الذاكرة الوطنية وكتابة تاريخنا
محمد يونس العبادي
16-09-2017 07:12 PM
هل نحن بحاجة لوقفة تقييمية لما تحمله الأجيال عن ذاكرتها الوطنية؟ تكاد الإجابة بالجزم بنعم، وتلك النعم مصدرها ما تطالعه عبر مواقع التواصل الاجتماعي من ثقافة للكراهية باتت تحاصر كثيرا من عقول شبابنا.
فحادثة أيلول – علي سبيل المثال - التي مضى عليها تقريباً أقل من أربع عقودٍ باتت أحد أشكال التغذية لثقافة الكراهية، وترى كثيراً من التقاذف في التعليقات بين جيل يفترض فيه أن يكون تجاوز التبعات.
ترى، لماذا هذا الاستحضار؟ ولماذا هذه الفراغات في الذاكرة الجمعية الأردنية؟ ومن اليوم يتحمل المسؤولية حيال هذه الحالة؟
أسئلة برسم القلق، بحاجة إلى وقفة وتأمل ٍ للمسؤولية بدءاً من مثقفينا الذين يغيب كثير منهم، ومروراً بأقسام التاريخ في جامعاتنا التي انشغل كثير ممن يوصفون بالأعمدة في جهد في غير مكانه، فلم ننجح بصياغة الرواية الأردنية، الحقة ، والتي تعزز من التكاتف خصوصاً في ضوء حالة التشظي التي تمر بها المنطقة.
فالصمت الأكاديمي، وغياب المثقف المتنور صاغ أمامنا حالة من التشابك الذي نراه على مواقع التواصل الاجتماعي، وأيضاً هناك نقطة هامة لا بد من الالتفات لها، ألا وهي أن الرواية الأردنية للتاريخ لم تكتب بعد، وقد تعرض تاريخنا لحملة من التشويه في عقودٍ مضت خصوصاً في سوق الكتابة العربية، بما خلق فراغاتٍ بحاجةٍ إلى الملء بروح المسؤولية الوطنية، والتي هي غائبة عن كثير من المشتغلين بالتاريخ.
كما ان استعراض الكتابة التاريخية الأردنية، ومنذ نشأة الدولة يلحظ تغييب دور الأردنيين والوقوف إلى جانب قضاياهم العربية ، وغياب الوجدان الأردني عن الكتابة التاريخية ، فالوجدان هو أنسنة التأريخ ، وأيضاً، جيشنا العربي كان له الدور الأعظم في مفاصل تاريخ أمتنا وما زال هذا الدور بحاجة للمزيد من البيان، ويضاف له دور الجيش كمؤسسة حاضنة للأردنيين ، من بدءاً من الصهر مروراً بالدور الاجتماعي والثقافي والاقتصادي، إذ ما زالت هذه المؤسسة والتي هي درة وجدان الأردنيين بحاجة لمزيدٍ من الكتابة عنها وبيان دورها في زرع قيم والمحافظة عليها.
الذاكرة الأردنية، حالة من التعاطي والتروي والتأمل ، لا حالة من الاشتباك الذي سببه عزوف وقصور خلقه غياب دور المؤرخ ، مؤرخ الدولة والمجتمع ، فبات لزاماً علينا أن نجد من يصوغ الرواية خصوصاً وأن الأدوات جاهزة ، فدائرة المكتبة الوطنية لوحدها تضم اليوم أكثر من(5) ملايين وثيقة كفيلة بكتابة سيرة جامعة لم يطلع عليها سوى النزر اليسير من مؤرخينا وكتابنا ومثقفينا !
فألم يحن الوقت؟