عمون - حوارية شعرية بقلم يحيى حاج يحيى مستوحاة من حياة الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه
المشهد الأول :
( عمر متململا قرب المحراب ، ودموعه تنهمر من عينيه )
لمن أشكو ، وقد وُليّت ُأمرا
أشق عليّ مِن ْوقع ِالحسام ِ
فيا ويلي ،وويل أبي وأمي
إذا نام اليتيمُ بلا طعام ِ
وضمّ الليل ُأناّتِ الثكالى
وطاب النومُ لي بين النيام ِ!؟
( صاحبه بجانبه وقد لفّه الظلام ) :
أبا حفص ٍ، تمهّلْ ... فاليتامى
بخير ، أنت أكرمت َاليتامى
( عمر ملتفتا إليه ):
وما يدريكَ أن ّهناك طفلا
يصيح ، ولم يجد يوما طعاما ؟!
صاحبه :
إذاً ً ، أرسلْ رسولكَ في نهار
ومثلكَ مَنْ يفتشُ في الظلام
و إنك إنْ تجدْ أني أمينٌ
أكن ْعونا لبِر أو وئام
عمر:
تُعاهدني على هذا ، وتعطي
لربكَ موثقا ، ولنا عهودا
صاحبه :
أعاهدُ – يا أبا حفص ٍ– و أمضي
غدا ، وأكون جنديا ودودا
عمر :
لِنقض ِالليلَ في وجلٍ قياما
صاحبه : ونجعله ركوعا أو سجودا
عمر :
ويوم غد توُافيني ضَحاءً
صاحبه : وأُحضر أهل َبؤس ٍ، أو شريدا
المشهد الثاني :
ويمضي الليل .... عمر بين أصحابه ينتظر قدوم صاحبه ...!!
عمر :
أَحَبُكم ُإلى قلبي النصوحُ
أحدهم : ولو يأتيك في غضب يصيح ؟!
عمر :
ولو .... لسنا أباطرة لنرضى
و نغضب ، ثم يرضينا المديح
فإنا نأتسي بالهَدْي نهجا
و أُسوتنا الرسول ُ، فلا جُنوحُ
( وقع أقدام ، عمر ينظر باتجاهها )
عمر : لقد وفًى
أحد الجالسين : وشيمته الوفاءُ
عمر : كذاك يكون يا صحبي الإخاءُ
صاحبه :
سلام ُالله ، يا عمرَ اليتامى
ويا صحبَ الخليفة أجمعينا
( يردون السلام ... ويلفت نظرهم أن معه أطفالا ثلاثة ؟!)
عمر :
أراك جلبتَ أطفالا صغارا ؟!
صاحبه : وأنت لهم ، لقد فقدوا المُعينا
عمر : أبوهم ؟؟
صاحبه : قد قضى من بعد أم ٍ
عمر ( يهز رأسه بأسى ) : لنا تركوا ديونا أو بنينا
(ثم يلتفت إلى الأطفال )
أبـِتـُم َبعد فقدهما جياعا ؟؟
الأطفال : ثلاثا لم نذق فيها طعاما
عمر :
لقد كنا – فُديتم - غافلينا
فمعذرة ً– بُنيّ- بما نَسينا
عمر ( يلتفت إلى أصحابه ):
ألم أُخبِرْكم ُ– صحبي – بعجزي
و ضعفي ، واحتياج المسلمينا
فأيّكم ُيكون لها شهودا
أمامَ الله رب ِالعالمينا
بأنّا لم نقصّرْ في حقوق ٍ
و ما كنا لهذا عامدينا
أصحابه :
ألا أبشِرْ – أبا حفص فإنا
شهودُ الحقّ غيرُ مقصرينا
عمر ( يلتفت إلى الأطفال) :
وأنتم – يا بُنيّ – إذا سُئلتم
فما أنتم لربي قائلونا ؟؟
أمَا – والله ِ– ما قصرّتُ فيكم
و لا أدري قدومكم ُالمدينه
فعفوَكمُ ، ومعذرة ًثلاثا
الأطفال: ألا اكفُفْ – لا عُدمتَ – فقد رضينا
عمر ( يلتفت إلى صاحبه الذي أحضر الأطفال ):
جزاك الله من خير الجزاءِ
صاحبه : وأبقاك َالإلهُ لنا إماما
عمر ( يشير إلى الأطفال ):
فزِدْني – يا أخي – من هؤلاء
صاحبه : وإنك لم تزَلْ أملَ اليتامى
عمر:
فخُـذْ ثقتي بعاقبة الوفاءِ
صاحبه: أنا لولاك َ– يا صاح – أنا ، ما ؟
عمر ( يلتفت إلى أصحابه ) : أعاهد خالقي
أصحابه : إنا شهودٌ
عمر : بأن أمضي بكم سُبلَ الرشادِ
فكونوا العونَ لي في كل آن ٍ
لنقضي بيننا حقَّ العباد
أصحابه:
نعاهد يا أميرَ المؤمنينا
عمر: بأن تبقوا بنصحي قائمينا ؟
أصحابه:
بأن نبقى ، و لا ننسى العهودا
ونطعم جائعا وفتى شريدا
الأطفال ( ينظرون إلى عمر ، وقد أحسوا بالحنان ):
أبانا ! نحن لم نفقِدْ أبانا
عمر : ولن يرعاكمُ أحدٌ سوانا
فهيّا – يا بُنيّ – نُصِبْ طعاما
فأنتم خيرُ ضيف ٍقد أتانا