انتقائية في دعم القطاعات الاقتصادية
د. فهد الفانك
31-08-2017 03:09 AM
عندما تسجل الإحصاءات العامة أن الاقتصاد الأردني حقق نمواً بالأسعار الثابتة بنسبة 2ر2% في الربع الأول من هذه السنة بالمقارنة مع نفس الربع من العام الماضي، فهذا لا يعني أن جميع مكونات الناتج المحلي الإجمالي قد ارتفعت بهذه النسبة او بنسب قريبة منها.
الواقع أن إنجاز القطاعات المختلفة كان متفاوتاً لدرجة كبيرة، ففي حين ترتفع نسبة نمو أحد القطاعات إلى 7ر14%، فإن قطاعاً آخر يسجل نمواً سالباً بمقدار 5ر1%.
من هنا فإن التعامل مع الإقتصاد الوطني وكأنه شيء واحد ليس مجدياً. تأتي أهمية هذه النتيجة من كون مشاريع تحفيز النمو الاقتصادي، التي تتبناها الحكومة، تتعامل مع جميع مكونات الاقتصاد الوطني كوحدة واحدة، مما قد ينطبق على بعض القطاعات ولكنه لا ينطبق على بعضها الآخر.
الإجراءات اللازمة لتحفيز النمو في القطاع الزراعي مثلاً ليست مماثلة للإجراءات اللازمة لتحفيز النمو في الصناعات الاستخراجية، وهكذا.
الحكومة تحل هذه المشـكلة عن طريق تخصيص وزارة أو مؤسسة عامة لكل قطاع، ولكن جهات أخرى لا تملك ترف التعامل مع كل قطاع على حدة، وفي المقدمة الفريق الاقتصادي للحكومة ومجلس السياسات الاقتصادية، والجهات التي تتصدى لمعالجة الوضع الاقتصادي ككل.
ينطبق ذلك إلى حد بعيد على برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يشرف عليه صندوق النقد الدولي، إذ يهتم الصندوق كثيراً بالاقتصاد الكلي والمؤشرات التي تمثل محصلة نشاط القطاعات المختلفة مثل المديونية، عجز الموازنة، التضخم إلى آخر معايير الاقتصاد الكلي.
ينطبق ذلك أيضاً على موضوع التضخم وارتفاع الأسعار، فالتضخم حصيلة تغيرات متفاوتة في مكونات سلة المستهلك وهناك عناصر ارتفعت أسعارها بشكل حاد مقابل عناصر أخرى استقرت أسعارها أو انخفضت، وتشير مكونات التضخم عن نصف السنة الأول إلى أن سعر أحد العناصر ارتفع بمقدار17ر4% في حين انخفضت أسعار عنصر آخر بنسبة 67ر4%.
من الجائز، وأحياناً من الضروري، أن تعطي الحكومة اولوية خاصة لقطاعات مختارة، فعندما تبرز مشكلة بطالة مرتفعة، فإن القطاعات التي تولد فرص عمل أكثر كالسياحة والصناعة هي الأولى بالرعاية.
في الحالة الأردنية درجت العادة بموجب خطط التنمية الخمسية والثلاثية على محاباة ما كان يسمى قطاع الإنتاج، أي الزراعة والصناعة والإنشاءات والكهرباء على حساب قطاع الخدمات، ولكنه اتضح أن هذه السياسة غير مجدية، ولم تحقق الهدف المنشود، لأن الاقتصاد الأردني اقتصاد خدمات بالدرجة الأولى، كما تدل كثافة مرافق التعليم العالي والصحة والسياحة والنقل والاتصالات والتمويل إلى آخره إذ أن الخدمات مسؤولة عن 70% من الناتج المحلي الإجمالي.
رد على د. الفانك من نقابة مقاولي الإنشاءات
ورد الى رئاسة تحرير «الرأي» الرد التالي من نقيب المقاولين الأردنيين وائل طوقان على ما نشر في الصحيفة بقلم الزميل فهد الفانك في زاويته رؤوس أقلام حول (قطاع الانشاءات انتاجي) الذي نشر يوم الجمعة الموافق 18/ 7/ 2017 ومن مبدأ الرأي والرأي الآخر، ننشر رد النقابة التالي نصه»
إن الاقتصاد الأردني لم يقم على قطاع الانشاءات وحده وإنما هناك قطاعات اخرى مهمة قام ويقوم عليها الاقتصاد الاردني ولكن قطاع الانشاءات يأخذ حصة لا يستهان بها في الاقتصاد وفي الناتج المحلي وبالارقام الموثقة في سجلات النقابة اصوليا والتي تثبت ذلك، بالاضافة الى نشرة النشاط الاقتصادي المرفقة التي تبين حجم مساهمة قطاع المقاولات بالنسبة للقطاعات الاخرى والتي تشير الى ان نسبة مساهمة قطاع الانشاءات خلال عام 2016 (4ر4%) من اجمال الناتج المحلي، في حين ان مساهمة قطاع المقاولات في الربع الاول من عام 2017 تبلغ (2ر3%) من اجمالي الناتج المحلي.
إن حجم المشاريع للقطاعين العام والخاص في العام 2013 تجاوزت (5ر2) مليار دينار اردني، في حين في العام 2014 ورغم الركود في هذا القطاع يقارب حجم العمل (2) مليار دينار اردني ليهبط في العام 2015 الى (3ر1) مليار دينار اردني ومن ثم يعود للصعود في العام 2016 والى (8ر1) مليار دينار اردني.
لا نعلم ما هي البيانات التي اعتمدها الاستاذ فهد الفانك، وهو كاتب ومفكر اقتصادي حيث من المفروض ان تكون مفردات ما يتحدث به او يكتبه دقيقة، وهل هناك هدف يرمي اليه من خلال ما تحدث به؟. وكان الاجدر به ان يراجع تقارير النقابة السنوية التي تبين حجم العمل في قطاع المقاولات.
ونشير هنا الى ان قطاع الانشاءات لا يعتمد على الاستيراد، كون اهم عناصر الاعمار تصنع محليا كالاسمنت والحديد، وبالاضافة الى مادة الاسفلت ومشتقاتها التي تستخدم في مشاريع الطرق تصنع في مصفاة البترول الاردنية، باستثناء بعض المواد واللوازم التي لا تصنع محليا والتي في جلها هي كماليات فأين الاستيراد وكيف يعتمد هذا القطاع على الاستيراد كما اشير في المقال مدار البحث؟ كذلك فيما يخص العاملين في هذا القطاع من العمالة الوافدة والذين يعملون في المهن غير الحرفية، لا تشكل مستحقاتهم المالية الحجم الكبير من قيمة هذه المشاريع ايضا.
هل يعلم الاستاذ فهد الفانك ان قطاع الانشاءات تسانده قطاعات اخرى تتجاوز (100) قطاع آخر تشغل آلاف العاملين من ابناء الاردن الذين يدخرون وينفقون من دخلهم من هذا القطاع، وفي حال تحرك هذا القطاع، سيشعر القاصي والداني ان هناك انتعاشاً في الاقتصاد.
نحن نرى ان هذا القطاع جزء لا يتجزأ من قطاعات اخرى تحرك الاقتصاد ولكن قطاع المقاولات الانشائية هو من بنى وشيد هذا الوطن الذي يظهر التغيير فيه وبشكل ملفت من يوم لاخر حيث البنى التحتية وشبكات الطرق والجسور والمدن السكنية والمشاريع الاستثمارية والمجمعات التجارية والصناعية بالاضافة الى مشاريع الطاقة المتجددة التي يقدر حجم عملها بمليارات الدنانير.
قطاع الانشاءات في اي دولة من دول العالم يعتبر احد اهم ركائز هذه الدول ومنها المملكة الاردنية الهاشمية، وعلى الاستاذ فهد الفانك مراجعة ما كتب وتصويب ما لديه من معلومات تجافي الحقيقة فيما يخص هذا القطاع وكان عليه ان يعمل على رفع شأن هذا القطاع وبيان مدى تأثيره على الحركة العمرانية ونهضتها واستعداد هذا القطاع للمساهمة في اعادة اعمار دول الجوار العربي التي انهكتها ويلات الحروب وما سينعكس على اقتصاد المملكة من اثار ايجابية جراء اعادة الاعمار هذه.
الراي