لسنا متحذلقين يا كتاب الحكومات
د.مروان الشمري
11-09-2017 11:20 AM
استمر بعض كتاب الحكومات من المتحالفين مع وزراء الملف الاقتصادي بمحاولات الترويج لقانون الضريبة الجديد ومنهم من تطاول في غيه ليصف المعارضين للقانون بالمتحذلقين متخذاً نهج الناطق الرسمي لحكومة الجباية حين وصف الشعب الأردني اكثر من مرة بأنهم ينقادون للخطاب الشعبوي دون وعي بحقائق الأمور.
في مقالات متعددة مؤخرا حاول هؤلاء الكتبة المستكتبين الادعاء باطلا وزورا بأن الضريبة ليست جباية وإنما هي محاولة حكومية لإشراك المواطنين في ما ادعى احدهم بانه تنمية اقتصادية وإصلاح اقتصادي ونهضة وووووو، يا رجل الا تخاف الله؟ هذا الكاتب ورفاقه المستكتبين لم ينسوا ان يذكروا الأردني الفقير الذي تآكل دخله بالمؤشرات المتردية لحالة الاقتصاد ومنها تراجع الصادرات والسياحة الخارجية وانقطاع الغاز المصري ووووووالخ، محملا الإقليم والظروف كالعادة مسؤولية هذه الاختلالات، ونسي أو تناسى قصدا الكذب والدجل الحكومي المستمر منذ ما يزيد على ١٥ عاما عبر كل الحكومات المتتالية فيما يتعلق بنتائج برامج الإصلاح الاقتصادي والتنمية الاقتصادية المفروضة من صندوق النصب وتناسى الكاتب وغيره كيف انقلب برنامج الخصخصة من برنامج يراد منه زيادة التنافسية وتحسين جودة الخدمات وتوسيع قاعدة الفائدة المحققة من الخصخصة الى برنامج لم يجلب الا مزيدا من الفائدة لنخب الاعمال والمال والسياسة ومزيدا من الفقر والتآكل لدخل الطبقتين الوسطى والمسحوقة.
تناسى الكاتب انه في الادارة العامة وابسط قواعد الادارة الاستراتيجية فإن صناعة اي قرار تتطلب دراسة جميع البدائل المتوفرة لتحقيق هدف أو أهداف القرار وتتطلب أيضا دراسة الأبعاد والاثار المترتبة على القرار ومقارنتها بالفائدة المتحققة من القرار، ولكن فليجب الكاتب وأصدقاؤه الوزراء هل قاموا بدراسة البدائل المتوفرة لتحقيق وفر مالي للخزينة وهل قاموا بدراسة نتائج القرار على الاقتصاد الكلي وهل قاموا اصلا بمفاوضة فارض القرار وهو صندوق النصب الدولي على حيثيات وتفاصيل القانون؟
يا سيدي الكاتب لا تزاود علينا وتطخ وطنيات وتدعي زورا وباطلا ان دفع الضريبة هو لتأمين مستقبل أفضل للأجيال القادمة، منذ سنين طوال ونحن نسمع أسطوانات الكذب هذه والتي لم يتحقق منها شيء ولم يشعر المواطن باي تحسن في مستوى الخدمات ولم يشعر المواطن بتحسن في البنى التحتية للمؤسسات العامة ولم يشعر المواطن بالرفاه الاقتصادي المزعوم لا بل تردى وضعه من سيّء لأسوأ.
اذا كان الهدف هو تحقيق الوفر المالي فإن السؤال لدي ولدى كل مختص وخبير هو : لو كُنتُم فعلا تحبون هذا البلد وحريصون على شعبه واستقراره ومثبتات الامن والالتزام فيه لقمتم منذ الْيَوْمَ الاول لتسلمكم مهامكم مثلا بجولات على جميع الدوائر والهيئات التابعة لوزاراتكم ولتتبعتم نسبة الهدر المرعبة في المال العام في التكاليف التشغيلية لهذه الدوائر والهيئات ولقمتم بإعادة جدولة رواتب الفئات العليا وربطها بالقيمة المُضافة والانتاجية وريادة وكفاءة وقابلية تطبيق الأفكار ولقمتم أيضا بالنظر في ما خفي من ملف الطاقة في الاردن ولقمتم بصياغة مشروعي قرار للضريبة وليس واحدا ولبدأتم اولا بثروات المتكرشين وكبار القوم ولطلبتم ارصدة هؤلاء في الداخل والخارج واخضعتموها للضريبة وأتحداكم بأنكم لو فعلتم ذلك فسيتوفر ٣ أضعاف المبلغ المطلوب!
يا سيدي الكاتب، في كل دول العالم التي تحترم عقول وكرامات شعوبها تعمل الحكومات على تبيان إنتاجها الفكري الذي يترجم لاحقا لمشاريع حقيقية على الارض وليست ورقية، تعمل هذه الحكومات على تبيان مدى القيمة التي أضافها ذلك الانتاج للوطن في الملفات الرئيسيّة كالاقتصاد الوطني الكلي والجزئي أيضا عبر تشريعات تشجع التنافسية وتزيد نسب النمو وتحفز الاعمال الصغيرة وتزيد مستوى الكفاءة لدى المهتمين بتلك المشاريع عبر التدريب وبقوانين ضريبية تعمل على التركيز على نتائج القانون بما في ذلك استدامة الإنفاق الضروري على التعليم والأساسيات، كما تعمل على تطوير برامج اقتصادية متصلة ومتكاملة وليست بالقطعة بمعنى ان البرنامج يكون معتمدا على مدخلات من كل الخبراء في كل قطاعات الدولة كي يتم الأخذ بالاعتبار كل التداعيات المُحتملة ايجابا وسلبا من اهل الاختصاص، هكذا تصنع السياسات في الدول التي تحترم شعوبها، هل تعلم يا سيدي الكاتب ان تقليص هامش الإنفاق يؤدي حكما لزيادة الخوف من الإنفاق وبالتالي تقليل الاستهلاك في الكماليات وهذا جيد لكن هل لدى الأردني البسيط اصلا هكذا هامش؟ و ماذا عن الإنتاجية وماذا عن الإنفاق على الاولويات كالتعليم والسلع الاساسية لتوفير حياة كريمة للمواطن؟
هل تريد الحكومة سلخ جلد المواطن المسحوق اصلا وتحطيم ما تبقى لديه من أمل في هذه الحياة؟
الشاب الذي يتقاضى راتبا ما بين ٦٠٠-٨٠٠ كيف له ان يبني حياة آمنة مستقرة مع تآكل دخله؟
ماذا عن احتمالية حدوث ركود اقتصادي سيضر بالجميع دون استثناء؟
هل يرى وزير المالية وجوه موظفي الدولة ممن تقل رواتبهم عن ١٢٠٠ دينار اثناء دوامهم وبماذا تخبر تلك الوجوه؟
هل هناك اصلا محللون سيكولوجيون لدى الدولة يخبرون صناع قراراتها بالويلات التي يعيشها المسحوقون يومياً؟
وما الذي تريده حكومات صندوق النصب الدولي والى أين تتجه بِنَا تلك الحكومات المفلسة فكرياً؟
هل تريد المزيد يا سيدي الكاتب ام انك ستتقي الله في الوطن وتتوقف عن بيع الكلام المستهلك؟ لا تظنن أبدا كما يظن الوزراء بأن الأردنيين غير مؤهلين للرد عليك لا بل وتكذيب ادعاءاتك ودحضها ولكن اللغة التي نفهمها علميا لم تعتد انت عليها وهذا هو الفرق.