حفيف الجريدة وفحيح الموبايل !!
خيري منصور
20-09-2017 12:15 AM
حين شاهدنا الصحفي العريق والصديق طلال سلمان يطفىء النور في مكتبه ويغادر السفير بعد عمر مديد وحضور في النطاق القومي، احسسنا بأن الوداع الشجي ليس لمكتب رئيس تحرير بقدر ما هو للصحافة الورقية، في زمن تنافس فيه المبشرون بالصحافة الالكترونية في نعي الصحافة الورقية، وقبل ايام شاهدنا على القناة الفضائية ذاتها صحيفة جديدة تولد في بيروت، وفي الاسبوع ذاته نشرت انباء عن زيادة توزيع صحف ورقية في فرنسا منها اللوموند وكذلك صحف هندية، فهل هي حكاية الصحافة الورقية ام وراء الكواليس غير ذلك .بالطبع هناك من يدافعون عن استمرار الصحيفة الورقية برائحتها وحفيف صفحاتها وهي تقلب في الصباح وترشف العين سطورها كما ترشف الشفاه قهوة الصباح .
يبدو اننا في زمن ازداد فيه عدد من ينعون كل ما هو كلاسيكي ورصين واصيل، بدءا من نعي فوكوياما للتاريخ وليس انتهاء بوداع المتعصبين لزمن الحوار والتعايش،لكن الحقيقة ليست كذلك، فالمسرح استمر وتطور ولم تكن السينما نهايته، وكذلك الفن التشكيلي الذي لم يطرده التصوير الفوتوغرافي وكاميرات الديجيتال من التاريخ وينتهي الى المتاحف .
المثير في هذه المسألة هو ان الدول والمجتمعات الاقل تقدما كي لا نقول الاكثر تخلفا تصبح كاثوليكية اكثر من البابا وهي تبشر بالزحف التكنولوجي على كل ما هو حي ونابض، وينسى هؤلاء ان اليابان استطاعت ان تحصل على الشعر والموسيقى من خلال التكنولوجيا ثم اكتشف اليابانيون ان هذا الابتكار البارد يخلو من الاخطاء البشرية الحميمة !
ورغم ان بمقدورنا مشاهدة الافلام السينمائية في غرف نومنا بسبب توفر الاجهزة الحديثة الا ان ذلك لم يحرمنا من طقوس الذهاب الى دور السينما ، وما حدث مؤخرا من زيادة الطلب على الصحف الورقية في فرنسا يطرح سؤالا على من يعلنون الطلاق والقطيعة مع الماضي، لمجرد انه مضى، والسؤال هو هل ألغت رسائل الموبايل النمطية والمعلبة والباردة الرسائل الانسانية الدافئة ؟ وهل خلع الناس ساعاتهم لأن التوقيت متوافر بدقة في هواتفهم .
المصيبة العظمة عظم هي ما يدّعيه المتخلفون الذين لا يجيدون غير الاستهلاك كالاسفنج من توقعات مستقبلية !!
الدستور