دولة الرئيس .. منسف للرؤساء السابقين ولك
عدنان الروسان
12-09-2017 02:09 AM
بين الوطن الذي نريد و الوطن الذي نعيش فرق هائل ، أذهل الناس و جعلهم ضد كل شيء ، ضد اللصوص ، لا بأس ، ضد الفاسدين ، لا بأس ، لكنهم وصلوا اليوم إلى أن يكونوا ضد الطبقة الحاكمة ، ضد الدولة كمؤسسة ، ضد الوطن ، و حينما يكون المواطن ضد الوطن تكون الطامة الكبرى لأنها مرحلة ما قبل الانتحار الوطني ، المؤسسات التي يجب أن تنتبه للحالة النفسية للشعب لا تنتبه ، أو أنها غير موجودة ، يجب أن لا نفرح كثيرا لظاهرة تندر الأردنيين على أنفسهم ، و لنهر الشتائم و الدعابات الذي لا يتوقف على مواقع التواصل الاجتماعي ، والأردنيون معهم حق و سأقول لكم لماذا ..
ليس هناك شعب يعيش دون هدف ، دون أمل ، ليس هناك شعب واحد في الدنيا يستطيع العيش بدون حلم يسعى لتحقيقه ، و الشعوب التي تفعل ذلك تندثر و تموت و تتلاشى أوطانها و تتبخر أمالها و تكون قبائل جاهلة فاشلة تعيش على هامش المكرمات الدولية ، شعوب يتيمة ، مقهورة ، الأردنيون أناس طيبون ، و لا أريد أن أدخل في سيمفونية نفاق و مزاودة و تزلف و خوف من الحساب على ما أقول ، الأردنيون طيبون ، لكنهم كسالى في وطنهم مبدعون في المهجر ، لماذا ، هذا سؤال برسم الحكومة القادمة ، ليس هذه الحكومة لأنها لا تملك الوقت اللازم فوقتها مسخر لزيادة الضرائب و كسر أخر فقرة في العمود الفقري للشعب الأردني.
لا يبدو أن الدولة ترغب في أن يكون هناك أردني واحد يمتلك الحكمة ، أو حكمة ما تكون مهمة للدولة ، الدولة الأردنية لا ترغب أن يتحقق أي تقدم أو أي ازدهار أو أي رفاه للشعب الأردني إلا إذا كان على أيدي أناس معينين ، الدولة الأردنية لا تهتم لما يقال و يكتب إلا بمقدار ما يؤثر ذلك على الأمن الداخلي و الاستقرار السياسي ، الدولة الأردنية لا تأخذ بأي نصيحة مهما كانت مهمة لأن الدولة تظن أن الشعب مجاميع من الجهلة الأميين و أن أي إبداع لا بد أن يكون من أفراد بعينهم أو لوبيات خفية بعينها و كل ماعدا ذلك باطل لا يعتد به و لا يؤخذ منه.
دولة الرئيس ، سترفع الضرائب و كل ما يقوله وزير الإعلام الحكومي و الناطق الرسمي باسمك ليس إلا كلام يشبه الأسبرين ، سترفع الضرائب شئنا أم أبينا ، و سترفع الضرائب و لو اضطر الأمر إلى أن تدعس على رأس الراضي و الزعلان ، و أنا لا ألومك دولة الرئيس ، لا ألومك لسببين رئيسيين ، أولهما أنك مسكين مثلنا لا تهش و لا تنش و لا تملك من أمرك شيئا في هذا الملف امام البنك الدولي و أنت تعرف أنني صادق فيما أقول ، و الأمر الثاني انك تعلم أننا نعاج و أننا نقبل بكل شيء لأننا تربينا أن نكون هكذا و مشاطرنا نحن الشعب على بعضنا البعض ، مشاطرنا في التفاخر العشائري و العنفصة و الفشخرة و سحب الأفلام ، ماعدا ذلك قدام دولتك احنا نعاج و سلامة تسلمك و أنت تعرف ذلك.
لكن ...
أه فيها لكن ، و أنا هنا ربما للمرة الألف أكرر حينما أكتب ، أكتب ما بضميري و وجداني و قلبي ، و أكتب و أنا لست من كتاب الدولة و لا من كتاب مضافات رؤساء الوزراء السابقين و لا من كتاب الدعسة السريعة و لست من جماعة الإن جي أو غيرهم ، أنا من كتاب الوطن الذين يحبونه و يعشقون ترابه و الذين إذا أرادوا أن يقدموا يقدمون بدون حساب و بدون عتاب و بدون مغلفات منتفخة كالتي يحملها كل يوم الداخلون خفافا و الخارجون ثقالا ، نعرف كثيرين منهم و ربما نعرفهم كلهم ، و قد نعرف الأرقام و الأسماء رغم بعض البقع السوداء على جباه البعض من أثر الصلاة ، و رغم الربطات الحمراء و الشعارات الفاقعة القديمة كل السلطة للمقاومة و الكلام عن نظام رجعي ، كلهم يقبضون و يسكنون في أجمل الضواحي و يستمرون في التفليم و الضحك علينا .
رغم كل ذلك في لكن يا دولة الرئيس ، أنت لن ترفع الضرائب على الأغنياء ، أنت تعرف و نحن نعرف ، أنت ستكسر ظهر الشعب ، ظهر الفراء ، ظهر العبيد الذين وصلوا إلى حافة الانفجار ، أنت تلاحق الجوعى على حاويات القمامة التي يأكلون منها ، أنت تريد مالا بأي ثمن و لا تقدر على أحد غير الشعب و ستغادر وبسرعة و تكون قد أديت دورك كما أدى ابو النسور الله يسلمه دوره و ستذهب إلى ديوانيتك كما ذهب الآخرون إلى ديوانياتهم.
بسبب إعصار ايرما لو اجتمع رؤساء أمريكا الذين هم على قيد الحياة ، بوش و بوش و كارتر و اوباما و كلينتون و قاموا بجولة جمع تبرعات للمشردين و الفقراء الأمريكيين ، أعطوني مرة واحدة ، مناسبة واحدة اجتمع فيها الستة عشر رئيس وزراء السابقين على مشروع لمساعدة الوطن الذي صرف عليهم من ما فتح و رزق ، أعطوني نشاطا واحدا قام به هؤلاء الديناصورات ، أي شيء و من يعطيني نشاطا مماثلا له مني و لكل الرؤساء السابقين هدية منسف على لحم بلدي تقوم عمون بدفع ثمنه نيابة عني ، هؤلاء الرؤساء انشغلوا بتوزير أبنائهم و تعيين بناتهم في أعلى المناصب و برواتب خيالية يكاد الأردني يغيب عن الوعي حينما يسمع بها ، هل يعقل أن يكون راتب موظفة برتبة مدير في إحدى المؤسسات يساوي راتب أربعين إلى خمسين جنديا في قواتنا المسلحة الأردنية ، هل هذا عدل .
دولة الرئيس .. ما بتمون صحيح، لكن بتقدر تتقي الله و تكون زلمة و تقول أنا مروح ما برفع الضرائب، بتسويها ... و الله ما بدري، بس ما أظن ..
الله يهديكوا ..