خريطة استثمارية للمحافظات
د. فهد الفانك
16-09-2017 02:10 AM
مرة أخرى تجهد أجهزة الحكومة نفسها في إعداد ونشر خريطة للاستثمار، أو جدول مشاريع جرت العادة أن تعرض على المؤتمرات المحلية والدولية التي تعقد في الأردن، مع إدعاء وجود دراسات جدوى أولية لتلك المشاريع.
في هذه المرة تقدم خريطة الاستثمار أكثر من 120 مشروعاً، بكلفة 302 مليون دينار، تشمل الصناعة، والخدمات، والزراعة والسياحة والرعاية الصحية في جميع المحافظات. وربما تشتمل على مدارس ومستشفيات وفنادق وشاليهات إلى آخره.
الجدوى من جهة نظر الحكومة هي حفز النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل، ومواجهة التحديات التنموية، ومكافحة الفقر، وتحسين المستوى المعيشي، وهي آخر ما يهم المستثمر الخاص الذي يريد عائداً على رأسماله.
إذا كانت هذه المشاريع مجدية من وجهة نظر المستثمر، فما على الحكومة إلا أن تحيلها إلى مؤسسة الضمان الاجتماعي التي تبحث عن مشروعات مجدية، لتوظيف فوائضها النقدية. أما إذا كانت مجدية من وجهة نظر الحكومة فقط، فما عليها سوى التعامل معها من خلال فصل النفقات الرأسمالية في الموازنة العامة. ذلك أن الخلط بين الاعتبارات التنموية من جهة والجدوى المالية والاقتصادية من جهة أخرى، من
شأنه فشل المدخلين.
من الطبيعي أن نتوقع المبالغة في تقدير عدد فرص العمل التي سيخلقها أي مشروع، أكان المشروع في جانب القطاع العام أم الخاص، ولكن، حتى لو ثبت أن الحكومة تريد أن تشتري 3800 فرصة عمل بمبلغ 302 مليون دينار، أي بكلفة 80 ألف دينار لكل فرصة عمل، فهذه كلفة باهظة لا توحي بجدوى المشروع من هذه الناحية.
ليس هذا فقط بل إن خريطة الاستثمار المقترحة تتوقع أن تؤدي جودة هذه المشاريع إلى اجتذاب 70 مليون دينار من الخارج، أي أنه سيكون هناك تنافس على هذه المشاريع، ليس بين القطاعين العام والخاص فقط، بل بين مستثمري الداخل والخارج أيضاً.
البلديات المثقلة بالمديونية لا تستطيع أن تشارك في استثمارات لا تعود عليها بفائدة، ومن هنا فإن وزارة التخطيط تعدها بدعم لا يتجاوز خمسة ملايين دينار! وهو مبلغ صغير وغير مؤثر.
على كل حال فإن الخريطة موجودة ومعلنة، ولا بد أنها تخضع للمراجعة الحثيثة من أكثر من جهة حكومية وخاصة، فدعونا ننتظر النتائج ونأمل أن تكون إيجابية.
الراي