اتيح لي حضور لقاء بالجامعة الامريكية بالقاهرة عام 2005 مع كوندليزا رايس او كوندة كما يطلقون عليها من باب ترخيم الاسماء، وشممت من معظم عباراتها رائحة هذا البارود الذي احال منطقتنا الى جحيم، واضاف الى ثقب الاوزون والانحباس الحراري والتصحر بضع درجات مئوية كما رأينا في هذا الصيف.
كانت رايس تبشر بشرق اوسط كبير، مهّد له شمعون بيريز في كتابه الشرق الاوسط الجديد، والذي قال في مقدمته ان اتفاقية اوسلو كانت هدية عيد ميلاده السبعين ! ورايس عملت مع جورج بوش الاب في المخابرات المركزية، وكانت من المتخصصين في فقه التفكيك الذي كان الاتحاد السوفييتي نموذجه، والاكاديمية التي نافست سيدة الفلبين في عدد الاحذية؛ لانها تعاني من عقدة ذات صلة بالحذاء تحدثت عن الديموقراطية اكثر مما تحدث عنها الاغريق القدامى الذين ابتكروا هذا المصطلح ولم يجد بعد من يترجمه الى اية لغة اخرى في الكوكب، لكن اية ديموقراطية ؟ انها ديموقراطية توزيع الشقاء بالتساوي وتدمير المدن العربية العريقة بعدالة مكارثية ومهارة رامبوية، رايس رمتنا بدائها وانسلت ونادرا ما يذكر احد اسمها اليوم؛ لأن من يغيب عن خشبة المسرح ويبقى وراء الكواليس لتلقين الممثلين في هذه الكوميديا السوداء يتفرغ لاحصاء الغنائم وما حققه من مكاسب لبلاده وخسائر لبلاد الاخرين ! قبلها توارى هنري كيسنجر عن المسرح لكنه ايضا اختبأ وراء الكواليس وبلغ التسعين ولم يسأم تكاليف الحياة كما قال شاعرنا زهير بن ابي سلمى.
يأتون ويذهبون باسماء مختلفة والوان مختلفة لكن العزف لا يتغير؛ لأن الاوتار المشدودة على آلاتهم من لحمنا وريشة العزف من عظم موتانا !
لم تكن كونداليزا السنونو الذي اعلن الربيع كما يقول مثل انجليزي بل الغراب الذي نعق فوق الاطلال والخرائب، وحين زارت بغداد بعد اسقاطها وليس سقوطها كما يقال انتزعت خوذة جندي امريكي ووضعتها على رأسها لتذكر الرجال العرب بأن الشوارب تنبت للقطط ايضا !!
الدستور