الضرائب .. بين رؤية ابن خلدون وتجربة الرئيس ريغان
م. موسى عوني الساكت
12-09-2017 01:45 PM
لن نعيد اختراع العجلة في ملف الضرائب والجباية، فقد أدارها ابن خلدون قبلنا، وأفاض في الحديث عنها، وأسهب، وبهذا وغيره عُرِفتْ عبقرية الرجل.
كتب ابن خلدون في مقدمته، محذرا من أن التوسع في السياسات الضريبية سيؤدي إلى ترك الناس لبعض أعمالهم الاقتصادية. وبعد قرون وتطبيقا لما ذهب اليه العبقري العربي، خفّض الرئيس الأمريكي رونالد ريغان معدلات الضريبة بهدف تحفيز النمو الاقتصادي، ثم اصدر قانوني الإصلاح الضريبي لسنتي 1982 و 1986 اللذين نهضا بالاقتصاد الامريكي، وحققا نتائج إيجابية مهمة، وفاعلة.
هذه هي الحلول المجرّبة والمتّبعة عالميا لمواجهة الركود والانكماش الاقتصادي غير المحفز للأنشطة الاقتصادية بمختلف أشكالها.
لقد صار مسلّما به عالميا وبفعل تجارب مجتمعات ودول عدة أن أول ما سيتجه إليه العقل الاقتصادي في الدول التي تعاني من خطر الركود هو الحرص على عدم فرض ضرائب إضافية أو رفع تكاليف الأعمال.
في كيمياء الاقتصاد، إذا ما جرى دمج عُنصري الانكماش والضرائب سينتجان مادة ثالثة تدعى الركود. فكلما زاد الانكماش الاقتصادي علينا أن نرخي حبل الضرائب لا أن نشدّه حتى يطبق على رقاب الناس.
ما علينا أن نقلق منه هو أن فرض مزيد من الضرائب سيعني تقليص بيئة الاعمال، وبالتالي توفير بيئة خصبة وجديدة لمصاعب النمو الاقتصادي منها عجز الاقتصاد عن توفير وظائف جديدة، بل وعلى المحافظة على الوظائف المتوفرة.
مجددا نقول: إننا بهذا لا نخترع العجلة. وأن عبقرينا ابن خلدون أدركت المعادلة قبل قرون مضت، ثم جربته أمم تعيش بيننا الان، يوم عانت مما نعاني منه من انكماش، ونجحت.
الحكمة الاقتصادية على كل لسان اليوم، وهي التي تقول: ليس اخطر على بيئة اعمال تعاني من الانكماش أكثر من اعتماد سياسة الضرائب.
ولماذا نستشهد بتجارب دول أخرى وتجربتنا بين أيدينا حاضرة ومتواصلة منذ عقدين.
هنا أسأل، ماذا فعل بنا تطبيق فرض مزيد من الضرائب وزيادة الاسعار، وما هي آثار هذه السياسة على السوق الاردني، وعلى بيئة الاعمال، وعلى توفير وظائف جديدة والمحافظة على ما هو موجود من وظائف؟
هل حقا تقدمنا بسياستنا الضريبية خطوة الى الامام أم أن ما فعلناه منذ عقدين أننا تراجعنا باقتصادنا الف خطوة إلى الخلف؟