لا تنظر للماضي فلو كان خيراً لكان حاضرك
د. ايمان الشمايلة الصرايرة
13-09-2017 01:06 AM
قال السماء كئيبة وتجهما........قلت ابتسم يكفي التجهم بالسما... قال: الصبا ولّى! فقلت له: ابتــسمْ, لن يرجعَ الأسفُ الصبا المتصرما ...
نندب على أبواب الحاضر ما حصل بالماضي السحيق الذي مر بنا، نبكي على أحداث مرت بنا، نتألم لماذا مرت بنا؟ ولماذا لم نستطع وقتها المواجهة؟، ولماذا سمحنا للآخرين بتدميرنا؟ نتسائل ونتسائل تنزل دموعنا ألماً وحرقه ونقهر أنفسنا ظانين أن الماضي سيعود وأن الشخوص يجب معاقبتها...ولكن هيهات هيهات، ما طلبته بالماضي لم يكن ليحصل لماذا؟ لأنه ليس فيه خير لك، قال تعالى: )وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) (البقرة: 216(.
اعلم انهم حاربوك ليردع الله عنك شر ذلك الحدث ولينقلك إلى حدث أفضل وأعلم أنهم أساؤا لك ليكشف الله لك ما بداخلهم نحوك حتى لا تبقى منخدعاً بقيمهم ومشاعرهم نحوك، وأعلم أنهم عادوك لينتقم الله منهم في المستقبل شر انتقام، فإذا علمت كل هذه الأمور هل تتمنى أن تبدل الماضي وأن ترجع له وتعيش الموقف السلبي بشكل إيجابي، بالعكس إذا لم تذق الطعام فلن تعرف طعمه الحقيقي، فكل منه حتى لو لم يعجبك طعمه وحتى لو لسع لسانك، لتعرف وتكون لك الخبرة في كيفية انتقاء طعامك، ألا يسرك أن الله كشف لك أعدائك حتى وهم أقرب الناس لديك؟ يؤلمك ذلك، ولكن تذكر أن الله كشف لسيدنا يوسف عليه السلام ما يكن له إخوته منذ نعومة أظافره حتى لا ينخدع فيهم عند كبره، وماذا فعل؟ جعله عزيز مصر لكنه عندما أصبح عزيز مصر كان قد كشف من حوله وعرف كيف يتصرف معهم، أزال الله الغشاوة من على عينيه مبكراً، فلو بقي يوسف مع أسرته تحت رحمة حقد إخوته لما وصل إلى أن يكون عزيز مصر ولبقوا يذيقونه أشكال العذاب، وحتى لو أصبح عزيز مصر لم يتسن له ان يكشفهم ويكشف نواياهم، وتذكر أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لو بقي في مكة لما بنيت المدينة المنورة ولبقي أهل مكة في محاربته، ولكن خروجه من بلده رغم ألمه وقوله لمكه (والله أنك لأحب أرض الله إلي، ولولا ان أهلك أخرجوني منك ما خرجت)، ورغم ذلك ذهب إلى طيبة وحول اسمها للمدينة المنورة ونصره الدين نصرا عظيماً ورجع إلى مكة مرفوع الرأس فاتحاً لا معذَبا ولا معذِبا، إذا فماضيك لو كان فيه الخير لك لما بدله الله بمستقبل أفضل وبشخوص أفضل وببيئة أفضل، فدائماً كرر لعل في الأمر خيراَ.