السير الكساندر كنيدي اول من صوّر البتراء من السماء
عبدالرحيم العرجان
10-09-2017 07:49 PM
منذ الكشف عن البتراء للغرب من قبل يوهان بركهارت عام 1812 وهي مصدر جذب للمفكرين وعشاق التاريخ والارث الانساني مع ان ما تم اكتشافه والكشف عنه منها ما هو الا الجزء اليسير منها، لتدرج به ضمن الارث الانساني العالمي.
عام 1922 قام السير البريطاني الكساندر كنيدي بزيارته الاولى للمدينة بعد ان سمع عنها وشاهد صورها التي كانت تملأ الدوريات والصحف في ذلك الوقت ليشغف بها من قبل زيارتها وهو عالم كيمياء ولد في 17/3/1847 اي بعمر الخامسة والسبعين، فتركت المدينة انطباعاً وسحرا كبيرا في نفسة خلال زيارته الاولى للعودة اليها بعد عام من دراسة مستفيضة بما كتبه المستشرقون حولها ومشاهدة ما اتيح من صور، وشعوره بالأسف بأن هذه الدراسات التوثيقية لم تكن دقيقة وكافية لأسباب كثيرة منها عدم مهنية العمل والفترة القصيرة التي كان يسمح بها اهالي البتراء لقضاء الزوار فيها وهي ثلاثة ايام فقط وهي بالواقع ليست كافية لدراسة موقع واحد ولو بشكل سطحي، بالإضافة الى صعوبة تضاريس المنطقة ووعورتها ضمن مساحة محصورة بثمانية اميال وعدم وجود خارطة ذات قيمة تعريفية بالمكان وهذا ما قاله في ندوة له في الجمعية الجغرافية الملكية.
ومن هذا الشغف الكبير عقد العزم على تصويرها بشكل جوي لإغناء المكتبة بأول صور فوتوغرافية بانورامية وافرادية للمدينة وهذا مجال تخصصه ايضاً وذاع صيته فيه وكان ذلك عام 1925من على طائرة تابعة لسلاح الجو البريطاني استأجرها على حسابه الشخصي انطلاقا من عمان مقر قوات الانتداب، لتغطي جولته بمساحة وصلت 85 كيلو متر مربع من مدينة البتراء ووادي موسى والبيضاء والمناطق المحاذية لها.
على الرغم من تقدمه في السن الا انه عاد في العام التالي وعمل على رسم تفاصيل الخارطة ليعاني في نهاية الرحلة من السكتة الدماغية وتعافى منها بشكل سريع ومع ذلك غامر وعاد في العام التالي ليرتب على حسابه الشخصي تصويرا جويا للمنطقة بالتعاون مع سلاح الجو البريطاني الذي انطلق من عمان وغطى مساحة 85 كيلومتر مربع، حيث ظهرت في صوره معالم المدينة الرئيسية الكبرى والعديد من المواقع التي يصعب الوصول اليها، وبعد هذه الرحلة الريادية الاولى استطاع ان يمضي في البتراء زهاء الشهر وينشرها في كتابة المرجعي ( البتراء انها تاريخ ولحظة) الصادر في لندن عن دار نشر كنتري لايف بمئتين وسبعين صفحة عام 1925 وتم اتمه ونشره بصيغته الديجتال على موقع جامعة استوني بروك عام 2010.
ومن هذا العالم الرائد المتوفي عام 1928 نتعلم ان البحث عن المعرفة لا يقيد بعمر ولا مركز، وإرثنا الانساني في البتراء يستحق ما يستحق من جهد ومثابرة لحمايته وتعريف العالم عليه بوجهه الحقيقي الجاذب لكل عشاق الترحال والمعرفة.