المصالحة بدل "المصايحة" ..
سمير الحياري
20-01-2009 05:45 AM
الأجواء هنا في الكويت بعد ساعات من إعلان نتائج مصالحة حلّت بدل "مصايحة" كانت مرتقبة بين زعماء الأمة في غياب فاكهة القمم العربية معمر القذافي ، اتسمت بايجابية بالغة وتعامل بروح تفاؤلية كبيرة تنفس إثرها أمير الكويت الصعداء وهو يستضيف تجمع عربي كبير في أصعب وقت يمر على الأمة واكبر امتحان للكرامة والعزة فبعد ان جهّز غالباً لقمة اقتصادية ظهرت امامه معضلة الاتفاق والتضامن في وقت الاوراق المبعثرة .
ففي وسائل الإعلام وبين 700 ممثل لوسيلة إعلام عربية ودولية، كان الجو مفعما بالارتياح في وقت كانوا يستعدون فيه لكتابة تحليلات ومقالات متنوعة تثري القارئ العربي ردحا من الأيام حول ما كان سيجري في قصر بيان الذي اجتمع فيه القادة.
فلولا اتفاق ربما كان مبكراً بين الأمير صباح الأحمد وملك السعودية والرئيس المصري من جهة والرئيس السوري وأمير قطر من جهة ثانية .. ب"تكتيك" مع الملكين عبد الله الثاني وحمد بن عيسى لما كان بالإمكان انجاز هدوء حذر بين أربعة رؤساء كانوا "يسنّون" ألسنتهم لبعضهم البعض .
أمير الكويت منع نظيره القطري من كلمة كان سيلقيها في القمة عقب كلمة الرئيس المصري مبارك ليرد عليه كما نقل عن مقرب منه ، ساهمت بشكل كبير في إطفاء حريقه كادت تشتعل بين أطراف مختلفة ، إضافة إلى الكلمة التصالحية البادية على ما قاله الملك السعودي واللغة الأقرب إلى الحل منها إلى ما يمكن تسميته ب"الأستذة" التي اعتاد عليها الرئيس السوري في كلماته بالقمم السابقة والتي أغضبت دوما بعض الساسة العرب وهم يستمعون عنوة لعناوين كبيرة من رئيس غض .
لعل ابرز ملاحظة كانت في لقاء المصالحة بمقر إقامة الملك السعودي غياب الرئيس الفلسطيني عنها مع أن الملاسنة الإعلامية بين قطر والسلطة الوطنية التي ثارت عبر محطتي الجزيرة والعربية تستأهل ان يجتمع محمود عباس مع الأمير القطري ، بعكس مطالبة خادم الحرمين ومناداته بالاسم لجلالة الملك عبد الله ليكون شاهدا على الاتفاق فعندما وضع يده بيد أمير الكويت والرئيس المصري التفت خلفه قائلا " أين الملك عبد الله .. " في إشارة واضحة إلى الدور الأردني الوسطي في الأزمة التي دارت رحاها على الساحة لأسابيع.
لقد خرج الأردن بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني – حسب أعداء لا أصدقاء – رابحا نتيجة وقوفه المشرف في عدوان غزة ، ووقفته العروبية الأصيلة فكسب في رهانه على شعبه الواعي وتماسك جبهته الداخلية وديمقراطيته الحقّة أن لا يصلح الأمر إلا بصلاح النوايا والاصطفاف الأسلم الى جهة الجمهور والمصلحة الوطنية دون الاستجابة المستعجلة للحظة "فورة" الدم أو الهتافات والمطالب غير المسؤولة.
لقد وجد جلالته أن إدارة الأزمات لا تتم إلا بسياسة حكيمة تدعمها فصول محكمة وخلاّقة بعيدة عن التشنج والتعصب والمزايدة فكان الزعيم الأبرز بصمته وبصماته في قمة مليئة ب"المفخخات" و"الكولسات" والتبييت المبرمج .
شاهدنا من الكويت كم كان مليكنا عظيما في موقفه واحترام الجميع له .. وسمعنا كيف ينظر العرب لموقفه قبل المؤامرة على غزة وخلال القمة الأهم في السنوات الفائتة ، وكيف يحظى هذا الملك الأردني الهاشمي بتقدير وحفاوة وكيف ينظر الناس لشعبه الملتف حول سياسته وحكمته وإرادته الصلبة وحنكته الشجاعة.
القمة كانت المحك الأصعب على دول كبيرة بأضعاف حجم الأردن لكن الشمس التي لا يغطيها أي غربال ان الملك قادنا إلى الطريق الأنسب وسمح متفردا لمئات المواقف والشعارات والتعبيرات واللافتات والمظاهرات والإساءات أيضا أن تأخذ طريقها مراهنا ان في النهاية لا يصح إلا الصحيح الأردني بحكمة ملك والتفاف شعب وتماسك جبهة وتقدير موقف ..