العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص وحدها التي تخلق الانتماء
المهندس موسى عوني الساكت
17-09-2017 12:00 PM
تقف - وأنت المسافر - خلف نافذة فندق في مدينة غريبة عنك، لتراقب حبات المطر وهي ترسم شوقك لمدينتك الأولى. فلا تزال تحنّ، والشوق ذبّاح، حتى تطأ قدميك أرض المطار. في هذه اللحظة تحدث نفسك عن الوطن.
الوطن. هو البيت، وهو السلط، وهو عمان، وهو شقيقاتها شمالا وجنوبا، وهو شوارعها وناسها، وهو الحجر والشجر والبشر. هو شكل الامس وحلم الغد، هو بيت العائلة، هو شجرة التوت، وطلة التين في موعده. هو حنينك إليه في الغربة، فلا تسعد حتى تحفر شارع المطار شوقا للعودة الى منزلك، فلِمَ يريد الفاسدون أن يزحف بعضنا نحو المطار مهاجرا او مسافرا باحثا عن قطرة أمل.
وانت تتابع المتعبون على شبكات التواصل الاجتماعي. الباحثون عن متر في الوطن يحمونه برمش عيونهم، وعن عدالة مفقودة، وعن فرصة ليستنبتوا في مترهم أحلامهم وشبابهم تشعر بالغصة وتسأل: كم كفاءة قُتِلتْ، وكم حلم دُفن حيا، ومضى صاحبه إلى الاحباط في محيطٍ شوّه عدالته الاجتماعية حتى صارت حكرا للتنفيعات والواسطات والفاسدين.
تراقب الناس وترى كيف تحولت مبادئ إزالة الفوارق الاقتصادية الكبيرة بين طبقات المجتمع، إلى عملية في غاية التعقيد. صار مبدأ تكافؤ الفرص مجرد نظرية غير قابلة للتطبيق في عالم يكثر فيه الحديث عن الانتماء، وكأنها دردشة لا طائل منها.
شباب يكاد يهبط في عناوين مطالباته إلى العدالة المدنية فقط، لكن حتى هذه هي الاخرى لم تعد متاحة للجميع.
إن الانتماء الحقيقي نبتة لا يمكن ان تعيش في تربة تفتقد الى العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص. هما مبدآن يشكلان الخطوط الجوهرية والأساسية لرافعة الانتماء.
هنا تسأل فيما إذا كان القول بالعدالة الاجتماعية والتشاركية في خيرات المجتمع مجرد كلام على الورق، وأن الهدف من طرحها مجرد تقطيع الوقت، فيما الجور الاجتماعي يتمدد ويَتَعَمّق حتى صار وحشا كاسرا.