لقد كثر الخلاف من هو الافضل الفقير الصابر او الغنى الشاكر واكثر الآراء مشوبة بنوع من الهوى ولكن ان استشهدنا برأي عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين قال ان الغنى والفقر مطيتان لا ابالى ايتهما ركبت وهذا يدل انه من الممكن ان يكون الفقر افضل لشخص في بعض الاحوال والغنى افضل لشخص اخر في بعض الاحوال فان استويا في سبب الكرامة استويا في الدرجة،
الغنى والفقر حالان يعرضان للعبد باختياره وبغير اختياره كالمقام والسفر والصحة والمرض والامارة والائتمام ولا يجب تفضيل الفقر على الغنى ولا الغنى على الفقر فكل منهما له حالاته وقد يستويان في حال كما في الحديث المرفوع عن انس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه تعالى " وان من عبادي من لا يصلحه الا الغنى ولو افقرته لأفسده ذلك وان من عبادي من لا يصلحه الا الفقر ولو أغنيته لأفسده ذلك وان من عبادي لا يصلحه الا الصحة ولو اسقمته لأفسده ذلك وان من عبادي من لا يصلحه الا السقم ولو اصححته لأفسده ذلك انى أدبر عبادي انى بهم خبير بصير " وكما في حديث اخر "نعم المال الصالح للرجل الصالح" لقد كان كثير من الانبياء والمرسلين والسابقين الاوليين والصحابة من كان غنيا كإبراهيم الخليل وايوب وداود وسليمان عليهم افضل الصلاة والتسليم اما من الصحابة فكان عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وطلحه والزبير وسعد بن معاذ وأسد بن الحضير وأسعد بن زراره وابي ايوب الانصاري وعبادة بن الصامت رضي الله عنهم ونحوهم كث، ومنهم من كان فقيرا كالمسيح عيسى بن مريم ويحيى بن زكريا عليهم افضل الصلاة والتسليم وعلى بن ابي طالب وابي ذر الغفاري ومصعب بن عمير وسلمان الفارسي رضي الله عنهم ونحوهم كثر.
وكان فيهم من اجتمع له الامران الغنى تارة والفقر تارة اخري واتى بالإحسان الاغنياء وبصبر الفقراء فان الله لم يفضل احد بفقر ولا غنى كما لم يفضل احد بصحه او مرض ولا اقامه ولا سفر ولا امارة ولا ائتمار ولا امامة ولا ائتمام بل قال عز وجل " ان اكرمكم عند الله اتقاكم "
وفضلهم بالأعمال الصالحة كالإيمان ودعائمه وشعبه كاليقين والمعرفة ومحبة الله والإنابة اليه والتوكل عليه ورجائه وخشيته وشكره والصبر في سبيله
حثنا ديننا الحنيف وامرنا بالسعي بان نكون اقوياء مثل ما ذكر الحديث الشريف " المؤمن القوي خير وأحب الى الله من المؤمن الضعيف وفى كل خير " وقوله عليه السلام " والله ما الفقر أخشي عليكم ولكن اخاف ان تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها "وكان عليه السلام يستعيذ من فتنه الفقر وشر فتنه الغنى واختصر هذا المثل حال الغنى والفقير وهو مثل عربي يقول الوسادة تحمل راس الغنى والفقير الصغير والكبير الحارس والامير لكن لا ينام بعمق سوى مرتاح الضمير.