراحة على المبادئ الأساسية الكلية وحدد طرقا للمقارنة والقياس للتحرك ضمن هذه الأساسيات والكليات ليظل تقدير الأمور محكوما بالمنهج الرباني وليس محكوما بأفكار البشر وأهوائهم ..
** إن النظام الإسلامي كونه نظاما ربانيا جاء دقيقا في تكوينه محكما في بنيانه متكاملا في كلياته وجزئياته شاملا لكل جوانب الحياة متناسقا في أحكامه وتشريعاته مرنا في طبيعته يصلح لكل زمان ومكان وفوق كل ماسبق لايحتوي على أي تناقض أو تنافر بين أحكامه الجزئية أو الكلية ..
** إن النظام الإسلامي كونه نظاما ربانيا شاملا كاملا فهو نظام غير قابل للترقيع وغير قابل لأن نستعير له قطع غيار من أي نظام وضعي آخر فلا يجوز أن نستعير أسسا ومبادئ من النظام الإشتراكي لنقول بعد ذلك إشتراكية الإسلام .. ولا يجوز أن نقتبس من النظام الشيوعي أو من النظم الاشتراكية المادية الوضعية أو نقتبس بعض المفاهيم والآراء من النظم الديمقراطية لنقول بعد ذلك شيوعية الإسلام أو اشتراكية الإسلام أو ديمقراطية الإسلام وذلك في عمليات ترقيعية فاشلة يقوم بها أعداء الإسلام وينفذها البسطاء أو السذج أوالمهزومون روحيا أمام بريق الحضارة الغربية الخادع .. الإسلام هو الإسلام فقط .. لاديمقراطية ولا شيوعية ولا إشتراكية ولا أي مبدأ من المبادئ الأرضية البشرية .. إنه منهج الله ولا يمكن لمنهج الله أن يقتبس من مناهج البشر .. إنه منهج السماء ولا يجوز لمنهج السماء أن يقتبس من مناهج الأرض أو أن يهوي إلى الأرض ..
** ربما يقول قائل إن في النظام الإشتراكي كثير من المبادئ والأسس قد تتطابق مع النظام الإسلامي .. وأن في النظام الديمقراطي كثير من المفاهيم والأنظمة قد تتطابق مع النظام الإسلامي فلماذا نرفضها جملة وتفصيلا ..؟ فأقول : إن هذا التطابق أو التشابه هو أمر عرضي وليس جوهري وفي مثل هذه الحالة نجد أن النظام الإسلامي هو السباق في هذه الخصال وليست الأنظمة المادية الوضعية فلماذا ننسب الأصل السباق إلى الفرع المتأخر .. لماذا لا نرد الحق إلى نصابه ونقول أن الأنظمة المادية الوضعية هي التي اقتبست من الإسلام وليس العكس وإن الفضل في هذا وذاك للإسلام الذي سبقها بأربعة عشر قرنا من الزمان وليس العكس .. إن مجرد قولنا ( إشتراكية الإسلام ) أو ( ديمقراطية الإسلام ) أو ( شيوعية الإسلام ) أو غير ذلك من الشعارات الضالة هو تجني على الحقيقة لأن الإسلام هو الأصل .. الإسلام فقط دون إضافات أو ترقيعات .. إنه دين الله وشريعة الله ومنهج الله الذي أكمله الله وأتمه وجعله للناس جميعا شرعة ومنهاجا يقول ربنا جل شأنه : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) .. فهل نترك الدين الإلهي الكامل الشامل الذي ارتضاه الله لنا ونتبع الهوى والضلال ... ؟!!!
** إن هذا النظام الرباني جاء مترابطا متناسقا بين كل فعالياته وأساسياته وفرعياته .. سواء كان ذلك في الأخلاق أو المعاملات أو الروحانيات أو الاعتقاد أو أي أمر من أمور الدنيا والآخرة وكل أمور هذا التشريع الإلهي المحكم مترابطة متناسقة مع ببعضها .. فإذا باع الإنسان أو اشترى يجب أن لا يغش .. وإذا تحدث وكتب فيجب أن لا يكذب أو يغتاب .. وإذا تعامل مع المسلمين أو غبر المسلمين فيجب أن يكون هذا التعامل بالصدق والأمانة وفق شرع الله .. ووفق روح هذا الدين الإلهي القويم .. يقول ربنا جل شأنه : ( ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى ) .. ففي هذا الدين لايمكن أن نجد أمرا من الأمور لايترابط مع الأمور الأخرى حتى إرضاء الشهوة البشرية فيجب أن تكون بطريق الحلال وفق المنهج الرباني الحكيم بل أكثر من ذلك فإن المسلم يقضي شهوته بالحلال وله الثواب والأجر من الله سبحانه وتعالى يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : ( وفي بضع أحدكم صدقة .. قالوا أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر .. قال : أرأيتم لو وضعها في الحرام كان عليه وزر فكذلك لو وضعها في الحلال له عليها أجر ) .. ما أروع هذا الإسلام وما أجل أحكامه وتوجيهاته يأتي الإنسان شهوته ويكون له أجر .. من هنا نجد أن الإسلام دين رباني كامل شامل لكل أمور الدنيا والآخرة .. ترتبط حلقاته وفق أحكام هذا النظام الرباني المحكم بشكل متناسق متآلف محكم وهذه الخاصية لايمكن أن نجدها إلا في الإسلام .. الإسلام وحده لأنه دين إلهي ونظام رباني يربط كل أمور الناس الدنيوية والأخروية يهدف سامي وهو رضوان الله ورجاء ثوابه وخوف عقابه وغضبه ..
** ولعل من خصائص هذا النظام الرباني المحكم أن المسلم إذا قرن أي عمل دنيوي بالنية الحسنة الصالحة تحول هذا العمل الدنيوي إلى عمل صالح يؤجر الإنسان ويثاب عليه .. فلو كد واشتغل بنية الإنفاق على أهله وعياله فله أجر .. ولو درس وتعلم بنية نشر العلم أو خدمة عباد الله فله أجر ولو سافر بنية الدعوة إلى دين الله فله أجر ولو باع واشترى متوخيا الحلال مبتعدا عن الحرام فله أجر ولو تزوج بنية الإنجاب وتربية الذرية الصالحة فله أجر وهكذا تتحول الأمور الدنيوية والأعمال التي يراها الناس أعمالا عادية إلى أعمال تعبدية يؤجر صاحبها ويثاب وينال رضى الله من خلالها .. ومن هذا المفهوم العام للعبادة نستطيع فهم قوله تعالى : ( وما خلقت الإنس والجن إلا ليعبدون ) .. إذ من الخطأ الكبير أن يقضي المسلم حياته كلها في العبادة والإعتكاف في المساجد ويترك عمارة الأرض التي استخلفه الله فيها .. وهذه الخاصية لا يمكن أن نجدها إلا في الإسلام النظام الرباني المحكم ..
** إن من خصائص هذا النظام الرباني أيضا أن يربط كل أمور الدنيا نعيمها وشقائها بالمشيئة الإلهية وبذلك يتحول الفرد المسلم إلى شخص إيجابي فاعل يحوطه الرجاء دون القنوط ويحفه رضا الله دون سخط الله ويتلقى الخير العميم من رب العالمين .. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( عجيب لأمر المسلم أمره كله خير إذا أصابته سراء شكر فكان له خير وإن أصابته ضراء صبر فكان له خير ) .. أو كما قال صدق عليه الصلاة والسلام ...
** إن من خصائص هذا المنهج الرباني أن يربط كافة أمور الحياة بالعقيدة الإسلامية بل أكثر من ذلك يجعل العقيدة الإسلامية هي الضابط والمشرف والموجه لكل أمور الحياة فإذا بدأ أي عمل مادي أو غير مادي بدأه باسم الله يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( كل أمر ذي بال لم يبدأ باسم الله فهو أبتر ) .. ومتوكلا على الله يقول ربنا جل شأنه : ( وإذا عزمت فتوكل على الله ) .. فالمسلم يبدأ عمله باسم الله مستعينا بالله متوكلا على الله .. وإذا رأى أخاه المسلم ألقى عليه تحية الإسلام وإذا استقبل مسافرا سلم عليه وعانقه وإذا سافر دعا دعاء السفر مستعينا بالله وإذا نام دعا دعاء النوم وإذا استيقظ دعا دعاء الإستيقاظ وإذا دخل الخلاء دخل بالرجل اليسرى ودعا دعاء الخلاء وإذا خرج من الخلاء خرج بالرجل اليمنى ودعا دعاء الخروج من الخلاء وإذا دخل المسجد دعا دعاء الدخول إلى المسجد ودخل بالرجل اليمنى وصلى ركعتين تحية المسجد وإذا خرج من المسجد خرج بالرجل اليسرى ودعا دعاء الخروج من المسجد .. وهكذا وهكذا حتى في أدق الأمور حساسية وحرجا عندما يقوم المسلم بمعاشرة أهله يدعو دعاء الجماع .. ولا أريد أن أسترسل في هذا الموضوع إذ أن كل لحظة من حياة المسلم مربوطة بالعقيدة وكل كلمة أو عمل مرتبط أيضا بالعقيدة وكل حادث أو أمر مرتبط بالعقيدة حتى لوكان الإنسان ماشيا أو قاعدا أو مستلقيا يجب عليه أن يذكر الله تعالى يقول ربنا جل شأنه : ( الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خاقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار ) ..
** ومن خصائص هذا المنهج الرباني القويم أنه يعتمد اعتمادا كليا على رقابة الله التي ينبثق عنها رقابة الضمير الإنساني بشكل كامل وفاعل .. فعندما يقرر الشرع الإسلامي أن هذا الأمر حرام يعاقب عليه الله جل وعلا يوم القيامة إضافة إلى العقوبة الدنيوية الرادعة فإن ضمير الإنسان المسلم يأمره أن يلتزم بهذا الأمر دون حاجة إلى رقابة الشرطة وأجهزة الأمن الضخمة ودون الحاجة إلى أجهزة المخابرات وأجهزة التحقيقات الهائلة .. المسلم سيمتنع عن هذه المخالفة لمجرد أنها حرام أما القلة القليلة التي تخالف هذا التحريم الشرعي فإن العقوبة الرادعة تنتظرهم .. أذكر هنا على سبيل المثال موضوع تحريم الخمر في الإسلام والذي كان من أساسيات الضيافة العربية وكان أشراف العرب يتفاخرون ويتغزلون بالخمر ولا يوجد لغة في العالم وصفت الخمرة وعددت أسماءها وصفاتها وآثارها مثل اللغة العربية ورغم هذا التعلق الشديد بالخمر عند العرب جاء الأمر الرباني : ( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ) .. فقط نزل هذا الأمر فامتنع المسلمون كلهم عن الخمر وأريقت الدنان في شوارع المدينة حتى أصبحت شوارعها تسيل بالخمر المهراقة .. ترى أي قانون وضعي أو نظام بإمكانه أن يسيطر على الشعور والضمير والوجدان البشري مثل هذا النظام الرباني .. ؟!..
** إن المنهج الإسلامي باعتباره منهجا ربانيا انبثق من العقيدة الإسلامية وتكيف وجوده بالشريعة الإسلامية السمحاء يجب أن يظل دائما مرتبطا وخاضعا في حركته وتطوره ونموه وتجدده للأصل الذي انبثق منه وللشريعة التي كيفت وجوده .. يجب أن لا يترخص أو يساوم أو يتساهل أو يبتدع أو يقتبس من الأنظمة والأفكار المادية البشرية مايخالف أصوله الثايتة أو يتعارض معها بل يجب أن يخضع كل أمر من أموره إلى محك العقيدة الإسلامية والتشريع الإسلامي فيقبل أو يرفض وفقا لهذه العقيدة وهذه الشريعة .. إن المنهج الرباني قادرعلى تلبية كل الحاجات والضرورات السائدة أوالمتجددة .. فيه من المرونة الفائقة ماتجعله يتكيف مع كل التطورات والمستجدات وعمليات التحديث بشكل رائع ومناسب ودليلنا على ذلك أن الفقه الإسلامي استطاع وخلال فترة طويلة جدا من التاريخ تجاوزت أربعة عشر قرنا من الزمان أن يواكب كل التطورات العلمية والتكنولوجية والاجتماعية والطبيعية .. واستطاع أن يواكب كل الاكتشافات الكونية فلم يصطدم لحظة واحدة مع الحقائق المستجدة منذ ألف وأربعمئة سنة وحتى هذه اللحظة .. لقد استطاع العلماء والفقهاء المحدثون أن بجدوا لكل أمر مستجد أو مكتشف حلا مناسبا ضمن حدود التشريع الإلهي المحكم ومن خلال أساسيات هذا الدين الحنيف .. أضرب على ذلك بعض الأمثلة العملية فمثلا الأحكام الخاصة بركوب الطائرة مثل دعاء الركوب والصلاة في الطائرة والوضوء والتيمم في الطائرة ومواضيع قصر الصلاة في السفر الطويل وغير ذلك من أحكام كثيرة نجدها في كتب الفقه الحديثة .. الأحكام الخاصة باتجاه القبلة بعد أن تأكدت كروية الأرض فقد تم وضع جداول غاية في الدقة لتحديد اتجاه القبلة في أية بقعة من العالم وفق تعاليم الشرع الحنيف ووفق المبادئ الهندسية والجغرافية والفلكية .. الأحكام الخاصة بمواقيت الصلاة في كل أنحاء العالم وفق جداول دقيقة غاية في الدقة ووفق المبادئ الهندسية ةالجغرافية والفلكية أيضا .. الأحكام الخاصة بتحديد الأهلة والتي يعتمد عليها المسلمون في تحديد الأشهر الحرم وشهر رمضان وشعبان وشوال وغيرها من الشهور التي تعتبر مواسم للعبادة والأجر والثواب .. الأحكام الخاصة بالمأكولات البحرية الحيوانية أو النباتية والتي لم تكن معروفة في العهود السابقة .. وغير ذلك كثير وكثير من الأمور المحدثة المستجدة التي استطاع العلماء المسلمون أن يوجدوا لها حلولا شرعية وفتاوى من خلال هذا المنهج الإلهي الذي جعله الله المنهج الخاتم حتى تقوم الساعة ..
** إن من خصائص هذا المنهج الرباني أنه لم يترك تقديرالضرورات الواقعية والمستجدات في حياة الإنسان إلى البشر هكذا جزافا وإنما نص على كثير منها صراحة وأثبت طرقا شرعية محددة للقياس في الأمور التي لم يرد فيها نص شرعي .. أذكر على سبيل ذلك مثالا من الواقع حيث نرى في العصر الحديث وجود أنواع عديدة من المسكرات والمشروبات والخمور الحديثة التي لم تكن معروفة في عهد النبي صلى ىالله عليه وسلم .. فهل وقف الشرع الإسلامي عاجزا أمام هذه الأمور الحديثة ..؟ الحقيقة لا .. لم يقف عاجزا ذلك لأن النص الشرعي فيه البيان والمرونة ما يغطي كل هذه المبتكرات الحديثة في مجال المشروبات القاعدة الشرعية في ذلك هي ( ما أسكر كثيره فقليله حرام ) .. ونحن في هذا العصر أو في أي عصر من العصور نقيس هذه المشروبات على هذه القاعدة الشرعية الأساسية نستطيع قياس أي جديد من الأطعمة والأشربة وتحت أي مسمى كان فنحدد الحلال من الحرام .. وبذلك قام العلماء والفقهاء المحدثون بتحريم عدد كبير من المأكولات والمشروبات حتى مايؤخذ منها عن طريق التدخين أو عن طريق الحقن الوريدية لأن التشريع الرباني والهدي النبوي أعطانا قاعدة أساسية وزودنا بالنور الكاشف الذي ينير لنا الطريق الصحيح فلا نضل بعده أبدا .. ومثال آخر أسوقه هنا بالنسبة لمريض السكر مثلا إذا قال له الطبيب المسلم الحاذق أن يمتنع عن تناول السكر لفترة طويلة أو محددة فإن الإسلام أعطانا أيضا قاعدة قياسية لنسير عليها وهي : ( لاضرر ولا ضرار ) فمن هذه القاعدة الشرعية يمكن للطبيب المسلم الحاذق أن يمنع بعض الأطعمة التي تحتوي كميات كبيرة من السكر مثل الحلويات وتكون محرمة عليه لا يجوز له تناولها لفترة يحددها هذا الطبيب حيث يصبح المباح بشكل عام محرما بشكل خاص لفترة قد تطول وتقصر حسب طبيعة المرض .. مع التأكيد هنا على أن التحريم هنا شخصي وخاص وليس عاما وهكذا نجد كيف أن المنهج الرباني وضع لنا قواعد أساسية عامة دقيقة محكمة نحتكم إليها في عملية القياس والضبط فلا يجوزأن نترك الأمور هكذا على عواهنها للأهواء والأغراض الشخصية وإنما نتبع قواعد الإسلام المحكمة لضبط الأمور بشكل لم تعرفه النظم والقوانين في القديم والحديث ..
** إن من خصائص هذا النظام الرباني أنه نظام دقيق في تكوينه فلم يدع صغيرة ولا كبيرة إلا دل عليها ووجه إليها ووضع عليها الطابع الرباني السامي والهدي النبوي الرفيع .. أسوق على هذه الدقة مثلا صغيرا وهو مبدأ التيامن فقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالتيامن في الأمر الطيبة مثل الدخول إلى المسجد بالرجل اليمنى والأكل باليد اليمنى والبدء في الوضوء باليد اليمنى وبالرجل اليمنى وهكذا .. إن مثل هذه الخاصية في الإسلام تجعل المجتمع المسلم يتميز بمظهر خاص يميزه عن غيره من المجتمعات الإنسانية الأخرى .. ومثال آخر بسيط هو قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لايجتمع الرطب والنوى في إناء واحد ) حيث نجد في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لفتة إجتماعية سامية دقيقة جدا وذلك في مجتمع بدوي صحراوي قيل عنه أنه متخلف .. لأن وضع النوى التي يخرجها الرجل من فمه ؤيضعها فوق الرطب أمر يستاء منه كثير من الناس فضلا عن الناحية الصحية حيث يمكن أن تنتقل كثير من الأمراض عن طريق اللعاب .. ولفتة كريمة دقيقة أخرى من النبي صلى الله عليه وسلم حيث يقول عليه السلام : ( لايقعن أحدكم على أهله كما يقع البعير ولكن اجعلو بينكم وبينهن سبيل .. قالوا وما السبيل يارسول الله قال القبل ) .. ولقد أثبت العلم الحديث أن المداعبة والمباشرة قبل عملية الجماع لها أكبر الأثر في الحياة الزوجية السليمة السعيدة وفي العلاقات الجنسية الصحيحة إضافة إلى موضوع الحمل والإنجاب .. ومثال أخير وما أكثر الأمثلة الحية في التشريع الإسلامي الحنيف حيث يقول عليه الصلاة والسلام : ( إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة لم يغرسها فليغرسها ) .. وهكذا وهكذا نجد أن دقة المنهج الإلهي الرباني ودقة الهدي النبوي الشريف هي قمة سامية لم يصلها أي نظام أو عقيدة أو تشريع آخر في القديم والحديث ..
** إذن المنهج الرباني الإسلامي منهج متكامل في مجموعه فعلى الصعيد العام نجد أن النظام الإسلامي يشمل كل نواحي الحياة النواحي العقيدية والروحية والتعبدية والاجتماعية والاقتصادية والنفسية والمادية والفنية ولا أعتقد أن نظاما آخر في هذه الحياة يحتوي كل هذا التكامل في جميع مجالات الحياة مثلما جاء به النظام الإسلامي من خلال منهجه الرباني فلو بحثنا في مواضيع العقيدة والروح وجدنا نظاما روحيا تعبديا رائعا يصل العبد بربه في كل لحظة من لحظات حياته .. ولوبحثنا في أمور الاقتصاد لوجدنا نظاما اقتصاديا رحيما متكاملا بعيدا عن الظلم والجشع ولو بحثنا في موضوع الأخلاق لوجدنا نظاما أخلاقيا ساميا يرفع الإنسان في أخلاقه ليصل إلى درجة الطهر والسمو .. ولوبحثنا في النظام الاجتماعي لوجدنا نظاما اجتماعيا متميزا رائعا يقوم على أسس راسخة من المحبة والتعاون والتكافل .. وهكذا نجد أن الإسلام نظام متكامل لايأنيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه تنزيل من عزيز حكيم ..
** المنهج الرباني الإسلامي منهج تفاعلي يتفاعل مع كل الأنظمة والعقائد والمبادئ وفق تصور إسلامي خاص ووفق قواعد وأساسيات منبثقة عن النظام الرباني والتشريع المحكم المنزل من عند الله جل وعلا .. الإسلام لايحرم الانتفاع بالتجارب والخبرات البشرية على مدار التاريخ ما لم تمس أصلا من أصول الشريعة الإسلامية أو تصطدم مع قاعدة من قواعد الإسلام أوتتعارض أساسا من أساسيات هذا التشريع المحكم .. لاحرج ولا مشكلة في الانتفاع من تجارب الآخرين بل على العكس من ذلك فإن الإسلام يأمرنا بالعلم والتعلم والبحث والتجربة والانتفاع بكل المستجدات الطيبة الخيرة وذلك لتسير عجلة التقدم والتطور في خطها الصحيح نحو الأمام دائما دون توقف ودون تراجع ودون تعارض وتصارع .. ولقد شهد تاريخ الحضارة الإسلامية في العصور الزاهرة أن الحضارة الإسلامية قامت بنقل كل العلوم والفنون والنواتج الحضارية إلى اللغة العربية .. فقامت بغربلتها وتنقيتها من الشركيات والوثنيات والخرافات والإنحرافات وقدمتها صافية نقية إلى العالم أجمع حتى علم الفلسفة وعلم الكلام وعلم التاريخ والجغرافيا والفلك والفيزياء والكيمياء والرياضيات وغير ذلك من العلوم فإن الحضارة الإسلامية استطاعت أن تلم شملها وتجمع شتاتها من كل أصقاع المعمورة من الهند والصين واليونان والرومان والفرس وغيرها من الأمم حتى وصلت العلوم والثقافات إلى درجة من الرقي والتقدم لم تشهدها حضارة أخرى في ذلك الزمان حيث نجد أن العالم كله قد تتلمذ على الحضارة الإسلامية في تلك الحقبة من التاريخ مع تمسك المسلمين الكامل بالمنهج الرباني الذي هو الإسلام .. أما الآن ونحن ننظر إلى واقعنا المؤلم حيث أصبحت البلاد الإسلامية في حالة من التأخر والضعف والتشتت والتشرذم ليس بسبب هذا الدين كما يقول أعداء هذا الدين ولكن بسبب انسلاخنا من هذا الدين وابتعادنا عن تعاليمه وأوامره ولا بد لنا ونحن نسير في طريق إعادة بناء الحضارة العالمية الإنسانية الإسلامية من العودة إلى الإسلام .. إلى جذوره ومنابعه الصافية فهذا هو الطريق ولاطريق سواه .. لأننا قوم أعزنا الله بالإسلام فإذا ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله كما قال الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وأرضاه .. وكمثال آخر نقول إن الإسلام وضع مبدأ أساسيا في التشريع الإسلامي ألا وهو مبدأ العدل المطلق ... بكل ماتتضمنه هذه الكلمة من شمولية وعمومية .. أما كيفية تطبيق هذا العدل فيمكن قي ذلك الاستفادة من خبرات الآخرين ومن الطرق المتطورة الحديثة فيمكن الاستفادة من تكنولوجيا المعلوماتية الحديثة في الحفظ والمتابعة والاتصالات والتحريات والضبط .. ويمكن وضع تخصصات مختلفة للمحاكم مثل المحاكم الشرعية ومحاكم البداية ومحاكم الجنايات ومحاكم الاستئناف والتمييز وغير ذلك من المحاكم وتوجيه كل هذه الأمور لخدمة المبدأ الأساسي الشرعي وهو إقامة العدل بين الناس ولا حرج في تسخير العلوم والفنون والمبتكرات الحديثة مادامت كلها تصب في طريق تحقيق العدل المطلق إذا أمكن أو العدل النسبي الذي يقترب من العدل المطلق قدر الإستطاعة .. ومثال آخر هو مبدأ الشورى والذي يعتبر من المبادئ الأساسية في التشريع الإسلامي وخاصة فيما يخص نظام الحكم .. فإذا أردنا أن نجمع الناس في المسجد كما كان يحدث قديما لأخذ البيعة عندما كان عدد المسامين لايتجاوز عدة آلاف من المسامين وكلهم مجتمعون في مدينة واحدة هي مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كان هذا ممكنا مع بعض المشقة .. أما الآن فكيف يتم جمع مليار ونصف المليار من المسلمين موزعين ومنتشرين في كل بلاد العالم على صعيد واحد وفي مكان واحد لأخذ البيعة منهم .. حتى على صعيد دولة معينة أصبح الأمر من الصعوبة التي تصل حد الاستحالة مما يوجب علينا اتباع إجراءات أكثر تطورا .. لابد من الاستفادة من تكنولوجيا العصر الحديث للوصول إلى هذا المبدأ الهام وهو مبدأ الشورى فيمكن مثلا تقسيم المجتمع إلى مناطق والمناطق إلى فروع والفروع إلى شعب .. ويمكن الاستفادة من الربط الإلكتروني بواسطة أجهزة الكمبيوتر .. ويمكن الاستفادة من طرق وأساليب متطورة في عملية الأرشفة وتحقيق الشخصية وغير ذلك من الطرق والأساليب الأخرى للوصول إلى تحقيق هذا المبدأ الإسلامي الشرعي الهام .. إن مثل هذه الأمثلة كثيرة في التشريع الإسلامي الذي يضع المبادئ الأساسية ويترك حيزا كبيرا من المرونة ليكون هذا المنهج الرباني قابلا للتطبيق في كل زمان ومكان حتى يرث الله الأرض ومن عليها .. بهذا الأسلوب تتحقق المرونة الفائقة للتشريع الإسلامي المنبثق من المنهج الرباني مع بقائه محكوما بالمبادئ الإسلامية الأساسية الأصيلة وبالتشريع الإلهي المحكم ...
** إن ربانية هذه الدعوة تجعل النظام الإسلامي بكل أساسياته وجزئياته مرتبطا ارتباطا وثيقا بالعقيدة الإسلامية بحيث تكون العقيدة الإسلامية هي الدافع وهي المحرك لهذا النظام الإسلامي سواء كان ذلك في العبادات أو المعاملات أو الأخلاق أو السياسة أو الجهاد أو العلاقات الدولية أو العلاقات الإنسانية أو العلاقات الاقتصادية أو المالية أو أي أمر من أمور الحياة بحيث يصعب على الإنسان المسلم فهم طبيعة هذه العلاقات بمعزل عن فهم العقيدة الإسلامية فهما صحيحا حقيقيا ...
** إن ربانية هذا النظام تجعله يرتكز على قاعدة أساسية هي عقيدة التوحيد لله جل وعلا بحيث تسيطر هذه العقيدة وتؤثر على كل مقومات النظام الإسلامي الأخلاقي والاجتماعي والروحي والمادي في الإسلام .. توحيد الله جل وعلا المطلق الصافي دون شبيه أو شريك أو مثيل أو إبن أو زوجة أو صاحبة أو أضرحة أو مزارات أو قبور أو أسماء لأشخاص صالحين أو غير ذلك من اللوثات الشركية المنكرة .. عقيدة توحيد خالصة لله جل وعلا في ذاته وصفاته لاشريك ولا وسيط ولا معبود إلا الله جل وعلا ...
** إن عقيدة التوحيد بهذه الصفات توجه النظام الإسلامي الرباني كله .. توجه الفرد المسلم إلى توحيد الله وإفراد إرادة الله في الخلق والحفظ والضبط والحساب في الدنيا والآخرة .. وتوجه النظام الإسلامي إلى وجود إرادة واحدة مطلقة مسيطرة على على جميع الخلائق ألا وهي إرادة الله .. توجه الفرد المسلم إلى أن الله جل وعلا هو الرزاق وليس غيره وهو الذي يحيي ويميت وليس غيره .. توجه البشرية في مصدرها ونشأتها وأصله وأجيالها ومن ثم أهدافها ومصيرها في نهاية هذه الحياة الأرضية إن عقيدة التوحيد هذه توحد جميع الأديان السماوية من لدن آدم وإدريس ونوح وداود وسليمان وموسى وعيسى وكل الأنبياء وصولا إلى النبي المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم لأن الله واحد لاشريك له هو الذي أرسل الرسل جميعا وهو الذي أنزل الكتب وشرع الشرائع السماوية كلها
** إن عقيدة التوحيد هذه هي التي جاء بها كل الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام وبذلك نجد أن عقيدة التوحيد هذه توحد كل الطوائف والأمم والأديان والأعراق ضمن أمة واحدة خالقها واحد وإلهها واحد وربها واحد ومسير أمور الكون والحياة واحد لا شريك له ...
** إن عقيدة التوحيد هذه تسير بالبشرية جمعاء إلى التوحد في جميع اعتباراتها وتوجهاتها سواء كان ذلك في أمور العمل أو العبادة أو الأخلاق أو السلوك .. تسير بالبشرية جمعاء إلى توحيد دنياها وآخرتها في توجه واحد نحو خالق هذا الكون ومدبر أمره جلت قدرته ...
** إن عقيدة التوحيد هذه تسيطر سيطرة كاملة على النسيج الاجتماعي في المجتمع المسلم وتحدد كل خصائصه ومقوماته وتتحكم في المشاعر والآداب والأخلاق والمعاملات والحقوق والواجبات والعلاقات والصداقات والارتباطات بل تدخل في صميم خصائص المجتمع الإسلامي كله ويمكننا هنا إلقاء الضوء على بعض آثار عقيدة التوحيد في المجتمع الإسلامي والنظام الإسلامي ...
** إن عقيدة التوحيد في النظام الإسلامي عقيدة شمولية واضحة تشمل كل إنسان في هذا الوجود فلا يمنع أحد من الآعتقاد بهذه العقيدة السامية التي توحد بين بني الإنسان كلهم في عبادة إله واحد والأخذ بتشريع واحد بينما نجد في اليهودية أن عقيدة التوحيد مبهمة غير واضحة إضافة إلى أنها محصورة بفئة معينة هم بنو إسرائيل الذين لم يبق منهم في الحقيقة المجردة أحد يصح نسبه إلى نبي الله إسحق ( إسرائيل ) عليه السلام ...
** إن اعتقاد اليهود أن الرسالة السماوية نزلت إليهم دون غيرهم أدى بهم إلى العنصرية البغيضة وأدى بهم إلى الترفع والتكبر البغيض حتى بلغ بهم التكبر والصلف إلى أن قالوا : ( نحن أبناء الله وأحباؤه ) وقالوا : ( أنهم شعب الله المختار ) .. دون بني البشر كلهم .. وقالوا : ( ليس علينا في الأميين سبيل ) .. إلى آخر هذه السلسلة من الأقوال العنصرية الضيقة التي يرفضها الإسلام ويرفضها كل ذي عقل سوي .. أما الإسلام فإنه يوسع دائرة العقيدة التي ترتكز على الوحدانية لتشمل البشرية جمعاء .. وهذا أيضا ينطبق على العقيدة النصرانية فقد جاء المسيح عليه السلام بعقيدة التوحيد أيضا ( ليهدي خراف بني إسرائيل ) كما جاء في الإنجيل .. ( ورسولا إلى بني إسرائيل ) .. كما جاء في القران الكريم على لسان المسيح عليه السلام .. فهذه أيضا عقيدة توحيد جاءت لفئة معينة من الناس ولمرحلة معينة من الزمان وتفتقر إلى الشمولية والعالمية .. أما العقائد الوثنية أو الشركية فلا مجال للالتقاء بينها وبين عقيدة التوحيد الخالص في التشريع الإسلامي لأنها تسير في عكس اتجاه عقيدة التوحيد تماما ..
** من عقيدة التوحيد الخالص ينتج لدينا مبدأ أساسي في بناء المجتمع المسلم يجعله متميزا على كل العقائد والنظم والقوانين قديمه وحديثها ألا وهو وحدة التوجه والهدف الذي يتوجه إليه كل فرد في الجماعة مهما علت مرتبته وموقعه هذا الهدف الذي يحكم الفرد والمجتمع على حد سواء .. هذا الهدف الذي الذي يتوجه إليه المسلمون في كل فعالياتهم وأوضاعهم هو عبادة الله وطاعة الله وابتغاء مرضات الله وفي ذلك يقول ربنا جل شأنه : ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين ) .. وهنا نلاحظ هذه الكلمة ( لاشريك له ) والتي تعطي هذا المعنى الرائع للوحدانية التي تشمل كل حياة الإنسان بكل جوانبها .. وبهذه الخاصية يتميز الإسلام عن كل العقائد والعبادات والأديان التي اقتصرت عباداتها على طقوس وشعائر تقام في أمكنة معينة وبأزمنة معينة ...
** إن هذا المفهوم الشامل للعبودية المقترنة بعقيدة التوحيد هي إحدى الخصائص المميزة للنظام الإسلامي الرباني فلا يوجد نظام أو عقيدة أودين أو تشريع أو قانون على وجه الأرض يتصف بهذه السمة الأصيلة للنظام الإلهي الإسلامي .. إن هذا المفهوم هو انتشال للإنسانية من حضيض الأرض والمادة والارتقاء بها إلى السمو الروحاني الرفيع الذي لم تستطع النظم والعقائد والقوانين الوصول إليه .. ولتوضيح هذه السمة الأصيلة في النظام الإسلامي الفريد أقدم هنا بعض الأمثلة لهذا الأسلوب الإلهي الفريد العجيب ..
** الشورى في الإسلام نظام سياسي إداري أقره الإسلام كأحد المبادئ الأساسية في هذا الدين .. يقول ربنا جل شأنه : ( وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله ) .. فنجد في هذه الآية الكريمة إقرار مبدأ الشورى في كلمة ( وشاورهم ) كما نجد ربط هذا المبدأ الأساسي بالله جل وعلا وذلك بقوله تعالى : ( فتوكل على الله ) ...
** الزكاة هي ضريبة مالية فرضها الإسلام لتحقيق جانب هام من التكافل الإجتماعي في النظام الإسلامي .. ولكنها في الجانب الآخر ركن من أركان الإسلام ترتبط ارتباطا وثيقا بالعقيدة الإسلامية وبالله جل وعلا .. وبأن الله هو الذي استخلف بعض الناس بإدارة مال الله و هو الذي أوجب عليهم أن ينفقوا من هذا المال في سبيل الله .. يقول ربنا جل شأنه : ( وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه .. ) ( وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ) .. فالمال في الشرع الإسلامي الحنيف لله والإنسان الذي يمتلك المال إنما هو وكيل مستخلف ومستأمن على هذا المال لذلك يؤدي زكاة ماله بكل طواعية ورضى نفس لأنه يأخذ من مال الله لينفق على عباد الله.. إضافة إلى الأجر والثواب العميم الذي ينتظره عند رب العالمين .. لذلك نجد كيف أن المسلمين الأوائل كان الواحد منهم يتصدق بربع ماله وآخر يتصدق بنصف ماله وآخر يجهز جيشا كاملا بكامل عدته وعتاده وآخر جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له مأبقيت لأهلك قال : أبقيت لهم الله ورسوله وكان قد تصدق بكل ماله .. كلهم يتسابقون بالخيرات دون أن يحسبوا الحسابات المادية ودون أن يخافوا جور الأيام ومصائب الزمان لأنهم كلهم متضامنون متكافلون متعاونون على البر والتقوى وعمل الخير .. إن هذا السمو في النشريع الرباني الحكيم لا يمكن أن يصل إليه أي قانون أو نظام أو تشريع مادي على وجه المعمورة ...
** الربا هو نظام اقتصادي ومالي محرم شرعا ولكن هذا التحريم يرتبط أيضا بعقيدة التوحيد وعقيدة الإيمان بالله جل وعلا يقول ربنا جل شأنه : ( ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا مابقي من الربا إن كنتم مؤمنين .. فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله ) .. نلاحظ في هذه الآية الكريمة أنها ابتدأت بالنداء الإلهي الكريم ( ياأيها الذين آمنوا ) .. ثم أمرهم بالتقوى ( اتقوا الله ) ثم أمرهم بالابتعاد عن الربا وتصفية أية بقية باقية من الربا ( وذروا مابقي من الربا ) ثم ربط هذا الترك للربا المحرمة بالإيمان باالله ( إن كنتم مؤمنين ) .. ولكن من لم يستجب لنداء الإيمان فإن الشرع الإسلامي لايتركه ليفسد في الأرض وإنما يعد له الجزاء العادل الصارم ( فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله ) ...
** حد السرقة عقوبة صارمة تتعلق من ناحية بالنظام الأخلاقي والإجتماعي وتتعلق من ناحية أخرى بالجانب الإقتصادي ولكنها كلها ترتبط وبشكل كامل بالعقيدة في الله .. وتنفذ عقوبة من الله وليست من القوانين الوضعية والدساتير الدولية المادية البشرية يقول ربنا جل شأنه : ( السارق والسارقة فاقطعوا أيدبهما جزاء بما كسبا نكالا من الله ) .. وهنا نلاحظ الإيحاء الإلهي في الأوامر الشرعية في كلمة ( نكالا من الله ) والتي ترجع هذا الأمر الإلهي وهذه العقوبة الصارمة .. وهذا التنظيم الأمني إلى الله الذي أنزل هذا التشريع المحكم ...
** وحد الزنا عقوبة ذات علاقة بالأخلاق من جهة وبنظام الأسرة من جهة أخرى وبالنظام الإجتماعي الإسلامي بشكل عام ولكنه في الوقت نفسه يرتبط ارتباطا وثيقا بالعقيدة الإسلامية وبالإيمان بالله واليوم الآخر يقول ربنا جل شأنه : ( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ) .. فالعقاب هنا ليس مرجعه القانون والدستور المادي الوضعي بل جاء هذا العقاب الصارم انطلاقا من دين الله يقوم على تنفيذ هذا العقاب الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر ...
** بما أن النظام الإسلامي نظام رباني فهو يقودنا إلى مبدأ أساسي آخر متميز ومتفرد عن كل الأنظمة الوضعية الأخرى ألا وهو نظام الحكم في الإسلام .. إن الحاكمية في هذا النظام الإسلامي الرباني الفريد هي لله وحده فلا حاكمية فيه لأمير أو حاكم .. لأن الله وحده هو المشرع ابتداء وعمل البشر يجب أن يكون تنفيذا وتطبيقا لهذا التشريع الإلهي .. إن الأشخاص الذين يظنون أنفسهم حكاما وملوكا وأمراء هم في واقع التشريع الإسلامي الإلهي عبيد لله منفذون لأوامر الشرع الإلهي محكومون بالمبادئ الأساسية التي جاء بها النظام الرباني الحكيم وهم في الأحكام التطبيقية والتنفيذية محكومون بالمبادئ الأساسية التي جاءت بها الشريعة الإسلامية غير مخيرين في العدول عنها ا, تعديلها أو تحويرها .. يقول ربنا جل شأنه ( وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولاتتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك غن بعض ما أنزل إليك ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) .. ويقول ربنا جل شأنه أيضا : ( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله ورسوله ) .. وهكذا نجد أن صفة الربانية تتحقق من توحيد الحاكمية لله التي ترجع أولا وآخرا إلى عقيدة التوحيد لله رب العالمين .. بهذه الربانية تفرد النظام الإسلامي من بين سائر النظم والعقائد والديانات على عكس النظم الأخرى القديمة والحديثة والتي كان الحاكم فيها يستمد سلطته من الكهنة ورجال الدين أو من الحق الإلهي باعتباره ظل الله في الأرض أو من القوانين الوضعية البشرية ذلك لأن الحاكم في التشريع الإسلامي يستمد سلطته من تنفيذ شريعة الله دون سواها .. بقول الرسول المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم : ( إسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي ما أقام شرع الله فيكم ) .. والفارق كبير جدا بين النظام الإسلامي المحكم وبين الأنظمة الأخرى قديمها وحديثها .. إن الربانية في النظام الإسلامي ربانية شريعة ونظام لا ربانية أشخاص وحكام وكهنة ورجال دين .. وحين يشرع الله جل وعلا للبشر بعلم كامل وعدل شامل لأنه أعلم بمن خلق وهو اللطيف الخبير ...
** إن النظام الإسلامي نظام إلهي يستمد قوته وتأثيره واستمراريته وديمومته من مصدره الإلهي الصحيح الدقيق .. إنه نظام حي فاعل مؤثر في كل زمان ومكان .. فمن ناحية الزمان فلقد أثبت التاريخ أن هذا الإسلام يعلو وينتشر وتعلو راياته خفاقة لمجرد وجود جماعة مؤمنة مخلصة تحمل لواء هذا الدين الإلهي القويم .. لقد زالت حضارة اليونان التي كانت من أرقى الحضارات في التاريخ ولكنها زالت إلى غير رجعة وانطمست معالمها ولم يبق منها إلا آثار صماء تحكي قصة حضارة بائدة .. وزالت حضارة الرومان التي وصلت إلى أعلى مراتب القوة والعظمة ولم يبق من هذه العظمة إلا آثار صماء .. وزالت حضارة الفراعنة والآشوريين والفينيقيين ولم يبق منها إلا آثار صماء وزالت حضارة الفرس والهند والسند والصين ولم يبق منها إلا آثار صماء تحكي قصة حضارات يائدة لم تتكرر مرة أخرى في التاريخ .. أما الإسلام فهو نظام آخر مختلف كل الاختلاف عن كل الأنظمة وحضارة الإسلام حضارة متميزة لاتشبهها حضارات العالم كله .. الإسلام الذي يمتلك رسالة السماء الحقة هو الوحيد الذي يمتلك القابلية العظمى للتكيف والتأثير والإنتشار والعودة إلى الحياة من جديدة والعودة إلى بناء حضارة جديدة وبسرعة هائلة لمجرد وجود الدعاة المخلصين المؤمنين .. فلو نظرنا نظرة سريعة عابرة على أحداث التاريخ لوجدنا كيف يعود الإسلام من جديد وبشكل أقوى وأشد وأعنف كلما عاد أبناؤه إلى دينهم وأطاعوا ربهم وساروا في طريق البناء والجهاد من جديد ...
** ففي عهد الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم بدأت دولة الإسلام في المدينة المنورة كدويلة ضعيفة مطاردة محاصرة يلاحقها أعداء الإسلام من كل جانب .. ولكنها انتصرت في النهاية في بناء دولة صغيرة ناشئة في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ... وسارت هذه الدولة الصغيرة الفتية برعاية الله .. وازدادت قوتها وشوكتها حتى تم لها فتح مكة والإنتصار على قريش العقبة الكأداء في طريق التوسع والانتشار .. وبعد فتح مكة بدأت القبائل العربية بالدخول في دين الله أفواجا .. وبعد ن دانت القبائل العربية للإسلام وانضوت تحت لوائه بدأ التحرك نحو الشمال فسقطت دولة الفرس وسقطت دولة الروم اللتان تشكلان أقوى دول العالم آنذاك أمام الزحف الإسلامي الذي لم يكن يمتلك من القزة المادية إلا النذر اليسير ولكنه كان يمتلك العقيدة الراسخة ويمتلك الصلة بالله جل وعلا .. وبسقوط دولتي الروم والفرس نشأت دولة إسلامية فتية هي الدولة الأموية التي أصبحت وخلال فترة قصيرة جدا من عمر التاريخ أقوى دولة في العالم وأرقى حضارة في ذلك التاريخ .. ولما ضعفت دولة الأمويين نتيجة الابتعاد عن دين الله وعن حبله المتين والانحراف عن خط الإسلام القويم إضافة إلى مكائد أعداء الإسلام من اليهود والنصارى والشعوبيين وغيرهم .. ولكن وقبل أن تسقط دولة الأمويين الإسلامية قامت دولة إسلامية جديدة وحضارة إسلامية جديدة هي دولة العباسيين لتتسلم قيادة المد الإسلامي الهائل فأقام العباسيون أقوى دولة في العالم وأرقى حضارة في ذلك التاريخ .. ثم ماذا ؟.. هل توقف المد الإسلامي والعطاء الإسلامي ؟.. هل توقف انتشار الإسلام في أرجاء العالم ؟.. لقد بدأ التوسع والانتشار في الشرق والغرب على حد سواء فقامت للمسلمين حضارة من أرقى الحضارات في العالم في بلاد الأندلس الأوربية حتى وصل الفتح الإسلامي إلى جبال البيرنيه على الحدود الفرنسية الإسبانية اليوم وقامت أيضا دولة وحضارة راقية في صقلية وجنوب إيطاليا وقامت أيضا حضارة إسلامية في بلاد السند والهند وتوسعت لتصل إلى الصين وجنوب شرق آسيا ولقد تم هذا التوسع والانتشار على الرغم من كل حروب الإبادة التي مارسها أعداء الإسلام ولايزالون ضد المسلمين في الشرق والغرب من التتار والمغول والصليبيين والشعوبيين يحرضهم في ذلك أعداء الإسلام التاريخيين اليهود والنصارى .. ثم ماذا .. ؟ هل توقف أعداء الإسلام عن حربهم الماكرة الخبيثة ضد الإسلام والمسلمين ..؟ وهل اضمحل تأثير الإسلام وقل انتشاره .. ؟ وهل استطاعت كل قوى الشر في العالم القضاء على هذه البذرة الطيبة الخيرة وهذا الفكر المنير وهذا المنهج الإلهي القويم ..؟ لقد وضع الصليبيون كل ثقلهم في لحظة ضعف المسلمين لاستئصال الإسلام من جذوره فاجتاحوا بلاد المسلمين وقتلوا أثناء ذلك الملايين من أبناء المسلمين العزل من النساء والشيوخ والأطفال واعتدوا على الحرمات .. فلم تأخذهم في ذلك ذمة ولا رحمة واستوطنوا في بلاد المسلمين عقودا من الزمان حتى أرسل الله إلى الأمة الإسلامية القائد الكردي المسلم صلاح الدين الأيوبي الذي وحد الأمة الإسلامية تحت راية الجهاد وقادها لطرد الصليبيين في معركة حطين الفاصلة وأعاد بناء الدولة الإسلامية والحضارة الإسلامية من جديد .. ثم ماذا ؟ هل توقفت حضارة الإسلام عند هذا الحد..؟ لقد بدأت الدولة التي أقامها القائد المسلم صلاح الدين الأيوبي قوية راشدة عندما كان المسلمون متمسكين بدينهم ولكن ماإن بدأ المسلمون يتخلون عن دينهم وعن التوجه الى ربهم حتى بدأت عوامل الضعف والانهيار والإنحسار تدب في أوصال الدولة الإسلامية وأصبحت بلاد المسلمين عرضة للأطماع والمؤامرات .. وما إن وصلت البلاد الإسلامية إلى حافة الهبوط والسقوط حتى لاحت في الأفق بوادر دولة إسلامية جديدة ومظاهر حضارة إسلامية حديثة هي الدولة العثمانية التي قامت أسسها على مبدأ الخلافة الإسلامية الراشدة التي لاتعترف بالقوميات والعنصريات الإقليمية الضيقة وإنما تقوم على بناء دولة إسلامية واحدة تمتد في الشرق والغرب تحت لواء الخلافة العثمانية الإسلامية .. وكان السلاطين العثمانيين في بداية نشوء الدولة العثمانية من الخلفاء المسلمين الأشداء والأتقياء في نفس الوقت وعلى رأسهم القائد الإسلامي الفذ السلطان محمد الفاتح رحمه الله ورضي الله عنه وأرضاه والذي تحقق على يديه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لتفتحن القسطنطينية ورومية فلنعم الجيش جيشها ولنعم الأمير أميرها ) .. أجل لقد كان السلطان محمد الفاتح رحمه الله أحد السلاطين العثمانيين الأتقياء الورعين المتمسكين بالمنهج الإسلامي القويم والذي استطاع خلال فترة وجيزة من التاريخ أن يوحد الأمة الإسلامية من جديد ويقيم حضارة إسلامية راقية وأن يبني امبراطورية إسلامية واسعة الأرجاء .. لقد قام السلطان التركي المسلم بفتح القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية وتحويلها إلى مدينة إسلامية سماها مدينة الإسلام ( إسلام بول ) والتي أصبحت بعد ذلك عاصمة الدولة الإسلامية العثمانية .. ولقد حاول محمد الفاتح التوجه في فتوحاته نحو الغرب باتجاه روما لتحقيق الشق الثاني من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بكل طاقته وقوته ولكن عاجلته المنية قبل أن يحقق الحلم الثاني الذي راود خياله ولبه سنوات طويلة .. وعلى الرغم من عدم تمكن القائد العثماني المسلم السلطان محمد الفاتح من الوصول إلى روما إلا أنه استطاع نشر الإسلام في بقاع شاسعة في قلب أوربا ولا تزال الأمة الإسلامية باتنتظار قائد مسلم جديد لتحقيق وعد الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي ( لاينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ) في فتح روما والقضاء على مركز التآمر العالمي على الإسلام والمسلمين ويعيد إلى المسلمين فردوسها المفقود في بلاد الأندلس وذلك في الطريق إلى إعادة بناء الحضارة العالمية الإنسانية الإسلامية وعندها سيتحقق وعد رسول الله في فتح رومية ودخول الناس في الإسلام أفواجا يقول ربنا جل شأنه : ( إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا ) ...
** إن نمو العالم الإسلامي كما وكيفا سيشكل الخطوة الأولى في عملية بناء حضارة عالمية إنسانية كما من حيث تزايد عدد المسلمين في العالم بشكل كبير .. وكيفا وذلك باكتساب تجارب وخبرات جديدة في جميع مجالات الحضارة المادية خاصة وأن العالم المتحضر بدأ يبحث عن اليد العاملة الرخيصة وهي متوفرة الآن وفي المستقبل بأعداد وافرة في البلاد الإسلامية .. إن نظرة سطحية على واقع المسلمين المؤلم المتمثل في الفقر والضعف والجهل والمرض يجب أن لا تجعلنا متشائمين لأن الدول الإسلامية والشعوب الإسلامية وإن كانت اليوم ضعيفة متفككة فإنها بالجهود المخلصة البناءة لا تلبث أن تنضج وتقوى في فترة زمنية ليست بعيدة وعندها سترتفع راية الإسلام عالية خفاقة ويبدأ المسلمون بإعادة بناء الحضارة الإسلامية العالمية الإنسانية وعندها سيتحقق فينا قول الله تبارك وتعالى : ( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون ) .. لقد بدأت سمات الحضارة الإسلامية العالمية الإنسانية تلوح في الأفق لأن المسلمين وحدهم يملكون كل المقومات الحضارية اللازمة لإعادة بناء الحضارة ولم يبق أمامنا إلا العمل والبذل والتضحية والتخطيط السليم .. نحتاج فقط إلى الجد والاجتهاد لأن عملية البناء الحضاري تتطلب أمورا كثيرة وجهودا جبارة .. تتطلب منا القضاء علىالفقر والقضاء على الجهل والقضاء على المرض .. تتطلب منا أن نوحد جهودنا وأن نوجه فعالياتنا وأن نرمي بكل الخلافات وراء ظهورنا .. كفانا تطرفا كفانا شرذمة كفانا تجريحا ببعضنا .. ولنبدأ بعملية البناء الحضاري من جديد وعندما نصل إلى هذه العقلية المتآخية المتسامحة المتعاونة نكون جديرين بحق بأن نتسلم قيادة العالم ونعيد بناء الحضارة الإسلامية العالمية الإنسانية التي ينتظرها كل العالم لتسعد الإنسانية جمعاء بعدالة السماء ...
* أجل أيها الإخوة المسلمون لابد وأن يتحقق وعد رسول الله في فتح رومية ولا بد أن يتحقق وعد الله من جديد ويدخل الناس في كل بقاع العالم في دين الله أفواجا تماما كما دخلوا في دين الله أفواجا يوم فتح مكة وعندئذ سيفرح المؤمنون بنصر الله .. ولكن يجب أن يستقر في عقولنا وضمائرنا أن مثل هذا النصر لا يمكن أن يأتي بالأماني والأحلام ولا يمكن أن يأتي بالغوغائية والتشتت ولا يمكن أن يتحقق هذا الفتح المبين بالإرهاب وقتل الأبرياء ... إن مثل هذا النصر يحتاج إلى الكثير الكثير من البذل والتضحية والفداء .. يحتاج إلى العودة إلى دين الله وإلى التمسك بشرع الله وبحبل الله المتين .. إن مثل هذا النصر لابد وأن يتحقق لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم صادق الوعد لاينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى .. إن بشائر عودة الإسلام من جديد بدأت تلوح في الأفق وأعداد الداخلين في الإسلام من الديانات الأخرى يزداد يوما بعد يوم .. وأعداد المسلمين على مستوى العالم يزداد يوما بعد يوم والإمكانات المادية والاقتصادية والعلمية في بلاد المسلمين تزداد يوما بعد يوم .. ولا ينقصنا إلا القيادة الإسلامية الحكيمة الواعية لتجمع شمل الأمة الإسلامية في كل بقاع الدنيا .. وتوحد أهدافها وتوجه طاقاتها نحو الهدف المنشود وهو إقامة حضارة عالمية إنسانية إسلامية ليعم العدل والسلام والإنصاف كل بلاد العالم ...
** وفي هذا المجال ربما يتهمني بعض الناس بالإغراق بالخيال والأحلام الكاذبة وأنا أرد على ذلك وأقول .. لقد وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم سراقة بن مالك حين كان المسلمون مطاردون ملاحقون وفي أشد حالات الضعف حيث كان سراقة يطارد رسول الله وصاحبه لينال مكافأة قريش .. وعده أن يلبس سواري كسرى أنوشروان ملك أكبر دولة في ذلك الزمان .. فضحك سراقة من قول النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن مسلما آنذاك .. ولكن تحقق وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وسقطت دولة الفرس وحمل سواري كسرى أنوشروان إلى المدينة المنورة وقام أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بإلباس سراقة بن مالك سواري كسرى تحقيقا لوعد رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ووعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بفتح القسطنطينية وتم فتحها على يد محمد الفاتح بعد مايقارب ألف سنة .. وسيأتي اليوم الذي يتم فيه فتح رومية تحقيقا لوعد الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم والذي لاندري متى سيكون ولكنه لابد كائن .. يقول الفيلسوف لبريطاني ( برتراند راسيل ) : ( لقد انتهى العصر الذي يسود فيه الرجل الأبيض وبقاء تلك السيادة إلى الأبد ليس قانونا من قوانين الطبيعة .. وأعتقد أن الرجل الأبيض لن يلقى أياما رضية كتلك التي لقيها خلال أربعة قرون ) .. إن هذا القول لم يقله شيخ مسلم أو عالم مسلم وإنما قاله ( برتراند راسيل ) الفيلسوف البريطاني النصراني الشهير الذي ينظر إلى الأمور وإلى المستقبل وإلى تطور المجتمعات والحضارات نظرة مجردة صائبة وينبئ عن الحقيقة المرة التي ستواجه المجتمعات الغربية في فترة ليست بعيدة في عمر التاريخ .. نعم لقد انتهت حضارة الرجل الأبيض وانتهت حضارة الغرب لأنها استنفذت أغراضها ولم تعد تمتلك ماتقدمه للبشرية جمعاء من مبادئ ونظم وأفكار تعيد للإنسانية فعاليتها وأصالتها ومبادئها وحياتها من جديد .. الحضارة الغربية لم تعد تقدم للإنسانية إلا الحروب والدمار والقتل والإنحطاط والفساد .. ذلك لأن الحضارة تعيش بقدر ما تمتلكه من رصيد في عالم القيم السامية والأخلاق الإنسانية الراقية فإذا فقدت الحضارة هذه القيم وهذه الأخلاق فمصيرها لامحالة إلى الفناء .. إن البشرية لا تستطيع أن تعيش طويلا على أنتاج المصانع وحده إنما هي بحاجة ملحة دائمة إلى مبادئ وأفكار جديدة تسمح لها بالنمو والامتداد والتحول والترقي في حدود هذه المبادئ والأفكار .. ويقول الفيلسوف البريطاني ( برتراند راسيل ) الذي فقد الأمل نهائيا بحضارة الرجل الأبيض الغربي : ( إن المستقبل للشيوعية لا في العالم الغربي فحسب بل في آسيا أيضا .. إن الروسي هو الرجل الأبيض الوحيد الذي تسنح له الفرصة لنشر نفوذه في آسيا لأن الشعوب الآسيوية تمقت الاستعمار الأبيض .. ولهذا لست أعتقد أن للدول الغربية أي فرصة في آسيا ) .. وهنا نلاحظ أن الفيلسوف البريطاني يتجاهل الإسلام وتأثيره ونفوذه ليس على المسلمين فحسب بل على العالم كله نتيجة لجذور الحقد والكراهية العميقة الكامنة في نفوس الغربيين تجاه الإسلام والمسلمين بشكل عام
** إن الإنسانية جمعاء إذا عرفت طريقها إلى الإسلام واطلعت على هذا النظام الإلهي المحكم الذي يجمع بين الفكرة المتألقة السامية وبين العقيدة الخالصة والنظام الإجتماعي العادل والغذاء الروحي المتجدد فلا بد لها من أن تسير في هذا الطريق ولا بد لها أن تتمسك بهذا النظام الإلهي العادل الذي يربط بين المادة والروح وبين الأرض والسماء وبين شعوب الأرض كلها وبين الإنسانية جمعاء برباط العدل الإلهي المطلق .. إن البشرية ستعود بعد حين إلى نوع من الاعتدال والتوازن لاتجده في روحانيات المسيحية الخيالية ولا في ماديات الشيوعية الجامدة ولكن في فكرة وسط عن الحياة فكرة تحتضن الروحانية الصافية الصادقة وتحتضن المادية الواقعية المعتدلة وتصوغ منها عقيدة للضمير ونظاما للحياة وأحلاما دائمة للبشرية كلما حققت منها حلما ارتقت في الأفق إلى حلم جديد .. نحن لانشك في أن قيادة البشرية صائرة إلى الإسلام لامحالة لأن هذا الإسلام لولم يكن موجودا لبحثت عنه الإنسانية ولابتدعت نظاما يشبهه .. إن البشرية التي أوصدت أبوابها في وجه هذا الدين يوم أن جاءها في موجته الأولى ستصبح في أشد حالات اللهفة لمن ينقذها من الخواء ويقدم لروحها الزاد وهي أقدر على إدراك فكرة الإسلام مما كلنت يوم أوصدت دونه الأبواب وواجب العالم الإسلامي إذ ذاك هو امدادها بذلك الزاد في الصورة التي تتفق مع تجاربها كلها خلال أربعة عشر قرنا من الزمان .. إن الإسلام بالذات كان ثورة تحريرية حررت الفكر كما حررت الروح .. حررت الفكر من الوهم والخرافة ووجهته إلى تنمية الحياة على الرض .. وحررت الروح من الهبوط والتردي وأطلقتها ترتاد الآفاق العليا في السماء كي لا تتردى في حضيض المادة فتصاب بالجفاء والخواء الذي انتهت إليه حضارة الرجل الأبيض وهي في أوجها من الناحية الصناعية والإنتاجية .. يقول المستشرق ( سير ت . و. أرنولد ) في كتابه " الدعوة إلى الإسلام " : ( ولما بلغ الجيش الإسلامي وادي الأردن وعسكر أبو عبيدة في فحل .. كتب الأهالي المسيحيون في هذه البلاد يقولون : يامعشر المسلمين أنتم أحب إلينا من الروم وإن كانوا على ديننا .. أنتم أوفى لنا وأرأف بنا وأكف عن ظلمنا من الروم وأحسن ولاية علينا ولكنهم غلبونا على أمرنا وعلى منازلنا وأغلق أهل حمص أبواب مدينتهم دون جيش هرقل وأبلغوا المسلمين أن ولايتهم وعدلهم أحب إليهم من ظلم الإغريق وتعسفهم ) .. هذا مايقوله مستشرق غربي نصراني فلماذا نسمع كل يوم الشبهات حول الإسلام والاتهامات الباطلة لهذا الدين الإلهي العظيم من الموتورين والحاقدين على الإسلام وآخرهم بابا الفاتيكان الذي قال بأن الإسلام قد انتشر بالسيف وبالإكراه .. بينما تاريخ الصليبيين الإجرامي في جميع مراحله يثبت أن الصليبيين الحاقدين على الإسلام قاموا بعمليات إبادة جماعية وتطهير ديني طائفي لكل من خالفهم بالعقيدة وخاصة المسلمين ومحاكم التفتيش في بلاد الأندلس قديما وفي بلاد الصرب حديثا مثال واحد يشهد على قبح الجريمة وفظاعة الجريمة في حين نجد أن تاريخهم الطويل لم يخل من تجاوزات وإكراه على النصرانية حتى يومنا هذا وما نراه في أفغانستان والعراق والشيشان والبوسنه وداغستان وأندونيسيا والفيليبين وغيرها من بلاد العالم شاهد على جرائم الصليبيين الجدد ..
** يقول المفكر المسيحي البريطاني " توماس كارليل " في رده على سؤال هل انتشر الإسلام بالسيف فأجاب : ( أرى أن الحق ينشر نفسه بأية طريقة حسبما تقتضيه الحال .. ألم تروا أن النصرانية كانت لا تأنف أن تستخدم السيف أحيانا وحسبكم ما فعله شارلمان بقبائل السكسون .. أنا لا أحفل أكان انتشار الحق بالسيف أم باللسان أم بأية طريقة أخرى .. لندع الحقائق تنشر سلطانها بالخطابة أو بالصحافة أو بالنار .. لندعها تكافح وتجاهد بأيديها وأرجلها وأظافرها فإنها لن تنهزم أبدا ولن ينهزم منها إلا ما يستحق الفناء ) ...
** يقول المستشرق " ج . هـ . دينسون " في كتابه " العواطف كأساس للحضارة " : ( ففي القرن الخامس والسادس كان العالم المتمدين على شفا جرف هار من الفوضى لأن العقائد التي كانت تعين على إقامة الحضارة كانت قد انهارت ولم يكن ثمة مايعتد به مما يقوم مقامها .. وكان يبدو إذ ذاك أن المدنية الكبرى التي تكلف بناؤها جهود أربعة آلاف سنة مشرفة على التفكك والإنحلال وأن البشرية توشك أن ترجع ثانية إلى ما كانت عليه من الهمجية حيث القبائل تتحارب وتتناحر بلا قانون ولا نظام أما النظم التي خلفتها المسيحية فكانت تعمل على الفرقة والإنهيار بدلا من الإتحاد والنظام وكانت المدنية كشجرة ضخمة متفرعة امتد ظلها إلى العالم كله واقفة تترنح وقد تسرب إليها العطب حتى اللباب .. وبين مظاهر هذا الفساد الشامل ولد الرجل الذي وحد العالم أجمع ) .. يقصد هنا محمد صلى الله عليه وسلم .. ولكنه لم يذكر اسم الرسول على عادة المستشرقين الغربيين النصارى الذين يتهيبون من مجرد ذكر الإسلام أو نبي الإسلام محمد عليه أفضل الصلاة والسلام وذلك تبعا للجذور الصليبية العدائية المتوارثة جيلا عن جيل والتي تأبى إلا أن تظهر على ألسنة حتى المنصفين منهم .. فما أحوج البشرية اليوم إلى العودة إلى الإسلام إلى الدين الإلهي الذي جاء به سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي وحد العالم أجمع على كلمة التوحيد وعلى منهج الله القويم بعد أن وصلت البشرية إلى حافة الهاوية وارتكست إلى الهمجية والوحشية وشريعة الغاب وأصبح القوي يأكل الضعيف والضعيف يأكل الأضعف في سلسلة لاتكاد تنتهي حتى يخرج إلى الوجود فتية آمنوا بربهم وازدادوا هدى [. ليعيدوا الحق إلى نصابه وينقذوا البشرية المعذبة قبل فوات الأوان وإنني لأكتب هذه الكلمات وأنا أتوجس خيفة من المستقبل المجهول وأنا أردد قول الشاعر :
إني لأخشى قبل منبلج السنا طوفان نوح
إنني لأستشعر اليوم ثقل المسؤلية وعظمها الملقاة على كاهل أبناء الإسلام تجاه البشرية جمعاء فماذا قدم أبناء الإسلام لإنقاذ البشرية مما يتربص بها .. ؟ وماذا أعد أبناء الإسلام لإعادة بناء الحضارة العالمية الإنسانية الإسلامية ..؟!..
وهنا يتساءل بعض المغرضين لماذا تصرون على حتمية تطبيق دين سماوي وعقيدة سماوية وشريعة سماوية مضى عليها أربعة عشر قرنا من الزمات في أمور الناس المادية وغير المادية .. لماذا لا يظل الدين في المعابد والكنائس والأديرة والصوامع يلقي المواعظ والخطب ويوجه الناس دون التدخل في أمور الناس المادية والحياتية .. وللرد على هؤلاء المغرضين الضالين أقول :
** لأن المنهج الرباني هو المنهج الوحيد الذي يتصف بالعدل المطلق بين جميع الناس في كل الأمور .. ( لافضل لعربي على اعجمي ولالأبيض على أسود الا بالتقوى ) ...
** لأن الإسلام منهج رباني يتميز بالشمولية المطلقة لكل الأمور التي تخص حياة الإنسان في الدنيا والآخرة ...
** لأن الإسلام منهج رباني يتميز بالتوازن بين المادة والروح ...
** لأن الإسلام منهج رباني يتميز بالوسطية والاعتدال في كل شيئ ...
** لأن الإسلام منهج رباني قضى على جميع العبوديات في الأرض برد العبودية كلها إلى الله وحده ...
** لأن الإسلام منهج رباني هو من صنع الله ولم يترك أمر التشريع للبشر يجتهدون ويخططون دون ضابط أو منهج معين ثابت ...
** لأن الإسلام منهج رباني يمتلك الطريق الصحيح لتغير الواقع الفاسد وقلب الاوضاع الجاهلية وتوجيهها إلى الطريق الصحيح ...
** لأن الإسلام منهج رباني هو منهج جميع الأنبياء والمرسلين فهو منهج يضرب جذوره في تاريخ الانسان منذ أن خلق الله الانسان
** لأن الإسلام منهج رباني قادر على مواجهة كل الجاهليات سواء كان ذلك في الاعتقاد أو السلوك أو المعاملات او العبادات..
** لأن الإسلام هو المنهج الرباني الوحيد القادر على نزع السلطات من كل الطواغيت المتسلطين على رقاب البشر وردها إلى الله .
** لأن الإسلام هوالمنهج الرباني الأقرب إلى الطبيعة البشرية السليمة وهو الأسرع انتشارا بين البشر ...
** لأن الإسلام هوالمنهج الرباني الوحيد الذي يعترف بجميع الديانات السماوية السابقة ويؤمن بجميع الأنبياء والمرسلين على شريعتهم الصحيحة المرسله من عند الله وليس علىالشرائع المحرفه المتداوله بين أيدي الناس اليوم ...
** لأن الإسلام هوالمنهج الرباني الحق لا تشويه فيه ولاتحريف ولاتبديل لأن الله قد حفظه ( انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون)
** لأن الإسلام هوالمنهج الرباني المنزل من عند الله فهو أفضل وأقوم من كل المناهج الأخرى البشرية لان الله هو خالق البشر وهو اعلم بما يصلحهم ...
** لأن الإسلام هوالمنهج الرباني الوحيد الذي يتوافق مع الفطرة البشرية ويتناسب مع طبيعتها لان الله جل وعلا الذي وضع هذا المنهج هو اعلم بما يتوافق ويتناسب مع هذه الطبيعة البشرية ..
** لأن الإسلام هوالمنهج الرباني الحركي الذي يتناسب مع كل الفعاليات البشرية والعلاقات الإجتماعية لأن الله جل وعلا واضع هذا المنهج هو اعلم بما يتناسب مع هذه الفعاليات وهذه العلاقات ...
** لأن الإسلام هو المنهج الرباني الذي جاء لصالح الانسانية جمعاء دون محاباة لقوم أو لأمة أو لعرق ...
** لأن الإسلام هوالمنهج الالهي العالمي جاء لصالح العالم أجمع دون محاباة لدولة او لقطر أو لقارة دون قارة أخرى ...
** لأن الإسلام هوالمنهج الرباني الوحيد الذي يصل الأرض بالسماء ويصل جميع أفراد البشر بخالق البشر جل وعلا في علاقة روحية مميزة لا وجود لها في أية عقيدة أو شريعة أو منهج آخر ...
** لأن الإسلام هوالمنهج الرباني الوحيد الذي يزرع في نفوس البشرالطمأنينة واليسر والراحة النفسية ويملأ نفوسهم بهجة واشراقا ورضاء بما قسمه الله لعباده ...
** لأن الإسلام هوالمنهج الرباني الذي يزرع في نفوس البشر القوة والإرادة وتحدي الصعاب لأنهم مرتبطون بالقوة المطلقة قوة الله الخالق القوي العظيم جلت قدرته ..
** لأن الإسلام هوالمنهج الرباني المضمون النتائج وهو الوحيد الموصل إلى الحق والعدل والصواب رغم كل التحديات والصعاب
** لأن الإسلام هوالمنهج الرباني الواقعي العملي الذي يعطي كل أمر من الأمور تصورا واقعيا وحلا مقبولا بعيدا عن الخوارق والخرافات وبعيدا عن الاوهام والحتميات .. وبعيدا عن أساليب السحر والشعوذه .. وبعيدا عن الاحلام والتطلعات والخيالات .. لأن هذا الدين منهج الهي للحياة البشرية .. يتم تحقيقه في حياة البشر بجهد البشر انفسهم .. في حدود طاقتهم البشرية وفي حدود الواقع المادي للحياة الانسانية في كل بيئة .. وفي حدود طاقتهم البشرية وبقدر مايبذلونه من هذه الطاقة ..
** الإسلام هوالمنهج الرباني الجاد .. فالجدية سمة أصيلة في هذا المنهج الرباني المتمثل في الاسلام وفي طريقة تعامله مع جميع الامور والإسلام يواجه الواقع كله بما يناسبه ويكافئه .. يواجهه بالدعوة والبيان لتصحيح المعتقدات والتصورات ويواجهه بالقوة والجهاد لازالة الأنظمة والسلطات القائمة عليها تلك التي تحول بين جمهرة الناس وبين التصحيح بالبيان للمعتقدات والتصورات وتخضعهم بالقهر والتضليل وتعبدهم لغير ربهم الجليل .. فالإسلام لا يكتفي بالبيان في وجه السلطان المادي كما أنه لايستخدم القهر المادي لضمائر الافراد ...
** االإسلام هوالمنهج الالهي الإيجابي .. لأنه منهج الهي فلا يعقل أن يصدر عن الله جل وعلا أي أمر سلبي أو هزلي ولكن اذا تم تطبيق هذا المنهج تماما كما أنزله الله جل وعلا أم كما جاءت به السنة النبوية الكريمة الصحيحة .. أن المنهج الالهي اذا استقر في ضمير الانسان جعل من هذا الانسان عنصرا إيجابيا فاعلا مؤثرا في كل ماحوله حتى يصبح هذا الانسان قوة فاعلة مؤثرة هائلة لايمكن ان تقف في وجهها كل الزوابع والاعاصير.. إن المنهج الالهي لا يمكن ان لايكون سلبيا قابعا ًفي الضمير قانعاً ببعض العبادات والروحانيات بل يجب ان يكون عزماً وتصميماً على نشر هذا الدين وتطبيق تعاليمه في الواقع البشري بكل قوة وحزم .. المنهج الالهي ليس منهجاً صوفيا أو كهنوتياً مليئاً بالسلبيات انه منهج ايجابي يتعامل مع كل الأمور والأحداث بطريقة ايجابية فاعله ...
** الإسلام هوالمنهج الالهي العملي الذي يعتمد على توزيع المهمات وتقسيم العمل واعتماد المراحل المتعددة .. واتخاذ الأسباب الكفيلة بالوصول إلى الهدف المطلوب .. فهو يتحرك بتحرك الفرد المسلم ويتقدم ببذله وعطائه بعيدا عن الخوارق والمعجزات .. لأن طبيعة المنهج الحركي الاسلامي ان يقابل هذا الواقع البشري بحركة مكافئة له ومتفوقة عليه في مراحل متعدده ذات وسائل متجدده ..
** المنهج الالهي مضمون النتائج .. في حين لايوجد في الدنيا منهج غير المنهج الالهي والمتمثل بالدين الاسلامي مضمون النتائج فلقد جربت البشرية جمعاء أنظمة عديده واديانا غريبة وأفكاراً كثيرة ومناهج وسلوكيات لا تعد ولا تحصى ولكنها شقيت وشقي معها كل البشر.. لقد سقطت الاقنعة عن مفاسد الحركات والفلسفات والافكار والانظمة وبشكل سافر.. سقطت الشيوعية في عقر دارها .. وسقطت الاشتراكيه في معظم بلاد العالم وسقطت الديانات الوثنية والديانات الشركية .. وسقطت الدعوات القومية والديمقراطية وفشلت في اسعاد شعوب معينة ناهيك عن اسعاد البشرية جمعاء .. وفشلت الديانات السماوية المحرفة المبدله عن اسعاد البشرية حتى أصبحت البشرية في ظل هذه الديانات وهذه الأنظمة تقف على حافة الدمار والخراب تهددها الحروب الطاحنة ويهددها استعباد الانسان للانسان ويهدها الصلف والغرور ويهددها الفساد الاجتماعي والاخلاقي وابتعد طيف السعادة والهناء وحل شبح التعاسة والشقاء على جميع الناس حتى الأغنياء منهم حتى أصحاب القصور من الملوك والأمراء .. حتى المتسلطون الذين يستعبدون ابناء البشر فهم ليسو سعداء هم مساكين أشقياء يمزقون أوقات حياتهم بالسكر والمخدرات والجنس ليحصلوا على السعادة الحقه فلا يجدوها .. وفي مقابل ذلك نجد أن المنهج الإلهي عندما قام به جماعة من الناس استطاع ان يحقق المستوى الأعلى من السعادة والرضى ليس لفئة معينة من الناس بل للبشرية جمعاء ..
** ان المنهج الالهي يضمن بتطبيقه إحلال العدل والحق و السعادة والهناء للناس كل الناس في كل بقعة على سطح الأرض وهذه الضمانة تكفل بها رب العالمين الذي أنزل هذا المنهج .. واذا وجد شخص على وجه المعمورة لم ينل حقه على وجه هذه الأرض فإن حقه مضمون يوم القيامة حيث يحاسب المرء على كل صغيرة وكبيرة ...
** المنهج الالهي منهج محكم .. يستطيع ضبط كل الأمور والمشاكل بأسلوب رباني محكم .. كيف لا وهو المنزل من الله الحكيم الخبير الذي يعلم مايصلح الفرد والمجتمع والأمة والدولة بل البشرية جمعاء ...
** المنهج الرباني منهج ميسر.. يقول ربنا جل شأنه : ( لايكلف الله نفسا الا وسعها لها ماكسبت وعليها مااكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا .. ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ,, ربنا ولا تحملنا مالا طاقة لنا به .. واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين ) .. ويقول ربنا جل شأنه أيضا : ( ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ) .. ويقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : ( يسروا ولا تعسروا وبشروا ولاتنفروا) .. وروي عن المصطفى صلى الله عليه وسلم : ( أنه لم يخير بين أمرين إلا اختار ايسرهما ) .. نلاحظ من الآيات والآحاديث السابقة ان المنهج الرباني يحض وبشكل ملفت للنظر إلى سلوك طريق التيسير والبساطة بعيداً عن التعقيد والعسر.. ان مما لاشك فيه أن هذا المنهج الرباني يكلف النفوس أعباءً ضخمة ولكنها غير مستحيلة وذلك لأنه منهج جاد يسعى إلى تحقيق أهداف عالمية وانسانية ضخمة .. والأهداف الضخمة لاشك تحتاج إلى تكاليف مادية ومعنوية ضخمة ولكنها في الوقت نفسه ليست فوق طاقة البشر وليست من الامور المستحيلة والتعجيزية .. انه ليس صحيحا ان هذا المنهج الالهي يكلف النفس البشرية جهدا أشق من أن تطيقه أو ان تصبر طويلا عليه .. انه منهج سامق فعلا ولكنه في الوقت ذاته منهج فطري يعتمد على رصيد الفطرة وينفق من هذا الرصيد المذخور وميزته انه يعرف طريقه منذ اللحظة الأولى إلى هذا الرصيد .. وأيسر ما في هذا المنهج أنه وهو يضع في حسابه البلوغ الى القمة السامقة لا يعتسف الطريق ولا يستعجل الخطى ولايتخطى المراحل ...
** المنهج الرباني مرتبط بالله جل وعلا وهذه الخاصية تميزه عن جميع العقائد والمذاهب فهو بالاضافة إلى الجهد البشري الهائل الذي يطلب من البشر للوصول إلى الاهداف الضخمة الهائلة فهو أيضا مدعوم بالعون الالهي والمشيئة الالهية .. حيث نجد هذا العون الالهي وهذه المشيئة الالهية تسير وبشكل دائم مع الجهد البشري تدعمه اذا ضعف وتوجهه اذا انحرف وتقوم طريقة اذا اعوج وتعدى جادة الحق والصواب وتعيده إلى الطريق الصحيح اذا خرج عن الطريق الصحيح..ويتجلى هذا الأمر وبشكل واضح جلي في أن انتصار الاسلام في كل مراحله عبر التاريخ لم يكن بالقوة المادية والاستعداد العسكري وحده وانما كان يتجلى بعون الله وبمشيئة الله جل وعلا وهذا الأمر يتجلى واضحاً جلياً في قوله تعالى: ( وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله ) .. ( واعدوا لهم مااستطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين لاتعلمونهم الله يعلمهم وماالنصر الا من عند الله ) .. ففي هذه الآيات نلاحظ عون الله ومشيئة الله وارادة الله هي التي تتجلى على حملة منهج الله ورغم كل مايبذلون فإن النصرلا يكون الا من عند الله .. إن كون هذا المنهج الالهي متروكاً تحقيقه للجهد البشري في حدود الطاقة البشرية وفي حدود الواقع المادي للحياة الانسانية في شتى المدارج وشتى البيئات فهذا لايعني استقلال الانسان نهائياً بهذا الأمر وانقطاعه عن قدر الله وتدبيره ومدده وعونه وتوفيقه وتيسيره .. فتصور الأمر على هذا النحومخالف في أصوله لطبيعة التصور الاسلامي .. فإرادة الله هي الفاعلة في النهاية وبدونها لايبلغ الانسان بذاته شيئا ً.. لقد تجلى هذا الأمر في المنهج الإلهي منذ خلق الله الانسان وانزله إلى الأرض فلو استعرضنا قصص الأنبياء جميعاً في دعوتهم لتطبيق المنهج الإلهي .. في قصة نوح وقصة موسى وقصة عيسى وقصة لوط وهود وقصة يوسف وقصة يونس وايوب عليهم السلام وفي هجرة الرسول إلى المدينة وفي غزوة بدر وفي فتح مكة وفي انتشار المنهج الالهي المتمثل بالاسلام في اصقاع المعمورة مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم الذي قام بنشر هذه الدعوة كان أمياً وكان فقيراً ومغموراً لا يعرفه الا القليل على مستوى العالم اجمع انها إرادة الله ومشيئة الله وعون الله التي تتولى المنهج الالهي وتتولى تحقيقه على أيدي المؤمنين الصالحين العاملين ...
** لأن الدين الإسلامي لايوجد تعارضا مصطنعا أو صراعا بين الإيمان بالغيب والإيمان بالمحسوس.. بين الإيمان بالعقيدة والإيمان بالعلم .. بين فعاليات الروح وفعاليات الجسد .. بين الدنيا والاخرة .. بين العمل والعبادة .. بين التقدم المادي والتقدم بالقيم والأخلاقية .. بين الحضارة المادية والحضارة الإنسانية .. إن الإسلام هو النظام الإلهي الوحيد الذي يوازن بين كل المتناقضات التي تظهر على ساحة الأحداث ويعطي لكل شيء حقه ومقداره الذي تستقيم معه الحضارة لتصبح حضارة عالمية إنسانية بدلا من أن تكون حضارة مادية أو عنصرية مقيتة ...
** الإسلام يقيم حضارة عالمية إنسانية متكاملة لأنه يأخذ أمور الحياة وأمور الإنسان بشكل متكامل وينظر إلى كل الظواهر والأحداث والعلاقات الإنسانية نظرة حيادية متكاملة من جميع الجوانب فلا يهمل جانبا من جوانب الحياة أمام جانب آخر ولايهمل مجموعة من الناس لحساب مجموعة أخرى .. ولايغلب الروحانيات على الماديات أو الماديات على الروحانيات بل يعطي لكل حق حقه .. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (ان لريك عليك حقا وإن لجسمك عليك حقا وإن لأهلك عليك حقا .. فأعط كل ذي حق حقه ) .. وهذا هو التكامل الرائع الذي تستقيم معه أمور الدنيا والآخرة ...
** لأن الإسلام هو المنهج الذي يوازن بين أمور الدنيا وأمور الآخرة يوازن بين قبضة الطين ونفخة الروح من الله .. يوازن بين المشاعر الدينية السامية الرفيعة والتجارب والمنجزات العلمية يوازن بين القيم الأخلاقية وحاجة الجسد المتعطشة يوازن بين النجاح في أمور الدنيا والفلاح والصلاح في أمور الآخرة ...
* لأن الإسلام يؤمن العدل السياسي والعدل الاجتماعي والعدل الاقتصادي كما يؤمن في الوقت ذاته التجدد والنمو والتطور في الحياة الإنسانية ...
** لأن الإسلام يضع أسس حضارة عالمية إنسانية تليق بالإنسان الذي خلقه الله في أحسن تقويم .. وكرمه وفضله على كثير من خلقه وجعله خليفة له في أرضه .. يقول ربنا جل شأنه : ( ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا ...)
** لأن رسالة الإسلام قد جاءت للناس كافة وليست مقيدة بشعب معين ولامحصورة بمكان معين ولامحدودة بزمن معين ...
** لايوجد في العالم أجمع في القديم والحديث فكرة أو عقيدة تقوم على تنظيم العالم كوحدة إنسانية وتنظيم المجتمعات كوحدة بشرية بشكل منصف عادل إلا الإسلام ...
** الإسلام هو المنهج الوحيد الذي يعطي المفهوم الأوسع للحياة فيربط الكون كله بعوالمه ومادياته وروحانياته ضمن نظام واحد ومن ثم يربط كل هذه العوالم بالله جل وعلا الخالق المبدع ...
** الإسلام يعطي الحياة البشرية في كل أنحاء العالم قابلية هائلة للنمو والتجدد والسمو والارتقاء ...
** الإسلام هو الوحيد الذي يلبي حاجات البشرية جمعاء بشكل عادل ومتكامل ...
** الإسلام هو الوحيد الذي يمتلك نظاما اجتماعيا عادلا مترابطا ...
** الإسلام هو أول من وضع مبادىء الحرية والعدل والإخاء والمساواة لكل البشر ...
** الإسلام هو الذي رفع الإنسان إلى المستوى الإنساني اللائق دون تفرقة بين شعوب الأرض كلها ...
** الإسلام هو أول من رفع كيان المرأة في المجتمعات وأعطاها حقها الكامل في الحياة ...
** الإسلام هو الذي قضى على العنصرية ووحد أعراق الناس توحيدا كاملا فلا فضل لعربي على أعجمي ولا أبيض على أسود.. ** الإسلام هو أول من أطلق وطبق مبادىء حقوق الإنسان التي يتبجج الغرب بها كشعارات بعيدة كل البعد عن الواقع والتطبيق ...
** الإسلام يمتلك فاعلية منتجة إيجابية مؤثرة تنفي كل السلبيات ...
ومن هذه اللمحات السريعة يتبين لنا حتمية الحل الحل الإسلاميى وحتمية ظهور الحضارة الإسلامية العالمية الإنسانية التي ستتسلم قيادة البشرية إلى الحق والعدل والخير والسعادة لكا شعوب الأرض يقول ربنا جل وعلا : ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل للتتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) ... صدق الله العظيم .
* المعروف تاريخياً أن بولس كان من اليهود الذين مارسوا أشد أنواع العداء للنصرانية في ذلك العهد والذي قام بتشويه العقائد النصرانية إلى حدٍ بعيد.
(1) يقصد المسيحية الأولى الأصلية.
(2) الثيوقراطيا التوحيد والمطابقة بين الآلهة المختلفة.
(1) حورس في العقائد الفرعونية والمصرية القديمة هو ابن الآلهة سبرابيس.
(1) إنجيل مرقص (10-22).
(2) إنجيل مرقص (10-11).
(1) محاضرات في النصرانية للدكتور محمد أبو زهرة.