أسوأ موقف تعرّضت له في حياتي عندما حاولت الهروب ذات نهار من مزراب مياه غزير يصب بقوّة من الطابق الرابع، مركّزاً نظري الى الزاوية المنهمرة من أعلى، لأسقط في حفرة ممتلئة بالماء ايضا.. مطبّقاً المثل القائل «هرب من الدلف الى المزراب».. لأكون أول شخص «يهرب من المزراب الى الحفرة مباشرة وبدون وسطاء»..
هذا ما نشعره الآن، بعد الإفلات بصعوبة من مناسبة العيد ومصاريفها العالية تنتظرنا في الجهة المقابلة (المدارس) كزوجة الأب القاسية وبيدها هراوة المصاريف التي ممكن أن تبدأ لكنها لا تنتهي الا بانتهاء السنة..
في شهر أيلول تحديداً لو تتبرّع وتقبلنا أي من دول «الشنغل» كلاجئين إنسانيين لتؤوينا وتهدئ من روعنا وتخضعنا لعلاج نفسي مدروس لحجم الضغط الذي نتعرّض له نحن الآباء من نفقات لا يقوى على استيعابها بصدارة رحب الا أحد من تصدّرت أسماؤهم مجلة فوربس..أو لو بإمكاني التحليق مع الطيور المهاجرة من الشمال الى الجنوب لا بحثاً عن الدفء في فصل الشتاء وإنما البحث عن «سلامة الرأس» في كل الفصول..
قائمة مكتوبة بخط صغير جداً تشبه الوصفة الطبية المرافقة لدواء الضغط مكونة من أربع صفحات مطويات تحتوي على طلبات المدارس: حقائب مدرسية متعددة الأحجام والرسوم، الأولاد «بن تن»، «وكلارنس» والبنات «دورة، وهايدي» على ان تكون الحقيبة طبية وحمّالاتها تحتوي على إسفنج طبي ويحبب مكان لقارورة الماء وجيوب إضافية للساندوتشات، يعني أحسست أنها سيارة «رولز رايس» وليس حقيبة.. دفاتر عربي، دفاتر انجليزي، مجموع الدفاتر كفيلة ان تعيد نسخ مقدمة ابن خلدون بأجزائها الستة، مساطر، برّايات، محّايات، أقلام رصاص؛ عدد رؤوس الأقلام المطلوبة أكثر من الرؤوس النووية المصنّعة منذ بدء الحرب الباردة، عشرات من المساطر، عشرات من أمتار التجليد، والطوابع الملوّنة، أقلام موجهة في المقالم، استعراض قرطاسي مريب يمارس عشيّة بدء المدارس.. وفي آخر السنة علامات بعض الأولاد لا تتجاوز «نمرة قميصه»..
أولادنا لا يختلفون كثيراً عن الجيوش العربية... ترسانة ضخمة ومتطورة ونتائج متواضعة!.
الراي