المفرقعات والالعاب النارية تهدي الموت والعجز للصغار في الأعياد !!!
سارة طالب السهيل
02-09-2017 09:55 AM
بقدر ما ننتظر أعيادنا ومناسباتنا الاجتماعية بفارغ الصبر لنشارك أحبابنا وأصدقاءنا لحظات الفرح والمرح والسعادة، ونستعد لذلك بالملابس الجديدة والهدايا والألعاب، فإننا نقلب الاحتفال بالأعياد إلى أوقات من الفرح الصاخب بل والمميت في بعض الأحيان!
ففي الأعياد يزداد اقبال الأطفال والشباب على شراء الألعاب النارية والمفرقعات المنتشرة في الأسواق العربية رغم حظر معظم السلطات الأمنية العربية استخدامها بسبب خطورتها الصحية والاجتماعية.
وللأسف أصبح شراء الألعاب النارية في الاعياد وحفلات عيد الميلاد طقسا ملازما للفرح واللعب واللهو، لكنها تحمل في طياتها انواعا من المواد المتفجرة، وبالتالي تؤدي الى وقوع اصابات خطرة مدمرة وحروق صعبة للصغار والكبار معا، ولكن جمهورها لا يبالون بهذه المخاطر!
وكشفت الاحصائيات والدراسات، عن أن أغلب الإصابات الناتجة عن الألعاب النارية تقع في الحفلات العائلية أو الخاصة والأعياد، وأن نصف الإصابات تلحق بالأطفال دون سن 17عاما، وأغلبها تصيب اليدين، والعينين ثم الوجه.
فهذه الألعاب النارية تحمل شرارات خطيرة ويظن مستخدموها أنها آمنة ولا تنفجر، ولكنها في الحقيقة تحمل في تكوينها مظاهر الخطورة، حيث أن سخونة رؤوسها قد تصل إلى 2000 درجة فهرنهايت، وفقاً للجنة سلامة المنتجات الاستهلاكية (CPSC).
وتتسبب الألعاب النارية في اصابة 40 في المائة للأطفال دون سن الخامسة عشر، وفقاً لتقديرات الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال فرع ولاية ويسكونسن، وان مخاطر الألعاب النارية المنزلية تشمل الحروق والإصابات من القطع المتناثرة واستنشاق الدخان الذي قد يؤدي إلى مشاكل في الجهاز التنفسي مثل الربو.
ورصد الخبراء المتخصصون في هذا المجال القدرات الخاصة للألعاب النارية في الاشتعال والحرق، موضحين عدة حقائق خطيرة منها، أن الألعاب النارية تصبح ذات الشرر أسخن بخمس مرات من زيت الطبخ، كما يمكن أن تصل سرعة أحد صواريخ الألعاب النارية إلى 150 م/س ، يمكن أن تنطلق قذيفة الألعاب النارية إلى ارتفاع يصل إلى 200 متر.
وثبت أيضا انه يولد اشتعال ثلاث أعواد من الألعاب النارية ذات الشرر معاً الحرارة نفسها التي يولدها موقد لحام المعادن.
وهذه الحقائق العلمية تؤكد خطورة الألعاب النارية على مستخدميها وعلى الآخرين المتواجدين في محيط استخدامها ايضا، وذلك نظرا لما تسببه من حروق وتشوهات مختلفة تؤدي إلى عاهات مستديمة أو مؤقتة، كما تحدث أضرارا في الممتلكات جراء ما تسببه من حرائق.
ويذهب الاطباء المتخصصون في مجال طب الأطفال، إلى تأكيد ان الألعاب النارية تؤدي إلى التلوث الضوضائي الذي يؤثر على طبلة الأذن وبالتالي يسبب خللا وظيفيا في عمل المخ قد يستمر لمدة شهر أو شهرين.
كما رصد أطباء الاطفال، أن الشرر أو الضوء والحرارة الناجمة عن استخدام المفرقعات، يضر بالجسم، خاصة منطقة العين الحساسة، والرماد الناتج عن عملية الاحتراق يضر بالجلد والعين إذا ما تعرض له الطفل بشكل مباشر، حيث تصاب العين بحروق في الجفن والملتحمة وتمزق في الجفن أو دخول أجسام غريبة في العين أو انفصال في الشبكية وقد يؤدي الأمر إلى فقدان كلي للعين.
كما تعتبر الألعاب النارية من أسباب التلوث الكيميائي والفيزيائي وكلاهما أخطر من الآخر، فالرائحة المنبعثة من احتراق هذه الألعاب تؤدي إلى العديد من الأضرار الجسيمة، هذا بالإضافة إلى الأضرار الكارثية التي قد تنتج عن انفجار الألعاب النارية إذا كانت مخزنة بطريقة خاطئة.
ففي دراسة إحصائية أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية، أظهرت أن ثلاثة وخمسين في المائة من حوادث الإصابة الناجمة عن استخدام المفرقعات والألعاب النارية تكون في الأطراف، بينما شكلت إصابات الرأس والوجه ما يقارب من %42 من حالات الإصابة، أما الإصابات في العين فقد بلغت %21، وانتهت في العديد من الحالات إلى فقدان البصر. كما بلغت نسبة إصابات الحروق نحو %60 من مجموع الحالات.
ويؤكد الخبراء من المجلس الوطني للسلامة في مجال الألعاب النارية في الولايات المتحدة الأمريكية، أن مخاطر الألعاب النارية تشمل الحروق والإصابات معظمها في اليدين والعين والوجه، ووفقاً لتقرير أعدته الجمعية الأمريكية للجراحة التجميلية والترميمية، فإن الأطراف تعد أكثر المناطق تعرضاً للأذى.
وتستقبل المستشفيات العراقية عشرات الاطفال المصابين بحروق شديدة من جراء انفجار الألعاب النارية الحارقة العاصمة ومنها ما يتخذ شكل اسلحة بلاستيكية (الصجم) والنارية الحارقة وغیرھا التي تؤدي أحيانا إلى الى العمى بجانب تأثیرھا النفسي وإشاعتھا للعنف .
ورغم جهود الجهات الرقابية لمنع استيرادها ، ومنع اصحاب المحال التجارية من بیع المفرقعات والالعاب النارية للأطفال، الا انها توجد في الاسواق في الأعياد عبر التهريب .
مركبات كيميائية
وخطورة هذه العيارات النارية تأتي من انه يدخل في تكوينها العديد من المركبات الكيميائية خاصة البارود الأسود، وهي مادة تمزج الفحم والسولفر ونترات البوتاسيوم المعروف أحيانا بملح البارود.
ومن أبرز مكونات تلك الألعاب أيضا الليثيوم والكربون والأكسجين، الصوديوم، المغنيسيوم، الألمونيوم، الفوسفور، الكبريت، الكلور، البوتاسيوم، الكالسيوم، التيتانيوم، النحاس، الخارصين، الأنتيمون، الباريوم، السيزيوم، الحديد والروبيديوم.
ولذلك تعتبرها الداخلية المصرية في (حكم المفرقعات) وهى: البارود الأسود (الذى هو أساس صناعة الألعاب النارية)، والقطن الأسود، وثالث كلوريد النيتروجين، وغيرها من المواد.
فقد الاطراف
ففي مصر المحروسة تزينت السماء بالألعاب نارية بألوانها الزاهية، وسط صيحات الاحتفال بليلة رأس السنة الميلادية، ولم يدرك فداحة التعبير عن الفرح بليلة الميلاد سوي الاطباء الساهرون في "نبطشياتهم" الليلية والصباحية وهم يستقبلون هذا الاحتفال على صرخات الأهالي وندبهم على أطفالهم الصغار والمراهقين منهم بعد أن فقدوا أطرافهم " اصابع ايديهم " وبذلك يستقبل هؤلاء المصابين العام الجديد بفقد اطرافهم بسبب الألعاب النارية .
وبسبب البحث عن لحظات فرح وقتية، فقدت ياسمين ابنة التسعة عشر ربيعا في مصر أصابع يدها اليسرى. ياسمين كانت اشترت صاروخا ناريا بخمسة جينها ولم يتعد طوله 10 سنتيمترات لحضور فرح احدي صديقاتها، ولم يخبرها البائع بطريقة استخدامه فانفجر الصاروخ الناري، وتفاجئ ياسمين بأصابع يدها تتطاير أمام عينيها.
كما تسجل صفحت الحوادث مصر مأسي الاطفال الذين تبتر ايديهم نتيجة جمعهم أموال العيدية وشرائهم بها ألعابا نارية، وتتحول فرحتهم بالعيد إلى مأتم بعد ان أصبحوا أطفالا عاجزين طوال عمرهم بعد بتر أطرافهم، وذلك رغم جهود مصلحة الجمارك بمصادرة آلاف الآلاف من هذه الالعاب الا ان المسئولين يؤكدون ان هذه الألعاب تدخل مصر عبر بوابة التهريب.
ضحايا بالمئات
وفي كل من ليبيا والجزائر يقع المئات من ضحايا الألعاب النارية خلال الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف، وتنتشر بين المحتفلين اصابات الحروق باليد او العين، وبتر أصابع البعض منهم.
وتزايدت معدلات الاصابات بسبب الألعاب النارية بليبيا خلال السنتين الاخيرتين بسبب قوة الالعاب النارية التي لا يخضع استيرادها من دول اسيوية لرقابة السلطات الانتقالية.
وتخلف الالعاب النارية عشرات الجرحى كل سنة في الجزائر ايضا، بينما تستقبل المستشفيات الجزائرية عشرات الضحايا الذين منهم من تصاب في عيونه جراء انفجار مفرقعة أو بتر أحد أصابعه، حيث ينتشر باعة الألعاب النارية عبر المدن الجزائرية يعرضون أخطر أنواع المفرقعات، ورغم مطالبة الكثيرين للسلطات بمنع إدخال هذه المواد، لكنها لم تفلح في مكافحتها.
وتتنوع أحجام المفرقعات وأسماؤها في كل سنة، ومن أخطر وأشهر الأنواع "دوبل بومب" و"دوبل بومب روايال" و"الوردة" و"الشيطانة" و"الفولكن/ البركان" و "البوق" و"القادوس" و"السفينة"، وهذه الأخيرة تعتبر من أغلى المفرقعات حيث وصل سعرها إلى 30 ألف دينار جزائري (300 دولار) وتُطلق أزيد من 500 نوع من الأضواء النارية عند تفجيرها.
وفي كل سنة تصادر مصالح الجمارك حاويات مملوءة بالمفرقعات في الموانئ، وقد تفطن مستوردو هذه المواد إلى حيل كثيرة للإفلات من مصادرة سلعهم، فاختاروا التهريب عبر الحدود الشرقية والغربية للجزائر لإدخالها.
أما أسواق العاصمة اليمنية صنعاء فتستعد لاستقبال عيدي الفطر و الأضحى بالمفرقعات والألعاب النارية، والنماذج البلاستيكية المقلدة لأنواع الكلاشينكوفات والمسدسات والقنابل، التي باتت تلقى رواجا لدى الأطفال.
ولعل من اخطرها باليمن المفرقعات المسماة محليا "الطماش" وهي مصنوعة من لفائف ورقية سميكة ومحكمة ومحشوة بكميات من البارود الموصول بـ"فتيلة " يتم إشعالها بحيث تحدث صوتا مدويا وانفجارا يلحق الأذى بالطفل المتسبب أو صديقه المستهدف.
بينما كانت تنتشر المفرقعات في البقالات خاصة التي تقع بالقرب من المساجد بالأردن، وتمتاز برخص اثمانها وأشهرها انواع “القنبلة”، و“الصاروخ”،” الفتاشة” والتجار يبيعونها متجاهلين خطورتها مما يؤدي لوقوع عشرات الاصابات.
من هؤلاء الضحايا نائل الأسمر (29 عاما)، فقد إصبعين من يده اليمنى العام الماضي خلال محاولته إشعال (الفتاش) أثناء اللهو مع أطفال في منطقة حي نزال، حيث امتدت النار إلى كف يده، ما أدى إلى احتراق إصبعيه وبالتالي بترهما.
وفي سياق محاربتها، فقد أصدرت دائرة الإفتاء العام فتوى بتحريم الألعاب النارية، لأن بيعها ممنوع وتؤدي إلى ترويع وترهيب المسلمين.
كما نشرت الجريدة الرسمية بالأردن على موقعها الرسمي، نظام تنظيم الألعاب النارية صادر بمقتضى المادة (٣٠) من قانون الدفاع المدني رقم (١٨) لسنة ١٩٩٩، ويمنع الاتجار بالألعاب النارية أو استيرادها او حيازتها او التعامل بها إلا من قبل المؤسسات او الشركات المرخصة.
كلمة اخيرة
بعد استعراض مظاهر المخاطر الصحية الناجمة عن استخدام المفرقعات والألعاب النارية، فإنها ظلت طقسا شديد الخطورة على صغارنا فلذات أكبادنا يحول فرحتهم بالأعياد إلى ألم وحزن وعجز وعمي وبتر أطراف.
ناهيك عن أثارها الخاصة من ازعاج وتلوث سمعي وتقويض راحة الناس وأمنهم بما تثيره من الرعب والفوضى في الشوارع والأسواق، خاصة في الأماكن المزدحمة، كما تؤدي إلى ترهيب الأطفال النائمين الذين يستيقظون على أصوات هذه المفرقعات التي تسبب لهم الفزع والخوف.
وفي تقديري، ان الحكومات العربية لابد وأن تتعاون فيما بينها لمنع تهريب الالعاب النارية عبر الحدود، وان تسعى جاهدة لسن تشريعات رادعة لكل من يقوم بعمليات التهريب، بجانب ضرورة تشديد الرقابة على أصحاب المحال التي تبيع الموت والأذى لصغارنا.
بينما اذا ما اقرت بعض الدول تداول بعض هذه الألعاب، فينبغي ان تكون مصحوبة بمعايير للسلامة والأمان من حيث تاريخ صلاحياتها وطرق استخدامها بأمان. بينما ينبغي على المؤسسات الثقافية والتربوية والدينية والاعلامية إطلاق حملات تثقيفية للأسر في دور العبادة والنوادي والمحطات التليفزيونية ووسائل التواصل الاجتماعي، لشرح مخاطر هذه الألعاب ودفعهم لمنع اطفالهم من استخدامها وتشديد الرقابة الاسرية على الصغار بما يردعهم عن شرائها لحمايتهم وحماية الامن الاجتماعي العربي كله.