يحقّ لكَ أن تذّلنا، ويحقّ لكَ أن تقيم مراسما وأنتَ تستقبل استعمارهم لنا منذ أن أتوا جيناتك وأمثالك لتحكمنا ، يحقّ لكَ أن تفرش السجاد الأحمر وتمشي كإمبراطورٍ منتصرا، وأنتَ تقبّل يد سيدك ، وتحضن قمحهم ومساعداتهم المملوءة فئرانا وذلّة وخنوعا ، يحق لك أن تعزف لحن الرجوع الأخير على موتنا وسيادة قرارنا .
قف يا معالي الوزير واخطب فينا وفيهم ، وبشّرهم أن موارسنا لم تعد تنبت قمحا ، بعدما كانت تنبت عزّة ومروءة وشهداء وفرسانا ، قل لهم أنّ وصفي مات ، ومات معه مشروعنا الوطني من زراعة القمح إلى تحرير فلسطين ،. قل لهم أيضا أن مناجلنا صدئت وعلّقناها في المتاحف والمضافات ليراها السياح ، وأنّ خيولنا تكدّشتْ عندما غاب فرسانها ، وأنّ سيوفنا خشبا ، وأصبحتْ للدحيّة منذ أنّ أتيتَ أنتَ وربعك ، وأسقيتَ الجيل الجديد نخب الأجنبي وتفوّقه، وربطتنا به ووثّقتَ الحبل جيدا باسم التعاون الدولي والمساعدات ، منذ أن ركبتَ على ظهورنا وشيّخناكَ علينا وكنتَ الدليل لأسيادك ليستعمرونا ، منذ أن قلتَ للشباب أنهم أفضل منا ونحن بحاجتهم ، وأننا أدّمنّا الشحدة ومدّ أيادينا بانكسار .
قادرون يا معالي الوزير أن نزرع بلادنا بالقمح ، لو سمحت للمليارات التي تتدفق من خزينتك ، وتدعم المزارع الفقير ، قادرون أن نستعيد قرارنا الوطني لو لجمت أنت وحكومتك السماسرة وتجار الكومسيونات والوسطاء المعتاشين على ذلنا .
أذكرك أن جدودنا وآباءنا عاشوا على خبز الشعير وكراديش الذرة عندما أصابتهم السنوات العجاف، وأن مروج حوران كانت تطعم روما قمحا ، وأن بيادرنا ما أفقرت إلا لما تسّنمتَ أنت رقابنا ، وأن زيتوننا ما ذبل إلا لما بشرتنا بالاقتصاد الجديد والعولمة التي سحبت دمنا وشربت نخبها في قاعات الخمس نجوم .
لم يعد هناك شيئا في البلد يباع ، والفقراء يتزايدون ، والبطالة ترتفع ، والتعليم يتراجع فشكرا لخططك الخمسية والعشرية ، شكرا لك ولكل الذين أفقرونا ، وجردونا من ثيابنا وكرامتنا ، ولكن تذكر أن للبيت رب يحميه ، وأن هناك من هم طارئون أتوا على عجل ، وأن من يحمي الأوطان هم الفقراء المغروسون في الأرض ، حتى لو لم يجدوا في البلاد إلا الحجارة لقاتلوا ذودا عنها، ولكن قبل أعدائنا سيقتلعونكم قبلهم يا مصدر فقرنا وقهرنا وذلنا .
حمى الله الوطن الغالي