جامعة الحسین التقنیة وتنمیة الموارد البشریة
النائب الاسبق د. بسام البطوش
14-09-2017 03:45 PM
من المتعارف علیه أن الدول التي تواجة عجزاً على الموارد البشریة وتنمیتھا اعتماداً على التعلیم المتقدم، وھذه قصة الأردن في مواجھة التحدیات عبر بناء الإنسان وتنمیة الموارد البشریة. لو نظرنا الى استراتیجیة تنمیة الموارد البشریة لوجدنا من أھم أھدافھا أن یحقق الأردن بحلول العام 2025 زیادة كبیرة في أعداد الشباب الذین یمتلكون المھارات الفنیة والتقنیة المتوافقة مع احتیاجات سوق العمل، وتمكینھم من الحصول على وظائف مناسبة من جھة، وبما یفتح لھم المجال لدخول ریادة الأعمال من جھة ثانیة. لاشك أن تحدید ھذا الھدف جاء استجابة لتحدي ارتفاع نسبة البطالة بین الشباب في بلدنا الى حوالي 32 %. وإذا كانت التجارب العالمیة تؤكد أن التعلیم ھو المفتاح لتحویل التحدیات الى فرص، في البلدان شحیحة وغنیة الموارد الطبیعیة على السواء، فإن السؤال الأھم ھو: كیف لنا تحقیق ھذا الھدف في ظل الواقع التعلیمي الحالي؟.
في ھذا السیاق ولدت فكرة جامعة الحسین التقنیة بمبادرة من سمو ولي العھد الأمیر الشاب الحسین بن عبدالله وتولت مؤسسة ولي العھد تنفیذ الفكرة؛ كخطوة عملیة للسیر على طریق تطبیق توصیات استراتیجیة تنمیة الموارد البشریة، وبما یكفل تحقیق أھداف التنمیة المستدامة في المجالات الاقتصادیة-الاجتماعیة. وبھدف إتخاذ خطوات عملیة توفر حلولا للتحدیات التنمویة عبر إصلاح التعلیم والنھوض به و تطویر قدرات الانسان ومھاراته لمواجھة التحدیات والتغلب علیھا وجاءت فلسفة جامعة - ولي العھد - الحسین التقنیة منسجمة مع ما حددته استراتیجیة الموارد البشریة من مبادئ لإصلاح التعلیم والنھوض به: وأولھا المتصل بالجودة، إذ حرصت الجامعة على تصمیم برامجھا وخططھا بما یكفل تقدیم تعلیم جامعي نوعي، عالمي المستوى، مستفیدة من نماذج وتجارب عالمیة متقدمة، وبما یضمن تخریج شباب قادر على المنافسة في سوق عمل عالمیة. وفي سیاق التواؤم مع المبدأ الثاني من مبادئ اصلاح التعلیم والنھوض بھا التي حددتھا استراتیجیة تنمیة الموارد البشریة والمتعلق بالابتكار، فإن فكرة الجامعة تجسدت في ابتكار نموذج تعلیمي جدید لیس لھ مثیل في الأردن، یقوم على المزج بین النظري والعملي، في برنامجي المھندس التقني والمھندس التطبیقي، وبما یتیح للطالب ممارسة التدریب العملي لمدة عام كامل یندمج خلالها في بیئة الأعمال في المصانع والشركات، وبما یوفر له البیئة المواتیة للابتكار والابداع من واقع امتلاك المبادئ النظریة والممارسة العملیة، وبما یساعده على تحویل الأفكار الى مشاریع ومنتجات ومخترعات.
وأولت الجامعة مسألة دعم الابتكار جل عنایتھا، وكان ھدف رعایة الابداع وتطویر القدرات وبناء الشخصیة المبدعة المبتكرة وتوفیر حاضنة للمبدعین الشباب أحد الدعامات الأساسیة، التي قامت علیھا الجامعة. یأتي ھذا في ظل اتخاذ الجامعة موقعا متمیزا یوفر للطالب البیئة الجامعیة والابداعیة في مجمع الملك الحسین بن طلال للأعمال، في عمان، بما یمثلھا ھذا الموقع من بیئة حیویة تضم حوالي خمسین شركة عالمیة ومحلیة تسٌھل على الطلبة التواصل المباشر مع بیئة الأعمال، إضافة لما تھیئة للطلبة من وسائل الترفیھية.
وممارسطة الأنشطة الریاضیة والثقافیة في بیئة آمنة وفیما یحقق مبدأ الفرص المتساویة الذي أوردتھ استراتیجیة تنمیة الموارد البشریة كأحد مبادئ اصلاح التعلیم والنھوض بھا في بلدنا فإن جامعة الحسین التقنینة حرصت على بناء نظام قبول وتعلیم یمنح الفرصة لغیر الحاصلین في الثانویة العامة على معدل 80 % لدراسة الھندسة في برنامج المھندس التقني، وھي درجة من التعلیم الجامعي فوق المتوسط مع فتح مسار للحصول على درجة المھندس التطبیقي (البكالوریوس) في حال حقق تحصیلا علمیا متمیزا وفقا لمعاییر محددة.
وحرصا من الجامعة على توفیر فرص متساویة أمام جمیع ابناء الوطن ومن مختلف المحافظات لدخول الجامعة فقد أتاحت تعلیمات المنح الدراسیة فیھا للطلبة المتفوقین في الثانویة العامة من اوائل المملكة وأوائل المحافظات للحصول على منح دراسیة.
كما أتاحت لأبناء كل محافظة من المسجلین في الجامعة الحق في التنافس على عدد ن المنح الدراسیة المخصصة لكل محافظة من محافظات المملكة وبالتساوي، وأفسحت تعلیمات المنح للطالب المحتاج الحصول على منحة دراسیة وفقا لمعایر واضحة ومحددة.
وفیما یكفل تعزیز القیم والوحدة الوطنیة وھو أحد مبادئ اصلاح التعلیم الواردة في استراتیجیة تنمیة الموارد البشریة نجد الجامعة تلتفت بالرغم من الصبغة التقنیة التي تحملھا الى الاعتناء ببناء شخصیة الإنسان وبناء منظومتھا القیمیة، والاعتناء بقدراتھ الشخصیة وتمكینھا من امتلاك مھارات الحیاة الناعمة المتنوعة، كأساس ودعامة مھمة من الدعائم التي قامت علیھا فلسفة الجامعة.
وفي الوقت الذي تتخذ فیھ الجامعة اللغة الانجلیزیة لغة للتدریس وتتیح للطالب بناء قدراتھ ومھاراتھ في اللغة الانجلیزیة كلغة عالمیة؛ فإنھا تحرص تضمین الخطط الدراسیة مساقات إنسانیة تصقل شخصیة الطالب وتبني لدیھا اتجاھات وقیم احترام العلم واعتباره مفتاحا لتطور المجتمعات وتقدمھا.
كما اعتنت الجامعة بتدریس مساق یھتم ببناء الثقافة المدنیة والمھنیة لدى الطالب، ویبني لدیھ قدرات معرفیة واتجاھات قیمیة ایجابیة نحو وطنه الأردن ودولتھ ومجتمعة، ویبني لدیه ثقافة مھنیة فیما یتصل بعمله المھني المستقبلي، وبما یزید في قدراتھا على أن یكون مواطنا منتمیا معطاء ینتمي لوطنه ویخدم مجتمعه عبر العمل والانتاج والعطاء. وحرصت الجامعة الى أن توفر لطلبتھا برامج تتیح لھم التواصل مع رجال الدولة وأصحاب التجربة والخبرة في الحیاة ممن حققوا قصص نجاح وتمیز، إلى جانب اتاحة الفرصة للطلبة لزیارة المؤسسات الوطنیة على تنوعھا. (الرأي)
*مستشار رئیس الجامعة للشؤون المجتمعیة والثقافیة والإعلام