تشرفت محافظة جرش بزيارة جلالة سيد البلاد. تمثل الزيارة الملكية فرصة لمناقشة افكار جدية وايصال مطالب جرش الحقيقية وليس استهلاك هذه الزيارة المهمة في حشو الكلام والمزايدة. للأسف غابت أو غيبت الشخصيات الأكاديمية والفكرية عن اللقاء الملكي. وسواء كان ذلك مسؤولية الديوان الملكي او المحافظة ففي النهاية لا أعتقد ان اللقاء يرقى الى ما كان يأمله سيد البلاد من نقاش مهني صريح و مطالب تلامس الحاجة اليومية للمواطن.

اللقاء الملكي يمثل فرصة مهمة لتواصل المواطن او النخب بسيد البلاد دون حواجز و كان الاولى ان يتم التركيز على الطبقة الأكاديمية و الفكرية و الشبابية لتطرح افكارا تساعد في التنمية المحلية و حل مشكلة البطالة في جرش و اعداد قيادات شابة واعية و هي فرصة مناسبة لمناقشة قضايا التعليم و الصحة ليس فقط على مستوى المحافظة و لكن على مستوى الاردن فمشاكل جرش هي نفسها مشاكل الطفيلة و المفرق و سائر مناطق الاطراف.

جرش لها خصوصية بالنسبة لموضوع السياحة و قد كان من الاولى المطالبة بكلية للآثار و السياحة و كلية للجيولوجيا و التاريخ القديم. كذلك كنا نتمنى وجود ذوي الخبرة لمناقشة الواقع السياحي و كيف يمكن ايجاد مشاريع سياحيه تؤهل كوادر و باحثين و ليس فقط خدمات عامه.

التعليم في جرش يعاني نفس مشاكل التعليم في الاردن و الذي يتراجع يوما بعد يوم في الوقت الذي يتقدم فيه المحيط الذي كنا نعتبر نحن مرجعيته ففي الوقت الذي تنافس فيه جامعات من المنطقة العربية و تعمل بجد وفق المعايير المطلوبة عالميا و ليس الاجتهادات الفردية و بعضها دخل تصنيف شنغهاي للجامعات الخمسمئة الاولى ما زالت جامعاتنا تطرح التبريرات بأننا جامعات تعليميه او تعتمد على اجتهادات فرديه و قرارات لا تؤدي الى شيء. أما التعليم المدرسي فيكفي ان نرى نتائج امتحانات الكفاءة العالمية في الرياضيات والعلوم واللغات لنرى اين نسير ناهيك عن تراجع دور المدرسة في الناحية التربوية وترسيخ القيم والاخلاق.

المجال الصحي في جرش كما معظم المحافظات ما زالت الخدمات الصحية المقدمة لا تجيب على اهم سؤال وهو هل ما يقدم صحيا يلامس توقعات المواطن ليشعره بالثقة انه يتلقى طب وعلاج امن وفعال. حجم إنفاق وزارة الصحة يزيد على 600 مليون سنويا فهل وصل هذا الانفاق الى طب فعال وامن. ما يصرف على المستشفيات في الوزارة بما فيها مستشفى جرش قد يكون كافي حسب بعض الخبراء لتأمين المواطنين في مستشفيات خاصه من الدرجة الاولى فهل حقا ما يقدم يرقى الى حجم ما يصرف. ناهيك عن غياب تخصصات بأكملها من مستشفى جرش.

جرش هي المحافظة الوحيدة بدون جامعة حكومية رغم ان الفرصة متاحه لإنشاء جامعه فعاله تعنى بالدراسات القديمة و السياحة و التاريخ و المستحاثات و الاثار الإسلامية و الرومانية و اليونانية.

لا أعتقد أن جلالة الملك المفدى اراد لقاء بروتوكوليا و كلمات تخلو من الافكار و النقاش الجاد و لكن تغييب الاكاديميين و المثقفين و الشباب انتهى الى لقاء لا يرقى الى طموحات سيد البلاد و الذي يبحث عن افكار و اليات تنعكس على حياة المواطن اليومية مع الاخذ بعين الاعتبار خصوصية كل منطقه و محافظة.

من يتحمل المسؤولية. بالتأكيد كل سيلقي باللائمة على غيره هل هي الداخلية ام الديوان لا نعرف ولكن كل ما نعرفه انه تم تضييع فرصة ثمينة لإيصال الاحتياجات والافكار والوجه الحضاري لجرش من اجل مجاملات معالي فلان وسعادة علان في الوقت الذي تحتاج فيه الاردن كل فكرة ورأي وخبرة حقيقية للتحديث.

د. هيثم العقيلي المقابلة/جرش
جامعة العلوم والتكنولوجيا