الأردن ومنظمة التجارة العالمية!
عصام قضماني
28-08-2017 02:12 AM
مر 17 عاما على انضمام الأردن الى منظمة التجارة العالمية في عام 2000 ولا شك أنه قد جنى فوائد كثيرة لكن ماذا عن السلبيات.
الدول الصناعية الكبرى هي الأكثر استفادة من منظمة التجارة العالمية ليس فقط في مجال الهيمنة على الأسواق بل في نفوذها وتأثيرها على المنظمة بينما تكتفي البلدان النامية بإلتقاط الفتات والأردن واحدة منها.
صحيح أن الانضمام الى المنظمة ساعد على تعديل تشريعات اقتصادية ضرورية ساهمت في تدفق استثمارات جديدة وضاعفت حجم التجارة الخارجية لكنها خلفت حتى الآن عجزا تجاريا يناهز 8 مليارات دولار وصناعة ضعيفة وإغراق سوق صغير نسبيا بسلع رخيصة استفادت من تخفيض الجمارك وإزالة الحماية وتطبيق ضعيف لقوانين المنافسة ومنع الإحتكار.
من أدلة هيمنة الدول الكبرى على المنظمة مقدار مساهمات هذه الدول في رأسمالها وهي التي تحدد بحسب حجم الاقتصاد وقد لا حظنا كيف زلزل تهديد الرئيس الأميركي ترمب بالإنسحاب من المنظمة أركانها ولم يخف المسؤولون فيها تخوفاتهم من أضرار مثل هذه الخطوة التي إستلزمت منهم تقديم تنازلات.
الأردن من أكثر الدول إلتزاما بقواعد المنظمة حد المبالغة ربما أكثر من مؤسسيها حتى أن بعض وزراء الصناعة المتعاقبين وضعوا قواعدها مثل خط أحمر لا يجوز مناقشته، بينما أن دولا كثيرة وجدت أساليب لتجاوزها والإلتفاف عليها فوضعت قواعد أكثر تشددا أعتبرت من أساليب الحماية مثل قواعد المنشأ الأوروبية العصية على الإختراق .لا ندعوا هنا الى إختراق هذه القواعد أو عدم الإلتزام بها لكن ترك السوق مفتوحا على مصراعيه دون دعم الإنتاج الوطني ومنحه أسباب القوة والتطور للنفاذ الى أسواق الدول الأعضاء , هو إستمرار لنزيف يتمثل في توسع العجز التجاري وزيادة مدفوعات المملكة من العملات الصعبة والتأثيرات على احتياطيات البنك المركزي.
خذ مثلا القوانين المتعلقة بالمواصفات والمقاييس و الزراعة و حماية الإنتاج المحلي والضريبة العامة على المبيعات والجمارك والاستيراد والتصدير، الى جانب نظام استثمارات غير الأردنيين كل ما سبق حقق فوائد كبيرة لمصلحة الإستيراد بالمقابل ظل الإنتاج الوطني يصارع تشددا أكثر حدة في الأسواق الخارجية .
حتى تحرير بعض القطاعات ساهم في خدمة أنماط إستهلاكية وإستثمارات لم تحقق قيمة مضافة للإقتصاد وكل ما فعلته هو زيادة أرباح الشركات الأجنبية المحولة الى الخارج في مقابل إلغاء دعم الإنتاج الزراعي ووقف برنامج دعم الصادرات .
صحيح أن المنظمة فتحت للأردن أسواق 150 دولة لكن فرص النفاذ إلى أسواقها لا تزال محدودة للغاية زادتها صعوبة اتفاقيات الشراكة التي وقعت مع دول أكثر قوة ومنعة .
الراي