اموال «فتح» وسكاكين «حماس»
ماهر ابو طير
20-01-2009 03:39 AM
لن تبقى العلاقات ، بين فتح وحماس ، عند هذا المستوى السيئ ، اذ اننا امام فتنة قريبة ، لاعتبارات كثيرة ، تبدأ بالخلافات حول اموال التبرعات واعمار غزة ، ومن يحكم غزة ، ومن يحكم الضفة الغربية ، وما بينهما من ملف التسوية السلمية.
العالم كله ، سيصب اموال التبرعات في يد السلطة الوطنية الفلسطينية ، كما ان صناديق اعمار غزة ، المتعددة ، سوف تتعامل فقط مع السلطة الوطنية الفلسطينية ، وشعبية حماس ارتفعت في الضفة الغربية ، الى درجة هائلة ، لكنها قد تكون تأثرت بشكل ما في قطاع غزة ، بعد كل هذه المذابح ، حتى ان صديقا لي قال على ذمته وليس على ذمتي ، ان حماس لو ترشحت للانتخابات مجددا ، فسوف تكتسح الضفة الغربية ، ولن تنجح في غزة ، بذات نجاحها الاول ، لان الذي يتفرج على "العصي" في الضفة ، ليس كالذي يأكلها في غزة ، وايا كانت دوافع هذا الرأي فهو رأي جدير بالمناقشة.
حماس وقياداتها في العالم حصلت على جرعة معنوية هائلة من الدعم العربي والاسلامي ، وهي ستذهب الى اي حوار فلسطيني ، وهي تشعر انها قوية جدا ، ولن تقبل ان تنازلات في وجه السلطة الوطنية الفلسطينية ، ولن تقبل ان تدخل السلطة منتصرة الى غزة ، او على ظهر دبابات الاحتلال ، او بدفاتر شيكات اعادة اعمار غزة ، واموال التبرعات ، والسلطة الوطنية غير قادرة ايضا على دخول غزة ، اذا لم تفتح لها حماس البوابات ، وستلعب بأموال التبرعات ، للضغط على حماس ، لاعادتها الى بيت الطاعة ، وسنرى ان حماس ستقف حائرة ، فلا مال لديها لاعمار غزة ، ولا مال لديها لبناء المنازل المهدومة ، ولا مال لديها لتعويض اسر الشهداء ، وغدا ، ستدب الخلافات بينهما ، فوق الخلافات الموجودة ، اساسا ، بالاضافة الى الملفات العالقة ، بينهما بخصوص ، وجود سجناء للطرفين في سجون الطرفين ، او في سجون رام الله ، في احدى الحالات.
سرعان ما ستدب الخلافات بينهما ، وسرعان ماسوف تتدخل اطراف اقليمية ، للعبث بالشأن الفلسطيني مجددا ، لاهداف اقليمية ، او حتى خدمة لاسرائيل ، التي لم تنته معركتها مع غزة والضفة ، ولن تسمح اسرائيل بأحراجها ، عبر ابراز شريك فلسطيني خلفه توافق وطني من اجل عملية السلام ، وهو توافق لن نراه بطبيعة الحال ، وهذا يعني ، ان الحرب مستمرة ، غير انها ستأخذ شكلا بشعا ، خلال الفترة المقبلة ، وسنرى ان هناك اطرافا مجهولة في الضفة وغزة ، ستقودنا الى حرب اهلية او فتنة ، بين الفصائل ، المتناحرة ، بين مدرستين ، الاولى التي حاربت والثانية التي فاوضت ، الاولى التي تريد قطف ثمن حربها وشعبيتها ، والثانية التي تريد مد سلطتها بالقوة والمال الدولي.
لا ابالغ ابدا ، وستلاحظون ان اي حوار وطني لن ينجح ابدا ، فالحوار سوف ينجح ، في حالة واحدة فقط ، هي تراجع مدرسة لصالح مدرسة ، وسينجح فقط اذا سيطرت حماس على الضفة ، مع غزة ، او اعادت السلطة غزة لسيطرتها ، وبما ان هذا الامر لن يحدث ، لاعتبارات فلسطينية واقليمية ودولية ، فنحن امام مشهد في غاية السوء ، وسرعان ما سينفجر ، وسرعان ما سيسعى لاعبون اقليميون لتفجيره ، تحت عناوين مختلفه ، وهذا يعني ببساطة ان هناك فتنة سيتم ايقاظها ، بعد ان ينشف الدم ، وبعد ان يبدأ التلاوم والحساب الداخلي الفلسطيني وتحميل المسؤوليات ، وتقاسم الشرعيات ، او انتزاعها ، في ظل هذه المعادلة الخطيرة جدا.
حماس لن يكون بمقدورها الذهاب الى بيت الطاعة الفلسطيني ، والجلوس الى المفاوضين ، بعد كل هذه التضحيات ، وفتح وسلطتها لن يكون بمقدورها اليوم ، دخول غزة ، حتى لو تم ارسال حماس الى جهنم ، واللعبة الدولية الممولة بالمال واموال التبرعات وصناديق الاعمار ، ستلعب دورا ، في تكسير العلاقات الفلسطينية ، واحياء الخلافات من جديد ، خصوصا ، ان المال هنا سيكون بمثابة اليد التي تضغط على اليد الغزية المحطمة والمجروحة والمكسرة اصلا ، بعد ثلاثة وعشرين يوما من الحرب الجنونية ، وهو المال الذي سنرى كيفية توظيفه على حساب اهل غزة ، من اجل اعادة صياغة المشهد الفلسطيني ، وفقا لما يريده الامريكيون والاسرائيليون ، وهو الامر الذي لن يتم بطبيعة الحال.
متشائم جدا ، وارى اننا امام حرب داخلية فلسطينية ، لم نر لها سابق ، بين المنتصرين على الارض والمنتصرين ماليا ودوليا ، وبين الارادات الاقليمية والدولية ، وبين الشعب الذي لم يعد يفهم لماذا يحارب ولماذا يتوقف ولماذا يفاوض ولماذا يمانع ولماذا يوافق ، مادامت الرؤوس ، تلعب بدماء الناس ، على مدى ستين عاما.
من يعش ير.
m.tair@addustour.com.jo