الكرامة – طريبيل: خطوة يجب ان تليها خطوات
سهاد طالباني
30-08-2017 11:03 PM
لا يمكن لأي محب للأردن والعراق الا ان يفرح بإعادة افتتاح معبر الكرامة – طريبيل، على الأقل من منطلق تعزيز العلاقة التاريخية بين الشعبين الأردني والعراقي واعتبار افتتاح المعبر الحدودي رمزا لتعزيز هذه العلاقة على المستويين الرسمي والشعبي، وكذلك بطبيعة الحال تعزيز العلاقة التجارية الاستراتيجية بين الدولتين بما ينعكس إيجابا على اقتصاد البلدين.
على مدى سنوات الحصار على العراق كان معبر الكرامة – طريبيل بمثابة الرئة التجارية التي يتنفس منها العراق، فكان المعبر هو الجسر الذي تنساب منه البضائع الى السوق العراقية، سواء تلك التي يصدرها السوق الأردني او التي يستوردها العراق عن طريق ميناء العقبة مرورا بالأراضي الأردنية، وهو ما نتج عنه قيام العديد من الاستثمارات في الجانب الأردني والتي استهدفت حصرا السوق العراقي، ودون ان ننسى انتعاش قطاع النقل الأردني كذلك، هذه الاستثمارات بكل اشكالها وما يرتبط بها من قطاعات أصيبت بانتكاسة بعد اغلاق المعبر، ووصل الأمر الى ان أغلقت العديد من المشاريع أبوابها ناهيك عن الضرر الذي أصاب قطاع النقل البري، ولذلك فإن إعادة افتتاح المعبر تشكل بالتأكيد بارقة أمل لعودة هذه القطاعات الى العمل مرة أخرى.
ومع ذلك فعلينا ان نكون واقعيين في سقف الطموح، فإعادة افتتاح المعبر لا يعني بالضرورة اثرا مباشرا وسريعا على القطاعات ذات العلاقة، ولا يعني كذلك عودة الأمور الى ما كانت عليه قبل اغلاق المعبر، وذلك نتيجة مجموعة من العوامل من أهمها ان السوق العراقية قد أصبحت منفتحة على اكثر من دولة حاليا، وتتصدر الصين قائمة الدول المصدرة للسوق العراقي تليها تركيا ومن ثم ايران، وهو ما يعني ان المنافسة على السوق العراقية من قبل الأردن لن تكون أمرا يسيرا كما كان عليه الحال في الماضي، ولا بد أيضا من الإشارة الى افتتاح معبر عرعر الحدودي بين العراق والسعودية والذي يشهد تزايدا يوميا في الحركة التجارية، إضافة الى ان العراق الان قادر على استخدام ميناء أم قصر على الخليج العربي وهو ما يعني اعتمادا اقل على ميناء العقبة. ومن المهم هنا الإشارة الى ما ذكره نقيب أصحاب الشاحنات السيد محمد الداود الذي اكد ان استفادة قطاع النقل البري من فتح معبر الكرامة – طريبيل ستكون محدودة ولن تتعدى 10% إضافة الى ان هذه الاستفادة ستحتاج الى وقت حيث انه من غير المتوقع ان يعمل المعبر بكامل طاقته على الفور.
من المهم جدا اخذ هذه الحقائق بعين الاعتبار حتى لا نرفع سقف التوقعات كثيرا فنصاب بخيبة أمل، ولكن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال ان لا ننظر الى افتتاح المعبر نظرة إيجابية، لأن الأثر سيكون إيجابيا حتى لم يكن بحجم الطموحات، وسيكون افتتاح المعبر خطوة أولى على طريق تعزيز التعاون بين البلدين الشقيقين في مشاريع استراتيجية كبرى ومنها خط أنبوب النفط الذي يجب على الجانبين العمل على إنجازه بعد فترة طويلة من السبات، وبكل الاحول فلا يمكن انكار ان كلا البلدين يشكلان عمقا استراتيجيا متبادلا، وبالتالي فإن افتتاح المعبر يعزز من أهمية كل بلد للأخر.
مرة أخرى، فإن إعادة افتتاح المعبر خطوة إيجابية، ويجب على البلدين تعزيزها بخطوات لاحقة، ليس على المستوى التجاري فحسب بل وعلى كل المستويات الأخرى، فالتاريخ والجغرافيا يؤكدان الارتباط العضوي بين العراق والأردن، وهو ارتباط لا بد من استثماره لخير البلدين والشعبين.