هل تبقّى في جيب المواطن شيء للضريبة؟
د. اسماعيل ابوعامود
13-09-2017 04:46 PM
تُتداول في الإعلام أنباء عن توجه الحكومة لتعديل قانون الضريبة، والذي من المتوقع أن يزيد نسبة الاقتطاع من ضريبة الدخل الى 20% او تخفيض سقف الدخل الخاضع للاقتطاع، وفي كلتا الحالتين يعني انخفاض الدخل المتاح للإنفاق بمعدل 10%-20%. لا شك ان الدول تلجأ الى تبني سياسات مالية من اجل توفير تمويل للمشاريع الرأسمالية وخدمات التعليم والصحة المنفذة من قبل الحكومة والتي من شأنها رفع مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين والمستثمرين. الا انه وفي الحالة الاردنية والذي تزيد نسبة الفقر فيه حسب ارقام البنك الدولي عن 33% فان الحال سيكون مختلفا كليا، فالآثار السلبية ستكون كارثية للأسباب التالية:
1. يعرّف الفقر بانة عجز الفرد عن توفير الحاجات الاساسية للعيش مثل الطعام والملبس والمسكن والخدمات الصحية والتعليم والتنقل، وبالتالي فان شريحة من هم تحت خط الفقر ستزيد بكثير عن 33% وقد تصل الى 50%، وهنا لا يخفى على احد مخاطر ذلك وانعكاساته على البنية الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع والدولة ككل.
2. معدل الدخل للفرد في الاردن حسب القراءات الرسمية تقدر بحوالي 452 دينارا شهريا وبدخل متاح للإنفاق (الدخل مخصوما منه الالتزامات الشهرية) حوالي 284 دينار، واذا ما تم تعديل قانون الضريبة فان الدخل المتاح للإنفاق قد ينحدر الى حدود 200 الى 220 دينار لعائلة مكونة من خمسة الى سبعة افراد و سيكون له اثر كارثي.
3. الاستيلاء على نسبة اضافية من دخل الفرد من خلال الضريبة سيؤدي الى قتل القوة الشرائية للمواطن وبالتالي الانعكاس السلبي على قدرة الاعمال والمحال التجارية والاستثمارات عموما مما يعني انهاء اعمال موظفين حاليين والحد من خلق فرص عمل جديدة وبالتالي ارتفاع معدل البطالة الذي وصل مع بداية عام 2017 ما بين 18.2% الى 34% حسب المناطق على مستوى المملكة.
4. ترتيب الاردن في جذب الاستثمار حسب البنك الدولي لعام 2017 وصل الى 118 من بين 190 دولة، بينما ماليزيا 23 والامارات العربية المتحدة 26 والمغرب 68 و كينيا 92 وزامبيا 98 فنحن اقرب الى اوغندا التي ترتيبها 115. من المعروف ان ارتفاع معدل الضرائب يعد العدو الاكبر للاستثمار، وهذا يعني حرمان الاردن من فرص خلق عمل وتحقيق دخل في حال استمر الحال على ما هو علية، فماذا نحن فاعلون في حال ارتفاع معدل الضرائب؟
5. من المعروف ان الفرد اكثر حكمة في استثمار الاموال المتاحة له من الحكومة، وبما ان معدل الدين في الاردن وصل الى حوالي 96% من الناتج القومي الإجمالي فمن المتوقع ذهاب الاموال المحصلة من الضريبة لتسديد جزء من الدين وبالتالي لن يتم توظيف التحصيلات الضريبية لتحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطن.
6. ارتفاع معدل الضريبة يعني اقتطاع من دخل الموظف وبالتالي سيؤثر سلبا على انتاجية الموظف التي هي متدنية بطبيعة الحال والتي لا تكاد تصل الى ساعة يوميا مما يزيد من رغبة الموظف بالحصول على مغادرات واجازات بحثا عن عمل اضافي لتوفير دخل يساعد في تحمل اعباء الحياة.
وبالتالي ، فنحن في هذه المرحلة بحاجة الى تخفيض الضرائب لتنشيط الاقتصاد وجذب الاستثمارات بدلا من رفع معدل الضرائب.
الدكتور اسماعيل أبو عامود اقتصاد سياحي/الجامعة الاردنية
i.abuamoud@ju.edu.jo