في ذكرى استشهاد هزاع المجالي
محمد يونس العبادي
29-08-2017 05:17 PM
مضى أكثر من نصف قرنٍ على استشهاده، وما زالت سيرته حاضرةً في وجدان الأردنيين، وكأنه أراد أن يترك للوطن الذي بذل لأجله على قصر عمره سيرةً سياسية وإدارية حية.
الشهيد هزاع المجالي الرجل الذي لا يمكن وأنت تطالع سيرته إلا أن يستوقفك، كصاحب دولةٍ وتجربة غنية.
فالحاصل على إجازة الحقوق من جامعة دمشق عام (1945) عاد لوطنه موظفاً في البلاط الهاشمي بعد عامين، وتولى وزارةً بعمر الأربعين وكتب مذكراته في ذات العمر، واستشهد وهو على رأس عمله بعمر الثلاثة والأربعين.
ماذا نحتاج اليوم من سيرة هزاع المجالي؟ وقد أغرقنا الزمن بالتفاصيل الكثيرة، وكم يشابه اليوم زمان هزاع على تغير المفاهيم.
إن عدنا لنقرأ في سيرته بذكرى استشهاده، التي تصادف التاسع والعشرين من شهر أب كل عام، فبأيهما نبدأ... بما كتب عنه أو بما كتبه هو وهو يحدثنا في مطلع مذكراته بعبارة – يا أخي – منتقداً تزوير التاريخ وتشويه الحقائق، ومنتقداً أيضاً تزوير حاضره في الفترة التي عاشها. إذ تعرض الدور الأردني للنقد –آنذاك - من محيطه الشقيق على إثر حلف بغداد، رغم أن هزاع قالها: "إن الغاية ليست الانضمام للحلف بل هو الوسيلة" لوطنٍ في ذلك الزمان كان - وما زال- يقاتل على جبهات لا تهدأ.
كان هزاع بحجم الفترة، وكان أيضاً، صاحب سيرةٍ إدارية فمن الطبيعي والاقتباس من مذكراته "أن لا يكون ولاء الموظف ولا عواطفه إلا للقانون والنظام، ويجب النظر إلى مصلحة الدولة كشخصية معنوية مستقلة تمام الاستقلال عن شخصية الوزير أو المدير أو التكتلات التي ينتميان لها".
ولربما في زماننا خبت العقائديات التي كانت تتغذى من الخارج، والتي لطالما انتقدها الشهيد، ولكن ما زالت حاضرةً المواقف التي يتنطع فيها اليوم البعض، وممن يحسبوا على سياسي الوطن، والتي يحاولون من خلالها المزاودة في الوطنية على حساب الدولة، رغم أنهما صنوان الدولة والوطن.
في ذكرى استشهاد هزاع المجالي دعونا نحمل الدعوة لأن نعود لقراءة سيرة الوفاء الخالص للقيادة والوطن، وأن نقول لأجيال الحاضر أن الأردن صنع الوفاء، ودفع بنيه من أمثال الشهيد هزاع الدماء ثمناً ليبقى صرح الدولة بكل أطره مصوناً.
فمن زمانه إلى زماننا ليست المسافة ببعيدة إن اقترنت بالوفاء للعرش والبذل للوطن... وأمثال هزاع هم من يعيشوا بوجدان الأردنيين، وأولئك هم النخبة الحاضرة، أتدرون لماذا ؟
لأنهم يروون كيف يكون الوفاء للعرش والدفاع عن الثرى.
رحم الله الشهيد هزاع المجالي.