لا أدري كيف يمكن لمخلوق يمتلك حداً ادنى من درجات الانسانية ان لا تهتز مشاعره إذ يرى اطفال غزة ومن عمر الورود وقد اخترق الرصاص القاتل أجسادهم الغضّة وأحالهم إلى جثث هامدة تشتاق النفوس لأن تهوي لتقبلها بفرحْ يخالطه أسى وحزن لا يخلو من رجولة ، ولكن ليس كمثله حزن ولن يكون.
تلك مشاهد مرعبة لا يحتمل رؤيتها من كان في قلبه ذرة رحمة دون أن تدمع عيناه ويأسى قلبه ، ولا يمكن لبشر أن يمر عنها مرور الكرام دون ان يتساءل عن الذنب الذي اقترفته تلك الاجساد الصغيرة والنفوس البريئة كي تقابل بهذا الحقد الأعمى الذي يزرع الشر والقتل والدمار في كل الارجاء ، متوهما بأن الامن والاستقرار سيتوفر لاصحابه من ذوي الرؤوس العفنه ، ثمنا بخسا لدماء اطفال غزة البرره،
هؤلاء هم قتلة الانبياء حقاً ، وهؤلاء هم قتلة الاطفال حقاً ، هم دون سواهم من خلق الله من يتجرأون على الطفولة وسمو الاحساس الآدمي الراقي في اجساد لا تحتمل اكثر من حنان الوجدان وعظمة رقة القبلة الطاهره ليس إلا،.
هو الموت.. حق ندرك انه آت لا محاله ، لكن بعد ان نحيا ولو قليلا إذ ابصرنا النور وتعلقنا بأهداب الامهات وما حولنا من حياه ، إلا أولئك الطاهرين اطفال غزة الاحباب الصغار نسائم الدهر الغادر وقد صاغه اعداء الحياة واعداء الطفولة كما يشاؤون ، وقرروا ليس منذ اليوم وانما منذ القدم ، اغتيال "الطفولة" على عظمتها ، فكانت غزة الحزينة الصامدة البطلة المنكوبة.. المقر الدامي لآلة الحرب والدمار الاسرائيلية التي لا ترى من هذا الكون إلا من كان يهوديا،،.
مشاهد لا تنسى ابداً ، مشاهد تلعن القتلة في حلهم وترحالهم ولا تترك للنفوس فرصة اخرى غير التساؤل عما إذا تبقى في هذا العالم شيء من حمية أو نزر من كرامة يمكن أن ترقى إلى حيث كرامة اطفال غزة،
هم اطفال غزة وهم انبياؤها ، وتذرف السماء دمعة حزن ولوعة إذ تراهم عراة وقد مزق الرصاص المجرم أجسادهم ، واستقر في وجدان وضمير الدنيا بأسرها ، ولم يترك احداً دون أن يلامس منه شغاف القلب متسائلا عما إذا كان من حق اطفال غزة أن يعيشوا أسوة باطفال الارض أم لا،.
إنهم انبياء العصر ولا كفر في هذا ابدا ، وهم يرحلون هانئين هادئين وبروية وسكينة وصمت مرعب يشق عنان السماء ويلهب ضمائر "الانسانية" الحمقاء في هذا الزمان بسياط لن ترحم احداً ابداً.
ولا حول ولا قوة الا بالله.