طفايات الشمع واخلاقيات النقد
د. باسمة السمعان
27-08-2017 02:41 PM
تخرج علينا كل يوم العديد من القضايا التي تدور حولها الكثير من الآراء المختلفة منها مع او ضد ، وهذا الاختلاف ماهو الا نتيجة التنوع الثقافي والحضاري والمعرفي ، ومع الانفتاح التكنولوجي في عالم الاتصالات وحرية ابداء الرأي المباشر والعلني ظهر لنا مفهوم لا نقول عنه قديم وانما مفهوم متجدد لمعنى الانتقاد والنقد بكافة حالاته الايجابية والسلبية منه .
ان اي مشروع اداري علمي حضاري ثقافي او انساني معرض لمجهر النقد ليظهر ايجابيات وسلبيات الطرح المقدم لكي تتم عملية التقييم والادراك والتمييز ومن ثم تبدأ عملية المعرفة الكاملة لكل مقومات البناء ، لاننا بهذا الطرح نرتقي ونتقدم في مشاريعنا الانمائية والانتاجية بكل تميز ورقي وابداع.
هناك قول مشهور لنورمان فينسنت بيل يقول فيه "معظم الناس يفضلون ان يقتلهم المدح على ان ينقذهم النقد "
ما نشاهده ونقرآه مؤخرا على مواقع التواصل الاجتماعي والمنتديات الثقافية الافتراضية وغير الافتراضية من خلال المجموعات النقاشية نرى موجة النقد مفتوحة للجميع وعلنا ونالت من كل مستخدم لها ان كان سلبا او ايجابا بناء اوغير بناء ايجابي اوسلبي ، فأحيت من خلالها مشاريع ودفنت مشاريع وخاصة المشاريع الفكرية والثقافية ، هناك قول استحضره الان في هذا السياق للشاعر العربي ادونيس يقول فيه " النقد كالفكر ، أو هو فكر لا يتغذّى وينمو إلا بالتساؤل المستمر ، وهو لذلك يضع نفسه ، لا الأشياء والنصوص وحدها ، موضع تساؤل دائم ، وإعادة نظر مستمرة . إنه نقيض المنهج المغلق ، وهو لذلك بدءٌ يظل بدءاً".
فمن خلال موجات النقد التي طالت الجميع مؤخرا لابد من اعادة النظر باخلاقيات النقد وادابه العامه لان النقد مبني على اسس ومعايير وعلى الناقد ان يلتزم فيها ، حتى لا نظلم احدا او نجحف في الحكم على احد ، فلا نكون كطفيات الشمع ونلعن الظلام ، فلا يوقد سراج ويوضع تحت المكيال وانما على منارة ، ومن هذه المعايير : احترام الرأي والرأي الاخر ، الحيادية والموضوعية في الطرح والتجرد من العواطف ، عدم الشخصنة والتعميم وعدم التجريح والقائمة تطول.
في النهاية عملية النقد هدفها البناء لا الهدم ، فهو منظومة مشتركة تشمل العالم اجمع من اجل الارتقاء بالافكار والمشاريع ولا يتحقق ذلك الا من خلال التسلح بالاخلاقيات والمباديء من اجل بناء قوي ومتين.