اذا صحّ ما نشر مؤخرا من احصاءات حول حصة العربي من القراءة في السنة وهي ست ساعات فقط، مقابل مئتي ساعة للاوروبي فإن اول ما يخطر بالبال هو ان تلك الساعات الست وهي بمعدل نصف ساعة في الشهر لا تكفي حتى لقراءة فواتير الكهرباء والماء والهواتف ،
وقد يتفاءل بعض الكتاب العرب ويتصورون ان لهم نصيبا من الست ساعات في العام، لكن الحقيقة على غير ما يشتهون والامة التي تستهلك اقل من الف نسخة من الكتاب في عامين او ثلاثة لا بد انها تعاني من خلل جذري في الوعي والعلاقة بالتاريخ والكون، وحبّذا لو تبادر بعض الصحف الى استطلاعات رأي في هذا الميدان على الطريقة التي بادر اليها مثقفون وناشرون في ستينيات القرن الماضي ومنهم الراحل د . لويس عوض .
وحين كان الحال افضل مما هو عليه الان ولم تكن القطيعة قد بلغت حدّ الطلاق بين القارىء والكتاب اجابت طالبة بكلية الاداب عن سؤال بسيط هو ماذا تعرف عن ناجازاكي وهي الاسم المقترن بهورشيما عندما تعرضتا لأول مرة الى قصف ذري اجابت الفتاة انها تعرفها وقالت ان اسمها الحقيقي هو نجاح زكي وهي راقصة. واجاب طالب آخر عن سؤال حول ابن خلدون فقال انه اسم شارع، ولن اذهب الى ما هو ابعد من ذلك رغم ان المخفي أعظم تذكرنا برقم غير عزيز علينا هو حرب الايام الستة، حين قال الجنرال موشي ديان ان العرب لا يقرأون، لكن كاتبا عربيا تطوع في تلك الايام واضاف الى ما قاله موشي ديان،: واذا قرأوا لا يستوعبون واذا استوعبوا لا يمارسون !
والعرب ادرى من غيرهم بأن الله يحب ان يرى اثر نعمته على عبيده، فأين هو اثر القراءة ونعمتها ؟ هل هما نصف الساعة المخصصة شهريا لقراءة الفواتير فقط ؟ ام في هذا الحصاد المعرفي الذي هو في نهاية المطاف حصاد هشيم ؟
ان كل علامات الاستفهام او التعجب لا تكفي عنوانا لمقال يتورط بهذا الشجن المزمن !!
الدستور