منذ بدأ العدوان الحاقد على غزة وعلى اهلها الصامدين كالطود العظيم . تعطلت لغة الكلام وتقهقرت كل معاني البلاغة والفصاحة وتوارت كل فنون اللغة ، لان ما جرى لايمكن ان يحتملة عقل او يوافقه منطق.
لقد كان حجم القتل والترويع الذي شاهدة العالم اجمع ، اكبر بكثير من حجم الكلام والتأويل والتهديد والوعيد والمؤتمرات والاجتماعات والمؤامرات والتخاذلات .
لم يكتب التاريخ حسبما علمنا او قرأنا او اطلعنا , لم يكتب التاريخ عن قتل او ذبح او ترويع بهذا المقدار، ولم اسمع من قصص الحكايا والاساطير عن غدر وحقد ولؤم ونذالة بهذا الكم .
لن يجدينا ان ننبش القواميس وارتال الكتب القديمة ، للبحث عن كلام يشفي غليل سخطنا ، وقرفنا ، ومرارتنا تجاه هذا العدو الوقح الموغل في السفالة والحقارة والرذالة والعهر السياسي المأفون .
اي قاموس سيحمل كل ما يعتمل في جوفنا وعمقنا السحيق حول ما جرى ويجري . اي لغة تلك التي تستطيع ان تستوعب كل معاني القهر والكراهية والحقد على هؤلاء القردة الممسوخين .
اي قاموس هذا الذي يستطيع ان يفسر لنا ماجرى وباي كلمات وباي لغة وباي لهجة.
فان كل ما اجترحة التاريخ الملئ بالفجائع والاهوال والمجازر والنكبات عبر الوف السنين من مفردات واحرف مغموسة بالغل والقهر والحقد والاحتقار، والكراهية ، والاشمئزاز والسقوط والانحطاط والسفالة والنذالة ، لايمكنها ان توصف ما جرى .
انني لا أشتم بل احاول ان اصف ، مع انني لن استطيع ان اوفيهم حقهم في التوصيف دعوني اقول ما يعتمل في صدري ، وفي صدر كل شريف وعفيف ومؤمن وعاجز عن قول ما في جوفه .
لقد اخرج هؤلاء المافونين كل مافي جوف اللغات والكلمات والاحرف من قرف وحقد وكراهية ، بل واعادوا تشكيل وتكريس كل هذه المعاني لدى ابناء الامة والشرفاء من العالم ، للتاكيد على هويتهم كقتلة ممسوخين خارجين عن سياق التاريخ والامم والحضارات ، والانسانية .
هاهم يعترفون بحجم حقدهم وكبر غلهم وحقيقة اصلهم وفصلهم !
هاهم يعترفون ويؤكدوا للعالم انهم خلقوا ووجدوا لكي يقتلوا ويشربوا من دماء الاطفال والنساء والشيوخ ، هاهم يبرهنون لمن لايعرف او يدعي بانه لايعرف ،او لايريد ان يعرف ولمن اعماه البصر عن بصيرته ، واستهواه زخرف الكلام عن حقيقتهم .
انهم لايؤمون بما يؤمن به البشر ولا يوقنون بما يوقن به البشر ولا يستطيعون ان يكونا كما يكون البشر .