الطريق الى الجنائية الدولية
منى سالم الجبوري
19-09-2017 06:59 PM
ليس هناك من نظام خدمته الاوضاع و الظروف و خرج من العديد من المطبات و المنزلقات بسلام، کما کان الحال مع نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، وهناك الکثير من الامثلة على ذلك و منها على سبيل المثال لا الحصر، البرنامج النووي الذي ثبت بأنه ذو جانب عسکري، ففي الوقت قام الغرب بإسقاط نظامي صدام حسين و القذافي بسبب ذلك، فإن طهران قد تمکنت و بطرق مختلفة من الافلات من هکذا مصير، کما إن إرتکاب هذا النظام لمجازر ضد مکونات الشعب الايرانية و المعارضة الايرانية والتي يمکن اعتبار معظمها جرائم ضد الانسانية، وخصوصا مجزرة صيف عام 1988 بإعدام 30 ألف سجين سياسي والتي اعتبرتها منظمة العفو الدولي في بيان لها وقتئذ جريمة ضد الانسانية، بالإضافة الى المجازر التي إرتکبها النظام في مدينة سنندج، فقد توفقت طهران من الإفلات "الى حين" من الملاحقة الدولية لها.
لعبة القط و الفأر التي لعبها و يلعبها النظام الايراني بحذر بالغ مع المجتمع و التي کانت دائما وفي أغلب الاحوال لصالحه، فقد جاء اليوم الذي يمکن تغيير قواعد اللعبة و جعل هذا النظام تحت دائرة الضوء، لکن الملفت للنظر هو إن الذي يقوم بسحب طهران الى دائرة الضوء و فتح ملفات "قاصمة للظهر" معها، ليست دول غربية أو أوربية، بل إنها المعارضة الايرانية النشيطة المتمثلة في المجلس الوطني للمقاومة الايرانية بقيادة زعيمته، مريم رجوي، إذ وبعد مرور 28 عاما بالتمام و الکمال على تجاهل المجتمع الدولي لما يمکن وصفه بجريمة القرن ضد السجناء السياسيين، فقد إستطاعت مريم رجوي وبعد سنة من قيادتها لحرکة المقاضاة الخاصة بالمطالبة بفتح ملف مجزرة 1988، فقد أثارت عاصمة جهانغير، المقررة الخاصة بحقوق الانسان في إيران، هذه القضية في تقريرها الاخير و طالبت بتحقيق دولي مستقل بشأنها، وهو ما يمکن اعتباره نصرا سياسيا و قضائيا واضح المعالم لزعيمة المقاومة الايرانية.
هذا التقرير الذي تم إعلانه أوائل هذا الشهر و تم إثارته في اجتماعات الدورة العالية لمجلس حقوق الانسان المنعقد في المقر الاوربي للأمم المتحدة في جنيف، يأتي أيضا مع اقتراب موعد الاجتماع القادم للجمعية العامة للأمم المتحدة في هذا الشهر أيضا، وتسعى رجوي بکل ما في وسعها من أجل أن يتم طرح القضية في الامم المتحدة و استصدار قرار دولي بإدانة النظام في إيران لإرتکابه تلك الجريمة، ويبدو واضحا جدا بأن هذا الامر لم يعد ببعيد المنال خصوصا بعد أن صارت الارضية المناسبة مهيأة لها، خصوصا وإن هناك اجتماعات و مٶتمرات و نشاطات و فعاليات لشخصيات سياسية و قضائية و حقوقية أوربية و أمريکية وکذلك الجاليات الايرانية المتواجدة في دول أوربا و أمريکا، تدفع جميعها باتجاه إدراج هذه القضية في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
بطبيعة الحال، فإن إصدار بيان إدانة دولية ضد إيران لإرتکابها مجزرة 1988، أو الإيعاز بتشکيل لجنة تحقيق دولية بشأنها، فإن ذلك يعني إن المعارضة الايرانية نجحت في سحب النظام على الطريق الذي سينتهي في الجنائية الدولية، خصوصا وإن العالم کله صار متيقنا ولاسيما بعد کشف التسجيل الصوتي لآية الله المنتظري، بأن النظام مدان بارتکاب هذه الجريمة خصوصا وأن أعزاء لجنة الموت الثلاثية التي کانت تنفذ الاعدامات بحق السجناء بأسلوب محاکم التفتيش الاسبانية سيئة الصيت، لايزالون يشغلون مناصب رفيعة وفي مقدمتهم، ابراهيم رئيسي، الذي کان مرشح المرشد الاعلى الايراني في الانتخابات الرئاسية المنصرمة!