جوهرة الجامعات تحقق الحلم
أ.د. هيثم العقيلي المقابلة
16-09-2017 10:03 PM
لقد نشأت الاردن في نفس الفترة التي نشأت فيها دول المنطقة بشكلها الحالي ومع ذلك تعرضت الاردن لظلم اعلامي لفترة طويلة احيانا بتصويرها كيان وظيفي واخرى بتصويرها دولة غير قابلة للبقاء. نقترب خلال سنوات من المئوية الاولى لتأسيس الدولة الأردنية والتي استطاعت رغم شح الموارد واعباء القضايا العربية ان تحقق الكثير والذي يفوق حجم امكانياتها. هذه الانجازات ليست وليدة الصدفة بل نتاج لمنهج قائم على اسس ثلاث؛ التخصصية والعمل الجاد وقبول الاخر بوجود قياده حكيمه وشعب واعي و مؤسسات راسخه. هذه الانجازات شارك فيها الاردنيون من مختلف اصولهم ومشاربهم و هذه لا بد من التأكيد عليها للجيل الحالي في الوقت الذي تحاول بعض الابواق الآثمة تقسيم الاردن عموديا او احتكار الوطنية فالجميع شركاء فاعلون في انجازات الوطن و اخلصوا له و اعتبروه ماضيهم و حاضرهم و مستقبل ابنائهم بغض النظر عن التقسيمات على الاصل و الجغرافيا و الدين. اسوق هذه المقدمة مدخلا للإنجاز الاكبر في مسيرة التعليم العالي الأردنية و هو دخول جامعة العلوم و التكنولوجيا نادي الجامعات الاكثر تميزا و هو نادي الخمسمائة. لكن لا بد من نظره سريعة على مسيرة التعليم العالي الأردنية.
التعليم في الاردن كان يعتبر نموذجا مضيئا للدول المحيطة عندما كان ينظر له ضمن المعايير العالمية و مواكبتها ثم مر بفترة ركود او بطئ عندما دخلت الاجتهادات الشخصية و تجريب نماذج لا تأخذ بعين الاعتبار حركة التطور عالميا. صحيح ان التعليم لم يتراجع في الاردن ولكن محيطنا ودول اخرى تحركت للأمام أسرع منا فاصبحنا نتراجع مقارنة مع المحيط و هذه النقطة مهم تأكيدها و هي ان الانجازات الأردنية لم تتوقف و لكن ابطأت و بالتالي لا حاجة لإعادة النظر بالنموذج من جذوره و لكن اصلاحه و تسريع وتيرته و هذا لا يتأتى الا باستعادة القناعة اننا جزء من نظام تعليمي و بحثي عالمي له معايير قابله للقياس و اي تعديل يكون بناء على تلك المعايير و ليس على اجتهادات فرديه و تجارب محليه. و أعطي مثال بسيط و هو ان احد المعايير هو نسبة الطلبة من الجنسيات الاخرى لذا لا يجوز المطالبة بتخفيض تلك النسبة تحت عناوين عاطفيه مثل توفير المقاعد لأبناء البلد لان هذا المعيار لم يوضع عبثا بل لخلق بيئة تلاقح لثقافات مختلفة تشحذ الهمم و تعزز قبول الاخر و توسع المدارك و تفتح افاق مستقبليه للتعاون مع دول و مؤسسات خارج نطاق المحلية.
ان انجاز جامعة العلوم لا يقلل مما قدمته الجامعات الاخرى في الاردن فكل جامعة تسهم في مسيرة شقيقتها بالية او اخرى و كل جامعة خدمت الوطن وفق رؤية معينه فالبعض ركز جهوده على التعليم و البعض على البحث العلمي و البعض على خدمة المجتمع و لا ينكر احد الطفرة التي احدثتها جامعة اليرموك في مدينة اربد و قفزت بها من مدينة وادعه الى مدينة كبرى جاذبة ناهيك عن دور ام الجامعات (الجامعة الأردنية) برفد الجامعات و المؤسسات التعليمية بالكفاءات و الخبرة و القوانين.
لكن لا بد من التأكيد بأن انجاز جامعة العلوم ليس وليد صدفة، بل جهد متراكم من ادارات و اعضاء هيئة تدريس و طلبة و موظفين على مدى سنوات فالكل يتذكر كيف كانت تحبس الانفاس قبيل نتائج التصنيف و في كل مرة يعاد النظر و تدرس الثغرات لسدها و المحاولة من جديد لتتوج في عهد الادارة الحالية بإنجاز كان حلما و اصبح حقيقه و كان في يوم خيالا و اصبح واقعا. جميعنا في الجامعة نتذكر كلمة سيد البلاد عندما مدح الجامعة بانها أفضل مركز بحثي اردني فشحذ الهمم و اصبحت المسؤولية مضاعفة لتحقيق رؤية سيد البلاد و الشعب الاردني بان ندخل نادي التميز عالميا.
قد يكون التحدي الاكبر بدأ الان فالمحافظة على الانجاز قد تكون اصعب من تحقيقه في وجود ما يزيد على عشرين الف جامعة عالمية تعمل ليل نهار و تطور في معاييرها لتدخل قائمة الخمسمائة فالتنافس يصبح اقوى يوما بعد يوم و بالتالي تكبر المسؤولية. لذلك يصبح دعم الجامعة من كافة المؤسسات الأردنية وخصوصا السياسية ضروريا، فالإنجاز اردني و المحافظة عليه مسؤولية عامة و ليست فقط على جامعة العلوم و التي عليها أيضا مسؤولية مساعدة شقيقاتها من الجامعات لتعزيز اسم الاردن في نادي الخمسمائة.
في نهاية المقال اتقدم بالتهنئة و الشكر لسيد البلاد جلالة الملك عبدالله الثاني على الانجاز و على دعمه المتواصل. واتقدم بالتهنئة الى ادارة الجامعة و كافة العاملين فيها.
ادام الله الاردن و حفظ قيادته و جيشه و مؤسساته و شعبه.