الإتحاد الأوروبي: إعادة اعمار سوريا يتطلب 900 مليار دولار
17-09-2017 05:02 PM
عمون - تحت رعاية وزير الاشغال العامة والاسكان المهندس سامي هلسة انطلقت اليوم اعمال الملتقى العالمي لاعادة الاعمار في دول الصراع "سوريا والعراق واليمن والمنظم من قبل شركة السرى لادارة وتجهيز المعارض والمؤتمرات بمشاركة وفود عربية واجنبية.
وركز هلسة في كلمته الافتتاحية على اهمية الملتقى واثره البالغ على حقيقة الاعمار في دول الصراع مستعرضا التطور والتقدم الكبير الذي يحظى به قطاع الانشاءات في المملكة والتطورات الحاصلة عليه باستمرار وعلاقاته المميزة مع نظائره في الدول الاخرى والتي ستكون حجر اساس في عملية الاعمار مؤكدا ان القطاع الانشائي في المملكة هو قطاع بناء واعمار على الدوام .
الدكتور محمد ابو حمور اشار الى تباين التقديرات في كلفة الاعمار من قبل الجهات المختصة حيث قدرت الايسكو كلفة اعمار البنى التحتية في الدول التي شهدت الصراعات والحروب حوالي تريليون دولار ونقل عن احد مسؤولي الاتحاد الاوربي ان اعمار سوريا لوحدها يتطلب 900 مليار دولار واستعرض ابو حمور الاثر البالغ على الاردن جراء الحروب التي شهدتها المنطقة من استضافة لاجئين والاثار المترتبة على ذلك اقتصاديا واجتماعيا منوها الى ان مسؤولي الجهات المانحة اشاروا الى ضرورة قيام القطاع الخاص الاردني ببناء تحالفات مع نظرائه من الدلو العربية تمهيدا للمساهمة في اعادة الاعمار .
وبين ان عملية اعادة الاعمار تتطلب استثمارات ضخمة ومن المستبعد ان تستطيع الدول تحمل هذا العبئ لذلك لابد من مشاركة القطاع الخاص ومساهمته في اعادة بناء مشاريع البنية التحتية وهذا يتطلب توفير البيئة التشريعية والاستثمارية المساندة لهذا التوجه والخيار الافضل براي ابو حمور الشراكة بين القطاعين العام والخاص وعرج ابو حمور على مصادر التمويل واهميتها وامكانية مشاركة البنوك العربية غبى تمويا اعادة الاعمار حيث تبلغ موجودات القطاع المصرفي العربي 3.4 تريليون دولار نهاية عام "2016" وتبلغ الودائع المجمعة حوالي 2.2 تريليون دولار اما حجم الائتمان الذي تم ضخه فقد بلغ نهاية عام "2016" حوالي 1.9 تريليون دولار اضافة الى الصناديق العربية والمخصصة لاعادة الاعمار مثل صندوق اعادة اعمار المناطق المتضررة من العمليات الارهابية والذي انشا في العراق عام "2015" وصندوق الائتمان لاعادة اعمار سوريا الذي قامت بانشائه مجموعة اصدقاء الشعب السوري عام 2013 مدير عام شركة المناصير مهند المناصير قال ان مجموعة المناصير بدات عملها منذ ثمانية عشرة عاما داخل المملكة وتوسعت بحجم استثمارها والان حجم الاستثمار يفوق 3 مليارات دينار اردني وتعمل بكل المجالات حسب سياستها المتبعة واستقطاب الاحداث عالميا وتاهيل الشاب الاردني وتطوير قدراته حتى يتم هنالك مخلرجات ذات جودة عالية .
واضاف ان الحديث عن الاعمار يعني الحديث عن البنية التحتية ويتوافق ذلك مع مجالات المجموعة ومصانعها المنتشرة داخل المملكة والتي تعتبر الاحدث عالميا . واستعرض المناصير عمل الشركة واحدثها مصنع اسمنت الشرق الاوسط وتركز بيعه في الاردن وتصديره الى السوق الفلسطيني اضافة الى مصانع الخرسانة الجاهزة ولها حصة تفوق ثلث السوق الاردني اضافة الى مصنع الصهر وانتاج الحديد المسلح وبطاقة انتاجية عالية واستيراد الخردة من سوريا واعادة تدويرها وتصنيع الحديد منها اضافة الى امتلاكها الكسارات بكل انواعها وقدرتها على تصدير المواد الاولية بكل انواعها وانتاج جميع المواد الاسمنتية الرئيسة في البناء .
وختم بالقول الى ان هذا المؤتمر هو فرصة لنؤكد ان جميع الشركات الاردنية قادرة على ان تساهم وتقود بشكل كبير في انتاج وتصدير المتطلبات وتقديم الحلول والمقترحات بدوره ركز الدكتور علي اومليل على اهمية العنوان الذي يحمل الاعمار في دول الصراع التي عانت من ويلات الحروب سنوات عديدة واثرت على البنى التحتية بشكل كامل مركز على الاثار الجانبية والاقتصادي وتشريد الملايين والاثار النفسية الجمة وما يتطلب من حقيقة الموازة والمقاربة في الية اعمار البشر وضرورتها بالتوازي مع الاعمار بشكل عام بدوره اكد رئيس هيئة المكاتب الهندسية المهندس رايق كامل على قدرة الهيئة واعضائها على المساهمة الفاعلة في اعمار الدول الشقيقة ليس لكفاءة المهندس الاردني فقط بل لعروبته للوطن والمواطن على هذه الارض الطيبة التي ارسى قائده ديمقراطية الفرد وصولا الى ديمقراطية الدولة المهندس سعد استيتية قال ان الصناعة الاردنية باتت منافسة لمثيلاتها في الدول المتقدمة مما عزز ويعزز فرصتها في المساهمة الفاعلة شريطة ان توفر الحكومة الدعم اللازم للصناعة الوطنية .
رئيس هيئة المديرين لشركة سما القدس عمر كلاب قال ان فكرة ان يلتئم تحت سماء عمان الامنة كل الاشقاء والاصدقاء من اجل خلق فضاء تفاعلي يزاوج بين اعمار البشر واعمار الحجر ومن اجل العمران للانسان .
ويعقد المؤتمر اعماله على مدار ايام ثلاث يناقش خلالها الية الاعمار وادواته من خلال جلسة لكل دولة من دول الصراع اضافة الى جلسات عامة ستناقش الحوكمة في اموال الاعمار واعمار البشر بالتساوي مع اعمار الحجر اضافة الى جلسات فنية عن عقود التحكيم في الاعمار والاستفادة من تدوير مخلفات الدمار في الاعماروسيشهد المؤتمر جلسة خاصة للمطلوب اردنيا من اجل المساهمة في الاعمار وافتتح على هامش المؤتمر معرضا شاركت فيه العديد من الشركات المحلية يشار الى ان الملتقى العالمي الاول يعقد بالشراكة مع وزارة الاشغال العامة وهيئة المكاتب الهندسية ونقابة المقاولين وبدعم من مجموعة المناصير والشركة الفرنسية الاردنية للتامين وشركة سدين وبنك صفوة .
وتاليا كلمة الدكتور محمد ابو حمور:
"بسم الله الرحمن الرحيم
معالي رئيس اللجنة التحضيرية العليا للملتقى العالمي لاعادة الاعمار ومستقبل البناء في دول الصراع
أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة
السيدات والسادة
خلال السنوات الماضية شهدنا دمارا هائلا لم تقتصر اثاره على البنى التحتية والممتلكات العامة والخاصة فقط بل امتد ليخطف حياة مئات الالاف من البشر وحرم الملايين من الخدمات الاساسية كالصحة والتعليم ومياه الشرب، ولعل الاخطر هو ان الدمار والخراب وصل الى البنى الاجتماعية والاخلاقية، وحتى الدول المجاورة لدول الصراع طالها جزء من التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية.
وقبل يومين صمتت اصوات المدافع في الجنوب السوري وربما كانت فرصة للمواطنين في المحافظات السورية الجنوبية وجيرانهم الاردنيين للتمتع بليل هاديء طال انتظاره، وفي نفس اليوم تقريبا وبعد معاناة طويلة صمتت اصوات المدافع في الموصل، ونأمل ان تكون هذه التطورات الايجابية مقدمة لهدوء شامل في كل دول الصراع .... من العراق الى سوريا مرورا بغزة وليبيا وصولا الى اليمن الذي سيعود سعيدا بإذنالله. واجلا ام عاجلا سيعود اللاجئون والمهجرون الى ديارهم، وسيعلو صوت معاول البناء معلنا ان الجميع عادوا للعيش معا أخوة متحابين بعد ان أدركوا حجم المصائب والكوارث التي عانى منها العباد والبلاد.
تأثر الاردن بشكل كبير جراء الحروب والصراعات التي شهدتها المنطقة واستضاف عددا كبيرا من اللاجئين من مختلف البلدان، وقد أشار بعض مسؤولي الجهات المانحة الى ضرورة قيام القطاع الخاص الاردني بناء تحالفات مع نظرائه من الدول العربية تمهيدا للمساهمة في اعادة الاعمار، ويحظى الاردن بمزايا تؤهله لمشاركة فاعلة بما في ذلك موقعه الجغرافي وكوادره البشرية عالية الكفاءة وخبرته الطويلة في تقديم الخدمات الصحية والتعليمية والاستشارية في مختلف المجالات.
بعد انتهاء الحروب والصراعات يقوم الساسة بحصر مكاسبهم السياسية ويسعى رجال الاعمال والشركات وحتى الدول الى استغلال اعادة الاعمار باعتباره فرصة للاستثمار الاقتصادي والمكاسب المالية
ونلحظ اليوم تسارع الجهود تسارع الجهود الدولية والاقليمية لوضع حد للحروب والنزاعات في الدول الشقيقة، وبموازاة ذلك لا بد لنا من التفكير بجهد مواز يتيح لمواطني منطقتنا التشبث بالأمل في مرحلة ما بعد الصراع وان لا يتركوا دون مدد او عون. لذلك لا بد ومنذ الان التفكير في المرحلة القادمة وما هي السبل الكفيلة لإعادة بناء الاوطان والمؤسسات.
من المفهوم ان البدء بإعادة الاعمار لا بد له من توفر مقومات اساسية أهمها توقف الحرب واستتباب الامن، والتوصل الى تفاهمات سياسية ومصالحات مجتمعية وذلك تمهيدا للاتفاق على الاولويات ومصادر التمويل وسبل مواجهة التحديات المستقبلية. وفي نفس الاطار يمكن القول ايضا ان ترتيب الاولويات يعتبر من أهم خطوات اعادة الاعمار، وبهذا الخصوص لا بد من توفر القناعة الراسخة بان الانسان هو العنصر الاهم لذبك فان توفير الخدمات الاساسية للمواطنين وبناء المساكن والبنى التحتية المدمرة واصلاح المتضررة اهي اولويات لا بد منها،
ولعل الاهم هو تأمين الخدمات الصحية والتعليمية،وكذلك لا بد من اتاحة المجال لعودة النشاطات الاقتصادية المختلفة الصناعية والزراعية والخدمية فهذه روافع اساسية لتحسين حياة المواطنين ودمجهم في اعادة الاعمار.
وبالرغم من ان الكل يتفق على ان الخطوة الاولى للبدء في اعادة الاعمار هي توقف الحرب والتوصل الى حلول سياسية تحافظ على الوحدة الوطنية للدول، الا انه ولكي نكون قادرين على البدء بأسرع وقت ممكن لا بد من العمل على وضع الخطط والتصورات الدقيقة لإعادة الاعمار وذلك من خلال الحوارات الجادة والبناءة بين كل المكونات الوطنية والصديقة الداعمة.
وبالتحديد لا بد من التفكير بمتطلبات التمويل اللازمة سواء من حيث حجم المبالغ المطلوبة ومصادر التمويل وكذلك تحديد المشاريع ذات الاولوية وكيفية ادارتها مع التركيز على ضرورة قيام السلطات الوطنية بتحديد اولوياتها بوضوح، وهذه السلطات مطالبة ان تقوم باشراك المواطنين في تحديد الاولويات ذات الانعكاس المباشر على حياتهم، مع الاهتمام بتكامل الخطط الوطنية والدولية لاعادة الاعمار.
قامت العديد من الجهات بتقدير كلفة اعادة الاعمار وتباينت التقديرات من جهة الى اخرى، فمثلا قدرت الايسكوا كلفة اعمار البنى التحتية في الدول التي شهدت الصراعات والحروب بحوالي تريليون دولار، ونق عن أحد مسؤولي الاتحاد الاوروبي ان اعمار سوريا لوحدها يتطلب 900 مليار دولار، وبغض النظر عن هذه التقديرات فالحديث يتعلق بمئات المليارات لكل دولة. ويعتبر التمويل عنصرا حاسما في عملية اعادة الاعمار ومصادره متعدده منها ما هو داخلي واخرخارجي، ولكل مصدر ايجابياته وسلبياته والادارة الناجحة والكفؤة هي التي تستطيع ان تكون مزيجا يحقق أفضلالنتائج.
من المؤكد ان اعادة الاعمار ترتب مسؤليات على الدول ذات العلاقة وعلى الجهات المانحة في ان معا،فهناك عدة جوانب لا بد من مراعاتها للتأكد من سير عملية اعادة الاعمار بسلاسة ، ومن أهمها تحديد الجهات ذات العلاقة ودور ومسؤلية كل منها ضمن خطة او برنامج اعادة الاعمار المعتمد،والتأكد من توفر ادارة قادرة على السير قدما وعلى التوفيق بين الاهداف المتوخاة ومصادر التمويل المتوفرة.ويمكن تلخيص ذلك بافتراض ضرورة توفر الارادة السياسية والمجتمعية لاعادة الاعمار ،وتعزيز الارادة بادارةكفوءة وفاعلة وتوافر موارد مالية وبشرية كافية ومؤهلةاعادة الاعمار مسؤلية مشتركة لا بد ان تساهم بها كافة قطاعات المجتمع ،وبالرغم من الدور الريادي للحكومات في هذا المجال الا ان القطاع الخاص يمكنه ايضا القيام بدور هام في اعادة البناء وتعزيز التنمية،كما ان منظمات المجتمع المدني والمؤسسات غير الربحية لا ان تشارك في هذه العملية حتى وان كان ذلك من خلال الرقابة والتاكد من حسن استخدام الاموال في الغايات المخصصة لها،ولعل اهم ما في المشاركة المجتمعية هو اعادة اللحمة الى النسيج الاجتماعي وجسر الفجوات بين ابناء المجتمع الواحد وفتح سبل التواصل بين مختلف الفئات مما يمهدللاصلاح المجتمعي الذي لا بد منه للتغلب على الاثار طويلة المدى للصراعات.
تتطلب عمليات اعادة الاعمار استثمارات ضخمة ومن المستبعد ان تستطيع الدول لوحدها تحمل هذا العبء، لذلك لا بد من اتاحة المجال امام القطاع الخاص للقيام بدوره في هذا المجال، بما في ذلك المساهمة في اعادة بناء مشاريع البنية التحتية، وهذا يستدعي بالطبع توفر البيئة التشريعية والاستثمارية المساندة لهذا التوجه، ولعل مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص تعتبر خيارا ملائما في حالتنا هذه.
تعتبر مصادر التمويل من أهم ما يجري بحثه لدى الحديث عن اعدة الاعمار ولكي لا نبتعد كثيرا يمكن النظر للبنوك العربية باعتبارها احدى الجهات الفاعلة والقادرة على تمويل اعادة الاعمار،فموجودات القطاع المصرفي العربي تناهز 3.4 تريليون دولار (نهاية عام 2016)،وتبلغ الودائع المجمعة حوالي 2.2 تريليون دولار ،اما حجم الائتمان الذي تم ضخه فقد بلغ نهاية عام 2016 حوالي1.9 تريليون دولار.وبالرغم من توفر الامكانية لدى المصارف لتمويل القطاعات الانتاجية والبنى التحتية الا انها تحتاج الى توفربيئة تشريعية واستثمارية ملائمة تضمن الحفاظ على اموالها وتمكنها من العمل وفق ما تتطلبه المقتضيات المالية ، ومما يجدر ذكره هنا ان تشتت الاسواق المالية العربية والخلافات السياسية لها اثر واضح على القرارات الاستثمارية للبنوك.
وهناك ايضا بعض الصناديق العربية المخصصة لاعادة الاعمار مثل صندوق اعادة اعمار المناطق المتضررة من العمليات الارهابية والذي أنشأ في العراق عام 2015، وصندوق الائتمان لإعادة اعمار سوريا الذي قامت بانشائه مجموعة اصدقاء الشعب السوري عام 2013، كما ان السلطات الرسمية السورية تقوم بعمليات اعادة اعمار في عدد من المناطق المنكوبة بالرغم من عدم انتهاء الصراعات.
تتطلب عملية اعادة الاعمار توفر تشريعات ملائمة تحفز الاستثمار المحلي وتجذب الاستثمار الخارجي وتشجع أكبر عدد ممكن من رجال الاعمال على المشاركة، ولاستكمال الحلقة لا بد من ايجاد بيئة تنظيمية مستجيبة لتطلعات المواطنين والمستثمرين وذات ديناميكية وكفاءة عالية تتيح لها التأقلم مع المستجدات.
عمليات اعادة الاعمار الناجحة لا بد لها ان تستند الى برنامج وطني وفق مراحل واضحة ومحددة ومؤطرةزمنيا، وفي هذا السياق يتم تحديد مصادر التمويل المتاحة محليا وتلك التي سيتم تأمينها من الخارج والشروط المرتبطة بها، وهنا لا بد من التوضيح كيف واين سيتم إنفاقالاموال، وكذلك تحديد الجهات والمؤسسات المشاركة في اعادة الاعمار ودور كل منها.
العنصر البشري عامل مهم واساسي في اعادة الاعمار والدول التي عانت من الحروب والصراعات فقدت ايضا كثير من الكفاءات المهنية والعلمية سواء كان ذلك بسبب القتل او التهجير، وهذا يترتب عليه بذل عناية خاصة لاستعادة القوى البشرية المهجرة وتأهيل كوادر جديدة للمشاركة في اعادة الاعمار والتنمية."
وفيما يلي كلمة رئيس الوزراء الاسبق طاهر المصري:
"بسم الله الرحمن الرحيم
أسعدَ اللهُ أوقاتكم أيّها السادةُ المحترمون..
في عالم المال والشركات والأعمال وإداراتها، تماماً كما في عالم السياسة، ثمة انتصارات كثيرة وهزائم أكثر،يُمكن أن تقال. وهناك مَن يتربعون على عرش التخطيط الاستراتيجي في قطاع الأعمال، كهولاء الذين يتسنّمون سُدّةَ التخطيط الاستراتيجي في عالم السياسة.
قبل أسَابيعَ، وفي منتدى أصيلة في المغرب ، وفي نقاش دارَ حول الدول الديمقراطية والحوكمة، تساءلتُ، أمامَ المنتدى مستغرباً:
كيفَ يمكن أن يستقيم التوفيق والجمع بين أن تكون تلك الدول الديمقراطية في الغرب، وهي نفسها صاحبة الإرث الاستعماري القبيح في بلادنا، وفي بلدان أخرى من العالم، وهي التي قتلت عشرات الآلاف من البشر لترسيخ استعمارها ومصالحها في بلدان العالم الثالث، وبين أن تكون اليوم حارسة الديمقراطية في العالم والمدافعة عن حقوق الإنسان وحامية كلّ أنواع الحريات..!؟ بل وأكثر من ذلك؛ فهذه الدول هي نفسها، أو بعضها، مَن يطوّر ويُصنّع ويَبيعَ كل أنواع الأسلحة المدمّرة للبشر والشجر والحجر، وهي أيضاً مَن يتولّى مسؤولية الدعوة والرعاية والتمويل لإعادة إعمار ما تقوم تلك الأسلحة بتدميره في مجتمعات عالمنا المعاصر..!؟
ودعوتُ أيضاً، في منتدى أصيلة، إلى ضرورة التفريق بين نظرة الغرب لما يحدث في بلادنا ، وأساليب ووسائل التعامل معه، وبين رؤيتنا أو رؤانا نحن في كيفية معالجة تلك القضايا. فنحنُ أولى، وربّما أقدر، في تشخيص ما نحن فيه، وفي كيفية الخروج من ذلك المأزق، إذا صدقت نوايا الغرب، في مساعدتنا على البناء.
في البدءِ..
اسمحــوا لـــي أن أدعو بقوّة، وأن أحثَّ بشدّة، في الشكل والمضمون، على تغليب وتقديم مفهوم (إعادة الإعمار والبناء الاجتماعيّ والبشريّ والإنسانيّ)، في بلادنا المنكوبة بكوارث حروبها الداخليّة، على مفهوم (إعادة الإعمار المادي).
وإذ نلتقـــي اليــومَ، حول (إعمارٍ ومستقبلِ البناءٍ)، فإنّني أذكّر نفسي، وأذكّركم، بأنّ الحروبَ لا تزالُ تطحنُ دولاً ومجتمعاتٍ شَقيقةٍ.. وأنّ من الأولَى أن نَدعو الدولَ الغربية القادرة، والمؤثّرة، والمعنية بإعمار ما بعد الحروب، إلى العملِ على وقف تلك الحروب، ووقف تواصل هذه الكوارث المحتدمةأولاً، في تلك المجتمعات والدول..؟!
أوَ ليسَ الأصحُّ، أيّها السادةُ، عمليّاً وإنسانيّاً، وقوميّاً أيضاً، أن تتضافر جهود الفعلِ والعَملِ لوقف هذا السيلِ الهادر من دماءٍ عربيّةٍ، بات استمرارُ نزيفها وتواصلُ هَدرها شَكلاً من (جريمةٍ) أكثرَ منه (صراعاً)..!؟ وفي بعضها يأخذ شكل المؤامرات والصراعات الدولية والإقليميّة على فكرة وجود وطنٍ واحدٍ متماسكٍ..؟!
وهُنا، اسمحوا لي، بتسجيل هذه الملاحظة.. حول الدمجِ بين فكرة (الإعمارِ ومستقبلِ البناءِ) في دولٍ عربيّةٍ تعيش كوارثَ هدمِ بنية الشعب والدولة معاً، وبين جريمة قضية الصراع العربيّ الإسرائيلي المتواصل منذ نحو سبعين عاماً..؟! فهناك فرق شاسع كليّا، بين فكرة الإعمار الاجتماعي والماديّ، في دول ومجتمعات نُكبَت لتوّها بحروب أهليّة، وبين فكرة بناء المجتمع والوطن والدول في قضية الصراع العربي الإسرائيلي، ولا يستقيم أبداً الجمع بينهما في مؤتمرٍ كهذا..؟! وأطلب من إدارة هذا المؤتمر تصحيح هذا الوضع و/أو تغيره . ولهذا أقول أنني لن أعالج الموضوع الفلسطيني في هذه الورقة ، فإذا كانتدولُ الغرب تمتلك القدرةَ على ممارسةِ الحيادِ الشَديدِ البرودةِ، حول كوارثنا العربية، فإنّنا لا نمتلك ترف ذلكالحياد. بلولا يليق بنا كنخبٍ عربية، في الفكر والسياسة والاقتصاد والقانون..؟! كما أنّ الأفكارَوالمفاهيم التي يمكن أن تُقدّم في هذا المؤتمر، في ظنّي، وأظنّكم توافقونني، ينبغي لها أن تُعلي من شأن بناء الإنسان العربي ومجتمعاته، التي تهشمّت فيها النفوس والأرواح، على نحوٍ ماتت فيها أو تضاءلت رغبات الحياة والاندفاع نحوها. كما أنّ علىالشركات، أجنبيّة كانت أم محليّة، أن تولي اهتماماً خاصّاً، وأن تتذكّر بأن ما تقوم به من مشاريع هو(اقتصادات حروبٍ) لمجتمعات خرجت أو تخرج، لتوّها، من حروب وكوارث فادحة، أكلت أخضر النفوس البشرية قبل أن تأكل أخضر العمران..!؟وأنّ مشاريع البنية التحتية والثروات القادمة منها لا تزال تفوح منها رائحةُ دماءٍ عربية مظلومة، أخذت شكل أنهارٍ تَهدرُ وما تزال..؟!
فَحَرِيٌّ بنا هنا أن نُغلّب وأن نُعلي، في كل ما نقترحه من أفكار ومعالجات، من قيمة الإنسان والمجتمع العربيين. وأن نتذكّر جميعاً بأن علينا الارتقاء، في رؤانا ومقترحاتنا، إلى التعبير عن مصالح ومستقبل شعــوب عربية تتبدّد، وأمةٍ تنقسم على نفسها ومصالحها إلى حدود التلاشي، إن لم يتداركها الخلصون والقادرون من أبنائها، في الفكر والسياسة..!؟
***
أيّها السادةُ المحترمون..
مِن حقّنا أن نُعيد قراءَةَ ما حدثَ ويحدث في بلادنا من كوارث مرّات ومـــرّات. بل ومن حقّنا أن نرفضَ كلّ المسلّمات والبداهات والأيديولوجيّات، التي تأخذ التفكير والعقول في اتّجاهات محدّدة، لتخرج بنتائجَ نمطيّةٍ ومَكرُورةٍ، مؤدّاها جلدُ الذات أوّلاً وأخيراً ..!؟
فقارِعةُ الطُرُقِعصفت بشعوبنا ودولنا. وشركاتُ البناء ومقاولو الأمم، العابرون للجنسيات،جاهزون لإعادة بناء شعوبنا وتشكيلها بما يتفق ومصالَحهم..!؟
***
وإسمحوا لي أن أتحدث فيما يسمى «إعادةُ بناء الأمم»..
فـَ«إعادةُ بناء الأمم» في المفهوم الغربيّ بشكلٍ عام، هي عبارةٌ محايدة وباردة، على الرغم من أنّها تشمل استعمال القوة العسكرية، كجزء من جهد أكبر وأوسع، لنشر وترويج إصلاحات سياسية واقتصادية وثقافية، من أجل تحويل مجتمعات خارجة من نزاعات إلى مجتمعات في حالة سلم مع ذاتها ومع جيرانها.
ولا يشرح أسرار تلك العملية، التي تجري على قدم وساق منذ سنوات، أكثرَ من الدراسة التي أعدّتها مؤسسة «راند» الأميركية، ونشرتها في كتاب في العام 2007، تحت عنوان «دليل المبتدئين لإعادة بناء الأمم». ومؤسسة «راند»، كما هو معروف، ليست مجرد مركز أبحاث ودراسات كغيرها، بل هي عقل الإدارة الأمريكية الجماعي المفكّر. فهــي التي تحدّد معظمَ الاستراتيجيات الدفاعيةللإدارات الأمريكيــة المتعاقبة، إضافة إلى استراتيجية معظم الحكومات الحليفة للولايات المتحدة.
في تلك الدراسة بالغة الأهمية، تم تحديد خيارين، للولايات المتحدة وحلفائها، في سياق جهود إعادة بناء الأمم:
الخيار الأول، ويسمّى الخيار المشترك، حيث تحاول السلطة الخارجية، المتدخّلة في شؤون الأمة المعنية بإعادة البناء، العملَ مع المؤسسات الموجودة في تلك البلاد، والتواصل مع القوى الاجتماعية ومــراكز صناعة القرار. وذلك من أجل تحويل التنافس على السلطة والثــروة، وإعادة توجيهه، من تنافس عنيف إلى مسارات وقنوات مسالمة.
أما الخيار الثاني، ويسمى «التفكيك» ، وفيه تقوم السلطة الخارجية المتدخّلة بتفكيك أجهزة الدولة، وبناء أجهزة جديدة، وذلك بهدف نزع السلطة من مكونات محدّدة بعينها في المجتمع، ومنح تلك السلطة إلى مكونات أخرى فيه.
وفي تلك الدراسة، كان واضحاًأنّ أولوية إعمار وبناء الأمم لا تهدف إلى تحويل المجتمعات من فقيرة إلى مزدهرة، ونقلها من مجتمعات تسلطيّة إلى مجتمعات ديمقراطيّة، بل من مجتمعات عنيفة إلى مجتمعات مسالمة..!؟
ولعلّ أكثر أشكال التضليل، التي شاع استخدامها بشكل واسع في هذا السياق، هو مفهوم «إعادة الإعمار». فالدراسة تؤكّد على حاجة المجتمعات الخارجة من النزاع إلى «إعادة القولبة والتشكيل من جديد»، أكثر من حاجتها إلى عملية البناء ذاتها. أليس هذا ما يحدث في أكثر من بلد تم تفكيكه وتدميره، وتُرك أهله ينتظرون ديمقراطيتهم العتيدة، وإعمارِ دولهم ومجتمعاتهم، لأعوام طويلة..؟!.
***
أيّها السادةُ المحترمون..
أقولُ هذا أيّها السادةُ المنتدون في هذا المؤتمر.. كَي أصلَ إلى فكرةٍ مؤدّاها؛ أننا إذا كنّا قد أحرزنا تقدماً جيداً في مجال الإصلاحات، التي اشتملت على جوانب عديدة في حياة مجتمعاتالعرب، فإنّ هـــــذا القـــدر من الإصلاح قد تمّ أغلبُه في (النصوص)، ولم يحقّق القدرَ الكافي في مجال إصلاح (النفوس). والآن حان وقت التعامل مع (النفوس)، فقد تغير بنيان الفرد العربي، الفكري والذهني والانساني، واختلفت سلوكياته، وبالتالي تغير الآن بنيان المجتمع تبعاً لذلك.
بل وأكثر من ذلك فبعضُ شعوبِنا يحتاج إلى إعادة بناء عقود اجتماعية جديدة، كي تعيد بناء تماسكها الوطنيّ الذي فسّخته كوارث الحرب ومفاعيلها.فالمنطقة تمرُّ، الآن، بمخاضات وتحولات جذرية وتاريخية عميقة، ستُقَرّرُ على أساسها مصائرُ دولٍ وأنظمة.فالتحالفات والعداوات القديمة تغيرت، ولعلّ هذا ظاهرٌ في أبرز أشكاله في الخليج العربي وعلاقات دولهبالولايات المتحدة وإيران وتركيا ودول عربية أخرى.
***
أيّها السادةُ المحترمون..
حين تحدّث «المهاتما غاندي» عن «خطايا العالَم السبع»، فإنّ ذلك كان يعني الحديث ضمناً عن واقع سئ، ومتردٍ وبائس. بمعنى أن تلك «الخطايا» هـــي السبب فيما آل إليه العالمُ من أحوالٍ متردية. أمّا تلك الخطايا، كما حدّدها غاندي، فهي؛
«الثروة بلا جهد. والسياسة بلا مبادئ. والمتعة بلا ضمير. والمعرفة بلا خُلُقٍ. والعِلمُ بلا إنسانيّة. التجارة بلا أخلاق (أي قِيَم). والعبادة بلا تضحية».
وبعيداً عن الخطايا، كسبب أو كنتيجة فيما عليه الأحوال من تردٍ، فإنها تتقدّم في كلام غاندي كثنائيات متلازمة. وبتفكيك تلك الثنائيات، تتفكك الخطايـــا، لتصبح في جزئها الأول مفاهيم يعرفها الجميع؛ «الثروة ،والسياسة ،والمتعة ،والمعرفة ،والعلم ،والتجارة ، والعبادة». أما شقّها الثانــي، فهي مفاهيم: «الجهد ،والمبادئ ،والضمير،والخُلُق ،والإنسانية ،والأخلاق أو القيم ، والتضحية»، وكلها معانٍ يدركها الجميع أيضاً.
وبتأمّل الشق الأول للمفاهيم (الثروة. والسياسة...الخ) يلحظ المرء أنّ المفاهيم تشكّل فيه تفاصيل الحياة المعاشة، للأفراد والمجتمعات، الخاصة منها والعامة. أما الشق الثاني، وباستثناء مفهوم (الجهد)، فمفاهيمه تشكّل قيماً معنويّة ورمزيّة، للصفات الحميدة المطلقة للأفعال والسلوك، عند الأفراد والمجتمعات.
فالثروة المتأتّية نتيجة جهد تمتلك مشروعيتها. والسياسة التي تحكمها مبادئ لا تتوحّش أو تتغوّل أو تنفلت من عقالها. والمتعة التي يراقبها ضمير ليست خطيئة، بل حاجة إنسانية لازمة للبقاء والاستمرار، وملازمة للحياة. والمعرفة التي يهذّبها الخلق يحميها من كل الأشكال الممكنة لتشوهها وغرورها، واندفاعاتها المغامرة. والعلم الذي تحكمه قيم إنسانية يبقى يتحرّك ويتقدّم بالاتجاه المفيد للبشر ولمصلحتهم، بما في ذلك مصلحة العلم ذاته. والتجارة التي تقيّدها قيم وأخلاق تظل محصّنة من الفُحش والاحتكار، وأكل أموال الناس بالباطل. أما العبادة، التي تلازمها التضحية على مستوياتها المختلفة، الفردية والجماعية، فإنّها تأخذ شكلها الواقعي المفيد في حياة الناس الزمنية والروحية أيضاً.
لا يشكو خطاب غاندي، عن «خطايا العالم»، من مآخذ نظرية، سوى أنّه غارقٌ بكامله في «الوَعظ»، كغيره من الخطابات الأخلاقية للحكماء وبعض المفكرين، الحالمين بمدن بشرية فاضلة. والخطير في ذلك الوَعــظ وغيره أنّه يتحوّل مع الزمن إلى عقائد، تُوجّه في غالبها إلى الأفراد، وعامّة الناس، في حين أنّ الخطايا، بثنائياتها «الخالدة»، يصنعها آخرون، من فئات وطبقات عليا لا تنتمي إلى عامّة الشعب..!؟
فالثروة لم يعد يصنعها الجهد، بحسب المأثور الأميركي؛ (أنْ تعمل بجدٍّ واجتهاد لا يصنع منك ثرياً)، والمال بدوراته المتعدّدة، المشروعة منها وغير المشروعة، يصنع مالاً وثروة وفوائض مضافة. والسياسة تصنع ثروة، بل وأكثر الثروات فساداً وإفساداً. ثم هنالك مَن يحاجج غاندي على «المبادئ» التي يطالب السياسة بالالتزام بها، وعن الضمير بأنواعه، وعن الأخلاق والتجارة والمعارف، وما آلت إليه في تحوّلاتها السوقية والاجتماعية، في حياة الشعوب والمجتمعات والدول، ناهيك عن التضحيات، التي أدخلتها السياسة والمصالح إلى دورات عنف عدمية مُنهِكَة ومُدَمِّرة للمجتمعات.
ليس بحديث الخطايا تستعيد البشرية رُشدَها. ولا بالوَعظ تُحصّن المجتمعات ضدّ أشكال التدمير الذاتي التي تُحاك لها. فالخطاب كلّه لا يصلح إلا أن يكون موجّهاً إلى ثنائية «المال والسياسة». فَبِهما تصلح المجتمعات والدول، وبهما تفسد..!؟ وهو ما عبّر عنه الإمام علي، كرّم الله وجهه، في حديث عن (أنّ الإمارة والتجارة لا يجتمعان).
***
أيّها السادة الأعزّاء..
حين يصل المجتمع، بمستويات حضوره المختلفة، إلى إحالة أسباب كلّ المشكلات فيه إلى السياسة، فذلك يعني أنّ المجتمع في أزمة، جوهرها سياسي، وأشكالها تتعدّد بمقدار عمق أزمة ذلك المجتمع.
فمنذ زمنٍ غير قصير، يواصل الجدلُ الثقافي المعرفي، السلبي والعقيم، في أوساط المجتمعات العربية احتدامه، على هيئة عناوين، منها:
-لا تقدّم للعرب من بوابة «الإقتصاد والتصنيع..» إلّا بقرار سياسي..!؟
- ولا تقدّم للعرب من بوابة «التربية والتعليم..» إلّا بقرار سياسي..!؟
- ولا تغيّر «للثقافة الشعبية..» إلّا بقرار سياسي..!؟
فكلّ شيءٍ يصطدم بالسياسة، تلك العقبة الكأداء، التي يُحال إليها كلّ شيء، ولا يستطيع المواطن العربي التأثير فيها، أو الإمساك بخيوطها في حياته اليومية..!؟
بانفجار الحلقة السياسية للكيانات الاجتماعية، دخلت المجتمعات العربيــة في دائــرة العنف، المسمّاة بالحروب الأهلية، وإن اختلفت أشكالها، ما يعني فقدان القدرة على السيطرة على دوائر العنف فيها من داخلها. فعادت المسألة إلى أوّلها، على هيئة تساؤلٍ مفتوح :
-كيف تخرج المجتمعات العربية المجتمع من دائرة العنف إلى دائرة السياسة..؟! ومِن زَمنِ «الحلول الأمنية إلى الحوار الحقيقي..»؟!
فالأزمة، في جوهرها، تؤكّد خُسران المجتمع للثقةِ بين مكوّناته الأساسية. وهي ثقةٌ يصعب استعادتها على قاعدة «إرث طويل من الدم والعنف..»، إلا بمصالحات تاريخية شاملة، قوامها اعتراف بالآخر من دون تشويهه، أو «تغيير صورته معنوياً ومادياً..». وللمفارقة، فقد كان هذا الآخر لتوّه شريكاً ومكوّنا أساسياً في دائرة المجتمع الواحد، الذي خسر بالإدارة السياسيّة الخاطئة كلّ مكوّناته دفعةً واحدة، وصارت تلك المكوّنات «آخرين..»..!؟
***
أيّها الأعزاءُ في هذا المؤتمر..
لا شيءَ، سوى العودةِ الى أسئلة العَصروالزمان العارية نفسها، وكما هيَ، حولَ الحقّ والعدل والظلم والمساواة، ومحاولة ابتكار إجابات حقيقية إبداعية. إجاباتٌ واقعيةٌ جريئةٌ، متّصلةٌ بالعصر والراهن، الذي يعيشه الناس. أسئلةٌ عاريةٌ صادقةٌ، يطرحها أُناسٌ موقنون، بأنّ الدنيا تغيّرت بالفعل، وأنّ ما كان يتكرّر لم يعُد يتكرّر.
أشكرُ لكم سعة صدوركم ورحابتها.."