حملت السنوات الاخيرة تطورا نوعيا في علاقة الناس مع حكوماتها، وهو امتلاك الناس او ما يسمى الرأي العام القدرة على التعبير وتكوين رد فعل تجاه اي قضية بسرعة وخلال ساعات او ربما اقل ،ولم تعد الدولة بحاجة الى ايام حتى تستطيع قراءة المزاج الشعبي تجاه اي قضية، ومن خلال الاعلام ووسائل التواصل اصبح تكوين موقف عام امر سريع جدا حتى وان كان الخبر غير دقيق او غير مكتمل، فمعظم الناس ليست معنية بالتدقيق وبخاصة عندما يكون الطرف الرسمي المعني بطيء الحركة او غير مبال.
ونتيجة تعاقب المراحل اصبح افتراض الفعل الرديء والسيء من الجهات الرسمية الحكومية هو الأصل، فأي خبر يتحدث عن قرار حكومي يلحق الضرر بالناس بجد تصديقا حتى وان كان غير دقيق، فالصورة الذهنية ان الحكومة وبخاصة في الجانب الاقتصادي لا تفعل ما ينفع الناس .
الخطير في الامر ان وجود خبر سلبي يراه الناس يلحق الضرر بهم دون معالجة سريعة له جانب اصعب وهو زياده حالة عدم الرضى او ما يسمى الاحتقان في الشارع وبخاصة اذا تحول الامر الى ماده للعاملين في الحقل السياسي بأنواعه ،اي ان تأثير الامر على الناس وعلى علاقتهم بالحكومة وحتى الدولة يحدث حتى قبل اتخاذ القرار او حتى لو لم يتم اتخاذه وذهب باتجاه اخر مختلف عما تم تداوله في مرحله التسريبات .
اليوم نحن نعيش نموذج قانون ضريبه الدخل الذي تم تناقل اخبار حول اثاره على الناس قبل العيد ،وتعامل معه الناس باعتباره أمرا واقعا لأنهم لن يصدقوا ما تقوله الجهات الرسمية المعنية ،وحتى بعدما صدرت بعض الاستدراكات من مسؤولين حكوميين فإن الامر لم يتغير من حيث تأثيره على الناس الذي اعتبروه خطوه حكومية جديده لزياده الصعوبات على الناس .
الراي العام ليس منتدى الخبراء وبالتالي فالتعامل معه وتجنب اثارة اي إجراءات ربما لن تحدث امر ليس سهلا، وكما اشرت فإن الامر الخطير هو ما يتركه اي امر على حاله الناس وعلاقتهم او نظرتهم لحكوماتهم، وبخاصه اننا لم نصل الى مرحله إقناع الراي العام بإغلاق ملفات الفساد التي تنتقل عناوينها من مرحله لأخرى .
نظرة الناس للجهات الرسمية وعلاقتهم بدولتهم من اهم واجبات الحكومات مثلما هي الملفات الاقتصادية والسياسية، وهي العلاقة التي تتأثر سلبيا بطريقة ادارة المراحل اكثر مما تتأثر بالقرارات الصعبة.