هناك انشغال فائضعن الحاجة وزائد عن اللزوم بموضوع توقعات النمو الاقتصادي لسنة قادمة التي تأخذ بها الحكومة بمناسبة خطاب الموازنة العامة للسنة القادمة.
هذه التوقعات ليست عملاً حسابياً دقيقاً يجب أن يتحقق بحذافيره، وإلا حكمنا على الجهة التي قدرت وتوقعت بأنها أخطأت ويجب أن تتوقف عن تكرار الخطأ.
النتائج التي توصل إليها المتوقعون لا تختلف جوهرياً من جهة إلى أخرى، فلا فرق للأغراض العملية بين أن يرتفع معدل النمو الاقتصادي من 2.2 % إلى 2.3 % أو 2.5% فالواقع أن عمليات التقدير والتقريب هذه التي يقوم بها الإحصائي لا تُـحدث انقلاباً في النتائج.
الحكومة ليست أفضل المصادر التي لا يعتمد عليها لاغراض تنوير قادة القطاع الخاص، ولها عدة أهداف محقة للخروج بتقديرات متفائلة عن النمو الاقتصادي في سنة قادمة، وترد هذه التقديرات في خطاب الموازنة العامة الذي يتم إعداده قبل عدة أشهر من بدء السنة موضوع البحث، أي أن الفرضيات التي بنيت عليها التوقعات الشائعة في حينه تكون قد اختلفت قبل أن تصل إلى اللجنة المختصة في البرلمان.
لدى الحكومة أهداف محتملة للخروج بتقديرات عن النمو الاقتصادي في سنة قادمة لإعطاء مبرر لأرقام الموازنة، فضلاً عن الاعتبارات السياسية أي الإيحاء بأن الحكومة في طريقها لتحقيق هذه التقديرات التي لا تزيد عن كونها أهدافاً مأمولة ويجب أن تكون أفضل من الواقع، وبالتأكيد أفضل مما كانت عليه في السنة السابقة.
الخطأ في عملية التقدير أمر مؤكد، فالمقصود هو تحديد الاتجاه وهل سيكون هناك نمو سريع أم بطيء أم سالب إلى آخره. ولو قالت الحكومة أن النمو في هذه السنة قد يصل إلى 3%ولم يتحقق سوى 2ر2 %فهذا ليس خطأ جسيماً، والفرق بين الرقمين يقل عن نقطة مئوية واحدة.
صندوق النقد الدولي يقدم تقديراته على أساس فترات زمنية مثل السنة أو ربع السنة، ويعيد النظر فيها كل ثلاثة أشهر مما يعني أنها ليست مضمونة ولا يمكن الاعتماد عليها لأغراض اتخاذ قرارات الاستثمار والتسعير في القطاع الخاص.
التوقعات الكليـة التي تغطـي الاقتصاد الوطني كله لا فائدة منها إلا للمخطط الاقتصادي الحكومي، أما من الناحية العملية فإن التوقعات التي تهم القطاع الصناعي أو السياحي هي ما يهم مستثمراً في مشروع لا يتوقف نجاحه على النمو الاقتصادي العام بل على ما سيحدث في القطاع الذي يعمل فيه.
الرأي