كثير منا يثق ثقة مطلقة بالآخرين، ويفتح قلبه لهم، ويشاركهم أفراحه الداخلية وأحزانه، ويشاركهم أدق تفاصيل حياته، ويجعل منهم الكتاب الذي يكتب فيه أسراره، ويهرع إليهم في جميع الأوقات، ويلغي عقله وقلبه ويتبع توجيهاتهم، ليجد نفسه في نهاية الطريق...

عجيب أيها الانسان، رزقك الله العقل والقلب لتوازن بين أفكارك وعواطفك، إذن حاول أن تعتمد عليهم وعلى خبرتك، وإن لم تكن لديك خبرة، استمع لخبرات الآخرين دون أن تدلي ما بجعبتك. تعلم بصمت وتصرف بصمت وقم بحل مشاكلك بصمت، إذا سلمت الناس حبال أفكارك فتوقع أن يوقعك أحدهم بحفره لأنه عرف مكامن ضعفك ومكامن قوتك، عرف مصادر السعادة لديك ومصادر التعاسة. أتعرف أنك عندما تسلم زمامك للآخرين فكأنك ألغيت شخصيتك ولا داعي لوجودك، وكأنك آلة صماء تستقبل ولا ترسل، أتعرف أنك أصبحت كتاباً يستطيع الجميع أن يخربش فيه ويرسم ما يشاء ويكتب ما يشاء، أتعرف أنك أصبحت كرة قدم كل يرمي بها للآخر، أتعرف أنك أصبحت كلمة في أفواه الآخرين يتناقلونها عبر ألسنتهم، أتعرف أنك أصبحت تمثالاً من الحجر يشكله الناس كيف شاؤوا، بعد كل هذا أتسمح للناس أن يتدخلوا في حياتك ويتحكموا بها، تعلم كيف تبني داخلك صندوقاً تخبئ فيه أسرارك، تعود أن تتعامل مع أفراحك وأحزانك بطرق لا يعرفها غيرك، تعلم كيف تتحكم بمشاعرك وكلماتك، تعلم كيف تنصت أكثر مما تتكلم، تعلم كيف تؤلف كتاباً يخص حياتك تكتب فيه ما تشاء من مشاعر وأفكار تخص مستقبلك، وقتها فقط ستشعر أنك إنسان مميز خلقه الله يستطيع أن يتحكم بحياته لا أن يتحكم الآخرون في حياته، ولا تعتبر أن كثرة الأصدقاء سعادة فعند أول صدمة او حاجة لك سيختفون ويتلاشون، وسوف تواجه أمورك لوحدك، فكن مستعداً لجميع المواقف حتى لا تصدم.