المفكر اللبناني رضوان السيد يحاضر في "شومان"
29-08-2017 03:46 PM
عمون- ناقش المفكر اللبناني الدكتور رضوان السيد، متغيرات الهويات الفرعية وانعكاساتها على تطور وتماسك المجتمع العربي، مشيرا في محاضرة حملت عنوان (الهويات الفرعية: تهديدٌ أم شراكة؟) في منتدى عبد الحميد شومان يوم امس، الى ان بعضا من هذه الهويات يمكن أن تؤدي بقطاعات من الافراد والجماعات الحاجة الى حماية تقوم على مصالح تتنافى مع قيم الانتماء للوطن.
وقال السيّد ، في المحاضرة التي قدمه فيها وادارها الدكتور محمد السعودي: ان الهويات الفرعية ما زالت تشكل مادة دسمة للجدل في مجتمعات كثيرة، خصوصا في منطقتنا العربية التي تعبّر فيها تلك الهويات عن نفسها بطرق شتى، حيث تحاول بعض الهويات، التي تعتبر نفسها أكثرية، التمدد والجدل بأحقيتها في الوجود وطمس ما سواها، في محاولة لإلغاء غيرها من الهويات الفرعية التي تحاول التعبير عن نفسها ضمن أنساق اجتماعية أو ثقافية.
وأوضح المحاضر، انه في مقابل ذلك، تشعر الهويات (الصغيرة) بالتهديد، وتحاول التقوقع على نفسها، والتخندق في مواجهة ما تراه استهدافا لوجودها، ما يجعلها غير قادرة على الانخراط في أي مسار لتشكيل هوية جامعة، وهي بذلك تعبر عن أزمة حقيقية تعيش فيها كثير من المجتمعات، خصوصا تلك التي لم يتبلور فيها مفهوم للمواطنة يقوم على أساس النظرة العادلة للمكونات المجتمعية جميعها، أو التي ما تزال تحتكم إلى مفاهيم مغايرة عن الانتماء.
واشار المفكر اللبناني الحاصل على شهادة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة توبنغن بألمانيا، الى استغلال الهويات الفرعية واللعب على الخوف من الآخر وتغذية النزعات الانفصالية لدى بعضها، على نحو ساهم في إنهاك بلدان عربية خلال الأعوام الماضية، وإغراقها بالعنف والفوضى، وتهديدها بالتقسيم غير أن ذلك لم يكن ليتحقق في بلدان تتعايش في ظل مجتمع العدالة والمساواة وسيادة القانون.
وبيّن السيّد في المحاضرة، الى ان تصاعد الوعي وتصاعد سياسات الهوية لدى الأقليات الدينية والمذهبية والإثنية والجهوية، ادى الى تهديد كيانات عربية بالانفصال والخراب واللجوء الى طلب البعض حماية اجنبية، لافتا الى إنّ هناك أولويتين لتحقيق الامن والاطمئنان على نحو سياسي وإنساني وتنموي، هما: استعادة السكينة في الدين باعتبارِهِ رأسَ ثوابت الانتماء عندنا، والأولوية الأُخرى: استنقاذ واستعادة الدولة الوطنية العربية لانه هو المدخلُ لاستعادة السكينة في المجتمع.
ولفت الى إنّ تصرفات وممارسات بعض السلطات الوطنية خلال خمسة عقودٍ وأكثر، فجّرت الاضطراب الذي ما زالت تعاني منه المنطقة، كما ان الأخذ بالوعي الثقافي والشعبي ووضع الانتماء الوطني إلى جانب الانتماء الديني يبعثُ على الأمل، فالناسُ ما زالت حريصة على منظومة الدولة، لكنهم يريدونها دولةً حاميةً ودولةَ مشاركة، ولها علاقةٌ وثيقةٌ باناسها الذين يحمونها ويحتمون بها، ويستطيعون أن يحاسبوا ويُراقبوا ويغيّروا فيها؛ دون خشية من قمع أو سجن أو قتل أو تهجير وأن تسودها التعددية السياسية؛ أي يسودُها نظامُ المواطنة المتساوية والندية.
واضاف: ان كثيرا من المجتمعات ظلت تخاف من الدولة، وصارت تخاف عليها. والخوف الثاني خوفٌ صحيٌ الآن. لكن ينبغي الخروج منه أيضاً في المدى المنظور ببناء دولة المواطنة والعيش المشترك على ان تكون قاعدتها الرئيسة ان لا تدفع جماعاتها إلى التصارع أو التفجر، بل إنها ومن طريق المواطنة قيماً وقوانين تخفف كثيراً من هواجس الأقليات والهويات الفرعية. (بترا)