"الدولة" مسلسل بريطاني عن كابوس "داعش"
05-09-2017 05:01 PM
عمون- يرسم المسلسل البريطاني «الدولة» والذي انتهت قناة «Channel 4» من عرضه أخيراً، صورة كابوسية شديدة القسوة عن الحياة في ظل «داعش» في سورية والعراق، مُركزاً على يوميات أبطاله من البريطانيين الذي تركوا حيواتهم الآمنة في بلدهم الأصلي وانتقلوا الى واحدة من أكثر مناطق العالم خطورة وغرائبية. بيد أن جهود المسلسل لإظهار شِدَّة الحياة على الذين انساقوا وراء أوهامهم وانضموا الى التنظيم المتطرف، لم تعفه من نقد شديد تعرض له المسلسل من بريطانيين اتهموه بالترويج والدعاية لفكر «داعش».
يبدأ المسلسل (4 حلقات) من خلال لقاء بريطانيين يجتمعون من دون معرفة سابقة في تركيا، على الطريق المؤدي الى سورية للالتحاق بالقتال هناك. منهم أُمّ بريطانية مسلمة مع ابنها الذي تجاوز العاشرة بقليل، وشاب مسلم من أصول آسيوية، نعرف لاحقاً أنه فقد أخاه قبل أشهر قليلة في الحرب في سورية. بعد أن يصل البريطانيون الى الرقة، ينضمون الى مجموعة المقاتلين الغربيين هناك، ويخضعون الى تدريبات ومراقبة مختلفة، فيما يواصل المسلسل التركيز على الأُمّ التي تعمل كطبيبة، والشاب البريطاني الآسيوي الطيب القلب المتأثر كثيراً بفقدان الأخ الأكبر له.
تتكشف الحقائق سريعاً أمام أبطال المسلسل، عن تقاليد المكان الذي وصلوا إليه وقواعده. تُمنع الأُمّ الطبيبة من ممارسة عملها كما تُريد، وتوضع في قسم خاص للنساء، ويزج بالبطل الشاب في وحدة قتالية، ويطّلع عبر مهامه على عنف تقشعر له الأبدان، كما أنه ينقذ أُمّاً عراقية ازيدية مع ابنتها الطفلة من مصير معتم، عندما اشتراها في سوق نخاسة في المدينة، ويتقرب من حياة صيدلي سوري شاب وجد نفسه مثل مئات الآلاف من أبناء مدينته تحت حكم مقاتلين أجانب.
تزداد قتامة المسلسل في حلقتيه الأخيرتين، كأنهما انعكاس لانسداد الأفق أمام أبطاله. فالأُمّ الطبيبة تكتشف، وهي التي تملك شخصية قوية، أن الكثير من جهدها يتبدد في محاولاتها الهروب من قائد محلي يضايقها ويرغب في الزواج منها من دون رضاها، كما يتحول ابنها الصبي الى مصدرٍ للقلق، بعدما زجه التنظيم في معسكر للأطفال. ومن ثم تراه أُمّه في مشهدٍ قاسٍ جداً وهو يلعب كرة القدم برأس جندي سوري ذُبح للتو. أما البطل الشاب فيتعرف من خلال المرأة العراقية التي صارت في بيته، على الجحيم الذي تتعرض له نساء في ظل دولة الخلافة، قبل أن يواجه التحدي الأقسى عندما يؤمر بتعذيب صديقه الصيدلي السوري الشاب.
يبرز المسلسل تفاصيل العالم المجنون المنفلت لدولة «داعش»، فهو يركز مثلاً على هوس التنظيم بتقييد حرية المرأة اليومية، ومنعها من أخذ أيّ خطوة من دون موافقات مسبقة. كما يقدم في مشاهد بليغة هذا الهوس الذي يبلغ حدّ التطرف، فالطبيبة البريطانية تمنع من العمل من دون لبس النقاب والكفوف، على رغم صعوبة الأمر بالنسبة إلى طبيبة عليها أن تكشف عن جرحى ومرضى. ويخبرها قائد محلي أن موت المرضى أهون لديهم من أن يراها أحد من دون حجاب. على الجانب الآخر، توفر قصة المرأة العراقية التي اختطفت واغتصبت مراراً هي وابنتها الطفلة وبيعت في السوق كعبدة، نافذة مختلفة أخرى على سجل علاقة التنظيم الإرهابي مع النساء.
لم يشأ المسلسل أن يخوض في الظروف التي قادت شخصياته الى الالتحاق بـ «داعش»، في خطوة يكون لها الأثر الأكبر في تقبل هذه الدراما، بحيث كان من الصعب في مواضع معينة استساغة أن الأبطال الذين نراهم على الشاشة، بكل ذكائهم وفصاحتهم وحساسيتهم للظلم، اختاروا هذا الطريق الجدليّ، ولم تثنهم كل الأخبار والصور التي نشرها الأعلام عن ظلم «داعش».
وفي مقابل هذه الحلقة المفقودة، ثمة تفاصيل أخرى في المسلسل مأخوذة من قصص حقيقية، إذ إن هناك أوروبيات وأوروبيين ذهبوا بالفعل مع أطفالهم الى سورية والعراق، ومنهم أطباء وأصحاب شهادات عليا. (الحياة اللندنية)