الانقسام السياسي العربي يستمر والأسوأ أن ينعكس على مشروع المصالحة الفلسطينية
جميل النمري
21-01-2009 05:37 AM
المصالحة المفترضة كانت أقلّ كثيرا مما أوحى به اللقاء "المفاجأة" لبعض الزعماء ومنهم زعيما سورية وقطر على هامش القمة. الجهود التي بذلتها القيادة الكويتية وتجاوب السعودية كما ظهر في كلمة العاهل السعودي كانت كافية لاحتواء الموقف وسير اعمال القمّة بلا صدامات ومشاكل لكن ليس الوصول الى توافق سياسي، ولم ينجح وزراء الخارجية الذين واصلوا الاجتماعات حتّى الفجر في التفاهم على قضايا خلافية, فجاء البيان السياسي الخاص بغزّة مختصرا وخاليا من أي اشارة لها وهي تحديدا الاضافات التي طلبتها قطر وسورية أي سحب المبادرة العربية، وتجميد العلاقات الدبلوماسية الأردنية والمصرية مع اسرائيل والاشادة بقمّة الدوحة، والطلب المقابل بالإشادة بالجهود المصرية والمبادرة المصرية؛ فلم يدرج هذا ولا ذاك, وما دونهما كان البيان واضحا وقويا في إدانة العدوان وطلب الانسحاب الفوري وإنهاء الحصار الجائر, والتأكيد على اتخاذ ما يلزم للاستمرار بملاحقة مرتكبي جرائم الحرب الاسرائيلية، وتوفير الدعم لمساعدة الشعب الفلسطيني وإعادة الاعمار، واستمرار الجهود من أجل المصالحة الفلسطينية وتنقية الأجواء العربية.
في المؤتمر الصحافي الذي أعقب اختتام المؤتمر اضطر عمرو موسى للاعتراف بأن "الأمور ما زالت ليس على ما يرام" لكنه دافع عن الاقتراح البديل من
العاهل السعودي بإعلان أن المبادرة العربية لن تكون مفتوحة بلا حدّ زمني. وتحدث موسى بانفعال بعد سؤال عن المصالحة الفلسطينية وما يقال عن انحياز الجامعة لطرف دون آخر، وحمّل حماس وفتح المسؤولية "بنسبة 100%"
وقال "نحن ننحاز للمصالحة والوحدة وليس لأي طرف", وبالنسبة لحكومة وحدة وطنية قال ان السعودية أوصلت الأطراف الى اتفاق مكّة وحكومة الوحدة, لكنها انفجرت من الداخل ولم يبق سوى التوافق على انتخابات رئاسية وتشريعية لأن الفراغ سيكون كارثة لا يمكن تحمل مسؤوليتها.
في كل الأحوال القمّة الاقتصادية نجحت ويتفق الجميع على ضرورة عدم تأثير الخلافات السياسية على التوجه للتقدم بالتعاون والتكامل الاقتصادي ومشاريعهما التي رصد لها ما يقارب بليوني دولار, وبهذا المعنى نجحت القمّة الاقتصادية الأولى التي ستتحول الى مؤسسة ثابتة تجتمع كل عامين ويتابع مقرراتها المجلس الاقتصادي والاجتماعي وأمانة الجامعة العربية. لكن المشهد السياسي على ما رأينا في القمّة سيستمر في شق العرب بين معسكرين, ومن المرجح أن ينعكس ذلك على جهود المصالحة الفلسطينية، وإذا كان هناك نافذة للتفاؤل فهي ان معطيات الواقع لما بعد غزّة سوف تضيق هامش المناورة والخيارات الانقسامية، وقد حققت حماس اعترافا وحضورا يؤهلها لتكون شريكا اساسيا لا يمكن تجاوزه, فيما تحتاج السلطة الفلسطينية الى شراكة سياسية
تشحذ الروح الكفاحية والمقاومة بكل صورها (غير العسكرية حاليا ما دامت حماس نفسها تريد الهدنة) كما تحتاج السلطة الى نفوذ المعارضة من أجل الاصلاح ومكافحة الفساد، وكل هذا لا يتناقض مع الخط الموازي للمفاوضات.
ففي نهاية المطاف يمكن اللجوء الى الشعب للحسم بشأن الخلاف اذا وصلت المفاوضات الى نتيجة.
jamil.nimri@alghad.com