مجلس الأمن .. وغزة .. وإزدواجية المعايير
أ.د.فيصل الرفوع
12-01-2009 04:50 AM
جاء قرار مجلس الامن رقم 1860 والذي صدر يوم الخميس 8/1/2008 والمتعلق بالعدوان الإسرائيلي على غزة بعد مخاض عسير ، ليضيف مرة أخرى مدى اللاشرعية التي وصلت اليها هذه المنظمة الاممية، والحد الذي وصلت اليه حالة الازواجية في المعايير التي تحكم الجهاز التنفيذي للامم المتحدة التي كانت ذات يوم، وبعد تأسيسها في أعقاب الحرب العالمية الثانية، الامل الذي يمكن ان يتكيء عليه كل المظلومين والمحرمين على وجه البسيطة.
حيث صدر القرار وفيه الكثير من الثغرات التي تكافيء المعتدي اكثر من إنصاف شعب أعزل متشبث بأرضه، وجد نفسه في مواجهة اعتى عدوان شهده التاريخ، واخطر حرب إبادة عرفتها الانسانية، ومواجهة غير متكافئة مع عدو احرق الارض والزرع والنسل من اجل حسابات سياسية لا يمكن لها ان تصمد امام منطق العدل والشرعية ونواميس الاعراف الدولية ولو بعد حين.
فقد دعا القرار الى وقف فوري لإطلاق النار!!!، وكأن الحرب بين المانيا النازية وفرنسا على تخوم '' الإلزاس واللورين''، وليست عدوانا ممنهجا تقوم به القوة الاسرائيلية المعتدية ضد غزة ذات المليون ونصف المليون من الناس العزل وفي مساحة لا تتجاوز ال300 كيلو مترمربع...مساحة تعتبر الاكثر اكتظاظاً ديموغرافياً على وجه الكرة الارضية.
كما إقتصر القرار على التنويه لعموميات لا تفرض اية آلية واضحة ومحددة، لتطبيق القرار ولوقف هذا العدوان الذي حصد حتى اليوم ما يقارب الخمسة الأف انسان بين شهيد وجريح. بل ترك امر تنفيذه لإسرائيل....وإسرائيل وحدها!!!. ولم يحاول القرار معالجة جذور المشكلة التي قادت الى الحالة التي تعيشها المنطقة والمتعلقة باحتلال فلسطين وتشريد شعبها الذي يواجه مرحلة جديدة تهدف الى تصفية قضيته وطمس معالم حقوقه المشروعة في إقامة دولته على ارضه.. فلسطين.
و لم يشر القرار الى قرارات الشرعية الدولية السابقة، والتي صدرت عن نفس الجهة وهي مجلس الان، والمتعلقة بالصراع العربي- الاسرائيلي، خاصة القرارين 242 / 1967 و 338/ 1973، واللذين عالجا موضوع العدوان الاسرائيلي السابق على فلسطين والامة العربية. ورفض تطبيقهما من قبل اسرائيل هو الذي قاد الى بحور الدماء التي يعيشها الفلسطينيون بشكل خاص و العرب بشكل عام حتى اليوم. بالإضافة الى تجنب القرار الدعوة الصادقة الى مفاوضات جادة من اجل تنفيذ الاتفاقيات السابقة والمتعلقة بهذا الصراع، بدءً من أجندة مؤتمر مدريد 1991 واتفاقيات اوسلو 1994 وتفاهمات ''واي ريفر'' وطابا وشرم الشيخ و'' انا بولس'' وخارطة الطريق وغير ذلك الكثير من المحاولات التي لم تتمخض عن شيء، غير الامعان الاسرائيلي في رفض تطبيقها وانكار الحق العربي، والاستمرار في سياسة الإحتلال والحصار والقتل والتدمير والتي آخرها ما نشهده اليوم من حرب ابادة وتدمير للعرب الفلسطينيين في غزة وما حولها.
وبالرغم من كل الثغرات التي يكتنفها قرار مجلس الامن رقم 1860، وايمان الأمة العربية والعالم الاسلامي، وكل ذي ضمير من طوكيو الى ''كراكاس'' ومن ''كيب تاون'' الى '' اوتوا''، بأن اسرائيل لا يمكن لها ان تؤمن بمبدأ الحق والعدل ومنطق العلاقات السلمية، بالإضافة للرد الإسرائيلي،الذي جاء وكعادتها، رافضاً لكل دعوات وقف هذا العدوان الا بتحقيق اهدافها ؟؟!!!، وهي أهداف لا حدود لها، لا في بدايتها ولا في نهايتها، إلأ اننا نرى فيه بعض من الأمل لوقف العدوان الاسرائلي على غزة هاشم ، وبداية الطريق لحقن دماء الشيوخ والاطفال والنساء والمواطنين العزل. وعلينا استثماره، عسى ولعل ان نجد فيه شيئاً من المصلحة لنا ولقضيتنا، وان لا نعطي العدو سببا آخر للإستمرار في عدوانه علينا وعلى وجودنا.
alrfouh@hotmail.com