دمائكم يا أطفال غزة سيطاردنا .. فأف لنا
14-01-2009 05:16 PM
طغوا أصحاب الأخدود .. وشاركناهم الطغيان منذ تعلمنا لطم الخدود ، شاركناهم الجريمة حينما قتلنا الهواء في غزة و حينما أوصد الجار المعابر و أغلق الحدود ، حينما صفقنا للعدو المتوحش اللدود .. حينما صافح التاريخ فرعونهم وعاد المجد للنمرود .
يا ويحنا ما الذي اقترفته أيدينا ، يا ويلنا مما اقترفت ألسنتنا ، ومما حملت أفكارنا .. يا عارنا .. عذرا يا طفلة في غزة فتحت قبور مئات الأطفال بعدها ، بعدما غمسوا بالدم لقمة عشاءها الذي لم تستمرئه ، حينما امتدت لها يد صاروخ الشيطان الأعظم قبل ان تمتد للطعام يدها .. يا يدها الشريفة التي قتلت عزائمنا ، وأزهقت آخر روح للكرامة في جباهنا ، يا خزيّنا !
يا طفلة غزة .. قتلناك برعبنا ، بفرائص لنا تتراعد ، كأنها الورق أمام ريح الجنون العاتية ، وصَمتنا على ذبحك ، ونحرك .. وإغماد خنجر الخناعة في ظهرك .. فهذا ما فعلته بنا القناعة ، أنيابنا ، لا ناب ليفني ، الذي أوغل في طهر الوداعة والدماء الزكية.. كانت البداية معبر في أبو سالم ، وانتهينا اليوم في خزاعة !
يا أطفال غزة .. دمائكم في رقابنا ، تلك هي خطايانا ، لا غفر الله لنا ، لا رفع الله عنا شدة ، ولا أقال عثرة ، فنحن أكذب من الكذب نفسه ، نحن خلفاء اللدادا " الذي أحب أكل لحم الأطفال ، فأحببنا لحمكم المشوي ، عبر الشاشة .. واستمتعنا بطعامنا وشرابنا ونومنا الذليل ، ورأسك عند القبر مرتفع أطول من مآذن ٍ أسرفنا في تطاولها ، ولم تطل صرخاتك شغاف قلوبنا ، ولا أذان نخوتنا .
نحن كأولياء الشيطان .. فأصبح صمت بعضنا دعارة سياسية ، ورقيق وطني ، وقتل لآيات الله بدم بارد ، يا نحن يا جنوب أعداء الله ، فلم تكن إسرائيل يوما عدونا ، بل نحن من بنيّــنا هرما من تخاذل ، وتواطؤ ، وعمالة ، وسفالة حتى نحارب الله ، فقد مات فرعون منذ سبعة الآف عام ، ونحن يلزمنا سبعون ألف عام حتى يغسل الفسفور الأبيض خطايانا ، وسبعون سبعون ألف ملك يجرون سبعون ألف خطام ، كل خطام يجرّ خلفه جزء من جهنم ، حتى لتحرقنا تلك النار التي وُعد فيها الكافرين والفاسقين وأصحاب الأذناب الطويلة من المنافقين والمتعاملين بالبنكنوت وجواسيس صهيون ، ومن يعصر قلوب الأطفال ليصنع نبيذا يقدمه للسيدة الأولى في تل أبيب ، ونحن نقف على تلالنا ، بالجلابيب والجلابيات ، و"جلايب " المظاهرات والاعتصامات وأكياس الطحين ، تبا لنا ولأكياس الطحين ، يا عارنا الذي من أجل حفنة منك نستكين .
يا طفلة في غزة .. رسمتها القذائف آية تصرخ في وجوهنا : بأي ذنب قتلت ، ويا روحا تنتزع الروح من أجسادنا الرخيصة ، وعـِزّة علمتنا أخيرا إن لا عزّة لنا سوى نباح نقترفه في اليوم مليون مرة ، بعد أن حبونا على أيدينا وأرجلنا ، بل قوائمنا ، فـغـُرست أنيابنا في جلودنا ، ملوثين بالانهزام والهزيمة ، كذئاب الليل نتراكض للوليمة ، وعند الحق نصاب بالكساح والنباح .. على بعضِنا يستأسد بعضُنا ، وعلى أعداءنا "نستفئر " ، كل واحد منا يعرف جحره ، يقعيّ في وكره ، يلعق جرحه ، يئن كقط ٍ أصابته صليّة من رصاص ، ورصاصنا أقلام ، نخوض بها معارك الكلام ، ومعارك النصر الذي يقوده السيد الإمام .. فنحن تقدميون في كل شيء إلا في معاركنا مع العدو ، فحينما لا نجد ما نهرب عليه من حمير التصريحات أو بغال القرارات ، أو خنازير النكايات ، سنهرب على الأقدام ..
ذلك هو يا صغيرتي ما نسميه في عرفنا ، بالإقدام !
دمكم يا أطفال غزة سيلون التاريخ أحمرا ، تطاردنا لعنته ، كما طاردتنا دماء أطفال "سارييفو " وبغداد ، وأحلام فقراء قرى الأردن وبواديها .. ألا يكفي لعنة الله التي طاردتنا منذ خنا عهده ووعده ، وتحزبنا وتشيعنا ، وقتلنا آل البيت الكرام بالمنجل والشاكوش والبعث و تكفير الدم الحرام ، أهذا ما تركه فينا سيد الأنام ؟!
ألا يكفينا القحط الذي أصاب وجوهنا ، وأصاب قلوبنا ، وأصاب الرجولة والمروءة في عروبتنا .. يا عروبتنا يا قربانا ذبحناه على أبواب غزة ، كي ترضى عنا قتـَلتـُنـّا ، عروبتنا ، حماستنا ، شيوخنا ، زعاماتنا ، عمائمنا ، آياتنا مهمازنا الذي أدمى أدبارنا ، وحين السلام كلنا مغاوير ، وحين البأس ولينا الأدبار .. يا شعبنا إحذروا التتار .. إحذروا العدو الذي يلبس عمامة الأخيار ، فغير بلادنا ليس لنا خيار ، ودون اصطفافنا في صفنا ، كف كل واحد فيكم في كفنا ، نمدكم بالمحبة والسلام ، دون ذلك لن يكون لنا اعتبار ، فعذرا يا غزة التي أشبعوك رجولة ، وأبت رجولتهم أن تتفوه بكلمة حق على المنابر .. فسلام عليكم أهل الديار !
يا حبيبة لنا لم نرّ سوى الدماء تخضب وجهها .. لم يقدموا لك سوى صفعة على وجهك .. لا كسرة خبز تقيم أودك ، ولا قطرة دم تسبق موتك .. قتلوك وقتلونا ردحا من زمان ، وردحا بالكلام ، وهم يجعجعون ولا يطحنون .. يحرّضون ولا يـُقدمون ، يقولون مالا يفعلون ، كأنهم الشيطان يوسوسون ، ثم يتبرأون ، فيستغفرون الله وهم مجرمون .. تباً لنا ولهم ، كم نحن قذرون .
فلتحثوا نساءنا التراب على رؤوسنا ، ولنلبس الفساتين ، ونتبرج ، ولنضع الخلاخيل ، ولنرقص كالغانيات في ساحات الوغى الليلي ، فذلك هو الصهيل .. كلنا خيول تـُتعب النظر ، ولكن أتعبنا العويل .
يا أطفالنا .. لا تصدقوننا ، فنحن كاذبون ، منافقون ، نحن لسنا آباءكم .. نحن أبناء الهزائم وآباء الخيانات ، حتى أوطاننا نبيعها بسهرة على شرفة القمر ، بكأس وكيس وكـــــــــ ...... ! لا ينبغي لكم أن تسمعوها فنحن عبيد ثلاثة الكاف ، ولتخرج من بينكم ، نار تحمي الديار ، تقبض على جمر الوطن ، وتقسم على أن تتوحد الصفوف ، وتحُرم دماءكم ، تصون العهود ، وتجابه اليهود ، وترفع جباه هذا الشعب الذي " تفـسفر " وتعثر وقتلته الردةّ ، بين "رّيس " لا ريش عليه مَحّـقا ، ووزراء حملوا أوزارا فوق أوزارهم ، ونواب جاءوا بالنوائب ، وزعماء زعموا إنهم سيحررون الأرض والإنسان ، فأفلتوا الأرض وفرطوا بالعرض ، مقابل أعمام وعمائم ، وأسياد وسادات ، و تراخوا حينما كشر الوحش اليهودي النازي الغازي عن أنيابه ، وجرد مخالبه .. ولم يقطع أحد إصبعه ، بل تفهمّوا مطامعه .. وسيأتي اليوم الذي يفيض فيه النيل ، ويفور التنور معه !
قتلوك ِ يا صغيرة ، قتلوك العبيد يا حرة يا أميرة ، وقتلناك معهم حين ابتسمنا في وجوههم . فلله درك ِ ، وعلى الله أجرك وأجر من تبعك !
.......................... وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون !
Royal430@hotmail.com