يقف المواطن اليوم امام استحقاقات دينية واجتماعية ومعيشية , لا يمكن القفز عنها او تأجيلها , وكلها واجبة النفاذ , فالمصاريف الشهرية التقليدية تأتي مع عيد الاضحى وبداية العام الدراسي وكلها نفقات اضافية على النفقات الشهرية التقليدية من فواتير ماء وهواتف ولا اقول هاتفا وكهرباء واقساطا شهرية سواء على شكل ايجار او قسط للمنزل , في ظل ظروف اقل ما توصف به بأنها معقدة وصعبة مثل ابرة في كوم قش .
الاسواق شبه فارغة رغم اكتظاظ الشوارع , وسط هدوء حكومي غير مسبوق , وادارة ظهر لاوجاع المواطن وامكانية ابتكار حلول تخفف من قسوة اللحظة , فالبنوك ممسكة على اموال المودعين وتضع شروطا تعجيزية للاقتراض وبنسبة فائدة عالية – هذا اذا كان متبقيا من الراتب ما يكفي لسداد قرض جديد – واسعار الاضاحي مرتفعة رغم انخفاض سعرها العالمي بشكل ملفت , حيث تؤكد المصادر الاقتصادية ان ثمن رأس الغنم الواحد لا يتجاوز حاجز العشرين دولارا في بلد المصدر , ومع ذلك لا تنسحب هذه الاسعار على واقعنا المحلي .
ليس في الاضاحي فقط بل في كل البضائع المستوردة والمحلية , والسبب كثافة الضرائب والرسوم المفروضة على السلعة وعدم ضبط هامش الربح او توفير منافذ بيع اقتصادية تراعي الجودة او الحد الادنى من الجودة على الاقل بما يخفف من المبالغة في الاسعار , فالدور الذي تقوم به المؤسسات المدنية والعسكرية دور ايجابي , لكن منسوب الجودة والتنوع بحاجة الى مراقبة اكثر , ومطلوب ايضا من المتسوقين في تلك المؤسسات مراعاة الضمير قليلا بعدم العبث في البضائع مما يرفع نسبة الفاقد في البضائع نتيجة الاستهتار .
دون شك هو شهر عصيب , يحتاج الى ادارة حصيفة من المواطن ويحتاج الى مراعاة من القطاعات الرسمية والخاصة , وحتى يكون الامر واضحا , فإن فواتير هذا الشهر من الممكن توزيعها على باقي الاشهر من العام , سواء فواتير الهاتف او المياه او الكهرباء , وحتى اقساط البنوك يمكن توزيعها على باقي الاشهر بالتساوي , فنحن نعلم ان ارتباط عيد الاضحى او عيد الفطر بموسم المدارس يأتي كل 30 عاما بحسب الدورة الشمسية وليس شأنا منتظما حتى يتم احتسابه ضمن الاجندة السنوية للاسرة الاردنية , حتى لا يرهقنا اصحاب التنظير والفلسفة الادارية الحصيفة .
نحتاج الى التفكير خارج الصندوق ونحتاج الى تكاتف وطني للمرور من عين العاصفة ونقطة الاختناق الحرجة التي نعيشها اليوم , وامكانية توزيع استحقاقات المواطن الشهرية لهذا الشهر تحديدا على كل العام لن تؤثر على منسوب التدفق المالي الكلي سواء لمؤسسات الدولة الرسمية او للقطاع الخاص الاردني الذي يجب ان يتكاتف مع الاجهزة الرسمية لتمرير هذه الضائقة التي تزورنا ثلاث مرات في القرن الواحد , فالجيل الاردني القادم هو الذي سيشهد تزامن الاضحى المبارك مع العام الدراسي وفي بداية الشهر تماما .
توزيع استحقاق هذا الشهر على باقي الاشهر سيكون رسالة وطنية بالغة الدلالة عن مدى التعاضد الوطني ومدى الاحساس العام بالمواطن وهمومه , فنحن لم نتعود حتى اللحظة اعداد الموازنة الشهرية فكيف نتعود فجأة على الموازنة السنوية , وهي خطوة ستترك فرصة للمواطن كي يرتاح قليلا في اجازته بدل تمضية الاجازة في التفكير باقساط المدرسة وتبعاتها والتفكير في امكانية انقطاع الكهرباء والمياه عن منزله لعجزه عن دفع الفواتير , وهي فرصة لتكريس نظرية الاسرة الممتدة على مستوى وطني كبير وليس على مستوى عائلي صغير فالاردن اسرة واحدة وعشيرة واحدة
الدستور