ضمن سلسلة أهداف ومحاور تنموية كان المجلس الاقتصادي الاجتماعي قد وضعها مؤخراً في مصلّب عنايته ومرماه أخذ المجلس يعدّ لمواجهتها والتحضير لها منطلقاً من محور التعليم العالي كونه منصّة الانطلاق الأولى و المدخل الرئيس لإجراء أي عملية ترميم أو تحسين في المستويين الاقتصادي والاجتماعي، فإلى ذلك أجرى المجلس خلوةً استمرت لمدة يوم ونصف في البحر الميت جمعت رؤوساء الجامعات ونخبة من أصحاب الهمّ الجامعي، فكان إلى جانب الخبراء التربويين أفراد و شركات من ذوي الشأن من بينها حملة "ذبحتونا" و مجلس تطوير الأعمال، فقد كانت المواجهة مع القضايا و الشؤون الجامعية العالقة تصل إلى مستوى المواجهة من مسافة صفر؛ فقد قدِم المنتدون إلى ملتقاهم مؤمنين بضرورة تجاوز الحديث عن الخطط والاستراتيجيات بغية الخلوص إلى إجراءات عمليّة ترمي إلى ردم الهوة القائمة بين التنظيري والتطبيقي ذلك في ظل وجود مسبق و معتمد لاستراتيجية وطنية لتنمية الموارد البشرية.

لقد كانت المشاركات والمداخلات مشفوعة بحضور معالي وزير التعليم العالي والأساتذة من مختلف الجامعات الخاصة والحكومية وهيئة الاعتماد وتنمية القوى البشرية، فقد طالت بطاقات الدعوة التي وزّعها المجلس الاقتصادي الاجتماعي أعضاء هيئة تدريس من مختلف الاختصاصات والخبرات وحتى من فئات عمرية مختلفة ومن كل الجنسين.

المنتدون أخذوا على عاتقهم تجاوز الخطاب "المجاملاتي" إلى خطاب مبني وفق حجّة وتصور ملموس التقى و ابتعد غير مرة تبعاً لسخونة الطرح وعناوين الأطر التي عُنونت بها جلسات هذه الخلوة و التي صبّت بدورها في سلّة النتائج وليس الأسباب، فقد اتفق الجميع على أنهم سئموا من الحديث المكرور عن التحديات والخطط والرسوم البيانية معلنين ارتياحهم لتجدد هذه اللقاءات التي أعادة لمّ شمل أسرة رؤساء الجامعات في ذات القارب وأرستهم في ذات الميناء الذي سيبحرون منه، ليس هذا وحسب فقد اتّسمت الطروحات بالجرأة و الاعتراف؛ فالكيّس من دان نفسه، و صار أن تعهد الحاضرون ومن الدقيقة الأولى إلى ضرورة الخلوص إلى سُبل ناجعة متجاوزين الانكفاء لما مضى ومتطلعين للممكن و للمحتمل حدوثه وللمفضل.

الأوراق التي قدمت صبّت في عين التحدي الجامعي فكانت تطرح الحلّ و لا تتعثر في توصيفات مبتذلة تقدمها للمشكلات المالية وقضايا الاستقلال الجامعي ، فقد استمع الحضور لأوراق حول البيئة الجامعية والخريج الذي نريد والاستثمارالجامعي وحول الاستقلال الجامعي ....، وقد أشيد بعموم الأوراق المقدمة التي أُردفت بجلسة توصيات قُدم خلالها مقترحات عملياتية سيصار لاحقاً إلى برمجتها في مسودّة اقتراحات ستُرفع إلى جانب مسودات أخرى سبق أن أعدها المجلس في مضامير اقتصادية اجتماعية إلى رئاسة الوزراء و مطبخ القرار الرسمي.