أعلنت كوريا الشمالية بفخر واعتزاز عن تجربة ناجحة للقنبلة الهيدروجينية، ولم تكذب أميركا أو اليابان هذا الإدعاء، بل اعتبرته تهديداً للسلم العالمي. وحتى روسيا انضمت إلى جوقة المستنكرين.
هذا النوع من السلاح الفتاك موجود ليس فقط عند الدول دائمة العضوية في مجلس الامن الدولي، بل أيضاً في دول أخرى مثل إسرائيل والهند وباكستان.
السلاح الذري لم يثبت أنه أداة للحرب بل لمنع وقوعها، وقد ساد السلام بين المعسكرين الشيوعي والرأسمالي لمدة 45 عاماً بسبب امتلاك الطرفين لهذا السلاح، ولمعرفة من يفكر في استعماله بالكلفة العالية عند الرد الذي
لا بد منه فهو بحق سلاح ردع متبادل.
الهند وباكستان كانتا في حالة حرب متجددة انتهت بمجرد امتلاك الدولتين للقنبلة الذرية فهي سلاح للردع أثبت نجاعته.
الفرق أن رئيس كوريا الشمالية قد لا يكون عقلانياً، وأن من الممكن أن يرتكب حماقة، وهذه فرضية خلقتها الدعاية الراسخة ضد كوريا
الشمالية باعتبارها دولة مارقة شاذة تدار بشكل يثير القلق.
هنا نذكر أن ما يمكن أن يقال عن تصرفات وتصريحات رئيس كوريا الشمالية كيم جون اون يمكن أن يقال مثله عن الطرف الآخر، وهنا نذكر أن الرئيس ترمب هدد كوريا الشمالية باستعمال سلاح نوعي يؤدي إلى حرقها وإثارة الرعب فيها والمقصود هو السلاح الذري.
إذا كانت كوريا مهددة بالسلاح الذري فلماذا لا يكون لها سلاحها الذري، ليس لكي يستعمل، فهذا انتحار لا يمكن أن يقدم عليه رئيس دولةمسؤول، بل لكي يحول دون استعماله ضد بلاده.
هنا نذكر العقوبات القاسية وغير الإنسانية المفروضة على شعب كوريا الشمالية، وآخرها منع وصول شحنات البترول المستورد.
هذا يعيد إلى الأذهان محاولة العراق امتلاك القنبلة الذرية. ويعتقد كثيرون أن صدام حسين تسرع عندما قام بمغامرته غير المحسوبة في الكويت قبل أن تصبح القنبلة الذرية جاهزة، فلو انتظر قليلاً فإن أميركا وثلاثين دولة أخرى ما كانت لتهاجم العراق لتدميره وإعادته إلى عصر ما قبل الصناعة.
إسرائيل لم تهدد باستعمال القنبلة الذرية ضد العرب بل إنها لا تعترف بامتلاكها، ومع ذلك فإن التهديد موجود ضمنياً وإلا كيف تستطيع
إسرائيل إذا شاءت أن تمحو عشرين عاصمة عربية عن وجه الأرض؟.
التهديد الإسرائيلي الصريح أو الضمني والتلويح بالقنبلة الذرية له رد مناسب واحد هو أن يمتلك الطرف العربي هذا السلاح الذي أثبت القدرة
على الردع المتبادل، وربما صنع السلام