الصادرات والعائدات من الدخل السياحي لا تغطي سوى 4.38 %من كلفة المستورد، كما أن الإيرادات المحلية لا تغطي سوى أقل من 96 % من النفقات. وباضافة العجز الذي يمثل القروض والمنح والمساعدات فإن نسبة التغطية تتراجع الى أقل من نصف هذه النسبة.
هذا خلل كبير، استمراره سيؤدي إلى ارتفاع المديونية لكن الأكثر خطورة هو عدم مواكبة النمو لهذه الاختلالات مهما كانت معدلاتها كبيرة حتى لو تجاوزت 8 %كما تطمح إليه خطة التحفيز في نهاية مدتها.
بل على العكس استمرار هذه الأوضاع المشوهة هو تقويض لخطة التحفيز التي يحتاج نجاحها إلى تمويل ذاتي إذ كيف يمكن حفز الاقتصاد بالدين طالما أن حصيلته لا تستخدم في مشاريع إنتاجية.
المنح والمساعدات في تراجع تدريجي، وقد تصل الى الصفر في وقت ليس بعيدا.
بإستثناء المساعدات التي قررها مؤتمر المانحين في لندن ليس في الأفق مساعدات ومنح إستثنائية، على الأقل خلال السنوات الخمس المقبلة.
ظل العجز في الميزان التجاري، الى جانب عجز الموازنة المزمن مصدر القلق الأول ماليا، فكما هو معروف، فان العجز التجاري يفسر بضعف الصادرات التي لا ترتفع كما يجب لتتولى مهمة تخفيض العجز، فما بالك لو أنها شهدت هي الأخرى تراجعا.
المشكلة لا تكمن في الأسواق التي تولت الاتفاقيات الدولية فتحها، ولا في الكلف فقد تكفلت الاعفاءات بها، لكن المشكلة في الانتاج، فلا يزال في جودته دون مستوى ما تطلبه الأسواق، كذلك الأمر بالنسبة للنوع، وقد أنفقت الدراسات سنوات طويلة من الجهد لتحديد ما تطلبه الأسواق التقليدية وغيرها، بينما لم يتجه المنتجون الى عناصر النجاح، وقبلوا بالصادرات التقليدية عند حدودها الدنيا.
السياسات الاقتصادية الخاطئة ساهمت في تراجع المستوردات سواء قيمة أو كما لاهتمامها بمنح اعفاءات كبيرة على سلع مستوردة من دول اتفاقيات التجارة الحرة التي تحتاج إلى مراجعة من ناحية تقييم الفوائد.
كنا سعداء بهذه الاتفاقيات عندما مثلت مؤشرا إيجابيا لكن السعادة تحولت إلى تعاسة كلما كنا نلاحظ اتساع فجوة العجز التجاري وزيادة الإغراق واختفاء منتجات وطنية وأخرى تعاني وها هو هيكل المستوردات يوضح أن تراجع أسعار النفط المستورد هو السبب الرئيسي لتراجع قيمة المستوردات من النفط الذي تراجع لوحده بنسبة زادت على 43.% كنا نتمنى أن يكون السبب في تراجع العجز في الميزان التجاري إرتفاع الصادرات والعوائد من الخدمات مثل السياحة والصادرات وليس تراجع قيمة فاتورة النفط التي تشكل نحو 24 %من إجمالي المستوردات ولا تراجع أسعار الحبوب.
مشوار الإعتماد على الذات سيكون طويلا إن بقيت الإدارة الإقتصادية مستمرة في إستبدال المنح والمساعدات بالقروض حتى لو كان الدين ميسرا أو بأسعار فائدة مغرية وسيكون اطول وأكثر مشقة لو تعثرت الإصلاحات الاقتصادية وبديلها الغرق في الديون أكثر فأكثر.
الراي